رواية مزرعة الدموع للكاتبة منى سلامة الفصل التاسع عشر
بعد مرور شهر على زفاف أيمن و سماح. عاد أيمن لى عمله فى المزرعة بعد انقطاع. أقبل على عمر الذى كان يقف أمام احدى الاشجار يتفحص جودة ثمارها: .
- ايه الهمة والنشاط دول كلهم يا باشمهندس
انفرجت أسارير عمر عندما رآى صديقه أيمن فترك ما بيده وأقبل عليه معانقاً اياه قائلاً: - اهلا بالعريس اللى مصدق يتجوز عشان يهرب مننا
ضحك أيمن قائلا: - أهو العريس رجعلكوا تانى وهيرجع يتفرم تانى فى شغل المزرعة.
- طيب يلا عشان فى شغل كتير مستنيك
- طيب سبنى آخد نفسي الاول
سار الصديقان معاً يتحدثان فى أمور المزرعة. وفجأة سأله عمر: - صحيح يا أيمن بقالى فترة عايز أسألك على حاجه بس اتلبخنا بموضوع فرحك
- خير يا عمر
- صاحبة مراتك عملت ايه فى مشكلتها
قال أمين بإستغراب: - صاحبة مراتى مين
- ياسمين اللى خدت منى رقم الاستاذ شوقى عشانها
- آآآه
- عملت يه كلمته؟ رفعت القضية فعلا ولا رجعت لجوزها؟
- ترجع ايه هو ده راجل أصل ده انسان مريض يارب تخلص منه على خير
سأله عمر مستفهماً: - رفعت القضة يعني
- أيوة رفعتها ومنتظرين الحكم فى القضية
أطرق عمر برأسه ثم صمت. حنت من أيمن التفاته الى الجبيرة التى تحيط بذراع عمر اليسرى فأشار اليها قائلا: - هتفك الجبس امتى؟
- المفروض خلاص كام يوم وأفكه وبدأ العلاج الطبيعي ان شاء الله
- متقلقش ان شاء الله هتبقى زى الفل.
انتبه أيمن لكف عمر الايمن فأشار اليه وهتف قائلا: - ايه الحرق اللى فى ايدك ده يا عمر
توتر عمر وتغيرت تعبيرات وجهه صمت قليلا ثم قال: - موضوع مش حابب أفتكره. هبقى أحكيلك بعدين
سأله أيمن بشك: - موضوع ايه ده يا عمر. خير ايه اللى حصل
قال عمر بنفاذ صبر: - أيمن قفل على الموضوع ده دلوقتى
استسلم أيمن قائلاً: - خلاص برحتك.
دخلت والدة مصطفى غرفته لتجده مستلقيا على السرير وهو شارد. فقالت له: - اه خليك قاعد كده ومراتك دايره على حل شعرها
هب جالسا على السرير وصاح قائلا: - مش هنخلص فى يومنا ده
- الناس كلت وشنا. أنا مش عارفه أقولهم ايه. مراتك فضحتنا وجرستنا وسط الناس
صاح مصطفى غاضبا: - يعني عايزانى اعمل ايه دلوقتى.
- أنا لو منك كنت جبتها من شعرها وحبستها فى البيت ومخلتهاش تشوف الشارع طول عمرها. وتبقى عاملة زى البيت الوقف و مذلوله كده لا هى طايله جواز ولا طلاق
- حاولت كتير ارجعها ومش راضيه
صاحت أمه فى غل: - لازم ترجعها. حتى لو غصب عنها. عايز الناس تقول ايه معرفش يمشى كلمته على مراته. مش كفايه القضية اللى رفعتها عليك وكلامها انها لسه بنت. فضيحتك بأت على كل لسان.
غادر الغرفة وهو يصيح فى غضب: - سبينى فى حالى بأه أنا مش ناقصك انتى كمان.
كانت ياسمين جالسه على فراشها تقرأ وردها عندما دق جرس الباب. كانت فى ذلك اليوم بمفردها فى لمنزل. ريهام فى الجامعة. ووالدها كالعادة يجلس مع أصدقائه على المقهى الذى لا يبعد كثيراً عن البيت. تركت مصحفها ونهضت لتنظر من القادم. بمجرد أن وصلت الى الباب وجدت ورقة مطوية موضوعه أسفله يظهر نصفها. اقتربت من الباب بخفه ونظرت فى العين السحرية لكنها لم تجد أحد. انحنت لتلتقط الورقة وفتحتها بقلق وقرأت ما بداخلها.
(اذا كنتى فكرة انى هسيبك فى حالك تبقى غلطانه. أنا ممكن أعمل حاجات متخطرش ببالك. اسمعى الكلام بالذوق أحسن. مستنيكي )
قفز قلبها داخل صدرها. أى رجل هذا. ألن يتركها وشأنها أبداً. أسرعت الى غرفتها وأحضرتك هاتفها واتصلت بالمحامى. بعد فترة من الرنين رد المحامى قائلا: - ألو
- السلام عليكم يا أستاذ شوقى
- وعليكم السلام أهلا يا مدام ياسمين.
قالت بصوت متهدج: - أهلا بحضرتك. أنا دلوقتى لقيت ورقة من مصطفى سابها تحت الباب
- الورقة معاكى
- ايوة معايا
- طيب تمام احتفظى بيها وعديها عليا فى المكتب عشان نطلب ضمها لملف القضية
قالت بصوت أوشك على البكاء: - حاضر بابا ييجي وأنزل أنا وهو ونعديها على حضرتك. بس هو أنا مش هخلص منه بأه. أنا تعبت أوى وعلى طول خايفه ومرعوبة.
- متقلقيش ان شاء الله القضية هتخلص قريب وساعتها هترتاحى منه ان شاء الله. هو اللى مخليه بيتصرف بجرأه كده انك لسه على ذمته
- يارب أخلص منه وأرتاح بأه
- ان شاء الله. بس الصبر
- متشكرة أوى يا أستاذ شوقى وآسفه بتعبك معايا.
- لا أبداً مفيش حاجة. مع السلامة
- مع السلامة.
أغلقت ياسمين هاتفها وأخذت تستغفر ربها. كانت تعلم فضل الاستغفار لذلك عودت لسانها فى الفترة الاخيرة ألا يفتر لسانها عنه، كانت تذكر نفسها بفضل الاستغفار دائما وبحديث النبي صلى الله عليه وسلم: من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، و من كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب.
فظلت تستغفر ربها حتى عاد والدها من الخارج فوجدته مستنداً الى أحد أصدقائه لا يقوى على السير وحده. شعرت ياسمين بالهلع فطمأنها الرجل الذى معه قائلاً: - متقلقيش يا بنتى الضغط بس على عليه شوية
قالت ياسمين بلوعه: - ليه ايه اللى حصل؟
- مفيش اتخانق مع حماكى على القهوة
نظرت بحسرة الى والدها الذى تمدد على فراشه فى اعياء: - ليه بس كدة يا بابا. صحتك بالدنيا وانت عارف ان الانفعال بيعليلك الضغط.
أعطاها الرجل شنطه بها بعض الادوية وقال لها: - خليه ياخد الدوا ده فى معاده
ثم وجه حديثه الى والدها قائلا: - ربنا يطمنا عليك يا عبد الحميد ريح نفسك ومتعملش مجهود خالص. وأنا هبقى اتصل اطمن عليك
- شكرا يا شكرى متحرمش منك
خرج الرجل. أغلقت ياسمين الباب وجلست على الفراش بجوار والدها تبكى بصمت: - كل ده بسببي
ضمه والدها الى صدره قائلا: - لا كل ده بسببي أنا.
رفعت ياسمين رأسها لتنظر الى والدها متسائله: - ايه اللى خلاك تتخانق معاه
ظهرت علامات الغضب على ودهه ورد قائلا: - ابن التييييييييت ده جه أعد على الترابيزة اللى جمبي وفضل يلقح بالكلام وقال عليكي كلام ميتقلش. مقدرتش أمسك نفسي قمت هبيت فيه ومسكته من زمارة رقبته
أطرق رأسها بأسى قائله: - حسبي الله ونعم الوكيل فيهم. ربنا هيجبلى حقى منهم.
نظرت الى والدها لتجد علامات الارهاق باديه على وجهه فطلبت منه النوم ثم دثرته بغطائه وتركته يغط فى نوم عميق. خشيت أن تخبر والدها بالورقة التى وجدتها من مصطفى لئلا يرتفع ضغطه أكثر. فاتصلت بصديقتها التى تهون عليها وتشد من أزرها: - السلام عليكم ازيك يا عروسه
- وعليكم السلام ازيك يا ياسمين وحشتيني اوى اوى اوى.
قالت ياسمين بتأثر: - انتى أكتر يا سماح لو تعرفى أنا محتجالك أد ايه. ياريتك كنتى هنا كنت جيتلك ورميت نفسي فى حضنك
قالت سماح بقلق: - خير فى حاجه حصلت؟ الزفت مصطفى ده هعمل حاجه تانى
أغلقت ياسمين باب حجرتها حتى لا يسمع والدها وهتفت لصديقتها باكية: - لقيته النهاردة سايبلى ورقة تحت باب الشقة بيهددنى فيها عشان أرجعله
- حسبي الله ونعم الوكيل فيه. راجل معندوش دم
- مش هيرتاح الا لما يكسرنى أنا عارفه.
- قولى للمحامى يا ياسمين
- قولتله ومنتظر منى الورقة النهاردة عشان هيحطها مع ملف القضية. كنت ناوية أنزل مع بابا لكنه رجع من بره ضغطه عالى ومش قادر يقف على رجله. اتخانق مع أبو مصطفى على القهوة. بابا بيقول انه قال كلام وحش أوى عنه
قالت سماح بحنق: - هى العيلة دى مفيهاش حد بيخاف ربنا. أمه تشهد زور. وأبوه يتبلى عليكي. ربنا يخلصك من العيلة دى على خير.
قالت بصوت متعب: - يارب يا سماح ادعيلى بالله عليكي. محتاجه دعائك أوى
قالت سماح فى حنو: - حاضر يا حبيبتى. ولله بدعيلك دايماً. خلى بالك من نفسك
- وانتى كمان. ومعلش بعكنن عليكي بمشاكلى وانتى لسه عروسة بس حسيت انى هتخنق لو متكلمتش مع حد
- عيب عليكي اللى بتقوليه ده احنا اخوات. وربنا عالم انك شاغله بالى على طول. معلش يا ياسمين هانت بكره تخلصى منه وتنسي كل اللى فات.
قالت ياسمين بمراره: - أنسى. مظنش انى ممكن أبداً أنسى. بس الحمد لله على كل حال. يلا اسيبك تشوفى اللى وراكى
- ماشي حبيبتى وأنا هتصل بالليل أطمن عليكي
- ماشي يا سماح. مع السلامة
- مع السلامة
أغلقت سماح الهاتف وتنهدت فى حسرة. قال لها أيمن الجالس بجوارها على الاريكة: - خير يا حبيبتى. حصل حاجه جديدة
نظرت الى زوجها قائله: - مصطفى مش راضى يسيب ياسمين فى حالها
- ليه ايه اللى حصل تانى؟
قصت عليه سماح ما حدث. ثم قالت بقلق: - أنا خايفه على ياسمين أوى. من الواضح انهم ناس ميعرفوش ربنا. يعني تتوقع منهم أى حاجه
طمئنها أيمن قائلا: - متقلقيش يا حبيبتى. هشوفلها حل.
انتظرت ياسمين عودة أختها من الجامعة وأخبرتها بما حدث من مصطفى وما حدث لوالدهما. طلبت منها ياسمين أن تبقى مع والده لحين أن تذهب الى المحامى فى مكتبه لتعطيه الورقة التى وجدتها. قالت لها ريهام بقلق: - طيب خدى بابا معاكى
- ازاى يعني يا ريهام انتى مشوفتيش كان عامل ازى. مكنتش قادر يقف على رجله. لو عرف بموضوع الورقة هيتعب أكتر
- طيب آجى أنا معاكى.
- ونسيب بابا لوحده؟ افرضى تعب ولا احتاج حاجه. خليكي انتى جمبه وأنا مش هتأخر
- طيب يا حبيبتى خلى بالك من نفسك
- ماشي وانتى خلى بالك من نفسك ومن بابا ومتفتحيش لاى حد وأنا أما اجى هفتح بالفتاح
- ماشي
خرجت ياسمين توجهت الى مكتب المحامى والذى كان يقع فى منطقة هادئة بالمعادى. أعطته الورقة وقرأها وطمئنها قائلا: - التهديد ده هيعزز موقفك فى القضية ان شاء الله. وأنا متفائل جدا ان الحكم يكون من أول جلسه.
قالت تفائل: - يارب
- لا متقلقيش ان شاء الله خير.
انصرفت ياسمين وهى تشعر بالامل الذى بثه اياها المحامى. كانت الشمس قد قربت على المغيب. وأوشك الليل أن يسدل أستاره على تلك البقعة الهادئة. عندما شعرت ياسمين بخطوات خلفها. شعرت بالخوف. أسرعت الخطي. فإزدادت سرعة الخطوات خلفها. التفتت فجأة لتصطدم بوجه مصطفى أطلقت صرخه عاليه وحاولت الجرى. لكنه لحق بها وكمم فهمها وقال بعنف: - تعالى معايا من سكات يا مدام. متفضحيناش أكتر ما انتى فضحانا.
حاولت أن تفلت منه لكنها كانت أرق من أن تستطيع مجابهة مصطفى جرها جراً وهو مازال مطبق على فمها. حاولت الصراخ فلم يخرج صوتها. حاولت الافلات فلم تستطيع. فتح مصطفى باب سيارته وحاول ادخالها بالقوة. عضت كفه التى تطبق على فمها فأبعد كفه متئلماً أخذت تصرخ وتصرخ. لكنه أطبق على فمها مرة أخرى. وصاح بها: - ادخلى العربية من سكات لهموتك وانتى واقفة مكانك.
من حسن حظها. أن سخر الله لها شابين كانا يسيران فى هذا الشارع فى ذلك الوقت رأتهم ياسمين حاولت الافتلات من مصطفى. وهو مازال يحاول اجبارها على الدخول الى السيارة أفلتت فمها مرة أخرى ونادت الرجلين قائله: - أرجوكوا الحقونى عايز يخطفنى
أسرع الشابين باتجاههما وقال أحدهم ل مصطفى:
- انت يا أخينا بتعمل ايه
صاح مصطفى بغضب: - وانت مالك انت. دى مراتى
نظرا اليه الرجلين بشك فصاحت ياسمين - بإعتبار ما سيكون: -.
- لا أنا مش مراته. ده عايز يخطفى أرجوكوا خلوه يسيبنى
نظر الشابين الى بعضهما البعض وقال الاخر ل مصطفى بشك: - بتقول انها مش مراتك
صاح مصطفى بغضب: - لا مراتى. بس فى مشكلة بينا وهتتحل
صاحت ياسمين باكية: - لو سيبتوه ياخدنى ذنبي فى رقبتكوا انتوا
التفت اليها مصطفى ليصفعها على وجهها قائلا: - اخرسي بأه فضحتينا
صاح الشابين فى مصطفى وأقبلوا عليه ليخلصوا ياسمين:.
- مراتك ولا مش مراتك اللى يتعامل كدة مع واحده ست يبقى حيوان. ومش هنسيبك تاخدها غصب عنها
سألها أحدهم قائلا: - عايزه تروحى معاه يا آنسه
قالت باكيه: - لا. والله ده عايز يخطفنى
أمسك أحدهما ب مصطفى وتعاركا معاً. أما الشاب الاخر فتوجه ب ياسمين مسرعا وأوقف سيارة أجرة وانتظر حتى رحلت السيارة ثم عاد الى صديقه وقال ل مصطفى:
- بتتشطر على واحدة ست.
ثم أمسك الاثنان ب مصطفى وأخذوا يكيلون له اللكمات والضربات حتى لقنوه درساً لن ينساه.
عادت ياسمين الى بيتها وهى فى حالة يُرثى لها. أخذتها ريهام الى غرفتهما وأغلقت الباب قائله: - مالك يا ياسمين ايه اللى حصل. فى ايه؟
هتفت ياسمين باكية: - الحيوان مصطفى كان عيز يخطفنى
- يخطفك. ازاى يعني
قالت من بين شهقاتها: - كنت واثقه انه مش هيسبنى فى حالى. هو فاكر انه لما يرجعنى البيت غصب عنى كده يبقى راجل وعرف سيطر عليا. بجد أنا بحتقره أوى أوى أوى. وعندى الموت أهون مليون مرة من انى أعيش معاه.
أخذتها ريهام فى حضنها قائله: - ربنا ينتقم منه. معلش يا ياسمين ربنا يخلصك منه
- اوعى تقولى لبابا يا ريهام مش عايزاه يتعب أكتر
- متقلقيش مش هجيبله سيره
باتت ياسمين ليلتها ولم يغمض لها جفن من الخوف والقلق. أخذت تفكر في حالها. وتشعر بالقلق مما سيحدث غداً. تمنت أن تنتهى القضية فى أقرب وقت لتعود حره مرة أخرى.
- صاحبة سماح اللى سألتنى عنها امبارح
تفوه أيمن هذه العبارة وهو جالس مع عمر فى مكتبه بالمزرعة. فقال عمر: - أيوة ياسمين مالها؟
- الحيوان جوزها مش سايبها فى حالها وكل شوية قارفها رسايل تهديد وحاجه قرف
عقد عمر ما بين حاجبيه قائلاً: - بيهددها بإيه
- عايزها ترجعله وتتنازل عن القضية
قال عمر بدهشة: - ازاى يعني عايزها تعيش معاه غصب عنها؟
- واحد مخه تعبان تقول ايه بأه.
التفت اليه أيمن قائلاً بإهتمام: - بص يا عمر البنت دى زى ما قولتلك هى زميلة سماح من أيام الجامعة وأقرب صاحبه ليها والاتنين زى الاخوات بالظبط. و سماح فعلا مضايقه عشانها أوى. وبصراحة هى كمان صعبانه عليا. هى بنت بسيطة ومن أسرة على أد حالها. وملهاش غير أبوها وأختها. يعني مقطوعين من شجره وملهاش حد يحميها أو يدافع عنها.
أومأ عمر برأسه وهو يتذكر الرجل والفتاة اللاذان رآهما فى المستشفى. فأكمل أيمن قائلاً: - أنا بصراحة فكرت فى حل. وقولت أعرضه عليك وأشوف رأيك
قال عمر بإهتمام: - قول
- ايه رأيك لو البنت دى تيجي تشتغل هنا فى المزرعة. ان شاله لحد ما قضيتها تخلص وتطلق من جوزها. بس على الاقل هتبقى بعيد عنه الفترة دى ومش هيقدر يعرف طريقها
قال عمر بسرعة: - مفيش مشكلة بالنسبة لى. تعد الفترة اللى هى عايزاها. قولى هى خريجة ايه.
- ايه يا عمر متركز بقولك زميلة سماح. يعني دكتورة بيطرية
رفع عمر حاجبيه قائلا: - كويس أوى. كدة هتلاقى أكتر من شغلانه فى المزرعة. تشوف ايه اللى يناسبها وأنا معنديش أى مشكلة
ابتسم له أيمن قائلا: - وأنا كنت متوقع ردك ده. بس فى نقطة تانية
- خير يا أيمن
- بالنسبة للسكن بتاع البنت مش معقول هتروح المنصورة كل يوم وترجع وانت عارف ان بين المنصورة والمزرعة ربع ساعة وكمان هى غريبة فى البلد دى ومتعرفهاش كويس.
أسرع عمر قائلا: - ودى كمان محلوله انت عارف ان عندنا مبنى كامل لسكن العمال اللى بييجوا من المحافظات والقرى التانية وقت الحصاد. تقدر تقعد في اوضة منهم مفيش مشكلة
اتسعت ابتسامة صديقة قائلا: - تمام كده الحمد لله
ثم وقف وتوجه الى الباب قائلا: - هكلم بأه سماح أقولها البشرى دى.
رن جرس هاتف ياسمين قامت من فراشها متثاقله لتحضره وردت بصوت مبحوح قائله: - السلام عليكم
- وعليكم السلام. اوعى أكون صحيتك
قالت ياسمين وهى تجاهد لتتماسك: - لا. كنت صاحيه
قالت سماح بقلق: - مال صوتك حصل حاجه؟
تساقطت العبرات من عينيها قائله: - لا مفيش. مش عايزة أشغلك بهمومى اللي ما بتخلصش. انتى أخبارك ايه
قالت سماح بحده: - سيبك منى دلوقتى وقوليلى اللى حصل يا إما لا أنا صحبتك ولا أعرفك.
تنهدت ياسمين بحسرة وقصت على صديقتها محاولة اختطاف مصطفى لها. صاحت سماح قائله: - معقوله توصل للدرجة دى
قالت ياسمين بأسى: - وأكتر من كده كمان. ده واحد انتهك حرمات ربنا وارتكب جريمة بشعة زى الزنا بدون ذرة ندم وبدون ما ضميره يوجعه. يبقى توقعى منه أى حاجه
- طيب بصى. عندى ليكي حل هيخلصك من الارف اللى انتى فيه ده لحد ما تطلقى منه
- حل ايه؟
- بصى انتى عارفه ان أيمن شغال فى مزرعة واحد صحبه. هو كلمه عن ظروفك وصاحبه ده وافق انك تيجي تشتغلى فى المزرعه. أهو تبعدى عن القاهرة وتسبيها ل مصطفى مخضرة. وميقدرش يعرف طريقك
قالت ياسمين بشك: - أسيب القاهرة ازاى يعني
- ركزى يا ياسمين. المزرعة اللى بيشتغل فيها أيمن فى بلد جمب المنصورة. شغلك واقامتك هتكون فى المزرعة.
قالت ياسمين بدهشة: - انتى عايزانى أسافر بلد معرفهاش وأشتغل عند ناس معرفهمش وكمان أقيم فى البلد دى. انتى بتهرجى يا سماح
قالت سماح محاولة اقناع صديقتها: - لا مش بهرج. ده حل عملى. وبعدين بالنسبة ان البلد متعرفيهاش انا هيكون بيني وبينك ربع ساعة يعني هجيلك وتجيلى مش هسيبك لوحدك. وبالنسبة للناس اللى هشتتغلى معاهم. ده أيمن جوزى وصاحبه وهو وصاحبه ده زى أنا وانتى كده.
- ولو يا سماح. اذا كنت وأنا أعده فى بيتي مش بسلم من كلام الناس وانتى عارفه مصطفى وأهله بيقولوا ايه عليا. ما بالك بأه لو روحت عشت لوحدى فى بلد غريبة هيقولوا عليا ايه
- يا بنتى محدش هيعرف مكانك. ما احنا عاملين كل ده عشان محدش يعرف مكانك ولا يعرف انتى فين ولا مع مين
قالت ياسمين بحزم: - مينفعش يا سماح مش هدى فرصة لحد انه يتكلم عليا أو يسئ الظن بيا. مستحيل أسافر.
قالت سماح بحزن: - وأنا اللى أول ما أيمن كلمنى كنت طايرة من الفرحه وقولت أتصل بكي أفرحك
قالت ياسمين بأسف: - معلش يا سماح أنا اسفه. بس مش هقدر أسافر
- طيب يا حبيبتى ربنا يحلها من عنده
- يارب
- لو احتجتى حاجه كلميني. ومتخرجيش من البيت الفترة دى
قالت بمراره: - هخرج أروح فين. اديني محبوسه أهو. خايفة حتى أبص من الشباك ألاقيه أدامى
- ربنا يخلصك منه على خير. يلا سلام هكلمك تانى اطمن عليكي.
- متحرمش منك بجد يا سماح. مع السلامة.
اتصل أيمن بصديقه ليخبره برفض ياسمين العمل فى مزرعته. صمت عمر قليلا ثم قال: - طيب هى رفضت ليه؟
- قالت ل سماح انها مش عايزه مشاكل تجلها بسبب شغلها فى المزرعة. لان جوزها وأهله مطلعين عليها كلام مش كويس عشان يخسروها القضية فمش عايزة تديهم فرصة انهم يمسكوا عليها غلطه
سكت أيمن قليلا ثم قال: - تصور الحيوان حاول يخطفها امبارح وهى نازله من مكتب المحامى
صاح عمر بدهشه: - يخطفها! ازاى يعني.
- اه والله كان عايز يركبها العربية غصب عنها لولا كان فى شباب ماشيين فى الشارع ضربوه وأنقذوها
قال عمر فى أسى: - لا حول ولا قوة الا بالله. ايه الاصرار العجيب ده على انه يرجعها
- قولتلك واحد مخه تعبان. أنا بس حبيت اقولك على ردها. وعلى العموم تسلم يا عمر. يلا أشوفك بكرة
صمت عمر يفكر ولم يجب. فقال أيمن: - عمر معايا؟
- أيمن قولها تيجي هى وأهلها
صمت أيمن قليلا ثم قال فى دهشة: - ازاى يعنى هى وأهلها.
- أبوها وأختها. مش هى كل مشكلتها انها مش عايزة تيجي لوحدها عشان محدش يتكلم عليها. خلاص تيجي معاهم وبكده محدش يقدر يفتح بقه
- اه يا عمر بس أهلها هيجوا يعملوا ايه يعني
- هى اختها خريجة ايه
- مش عارف بصراحة.
- طيب بالنسبة لاختها لو حبه تشتغل فى المزرعة مفيش مشكلة انت عارف ان المزرعة كبيرة جدا وبنحتاج فيها تخصصات كتير اوى يعني اكيد هنلاقى حاجه مناسبة ليها. وكمان والدها لو عايز يشتغل مفيش مشكله نشوفله حاجه مناسبه.
صال أيمن بشك: - أنا مش فاهم. انت ليه مهتم بالموضوع أوى كده. يعني مستغرب بصراحة من كلامك. هتجيبها هى وأهلها يشتغلوا فى المزرعة!
- انا كمان مستفيد من الموضوع ده مش خسران حاجه. هيشتغلوا ويكون ليهم مرتبهم وانا ليا الانتاج والفايده اللى هاخده من ورا شغلهم. يعنى تقدر تقول منفعه متبادله
- بس كده؟
تنهد عمر قائلا: - لا مش بس كده. بصراحة صعبانه عليا وحابب أساعدها. و طالما فى امكانى انى أساعدها فعلاً ليه لا
ابتسم أيمن قائلا: - انت حد طيب أوى يا عمر
- سيبك بس من الكلام ده. وخلى مراتك تعرض عليها الموضوع وابقى عرفنى ردها.
- خلاص تمام هخليها تكلمها وارد عليك
- خلاص اتفقنا وأنا منتظر ردها
أغلق عمر الهاتف وأخذ يفكر فى ياسمين وما يحدث لها.
لم تستطع سماح الانتظار الى الصباح وقامت من فورها لتتحدث الى صديقتها. قالت ياسمين بشك: - وهو صاحب جوزك ايه مصلحته فى كده
- ايه اللى ايه مصلحته. مصلحته انك هتشتغلى بمقابل ولو عايزة عمو و ريهام كمان يشتغلوا مفيش مشكلة
- طيب يعني هو ليه يعمل كده. هو ميعرفناش عشان يساعدنا كده
- أقول طور تقول احلبوه. بقولك صاحب أيمن جدا و أيمن قاله انك صحبتى جدا
- يعني بيعمل كده عشان يجامل صاحبه.
- لا هو قاله انه فعلا عايز يساعدك. هتعدى هناك انتى وأهلك فى المزرعة لحد ما تخلصى من الزفت مصطفى ده خالص ويتحكملك بالطلاق
صمتت ياسمين ولم تجب فحثتها سماح قالئله: - ساكته ليه انطقى
- بصراحة مش عارفه يا ٍ سماح خايفة يكون اتحرج من صاحبه فاضطر يعمل كده عشان ميزعلوش
- يا بنتى ده رجل أعمال يعني ميعرفش المجاملات يعرف الشغل وبس. وهو أصلا مش خسران حاجه. بالعكس كسبان ناس تشتغل فى المزرعة. يلا بأه متعقديهاش.
- القرار مش ليا لوحدى يا سماح ده قرار ريهام وبابا كمان. وبعدين انتى ناسية كلية ريهام
- لا مش ناسية وبسيطة الترم ده اخر ترم ليها وممكن تروح ع الامتحان على طول و ريهام انتى عارفه كليتها مبيهتموش بالحضور أوى زى كليتنا
- مش عارفه. هعرض الموضوع عليهم وأشوف هيقولوا ايه
- خلاص وأنا هستنى ردك.
أغلقت ياسمين مع صديقتها وظلت تفكر. فى كرم ذلك الرجل. لماذا يفتح لها مزرعته هى وأهلها. أمجامله لصديقه؟ أم بالفعل شعر بالاسى لحالها وأراد مساعدتها؟ استخارت ربها أولا. ثم عرضت الامر على والدها و ريهام. كان رد فعل ريهام هو الموافقة على الفور فهى تعلم المشاكل والخطر المحيط بأختها. أما عبد الحميد فقد تردد قليلا. ثم ما لبث ان وافق من أجل حماية ابنته حتى موعد النطق بالحكم، تحدد ميعاد السفر بعد اسبوع. رحل ثلاثتهم بعد الفجر لئلا يراهم أحد. وركبوا منطلقين الى تلك المزرعة.