قناع زائد قصة بوليسية بقلم روز ماري
ما زال يراقبه .
قابعاً في سيارته في الجهة الأخرى من الشارع.
يشعر بشهوة الانتقام وكأنها استحالت رفيقاً يجلس بجانبه يراقب هو الآخر.
لم يستطيع تذكر متى وأين خطرت له تلك الفكرة الجهنمية ؛ " الأقنعة ".
اليوم سيواجهه بالأمر.
فكَّر: ما حجم الخطر الذي يكمن في التعامل مع قاتل مأجور؟
لا يهم. لقد تجاوزتْ مرحلة الأسئلة. لم يعد هناك داع للعودة إلى الخلف.
أريد أن أقتل ذلك القذر . وبنفسي. أريد أن أرى الذعر في عينيه.
خرج القاتل المأجوز من مقهاه. جهز صاحبنا كاميرته , وجعل يصوره.
كان عدد القتلة المأجورين في المدينة صغيراً . وذلك بسبب المجزرة التي حصلت بينهم قبل سنوات بسبب سوء التنسيق. كان يُقال أن الشرطة قد " استأجرت " من يكيد لهم ويوقعهم في المصيدة التي طالما أوقعوا فيها ضحاياهم.
هذا اختصر عليه الوقت كثيراً.
لأيام ظل يحمل كاميرته إلى حيث يستطيع تصوير كل من يدخل ذلك المقهى ويخرج منه. يعلم الجميع أن القتلة المأجورين يجتمعون عادةً في ذلك المقهى للتنسيق فيما بينهم بعد تلك المجزرة.
قاتل واحد بدا أنه ملائم بدرجة مدهشة.
فحص صورته في " محمضه " الخاص بشكل دقيق , ثم همس: لن تعيق بروزك العظمية. طولك مناسب تماماً . لولا أنني أنا لقلتُ أنك أنا. شكراً أنك لم تكن أصلع. كنا لنضطر إلى باروكة.
اتفق معه على كل شيء.
كانت صفقة العمر للقاتل المأجور .
كانت كذلك فعلاً. خصوصاً إذا علمنا أنه لن يقوم بالقتل !
كل ما عليه أن يفعله هو أن يلبس قناعاً جلدياً للوجه. قناعاً شبيهاً لوجه الرجل الذي استأجره! ثم يذهب في تلك الليلة إلى مقهى في أقصى المدينة فيفتعل حادثة , لتكون لذلك الرجل المُستأجِر حجة غياب لدى الشرطة.
سيقوم الرجل المستأجِر بكل العمل.
لقد كان أمراً غريباً .
وضع المُستأجِر قناعه هو الآخر على وجهه . كان يلبس وجهين. إذا عرفنا أن قناعه كان نسخة من قناع القاتل المأجور. كان نسخة طبق الأصل عن وجهه. حرِص على ظهور ندبة صغيرة لكن بارزة تحت العين. حشا جسده من الخارج ببعض الملابس ليبدو سميناً بعض الشيء.
وقف أمام القاتل المأجور . كانا كنسختين متطابقتين تماماً لولا السمنة البسيطة والندبة. نفس القناع. نفس الملامح . نفس الطول.
كان المنظر غريباً جداً.
استقل كل منهما سيارته إلى وجهته.
وصل صاحبنا إلى بيت الضحية. طلب مقابلته. ولأن الخادمة تعرفه فهو أحد موظفي مخدومها, فقد أدخلته صالة الانتظار. تظاهر أمامها بأنه مصاب بالتهاب في حنجرته يمنعه من الكلام بطريقة طبيعية .حرص على أن ترى الخادمة الندبة. وذكر أمامها شيئاً عن السمنة ومشاكلها.
أدخلته إلى غرفة المكتب الخاص بالسيد. ثم خرجت.
لم يستغرقه الوقت سوى دقائق ليحصل على الذعر الذي أراده. طلقتان في القلب من مسدسه كاتم الصوت كانت كافية. لم يُفضَّل الرأس لأن الدم المنهمر كان سيقطع عليه متعته في رؤية الذعر في عيني الضحية.
خرج بهدوء.
وفي مكان مثالي لبحث الشرطة رمى قناعه في أحد الحاويات , التي لا تفرغ حمولتها سوى في نهاية الأسبوع.
تم كل شيء بدقة.
سار كل شيء كما خطط له تماماً.
اتُهِم بالجريمة. لكن الندبة التي كانت في القناع , إضافة إلى حجة الغياب التي ذكرها , لم تدع مجالاً للشك في أن هناك من حاول أن يلصق التهمة به بسبب خلافاته الشخصية مع المجني عليه.
لقد كانت الجريمة الكاملة, لولا أن الضحية الذي دُفِن بعد يومين كان هو الآخر يضع قناعاً.