قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية مملكة الأسد للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثاني

رواية مملكة الأسد للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثاني

رواية مملكة الأسد للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثاني

صدر من فنار شهقة عالية وهي تبتعد خطوة عن حليمة التي لمعت عيناها بغضبٍ جم، ثم قالت وهي على وشك البكاء:
سيدي، أنا، فنار، هل نسيت؟، لقد أمرتني بأخذ المانجو حاول أن تتذكر بالله!
ولم تستطع التحدث ثانية حتى هوت أمها بصفعة من ظهر يدها على صدغها جعلتها تنتفض على إثرها، وصاحت بها:
أيقنتِ أنكِ كاذبة؟
حينها تدخل الملك تيم وقد صدم من فعلة والدتها وقال:.

توقفي، الآن تذكرت يا حليمة، نعم أنا من أمرتها، إبنتك لا تكذب ولم تسرق، لا تضربيها.
سيدي الملك تيم أنت متأكد من قولك؟
قال وهو ينظر بشفقة إلى فنار التي انهمرت من عينيها بحار من العبرات:
نعم متأكد، عذرًا لقد نسيت، لا تضربيها مرة ثانية
أرأيتِ يا أمي؟، هل صدقتي الآن!
قالتها فنار منتحبة وراحت ترمق الملك بعتاب استشفه هو على الفور، فقال وقد رفع حاجب:
ما رأيك تأخذي من المانجو كيف تشائي كتعويض عن صفعة أمك؟

اغتاظت من كلماته لكنها لم تظهر ذلك ونكست رأسها للأسفل وواصلت بكاؤها في صمت، فقالت حليمة وهي تجذبها من يدها في هدوء:
نعتذر لك يا سيدي، لقد ازعجناك مؤكداً، لكني كنت أود أن أتأكد من صحة كلام ابنتي، فلا أملك من الدنيا سواها ولا أريدها كاذبة أو سارقة والآن اطمئن قلبي فشكراً لك.
هز رأسه مبتسما في هدوء، فاستدارت حليمة بصحبة ابنتها تمشي عائدة إلى دارها، فوقف تيم يؤنب نفسه وهو يتحدث إلى نفسه:.

يبدو أنني ألمت قلب السمراء!

لا تحزني يا فنار، توقفي عن البكاء.
هكذا تحدثت السيدة حليمة وهي تربت على كتف ابنتها في حنوٍ، بينما تواصل بنبرة حنون:
لم أكن أتخيل أن الملك ذاته يحدثك من الأساس، لذا لم أصدقك يا فنار
انضمت أيريس إلى جلستهما وقالت برفقٍ:
فنار لا يمكن أن تسرق أو تكذب يا أمي هكذا علمتيها وعلمتيني، هي حزينة لأنك لم تثقين بها.
أنا أراضيها أمامك وهي برأس حجر، لم تنظر إليّ.

لقد ضربتيني أمام الملك يا أمي، حتى لم تنتظرِ إلى أن نعود لدارنا!
أردفت فنار بتلك الكلمات من بين بكاؤها، فتابعت حليمة وهي تبتسم بمودة:
أنا أخطأت هل لي من غفران يا فنار؟
نظرت لها بطرف عينها مبتسمة، ثم نهضت مندفعة إلى أحضانها قائلة بمرح:
عانقيني إذن لأسامحك!
ضحكت حليمة بصوتٍ عالِ وهي تضم ابنتها إلى صدرها وقد تحدثت:.

ما أجمل قلبك يا فنار، انتِ طيبة متسامحة، أسأل الله أن يرزقك بمن يحافظ على قلبك وأن يغمر قلبك بالسعادة الدائمة.
أكملي يا أمي الدعوة، أن يكون جميل كجمال الملك تيم!
قهقهت ضاحكة وأخبرتها:
يكفي أن يكون بأخلاقه يا فتاة.

جلنار، حمد لله على سلامتك يا حبيبتي.
نطقت قسمت بهذه الجملة وهي تحتضن ابنتها التي أتت لتوها من رحلتها، فردت عليها بصوتها الرقيق:
اشتاقت لك يا أمي، كيف حالك؟
بخير، هل انتِ بخير؟
نعم، أين تيم؟
داخل حجرة عمله!
أومأت جلنار برأسها في رقة ومضت صوب حجرة أخيها تتغنج في خطواتها وتهتز خصلاتها الناعمة الصفراء!، فُتح لها الباب على مصرعيه وانحنى الجميع لها تحية وتقدير، ودخلت تبتسم باتساع وهي تقول بمرح:.

سيدي الملك، اشتاقت لك
رفع تيم رأسه وقد بادلها الابتسامة ثم نهض يقول في حنان:
مرحبا بأميرتي الجميلة
وفتح لها ذراعاه فاندفعت إليه تعانقه، مسح على شعرها الطويل وهو يقول:
الآن أضاء البيت، لقد كان ظلام في غيابك، هل كانت رحلتك سعيدة؟
شردت عيناها قليلًا وتوردت وجنتيها بشدة فيما تخبره بهيام:
نعم كانت رائعة للغاية
نظر لها مطولًا في حين قال:
هل هناك شيء لا يعلمه تيم يا جلنار؟
توترت جلنار ثم قالت تحاول إلهائه:.

لا أخي، سأتركك لعملك وأصعد إلى غرفتي.
مضت في طريقها إلى الخارج تاركة إياه يتابعها بعينيه، بينما يحدث نفسه باتزان:
هناك خطب ما، جلنار تخفي عنّي شيء!

وراء صخرة ضخمة الحجم ب مملكة الأسد حيث تبتعد عن الأراضي الخضراء بمسافة بعيدة إلى حدٍ، تكسوها الرمال وتحاوطها وذاك المكان يخلو من الناس!، كانت تجلس أيريس بصحبة محروس حبيبها، الذي أحبته لمدة عام مضى، ترى به من العيوب كُثر لكنها تحاول معالجة تلك العيوب من أجلها وأجله وأن لا يتألم الفؤاد!
قلت لكِ يا أيريس سأحاول أن لا أحتسي الخمر مجددًا، هل لكِ أن تكفي عن الثرثرة الآن يا أيريس؟

أومأت برأسها في طاعةٍ تامة وقالت تحاول تهدئته:
حسنا حبيبي، لن أزعجك مرة ثانية، هل أخبرتك بما فعلته فنار؟
اختتمت جملتها بضحكة مرحة، ثم تابعت حديثها:
لقد أعطاها الملك ذاته ثمرات من المانجو لكن أمي لم تصدقها وأشبعتها ضربا، المسكينة ظنتها أمي سرقتهم.
ضحك محروس بإيجاز بينما يسألها بعدم اهتمام:
وماذا فعلت بعد ذلك؟

ذهبت أمي إلى الملك وسألته إن كان بالفعل أعطاها أم أن فنار تكذب، ولم تصدق ما فعل الملك، كان يمزح مع أمي وقال لها أنه لم يرَها من قبل، والمسكينة فنار تلقت صفعة قوية من أمي.
أيعقل يا أيريس؟، الملك يمزح مع أمك مع بائعة التوت، قولي حديث غير هذا لأجل أن أصدقك.
أقسم لك هذا حدث، هذا الملك يا محروس متواضع للغاية وطيب لم نرَ مثله.
ثم تابعت ضاحكة بشدة:
المجنونة فنار، تريد زوج مثله كجماله وأخلاقه.

فضحك يشاركها المزاح:
فعلًا مجنونة أولا لا يوجد مثل الملك، وإن وجد فلن ينظر إلى سمراء فقيرة أمها تبيع التوت، يا لها من مخبولة!

صوت الضوضاء بالخارج أزعجه بشدة وعكر صفوه، يبدو أن هناك شجار ما حدث!
يا سليمان!، ما الذي يحدث بالخارج؟
انحنى سليمان له مع قوله المهذب:
سيدي هناك فتاتان تشاجرتان معا، وواحدة منهما جرحت الأخرى وقد أتت لتشتكي إلى مولاك.
رفع حاجبيه مندهشا ثم قال بصيغة آمرة:
احضر الإثنتين إلى هنا.

انصرف سليمان وحضر بعد دقائق ومعه الفتاتان، وقفت الفتاة تبكي وتتوسل، ووقفت فنار إلى الجهة الأخرى ترتجف خوفا وتنظر إلى الأرض في صمت، وما لبثت أن بكت حين سمعت صوته الجهوري يقول:
يبدو أنكِ يا فنار تُصري على السجن الانفرادي!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة