قصة هدوء في قلب العاصفة للكاتبة هدير مصطفى الفصل الرابع
بدأت نجلاء في سرد ما حدث ل حازم والحوار الذي دار بينها وبين مختار وحين انتهت هبت روح من بين احضانها وتمد يدها لتلتقط الفستان وتأخذها دون ان تنطق ببنت كلمه ثم شرعت في تبديل ثيابا لترتدي الفستان وتخرج من الغرفه فتراها عزه التي كانت تقف بالخارج فتبسمت ساخره منها ثم اطلقت الزراغيط معلنه وصول العروس ثم أخذتها لتجلسها بين النساء الجالسات علي الارائك ملتفين حول فتاه معها طبل تدق عليها وتتراقص بجوارها فتاه اخرى اما بالساحه امام المنزل كانوا الرجال يهللون فرحآ ويرقصون بالعصا، وفي غرفة روح تجلس نجلاء باكية خوفآ علي ابنها ومتألمه بسبب ما أصاب ابنة شقيقتها...
وفي تلك الغرفه المغلقه في احدي زوايا المنزل الكبير كان حازم يجلس مقيدآ يستمع رغمآ عنه الي الاغاني والضوضاء التي تبعث الي قلبه الالم، فهو يعلم جيدآ ان هذه الضوضاء تدل علي ان بالأعلى يتم تزويج حبيبة قلبه من رجلآ غيره ولكن ماذا يفعل، فهو حتي لا يستطيع ان يصرخ بسبب تلك الخرقه التي تغلق فمه، مرت الدقاق واللحظات وكل قلب يشب به حريق يحرق بداخلهم كل شئ، كان الصمت لعنه اصابتهم لتقتل احلامهم وامالهم وحبهم، وبعد انتهاء الحفل اخذ العريس عروسه متجهآ الي عش الزوجيه أوقفها مختار ليودعها.
مختار: الف مبروك يا بتي
روح: انا عملت اللي انت عاوزه، ياريت تسيب حازم يروح
مختار: انتي جلعتي برجع الحيا خلاص، كيف تتحدتي علي واحد تاني غير جوزك في ليلة فرحك
روح: علي ما هيهمنيش في شئ واصل، اتزوجته لجل ان حازم يفلت من تحت يدك، بس صدجني يا بوي، انا بحب حازم، ماهنسهوش واصل
ليأتي علي قبل ان يرد مختار علي روح، حيث انه انقذها حقآ فقد كان مختار علي وشك ان يصفعها.
علي: مش يلا بجي يا عروسه
اكتفت روح بالنظر اليه دون ان تجيب عليه.
مختار: يلا يا ولدي، ربنا يسعدكوا
علي: تسلم يا عمي، بتك دي في عينيه.
ثم امسك بيدها وأخذها الي بيته المقابل لبيت والدها، والذي كان الأمر بالنسبه لها انها كعصفور صغير تم نقله من قفص الي قفص آخر، اخذها الي الغرفه الخاصه بهم فتركها ودلف الي المرحاض، كانت نجلاء تجلس في منزلها اما بابها المفتوح تنتظر مجئ ولدها اليها وبعد دقائق دلف اليها وهو بالكاد يستطيع الوقوف علي قدماه وقف مستندآعلي الحائط ليقول والدموع تنمهر من عيناه...
حازم: خسرتها، خسرت روح يا امي، وخسرت معاها روحي.
ليقع علي الأرض مغشيآ عليه فقد برع مختار ورجاله في اتخاذه رهينه، قد ضربوه بشده حتي افقدوه قوته، هرولت اليه نجلاء كي يستند عليها وهي تصرخ ثم أخذته الي المشفي لتطمئن عليه، جلست روح علي الفراش والدموع تنهمر من عيناها في صمت، ثوب زفافها الأبيض لم يبعث الي قلبها ولو بعضآ من السعاده، كانت تريد ان تصرخ، ان ترفض، ان تحتج، ولكن هيهات ماعاد هناك مجال للضعف، جففت دموعها وعزمت علي أن تنجي بنفسها من هذا الهلاك مهما كلفها الأمر، بعد لحظات دلف أليها وفي عينيه نظرة القوه ذاتها والتي اعتادت أن تراها في عينيه بل في عيون كل رجل في هذا المجتمع الذي يحيط بها، هذا المجتمع الذي لا يعترف بها سوي أنها أنثي خلقت لخدمة الرجل في كل أحوالها سواء كانت والده، زوجه، أبنه، كان هذا المجتمع اقل ما يقال عنه أنه مجتمع ذكوري، بدأ أن يسير بأتجاهها كانت خطواته تبعث القلق والخوف الي قلبها، اقترب منها أكثر ف أكثر كاد ان يضع يده عليها ولكنها انتفضت من مكانها و...
روح: عايز أيه
علي: عايزك أنتي
روح: بالزمه مش مكسوف
علي: واااه أتكسفليه عاد، انتي مرتي
روح: أنت أكيد بتحلم
علي: اجيبلك الناس يفكروكي ويرجعوا عجلك لراسك بجوازنا.
وهم أن يهجم عليها، بل بالفعل هجم عليا ومزق اكمام فستانها الابيض ولكنها أستوقته بتوجيه السكين التي كانت تخبئه بيدها أليه، ظنت انه سيشعر ببعض الخوف ولكنه قهقه بكل جبروت وقوه و استجمع قواه وتقدم منها راغبآ في سلب السكين من يداها المرتعشه ولكن قوة أرادتها كان اقوي منه، فقد غرزت السكين في اعماق قلبه، ليقع ارضآ نازفآ دمه، فتنوي الهرب وتوجهت الي الباب وهمت بالخروج ولكنها نظرت الي نفسها فوجدت فستانها ممزق فتوجهت الي خزانة الملابس وفتحتها فلم تجد بها سوي ملابس لا تصلح سوي للأرتداء في المنزل فتأفأفت بضيق ولكنها سرعان ما لمحت الملابس التي تخص على فأمسكت بجلباب ولكنه وجدته كبير للغايه، اتجهت الي الخزانه الصغيره الملحقه بالغرفه لتفتش في ادراجها حتي وجدت مقص، وقصت الجلباب حتي يكون مناسب لها ثم ارتدته وخرجت من الغرفه بل من المنزل بأكمله، ذهبت الي منزل خالتها نجلاء فلم تجد احد، فظلت تتجول في أنحاء البلده، وكان ذلك سهلآ عليها بفضل الجلباب والعمامه التي ارتدتهم، وصلت الى الطريق العام لتقف في حيره ولا تدري الي اين تذهب، دست يدها في جيب الجلباب فوجدت رزمه من المال فشعرت وكأن الله يرسم لها طريقها، فأبتسمت حمدآ لله، أشارت الي احدي السيارات الماره علي الطريق لتستقلها فيمر اليل ويأتي النهاروتكون السيار قد وصلت الي وجهتها لتكتشف انها اخذتها الي تلك المدينه الكبيره التي دائمآ ما كانت تسمع عنها الكثير من الاحاديث وحكايات...
وقفت في وسط الطريق ولا تدري ماذا تفعل واول ما وقعت عليه عيناه كان مكان لبيع الملابس فتوجهت اليه لشراء ما يناسبها، بحثت بداخله كثيرآ علي ملابس من النوع الذي اعتادت عليه و لم تجد سوي الملابس الكاجول.
خذت منها واستأذنت من العامله بالمحل ان تدلف الي المحل لتبدل ثيابها وبعد موافقة الفتاه دلفت الي المرحاض لتخرج بعد دقائق بهيئه جديده مختلفه تمامآ عما كانت عليه سابقآ، فتلك الملابس اضافت اليها لمسة انوثه فائقه مع قصة السعر القصير التي اكتسبتها من عقاب والدها لها، بدا شكلها مختلفآ حتي عليها، نظرت الي المرآه لتحدث نفسها قائله...
روح: بجيت من بنات البندر يابوي، لاااه وكمان هتكلم زيهم، معتش هقول ولا حرف صعيدي، يمكن ربنا اراد اني اتعلم اللهجه دي عشان اعرف اتعايش هنا.
ثم توجهت للفتاه ودفعت لها ثمن ما اشترته وحملت نفسها وذهبت في طريقها عازمه مواجهة هذا العالم المختلف كليآ عنها، وحين كانت تسير في شوارع القاهره وجدت يافته كبيره موضوعه علي احد المصانع طالبآ فتايات للعمل فدلفت اليه لتعرض عليهم موهبتها في تفصيل الملابس، وحينما طلبوا منها اوراق لأثبات شخصيتها قالت انها جديده علي البلد وتمت سرقتها فقد قامت بتأليف قصه وهميه عن سبب وجود لتاه صغيره في السن وحدها في بلده كبيره كهذه، لكنهم رفضوا تعينها دون اي اثبات للشخصيه، ولكنها ألحت كثيرآ واستعطفتهم وبعد مرور وقت طويل من الترجي الاستعطاف وافقوا اخيرآ علي تعينها، واستلمت عملها وسرعان ما تعرفت علي الفتايات وكان من بينهن واحده تدعي فاطمه، تعرفت فاطمه علي روح ومن بينما كان الحديث دائرآ بينهم سألتها روح.
روح: هو انا ينفع الاقي بيت اسكن فيه قريب من هنا
فاطمه: للأسف مستحيل تلاقي سكن من غير اثبات شخصيه ولازم يكون معاكي اهلك
روح: طب وبعدين، زي ما انتي عارفه انا يتيمه وجيت هنا بعد ما جوز عمتي طردني من بيته بعد ما رفضت انوله اللي في باله وشنطتي اتسرقت بكل اوراقي
فاطمه: طب انا عندي فكره
روح: ايه هي.