قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية لعبة عاشق بقلم يسرا مسعد الفصل السابع

رواية لعبة عاشق الجزء الثاني يسرا مسعد

رواية لعبة عاشق بقلم يسرا مسعد الفصل السابع

لم يتغير المكان كثيرا بل ربما بقي على حالته خاطرة مرت بذهنها وهي تجتاز بسيارتها الرياضية البوابة المعدنية المنخفضة لذلك المنزل الحجري المكون من طابق
واحد والذي يحوي غرفتين لا أكثر كانت في الماضي مخباءا سريا لهما لا يعلم موقعه أي شخص سواهما ترجلت من سيارتها وهي واثقة أنه لا يزال يحتفظ بتلك الميزة فجاسر سليم لن يخاطر بسمعته إذا ما شوهد برفقتها وهو الرجل المتزوج .

الهواء كان باردا خاصة بمكان واسع يحيطه اللاشيء بعض النباتات القصيرة الغير مشذبة وهواء البحر يحمل صوت تضارب أمواجه وحرصت هي على ارتداء ملابس محتشمة مكونة من قمیص سماوي مقلم وسروال أزرق ينساب على ساقيها بنعومة بالغة ورفعت شعرها وثبته بدبوس ذهبي.

فهي مدعوة لعشاء، لم تحتاج لدق الباب فقد كان يقف حاملا فنجانا بمشروب ساخن وعيناه لا تفارقها قائلا وهو ينظر لساعته الثمينة:
- فكرتك توهتي فتقدمت منه بهدوء قائلة بثقة ودقات قلبها تتسارع:
- أبدا، المكان ماتغيرش أفسح لها الطريق مرحبا بها:
- اتفضلي دخلت وطالعت الغرفة الصغيرة التي لم ينالها أي تغيير درجتان
للأسفل وتصبح بمنتصفها ثم تقودها لمدفئة حجرية قديمة تقتات على الأخشاب لتشع الدفء في الغرفة بمواجهة برودة
رياح الخريف التي يحملها نسيم البحر من الشرفة الواسعة العبة والطاولة المستديرة داخلها تحمل فوقها شمعدانا أثريا من الفضة والشموع مضاءة وبعضها متناثر في الأركان وعلى السور المنخفض ابتسمت والتفت له بنعومة وقالت: - شموع وورد . اتغيرت يا جاسر ! !

ابتسم هازئا وقال: - أنا زي ما أنا ماتغيرتش وأنت زمان ماکنش بيهمك لا ورد ولا
شموع، واستطرد بمكر: - ماکنش بيهمك غيري أطلقت ضحكة ساخرة:
كنت هبلة، فعلا لازم اعترف حمل لها فنجان من الشاي الساخن وقدمه لها وقال معترضا:
- کنت بريئة، براءة الحب والأحلام تناولت منه الفنجان وشربت منه القليل
وقالت بعزم: - في دي أنا فعلا اتغيرت، خصوصا أني أخدت أعظم درس على
إيديك حرك لها المقعد المبطن بقماش القطيفة لتجلس وجلس أمامها
قائلا بسخرية: - مافيش داعي للشكر ولو أن أنت كان عندك الإستعداد
وضعت الفنجان وقالت بمرح: - واضح أنه مش عشا وهنقضيها على فنجان الشاي ده والأتهامات المتبادلة.

وضع الفنجان وقال بهدوء:
- لا إزاي ده أنا حتى مستنيكي من ساعتها قام وشمر عن ساعديه وشرع بإنهاء طعام العشاء الذي كان يعده بنفسه وقامت هي وراءه لتمد له يد المساعدة قائلة:
- أنا ححضر السلاط
لم يعترض ودفع لها بسلة الخضروات لتقوم بالعمل ثم قال بلطف
- إيه اللي رجعك يا داليا ؟
قالت بحنين: - اشتقت لبلدي
أجاب غیر مصدقا: - ولو أنك زمان کنت مشتاقه تسافري بأي شكل
هزت رأسها نافية وقالت: | كنت مشتاقه إني أسيب البلد ونهرب سوا، نبعد عن الكل، بس
أنت طلعت أذكى مني
ضحك هازئا: - لا الصراحة الأذکی کان أمين الزهري وضعت السكين بعدما انتهت من التقطيع وقالت بنبرة حزينة:
- وحملتني ذنبه
أطفأ الموقد وشرع بإعداد الأطباق وقال بعد وهلة: - ماکنش مذنب، كان حقه ولو كنت مكانه كنت هعمل زيه ضحكت بهسيترية حتى ظن أنها فقدت عقلها وفکت خصلات
شعرها ثم قالت: - سوري بجد، بس أنت ألعن منه على الأقل هوا كان بيعمل أي حاجه عشان يحميني أنا وبس أنما أنت بتعمل كل حاجة عشان
تحمي كل حد في حياتك وأردفت بحقد:

- حتى لو ممكن يأذيك هز رأسه متفکها وصب الطعام وتذوقه تحت ناظريها ثم مد لها
بالطبق وعيناه لاتحيد عنها
قائلا: - بون آبتی، وماتقلقيش أنا دوقت المكرونة قدامك بس الشاي
وترك جملته معلقة في الهواء وسار بطبقه للشرفة وسارت خلفه وعيناها تلمعان بجزل ثم جلست أمامه بهدوء قائلة:
- زیاد بدأت ترجعله ذاكرته
شرع في الأكل وقال بإحتقار: - ودي حاجه تتنسي شركة قيمتها ملايين تروح منه في ستريب بوکر
أطلقت ضحكة ساخرة وقالت: - تخیل، مش معقول، أنا كمان ولا ملايين الدنيا تخليني أعملها
ثم استطردت بقوة:
- ولا عملتها . ركز أنظاره عليها والتمعت عيناه بمكر وقال: - برافو یا داليا بس باتری ممكن تلعبيها لو كنت أنا الخصم ؟ زمت شفتيها وتركت الشوكة جانبا وقالت بإستهزاء:
- وأنا اللي كنت فاكراها دعوة عشا بريئة.

قال:
- اللعبة لسه ماخلصتش باداليا، وأردف بتهدید:
- ومش هنخلص إلا لما الشركة ترجعلي . مدت يدها لكوب الماء وارتشفت منه القليل وقالت:
- وأنا هرجعالك يا جاسر بس بشرط التمعت عيناه وقال:
- أيه هوا ؟ دفعت بخصلات شعرها للخلف وقالت بدلال مفرط:
- نتجوز وهكذا ألقت قنبلتها بشفاة قرمزية وبقي هو يحملق بها حتى
ارتعشت شفتاه بابتسامة غامضة

عادت للمنزل منذ يومان وتقبل هو عودتها شاردا حتى أنه رحب بأبنائه بهدوء بالغ
وصدقت أمها فالبعد جفاء بالفعل وقفت تنظم الأزهار التي تحملها كل صباح لركنها المميز في هذا القصر الشاسع، أزهارا تزرعها بنفسها وتحرص دوما على الإعتناء بها ولكن أزهارها ضعيفة لا تتحمل برودة الخريف

وتقلب أجواءه أزهارها مثلها، لم تعد قادرة على تحمل الصعوبات التي تمر بها تتمنى لو تنقشع الغيوم وتعود الشمس لتسيطر على سماء الأرض
هي مخلوقة صيفيه بل هي أقرب للربيع من يقول أن الشتاء مطر وفنجان قهوة وصوت فيروز، لایدری نعمة الشمس ولا جمال دفئها وصفاء شعاعها وحرارة الجو
الصافية بفضلها وأما عن صوت فيروز فهو يشع شتاءا وصيفا فلم عساها تتمتع به فقط تحت وطأة زمهریر.

- صباح الخير
نبرة صوته الدافئة أرسلت لجسدها القشعريرة فالتفتت له وتركت
الأزهار هامسة:
- صباح النور جلس لطاولة الطعام ليتناول فطوره الذي حمله من المطبخ في
هدوء ثم قال: - الولاد فين مش سامعلهم صوت ؟ ! | تابعت عملها بأصابع متوترة وأجابته متوقعة منه الزجر: - طلعوا رحله للمكتبة تبع النادي هعدي عليهم الساعة ۱۲ أخدهم.

ابتسم لها على حين غرة: كبروا، وبيطلعوا رحلات دلوقتي
ابتسمت له بصفاء وقالت: - وسليم ماشي الصبح عمال ينبه على سلمى تمسك إيده
وماتبصش على حد
أطلق ضحكة عالية وبعدها ساد الصمت بينهما وظل ينظر لها ثم
قال بحنان دافيء: - ماتسيبي الورد اللي في إيدك ده وتعالي اقعدي معايا
هاربة هي بكل تفاصيلها وبالأخص عيناها وكلما عمدت للهروب استهوته مطارداتها لتعود بمكمنه هادئة
فيطمئن هو لسكونها نظرت له متوترة ولا تعلم لم قفزت الدموع لعيونها لقد فقدت القدرة على التقرب منه بحديث سوی بکلمات
متناثرة عن حال الصغار ولم تكن يوما ماهرة بالحكي عن نفسها أو عن مشاعرها وهو غامض ككهف حالك السواد لاتدري مابه ولا بأي أرض
تطأ إلا عندما يرشدها هو بضوء خافت
جلست أمامه صامتة وبادرها بمسكة حانية لكفها البارد وقال هامسا:

- إيديكي ساقعه هزت رأسها وحاولت سحب كفها ولكنه استبقاها بل وحاصر
الآخرى وقال بدفء: - أنا عارف أني ساعات بضغط عليكي وعارف ومقدر کویس أنك بتستحمليني لكني دايما واثق أنك هتفضلي على طول
مستحملاني، ثم رفع ذقنها بطرف إصبعه وحملق بعيناها البنية الدافئة واستطرد
برجاء: - يا تری أنا غلطان ياسالي ؟ ياترى بطلتي تستحمليني ؟
هزت رأسها نافية وانهمرت دموعها وقالت:
- أبدا، عمري

مسح دموعها سريعا وقال بصوت أجش:
- ماتعطيش مابستحملش دموعك
وغمرها بأحضانه وهو يربت على كتفها ثم قبل رأسها وقال
بهدوء: - أنا هروح الشغل دلوقت لو عوزتي حاجة كلميني
وهكذا كما يقولون " شمس الشتاء عزيزة " كذلك شمس مشاعرة ودفئه الذي يغمرها به فما كانت سوى دقائق معدودة حظيت بها بقرية لم تثرثر، لم تبح بما يعتمل بصدرها من مخاوف
فقط طمأنته أنها ستظل دوما إلى جواره واطمأنت أنه لايزال يرغب بذاك القرب

لأول مرة يتعالي صوتها بصراخ في وجهه فهي كانت تعامله دوما
معاملة الأطفال على الرغم من أنها تصغره بخمسة أعوام لا تلجأ للصراخ ولا المطالب بصوت مرتفع وإلا بادراها بالعند ولكن فاض الكيل
- فيه أيه بينك وبينها ؟ !
رد زاعقا:
- قولتلك مافيش حاجه - وبعتلها ليه الشركة وفجأة ومنغير أي مقدمات
هدر بها: - مالكيش دعوة بشغلي، شغلي وأنا حر فيه اتجهت لحقيبتها وأخرجت هاتفها والصورة التي لازالت تحتفظ
بها: - والصورة دي كانت شغل برضه یا زیاد ؟ ! !

حملق في الصورة وقال مرتبكا: - كمان باعته جواسيسك ورايا
ردت حانقة: - أنا مابعتش حد وراك الصورة دي وصلتني من حد من مصلحته
أنه يوصلهالي
ثم اقتربت منه وقالت هامسة بحرقة: - ولأن ثقتي فيك كانت أكبر أن مادیتهاش أهمية، لذلك ولآخر مرة بازياد بسألك فيه أيه بينك وبين داليا الزهري ؟
رفع رأسه وقال بتصميم: - مافيش، عاوزة تصدقي أنت حرة مش عاوزة برضه أنت حرة
وخرج وتركها
خرج هاربا خرج لأنه بات لايقوى على المواجهة مواجهة واقع أنه خسر عمله وشركته وأمواله وعلى وشك خسران
زواجه واستقراره بالكامل

عيناه كانتا تلمتع بغضب وحشي وهو يراقب تقدمها داخل بوابة
الشركة من نافذة مكتبه
متأخرة بساعة كاملة
بعد ما حدث بالأمس وتجاهلها الرد عليه وتلك الرسالة النصية
المختصرة جدا | تظهر في اليوم التالي متأخرة ! ! رفع سماعة الهاتف ثم قال لموظف الأمن:
- مدام درية وصلت يا عرفة

أتاه الرد:
- أيوه يا باشمهندس وطلعت على فوق قام وخلع سترته القائمة السواد وشمر عن ذراعيه وسار بخطوات حازمة حتى الخارج وطالعته السكرتيرة بنظرة مشوبة بالإعجاب
وخاصة أن هيئته كانت أقرب لأحد ممثلي هوليود بقميصه وسرواله الأسوديين وخصلات شعره التي قصرت بعض الشيء ولكنها لازالت تقترب من یافته فهبت واقفة وقالت بغنج:
- تؤمر بأي حاجة ياباشمهندس نظر لها بطرف عيناه وهو يطالع الحسناء التي استقرت على
مكتبها منذ ثلاثة أسابيع لا اكثر ثم اقترب منها بحميمية وقال:
- فكريني بإسمك تاني ؟ قالت بصوت مبحوح:
- میار
هز رأسه بغموض ومضي في طريقه وتركها كانت لازالت تفاصيل صباحها بل مساؤها المشحون تطاردها، عراك محتدم بينها وبين العميد الذي هدر بها غاضبا " هتتجوزيه.

ورجلك فوق رقبتك " واستيقظت لتجد أن والدها قد غادر تاركا لها مظروفا يحمل
عشرة آلآلآف من الجنيهات أهكذا يظن ؟ ! ! يحمل لها حفنة من الأموال لتنصاع لأوامره
هي ماعادت طفله كانت تدق بأصابع متوترة على لوحة مفاتيح الحاسوب تراجع
قيمة أسهم الشركات المنافسة ومن حين لآخر ترتشف القهوة الساخنة التي حرقت حلقها
ولكنها تابعت الشرب غير عابئة العبة عاشق
والسؤال الحانق يتردد بداخلها عابثا بسلامها النفسي
" أيظن أنها لازالت طفلة ؟ ! ! " توقف المصعد وفتح الباب وظهر بهيئته الشيطانية وسار بعنجهية مفرطة متجاهلا النظر إليها فطالعته متعجبة وهو يتجه لغرفة مكتبه التي لم يطأها من قبل واستمعت لنبرة صوته الآمرة قائلا ببرود:

- ورايا
اتسعت عيناها بغضب ماجن
أهكذا أصبح هو الآخر يتحدث إليها ! ! ! | وكعادتها عندما تغضب تأخذ شهيقا عميقا وتتوالى الأرقام
داخلها حتى العشرون، فالعشرة لم تكن يوما كافية طرقت الأرض الرخامية بحذائها المدبب وحاولت مسح ملامح الغضب المنحوتة بدقة على وجهها مكتفية بتقطيبة جبين واضحة لم تحتاج لطرق الباب فقد كان مفتوحا على مصراعيه إلى أن
دلفت منه فأغلقه ورائها بهدوء
وبعثر التوتر مشاعر الغضب داخلها
فوجودهما فقط في الطابق سویا خلوة كافية
فلم عساه يوصد الباب عليهما ؟ ! ! وكأنما استمع لمخاوفها فابتسم لها وقال بإستهزاء تام:
- عاملة إيه يادرية ؟ أزيك وأزي الولاد ؟

قطبت جبينها أكثر وقالت معترضة: - إيه الأسلوب اللي بتكلمني بيه ده ؟
أشار لها بيده مستفهما قائلا بحدة: - ليه ؟ ما أحنا أصلنا جايين نتسامر مش نشتغل وكانت الحدة من نصيبها هي الأخرى:
- أفندم ؟ ! !
اقترب منها صارخا: - ماهو أنا لما أبعتك مأمورية وبدال ماتتفضلي وتتكرمي وتتعطفي تردي عليا حضرتك تروحی بیتکو ولا كأن فيه أي
حاجة، يبقى احنا جايين نتسامر، ماهو أنا أصبی کنت باعتك
تسلي روحك مع العضو المنتدب في شركة الزهري فاقتربت منه هي الأخرى وبرقت بعيناها بوحشية في مواجهته
قائلة: - أنا ماسمحلكش يا أسامة ولحد هنا وكفاية، أنا ما وافقتش على
التمثيلية دي عشان في الآخر اضطر اسمع سخافتك وهمت بإنصراف ولكن أنامله كانت الأسبق فقبض على ذراعها بحزم وأدارها لتواجهه مرة أخرى فاتسعت عيناها بذهول غاضب
- أنت اتجننت أنت أزاي تمسكني كده ؟
تجاهل اعتراضها وقال بجنون:
- عمل إيه معاكي إمبارح ؟ جذبت ذراعها تلك المرة بقوة وقالت بحزم: - لما تبقى تهدي وتعرف أنت بتقول إيه يبقى نتكلم
وفتحت الباب ودفعته ورائها بقوة
وعادت مرة أخرى إلى حيث مكتبها ووجهها أحمر كقرص الشمس لحظة الغروب وداخلها مكتظ بكل مشاعر الغضب
والجنون وكانت تلك المرة الأولي له التي يراها في تلك الحالة فبادرها بسؤال مهتم:

خیر پادرية، مالك ؟ ! | ولم يحتاج لإجابة درية التي عادت لمقعدها وهي تحييه بإقتضاب فقد كان ظل أخيه الذي يندفع من الغرفة تسبقه
شياطين السعير خير إجابة
فقال بهدوء قدر استطاعته:
- صباح الخير يا أسامة ثم تناقلت نظراته بين الأثنين وأردف ساخرا:
- ولو أنه مش باين ثم عاد لتوجيه حديثه لأخيه الذي كان بإنتظار المصعد ببرود:
- أسامة، عاوزك
ودخل مكتبه فالتفت الأخير له وأطلق نظرة متوعدة بإتجاه تلك
التي تتجاهله متعمدة فاقترب منها هامسا بوعيد:
كلامنا لسه ماخلصش

أغلق جاسر الباب بهدوء وقال بصوت لا يقبل الجدال: - عشان نبقي واضحين ياأسامة . أيا ما كان اللي في دماغك لحد
درية وستوب التفت له وضحك ساخرا محدقا فيه بتحد تام: - وأنت بقى اللي هتعرفني إيه اللي عنده وأقف ؟
أشار له جاسر بإصبعه مهددا: - أبعد عن درية يا أسامة هز رأسه وقال بعند:
- مايخصكش یا جاسر، أنت اللي لازم تعرف حدودك أنا مش

عیل صغير ولا أنا زیاد كانا على وشك الدخول في عراك محتدم لولا طرقات درية
الهادئة التي قطعت لحظاتهما المشحونة دخلت بهدوء لتضع على سطح مكتب جاسر أوراقها التي تحملها
قائلة برود متجاهله صراع الأسود الذي يدور في الخلفية: - دي نسختين من تقرير عملته عن حركة الأسهم والمعلومات اللي وصلتلها من مأمورية إمبارح، باشمهندس أسامة . ثم أردفت

بحزم: - زائد طلب أجازة لآخر الأسبوع یا جاسر من فضلك نظر لهما جاسر حانقا وقال بحدة موجها حديثه لأخيه:
- مأمورية أيه ؟ سدد أسامة نظرة غاضبة نحو درية التي كانت تبادله النظرات
متحدية غير عابئة وقال بهدوء غامض:
- هتعرف من التقرير اللي عملته درية لعبة عاشق
ثم انصرف اتجه جاسر لمكتبه وهمت درية بالإنصراف هي الأخرى حتى
استوقفها جاسر قائلا بوضوح: - ياترى الأجازة دي رد فعل على تصرفات أخويا ؟ ! |
التفتت له وقالت وهي ترواغه: - أنا عارفة أنه التوقيت مش مناسب بس أنا مضغوطة من كذا ناحية واتطمن أحنا مع بعض على التليفون وهقطعها لو حصلت
أي تطورات هز رأسه موافقا وقال بصوت لا يقبل الجدال: - ابعتي البديل وخدي بقية اليوم راحة وبكرة، بعده تكوني على
مكتبك ثم طالعت عيناه التقرير الذي أعدته وتعجب من دقة الأرقام فقال وهو يسدد نحوها نظرة ماكرة: - يظهر أنه من الأفضل ماعرفش نوع المأمورية
فأشاحت بأنظارها بخجل وخرجت صامتة فماذا عساها أن تخبره ؟ ! أنها قد تقمصت دور إمرأة لعوب للحصول على معلومات بالغة السرية فقط لساعتين زمن ولو استمرت لربما حصلت على ماهو أكثر، فهذا العضو المنتدب رجل أهوج قد يورط الشركة في مصائب مقابل رفقة حسناء، وبدلا من أن يوجه أخيه الشكر لها
بادرها بإتهامات مخزية .

طلته كانت مختلفة بعيناها
طلتها هي الأخرى كانت مختلفة بعيناه لم تستاء من التغيرات التي طرأت على مظهره لأنها كانت واثقة تماما من معدنه وطيبة قلبه ولكن الإستياء كان من نصيبه فقال
متبرما: - عمل فيكي إيه الوحش الكاسر ؟ ضحكت بتوتر وهي ترحب به يإهتمام بالغ:
- اتفضل يا أسامة، أزيك عامل إيه ؟ ! ! رفت نظراته وهو يطالعها قائلا:
- خسيتي ابتسمت بحبور وقالت:
- بجد، أهوه أديني بحاول إبتسامتها لم تصل لعيناها قط وسرعان ماغابت عن شفتيها وهي
تقوده للداخل
قائلة بهدوء: - أظن أنه سوسن هانم نايمة دلوقت بس هيا ممكن تصحی کمان شوية.

رد بهدوء: - ولا يهمك أنا ممكن أقضي بقية اليوم معاكم ده لو ماکنش
بدايق التفتت له وهي تنفي سريعا:
- بالعكس أبدا ده أنت تنورنا
- سالي أنت بطلة باغتها بتلك الكلمات عندما همت بالإنصراف للقيام بواجب
الضيافة فالتفتت له قائلة بتوتر:
- ليه بتقول كده ؟
قال وكأنما يؤكد لها حقيقة: - اللي تعاشر جاسر والنسخة الأنثوية منه لازم تكون بطلة
ثم أردف بلطف: - ماتعمليش حاجة وتعالي احكيلي مالك، ليه شكلك تعيس کده

توقفت الكلمات عند شفتيها وحشر صوتها في حلقها حتى ظنت أنها ستختنق والدموع هددت بإنهيار مزر أمامه فهزت رأسها
نافية وقالت وهي تشدو هروبا: - تعرف أنت بتفكرني ببابا الله يرحمه، كنت ممكن أعرف أمثل
على ماما لكن بابا . . .
وصمتت وجاهدت الدموع التي توالت بالطرق على جفونها بقوة أكبر عند ذكرى والدها الحبيب ثم أردفت بصوت متحشرج:
- كان بيقفشني كل مرة، خليها وقت تاني يا أسامة أنا ورايا مشوار مهم . . الولاد فوق في أوضتهم بيلعبوا لو تحب تقعد معاهم
وتركته ينظر لهروبها بحيره لاعنا أخيه في سره
قضى فترة لا بأس بها باللهو مع أبناء أخيه، سليم كان يتحاشي اللهو بصخب وعندما يهم بفعل ما يتراجع عنه سريعا وكأنما يخشى التمتع باللعب حقا كأي طفل في الثامنة من عمره، أما سلمى فكانت فتاة بريئة مرحة لم تكف عن السؤال عن ابنة عمها وإلى أين ذهبت وكيف لها أن تتركهم فكان سليم يقاطعها بعنف عندما تذكرها
حتى هدئه أسامة وقال له: - براحة على أختك يا سلیم، أنت لازم تكون حنين عليها وتحميها مش تزعقلها وتتخانق معاها فرد سليم متبرما:

- ماهي أسئلتها غبية
ابتسم له عمه بدفء وقال: - عشان بتسأل عن مريم، طيب أنت ماوحشتکش ؟
هز رأسه وقال بحزن:
- وحشتني
فرد أسامة بحنان: - أنا كمان وحشتني جدا بس اللي مصبرني أنها عند ربنا في
الجنة بتلعب ومبسوطة فقالت سلمى بعقل طفلة في الخامسة من عمرها لاتستوعب
معنى الفراق: - طب مانروحلها نلعب معاها
هز العم رأسه مؤكدا بهدوء: - هنروحلها . في يوم من الأيام كلنا هنروحلها.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة