قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية ميراث العشق والدموع الجزء الثالث بقلم رضوى جاويش الفصل السابع والعشرون

رواية ميراث العشق والدموع الجزء الثالث رضوى جاويش

رواية ميراث العشق والدموع الجزء الثالث (رباب النوح والبوح) بقلم رضوى جاويش الفصل السابع والعشرون

كانت قد اتفقت مع عائشة على النزول لشراء متطلبات جهازها فقد بقى على زواجها اسبوع تقريبا و لم يتبق الا القليل عليها شرائه حتى تتم جهازها كاملا غير منقوص.. شاركت عائشة فرحتها و كأنها تشترى كل صغيرة و كبيرة لنفسها و لم تدخر وسعا لإسعادها و كذلك اخيها يونس..

لم يدخر الغالى او النفيس حتى تجلب كل ما يُفرح قلبها فهى ستصبح زوجة ولده الوحيد و اسعادها اسعادا له.. خرجن منذ بداية النهار كعادتهما حتى لا يتأخرن فى الرجوع و خاصة ان العربة هذه الأيام دوما مع حامد لجلب ما تحتاجه شقته من أثاث او أدوات.. كان الوقت ضيق و الإعدادات كثيرة و تحتاج لمزيد من الزمن لإنجازها فأصبح الجميع يعمل تحت ضغط..

خرجت هداية و عائشة حتى وصلتا لموقف سيارات الأجرة و كعادة كل يوم كان هناك ينتظر فى هدوء بنظرات مطرقة و هو يغض بصره عنهما.. تعجبت هداية عندما لاحظت وجوده للمرة الاولى و حاولت ان تتناساه تماما.. لكن عائشة لاحظته ايضا و بدأت فى تلميحاتها المتعجبة لتواجده و هى تنظر الى هداية فى شقاوة هامسة:- واضح ان الحاچ ماهر.. عين نفسه حرس..

هتفت هداية فى غيظ:- بتجولى ليه كِده !؟..واحد واجف لا چه چنبنا و لا ضايجنا.. و لا حتى واعى لوچودنا م الاساس.. يبجى حرس!؟..
هتفت عائشة تغيظها:- يعنى انت موعياش انه كل يوم هنا ف الموجف من ساعة ما بجينا ناجى نركب لان العربية مش معانا !؟.. و مش بس كِده.. دِه بيتحرك بعربيته ورانا م النچع لحد ما نوصلوا و اول ما ننزل يفضّل متابعنا لحد ما نرچع و برضك يجوم سايج عربيته ورانا و احنا راچعين.. كل دِه و مبجيش حرس!؟..

اندفعت هداية تركب اول سيارة اجرة ظهرت على الطريق حتى تتهرب من تلميحات عائشة و التى تدرك تماما صحتها لكنها تحاول الا تعيرها اهتماما يذكر على الرغم انها تعلم تماما فى قرارة نفسها انها تفكر فيها كثيرا و انه هو شخصيا و ليس فقط افعاله يشغل تفكيرها منذ فترة لابأس بها و ان هذا بدأ يقلقها و يضج مضجعها بل انه اصبح يوترها و يثير أعصابها.. فهى ابدا لم تكن من الفتيات اللاتى يأسر قلوبهن معسول الكلام و لا ينجذبن لأى من كان و كأنما وضعت على قلبها اقفال من صلب.. لكن هو بالذات لا تعلم لما اضحى شغلها الشاغل فى فترة وجيزة فمنذ لقائهما العجيب بالمسجد و هى تشعر ان بها شئ قد تبدل تجاهه..

لحقت عائشة بهداية و ما ان همت بالصعود جوارها حتى فُتح باب السيارة من ناحية هداية و وجدت نفسها تُجذب خارجها بيد فولاذية تقبض على معصمها.. تنبهت رافعة ناظريها لذاك الشخص الاحمق الذى يحاول جذبها بهذه الطريقة الوحشية و اذ به جاسر يحاول إنزالها عنوة من العربة.. قاومت قدر استطاعتها لتسحب يدها من كفه القابضة عليها و حاولت عائشة جذبها و مساعدتها على عدم النزول هاتفة فى ذعر:- انت عايز مننا ايه !؟.. روح لحالك و سبنا ف حالنا بجى..

لكن مقاومة هداية خارت و وجدت نفسها خارج السيارة يجذبها لتدخل سيارة اخرى و عائشة خلفها مولولة فى لوعة.. الا ان كف قوية أوقفت جذب جاسر لها ممسكة بكفه القالضة على ذراعها فى صلابة و مشهرا سلاحه هاتفا فى حزم:- سيب يدها دلوجت و الا و الله لتلاجى الطبنچة دى متفرغة ف دماغك و لا ليك عِندى دية..

هتف جاسر الذى تفاجئ بوجود ماهر و الذى كان قد اختفى قبل قليل من ركوبهما العربة حين أُذِن لإقامة صلاة الظهر فدخل يصل و لم يدرك انه سيغيب دقائق قد تحدث فيها كارثة كتلك لكن الله سلم بظهوره اخيرا:- ابعد سلاحك دِه و روح من هنا.. دى بت عمى و مرتى و انى حر فيها..
هتف ماهر بصوت كالرعد عندما سمع جاسر يذكرها بصفتها زوجة له فأشتعلت نيران غيرته:- بجولك سيب يدها..
و امسك بتلابيب جاسر مستطردا فى غضب:- و الا.. اقسم بالله العظيم ما هيعرفوا يلموا جتتك من ع الطريج..

ترك جاسر ذراع هداية لتنساب من بين كفه لتندفع مبتعدة فى اتجاه عائشة لا تصدق انها نجت من بين براثن جاسم و الذى اندفع فى غيظ مكيلا لكمة لماهر استطاع الاخير تفاديها فى مهارة و اندفع بدوره يمسك اكثر بتلابيب جاسر مكيلا اللكمات و الضربات حتى أسقطه ارضا و بدأ فى ركله بقدمه حتى افرغ شحنة غضبه الهارد من جراء رؤيته لجاسر يسحبها خلفه بهذه الطريقة المهينة و اخيرا انحنى وأمسك بتلابيب جلبابه من جديد يهزه فى عنف هاتفا بصوت قاهر:- اقسم بالله لو شفتك معدى ف نفس الشارع اللى هى معدية فيه و لا فكرت حتى تجرب منيها لأى سبب لهجتلك بيدى يا نچس.. جال واد عمها جال..

و جذب ماهر جاسم لينهض فى غضب ممسكا بصدر جلبابه بكف واحدة جاذبا اياه خلفه حتى وصلا موضع سيارة جاسم و فتحها و قذف به للداخل هاتفا بقرف:- غور.. و افتكر اللى جولتهولك.. و ابجى اعمل خلافه و هتشوف هتلاجينى واجف لك كيف..

رحل جاسر بعربته فى غضب هادر ليستدير ماهر معدلا من جلبابه و نافضا عنه ما علق به من الغبار و مندفعا فى اتجاه عائشة و هداية التى كانت تقف تبكى بشكل مرير من جراء الصدمة التى تعرضت لها.. توقف لا يعرف ما يقول و هو يرى دموعها بهذا الشكل تكاد تطيح بصوابه مما قد يدفعه ليعود لذلك الاحمق و يفرغ فى جسده زخيرة سلاحه لكنه تمالك أعصابه و هتف فى صوت أجش:- انتِ بخير يا آنسة هداية !؟..

اومأت برأسها دون ان تنطق حرفا فهمست عائشة بالنيابة عنها:- احنا متشكرين.. مكناش عارفين ايه اللى كان ممكن يحصل لو انت مش موچود..
اومأ برأسه فى تأدب و هو يغض بصره عنهما هاتفا بلهجة أمرة:- تعالوا اركبوا ارچعكم النچع..مضمنش لو رجعتوا لحالكم يتعرضلكم النچس دِه تانى..

اكدت عائشة على صحة فرضه بينما ظلت هداية صامتة لا تنطق.. كانت دوما امرأة قوية لا تبكيها الشدائد لكن هذا الموقف جعلها تشعر انها امرأة و بحاجة لرجل يكون سند لها.. رجل يحتوى ضعفها و يقدر قوتها.. رجل يستشعر أنوثتها و يحترم عقلها.. رجل يكون لها ذاك السند الذى تحتاج و الدعم الذى تتمنى و القلب الذى ترغب فى سكناه للأبد..

تطلعت لماهر المنكس الرأس فى حياء و هو يسبقهما الى سيارة الأجرة التى امر سائقها بالانطلاق للنجع فى سرعة على الرغم من وجود سيارته فى الجوار لكنه كان يعلم علم اليقين انهما سترفضان استقلالها لذا فضل احدى عربات الأجرة.. لم يتجاذب مع إحداهن أطراف الحديث لكن كل ما قام بفعله فى ادب جم و هو يترجل وينزلهما امام دارهن هو هتافه:- حمد لله ع السلامة..

أكدت عائشة:- الله يسلمك.. تعبناك.
اومأ برأسه و هو يعود ليركب السيارة من جديد و جاهد جهاد الأبطال حتى لا يرفع ناظريه اليها ليلقى نظرة.. فقط نظرة.. الي هدايته.. و هديته.

جلست على طرف الفراش من الجانب الاخر لامتداد جسده و هى تسند رأسها على حافة الفراش و امتدت كفها تمسك بكفه القريبة منها تحتضنها.. لا تعلم لما اقدمت على ذلك لكنها شعرت بأمان شَديد عندما فعلت.. و رغم عنها راحت فى نوم عميق و هى لاتزل تضم تلك الكف الرجولية الضخمة بين كفيها الصغيرتين و بالطبع لم تدرك و هى فى سباتها العميق ان ذاك الغافى جوارها و الذى كان جسده يئن وجعا و الحمى تتأكله قد فتح عينيه الناعسة قليلا فى وهن و تطلع حوله و كاد ان ينتقض و هو يراها منه بهذا القرب الذى لم يعتده..

و الأدهى من ذلك هو كفه تلك التى تأسرها بين كفيها فى وداعة جعلته يشعر ان الحمى عاودته من جديد و ان جسده بدأ يغلى من مجرد لمساتها الحانية لكفه.. و التى بدأ فى سحبها من بين كفيها الناعستين كحال صاحبتهما.. و اخيرا اصبح حر نفسه و استطاع السيطرة على مشاعره و هو يبتعد عنها بشكل آمن..

تذكر خطاب اخيه فأندفع مترنحا باتجاه سترته و تأكد انه لايزل على حاله حيث تركه فتنفس الصعداء و جذبه من جيب السترة و فتح احدى ضلف خزينة الملابس ليدس الخطاب بين طيات أحدى السترات القديمة و الغير مستعملة الى حد كبير..

انتفضت هى بدورها متيقظة ما ان حاولت تحريك جسدها حتى تذكرت اين تكون و تنبهت لوقوفه امام الخزينة باحثا كما اعتقدت عن بعض الملابس التى يرتديها بالتأكيد بديلا عن تلك التى تحمل اثار الشحم و عرق الحمى.. فنهضت فى هدوء و مدت كفها من خلف ظهره تتناول احدى المنامات هاتفة:- اتفضل.. اكيد بتدور على لبس نضيف تلبسه..

انتفض بدوره و استدار بكليته فى مواجهتها.. كانت الاستدارة من السرعة ما دفعها لتترنح فى سبيلها للسقوط فأندفع بدوره محاولا الحيلولة دون ذلك و هتف فى غيظ ما ان وجدها بهذا القرب منه للمرة الثانية فى اقل من لحظات:- فى ايه !؟.. الناس تقول احم مش تظهر زى العفاريت كده..
ابتسمت فى هدوء و لم تعبس او تضيق بثورته كعادتها و هتفت:- حاضر المرة الجاية هبقى اتنحنح بالجامد عشان فى واحد هنا بيركب الهوا..

تطلع اليها مشدوها و هتف متعجبا لجرأتها فى مخاطبته على غير العادة:- بركب الهوا!؟.. و الله عااال.. كويس قووى يا ست شوشو.. بقينا بنعرف نرد اهو!..
ابتسمت و تجاهلت كل تلك الكلمات اللاذعة و همست فى سعادة:- اول مرة تقولى يا شوشو زى ما الكل بيقولها لى..
تنبه انه فعل فتنحنح محاولا مداراة اضطرابه و هتف فيها و هو يستند على جانب الفراش مترنحا فى وهن:- روحى اعمليلى شاى..

هتفت رافضة:- شاى ايه !؟.. انت بقالك ليلتين مكلتش.. هجيب لك شوربة و نص فرخة..
هتف مزمجرا:- انا قلت شاااى.. اجرى اعمليه من سكات.. ياللاه..
اومأت برأسها ايجابا و اندفعت خارج الغرفة تنفذ فى صمت.. اما هو فقد تبعها حتى رحلت و تنهد فى قلة حيلة فما عاد له القدرة على تحمل المزيد من وجودها بالقرب منه.. ضم كفه التى كانت تحتضنها بين كفيها و قربها لقلبه للحظات و اخيرا فتح تلك الكف و قربها ملصقا إياها بأنفه يتشممها و يتنسم منها عبيرها الذى فاض به و ألتصق بأطرافه لعله يسكن من وجع روحه العطشى لقربها..

تمدد فى تعب على طرف الفراش و قد عاود ضم تلك الكف لصدره من جديد و شرد فى خواطره حتى انه لم يتنبه لتلك التى دخلت الغرفة و هى تحمل كوب الشاى و فى الكف الاخرى طبق و منشفة.. وضعت الجميع على الطاولة بجوار فراشه بالقرب من رأسه و قد اعتقدت انه راح فى النوم من جديد ربما من تأثير الدواء.. الا انه فتح عينيه و اعتدل على طرف الفراش و قد مد كفه ليتناول كوب الشاي الا انها كانت الأسبق ومدت كفها للمنشفة و بللتها بالقليل من الماء الدافئ و الصابون فى ذاك الطبق و مدت يدها تحمل كفه التى كان يهم بحمل كوب الشاي بها و بدأت فى مسح ذاك الشحم عنها..

انتفض ما ان لامست المنشفة كفه و نهض فى ذعر لتتقهقر للخلف خطوة و هتف غاضبا:- انتِ بتعملى ايه !؟.. الحرارة نزلت خلاص مفيش داعى للكمادات..
هتفت فى ثبات رغم ارتجافاتها الداخلية لثورته و اكدت:- عملت لك الشاي.. اشربه لحد ما اشوف شغلى هتف متسائلا:- شغلك !؟.. ده اللى هو ايه لامؤاخذة!؟..

اقتربت منه و رفعت هامتها متطلعة اليه و قد مدت كفها تمسح بعض الشحم عن جانب وجهه بمنشفتها الدافئة هاتفة و هى تتطلع اليه فى
ثبات:- ده شغلى..

تطلع اليها كالمسحور لا يدرك ما عليه فعله امام ذاك السيل من الاهتمام الغير معتاد منها و الغير قابل للاحتمال منه.. تاه للحظات فى محياها و هى تزيل تلك البقع التى تركها الشحم هنا و هناك على احد جوانب وجهه و رقبته و ما ان مدت كفها تلتقط كفه الساكنة على احد جانبى جسده حتى انتفض يجذبها منها و قد استفاق تماما و ما عاد قادرًا على تحمل المزيد فأمرها بصوت متحشرج لا يعلم كيف استطاع إخراجه:- اطلعى بره يا شيماء و خدى الباب وراكِ و مترجعيش الا لما أناديكِ..

همست و هى تتناول الطبق و المنشفة المبللة و المصبوغة بأثار الشحم بين كفيها منفذة ما امرها به:- حاضر.. هخرج..
و ما ان همت بإغلاق الباب خلفها حتى عاودت فتحه من جديد لتضبطه متلبسا بالزفر فى قوة مؤكدا على شعوره بالراحة عندما ظن انه تخلص منها فهتفت مازحة:- مش هاتخلص منى بسهولة.. هرجع تانى ف مواعيد الدوا...

و اغلقت الباب و ضحكتها ترن خلفها كأجراس تعلن الفرحة مما دفعه رغما عنه للابتسام و ترك جسده ليسقط على الفراش متنهدا فى قلة حيلة من افعالها التى ما عهدها منها ابدااا.. ماذا دهاها يا ترى !؟.. و اقسم انها لو ظلت على هذه الحالة فسيترك لها الشقة و يبيت بالورشة بين الشحم و الزيوت مع صبيه شكمان و لا ان يبقى لحظة واحدة بصحبتها الخطرة..

المشهد يتكرر من جديد صرخات هنا و هناك بعد ذاك الانفجار المدوى الذى حدث ببدروم احد البيوت القديمة فى حارة ما عتيقة لا يذكر لها ملامح تميزها و ذاك الهتاف الذى بات مألوفا لديه منذ كان فى الخامسة من عمره و الذى لا يسمعه يناديه الا فى احلامه او بالأدق كوابيسه اليومية ها قدعاد من جديد هاتفا مرة اخرى بأسمه.. نفس الصوت.. صوت تلك المرأة الواهن و التى كانت تحتضنه خوفا عليه من اثار ذاك الانفجار على الرغم من اصابتها..

كانت تضمه اليها فى ذعر كأنما خلقت من جسدها ساتر يحصنه من اى اثر قد يطاله.. لكن العجيب انه الليلة يرى وجه أخر يظهر من خلف غبار الانفجار.. وجه مألوف.. بل هو وجه محبب..كان وجه عابس و جدى كعادتها.. انها ثريا.. الباشمهندس ثريا كما يحلو له مناداتها مشاكسا.. و لكن مهلا ماذا تفعل هنا!؟..
اقتربت فى هدوء و انحنت تربت على كتف تلك المرأة الباكية و تسير جوارها فى روية ولا تلتفت اليه.. الى ذلك الطفل الذى ظل يبكى بقهر وحيدا و اخيرا صرخ حتى تسمعه احداهما..

انتفض على فراشه كعادته و تنهد فى ضيق و هو يتطلع لساعة جواله و التى يعلم انه استيقظ قبل ان يحين الموعد المحدد لذلك على شاشته.. و تعجب لما يصر دوما على ضبط ساعة استيقاظه على جواله على الرغم انه يعلم تماما ان كابوسه المعتاد خير منبه لإيقاظه!؟.. لكن يبدو انها العادة..

تطلع لسقف الغرفة فى شرود و قد استعاد مشاهد حلمه كاملة على صفحته و كأنه شاشة عرض حية.. انه لا يتعجب من الحلم فقد اعتاده لكن ما اثار دهشته هو ظهورها بالحلم.. هل اصبحت الباشمهندس ثريا بهذه الأهمية القصوى حتى تحل بشخصها فى حلم قديم بهذا الشكل و تلعب دورا أساسيا فيه !؟.. انه لا ينكر انه ينجذب اليها بشكل خاص لم يعتده مع اى فتاة من قبل..

مجرد انجذاب لشخصية جديدة لم يقابلها او يتعامل مع مثيلتها سابقا على الرغم من تعدد علاقاته..هذا ما كان يعتقده لكن هتف صوت داخلى ينفى ذلك تماما مؤكدا انه يدعى ذلك.. حاول ان يُكذب ذاك الصوت الصارم الحازم داخله و الذى يؤكد ان مشاعره تجاهها اكثر من مجرد انجذاب هاتفا به:- رجاءً لا تتحامق.. انت تدرك جيدا انها تحتل داخلك اكثر بكثير مما تحاول الادعاء.. لكن لا بأس.. ما من دليل اقوى على صحة فرضيتى الا رحيلها.. اخبرنى ماذا ستفعل دونها !؟..

هتف لنفسه:- و ماذا هناك لو رحلت او رحل الف غيرها!.. منذ متى يعنينى بقاء او رحيل إحداهن!؟.. فلتذهب...
ضحك ذاك الصوت داخله ساخرا:- حسنا.. لا تفكر اذن فى استعادتها..
هتف لنفسه من جديد:- و من قال أننى سأفعل !؟ او ربما افعل.. لا لشئ الا لأضمن صمتها و ولاءها لى و عدم وشايتها بى و فضح سرى..

انفجر ذاك الصوت الداخلى مقهقها:- ها انت تعود لتختلق أعذارا كاذبة لتستعيدها من جديد.. ولاءها و عدم وشايتها !؟.. و قهقه الصوت
مستطردا:- انت اول من يعلم انها أنقى و اوفى و اصدق من قابلت.. و انها لن تش بك طالما لم تجد منك ضررا يمس أفراد تلك العائلة الحقيرة التى تكره.. و التى ولاءها الحقيقى يكون لهم.. ربما تحتفظ ببعض الوفاء لذكرى عملها معك و تلك الفرصة التى اتحتها لها لكن ابدا لن تخسر وفاءها للهوارية من اجلك و انت تعلم ذلك جيدا و تكابر..

هتف لنفسه من جديد:- سأستعيدها لأضمن ولاءها لى مثلهم تماما..
ابتسم صوته الداخلى ساخرا:- ها هو يعود لحماقاته من جديد.. افعل ما يحلو لك..لكن احذر فتلك الفتاة.. نور و نار..
تردد صدى تلك الكلمات الاخيرة بين جنبات نفسه و اختفى ذاك الصوت مخلفا الصمت..
لينهض هو من فراشه و قد عزم ان يستعيدها مهما كلفه الامر.. لكن يستعيد أيهما !؟.. يستعيد النور.. ام يستعيد النار !؟..

كانت مقابلة لم يخطط لها حتى.. فمنذ اخر مرة كان فيها هناك و جاءه خبر القبض على حمزة و رأى ردة فعلها تلك و شعر بإحساس من الذنب كاد يقتله حتى قرر ان يبتعد قدر الإمكان.. انه ينحى بمشاعره منحى خطر ينذر بالسوء على كافة الاصعدة و برر هذا بإبتعاد نهلة عنه الفترة الماضية نظرا للخلاف الذى دب بينهما بسبب رغبتها فى السفر لاستكمال دراستها بالخارج.. هو يعلم تماما ان هذا عذر واهٍ لا يكترث له لكن ما بيده حيلة اخرى يبرر بها ما يفعل الا ذلك..
الان ها هو باسل اخوها قد اصر على اصطحابه الى دار ابيه رغما عنه.. حاول الفكاك و لكن لا محالة..

سار خلفه مجبرا.. مسير لا مخير.. و تمنى من كل قلبه ان لا يراها.. تضرع سرا ان لا يلمح محياها حتى.
دخلا الدار و زفر فى راحة عندما دخلاها من بابها الخلفى و ما عادا فى حاجة ليمرا على تلك الردهة الطويلة داخل الدار للوصول للحديقة.. جلسا فى استرخاء على الرغم من توتره الداخلى الذى كان قادرًا تماما على الاحتفاظ به لنفسه كما يفعل دوما و كما تُظهر صفحة وجهه الصارمة ذلك
هتف متبادلا الحديث مع باسل:- انا نازل اجازة قريب.. مش محتاج حاجة من إسكندرية!؟..

هتف باسل شاكرا:- تسلم و تعيش يا واد عمى.. السلام أمانة لخالى زكريا و العيلة..
هتف حازم:- يوصل بإذن الله.. اهو الواحد يقضى له يومين مع الحاج زكريا لحسن وحشنى بقالى فترة منزلتش.. و بالمرة اشوف دكتور لأسنانى..
هتف باسل معتدلا:- ليه مالها سنانك بعد الشر!؟..
اكد حازم:- فى ضرس تاعبنى جامد.. شكله عايز يتخلع.. هخلعه و اخلص بقى من تعبه كل شوية..

هتف باسل:- و انت ليه تستنى لما تنزل إسكندرية يعنى!؟.. مفيش دكاترة عندينا و لا ايه!؟.
هتف حازم مؤكدا:- لا مش القصد و الله.. انا اللى مش فاضى أدور على دكتور كويس و اروح..
هتف باسل:- و لا تدور و لا تروح.. الداكتور ياچيك لحد عيندك.

تطلع اليه حازم متسائلا فى حيرة لكن تلك الحيرة تبخرت و حل محلها الصدمة عندما هتف باسل بقوة باسمها ليضطرب محياه و يتعجب لوهلة لكنه يتذكر فجأة انها طالبة بالسنة النهائية بكلية طب الاسنان.. كاد ان يهرول هاربا.. فقد اعتقد ان الجلسة كادت تنتهى على خير دون مرأها.. ليته ما تطرق لوجع ضروسه فها هو وجع من نوع اخر فى الطريق اليه..

ظهرت تسبيح اعلى الدرج المفضى للحديقة متسائلة:- خير يا باسل !؟.. فى حاچة!..
هتف امرا:- روحى هاتى عدة الچزارين بتاعتك و تعالى..
اومأت برأسها ايجابا و هى لا تعلم لما فهى لم ترى حازم المنزوى بركن خلف احد الأشجار و الذى تعمد الجلوس به عند دخوله..

دقائق و ظهرت من جديد و بيدها حقيبة طبية و ما ان رفعت نظراتها تجاهه حتى توقفت فى اضطراب فقد تفاجأت برؤيته مثلما ذاب هو اضطرابا حاول ان يداريه هاتفا بصوت متحشرج ما كان ليخرج بهذا الشكل الا بسبب وجودها امامه:- ازيك يا آنسة تسبيح..
اومأت برأسها و لم ترد بحرف فما استعادت بعد رباطة جأشها لمرأه..

هتف باسل فى ظل ذاك الجو المحموم اضطرابا بلهجة مازحة:- اتفضلى يا ستى.. مش كنتِ بتجولى اه لو يوجع مريض تحت يدى.. چبنالك مريض اهااا.. ياللاه خربى ف سنان الباشا..
انفجر حازم ضاحكا رغما عنه على دعابة باسل و على ردة فعلها الطفولية تلك و المتمثّلة فى تقطيبة قوية لحاجبيها اعتراضا على ما يتفوه به اخوها فى حق مستقبلها المهنى... و اخيرا قررت تجاهله و هى تفتح حقيبتها تخرج منها بعض الأدوات و اشارت فى احراج لأحد المقاعد التى تصلح ليتكئ عليها رأسه للخلف قليلا و همست بخجل:- حضرتك تجدر تاجى هنا ع الكرسى ده.. عشان هايبقى احسن ف الكشف..

هتف باسل ساخرا:- يووووه.. دى هاتعمل لنا فيها داكتورة بچد..
نهض حازم منفذا ما امرت به و جلس ع المقعد المشار اليه لتهتف هى غير قادرة على كبت روحها المرحة كالمعتاد:- هم دايما كِده العظماء محدش مجدرهم..
ابتسم حازم و لم يعلق بينما لم يفوت باسل الفرصة ليهتف:- طب انچزى يا استاذة عظيمة.. و استطرد هاتفا بمزاح:- اچى امسكهولك!؟..
هتفت بحنق:- ليه هو انا هدبحه !؟..

ما عاد حازم قادرًا على فتح فمه ليريها موضع الالم و هو يحاول وأد تلك القهقهات لينفجر بها رغما عنه.. ظل يضحك حتى دمعت عيناه.. و اخيرا احنى رأسه للخلف قليلا و فتح فمه لتتطلع هى بأدواتها للداخل تلقى عليه بعض الأسئلة التى تؤكد مهارتها بالفعل.. كانت تتطلع لداخل فمه تبحث عن موضع الالم و هو يتطلع بها راغبا فى الإشارة لموضع اخر خافق بصدره.. موضعا ينوح بالالم و يتعذب وجعا لقربها بهذا الشكل..

تنبه انها انتهت فرفع رأسه و أغلق فمه و لم ينبس بحرف ليهتف باسل كعادته ساخرا:- هااا.. هيعيش يا داكتورة!؟..
ابتسم حازم و هتفت هى:- اااه.. هيعيش لانه مفيش حاچة ف الضرس الحمد لله.. دى شوية التهابات و چيوب بسيطة..
و تطلعت لحازم مؤكدة:- انا هكتب لك شوية مضادات إلتهاب و مضمضة تعالج الموضوع بس لازم تنضيف الاسنان من الچير..
و ابتسمت و هى تعطيه الورقة المدون بها اسماء الأدوية المطلوبة هاتفة بمزاح:- و نجلل شوية من اكل البسبوسة..

ابتسم رغما عنه و هو يتناول منها تلك الورقة المكتوب بها علاجه و شعر انه قد حان وقت الرحيل و فورا..
فنهض فى عزم هاتفا:- انا همشى يا باسل بقى يا دوب اروح الاستراحة..
و تطلع اليها غاضا الطرف مجبرا.. و هتف شاكرا:- و تسلم ايدك يا دكتورة..

اومأت برأسها للتحية و لم تنبس بحرف واحد و هى تراه يرحل و باسل فى أعقابه مودعا و ظلت ساهمة على حالها حتى سمعت صوت محرك سيارته يبتعد.. فتنهدت و اتجهت صاعدة الدرج لداخل الدار.. اما هو فتطلع لورقة علاجه التى خطتها أناملها و اكد من جديد ان ذاك ليس علاجه الحقيقى.. فهو يعلم اين يكمن دواؤه.. لكنه دواء صعب المنال.. بل يكاد يكون مستحيلا..

وقفت امام المرآة فى غرفتهما تتطلع الى تلك الاثواب و المنامات الحريرية فى سعادة فجميعها قد ابتاعتها من اجله و تمنت لو انها استشارته فى ألوانها و ما يفضّل منها لكنها لا تجرؤ حتى على النظر اليه فما ان تراه صدفة بالأسفل حتى تضطرب و تندفع من أمامه كالمجنونة و هو لا يفعل شيئا سوى السخرية و التندر عليها..

فمنذ خطبتهما القصيرة تلك و هى لا تتذكر انها جلست معه لمرة بمفردهما و لا حتى تبادلت معه أطراف الحديث كأى خطيبين.. فما ان يهم بالنطق حتى تتبدل تماما و تذوب خجلا و تندفع مبتعدة فى اضطراب ليبدأ هو وصلة المزاح مع امه و جدته..

قلبت بين الأغراض باحثة عن ذاك القميص الفيروزي الذى اصرت على شرائه رغم غلاء ثمنه و لكنها لم تجده و تذكرت انها نسيته بالأسفل فى احد الغرف حيث كانت تعرض ما اشترته امام نساء الدار و ساعتها لم تسلم من تلميحاتهن الماجنة فغلبها حيائها و اندفعت تاركة كل ما ابتاعته ورائها.. قررت النزول لجلب الأغراض فى هدوء فيبدو ان الجميع قد خلد للراحة.

تسللت حتى وصلت للغرفة التى تركت بها الاكياس المحملة بمشترياتها و مرت فى هدوء امام باب غرفة حامد ليستوقفها صوته متحدثا مع حمزة الذى وصل اليوم و أخبرهما بنبأ اتفاقه مع والد تسبيح عروسه على عقد القران بعد زواجها و حامد ببضعة ايّام فهلل الجميع ليصبح الفرح فرحين..
تناهى الى مسامعها هتاف حمزة موبخا:- بجولك ايه يا حامد اللى بتعمله دِه غلط !؟.. انت بتظلمها و بتظلم روحك..

انفجر حامد مقهقها و اخيرا هتف بعد ان هدأت حدة قهقهاته التى كانت تحمل وجعا لا يليق بها و لا يجوز ان يصبح جزء منها:- شوف الأيام يا اخوى.. كن الحال اتجلب.. و بجيت انا ف مطرحك و انت ف مطرحى.. فاااكر..
انتفض حمزة غاضبا:- مليكش صالح بحالى يا حامد.. خلينا فيك دلوجت.. انا خايف عليك.. خايف انك تكون بتورط حالك ف ليلة انت مش كدها.. انت لساك مچروح م اللى حصلك من ابو زميلتك اللى اتجدمت لها و رفضوك.. عيشة متستاهلش تعاملها كنها واحدة بتنسى بيها واحدة..

كان دور حامد لينتفض فى غضب:- بجولك ايه يا حمزة.. الدنيا خلصت خلاص و فرحنا كام يوم و انت چاى تكمل و تعمل نفس الغلطة و تكتب كتابك و شغال توعينى.. ياخى روح وعى روحك..
كان حامد يتوقع من حمزة ثورة و انفعال الا انه لم يلاحظ على ملامح اخيه الا الشجن و الحيرة و همس:- مش يمكن خايف عليك تندم يا حامد!؟...مش يمكن عايزك تلحج اللى انى ملحجتوش!؟..

تطلع حامد الى حمزة فى تعجب لتلك الألغاز التى ينطق بها بذاك الصوت الذى يقطر ألما فهمس:-انت فيك حاچة متغيرة يا حمزة!؟.. حاچة مكنتش موچودة جبل سابج..
ابتسم حمزة فى وجع:- حاچة واحدة بس يا واد ابوى !؟.. جول حاچااات.

ساد الصمت بينهما لتندفع عائشة لتصعد لشقتها مخافة ان يراها احدهم و قد ايقنت الان لما كان حامد.. و لما تقدم للزواج منها بهذه السرعة.. هو لا يحبها و لم يحبها من الاساس هى مجرد اداة نسيان لحب مضى و و لكن لايزل حيّا فى قلب حامد..

وتطلعت لمحياها الحزين بالمرآة وقد نزلت تحضر أغراض العرس من اسفل على حال و صعدت الان على حال اخر.. تنهدت فى ضيق و اكدت لنفسها لو ان الامر بيدها لقتلت حبه الوليد بقلبها و ابتعدت عن هنا ما استطاعت حفظا لكرامتها.. لكن الى اين تذهب و قد رأت بأم عينها ما كان من جاسم و حدث منه فى حق هداية لولا عناية الله التى أنقذتهن و كان ماهر هناك ليخلصهما منه..

لا سبيل لديها سوى الإزعان لذاك الزواج و ربما تستطيع يوما ما احتلال قلبه و ان تصبح هى مالكته الوحيدة.. اراحها ذاك الخاطر هامسة بداخلها.. ليس فى الإمكان افضل مما كان يا عائشة.. أحمدى الله فبالدائل رهيبة.. تنهدت وجمعت الأغراض و نحتها جانبا و تمددت لتنام و هى تدعم فى نفسها قدرتها على جعله يحبها و اخذت تغذيها بأحلام وردية عن حياتهما التى ستبدأ بعد ايّام..كزوجين فهل ستنجح فى ذلك!؟..
كم تمنت هذا من صميم قلبها و النعاس يتسلل لأجفانها..

مسحت خديها فى عزم و قررت الا تبكى ربما للمرة الالف و رغم ذلك تخلف وعدها و تذرف انهار من الدموع رغما عنها..
لا تصدق انها سلمت له قلبها بهذه السهولة.. لماذا فعلت !؟.. و ابتسمت فى وجع و كأن الامر كان بيدها من الاساس.. و رغم ذلك اخذت تلوم نفسها مرارا و تكرارا..

ان ذاك الوجع الذى تستشعره بين جنبات صدرها لهو من جراء ابتعادها عنه ذاك البعاد الاختيارى الذى اصرت هى عليه رغما عن قلبها فما عاد لديها القدرة على البقاء بقربه و هى تعلم انه يضمر الشر للجميع..
و تساءلت.. هل يمكن لقلب محمل بكل هذا القدر من الكراهية و الرغبة فى الثأر و الانتقام ان يحب !؟..
هذه المشاعر لا يمكن ان تجتمع بقلب واحد ابدا.. انه لم يحبها و لن يفعل..

و زادها الخاطر وجعا على وجع لتبكى من جديد حظها العثر الذى أوقعها فى طريق هذا المنتقم الراغب فى الثأر من أولياء نعمتها..
لم تعد قادرة على البقاء بمفردها متعللة بالمذاكرة حتى تهرب عن الجميع.. انها بحاجة للبقاء مع احدهم حتى تنساه ولو قليلا و تخرجه بعيدا عن مخيلتها و لو بعض الوقت و تعطى لقلبها و عقلها هدنة دون التفكير به او بكل اقواله و افعاله و نظراته التى تشتاقها بحق..

توجهت خارج غرفتها باحثة عن امها لتسامرها قليلا.. بحثت عنها و لم تجدها بالدار فأندفعت لداخل مطبخ السراىّ منقبة عنها..
لكن نجاة كانت عند باب السراىّ الخلفى واقفة تحمل بين كفيها بعض من طعام و ما ان رأت سيدة المجذوبة و هي تهلل كعادتها عند السير بمحازاة سُوَر السراىّ و الأطفال خلفها يتعقبوها مهللين بدورهم حاملين الحصى الصغير ليلقوه عليها في قسوة لا يردعهم احد...

حتى هتفت نجاة فيهم موبخة و نهرتهم ليبتعدوا في سخط و قد فقدوا متعتهم بالسخرية من تلك المجذوبة التي ما ان ابتعد الأطفال عنها حتى استندت على سُوَر السراىّ بإرهاق و جلست تستظل بظله غير عابئة بوجود نجاة التي تطلعت اليها في إشفاق و حسرة و انحنت تربت على كتفها امره إياها و هي تضع صحن الطعام امامها:- كلى يا سيدة.. كلى يا حبيبتى..

هتفت سيدة و هي تتطلع اليها دامعة:- مش عاوزة.. هاااتى..
و مدت يدها لنجاة تطلب بعض النقود كعادتها فتنهدت نجاة و هي تضع كفها بالقرب من قلبها حيث تحمل نقودها و تخرج بعض الجنيهات ملوحة بها في وجه سيدة التي برقت عيناها في سعادة:- بصى هديكِ الفلوس دى بس تاكلى الأول... ياللاه كلى..

تناولت سيدة صحن الطعام و عيناها على النقود التي تحملها نجاة و اخذت تلتهمه في سرعة حتى تحصل على مبتغاها في النهاية مختطفة النقود من كف نجاة و مندفعة مبتعدة لتتحسر نجاة عليها في حزن لتستوقفها ابنتها ثريا و التى قادتها قدماها فى رحلة البحث عنها الى هنا ووقفت تراقب المشهد عن كثب دون ان تشعر أمها بوجودها لتهتف اخيرا في فضول:- انتِ تعرفى سيدة المچذوبة ياما!؟..

انتفضت نجاة في ذعر هاتفة:- منك لله يا بعيدة رچفتينى..
و استطردت في اضطراب:- سيدة مين اللى اعرِفها !؟.. دى غلبانة و انى بديها اللى فيه النصيب..
هتفت ثريا فى تخابث:- يعنى انتِ متعرفيهاش جبل سابج!؟.. ملكيش اى علاقة بيها يعنى !؟..

هتفت نجاة في ضيق:- خبر ايه !؟.. شكلك فاضية و مش لاجية لك شغلانة غير التحجيج معايا.. انى رايحة اشوف ايه اللى ورايا و مش فاضية لك.. بت مخبلة..
و اندفعت نجاة مبتعدة في هرولة و قد استشعرت ثريا ان أمها تخفى سرا لا تريد البوح به مطلقا..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة