رواية ميراث العشق والدموع الجزء الأول للكاتبة رضوى جاويش الفصل السابع
سمع صهيل فرسيه المفضلين... فشعر بفرحة تدب فى أعماقه .. فاندفع إليهما يحييهم بقطع السكر التى يعشقونها... والتى زادت من صهيلهما فرحا... مما جعله يضحك على افعالهما المحببة لقلبه .. أسرج سلطان .. وأمتطاه فى مهارة فارس لا يشق له غبار .. واندفع به خارجا يسابق الريح .. لعله يخمد تلك الثورة التى تستعر داخله ..
نظراتها التى دوماً تطالعته بها .. لم تكن نظرات عادية .. نظرات تحمل قدر من التحدى والصمود.. قدر لا يستهان به
ان نظراتها .. تنبع من روحها المتقدة .. تلك الروح التى لم يكن يعرف مقدار جموحها .. الا عندما طالع تلك النظرات النارية التى تتحداه بها دوما .. انها فرسة غير قابلة للترويض .. لكن ليس مع عاصم الهوارى.. والذى لم يستعصى عليه ترويض فرسة جامحة من قبل... هتف فى نفسه بعزم :- سأروض غرورها .. وجموح روحها .. سأجعلها طائعة لإشارة من إبهامى..
سأجعلها تتمنى ان اكون راضيا .. فقط راضيا .. ستأتى إلىّ يوما ما .. ستكون اكثر من شاكرة على ما أمنحها إياه ..
يا بنت التهامي... سيكون رضايا هو أقصى أمنياتكِ ..
ساعتها... وساعتها فقط .. سأشعر انى حققت انتقامى..
كان غارق فى أفكاره وخواطره .. ينهب الارض نهبا بحوافر فرسه سلطان غير عابىء .. بما يعترضه من حواجز.. يثق بسلطان ومهارته .. فيطلق له العنان .. ليزيد من سرعته... ويزداد اصطدام الريح بوجهه وعباءته التى اخدت ترفرف خلفه مانحة إياه... مظهر البطل الأسطورى
الذى لا يقهر .. خواطره وافكاره وصلت لذروتها بالفعل ..
والتى كانت تتمحور كلها حول شخص واحد .. منذ دخل حياته .. وهو لا يعرف للراحة سبيل... زهرة ناجى التهامي ..هتف للريح فى تحدى .. وكأنه يحدث طيفها الذى يتمثل له الان فى الأفق البعيد أمامه .. فى تلك البقعة الصحراوية.. قرب الجبل.. فى اخر الكفر .. والتى دوما .. هى ملاذه.. عندما يريد ان يطلق العنان لفرسه.. هربا من كل ما يؤرقه ..صبراً.. الايام بيننا... لنرى من سُيخضع تلك النظرات النارية الحارقة التى تلقيها بوجهى فى تحدى .. ليجعلها تنقلب لنظرات خضوع وطاعة .. لتعرفى مع من تتعاملين..
وتعرفى .. من هو عاصم الهوارى...
صهل سلطان بشكل فجائى.. وقفز واقفاً على قوائمه الخلفية
فتمسك عاصم بلجامه جيداً... حتى لا يسقط بشكل مفاجئ من على صهوته.. لا يعرف ما الذى أجفل سلطان بهذا الشكل ..
لكنه حاول التمسك على قدر الإمكان .. حتى لا ينزلق من على ظهره.. لكن مع تكرار قفزات الفرس الملتاع .. كان لامفر من السقوط أرضاً... لكن لحسن الحظ .. كان خلف الفرس... شجرة قصيرة نسبياً .. ارتطم احد كتفيه بها .. مما
خفف قليلا .. من شدة ارتطامه بالأرض...
ظل لحظات على حاله .. مفترشا العشب .. يلتقط انفاسه المتلاحقة .. نهض فى تثاقل يشعر بالم حارق بأحدى كتفيه... ذاك الكتف الذى ارتطم بالشجرة لحظة سقوطه ..
اطمأن على فرسه الذى سكن تماما بعد نوبة الفزع الغريبة تلك .. والتى اعترته منذ لحظات والتى قد يكون سببها احد الهوام ..كان يأكل بعض الأعشاب التى تطالها رقبته .. وينظر فى بعض الأحيان حيث سقط عاصم يطمئن عليه...
تحامل عاصم على نفسه .. حتى امتطى فرسه من جديد
وآلام كتفه تزداد وجعا... سار سلطان فى اتجاه السراىّ
يحفظ طريقه عن ظهر قلب .. يمشى الهوينى وكأنما يشعر
بألام صديقه... التى أصبحت تزداد مع كل حركة...
وصل حتى أبواب السراىّ فاستقبله الخفير سعيد ملتاعاً .. فأشار اليه بالصمت وان يرسل سلطان للأسطبل ..
وصعد هو فى بطئ .. حتى وصل غرفته... دفع بابها فى عنف .. أجفل زهرة .. كان يترنح متألماً.. لكنها لم تجرؤ ان تتقدم خطوة باتجاهه .. وجدته يتحامل على نفسه .. ويتجه
للحمام فى خطوات يحاول ان يجعلها ثابته قدر استطاعته...
ويغلق الباب خلفه فى عنف ايضا...
تكورت على نفسها فى خوف وقلق ..تنتظر فى اضطراب.
خروجه من الحمام والذى طال بقاءه بداخله .. ترى هل حدث بالداخل ما يسوء .. ربما فقد وعيه .. او .. لم تستكمل
تخيلاتها المضطربة.. فلقد قطعها بخروجه .. وَيَا ليته ما خرج..!!
شهقت بصوت مكتوم... وانكمشت فى اريكتها .. تكاد تزوى عندما طالعها عارياً... إلا من منشفة.. زهرية اللون... تناقض بشرته البرونزية لوناً... يلفها حول خصره... ويسير فى بطء .. يتمختر كأسد مغتر فى وسط غابته.. استدار تجاهها... فتوقفت نبضات قلبها... و..
صرخ فيها .. أجفلها كالعادة .. وانتزعها انتزاعاً .. من خواطرها .. تجاه مظهره الغير متوقع بالمرة ..
-جومى .. شوفى حصل ايه فى كتفى .. !!؟؟
-كتفك !؟؟ .. سألت كالبلهاء .. لا تعرف ما المطلوب منها بالضبط... فأشار بنفاذ صبر .. إلى كتفه...
فنهضت من أريكتها... تتقدم نحوه فى بطء .. كأنما تسير فى حقل ألغام .. تتحسس خطواتها .. مع كل خطوة فى اتجاهه... زفر فى ضيق .. فأسرعت قليلا.. لتقف خلف ظهره البرونزى... المفتول العضلات .. ليطالعها جرح..
وخدوش أعلى الكتف .. وتمتد .. لتشمل حتى أسفل الكتف بقليل...
قالت بصوت متحشرج..:- فى خدوش وجروح على كتفك ..
ولازم تتعالج ..
ابتسم ساخرا :- طب كتر خيرك .. مكنتش عارف من غيرك هعمل ايه... ثم هتف حانقا .. طب ما تعالجيها ..
عِندك الصيدلية فى الحمام شوفى ايه اللى ينفع من الأدوية والمراهم اللى جوه... وعالجي الجرح ..
وبعدين دراعى مش عارف ليه .. فى ألم لما بحركها ..
أقتربت .. أكثر ..لتفحص ذراعه .. وجفلت عندما لامست
بشرته .. وارتفعت نبضات قلبها للضعف .. وهى تتحسس موضع الألم .. كانت تستشعر معاناته التى يخفيها ببراعة..
لكن تشنج جسده .. كان يشى بها .. ويفضحها ..
أبعدت يدها .. لتقول فى صوت متهدج .. دراعك لازم تترد .. واضح انك اتعرضت لصدمة جامدة ..
أجاب فى هدوء بنبرة يخفى الالم بها .. وكأنه يطلب منها كوبا من الشاى...
طيب .. ما ترديها... مستنية ايه .. !؟؟
أنا !!؟؟ .. قالت وهى تفغر فاها .. وعيونها تنظر اليه على اتساعها ..
-انتِ مش داكتورة .. نفذى..
-أنا دكتورة بهايم حضرتك... عادت لطبيعتها المتحفزة .. وهى ترد فى سخرية .. جعلته .. ينظر اليها نظرات نارية..
وفجأة جذبها من ذراعها القريبة منه ..لتنحنى عنوة حتى اصبحت عيونها فى مقابل عينيه القاتمة... يجز على اسنانه .. وأنفاسه الحارقة تخرج فى غضب .. يحاول السيطرة عليه مؤقتا وهو يهمس:-... كلمة زيادة .. وهتشوفى منى اللى عمرك ما كنتِ تتخيليه... نفذى اللى بجولك عليه من سكات .. مع اخر حروف كلماته .. دفعها عنه... ورفع ذراعه متألما فى صمت... ظهر بوضوح على معالم وجهه الذى أربد...
فتناولت ذراعه فى رهبة .. دقات قلبها تكاد تصم أذنيها ..
قالت تنبهه :-... لما أعد لثلاثة هشد دراعك .. بقوة ..
خليك مستعد .. أومأ برأسه فى هدوء ..وجبينه يتفصد عرقا .. ثم حانت اللحظة الحاسمة .. لتجذب ذراعه .. وينتفض هو فى ألم .. يجز على اسنانه... تتلاحق انفاسه... وتصدر عنه أهه ألم .. حاول كبتها... لكنها فلتت من بين شفتيه... غصبا عنه... هدأ قليلاً .. وبدأ فى فتح عيونه .. وألتقاط انفاسه بأنتظام...
دخلت هى للحمام فى سرعة تبحث عن دواء ما ..لتضعه على جروح كتفه... لكنها لم تجد ما هو مناسب ..
خرجت وأخبرته... فقال لها .. ان هناك صيدليه أخرى فى المطبخ... بالدور السفلى .. يمكن ان تبحث فيها... ربما تجد ما يلائم...
اندفعت خارج الغرفة .. تنزل على عجل .. تبحث فى تلك الصيدلية .. بين أدوية مختلفة الاشكال والأحجام... وفجأة
أظلمت الدنيا .. امام ناظريها...
لا .. أرجوك يا ألهى... ليس ثانية .. بدأت ترتجف .. وتنكمش على نفسها... تنتفض فى مكانها .. لا تستطيع حتى الصراخ...
كان هو ممدد على جانبه الأيسر ينتظرها حتى تحضر دواء ما قد يساعد على اخماد تلك النيران التى يشعر بها تجتاح كتفه المصاب.. ولكن فجأة انقطع التيار الكهربائى .. فتذكر رعبها من الظلام... فتحامل على نفسه ناهضاً فى تثاقل... ليخرج متوجها اليها... بأقصى سرعة استطاعها... وصل للمطبخ اخيرا هاتفاً بأسمها .. فوجدها منكمشة
بجوار أحد المقاعد .. انحنى اليها .. يربت على كتفها ..هامساً:- متخافيش .. أنا هنا .. معاكِ..
ما ان سمعت كلماته المشجعة .. حتى رفعت رأسها .. والدموع تغطى وجهها .. ولإزال جسدها متشنجاً..
-تعالى... متخافيش.. قالها .. ماداً كفه اليها .. فتشبثت به
كغريق .. يتشبث بقشة.. وما أن نهضت من موضعها .. حتى اندفعت لأحضانه ترتجف فى شدة.. وتنتفض كعصفور
فى ليلة مطيرة...
ربت على رأسها التى كانت قابعة الأن بين أحضانه ..
وهو يقول فى صوت حاول ان يغلّفه بالسيطرة .. على الرغم من ان هناك شئ ما لم يستطع أخفاءه قد ظهر جليا فى نبراته
شئ قد يشبه الحنان .. هل هذا هوحقاً الحنان الذى يغلف نبرات صوته التى يبثها لمسامعها الان .. محاولا طمأنتها.!؟؟
أهدى... وكله هايبجى تمام .. جسده متصلبا ومتشنجا مثلها تماما لكن لسبب اخر مخالفا لخوفها...
لم يحاول ان يلفها بذراعيه كان يقف كحائط صلب يتلقى
خوفها ومعاناتها على أضلعه ..أحد ذراعيه يأن ألما .. والأخر يأن أسفا لانه لا يستطيع أن يلتف حولها ليشملها بعنايته كما يجب... حاول ان يتحرك ليحضر أحد الكشافات التى يعلم موضعها... لكنها تشبثت به .. فلم يستطع ان يتحرك قيد أنملة..
كان قلقه كله يتمركز حول استيقاظ احد ما ..لينزل ويراهما فى هذا الوضع الغريب... هى ترتجف فى احضانه ..وهو يقف فى مطبخ السرايّ.. لا يستره.. إلا منشفة الحمام...
وأخيراً... جاء الفرج .. ليسطع التيار الكهربائى من جديد...
فيبعدها عنه فى بطء حذّر... قائلا :- خلاص .. افتحى عيونك .. يا زهرة ..تعالى... وأخذ بكفها .. يصعدا لحجرتهما وهى خلفه كالمنومة مغناطيسيا... يمسك بأحد كفيها كطفلة تائهة وبالكف الاخر تتشبث هى بأنبوب أحد المراهم .. التى وجدتها تصلح لعلاج جروحه.. قبل ان ينقطع التيار الكهربائى...
تنهد فى إرهاق وهو يجلسها على حافة الفراش متسائلا فى
هدوء:- أنتِ كويسة دلوجت...
-الحمد لله... أومأت فى بطء... نظر لأنبوب الدهان الذى تحمله .. فأبتسم فى وهن :- هو ده الدوا... سألها فأومأت
فى صمت... هاتِ .. هحاول أدهن لنفسى ..
قالت فى هدوء .. ولازال رأسها مشوشاً -أنا بقيت كويسة... وانت مش ها تعرف توصل لمكان الجرح بنفسك...
أمسكت بكفه تصطحبه حتى جلس على طرف الفراش لتصعده هى .. تستدير لتجلس خلفه .. وتأخذ جزء من الدهان .. لتنشرها على الجرح فى رقة... جعلته يجفل... وتتشنج عضلات جسده .. ويبدأ ذاك الشريان فى صدغه ينبض من جديد فى قوة... فتساءلت عندما لاحظت تشنج عضلاته .. هو بيوجع !!؟؟...
-شوية.. قالها كاذبا... بس عادى كملى ..
-خلصت... قالتها وهى تغلق أنبوب الدهان... ليقف فى تثاقل يلتقط جلبابه من على المشجب القريب ليرتديه... وبعد محاولة فاشلة لم يستطيع فيها تطويع الجلباب ليرتديه بلا ألم... اندفعت زهرة إليه .. لتتناول الجلباب منه .. لتمرره من خلال رأسه .. وخلال ذراعه المصابه .. ببطء.. حتى لا يحركها .. ويشعر بالآلام ..كان يتحاشى نظراتها... وهى تجذب الجلباب على جسده .. لا يعرف لما... انها المرة الأولى... التى يجد نفسه فيها... ينأى بنظراته عن شخص ما ..أى من كان... ليس عاصم الهوارى من يدارى نظراته .. ويخبأها... بل كانت دوما نظراته جريئة.. قاسية... متحدية .. نافذة... لما الأن..!!؟؟..
وأمامها هى بالذات... يحدث دائما ما لايتوقعه... يحدث دائما... للمرة الاولى... والاولى تماما .. دون سابقة تذكر ..
تركته للحظات... ثم عادت .. تحمل أحد الحبوب الدوائية وكوب من الماء .. تقدمهما له ..
-ده مسكّن .. علشان ألم دراعك والجروح ..هيخليك تعرف تنام...
تناولهم فى صمت... وتمدد على الفراش على الجانب السليم من جسده .. يتابعها بنظراته... حتى أطفأت الأنوار... وشعر بها تتمدد على اريكتها ثم قالت :- لو عوزت حاجة... نادينى.. أنا نومى خفيف...
كان يهم بكلمة شكر... لكن لا يعرف لم أطبق فمه عليها ..
ولم ينطقها .. وأخيرا .. راح فى نوم عميق .. متألما ومرهقاً.
حتى هى راحت فى نوم عميق على غير العادة ولكن اثناء تقلبها على اريكتها سمعت همساً جعلها تستفيق... نتفضت جالسة فى مكانها عندما سمعت صوته يناديها... التقطت انفاسها... وأرهفت السمع لعله يناديها من جديد ..
لكنها لم تسمع سوى همهمات بسيطة... فقررت أن تستطلع الامر... قامت من مكانها... تسير على أطراف أصابعها تتلمس طريقها فى الظلام الذى يعم الغرفة... حتى وصلت قرب فراشه .. ولم تسمع الا صوت انفاسه .. قررت العودة لأريكتها... فيبدو انها كانت تحلم... وهى فى منتصف الطريق .. سمعته يهمهم من جديد... ففتحت تلك الاباجورة التى توجد على الجانب الاخر من الفراش... واقتربت منه فى بطء لتجده غارق فى بحر من العرق... اقتربت اكثر وانحنت تضع كفها على جبينه .. لقد كانت حرارته مرتفعة للغاية... استدارت... تتجه للباب .. فإذا به يهزى من جديد.
ينطق اسمها... بأسلوب عجيب... لم تسمعه منه من قبل...
انها نادرا ما تسمع اسمها من بين شفتيه... فهو دوما يناديها
يا دكتورة... او بنت ناجى التهامي خاصة ساعات الغضب .
وكأنه سبة... لم تسمعه ينطق اسمها... الا فى المرتين اللتان كانت خائفة ومرتعبة فيهما... المرة الاخيرة .. كانت منذ ساعات قليلة عندما نزلت لتبحث له عن دواء لجروحه... واحمرت وجنتاها عندما تذكرت كيف اندفعت فى احضانه... تحتمى من رعبها... بين ذراعيه العاريتان.. نفضت عن ذهنها تلك الأفكار... ونظرت اليه... ها هو يهزى من جديد... ماذا تفعل الان... وهو فى تلك الحالة... اتوقظ من بالدار !!؟؟... انها لم تتعد الخامسة صباحا... فلتذهب وتجعل سعيد الخفير يستدعى الطبيب...
اندفعت تنفذ... نزلت فى هدوء للأسفل وخرجت فى خفة ..
تنادى على سعيد الذى ظهر لها كعادته من العدم .. كانت تعتقد ان تلك الخاصية .. ليست الا لعاصم الهوارى ..
عندما يناديه .. لكنه اثبت العكس .. عندما ظهر يفرك بقايا نوم عن عينيه... ويضبط عمامته على رأسه... وهو يقول:- خير يا هانم... تحت امرك ..
-عايزة الدكتور حالاً... روح هاته... من سكات .. مش عايزين نقلق حد ..
-خير يا هانم... عاصم بيه بعافية ..!؟؟.. كان شكله تعبان وهو راجع امبارح بسلطان...
-اه... صح... يا الله مضيعش وقت .. هات الدكتور من تحت الارض .. بسرعة ..
واندفعت داخل السرايّ من جديد .. دخلت حجرتها .. وهى فى يدها .. منشفة نظيفة .. ووعاء به بعض الماء والخل ..
وجلست بقربه .. تقوم بعمل بعض الكمادات الباردة .. لعلها تخفض ولو قليلا من حرارته المرتفعة.. كان بلا حول ولا قوة .. ملامحة هادئة مستكينة... انها المرة الاولى التى تتفرس فيه .. وتنتبه لذاك الأنف الشامخ .. وتلك الجبهة العريضة... والفم الصارم .. والشارب المهذب... والشعر الغزير الحالك السواد...
ملامحه رجولية خشنة... لا تصلح الا لشخص واحد ..
عاصم مهران الهوارى..
تلك الملامح حتى مع استكانتها .. تنبئ بالخوف .. والرهبة.. انها تتعجب انه مرض كبنى البشر .. وها هو يتألم ويعانى... تسألت فى تعجب ..وهل يمرض الغول .!!؟؟.. ظنت ان حتى المرض يهابه .. لكنها كانت مخطئة .. فها هو يرقد .. بلا حراك.. انه حتى يهزى .. وينطق باسمها .. مرارا وتكرارا .. انها تسمعه الان .. ينطقه .. كأنها لم تسمع اسمها يُنطق من قبل...
-متخافيش .. انا جنبك .. متخافيش... بدأ يزداد هزيانه.. وها هو يتذكر .. ما حدث بالأمس عندما لحق بها .. وهى تبحث عن دواءه... لماذا تأخر الطبيب... لمعت الدموع فى عيونها... وهى تتنبه... كيف لحق بها رغم ألمه .. هل تذكر ساعتها مدى خوفها من الظلام .. لقد تحامل على نفسه .. رغم معاناته ليلحق بها ولا يتركها وحيدة .. تعانى ازمتها مع العتمة التى ترهبها... هل يمكن ان يكون للغول قلب!!؟؟...
سمعت طرقات على الباب .. ليستأذن الطبيب ويدخل... وينتظر سعيد الخفير على باب الغرفة...
ألقى الطبيب التحية على زهرة واندفع ليفحص عاصم فى هدوء .. قالت زهرة .. بعد فترة صمت .. رجع امبارح تعبان وعلى كتفه جروح وخدوش... ودراعه مخلوع .. عملت اللى قدرت عليه .. ورديت دراعه... واخد مسكّن ونام ومرضيش يبعت لحضرتك .. هز الطبيب رأسه تفهماً... وطلب مقص... فأحضرته زهرة على الفور... فبدأ يقص جلباب عصام من الجانب المصاب فى جسده... واستطاع ان يدير جسد عاصم بمساعدتها... حتى يتفحص الجرح والخدوش الموجودة على كتفه الأيمن... وفحص ذراعه المردودة... وقام باللازم... وعندما انتهى كتب الدواء ..
مع التأكيد على الراحة .. والغذاء .. وعدم تحريك ذراعه المصابة لبضع ايام .. ووضع لتلك الذراع حمالة لتظل محمولة بها بواسطة الرقبة...
-لو فى اى حاجة .. ابعتيلى يا مدام زهرة .. فى اى وقت .. تحت امركم... وانا هزوره اطمن عليه .. كمان يومين ..
-متشكرين جدا .. يا دكتور تعبينك معانا .. وتشرفنا فى اى وقت... مع الدكتور يا سعيد .. قالتها للخفير المرابط على الباب .. وخد هات الدوا ده معاك من اى صيدلية تلاقيها فاتحة ..وأنت راجع...
اغلقت باب الغرفة... ونظرت من جديد لذاك المسجى بلا حراك... بدأت حرارته فى العودة لطبيعتها .. وبدأت انفاسه فى الانتظام من جديد... حتى الهلاوس اختفت اخيرا... وتوقف عن النداء بأسمها .. بتلك الطريقة التى كانت توترها... لا تعرف لماذا... !!؟؟..لابد من ان تبدل له جلبابه الممزق ذاك... وتستبدله بقميص يسهل عليها مهمة وضع الدهانات على الجروح فى كتفه... وتبديل الشراشف ايضا ..
ليس الان بالطبع .. عندما يستفيق قليلا .. يمكنها فعل ذلك .. الان عليها اعداد بعض الحساء لأجله .. حتى يستطيع تناول تلك الأدوية التى نصح بها الطبيب مع تغذية كاملة..
نزلت للمطبخ بعد ما تأكدت من انه افضل قليلا ..
بدأت فى اعداد بعض الحساء .. لتفاجأ بأم سعيد تدخل متعجبة... خير يا زهرة هانم .. البيه بخير دلوجت ..!!؟
لم تكن زهرة فى حاجة للسؤال كيف عرفت ذلك .. فمن المؤكد ان سعيد اخبرها وهو فى طريقه لجلب الدواء
-الحمد لله .. حاجة بسيطة وها يبقى كويس باْذن الله .. بصى انا خلصت شوربة الخضار... علشان تبدأى انتِ فى الفطار للجماعة .. متخضيهمش محدش يعرف حاجة .. تمام
-تمام يا هانم ..
حملت زهرة صحن الحساء وتوجهت للغرفة .. فتحت الباب .. لتفاجأ به ينهض بتثاقل من فراشه .. فاندفعت تضع الحساء على اقرب طاولة .. لتستدير اليه... فى اللحظة الحاسمة .. لتتلقفه بين ذراعيها... كان يترنح كالمخمور .. ويعافر ليقف فى ثبات .. يستند بذراعه الأيسر على خزانة الملابس .. التى كان جسد زهرة ينحشر بينها وبين جسده الذى يلقى بثقله عليها...
-رايح فين ؟!!!..سألت بصوت مكتوم لحملها لثقل جسده ..انت تعبان .. الدكتور قال لازم الراحة... قالتها وهى تضغط على أسنانها .. تتحمل ثقل وزنه على كتفيها...
رفع رأسه التى كانت ملقاه على كتفيها فى تثاقل .. وهو ينظر الى عيونها الان .. قائلاً بلهجة حاول ان يودعها ما يستطيع من قوة :- أنا مش تعبان .. أنا شديد .. شديد جووووى... مع كلمته الاخيرة التى أودعها ما تبقى من قوة.. ترنح بشدة ليسقط على الفراش من خلفه .. ويسحبها معه.. لتسقط فوقه تقريبا... بين ذراعه اليسرى وصدره..
لابد انه بدأ يهزى .. انه ينادى باسمها بتلك الطريقة التى توترها .. وتشنجت أعصابها .. لانها ادركت ان حرارته عادية .. وهو لا يهزى كما اعتقدت .. لانه ضمها اكثر لصدره بيسراه... لماذا تشعر الان بتهديد خطر يدب فى أوصالها.!؟ .. حاولت النهوض .. لكن يده أعادتها بقوة .. لترتطم من جديد بصدره .. وتقابل عيون قاتمة يغشاها الإرهاق... هو الداكتور كان هنا!!؟؟... سأل فى ريبة...
هزت رأسها بنعم... غير قادرة على الرد .. وفجأة انقلب الوضع.. فقد نهض بشكل مفاجئ رغم ألمه متحاملا على ذراعه اليسرى.. لتصبح هى على الفراش ويطل هو عليها من علياءه... ينظر لها بحنق بالغ... متطلعاً لعباءتها الحريرية ذات اللون الوردي الناعم... ثم يعود مركزاً نظراته عليها وهو يهمس جازا على اسنانه فى غضب لا يستطيع إظهاره فى نبرات صوته .. بسبب تعبه لكنه طل جلياً من نظرات عينيه :- وجابلتيه بالعباية دى!؟؟.ووجفتى تخدى وتدى معاه فى الكلام طبعااا.. وانا مدريانش بحاچة...
حاولت ان تنطق بحرف واحد لكن نظراته النارية القاتمة وفحيح كلماته جعلها تتلعثم وهى تقول .. لا.. ما .. أصل..
واخيرا نطقت مبررة:- هى فيها ايه العباية !!؟.. ما هى محتشمة اهى... !!؟؟..
-اللون ده .. متجبليش بيه الرجالة.. قالها فى غضب .. هو الأسود والكحلى والبنى المسموح بيهم.. للخروج برا باب السرايا... غير كده لاه...
-ليه ..!!... هو .. وبدأت فى الاعتراض .. والتذمر الا ان نظراته أخرستها... وبدأت تنسحب تدريجيا .. حتى تنهض من الفراش مبتعدة... وتؤجل الحديث عن الألوان المسموحة .. حتى يتعافى... لانه بدأ مرة اخرى فى الترنح .. ليعود ليتسلقى من جديد على ظهره .. وكأنه استنفز قواه جميعها فى محادثتهما...
-أنت كويس !!؟؟..قالتها وهى تقترب وتطل عليه... ليومئ برأسه ويسحب جسده ببطء... ليعود لموضعه الاول مستندا برأسه على وسادة صغيرة.. خلف ظهره..
-لازم تاكل... الدكتور قال التغذية مهمة... وأحضرت له الحساء... لتضعه على الطاولة بجوار الفراش... وتعدل من الوسادة خلف ظهره...
-ماليش نفس .. قالها فى عدم اهتمام...
-لا لازم تاكل علشان الدوا... انت هاتعمل ذى العيال الصغيرة ولا ايه... نطقت كلماتها الاخيرة بعفوية شديدة..
لكنه هتف فى عدم تصديق :-... عيال صغيرة... !!؟؟؟...
تنبهت لفداحة كلماتها... فحاولت تصليح خطأها بسرعة.. -اقصد يعنى... لازم تاكل علشان الدوا محتاج تغذية دى كلام الدكتور .. ووضعت صينية الطعام فى حجره... وجلست على حافة الفراش تكاد تقع أرضاً... وهو لا يريد ان يتزحزح قيد انملة للداخل .. ليفسح لها مكانا مناسبا للجلوس همت برفع الملعقة لفمه . حين هتف ساخراً:-... هتأكلينى زى العيال الصغيرة!!؟؟.. اضطربت .. وكادت ان تسقط الملعقة بما فيها من حساء... لكنها أجابت مقنعة أياه :-أيدك اليمين مش لازم تحركها... الدكتور قال كده...
هتاكل ازاى !!؟؟..
استلم منها الملعقة مترفعاً وهو يقول :-.. هاكل بيدى الشمال ..مش جصة يعنى...
قامت من مكانها... وتركته يحاول تناول طعامه... راقبته وهى تبتعد... يأكل ملعقة بالكاد ويسقط عشرة... انفجرت ضاحكة... لم تستطع ان تكتم ضحكاتها... ها هو الأن يشبه الاطفال وهم يحاولون الامساك بالملعقة وإطعام أنفسهم للمرة الاولى... نظر لضحكاتها الصافية... انها المرة الاولى التى يسمع فيها ضحكاتها... لم يراها الا متحفزة متنمرة ..
طال تطلعه اليها وهى تبتسم فى عفوية .. حتى شعرت بأحراج من نظراته المتفحصة... فاستدارت تنأى بوجهها بعيدا عنه... فناداها... بنفس الطريقة التى توترها... فاستدارت اليه فى هدوء... تطلعت تستفهم ما يريد ..
فمد الملعقة... ولم يتكلم... فهمت انه يريدها ان تكمل اداء المهمة التى لم يشأ ان تكملها... عادت لمكانها بجواره.. وهذه المرة حولت ان تسحب كرسى لتجلس عليه... لكنه ابعد قدميه قليلا.. وأشار لها أين يجب ان تجلس...
جلست فى هدوء وتناولت الملعقة فقال :- مكنتش حاسس انى جعان .. بس الشوربة طعمها وريحتها يفتح النفس .. اول مرة ام سعيد تعمل شوربة عدلة كده... ابتسمت ولم تعقب... ورفعت الملعقة الاولى لفمه... فتلاقت أعينهما ..
تماسكت على قدر استطاعتها حتى لا يظهر إضطرابها على ارتعاش يديها التى تحمل الملعقة .. ومع الملعقة الثالثة.. بدأت تنهار أعصابها .. من جراء تفحص تلك النظرات الفحمية... واخيرا جاءتها النجدة.. على هيئة طرقات متتابعة على الباب .. استأذن صاحبها للدخول .. فإذا بها الحاجة فضيلة .. تدخل مهرولة .. مذعورة على ولدها .. ما ان رأت زهرة تطعمه .. حتى ابتسمت فى خبث .. وهى تقول :- ده انت الحمد لله بجيت كويس اهو .. دى انا اتخلعت عليك يا ولدى... بس طالما زهرة جمبك... أنا مطمنة... اكتسى وجه زهرة بالحمرة خجلا .. وتطلع هو لأمه متعجبا كالعادة كلما رأها تمدح فيها...
اقتربت الحاجة فضيلة تربت على كتف زهرة .. وتقول فى مودة :- ربنا يبارك لك يا بتى .. شكلك منمتيش طوول الليل .. ام سعيد جالتلى انها دخلت عَلَيْكِ المطبخ لجيتك بتعملى شوربة لعاصم... تسلم يدك ويسلم تعبك .. نظر لها من جديد... فوجدها تدارى عينيها عنه خجلا...
اسيبك تكمل أكلك .. توجهت بكلامها لعاصم... واروح اوصيلك على غدا محترم ترم بيه عضمك..
وانصرفت وأغلقت الباب خلفها .. فى هدوء وهى تتطلع لهما فى حبور... وعادت النظرات تتلاقى من جديد ..
خرجت من الغرفة بعد ان اطمأنت على تناوله دواءه وانه راح فى نوم عميق... على الرغم من عدم نومها الليلة الماضية الا سويعات قليلة لا تتعدى أصابع اليد الواحدة الا انها لاتشعر بالنعاس... فاخذت رواية كانت قد استعارتها من سهام... التى بدأت تختفى فترات طويلة فى غرفتها .. وتميل للعزلة لا تعرف لما... نزلت للحديقة... تجلس فى ظل أشجار المانجو الوارفة على الأرائك المريحة .. لتبدأ فى القراءة... لكن لا تركيز لديها... فتركيزها بأكمله .. يتجه لوجهة واحدة...
تجاه ذاك الذى يقبع مريضا .. فى غرفته بالأعلى... لا تعرف كيف تفسر ما يحدث لهما .. وبينهما... هناك شرارات ما تتولد من قربهما .. لماذا تنتفض عندما ينظر اليها تلك النظرات المتقدة المتفحصة .. ولما تتوتر .. وتتشنج أعصابها .. عندما يناديها بأسمها بطريقة... تجعلها ترتجف داخليا .. متمنية بان ينطقه دوما ولا يتوقف... ان ما بينهما أشبه بحبل مطاطى مشدود احيانا ومرتخ احيانا اخرى... وما بين جذب وشد تمضى علاقتهما العجيبة... هى تكرهه ..أكدت لنفسها .. ولكن هل تلك الأحاسيس العجيبة التى تعتريها فى غيابه قبل حضوره .. هى مشاعر كراهية..!!؟؟..
بجانب ذلك الحاجة فضيلة وعلاقتها العجيبة بها .. والتى تثير دهشتها... هى تعرف مدى كرهها لأبيها ورغبتها فى الانتقام منه .. من خلالها .. فكيف تعاملها بذلك الشكل الرائع..!!؟؟ وذاك الثناء الذى لا ينقطع !!؟؟... وحنيتها التى لم تجدها من امها نفسها ..!!؟؟.. قامت تتمشى قليلا لعلها تهدأ من ذاك السيل من الافكار والخواطر الذى يداهم عقلها... كانت تقف الان امام بستان من الريحان .. قطفت بعضه..
تستنشقه لعله يعيد لها هدوء روحها وصفاء نفسها... وعادت لتجلس من جديد تفتح كتابها لعلها تنسى افكارها وخواطرها قليلا بين صفحاته .. لم تكن تدرك ان هناك اعين قاتمة تراقبها من عليائها.. تطل عليها من شرفة حجرتهما... تداهمه نفس الافكار وتقض مضجعه نفس الخواطر .. وقف يتابعها بنظراته .. ويتذكر ما قامت به لأجله .. واخيرا قرر النزول اليها .. لا يعرف لما بدأ يستطيب البقاء بقربها ..!!؟؟
ويشعر برغبة ملحة فى استفزازها... والشعور بمتعة عجيبة .. عندما تناطحه .. وترفض وصايته .. وتتمرد على اوامره ..كانت قد بدأت فى المطالعة حين وجدت ظل شخص ما يحجب عنها ضوء الشمس الذى كان يصلها عبر الأغصان .. فرفعت رأسها .. لتفاجأ بسليم .. بن عّم زوجها .. وأخو سمية .. تلك العقربة التى لا تستسيغ صحبتها... كانت لا تستشعر الراحة فى وجود سليم .. دائما ما كانت نظراته فاسقة .. لا تحمل اى قدر من الاحترام لكونها زوجة بن عمه.. انها لا ترتاح لذاك الرجل .. همت بالنهوض ..
ليهتف فى سماجة..:- واااااه يا داكتورة.. اذا حضرت الشياطين ولا ايه... !!؟؟..
-لا ابدا... دى انا افتكرت حاجة مهمة نسيت أعملها .. اتفضل ده بيتك... قالت كلماتها بنبرة رسمية ..
فى تلك اللحظة ظهر عاصم على الدرج متوجها ناحيتها .. وقد فوجئ برؤية سليم يقف معها يتسامر .. اندفع بعنف
ناحيتهما .. حتى وصل إليهما فى اقل من خطوتين واسعتين ..ليهتف فى كل الحنق والضيق .. الذى يحمله فى صدره ..
موجها حديثه لزهرة... انتِ ايه اللى منزلك هِنا.. ومجعدك فى مجعد الرجالة... اتفضلى على جوة... نظرت فى ضيق له .. ارادت ان ترد .. لكن نظراته النارية حذرتها من مجرد المحاولة .. فأندفعت فى غضب لداخل السراىّ... ليهتف سليم فى فخر مصطنع :- طول عمرك حمش يا واد عمى...
-خير يا سليم... ايه جابك بدرى كيده.!!؟؟... سأل عاصم بنفاذ صبر..
-ابدا .. سمعت انك تعبان .. جلت اجى أطمن .. واشوفكم يمكن محتاجين حاجة ..
-تسلم... شيلينك لعوزة كبيرة .. انا بجيت تمام .. هى دراعى بس محتاجة راحة .. وها تبجى بخير باْذن الله...
-طب تمام... قالها سليم بنبرة محبطة وهو يكمل .. المهم اننا اطمنا عليك... اسيبك ترتاح...
-متشكرين على سؤالك وسلامى لمرت عمى وسمية...
-يوصل باْذن الله...
وخرج من السراىّ... وهو يزفر فى ضيق .. فقد توقع ان يجده بلا حراك .. لكنه قط بتسع ارواح... هكذا هتف سليم فى داخله حقدا...