رواية ملاذي للكاتبة دينا ابراهيم الفصل الثالث
سمع صوت خطواتها الرقيقة فرمقها بطرف عينيه وجدها لاتزال ترتدي فستانها وتتجه الي بعض الاوزان في الارض، عقد حاجبيه على غباءه فقد نسي حقيبتها في السيارة ولم يدخلها...
النسيان عاده يكرها ولم يعتادها ولكن منذ ان اقتحمت حياته من جديد واصبحت عاده ملازمه له...
نسي تمارينه وتوقف وهو يراها تجثو وتنظر الي الاوزان وكأنها قطعه من الذهب...
ابتسم رغما عنه عندما حاولت بصعوبة رفع اصغرهم الذي لا يتعدى الكيلو جرام من الارض...
-ده ميعديش كيلو، انتي عضلات ايدك ضعيفة اوي كده!
احمر وجهها على فضولها وتركت الوزن بحرج فقد ظهرت ضعيفة للغاية امامه الان...
-طول عمري نفسي اروح الجيم بس مكنش عندي وقت!..
رفضت ان تخبره بانها لم تكن تملك المال لمثل هذه الرفاهية فعائلتها البديلة كانت بسيطة للغاية ولم تكن لتضغط عليهم وهم الذين يغرقوها محبه و حاولوا ان يحققوا كل ما قد تطالب به يوما دون ان تفتح فاهها...
وقف من الارض لتري بوضوح انه بدون قميص فقط سروال رياضي ليزداد خجلها اضعاف وتتسع عيونها بصدمه...
زادت دقات قلبها وخفقاته وهي تحاول ابعاد عيونها المتفحصة عن صدره العريض...
ولكنها ظلت تتابعه عندما اعطاها ظهره ليمسح جسده بمنشفه قبل ان ينظر لها قابضا عليها تطالعه وكأنها تري جسد رجل لأول مره...
انتفخ صدره من هذا التفكير و كبرياء رجوليته يأبي التفكير بانها رأت احد قبله، بلل شفتيه ليردف...
-الجيم عندك، تقدري تتدربي الوقت اللي عايزاه...
دارت عجله تفكيرها سريعا وهي تحاول استغلال كلماته لتردف بخجل وهي تنظر الي الارض و تبعد نظراتها عن جسده...
-لا مش لازم اصل مش هعرف اتدرب لوحدي، انا اكيد هبقي عايزة اتدرب مع مدرب، انا اشترك مع مدرب في الجيم احسن!..
بلل شفتيه ليردف بهدوء وهو يستدير ويبحث عن التيشرت الخاص به رافضا تماما فكره المدرب ورجل اخر يدخل حياتها...
-تقدري تتمرني معايا، هبقي اساعدك...
قامت بحركة راقصه من فرط حماستها ونجاح خطتها لإيقاعه لتقول وهي تكبت ابتسامتها الواسعة
-مكنتش عايزة اعطلك!، احم شكرا بجد هنبدأ امتي؟!
تلك السعاده والحماسة التي تحاول اخفاءها في نبرتها انطلقت كالسهام الي قلبه .
التفت نحوها يطالع ابتسامتها الخفيفة التي تنير وجهها الذي يعشق ملامحه...
كاد يردها اليها عندما انتبه لعدم ارتدائها احجاب و لاحظ خصلات شعرها العسليه تقع على كتفها كأمواج!..
لطالما عشق خصلات شعرها البنية كوجهه القهوة في الفنجان خاصته، اختفت ابتسامتها تدريجيا لتعض على شفاها السفليه بخجل عندما رأته يتفحصها وينظر لها بعيونه الجريئة الحادة بما يشبه الشوق وشئ اخر تخجل من تفسيره؟!.
خفق قلبها بجنون عندما رأته يتجه نحوها بهدوء وخفه...
عادت خطوة الي الوراء وهي تمسك طرفي فستانها بقبضتيها واطرقت رأسها الي الارض تحاول تنظيم تنفسها حتى لا تخجل نفسها اكثر...
ابتعدت خطوتين وهي تراه يتقدم منها بلا كلل ليحمر كل وجهها بتوتر و قله الهواء الذي يرفض الدخول الي رئتيها...
التصقت بالحائط فاتسعت عيناها وهي تراه يتقدم حتى وقف امامها مباشرا لتصل رائحته الرجولية الي انفها والتي عملت كمخدر لعقلها...
هل مهمتها بتلك السهوله ؛ ايخضع لها من اول يوم؟!
اطرقت برأسها اكثر وهي تغمض عينيها بشده عندما مال برأسه نحوها...
رفع عينيه الي التي شيرت المعلق خلفها وابتسم يطالع جفونها المغلقة بشده...
سمح لنفسه بأن يقرب انفه من شعرها المموج يلامسه برقه و يستنشق عبق عطرها الخلاب بينما يرفع ذراعه لجذب ملابسه...
شعرت بشيء يسحب من خلفها و هي تستند على الحائط ؛ فتحت احدي عيونها بتساؤل لتجد صدره العاري في وجهها وذراعه يجذب قطعه ملابس كانت تسند عليها من خلفها...
فتحت كلتا عيونها واحمر وجهها اكثر ولكن هذه المرة من الاحراج فقد ظنت انه سيقبلها؟!
جزت على اسنانها عندما ابتعد 3 خطوات وهو يرتدي ملابسه بإهمال وكأن شئ لم يكن وقربها لا يؤثر به كما يؤثر قربه بها...
ابتعدت بحنق عن الجدار بعد ان اخجلت نفسها ووقفت كالغبية تنتظر قبلته، كيف يجرء هذا المتعجرف لن يتغير ابدا!..
اسرعت بخطوات شبه متدبدبه تخرج من امامه، بينما زفر وهو يشعر بسيطرته تتهاوي امامها فقد كان على وشك رمي كل مخاوفه بعرض الحائط وتقبيلها!
يعلم ان القدر يهوي تعذيبه بأعادها اليه ولكنه لا يجد في قلبه ذره كره او بغض لظهورها في حياته مره اخري!
فلاش باك منذ شهرين و نصف...
خفق قلبه بشده وبطئ متناقضان للحظات، هل يراها بالفعل؟ ماذا اتي بها الي هنا؟ ايحلم مجددا اعفت عنه كوابيسه لتحل محلها احلام لا يجروء على تمنيها!
ظلت عيونه تتابع كل حركة وارتعاشه توتر صغيرة من جسدها الضئيل وهو يرسم ملامحها بعينيه يروى فيها ظمأ سنوات حاكله مريرة بدونها...
علت انفاسه كالمراهق واغمض عينيه مرة واثنتان و وصل به الامر ان يهز رأسه حتى يستفيق...
تبا مازالت امامه! هي بالفعل هنا!
لماذا حضرت الي شركة والده الخاصة بالحراسة ما حاجتها لها، هل حياتها بخطر هل اعمته حاجته عن حاجتها؟!
ام انها...!
توقف تفكيره و شعر بدقات قلبه في رأسه كالطبول، مجرد التفكير باحتماليه مجيئها من اجله وبحثها عنه يجعله شبه فاقد للوعي...
زفر بحنق يناجي رباطة جأشه انه يمارس وظيفته وفي وقت عمله هذا خطأ صغير يكلفه حياة من كلفه لحمايته ومن كلفه ليس اي شخص!
انه والده الذي سيؤدي تيهه و ضلاله تفكيره الي ايذاءه، عبس ونظر امامه محاولا تفادي النظر لها ومتجاهلا وجودها ودقات قلبه المتعالية معها كذلك...
مناشدا عقله بالرجوع الي الخلف قليلا وتذكر ما اكد عليه والده بضرورة اتباعه لمن يدخل من ذلك الباب الي مكتبه!..
الامر الذي حتم عليه وقوفه خارج باب مكتب والده المطل على غرفه السكرتير والملحقة بمكتب خشبي خاص به كقائد الحرس ومرافق والده اللواء السابق ماجد الشناوي وصاحب اكبر شركة للحراسة متعاقدة مع الجمهورية ومجهزه من امهر وافضل ضباط الحراسات الخاصة والمختصين!
ماهي الا لحظات حتى دلف رجل ومعه 3 حراس، وقف سكرتير والده (عبد الرحمن ) سريعا وتوجه نحوه يصافحه...
اردف عبد الرحمن بملامح محترفه...
-اهلا يافندم ماجد باشا مستني حضرتك ومنبه انك تدخل فورا...
ابتسم الرجل التي اظهرت عنجهته مكانته كعضو مهم في البلد واردف...
-اهلا بيك، تمام تمام انا محتاج اتواصل معاه فورا...
وبدون كلمه اكثر توجه الرجل للدخول، شعر محمد بألفه ملامحه لابد انه رءاه مره او اثنتان في مكان ما او ربما صورته في جريدة!
بالتأكيد هو رجل اعمال كبير او احد شاغلي الوظائف العليا في الدولة...
رفع محمد كفه بحزم وملامح جامده يوقف تقدمهم ليردف بجديه...
-ممنوع تدخل بالحراسه يافندم، حضرتك تقدر تاخد واحد بس...
هز الرجل رأسه واشار لحارس يضاعف حجمه مرتين ويبدو اجنبي الجنسية للدخول معه ولكنه لم يهدد ثقته للحظه في قدرته على اخضاع المسكين في لمح البصر...
دلف محمد امامهم واشار لهم باتباعه...
تنفست جميله الصعداء و مسحت العرق على وجهها اخيرا ابتعد عنها بعيونه المراقبه...
منذ ان خطي بقدمه خارج مكتب المدير وهو يحملق ويتابعها بعينيه بشكل اربكها واجج داخلها يبدو انه الحارس الشخصي للمدير ويبدو ايضا انها ستراه كثيرا!..
لمحته مره واحده فقط والتقت عيناهم وكانت تلك اللمحة كفيله بان تخضع عيناها الي الارض وهي تستشعر نظراته تخترقها من كل جانب، اتاها صوت عبد الرحمن في هذه اللحظه...
-جميله تقدري تقعدي على المكتب اللي هناك ده هيبقي بتاعك متقفيش فوق راسي كده انتي مساعده سكرتير مش الوصي عليا!
خجلت من تعليقه وشعرت بسخافتها فأردفت بخفوت...
-اه حاضر انا اسفه اصل مكنتش عارفه اعمل ايه!
-ولا يهمك طبيعي تبقي متوترة ده اول يوم ليكي، بس انا بقولك اهوه مفيش داعي انتي بنوته كويسه و ذكيه وهتستمري معانا ان شاء الله...
ابتسمت له بخجل على المديح التي لا تعتده كثيرا، فاخر عمل لها علم صاحب العمل بانها من دار للايتام وحاول التحرش بها وعندما اعترضت قال لها بكل برود ؛ انها ابنه حرام فلما الظهور كالعفيفه، هزت رأسها تبعد افكارها عن لك الحقير واردفت...
-شكرا لحضرتك انا رايحه اهوه واتمني تقولي المفروض اعمل ايه لو سمحت!
-تمام انا لازم اجمع اوراق ضروري وهفهمك دورك بالظبط اول ما افضي لكن دلوقتي اتفضلي استريحي هناك...
جلست جميله وهي تعدل حجابها وتخشي اعلان احدي خصلاتها تمردها والخروج بشكل غير لائق...
ليعيدها عقلها الي تلك العيون التي اشعرتها بألفه غريبه واعادتها لسنين محفورة في ذاكرتها...
هزت رأسها وطلبت من عبدالرحمن وصف المصلي لها لاداء صلاتها فاعطاها مفتاح الارشيف واخبرها بانها الانثي الوحيده في الشركه وانه من الافضل ان تختلي بصلاتها بهدوء...
-شكرا يا استاذ عبدالرحمن...
-العفو بس خدي بالك عليه لو ضاع هنروح في داهيه...
ابتسمت بخفه...
-متقلقش!
انتهي الفلاش باك...
نعود الي (بني سويف)...
وصل فهد الي دارهم لتعلو زغاريد والدته المكان و اصوات الفرحة، عانقته بشده و لهفه فهي لم ترا ابنها منذ ست سنوات متواصلة...
-كده ياولدي توجع جلبي كل الوجت ديه!
قالتها بلهجتها الصعيديه التي رفضت التغير مع الوقت وهي تمطره بوابل من القبلات وتضمه بهيئتها الضئيله اليها ودموعها تتساقط فرحا...
وقعت منه دمعه اجاد اخفاءها فقد حرم نفسه من ذلك العناق الغالي كثيرا...
-معلش يا امي انا اسف بس ظروفي كانت كده...
ضحك والده بتهكم و فرحه خفيه ليردف...
-سيبيه يا حاجه ياخد نفسه اللاول وبعدين وجت العتاب هياجي!..
ضحك الجميع الا ان فهد تأكد من عزم والده على معاتبته فهو لا يرمي بكلمات في الارض...
توجه فهد يقبل يد والده بحب واحترام ليربت والده على رأسه بحب ابوي نادرا ما يظهره ليتجه اليهم عمر بمشاغبة قائلا...
-ايه الجو القديم ده ادخل في صدر ابوك على طول كده اهوه...
قالها وهو يدفع فهد الي والده ليتناسي فهد غضب و لوم من قرار قد اتخذه والده ليغير حياته بالكامل و يكون سبب في عذابه و شقائه تلك السنوات!
جالت عيناه حوله عن فتاة كانت المصدر الاساسي لهذا الشقاء والبعاد هربا منها ومن عيونها التي تلومه براءتها...
وكأنها سمعته يناجيها هبطت بكامل زينتها وهي مرتديه تلك العباءة التي اوصتها ام فهد بارتدائها ووجهها مزين برقه املا في ارضاء والدته...
هربت انفاسه للحظه لرؤيته تلك العيون! لن ينساها ابدا او يخطئ بها انها حياة ولكن ليست حياة التي باغتت وعاشت في افكاره!
فمن تطل امامه الان هي امرأه يافعة ذات قوام ممشوق يفرض نفسه عنوه بالرغم من عباءتها الواسعه كالفراشه...
وقف مشدوها انها طفلته بالفعل الا انها لم تعد طفله على الاطلاق!
فلاش بااااك...
منذ ست سنوات مضت...
وقفت والدته تعدل له عمامته بسعادة و قلب يرفرف بزواج ابنها الوسط الحبيب فقد زوجت اخيه الاكبر عثمان و الان فهد ولا ينقص سوي عمر الصغير وقريبا ستفرح به هو الاخر...
قبلته واحتضنته بحنان وفرحه فابتسم لها حتى لا يكسر بخاطرها اذا اكتشفت ما يخفيه بداخله...
لا يصدق ان والده اجبره بالفعل على الزواج من طفله!
نعم طفله لم تتم الرابعه عشر من عمرها اي فرق 6سنوات بينهم صحيح ليس بالكبير ولكنها تظل طفله!
اردفت والدت فهد بسعادة...
-جوم يا جلبي اعروستك افجودتك فوج، ربنا يوفجكم ويرزجكم يالذرية الصالحه، يلااا همل ياولدي...
-الله يخليكي يا امي...
ربت اخيه عثمان بتهنئه على كتفه ومر امامه يصعد الي غرفته...
كم يحسده في هذا الوقت فالفرق بينه وبين زوجته لا يتعدي ال3 سنوات وقد وصله من اخيه الصغير المتطفل عن وجود علاقه حب مستتره بينهم قبلها، قبل ان يوبخه فهد بانه سيقطع له ذلك اللسان الطليق اذا تحدث عن اخيه الاكبر و زوجته لايا كان...
صعد بقلب يدق و ضمير يشتاق الي اختفائه للحظات طويله حتى تمر ليلته بسلام...
فتح باب غرفته فوجد فتاه يانعه البنيه قصيرة بضفائر منسدلة تنتظره كالهدية على فراشه..
و ما ان دلف حتى انتفضت من عليه وتراجعت الي احد المقاعد في احدي الزوايا...
جزء كبير داخله متأكد ان ما حدث كان عفويا وانها لم تقصده الظهور كالقط المذعور، الامر الذي جعل قلبه يعتصر بحنق على براءتها وطفولتها...
تنحنح و توجه ببطء الي الأريكة بجوار مائده خشبيه موضوع عليها طعام العرائس...
وعقله يحارب للعثور على حل سريع لهذا المأزق الذي فرض عليه وتم في خلال يومين من معرفته بامر وعد والده وزواجه منها!
خلع عمامته وجلس يتفحصها من بعيد،
جلست تفرك كفيها الصغيران و تبلل شفتيها المزينه بأحمر شفاه قاتم لا يلائمها...
مرر انظاره على باقي وجهها الطفولي بطريقه تتمرد على الزينه واحمر الشفاه...
لتصبح اقرب الي عروسة المولد من انثي مقبله على الزواج هذا وان صح اطلاق مردف انثي عليها!..
رفعت عيونها السوداء والتي لا ينكر جاذبيتهم الخلابة والمريبة بالنسبة له فبها رونق جذاب فريد من نوعه، امسك بتلك العيون الصريحه وكأنه يسمعها تتحدث بالفعل و يسمع مناجاتها لروحه وتوسلها له بأن يبقي بعيدا...
تاه في افكاره حول زفافهم و مرض والدها المفاجئ والذي كان سببا في زواجهم السريع، والزامه لوالده بان يوفي بكلمته بتزويجها الي ابنه رغبا في الاطمئنان عليها قبل ان يداهمه الموت وقد اشتد به المرض...
ضاقت عينيه بغيظ فحدث مثل ذلك قد يكلفه حلمه ومستقبله فمن الممنوع عليه كطالب في كلية الشرطه الزواج حتى التخرج...
وها هو يخالف القوانين ويرمي بحلمه في التهلكة وكل ذلك لإرضاء والده وتنفيذ وعد قطعه على نفسه منذ سنوات ليكون هو وهي ضحيتها...
صحيح تحجج والده بان زواجهم سيكون بالعرف في البلد وان امره لن يفضح فالفتاه رسميا لم تتعد ال 18 عشر وكأن ذلك يطمئنه،.
اجل هو معتاد على ذلك وهو ما يحدث بالفعل بين كثير من العائلات و تلك عاداتهم وتعتمد على الاشهار اكثر تنهد ينظر اليها،
(حياة ) هو اسم يلائم عنفوانها وبريق عينيها، لطالما رأها تركض و تلعب مع الاطفال امام منزلهم و كثيرا ما وبخهم على ازعاجهم له، خاصا عندما تجتمع مع اخيه الاصغر الشيطاني...
ذلك العنفوان الذي اختفي منذ ان عقد قرانه عليها اليوم واصبح زوجها الفعلي تماما والدموع تنساب منها الان...
قطع هذا تفكيره بخضه..
دموع؟
لما البكاء هوبعيد عنها ولم يقربها!..
وقف سريعا عندما سمع شهقات بكاءها وهو يتابع محاربتها لتلك الشهقات في محاوله لتهدئه نفسها!
توجه نحوها خطوه ليمنع بكاءها الذي اكتشف الان انه يكرهه ويمزقه بشده، واردف بهدوء وخفوت...
-انتي بتبكي ليه يا حياة اني مقربتش منك خالص و مش هقرب اهوه!..
نظرت له بكل براءة وهزت رأسها بالنفي وكأنها تؤكد له كذب اقواله، لينتفض كامل جسدها بشهقات مكتومه برعب...
زفر بحنق ولم يستطع رؤيه انهيار تلك الصغيرة فقرر الهروب من امامها علها تهدأ قليلا اذا اختفي عن انظارها...
وحش!..
كلمه سترسخ في عقله سنوات طويله وسيبقي حبيسها!
خرج من غرفته ليراه عثمان ويتجه نحوه متسائلا...
-في حاجه يا فهد؟!
نظر له بعيون غاضبه ليردف...
-اه في! في يا عثمان!
-مالك في ايه فهمني!
-افهمك ايه بس، ابوك دمرني خلاص، انا مش قادر اقرب منها انتم اكيد مش بني ادمين ابوك ده ظالم، انا مقدرش اعمل كده في طفله دي طفله يا عثمان طفله!
اسكته عثمان بخوف ليخفض صوته ويجذبه من ذراعه نحو غرفه عمر بالاسفل بعيدا عن غرف نوم الجميع...
-ممكن تهدي ابوك لو سمعك هيدشدش دماغك!
اردف فهد بتصميم و عناد...
-ياريت يسمع يمكن يحس بالمصيبه اللي وقعني فيها انتو ايه يا اخي كفره و لا شياطين، انا خلاص بكره الصبح راجع لكليتي ومش هتشوفوا وشي تاني!
جلس عثمان طوال اليل يقنعه بالعدول عن قراراه الا ان فهد كان قد اتخذ قرارا و لن يعود فيه و بالفعل سافر في اليوم التالي بحجه كليته و لم يعد ابدا بعد ذلك و طوال سته سنوات...
انتهي الفلاش بااااك...