رواية معشوق الروح للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الثاني
غادر سيف القصر وبداخله نيران تشتعل لا يقوى على تحمل النظر إلى من ولجت لقلبه ثم طلبت الرحيل...
صف سيارته ثم صعد لشقته بالدور السادس بتلك العمارة الفاخرة ليزفر بضيق حينما تسللت رائحة حريق الطعام المعتادة فمه توجه للمطبخ وهو يتمتم: الرحمة يارررب.
لم يقوى على تحمل الرائحة فكاد أن يختنق فركض سريعاً للنافذة لتزيل تلك الرائحة الكريهة، بدءت الرؤيا تتضح شيئاً فشيء ليجدها تكاد تختنق هى الأخري فجذبها للخارج...
تطلع لها بصمت وهى ترتشف المياه تارة وتسعل تارة أخرى فشدد على شعره الطويل بغضبٍ ليتحكم مما تبقى بأعصابه قائلا بهدوء زائف: مفيش فايدة فيكِ يا تقى؟!
فتحت عيناها القرمزتان بضيق وهى تعدل من حجابها قائلة بغضب: ليه بس عملت أيه؟!
تطلع خلفها بزهول ثم قال بصدمة: كل دا وعملتى أيه؟ يا حبيبتي أنتِ مش بتعرفي تطبخى خلاص أرضى بنصيبك منعاً لسلامتك وسلامتنا معاكِ
تطلعت له بغضب شديد ثم صاحت بضيق: بقا كدا يا أستاذ سيف طيب أوك أنا بقا جعانه
توجه للهاتف على الطاولة فتعالت شرارة اللهيب بعيناها قائلة بخبث لا أنا زهقت من الأكل الا كل يوم حضرتك بتطلبه من بره.
وضع الهاتف من يده قائلا بسخرية: أه وحضرتك بقا متصورة أنى هرجع كل يوم من الشركة وهقف أعملك الأكل
جلست على المقعد ثم وضعت قدماً فوق الأخرى بتعالى: بالظبط كدا
زفر بضيق فأعاد خصلات شعره المتمردة على عسلية عيناه قائلا بنفاذ صبر: لو متخيلة أنى هقف فى المطبخ الا كله دخان دا أعملك أكل تبقى بتحلمى.
وقفت بأبتسامة واسعه: لا دانت إبن خالتى وأخو جوزي الله يرحمه ومرضاش أبداً أعرضك للموقف دا عشان كداا عشان كدا هسمحلك تعملى الأكل فى مطبخى
تطلع لها بضيق: وحضرتك بتجربي نفسك هنا ليه مدام أفتكرتى دلوقتى شقتك!
أخرجت مفتاح شقتها المقابلة لشقة سيف وشريف قائلة بغضب: أنت عايزنى أبوظ شقتى!
لم تجد الكلمات مخرج فجذبها بغضب شديد: أدامى عشان أخلص من الليلة السودة دي.
وبالفعل توجه معها للداخل يعد لها الغداء مثلما يفعل كل يوم، وقفت تتأمله بصمتٍ شديد وحزن ينبع من الأواصر كيف تخبره بأنها تعشقه منذ الطفولة؟!
لم يكن أخيه هو أختيارها بل ضغط من الجميع بأنه أنسب شابٍ إليها لم يروا عشق السيف النابض بقلبها..
أنهى سيف أعداد الطعام ثم وضعه أمامها على الطاولة قائلا بضيق: متخديش على كدا
شرعت بتناول طعامها قائلة بسخرية: هو أنا لسه مأخدتش.
رمقها بنظرات محتقنة ثم جذب المقعد أمامها يبقا تروحى أسبوعين عند خالتى تتعلمى الأكل وترجعي
رفعت عيناها المحتقنه من كثرة ضحكاتها قائلة بصعوبة: طردتني
تطلع لها بصدمة ثم صاح بسخرية: الله يرحمك يا سامي ياخويا عرفت ليه عمرك قصير؟!
رمقته بنظرة مشتعلة فتوجه لشقته سريعاً قبل أن يدلف مع تلك الفتاة بالمعركة اليومية..
ولج لغرفته فخلع قميصه ثم تمدد على الفراش بتعب شديد حاول غلق عيناه ولكن صورتها لم تتركه بمفرده فحاذت بذكريات الماضى المشتعل..
بالقصر..
كانت تبكى بغرفتها بعدما رأت أخيها يترك القصر فحاولت منار إخراجها مما هى به ولكن لما تستطع فبعثت برسالة نصية لأخيها الذي أتى على الفور...
ولج مالك للداخل وهو يتأملها بحزن نابع من القلب فشاهندة هى مثل منار تماماً..
جذب المقعد ثم جلس أمامها قائلا ببسمته الهادئة: أيه يا شاهى منزلتيش تتغدي معانا ليه؟
رفعت عيناها المحتقنه بالدموع: ماليش نفس يا أبيه.
منار بحزن ؛حاولت معاها يا مالك مفيش فايدة
أستدار لشقيقته قائلا بصوتٍ ثابت: روحى أعملى ليزيد القهوة وأنا هفضل معاها شوية
: حاضر
قالتها ببسمة رضا لعلمها لحاجتها لمطيبة الخاطر وهذا ما سيفعله أخيها فتوجهت للمطبخ التى تدلفه لعمل القهوة فقط لبراعتها بها حتى أن يزيد لم يتناولها الا من يديها هى...
رفعت عيناها المترقرقة بالدمع تشكو له ما بها فقالت بصوت متقطع من العتاب: أنا عارفه أن الا طارق عمله صعب بس متوقعتش منك كدا يا أبيه
لم تنكمش ملامح الهدوء على وجهه فمالك محترف بألتزام الصمت على عكس يزيد فخرج صوته قائلا بهدوء: تعرفي أيه عن أبوكى وأبويا يا شاهندة؟
تعجبت من سؤاله بذاك الوقت بالتحديد فخرج صوتها المندهش: أعرف أن بابا وعمي الله يرحمهم كانوا أيد واحدة ذيك أنت ويزيد بالظبط.
إبتسم قائلا بسخرية: كانوا
أنكمشت ملامح وجهها بعدم فهم فأكمل بهدوء: جدنا الله يرحمه ساب ثروة كبيرة جداً وقسمها طبعاً بما يرضى الله بين بابا وعمى وعمتك
رفعت عيناها بصدمة حينما علمت بوجود عمة لها؟! فهى لما تكن بعلم لوجودها..
أسترسل مالك حديثه بهدوء: متستغربيش لينا عمة وموجوده لحد النهاردة بس مع أختلاف بسيط لازم تعرفيه وهو أنها بتعاملنا كعدو ليها بتحاول تحطمنا كلنا حتى لو وصلت للقتل مش هتردد.
لم تكن تعبيراتها توحى بالصدمة بل بالزهول والأستغراب..
أكمل هو: زمان أخدت حصتها من التركة وسافرت بره مصر حاول بابا وعمى يوصلها بس مكنش فى أي خبر يوصلهم لها أشتغلوا وكبروا فلوسهم وبقوا ملوك السوق بأتحادهم بعد سنين رجعت عمتك بس كانت على الحديدة ذي ما بيقولوا السؤال كان هنا الفلوس دي راحت فين؟!
بس مش دا كان سؤال أبوكى ولا أبويا بالعكس قدملوها الراحة ورحبوا بيها فى عيلتنا من غير ما يسألوها السؤال دا.
صمت قليلا بأنتظاره يكمل فأكملت تلك العجوز التى دلفت للغرفة بعدما علمت من منار ما حدث: دمرتنا ووقعت بينا كلنا حتى أنا كرهت أمك وأحنا أصلا أخوات خالت الأخين يكرهوا بعض ويفضوا كل حاجه بينهم لحد ما كل حاجة أتدمرت يا بنتي
وقف مالك وتوجه إلى والدته سريعاً يعاونها على الدلوف بمقعدها المتحرك..
أنحنى يقبل يدها قائلا بلهفة: أيه الا خالكى تسيبى أوضتك يا حبيبتي.
إبتسمت لفلذة كبدها الذي يرتعب لأجل صحتها الثمينة قائلة ببعض التعب: عرفت الا طارق عمله فجيت أشوف شاهندة لأنى عارفه أنها متعلقة به..
أستدارت بوجهها لشاهندة قائلة بحزن: عمتك دمرتنا يابنتى فرحت لما علاقة أبوكى وعمك أتفككت بس أنا كنت إبتديت أفوق من الفتن الا كانت بتحصل فى البيت ليه المشاكل كترت مع دخولها؟ ليه كان بيحصل مشاكل بينى وبين أمك الله يرحمها وأحنا أكتر من سلايف مكنش في حل غير دخولها عيلتنا الا للأسف دمرتنا كلنا من قبل ما نفوق.
تأملتها بستغراب لكلمتها الأخيرة فأكملت بدموع كأنها ترى المشهد يعاد أمامها: كنت فى شقتى لما سمعت صوت زعيق جامد فنزلت أشوف فى أيه لقيتها واقفة بتتخانق مع أبوكى وعمك وفجأة أتفاجئت بعدد كبير من الرجالة المقناعين ضربوا أبوكى ووالدتك بالنار و.
لم تستطيع ان تنطق تلك الكلمة فجاهدت للحديث بصعوبة: وعمك أنا صدمتى كانت كبيرة وأنا شايفة جوزي على الأرض غرقان فى دمه بس مكنش ادامى وقت للتفكير أستغليت إنشغالها لما دخلت أوضة المكتب وجريت على شقتى أخدت مالك ومنار وجيت عشان أهرب أفتكرتكم طلبت من مالك يهرب بمنار لبيت جدته وأنا طلعت تانى والحمد لله الا كان باب الشقة بتاعكم مفتوح الظاهر أن مامتك كانت نزلت على صوت الخناق دخلت وأخدتك أنتِ ويزيد وطارق وهربنا من البيت دا هربت وسبت جوزي وأنا مش عارفه إذا كان عايش ولا خلاص مات..
كانت الدموع تشق وجهها بقوة فقالت بصوت متقطع: مبلغتيش لييه الشرطة
تطلعت له بآلم: حاولت بس مكنش فى أدلة لأنها لبست الجريمة لناس مأعرفهاش والقضيه أتقفلت على كدا
: وبعدين
قالتها بكسرة وحزن.
فأجابت أمنية بدموع: عمتك أستولت على كل الأملاك معرفش أذي بس أنا وانتم بقينا فى الشارع مفيش غير بيت والدتى الا حمانا نزلت أشتغلت عشان أصرف عليكم وأنا بعاملكم كلكم على أنكم أولادى مفرقتش بينك وبين منار بالعكس أنتِ كنتِ أكتر من بنتى مالك ويزيد كانوا على علم بكل دا لأنهم مكنوش صغيرين.
أكمل مالك بشرود: أشتغلت أنا ويزيد لحد ما عملنا أسم كبرنا ورجعنا جزء من حقنا بس طبعاً مش كله بدأنا نضربها فى شغلها لحد ما كانت مفاجأتها أننا أولاد نعمان
أنا بقولك كل دا ليه يا شاهندة عشان أعرفك أد أيه كلنا عانينا لحد ما وصلنا هنا طارق بيهدم العيلة دي بتصرفاته وأنا مكنش أدامى أي أختيارات لأنى مش هسمح للماضى أنه يتكرر والعيلة دي تنهدم لأى سبب من الأسباب.
كانت مفاجأة كبيرة لها ولكنها ألتزمت الصمت تحاول إستيعاب ما يحدث، مجرد سماع ما حدث جعلها لا تقوى على التفكير بشيئاً أخر...
بالأسفل..
طرقت باب المكتب عدة طرقات فأستمعت لصوته بالدلوف..
ولجت لتجده يجلس على مكتبه وعيناه مغلقة بأحكام كأنه بمحاولة لنسيان شيئاً ما..
وضعت القهوة على المكتب ثم قالت بهدوء: القهوة يا أبيه
فتح عيناه الخضراء ببطئ شديد ليجدها تقف أمامه بنظراتها الحزينة فأستقام بجلسته قائلا بستغراب: عرفتى منين أنى محتاج قهوة؟
إبتسمت قائلة بسخرية: أكيد مش أنا مالك الا طلب منى أعملك.
بادلها البسمة باعجاب على رفيق دربه الذي يعى كل صغيرة متعلقة به..
أرتشف القهوة بتلذذ قائلا دون النظر لها: شاهندة عامله أيه دلوقتى؟
جلست على المقعد المجاور له قائلة بهدوء: ماما ومالك معاها بيحاولوا يخرجوها من الا هى فيه
رفع عيناه قائلا بغضب شديد: أنا مش عارف هى زعلانه ليه كداا هو عامل مشكلة دي مصيبة هتحل فوق دماغنا.
ثم زفر بغضب وهو يحاول التحكم بأعصابه: بسببه أتنازلت عن أخلاقى بس عشان الولد البرئ دا مالوش ذنب فى الا بيحصل لما يجى على الدنيا ويلاقى كل دا بيحصل
خرج صوتها أخيراً: بس يا أبيه حرام تنسب ولد ليك وهو مش إبنك
رفع يديه على رأسه يحاول التحكم فى هدوئه الغير معهود: أنا مش عارف أفكر فى حاجه يا منار كل الا فى دماغى أحل المشكلة دي قبل ماحد يعرف بيها
شعرت به من نبرة صوته فقالت بحزن: ربنا يصبر البنت دي بجد.
وتركته ورحلت لتصدح كلماتها عقله الهائج..
فتحت عيناها ببطئ شديد فوجدتها جوارها حتى محمود كان يجلس بجانبها..
أقترب منها قائلا بأبتسامة واسعة: حمدلله على سلامتك
فاتن ببكاء: كدا تخضينا عليكِ
إبتسمت قائلة بصوت متقطع من التعب: كنت عايزة أشوف معزتى عندكم
إحتضنتها قائلة بعتاب: أخس عليكِ يا ليان دانتِ بنتى الا مخلفتهاش يابت
لمعت الدموع بعيناها قائلة بتأييد: وعمري ما شوفتك غير كدا
رسم الغضب قائلا بحزن: كدا طب وأنا!
تعالت ضحكات ليان قائلة بصوت يكتد يكون مسموع: أنت الخير والبركة
إبتسم محمود ثم أحتضانها قائلا بسعادة: الحمد لله أنا كنت هموت لو جرالك حاجة
بكت وهى تشدد من أحتضان أخيها قائلة بدموع: يارتنى سمعت كلامك يا محمود لما قولت أن دا حيوان ميستهلنيش بس أنا سمعت كلام ماما ووفقت أرتبط بيه
أخرجها من بؤرة دموعها تلك الكلمة ماما فقالت بصدمة وهى تتأمل الغرفة بتفحص: هى فين ماما؟!
إرتبكت فاتن فبدا بحديثها: جالها تلفون مهم ومشت يا حبيبتي حتى مكنتش عايزة تمشي بس أنا صممت عليها تروح تشوف ليكون فى حاجه مهمه ومردتش تمشي غير لما أطمنت عليكِ
إبتسمت بسخرية: مفيش داعى تكدبي عشانها أنا عارفه كويس أنى أخر أهتماماتها
أحتضنها محمود قائلا بعتاب: مش قولنا منفكرش بالطريقه دي تانى يا ليان
بكت بأحضانه قائلة بتعب شديد: دي الحقيقة ولازم تلحقنى أنا عمري ما شوفت بعيناها حنان ليااا.
فاتن بخوف شديد عليها: طب أرتاحى شوية يا حبيبتي وسيبك من أي حاجه عشان خاطري متزعليش نفسك أنتِ لسه تعبانه
أنصتت لها وأغلقت عيناها بمحاولة للتهرب من حقيقة مزرية تلحق بها فرأت هذا الظل يقف أمامها كلما كانت بحاجة إليه يظهر لها ظهرت البسمة على وجهها تحت نظرات إستغراب محمود الجالس جوارها، لا يعلم أنه عشق الروح...
رأت هذا الظل يقف أمامها أعتادت على وجوده بحياتها منذ خمسة أعوام كانت ببدء الأمر تتعجب من وجوده ولكن أعتادت عليه، رأته يقف أمامها ولكن تلك المرة بدت ملامحه تتضح ولكن ليس كثيراً فربما يتبقى القليل لترى ملامح وجهه وربما إجابه لها عن سؤالا يتردد لمسمعها منذ 5أعوام..
غاصت بنوم عميق بعد أن بدأت الأدوية بالعمل..
&&
بشقة سيف..
ولج شريف للداخل فبحث عن أخيه بغضبٍ جامح إلى أن وقعت عيناه عليه وهو يتمدد بغرفته فأقترب منه قائلا بغضب شديد: طبعاً نايم ولا على بالك حاجة
فتح عيناه بستغراب ليجد شريف أمامه والغضب معكوس على وجهه فأعتدل بجلسته قائلا بزهول: فى أيه؟!
أقترب منه شريف قائلا بسخرية: مكنتش متخيل منك كدا بقا مخلينى أدافع عن الوسخ دا أنا لو كنت أعرف الا عمله والله لكنت مخلص عليه.
زفر بملل وهو يفرك رأسه: أنا عملت كدا خوف على يزيد مش أكتر لكن الحيوان دا أخر أهتماماتى
جلس جواره بصمت ثم تطلع لصدره العالي بضيق: أنت قاعد كدليه؟
حاول كبت ضحكاته فأخيه الأصغر يغار من عضلات جسده حتى أنه حاول كثيراً ممارسة التمارين الرياضيه الشاقة ليصبح مثله ولكنه لم يتمكن من ذلك..
توجه لخزانته قائلا بهدوء: واحد وقاعد فى بيته هيقعد أذي
رفع قدماً فوق الأخرى قائلا بغرور: مش بيتك لوحدك يا حضرت.
حطم هذا الأحمق حائط الصمت الذي يلتزمه سيف فأستدار له بعيناه التى أصبحت متوجه بفعل الشرار: بره
شريف بصدمة: أيه؟!
اقترب منه بنظرات كالسيف: أخرج بره أوضتى قولت
ألتقط التفاح من جواره قائلا بعدم مبالة: ولو مخرجتش هتعمل أيه يعنى؟
كانت دعوة صريحة لسيف بأن يقتص منه..
ولج مالك ويزيد للداخل بأستخدام المفتاح الخاص بهم ليجتمعوا بالمساء كالعادة، فتصنموا محلهم حينما وجدوا الأمر كالتالي.
سيف عارى الصدر و منقد على شريف المنبطح على الفراش ووجهه متورم من اللكمات حتى قميصه منفتح على مصراعيه..
مالك بسخرية: أحنا جينا فى وقت غلط ولا أيه؟!
نظرات يزيد الساكنة كانت دافع قوى لشرود سيف فأستغل شريف الفرصة ودفشه بعيداً عنه ثم لملم قميصه قائلا بصوت مثل الفتيات: يافضحتى لاا متفهموش غلط الحيوان دا هو الا غرغر بيا وأنتوا عارفين شرف البنت ذي عود الكبريت طشه واحدة.
رمقه يزيد بنظرة تشبه هلاك موته ثم خرج للقاعه أما مالك فلوى فمه بتقزز قائلا بسخرية: بيئة ذي أخوك
وتركه وتوجه للخارج خلف الغول. أستدار شريف بأبتسامة واسعه إنتهت حينما تلقى لكمة قوية من سيف الغاضب ليلقى حتفه ويتمدد على الارض كالجثة الهامدة..
جذب سيف قميصه ثم أرتداه مسرعاً ونظرات الغضب عليه: غبي
قالها وخرج للقاعة فوجد يزيد يجلس بثباته المعتاد ومالك يجلس لجواره.
سيف بثبات: غريبه أنكم جيتوا النهارده بدري عن معادكم
مالك بسخرية: هو معاد حكومى!
إبتسم قائلا ببعض الخوف: لا بيتك ومكانك تشرف فى أي وقت والله أنا كنت هخرج بس قولت لا مستحيل تفوتنى القعدة الحلوة دي
خرج صوت الغول أخيراً قائلا بثبات: قبل أي قاعدة والكلام دا عملتوا أيه فى موضوع البنت دي.
سيف بهدوء: لسه يا يزيد هو على طول كدا مالك وصل لأبو البنت وتقريباً كدا عرف يقنعه لكن الرد لسه مجاش ومتنساش الموضوع مش سهل؟!
دلف شريف وهو يجاهد للوقوف قائلا بضحكة واسعه: ها يا شباب هتطلبوا أكل أيه النهاردة
تأفف مالك قائلا بسخرية: أنت مبتفكرش غير بالاكل؟!
سيف: هو مش عايش غير عشانه أصلا هو وتقى
إبتسم يزيد قائلا بثبات: تقى هى عامله أيه؟
سيف بجدية: الحمد لله يا يزيد أهو كلنا بنحاول ننسى الا حصل عشان نقدر نكمل..
رفع يديه على كتفيه بجدية: ربنا يصبركم يارب سامي مكنش إبن خالتى بس كان ذيك وذي مالك وربنا الا يعلم
إبتسم سيف قائلا بتأكيد: عارف يا يزيد ربنا يباركلنا فيك يا صاحبي
إبتسم مالك بفخر وهو يتأمل عمود الصداقة يترعرع أمام عيناه ليصبح أمتن وأقوى من سابق..
وضع شريف التسالي أمامهم وبدأ كعادتهم يتبادلون الحديث فى الأمور الشخصية والبعض المتعلق بالعمل...
بمكان أخر
كانت دموعها كشلالات لا توقف نذير النيران بقلبها تكاد تحرق ما تبقى بجسدها، حطام ذكريات تلك الليلة كفيلة بجعلها ترى الموت ألف مرة، صوت تواسلها يعلو بذهنها حينما كانت تتوسل لوحش جرد قلبه من الرحمة والأنسانية..
وما زاد آلمها شعورها بأنها ضعيفة وعاجزة أمام جبروت عائلة هذا اللعين فلم يعن لهم الأمر شيئاً حتى ولو كانت بوضع توقيعها لجوار الأسم الملون بالورقة التى بيدها يزيد نعمان تفكير عميق يطوف بها، القرار بيدها هى هل سترضخ عائلتها بتلك الأهانة أم ستجعلها فريسة لعائلة نفوذها هكذا؟!
كفكفت دموعها بقسوة كأنها تمنح القلب وعداً بأنها من ستأثر لنفسها، وضعت إسمها جوار هذا الأسم لتكون له زوجة ولكن بداخلها تقسم وتتوعد له بأنها من ستحول حياته لجحيم فربما لا يعلم الرجل بقوة إمرأة جرحت بأعز ما تملك لتتحول من قطة صغيرة لنسر جارح ذات مخالب حادة للغاية.
بشقة سيف
تعالت ضحكات شريف قائلا بتأكيد: أه والله بعد الكلمتين الا قولتلهم الدكتور بتاع الجامعه قالي برة وقفت وبصيت كدا وروحت قولتله بره بره أنت هتطردنى من الجنه راح قالي كدا طب أعتبر نفسك شايل المادة
مالك بأهتمام: ردك كان أيه بعد الجمله دي
شريف بسخرية: ولا حاجة ضربت النظارة وقولته أنا شيلتها من زمان ومعنديش مانع أشيلها مرة وأتنين لأن العشق أقوى من حب المادة نفسها.
تعالت ضحكات مالك فغارت منه الوسامة بغمزاته البادية على وجهه الرجولى على عكس يزيد الذي رمقه بنظرة جعلته يقول بصوت متقطع: قولتلك ماليش فى التعليم صممت تدخلنى هندسة طب أزاي وأنا بفك الخط بالعافية
رفع يديه على شعره الغزير فأرتعب شريف ولكنه ظن أنه نجا فكاد أن يكمل حديثه ولكنه صرخ حينما جذبه يزيد بقوة كبيرة ليواجه غضب الغول كما يلقب: عارف لو سقط السنادي هعمل فيك أيه؟
كاد الحديث ولكنه يشعر بالأختناق فقال بصوت متقطع: ^ألحقنى يا مااااالك
تعالت صوت ضحكاته بقوة قائلا وهو يتجه للكوماد: ولا أعرفك
ثم حمل مفاتيح سيارته متجهاً للخروج فأستدار بعدما فتح الباب قائلا بغمزة من عيناه: بعد الا هيحصل دا مش محتاج مذاكرة للنجاح..
وأغلق الباب ثم توجه للمصير الذي سطر حياته منذ خمسة أعوام فجعلها هشة وبلا هدف..
صرخ شريف بسيف حينما تخل عنه مالك: أبوس أيدك تعتبرنى النهاردة أخوك وتلحقنى
جذب الهاتف قائلا بفرحة: كدا راحتك يا يزيد
خرج صوته أخيراً قائلا بغضب جامح: أيه الا ناقصك عشان تكون ذي الخلق
شريف بصوت متقطع: العقل الا نقصنى دانا لما بروح أشترى حاجة بحسب الفلوس بالعافية تقوم تدخلنى هندسة يقولك أحسب مقاسات دور كامل منين مكتش العين بكيت.
ألقاه يزيد بقوة فسقط على المقعد ثم أقترب منه فأبتلع ريقه بخوفٍ شديد، أنحنى ليكون مقابلا له قائلا بصوته الجمهوري: أنا هسيبك النهاردة بمزاجى بس لما النتيجة تظهر ورحمة أمى مأنا رحمك
ووقف بطالته القابضة للأروح ثم غادر هو الأخر..
وما أن غادر يزيد حتى هرول شريف لغرفته جاذباً كل الكتب أمامه حتى كتب العام القادم فهو مهدد بالقتل من يزيد نعمان شخصياً، دلف سيف للداخل وبيده الشطائر يتناولها بتلذذ وهو يتأمل لون وجه أخيه فصاح بسخرية: ناس مبتجيش غير بسك يزيد نعمان
لم يستمع له فلأول مرة يشعر بحاجته للعلم بعدما تلقى جزاته من الغول شخصياً..
شرا الورود الحمراء مثل كل عام ثم أنحنى ليجلس أرضاً وعيناه تتأمل تلك المقبرة بعين تفيض بالدمع والآنين ينقل لها أوجاعه من خلال عبارات العين، وضع باقة الزهول قائلا بصوت متقطع من البكاء: كل سنة وأنتِ طيبه يا قلبي لزورده عاصفة من البكاء جاهدها بالحديث: أنا جبتلك الورد الأحمر الا بتحبيه.
وضعه أرضاً ثم أستند برأسه على الحائط الملون بأسمها ليان عامر ليسرح بذاكرته لماضى آليم حينما بدأ يستعيد وعيه بعد ساعات طويلة ليجد رفيقه جواره وعلامات الزعر تلون وجهه حتى والدته كانت مازالت بصحتها تقف أمامه قائلة بدموع: حمدلله على السلامة يا حبيبي.
بحث بعيناه عنها بالغرفة فلم يجدها فحاول الحركة ولكنه صرخ ألماً فتداخل يزيد على الفور وبفعل قوته الجسمانية نجح بشل حركاته حتى هرع الطبيب ليحقنه مجدداً فجذب رفيقه ليستمع لصوته الخافت: ليان فين؟
رفع يزيد يده على كتفيه قائلا بثبات: كويسه يا مالك أطمن
غاب عن الوعى بفعل المهدئ فتحطم قلب رفيقه لعلمه بأن حياة من يعشقها بجنون على حافة الموت كيف سيخبره بذلك؟
تمسك والدته بذراعيه قائلة بدموع: خاليك جانبه يا يزيد
أحتضنها بقوة فهى بمثابة أمٍ له قائلا بهدوء: مش هسيبه متقلقيش..
وبعد عدة ساعات
دلفت الممرضة للداخل وعلامات الحزن على وجهها: البنت الا كانت مع مالك بيه للأسف توفت
تخشب يزيد محله لشعوره بكم هائل من الآلآم فكيف سيكون شعور رفيقه إن علم؟!
بكت بقوة وهى تردد بصوت خافت: يا حبيبي يابنى ربنا يصبرك ويرحمها يارب.
فتح عيناه على تلك الجملة التى ود أن يكون قتيلا أفضل مما أستمع إليه، صدمة يزيد كانت كبيرة حينما وجده يجلس على الفراش ويزيح الأجهزة من يديه بقوة كبيرة وصراخ قوى بأسمها لياااااااان حاول يزيد التحكم به ولكن تلك المرة فشل فى التحكم بوحش ثائر لا يرى أمامه سوى معشوقته تغادر للأبد..
دلف لغرفتها المجاورة له ليتوقف نبضات قلبه حينما وجد الغطاء الأبيض يخفى وجهها، أقترب منها بقدماً مرتجف للغاية وقلبٍ يذبح ببطئ مع كل خطوة يخطوها للأمام إلى أن جلس جوارها على الفراش فجذب الغطاء ببطئ ليجدها كحال الموتى فربما رؤيتها أكدت له ما إستمع له..
لأول مرة تسلل الدمعات وجه مالك نعمان لأول مرة يبكى بقوة وهو يحركها بقوة ويحثها على الأستيقاظ قائلا بصوت متقطع حزين: ليااان حبيبتى فوقى عشان خاطري.
أنا عارف أنك مش بتحبينى أسوق بسرعة وأنا بوعدك مش هكررها تانى بس متسبنيش يا حبيبتي أنا مقدرش أعيش من غيرك صدقينى.
لم يستمع لرد كالمعتاد جثة، جثة هامدة بين يديه معلنة عن إنتهاء رحلتها على الدنيا...
صرخ بقوة بعدما أحتضنها بين ذراعيه ودمعاته تهوى بلا توقف لتتنقل لرفيق دربه كم الآلآم التى يشعر بها رفيقه ليجد دمعته هو الأخر تلمع ليعتليه الزهول..
مر على هذا الحادث الآليم خمس سنوات ومازال يذكرها لم يقدر على نسيانها فكيف سينسى من دعت لقلبه الحياة، من سكنت نبضات القلب والهوى، من هزت مملكة مالك نعمان لتجثو بقلبه...
أفاق من ذكرياته على صوت هاتفه المعلن عن رفيق الآلم والدرب
ليجد صوته الثابت: روحت برضو يا مالك؟
إبتسم قائلا بآلم: مقدرش مجيش هنا فى اليوم دا يا يزيد دا يوم عيد ميلاد ليان وهو برضو نفس اليوم الا خسرتها.
زفر قائلا بآلم: طب هترجع القصر أمته منار بتسأل عليك وأنا قولتلها أنك فى شغل بس مش مقتنعه الوقت أتاخر
أغمض عيناه قائلا بثبات مخادع: مش هطول متقلقش.
وأغلق مالك الهاتف وعيناه على المقابر يتطلع لهم بحزن ثم توجه للمغادرة بعدما قرأ الفاتحه وبعض الصور القصيرة كما أنه دع لها بالرحمة وله بالمغفرة لما فعله فهو لم يحتمل عدم أخبرها بانه مازال على ذاكرها، ربما هناك خيط مجهول لعشقه المتيم وربما رابط للعشق ولكنه تحت مسمى عاشق الروح علاقة مريبة ستهز أبدان البشرية بقصة مختلفه من نوعها..
تخفى الليل خشية من نور الشمس المضئ لتعلن يوم جديد وبداية لأحداث منخفية بالظهور...
هبط من سيارته مرتدياً البذلة السوداء ونظارته التى لا تفارقه فكان متوج لعرش الأناقة والوسامة معاً، فتوجه للمصعد الخاص به ليسرع العامل بفتح المصعد ليتفاجئ بفتاة بالمصعد الخاص به، صدم العامل وعلم بأنها نهايته بالمقر أما يزيد فتثدم منها بصدمة لعدم مبالاتها لما أرتكبت، فربما لا يعى أنه سيكون مأسورها لتدلف تلك المشاكسة حياته ربما صدفة، ربما قدر، ربما علاقة خفية ستحطم حينما تعلم بماضى زواج مجهول، ولكن بعد معانأة ستكون بين يزيد نعمان وتلك الفتاة، لنرى كيف ستهز مملكته؟
ما الرابط الخفة بين وفأة ليان ومالك وليان؟!
من تلك المتعجرفه التى ستغير مسار حياة محمود؟
هل سيظل حب تقى خفى؟وماذا لو كشف بأنها من تسببت بمقتل أخيه؟!
ورقة رابحة بالنسبة لأعداء يزيد نعمان ومالك نعمان من هى؟ وهل ستكون نقطة ضعف أم جهة أخري؟