رواية لازلت أتنفسك للكاتبتان آية عبد العليم و نهال مصطفى الفصل الثالث عشر
قد يحدث أن تهديك الحياة إنسانًا يتسلل داخلك من ثقب لا يؤدي إلا لصميم قلبك، ستحبه وسينسيك جميع من كانوا قبله سترضى به رغم أنك شخص يرفض كل شيء باستمرار، يرتعد من قرب الأشخاص ويخشاهم كأنهم كائنات شرسة كُل هدفها أن تفتك به، ولكن .. لم تكن في يوم تتوقع أنك ستحب أحداً بهذه الكثرة المتكتلة، ستراه مختلفًا عنهم..ستحب الحياة لأنه سيجعلها تبدو مختلفه ب عينك، وتكره كل شيء يأتي بغيره ولا يأتي به .
تقف أمام أعتاب شقته ترمقه بنظرات شوق وحب وعدم تصديق أيضًا، كورت أصابع يديها وكفيها معًا، تبلل حلقها باستمرارية وتتعالى ضربات قلبها بفرحة وهى تتأمله لأول مرة تدخل بيته وهى صاحبة هذا البيت، اليوم تحررت أحلامها السجينة لامسة أعنان السماء ..
مدهش هذا الحب .. كيف يحوّل شخص واحد بإتصال واحد فقط .. برسالة واحدة .. بكلمة واحدة .. يغير حياة الشخص من العدم إلى الوجود .. من التعب إلى العافية .. كيف يعيد له رئتيه ونبض قلبه .. وملامحه .. وضحكته ..وشعوره بالرغبة في الحياة أكثر .. الحبّ شيء أقرب لنفخ الروح ..
رمقها بنظرة خاطفة ليراقب شرودها به قائلًا بغمز
- هتفضلي تبصيلي كدة كتير هرتبك ومش هعرف افتح الباب !
تراجعت خطوه للخلف بتلقائية قائلة
- الله ! وأنا عملت حاجة ؟
انحنى بالقرب من أذنها قائلًا
- بس عيونك عملوا !
رفعت عينيها نحوه بابتسامة خفيفة قائلة بمزاح
- أنت هتشتغلني !
تنحنح بخفوت قائلاً
- بيكهربوني والله .. بحس إني عاوز أحضنهم وبس !
ابتعدت عنه بتلقائية وجسد خائف من اسعهم نظراته المصوبه نحو قلبها قائلة
- أخواتي وحشونى أوي على فكرة ..
انتصب عوده بهدوء مردفًا
- وأختهم وحشتني أكتر ..
اصطنتعت الجدية خافية ورائها ضحكة مكتومة
- احنا اتفقنا على إيه ! افتح الباب بقى وبلاش اتفاقات عيال ..
قطب حاجبيه مصطنع الدهشة
- احنا اتفقنا على حاجة ! أنا حقيقي مش فاكر ..
ضاقت حدقة عيونها مردفة بمزاح
- كنت عارفة إنك هتغدر .. بس مااشي هنشوف كلام مين فينا اللي هيمشي ..
رمقها بنظرة طويلة من شعر رأسها لقدم رجلها قائلا بتحدٍ:
- كدة بنلعب في عداد حبك !
أردفت بعناد طفلة بدون تفكير
- عداد عمرك ! قولوا أمثال صح بقى ..
جز على شفته السفلية بتوعد قائلا
- من أولها كدة ..
حاولت هان تهرب من نظراته التي لا تشع إلا حبًا، فجأه اختطفت المفاتيح من بين يده وهى تتأهب لفتح الباب
- كفايه لكلوك بقى .. أنت نسيت احنا على السلم ..
وقف زين خلفها فمال بجسده نحوها ليستقيم عليها قائلًا
- في دي معاكي حق .. كفايه لوكلوك .. فيه حاجات أهم ..
فتحت الباب سريعا لتفر من حصار أنفاسه التي زلزلتها وهى تنادي على إخوتها
- عمرررر .. زينةةة ..
ركضت أختها نحوها بلهفة
عمر بلوم: كنتي فين كل دا ..
تدخل زين في الحوار سريعا
- أنت بتحاسبها وأنا واقف يا ولاه ..
وضع الصغير كفيه في خصره بحركو طفولية مردفًا
- سيبنى أحاسب أختي براحتي لو سمحت ..
كتمت داليدا صوت ضحكتها ولكنها فوجئت بزين يضع ساعده على كتفيها قائلًا بثقة
- دا كان زمان .. دلوقتي بقت مراتي ومش من حق أي مخلوق يحاسبها غيرى .. سوري يعني حتى أنت ياعمر باشا ..
نظر عمر لها بعيون ضيقة قائلًا في شك
- الكلام دا حقيقي ياديدا !
أومأت داليدا رأسها إيجابًا وبثغر متبسم، هللت زينة بتلقائية وجنون طفولي، عاود زين حديثه نحو عمر قائلًا
- هااا أي أوامر تانية ياباشا !
اصطنع عمر التفكير قائلًا
- لا خلاص سماح المرة دى ..
نكث زين علي ركبته ليبقى بمستواهما قائلًا بحنو
- طيب يلا باركولنا أنا وديدا .. وفكروا كدة حابين تتسافروا فين على بال ماأطلب الغدا ..
زينه بعفوية: الف مبروك ياديدا .. ماما كان نفسها أوي تشوفك عروسو بفستان أبيض ..
ذرفت دمعة من طرف عيني داليدا لجملة أختها التي خدشت جدار قلبها، تدخل زين سريعًا قائلًا
- وأحلى فستان أبيض هتلبسه يا زنزون، وبعدين من النهاردة أنا هعوض داليدا عن كل حاجة وهابقي ليها أبوها وأمها وابنها وأخوكم الكبير كمان .. قولتوا إيه !
طوقته زينه بذراعيها القصيرين بحب قائلة
- انا بحبك اووى يااعموو ..
ربت زين على ظهرها بحنو قائلاً
- وأنا أكتر ياقلب عمو ..
في فندق بالجيزة
دلف فريد غرفته مطأطأ الرأس، فركضت مارتن نحوه بلهفة مردفة
- أخبرني .. ماذا فعلت ؟
إتكأ على أقرب أريكة بتثاقل قائلاً
- ولا أي حاجة يامارتن .. بس جبت الإيميل بتاعها .
ابتسمت بتفاؤل وهى تجلس بجواره
- إنها خطوة مبشرة، ماذا تنتظر أرسل لها رسالة الآن .
فتح هاتفه باحثًا عن إيميلها الإلكتروني، فوجد صورتها الشخصية، فتحها بلهفه قائلا
- أهي داليدا أهي، شبهي أوي، سعاد مكانتش تكدب لما قالتلي البنت دي واخدة كل ملامحك .. شايفة يامارتن شايفة جميله إزاي ..
تناولت الهاتف من يده لتتأمل الصورة قائلة بفرحه
- إنها جميلة حق.ا .. هيا أرسل لها رسالتك ..
أخذ الهاتف منها مرة أخرى، وتأهب ليكتب لها ولكنه توقف فجأة لم يعرف ماذا سيكتب، ماذا سيقول، كيف ستستقبل رسالته، حروف اللغة وكل اللغات أصبحوا عاجزين عن وصف حالته .. التفتت له زوجته قائلة
- لما توقفت ؟
- مش عارف أكتبلها إيه .. وياترى هترد تقول إيه ! خايف من مواجهتها أوي ياماري ..
طافت عيناها بحيرو ثم قالت
- افعل المستطاع كي لاتندم آجلا ..
أومأ رأسه بضيق ثم كتب رسالته إليها
متستغربيش وأنا بكتبلك، داليدا وحشتيني أوي نفسي أشوفك وأشبع منك وأحضنك، لازم نتقابل ونتكلم، داليدا بترجاكي أول ماتشوفي الرسالة تردي ماتتجاهليهاش ياحبيبتي .. أبوكي فريد نور الدين
ثم ضغط على زر الإرسال بعد تردد استغرق عدة دقائق، ربتت مارتن على كتفه بحنو قائلة
- اطمئن ستعود، ستعود إلى أحضانك مرة أخرى ..
في إحدى الكافيهات
دماغ حضرتك عجباني أوي .. وكلها بزنيس بس محتاجة اللي يوجهها صح
أردف فايز جملته وهو يجلس أمام فريدة بعد ما ارتشف فنجان قهوته .. رفعت فريدة حاجبها الأيسر بتعجب
- والله ! والنظريه دي حد قالهالك ولا استنتجتها من وحي خيالك ..
غمز بطرف عينه مردفًا
- الراجل الذكي اللي يقرأ عيون الست ويفهمها من غير ماتتكلم ..
ضحكت بصوت أنثوي عالي قائلة
- وأنت قريت في عيوني البزنيس وبس !
رمقها بنظرة سريعة مردفًا بخبث
- بصراحة لاقي فيهم توهه وحيرة بس محبتش أدخل في أمور شخصية، اكتفيت بصفحه البزنيس وبس ..
رمقته بعيون لامعة قائلة
- حد قالك قبل كده إنك كلامنجب !
هز رأسه نفيًا ثم قال بثقه
- من أيام الجامعة كانوا مسميني دنجوان .. بس كلامنجي دي محدش قالهالي غيرك ..
ارتشفت كوب العصير أمامها ثم أردفت قائلة
- أنا قبلت عزومتك من باب الاعتذار على اللي حصل الصبح، وحقيقي دي أحلى صدفة حصلتلي وحاسة إنها مش هتكون آخر مرة نتقابل فيها .
التوت شفته جنبًا بخبث قائلًا
- شكلغى مش وحدي وبس اللى كلامنجي .. الظاهر كدة فريدة هانم رشوان هتغلبنى !
ضحكة أنثويه فاجرو انطلقت من جوفها قائلة
- شكلنا كدة هنعمل شغل حلو سوا ..
غمز بطرف عينه قائلًا
- هنعمل حاجات كتير حلوة سوى ..
في شقة زين
واقفة في منتصف المطبخ المطل على صالة الشقة ذات الطراز الحديث تترقبه وهو يلهو مع إخوتها بحب وفرحه، لأول مرة تراه مرحًا لهذا الحد، بتلقائية اقتربت من الورقة والقلم بجانبها لتقص حال قلبها على الأوراق، لأول مرة تحضن قلمها بحب تحضنه وهى ممتلئة بنيران الحب بدلًا من نيران الفقد، مشتعلة بضوء القرب بدلًا من عتمة البعد، التقطت نفسًا طويلاً ثم كتبت...
لازلت اتأملك جيدًا، حين تبتسم وتتحدث حين تلهو رأيت بك طفلًا فاته قطار العمر محافظًا على كتلة الرفاهية بداخلة ثم ألتفت وأتنفس بهدوء محاولة استجماع قوّتي، كم هو أمرٌ مُرهق لو تعلم .. للمرة الأولى أشعر وكأنني خلقت لاحتضانك لأجلك أنا لك ومنك وبك أكون لأنك لي الحياة، ركن فراشي الذي ألجأ اليه لاختبئ من وحشية العالم لم أبكي يومًا إلا وكان صدرك لي مأوى، ولم أقع يومًا إلا وكان كتفك لي سَندًا لا يميل وإن مالت الدنيا، لم أشعر يومًا بالوحدة طالما أنك بجانبى، لأنك صديقي الأقرب والأحب والأوحد والوحيد.. أرجوك لا تتوقف عن كونك شخصي المفضل .. بك قلبي يتنفس
لم تفق من شرودها إلا على حصار ذراعيه حول خصرها مردفًا بحنو
- اللي واخدك مننا ياجميل !
فزعت من موضعها ثم أردفت قائلة بتوتر
- يازين ابعد عشان أخواتي ميصحش !
قهقهة بصوت مرتفع على تلقائيتها قائلًا
- وأنا شاقطك من جامعة الدول ! وبعدين مراتي أعمل اللي أنا عاوزه وأنتي كمان ماتعترضيش تقولي نعم وحاضر وبس ياوزة .. مفهوم !
فكت قبضة ذراعيه الحديد. بصعوبة ثم ابتعدت عنه قائلة
- أنا كنت عارفة من الأول إني بتفق مع عيل .. وبعدين فيك .!
أردف بتلقائية
- وبعدين فيكي أنتِ ؟
ألقت نظرة خاطفه على جسدها قائلة
- يابنب وأنا مالي بس منا طبيعية أهو ولا أنت عاوز تلبسني مصيبة وخلاص ..
أغمض عينيه لبرهه ثم قال بغمز
- شغالة تحلوي كدة ومحدش هامك .. ما براحة على العبد لله !
وضعت أناملها فوق شفتها فانفجرت ضاحكة
- روح كدة شوف شغلك طيب بدل ماأنت قاعدلنا كدة ولما ترجع نكمل كلامنا ونشوف موضوع احلويت دا !
فكر قليلاً ثم قال
- بس أنا معنديش مانع أشوفه دلوقتى حالًا .. أصل الأمور دي ماتحتملش التأجيل ياديدا !
حاولت أن تشغل نفسها بأي شيء أمامها ثم وقعت عيناه على الورقة البيضاء فوق المطبخ، مرر عينيه عليها فكانت مجموعة من الحروف لها القدرة الخاصة لرسم ابتسامه ساحرة على وجهه ثم قال بمزاح
- دانتي واقعة فيا من زمان بقى !
نظرت له بعيون ضيقة فقالت بنبره طفولية
- والله ! دمك بقى تقيل أوي على فكرة ..
قرب منها على الفور وهو يحاوطها من خصرها مردفًا
- منا لما أرويه منك دلوقتي هيخف وهيبقى زي الشهد .. ارضي علينا أنتي بس !
تبادلا الأنظار لدقائق ثم أردفت داليدا بفضول
- بتحبني أوي كدة يا زين !
تنهد بحب فقال
- ياستي أنا أول مابشوفك عقلي بيقف .. دا مش سبب كافي إني أكون بموت فيكي !
فقدت وعيها للحظات انفلت زمام سيطرتها على ذراعيها كأن كلماته كانت أشبه بنيران فكت أسر ذراعيها ليلتفا حول عنقه قائلة بهدوء
- وأنا والله ما حبيت ولا هحب ولا عاوزة غيرك من الدنيا كلها ..
أزاح خصيلة من شعرها خلف أذنها قائلًا
- أنتي عارفة حبك غريب أوي عامل زي ليل ونهار،، سماء وأرض،، ميه ونار .. حب مدربك وأظن إن أحلى ما في الحب دربكته !
لثوان خضت روحها لمصرعها بين ذراعيه، سقطت تحت سحر كلماته جعلتها تنسى العالم ولم تتذكر غيره أراحت رأسها على صدره بهدوء بعدما طوقتها عروش الأمان والحب .. ربت زين على ظهرها بحنو قائلًا
- ربنا يخليكي ليا
تسلل إخوتها الصغار بهدوء نحو هؤلاء الذين تناسا تواجد البشر معهم، تاها في عالم الحب والمودة .. صوت طفولي صخب قطع عليهنا ملاذهم ليفزغ الاثنان من موضعهم .
عمر وزينة انغمسا في غيبوبة ضحكهم فأردف عمر ببراءة
- انتوا بتعملوا إيه ..
اصطنع زين الارتباك وهو يرمقها بنظرات معاتبة
- احنا كنا نعمل إيه .. ! مكناش بنعمل حاجة ياعمر باشا ... خالص
زينة بخبث: احنا شوفنا كل حاجه على فكرة ..
كتمت داليدا أصوات ضحكها فرمقها زين بنظرة لوم وتوعد قائلًا
- اضحكي ياختى اضحكي وسيباني ليهم !
عمر بصوت مرتفع: احنا بنكلمك أنت مالكش دعوة باأختي ..
ضغط على شفته السفلية بنفاذ صبر قائلًا
- بقولكم إيه .. يلا نكمل لعب .. صح يلا ..
ثم همس في أذانها قائلًا
- عشر دقايق هسرب الكلاب الضالة دي وارجعلك ..
لم تتحمل كتم صوت ضحكاتها أكثر فانفجرت ضاحكة على ارتباكه وتوتره أمامها .. صرخ عمر به قائلًا
- أنت بتقولها إييييه .. !
جز زين على أسنانه قائلًا
- بقولها انا ماتربتش وجيه اللي هيربيني .. يلا قدامى يلا طلعتولب منين أنتوا!
في إحدى عيادات الطب النفسي
بردو مالهوش أثر
أردف مراد قائلًا جملته وهو يجلس فوق المقعد المجاور لمكتب عماد .. أطفئ عماد سيجارته قائلًا
- بفكر أروحله البيت !
مراد بشك: تفتكر داليدا عنده ؟!
قطب عماد حاجبيه قائلًا
- حاسس إنها هناك .. اختفاء زين المفاجئ قالقني !
مراد بحماس
- طيب مستنى إيه يلا قوم روحله ..
تنهد عماد بمرارة
- مش عاوز اخنقه وأحسسه إنه متراقب .. عايةه يعيش حياته عادى ومن غير مايحس إننا بنحاصره ..
التوت شفتا مراد بحيرة
- أنت قاصد تجننب !
اعتدل عماد في جلسته مردفًا
- بصراحه خايف أروح وألقاها هناك معرفش أتصرف ولا أعمل أي حاجه ..
- ازاااي !
- لو كانت عنده كدة رجعنا لنقطه الصفر تاني يامراد ..
فكر مراد لبرهه ثم أردف قائلا
- طب خلينا واقعيين ونكون من الناس اللي بتقدر البلا قبل وقوعه .. لو داليدا دلوقتي مع زين تفتكر ممكن إيه اللي يحصلها !
ساد الصمت لبرهه أردف عماد قائلاً
- ياما هتيغير على إيديها ويحاول يصلح من نفسه ويكمل إنسان طبيعي خالي من أي نفور بمجرد ما يوصل لحد معين مع أي بنت،، ياما هيقوده غروره لخضوع بمعنى هيفرشلها الأرض ورد وهيدي أضعاف ماياخد في سبيل تبقى في إيده حتة صلصال يشكلها زي ما هو عاوز لحد مايشبع غروره وبعدين هينفر منها ويبعدها عنه ..
- طيب ما دا نفسه اللي بيحصل مع أي بنت زين بيعرفها ..
- صح .. بس المصيبة هنا هو حب داليدا .. ولو عمل فيها كده هيدخل ف صراع مع نفسه وقلبه ياإما هيتجنن ياهيتجنن .. فهمتنى يامراد ..
أومأ مراد رأسه إيجابًا مردفا
- فهمتك .. من رأيي نروحلها تاني الجريدة ! إيه رأيك ؟
عماد بحماس
- وأنا شايف كدة .. ولو ملقناهاش وزين مظهرش يبقى مقدمناش حل غير نروحله !
في شقة زين
حقيبة كبيرة موضوعه في منتصف الغرفة بها ملابس زين وداليدا .. خرج زين من المرحاض مرتديًا منامته وهو يصفف شعره، ظلت تراقبه في صمت حتى لاحظ شرودها به فأردف قائلاً
- احنا هنقضيها بص ولا إيه !
تنحنحت بخفوت ثم ارتسمت علي ثغرها ضحكة خليفة وهى تقول
- لا أبدًا أصل شكلك حلو أووى ..
اقترب منها بهدوء مردفًا
- أنا حلو عشان مالي عيوني وقلبي منك وشوية كمان وهملى حضني منك، لحد ماأبقي صورة معكوسة ليكي، شوفتب بقى أنا حلو ليه عشان بس أنت معايا ..
استندت على ضلفة الخزانة قائلة
- أنت بقيت تكتب شعر من ورايا ولا إيه !
- عشان تعرفي بس مش أنتي لوحدك اللي بتكتبي .. أي حد مننا بيتحول لشاعر بمجرد مايحب .. وأنتي أهو مكتبتيش إلا لما حبيتي !
ابتسمت بخفوت ثم قالت
- تاهت منك دي يابيشمهندس .. مش كل اللي بيحب هيكتب، في ناس بتعيش عمرها كله تدور علي الحب ولما تيأس بتكتبه وبتعيشه في خيالها طالما الواقع طلع بخيل عليها ..
استند بكفه على ضلفة الخزانة المغلقة حتى اصبح موازيًا ومحاصرًا لها مردفًا بصوت منخفض
- وأنتي بقى بقيتي فيا الحب ولا استكفيتي بيه بين كتاباتك !
انكمشت حول نفسها محدقة النظر بعيونه قائلة بحب
- أنت الحب اللي لو كتبته لآخر نفس في عمري مش هوفيه حقه ..
تفتنها بحب وهو يقترب منها شيئًا فشيئًا قائلًا
- طيب إيه بقى ! هنقضيها أشعار وكلام رايح جاي ! الشغل دا معايا مايأكلش عيش حاف ..
ضحكت بصوت مسموع وهى تحاول أن تبتعد عنه قائلة
- زززين متتجننش !
جذبها بقوة ما جعل ظهرها يرتطم بالخزانة قائلا
- عاوزه تبعدي عني تاني !
سرعان ما وضعت أناملها فوق شفته قائلة بلهفة
- اشششش ربنا مايجيب فراق ولا بعد .. ممكن ماتقولش الكلمه دي تاني !
لمس أنفها بأنفه ممازح.ا
- يبقى نسمع الكلام ونبقى حلوين ..
اتسعت ابتسامتها بفرحة تغمرها، استغل الفرةه للاقتراب من فمها كأن الشيء الوحيد المستحق للاختلاس هو قبلة سريعة لارتشاف شهد شفتيها وهى تحت مخدر أنفاسه وأوهامه، فتمرد قلبه كان لا يقل الا بأمراة الطاعة والحنان واليسر، أما هى فكانت امراة مفعمة بالجنون والتمرد غجرية الطباع ومع ذلك كانت قادرة على كسر حصونة حتى أسرت نفسها بداخله ..
لبرهه أغمضت عينيها لأن أجمل ماقيل عن لحظات الحب .. هو الحب المحسوس الذي يخطف الذهن ليحلق به في السماء أما الحب المرئي فهو خال من اي اختطاف روح ! لوهله رفع علم النصر على ثغره بابتسامة ماكرة كما تمكر الثعالب بفرائسها وظن أنه سيبلغ مراده للتو ولكن اقتحم ساحة حربه قدوم إخوتها الصغار مهللين بفرح
- احنا جهزنا .. هنسافر فين بقى !
ابتعدت عنه سريعًا وهى تكتم أصوات ضحكها قائلة
- اسألوا أونكل زين هيودينا فين ..
جز زين على أسنانه بنفاذ صبر وقبض يده باغتياظ قائلاً
- هنروح شرم .. هنروح شرم أغرقكم ونرجع ..