رواية ميراث العشق والدموع الجزء الرابع (زاد العمر وزواده) بقلم رضوى جاويش
الاقتباس الخامس
هتفت زهرة بصباح خادمتها البديلة بعد ترك نجاة الخدمة لديهم منذ سنوات طويلة بعد زواج ثريا من سيد و استقرارهم معها فى ذاك الدار الذى بناه سيد بالقرب من مدخل النجع :- يا صباح .. الأكل لسه متحطش ع السفرة و الناس زمانها راجعة من صلاة العيد جعانة .. كده ينفع !؟..
هتفت صباح و هى تخرج من الرواق المفضى لقلب السراىّ و بيدها صينية ملأى بخيرات الله :- اهااا .. حلا اهو السفرة هتكون على سنچة عشرة يا حاچة ..
ما ان همت زهرة بالحديث حتى سمعت طرق عصا عاصم على ارض السراىّ مستندا على ذراع ولده ماجد هاتفا :- كله تمام يا زهرة .. الاكل چاهز ..!؟..
اندفعت زهرة اليه هاتفة :- طبعا يا عاصم اهو بنحطه عشان يفضّل سخن على بال ما الكل يتلم ع السفرة.
اشار اليها هامسا :- جربى ..
اقتربت زهرة منه هامسة و ابتسامة تكلل محياها :- عيونى ..
همس فى مودة :- كل سنة و انت طيبة يا زهرتى .
اتسعت ابتسامتها :- و انت طيب و بخير و دايما منور حياتى يا رب ..
تنحنح ماجد الذى كان ما يزل يمسك بعضد ابيه هامسا فى مشاكسة :- على فكرة نحن هنا يا حاچ .. و الكلام ده خطر على عقلى الباطن ..
انفجرت زهرة ضاحكة بينما هتف عاصم و هو يجذب ذراعه من كف ولده و يدفعه فى رفق :- اما انك بارد صحيح .. طب ما تحل لازق فيا ليه !؟.. روح دور على مرتك ذاكر لها .. ولدك ياسين جلى على كل حاچة .. ياااافاااشل ..
تنحنح ماجد فى احراج بينما تعالت ضحكات زهرة من جديد ليهتف ماجد مندفعا فى غيظ :- حاااضر يا ياسين .. انا عارف انه عملى الأسود و ربنا بيخلص بيه ذنوب ..
كان دور عاصم ليقهقه و ماجد يندفع باحثا عن ولده كالعادة لتستلم زهرة ذراع عاصم تسنده حتى مجلسه على رأس المائدة .. همست له فى إشفاق :- شكلك تعبان يا عاصم مكنش ليك تروح الصلاة ..
اكد عاصم معاتبا :- برضك دى تاجى !؟.. ليه يعنى .. و بعدين انا روحت بالعربية و الچامع بينا و بينه خطوتين و رچعت بيها برضك و كمان مصلى و انا چاعد .. هعمل ايه تانى اكتر من كِده ..!؟.. و بعدين چرى ايه !؟..فكرانى عچَزت .. لاااه لساتنى شَديد .. و غمز لها بطرف عينه هامسا :- تحبى اثبت لك !؟..
قهقهت زهرة لافعاله و أجلسته اخيرا على مقعده متنهدا و ما ان همت زهرة بالرحيل لمساعدة صباح حتى امسك بكفها هامسا :- طب ما تاجى ترتاحى انتِ كمان ..شكلك شغالة م الصبح ..
و اشار الى حجره لتجلس عليه شهقت زهرة بابتسامة واسعة هامسة :- يا راجل عيب عليك ولادك و أحفادك رايحين جايين .. يقولوا ايه !؟..
همس بلامبالاة :- يجولوا اللى يجولوه .. اللى غيران مننا يعمل زينا ..
هتفت زهرة بمرح :-انت مفيش فايدة فيك !؟
هتف بدوره يشاكسها :- لاااه مفيش ... و انت عارفة انه مفيش .. صح !؟..
هتفت زهرة و هى تتملص من كفه لتندفع فى اتجاه المطبخ :- اكبر صح .. محدش يعرف دماغ عاصم الهوارى قدى ..
هتف عاصم ماجنا و هو يشير لحجره :- يعنى مش هتاجى !؟..
علت ضحكات زهرة و هى تنظر اليه معاتبة و تدلف الى الرواق المؤدى للمطبخ .. ليهتف عاصم فى حسرة :- ملهاش ف الطيب نصيب ..
هتف عاصم الحفيد و هو يقترب من مقعده على الطاولة بينما زهرة الحفيدة تهبط الدرج فى اتجاهها اليهما :- هى مين دى يا چدى اللى ملهاش ف الطيب نصيب !؟..
هتف عاصم الجد و هو يتطلع الى حفيدته التى اقتربت من مجلسه تنحنى مقبلة كفه التى يستند بها على عصاه الأبنوسية :- اللى يتجدم لها الخير على طبج من فضه و ترفضه يا ولدى يبجى اكيد ملهاش ف الطيب نصيب .. و لا ايه !؟..
سأل عاصم سؤاله الاخير مركزا ناظريه على حفيده الذى هز رأسه مؤيدا و عيناه تتطلع خلسة الى تلك التى تجلس امامه فى صمت مطبق كأنها ليست هنا من الاساس فلعلها غارقة فى سطور رواية ما فاقدة الشعور بكل من و ما حولها .. و أولهم هو .. كعادتها..
بدأ الجميع فى الظهور تباعا .. ماجد و ايمان و ياسين و كذا مهران و تسبيح وولدهما الأصغر محمد و ابنتيهما سجود و نوارة ..
هتف عاصم متسائلا :- فين الكشك يا صباح !؟.. و كترى الثخينة يابت ..
هتفت صباح و هى تغدو و تروح :- من عنايا يا حاچ ..
هتفت زهرة ما ان أنهت اخر الاطباق تضعها بمساعدة زوجات ابنائها و حفيداتها :- كل سنة و انتم طيبين و يارب دايما متجمعين سوا ..
هتف الجميع :- و انت طيبة يا ست الكل ..
جلست بالقرب من عاصم حتى انها دفعت بكرسيها ليحازى كرسيه نتيجة للازدحام على المائدة.. همس يشاكسها :- برضك چيتى على حچرى ف الاخر .. هو مش چوووى يعنى بس انى راضى ..
حاولت ان تخفى ابتسامتها ليستطرد هو متدلالا عليها:- انى راچل يتيم و عچوز .. ياللاه أكلينى ينوبك فيا ثواب .
همست مؤكدة :- ما انا عملالك الكشك اللى بتحبه اهو عشان خفيف علي سنانك .. ياللاه كل بلاش دلع .. عيالك مركزين معانا .. و أحفادك قاعدين ..
همس ساخرا :- عيال مين اللى مركزين !؟.. كل واحد فيهم مركز ف حاله .. اهااا الچنرال و مرته ف وادى و عيالهم ف وادى .. شايفة الواد ياسين .. اهااا جاعد يغفل ابوه و يسرج من جدامه اللحمة و لا هو هنا ..
امسكت زهرة قهقهاتها و قد ادركت صدق حديثه ليستطرد هامسا :- و التانى راخر الشيخ مهران راسه ف راس الداكتورة و جاعد يحط لها على طبجها و على طباج عياله و ناسى حاله ..
تنهدت زهرة فهذا هو مهران يراع الله فى الجميع و ينسى نفسه دوما .. استكمل عاصم ملاحظاته ليغمز لها بطرف عينه هامسا :- اما دوول بجا .. ف جصة تانية ..
و اشار بطرف لحظه لحفيديه عاصم و زهرة تنهدت زهرة الجدة فى حنو و همست :- تفتكر هيعيدوه يا عاصم !؟..
تنهد عاصم بدوره هامسا :- سبحانه مجلب الجلوب .. هو عاشج .. واعية لعيونه اللى زايغة عليها و جلبه اللى سامعه من مطرحى و هو بيعافر عشان يبوح ..
تطلعت زهرة لحفيدها فى إشفاق و اخيرا أشاحت بناظريها لتسلطهما على حفيدتها التى تحمل اسمها و همست متسائلة :- طب و هى يا عاصم !؟..
اكد بلهجة العالم ببواطن الامور :- هى !؟.. هى جلبها ف وادى تاااانى .. و عجلها مش هنا م الاساس .. جاعدة جدامه و مش شيفاه من اصله.. ياعينى عليك يا عاصم و على جلبك ..
همست زهرة متنهدة فى إشفاق على حال القلوب :- سبحانه مقلب القلوب .. لعل الله يحدث بعد ذلك امرا ..
اكد عاصم بايماءة من رأسه لتنبه لصرخة ماجد متعجبا:- فين اللحمة اللى كانت قدامى !؟.. هو انا كل ما اختار لى حتتين ملقاهمش ..
و استطرد هاتفا فى غيظ موجها حديثه لولده :- و الله ما فى حد يعمل كده غيرك يا ياسين الكلب ..
ادعى ياسين النظر فى اتجاه اخر متجاهلا صراخ ابيه و توقف عن مضغ طعامه و الذى لم يكن الا قطع اللحم الخاصة بأبيه و التى كان يسرقها خلسة من طبقه رغبة فى مشاكسته كالعادة ..
انفجر الجميع مقهقهين على حال ماجد و ولده و شجارهما الذى لت ينتهى ليهتف عاصم من بين ضحكاته :- خلاص يا ماچد .. ايه اللى فيها يعنى .. اللحمة كَتير و خير ربنا جدامك .. سيب الواد ياكل ..
زفر ماجد فى حنق و هو يتطلع لياسين ولده شذرا و الاخير يدعى اللامبالاة ..
سقطت نظرات عاصم على حفيدته الوديعة سجود ابنة مهران فهتف متسائلا :- مجلتيش يا سچود يا بتى .. هتعملى ايه ف موضوعك !؟..
هتفت سجود و قد اعتلى خديها حمرة خفيفة تظهر ما انا يوجه اليها احدهم الحديث جراء الحياء و اضطربت مجيبة :- اعمل ايه ف ايه يا چدى !؟..
هتف صوت مرح من خلفها مؤكدا :- يعنى هيكون ف ايه !؟.. اكيد ف اللحمة الچامدة اللى على طبجك دى ..
و اختطف سمير قطعة كبيرة بدأ فى ألتهامها بشهية ملقيا التحية ع الجميع بفم ممتلئ جذب الضحكات على شفاه الكل الا هى التى مارست أقصى درجات ضبط النفس حتى لا تنتفض مبتعدة ما ان وعت محياه واقفا بظهر مقعدها و مازحا بهذا الشكل الذى يفقدها ثباتها..
هتف عاصم مقهقها :- ايه اللى بتعمله دِه يا واد !؟.. انت مش هاتعجل ابداااا !!.. طب اجعد كل زى البنى أدمين ..
هتف سمير وهو لايزل يلوك قطعة اللحم بفمه :- اجعد فين يا چدى !!.. انت عايز ستى سهام تطير ورايا بيد الفاس ..
قهقه الجميع على ما يقول ليستطرد مؤكدا :- و الله تعملها لو عرفت انى كلت و سبتهم مستنينى .. انا اصلك كنت مسافر و لسه راچع .. دِه انى صليت العيد ع الطريج .. و طبعا هاخد اليوم بطوله نوم جلت أعدى أعيد عليكم و بعدين ابجى اروح ..
هتف عاصم مستحسنا :- چدع يا واد يا سمير .. اول مرة تشغل عجلك الخربان دِه و تعمل حاچة صح ..
قهقه سمير معاتبا :- برضك كِده يا چدى .. طيييب .. و الله ما انا سايب لكم لحمة فيها ..
و مد سمير كفه من جديد و تناول قطعتين من اللحم من الطبق المواجه لطبق سجود التى دعت الله الثبات حتى يبتعد ذاك الذى يؤرق محياه مضجعها ..
تناول سمير قطع اللحم و اندفع مغادرا السراىّ حتى لا تطاله عصا عاصم جده و ضحكات الجميع تتعقبه ..
تنهد عاصم مؤكدا :- مچنون واد مچانين ..
هتفت زهرة من بين ضحكاتها :- بس دمه زى العسل .. متنكرش ..
تنهد عاصم من جديد متطلعا لحفيدته سجود التى كانت تتظاهر بالهدوء و السكينة لكن داخلها كان صراع من نوع اخر و همس :- اهااا دول كمان جصة تانية يا زهرة ..
تطلعت زهرة الى حيث تقع عيناه و اكدت فى همس :- صدقت ..
همس عاصم متضرعا :- يا مجلب الجلوب يااارب ..
ساد الصمت للحظات و اخيرا استعاد نبرته المازحة هامسا :- بس جوليلى !؟..
تطلعت اليه تستفسر ليستطرد بنبرة ماجنة :- انتِ احلويتى جووى النهاردة ..
قهقهت زهرة هامسة معاتبة :- عاااصم ..
و مدت كفها لطبق الكشك قبالته تطعمه لعلها تسكت همساته الماجنة قبل ان تتسرب لمسامع الجالسين ..
هذه الاقتباسات كانت المقدمة أو التمهيد للجزء الرابع، لقراءة الجزء الرابع تفضل من هنا: رواية زاد العمر و زواده الجزء الرابع من ميراث العشق والدموع
تمت