رواية كن ملاكي للكاتب عبد الرحمن أحمد الرداد الفصل الثالث عشر
الجزء الثاني من بنت القلب
استيقظت مبكرا على غير عادتها فهى تستيقظ كل يوم في تمام السادسة صباحًا أما اليوم استيقظت قبل الخامسة وارتدت ملابسها، لم تنتظر إعداد الإفطار وانطلقت مسرعة إلى الشركة وما إن وصلت حتى اتجهت إلى الأعلى ودلفت إلى مكتب «نائل» ونظرت في كل مكان، انتظرت قليلا ثم اتجهت إلى الكافيتريا وأعدت وعاء من خليط المياه والصابون السائل، عادت إلى المكتب مرة أخرى وقامت بسكب المياه في مقدمة الغرفة بعد الدخول من الباب وعلى وجهها ابتسامة واسعة، انتهت أخيرا من سكب الوعاء بأكمله ثم اتجهت إلى الكافيتريا مرة أخرى وأخفت ذلك الوعاء قبل أن تعود وتغلق باب المكتب .. رددت في نفسها:
- يلا علشان تبقى تعاند وتغلط في أسيادك تاني، ولسة هتشوف أيام سودا على أيدي..
عادت إلى مكتبها ومر الوقت وحضر «نائل» الذي بحث بنظره عن «سهى» فلم يجدها رغم تآخر الوقت، لم يضع هذا الأمر برأسه واتجه إلى مكتبه كي يباشر العمل وأثناء دخوله انزلقت قدميه وسقط بقوة على ظهره فصرخ بتألم:
- آآآه .. آآآه يا ضهري..
حاول الوقوف بصعوبة وما إن وقف وأخذ حذره انزلقت قدميه مرة أخرى بسبب كثرة المياه، نظر إلى ملابسه فوجدها قد ابتلت بالكامل وشعر بالألم في جسده بالكامل، وقف بحذر واتجه إلى الداخل ثم وجه بصره إلى تلك المياه وعرف مصدرها، لوى ثغره بغضب وردد بهدوء:
- يابنت ال.. اااه ياضهرى، بقى كدا ! ماشي ما هو يا أنا ياأنتِ اللي هينتصر..
خرج من مكتبه مرة أخرى ونظر حوله حتى لا يلاحظ أحد الموظفين ابتلال ملابسه وأسرع إلى الكافيتريا وما إن وصل حتى هتف «وحيد» بتعجب:
- ايه ده يا نائل ايه اللي عمل في هدومك كدا ؟
خلع قميصه وهو يقول بغضب:
- هيكون مين يعني غيرها .. دلقت مياه بصابون على باب المكتب علشان تكسرني بس أنا وهي والزمن طويل ... منها لله القميص لسة جديد..
ربت «وحيد» على كتفه وقال بابتسامة خفيفة:
- معلش ياابني ربنا يهديها .. ادخل الأوضة وأنا هغسل القميص وفي مكواة هنا هكويهولك علشان ينشف
- لا اغسله وأنا هدخل الأوضة علشان محدش يشوفني وهاته وأنا هكويه جوا
هز رأسه بالإيجاب وفعل ما يريده وبعد مرور وقت قليل عاد إليه بالقميص ومعه المكواة وهتف قائلًا:
- خد ياابني اهو .. والبنطلون هتسيبه كدا !
نظر إلى البنطال الخاص به ثم رفع رأسه مرة أخرى وقال:
- مش مهم البنطلون مش مبلول أوي
أخذ منه القميص استعدادًا لكيه لكنه فوجئ بوجودها على باب الغرفة وعلى وجهها نظرات غير مصدقة، خرجت من صمتها وهتفت متسائلة بغضب:
- ايه اللى أنا شايفاه ده
وقف على الفور وأخفى جسده بالقميص وهتف:
- القميص اتبل وبنشفه..
لمعت عينيها بسبب نجاح خطتها ورددت:
- ازاي يعني احنا في عز الصيف ومفيش مطر برا ! فهمني أنت قاعد من غير هدوم كدا في الشركة ازاي ! الجو حر لكن مش للدرجة اللي تخليك تقلع
دافع عن نفسه مرة أخرى لكن تلك المرة ضيق عينيه وهتف بضيق:
- للأسف لقيت مياه على أرض المكتب ووقعت والهدوم غرقت مش عارف من الحمار اللي دلق مياه كدا..
اتسعت حدقتيها بصدمة لكنها سرعان ما أخفت ذلك حتى لا ينكشف أمرها أمامه ورددت بضيق:
- اه.. طيب أنا هشوف المياه دي من ايه وهحاسب اللي حطها وأنت اخلص والبس بسرعة علشان تشوف شغلك
تجهمت تعابير وجهه وردد:
- حاضر..
جلس على مكتبه ووجه بصره تجاهها ليقول متعجبًا:
- فيه ايه يا فاطمة ! ايه الحاجة الخطيرة اللي حاسة إنها بتحصل
حركت رأسها وأجابته:
- معرفش بس نيران وطيف في خطر
انتبه لحديثها واعتدل في جلسته قبل أن يميل إلى الأمام ويقول باهتمام:
- في خطر ازاي يعني ؟ حصل ايه !
تذكرت مكالمتها الأولى لها وبدأت في سرد ما حدث منذ البداية:
- نيران كلمتني امبارح وطلبت مني أبعتلها عربية شرطة على الفندق اللي هي فيه هي وطيف ولما سألتها قالتلي هقولك بعدين، عرفت بعدها من الرائد هيثم اللي مسك القضية إنهم لقوا واحدة مقتولة في أوضة نيران وطيف بس ماقدرتش أعرف أكتر من كدا علشان الرائد هيثم كان مشغول في التحقيقات..
تعالى بقى لبعد العصر لقيت نيران بتكلمني وبتقولي عايزة هكر يهكر كاميرات مراقبة ويحط تسجيلات قديمة وكانت عايزاه في الفندق ولما حاولت أعرف السبب قالتلي مش دلوقتي وهتعرفني بعدين معنى كدا إن في حاجة غريبة بتحصل في الفندق هناك وممكن يكونوا في خطر..
وقف «رماح» واستعد للرحيل قبل أن يشير إليها قائلًا بجدية:
- تعالى معايا نبلغ اللواء أيمن بالكلام ده..
بالفعل أذن لهم اللواء «أيمن» بالدخول وقص عليه «رماح» ما سمعه من خطيبته «فاطمة» فابتسم وعاد إلى الخلف قائلًا:
- أنا عارق كل اللي حصل .. طيف كلمني امبارح في نفس الوقت اللي نيران طلبت فيه من فاطمة حد يعمل هاكر على الكاميرات
قبل يوم
وجد رقم ابنه على شاشة هاتفه فأسرع ليرد عليه قائلًا بحب:
- ايه يا عريس ايه الأخبار
أجابه بحزن قائلًا:
- عريس ايه بقى ده في حد باصصلنا في الجوازة يا بابا .. ابنك مش مكتوبله يفرح وشكلي هقضي فترة خدمتي في الشرطة في الفنادق
ضيق ما بين حاجبيه وردد بقلق:
- ليه ايه اللي حصل يا طيف ؟ احكيلي..
بدأ في سرد ما حدث منذ قدومه إلى ذلك الفندق ولقائه بـ «غارم» ولم ينسى ما حدث بالغرفة الخاصة به وأنهى حديثه قائلًا:
- وطبعا قررت أنا ونيران نقطع شهر العسل ونحاول نوقع الراجل ده.. ده غريب أوي وبيتكلم بثقة رهيبة، معترف إنه عمل كل حاجة غلط ومش خايف ومسمي نفسه شبح..
صمت «أيمن» قليلًا ليفكر في خطة جديدة إلى أن خطر بباله فكرة جيدة فأردف:
- بص يا طيف كمل أنت ونيران وشوفوا هتعملوا ايه وأنا هعمل تحريات عن غارم ده وهبعت الفريق كله الغردقة علشان تلاقي مساعدة بس خلي بالك جدا لأن اللي زي غارم ده مش سهل وخطر وممكن يكون مسنود زي ما أنت بتقول، هات بقى نيران علشان أفهمها هتعمل ايه بالظبط..
بالفعل سلم الهاتف لزوجته التي أجابت على اللواء «أيمن» قائلة:
- أيوة سعادتك أنا معاك
- ركزي معايا يا نيران .. هتكلمي هيثم يجي الفندق يعمل شوشرة ويجمع بتوع الأمن علشان تقدري تدخلي المكتب أنتِ وطيف وتخلوا بالكم كويس أوي واعملي حساب إن طيف ماكملش تدريبه يعني بأسهل الطرق الممكنة تمام ؟
هزت رأسها بالإيجاب وهي ترمق طيف قائلة:
- تمام سعادتك ماتقلقش هنجيب الأوراق اللي في مكتبه النهاردة ومفيش مجال لفشل المهمة دي إن شاء الله
في الوقت الحالي
أنهى سرد ما حدث عليهما قائلًا:
- ودلوقتي هتسافر أنت وفاطمة وفي حالة إن الدنيا بقت صعبة هبعتلكم غيث وليان بس عايز تركيز لأن غارم ده ممكن يكون له علاقة بالمنظمة الخارجية اللي قضينا عليها من فترة لأنه يعرف كل حاجة عن ماضي نيران وعن طيف
حرك «رماح» رأسه بالإيجاب وقال بجدية:
- تمام سعادتك ... من بكرا الصبح هنكون في الغردقة وهنسق مع الرائد هيثم علشان يسهلنا كل حاجة هناك
أومأ رأسه بالإيجاب وردد:
- ربنا معاكم
عاد إلى مكتبه مرة أخرى ليتابع عمله وبالفعل جلس وقام بتجهيز كافة الخطوات التي ينوي اتخاذها وطبع كل هذا ثم توجه إلى مكتب «ياسمين» وطرق الباب فهتفت من الداخل:
- ادخل
دلف إلى الداخل ووضع الأوراق أمامها فقطبت جبينها متسائلة:
- ايه ده ؟
جلس على الكرسي المقابل لها وبدأ في شرح الخطوات التي ينوي اتخاذها:
- ده كشف بكل الموزعين في القاهرة والمحافظات التانية .. احنا مش هنوزع في القاهرة بس بالعكس هنوزع لكل المحافظات وهنتعاقد مع موزعين جداد غير اللي احنا بنتعامل معاهم وبكدا منتجاتنا هتبقى موجودة في كل مكان وده هيعمل اسم أكبر للشركة وسيطها هيوسع جامد والمكسب هيزيد أضعاف..
ده بالنسبة للموزعين أما بقى الشركات أنا اكتشفت شركة أمريكية منتجاتها كويسة جدا وأسعارها مناسبة ويعتبر لسة جديدة ومحدش يعرفها أوي نقدر نتعاقد معاها ونجيب ونسد احتياجات الموزعين الجداد اللي هنتعامل معاهم وبكدا في فترة قصيرة هنبقى عملنا ميزانية كويسة جدا تسمحلنا نفتح فرع للشركة في كل محافظة وتبقى سلسلة شركات .. ده هيبقى صعب في البداية بس بمجرد ما يبقى اسمنا مع كل الموزعين اللي نقدر نتعاقد معاهم هنقدر نعمل ده..
رفعت حاجبيها بإعجاب من نشاطه في العمل وقدرته على تجميع كافة المعلومات في وقت قصير جدا كما أنه يسعى إلى الارتقاء بالشركة لأفضل حال، ابتسمت وهي ترمق الأوراق المتواجدة أمامها ثم رفعت بصرها وقالت بحماس:
- كويس أوي ابدأ نفذ على طول وابعت ايميل للشركة دي بإننا هنتعاقد معاهم يجيبولنا منتجات التجميل بكميات كبيرة علشان نقدر نوزع على كل المحافظات والموزعين الجداد..
شعر بالحماس للعمل ونهض من مكانه وهو يقول:
- تمام اعتبري كل ده اتنفذ
وقبل أن يرحل التفت مرة أخرى وردد متسائلًا:
- اه صحيح هي فين سهى من ساعة ما جيت النهارده مشوفتهاش
أجابته وهي تنظر إلى الحاسوب الخاص بها:
- اتصلت وطلبت إجازة مفتوحة وماقالتش السبب
قطب جبينه بتعجب وأردف:
- إجازة مفتوحة ! امم طيب تمام أنا هروح أتابع بقى الشغل ده..
لم تجبه واتجه إلى مكتبه ليتابع إجراءات العمل، فتح الحاسوب الخاص به وبدأ ينفذ ما خطط له وأثناء اندماجه في العمل سمع طرقات على الباب فهتف قائلًا:
- ادخل
فتحت «مايا» الباب ودلفت إلى الداخل فرفع هو بصره وهتف متسائلًا:
- في حاجة يا مايا ؟
ابتسمت بخبث قبل أن تقترب منه أكثر وأردفت:
- أصل يعني ماباركتلكش على المنصب الجديد في الشركة فقلت اجي أباركلك..
ابتسم بلطف وقال بإيجاز شديد:
- الله يبارك فيكِ
لم ترحل وبقت مكانها فضيق ما بين حاجبيه متسائلًا:
- في حاجة ؟
هزت رأسها بالإيجاب وقالت بابتسامة:
- احنا بقينا صحاب خلاص ولا لسة
شعر بالضيق لكثرة محاولاتها ونظر إليها قائلًا:
- مايا احنا سبق وقلنا إن ده مكان شغل وإني عمري ما هكون الشخص اللي في دماغك وريحي نفسك وركزي في شغلك..
لمعت عينيها واقتربت وهي تقول بوقاحة أكثر:
- طالما هنا مكان شغل يبقى نتقابل برا الشغل ونبقى صحاب، ايه رأيك نتغدى برا النهارده ؟
تعجب من وقاحتها وشعر أكثر بالضيق، وقف وقال بحدة:
- للمرة الأخيرة هقولهالك .. أنا مش الشخص اللي في دماغك ولا هبقى الشخص ده وبطلي وقاحة وقلة أدب بقى .. أنا مش عايز اخد إجراء يزعلك ولا عايز أقطع عيشك لأني عمري ما كنت كدا، ياريت تشيليني من دماغك خالص وإلا هتندمي والشخص الطيب اللي قدامك ده هيطردك من الشركة مفهوم..
شعرت بالحرج وتراجعت للخلف وهي تقول:
- احم أنا آسفة ماكنتش أقصد ا...
قاطعها بحدة وهو يمد يده بمستند ورقي وأردف:
- ده كشف بالمولات والمحلات الخاصة بالتجميل وكمان المخازن، دول الموزعين اللي في القاهرة واللي برا القاهرة، عايزك أنتِ وجاسر وسمر واتنين كمان تروحوا للأماكن دي وتعرضوا عليهم يتعاملوا معانا وياخدوا المنتجات مننا، بس تحذير أنا هبعت غيركم بعدكم ولو اكتشتف إنك بوظتِ حاجة أنا مش هقولك هعمل ايه لأنك هتشوفي بنفسك
تناولت منه المستند وخرجت من مكتبه بينما هو بقى وندم على حديثه بتلك الحدة معها .. هو لا يقصد التكبر أو استخدام منصبه لكنه كره طريقتها والتي أثارت غضبه
أنهت المحاضرة الخاصة بإحدى المواد وخرجت بصحبة صديقتها «نرمين» إلى الكافيتريا، جلست وتأففت بضيق وهي تقول:
- على اد ما طيف بيرخم عليا ومستفز بس مفتقداه جدا في شهر العسل ده وحاسة بخنقة مفيش غيره اللي كان بيضحكني
ربتت على كتفها وقالت:
- معلش بكرا يرجعلك وتزهقي منه زي الأول، اجهزي أنتِ بس للامتحانات علشان دكتور المادة الزفت دي مش هيرحمنا
لوحت بيدها في الهواء لتقول بعدم رضا:
- يارب يولع مطرح ما هو قاعد
انتهى اليوم وودعت «رنّة» صديقتها واستعدت للعودة إلى منزلها لكنها فوجئت بـ «ذاخر» يخرج من سيارته ويشير إليها بيده فبقت مكانها وتقدم هو حتى اقترب منها وقال بابتسامة:
- ازيك يا رنة
ابتسمت بمجاملة وهي تقول:
- الحمدلله وأنت عامل ايه
- أنا الحمدلله بخير .. أنا كنت معدي ولمحتك بالصدفة ماكنتش أعرف إن الكلية بتاعتك هنا
ضيقت نظراتها وقالت بشك:
- ماكنتش تعرف !
لاحظ أنها تشكك في كلامه فأسرع وقال:
- اه فعلا شوفتك صدفة .. تعالي أوصلك في طريقي
ابتسمت بمجاملة وبحثت بعينيها عن سيارة أجرة كي تعود لمنزلها ثم نظرت إليه وقالت:
- لا شكرا أنا هاخد تاكسي يوصلني للبيت
أصر على عرضه قائلًا:
- تاكسي ايه وأنا موجود ده حتى عيب والله ولا أنتِ معتبراني غريب !
نظرت إليه وقالت بجدية:
- مش غريب بس مش بركب عربية مع حد وبعد اذنك..
ثم أشارت إلى سيارة أجرة ودلفت إلى داخلها وتركته في وسط الطريق وعلى وجهه علامات الصدمة، لم يصدق أنها تركته ولم تقبل بعرضه في إيصالها للمنزل أما هي فارتسمت ابتسامة هادئة على وجهها وهي تنظر من الزجاج الخلفي للسيارة عليه فهو ظل واقفًا في مكانه من شدة الصدمة ولم يتحرك...
أنهى الممر الطويل وانحنى يسارًا حيث مكتب اللواء «كامل» ودلف إلى الداخل بعدما أذن له، أشار إليه لكي يجلس وما إن جلس حتى بدأ هجومه قائلًا:
- ها يا زين ايه الجديد ! بقالك أسبوع وكل حاجة باظت .. مرات هاني وبنتها اتقتلوا وعندك المساجين كلهم ماتوا تقدر تفسرلي ده وازاي أصلا يحصل كدا جوا السجن
نظر «زين» إلى الأسفل بحزن ورفع رأسه قائلًا:
- والله سعادتك مش عارف ده حصل ازاي ولما راجعت الكاميرات مالقيتش حد دخل الزنزانة وده هيجنني، الناس دي ليهم حد جوا القسم بيساعدهم بس معرفش هم مين .. بس أوعدك إن كل حاجة تتكشف وإننا نوصل للناس دي في أقرب وقت...
عاد بظهره إلى الخلف وأردف بجدية:
- ياريت يا زين علشان أنت أشطر ظابط عندي ومش ده اللي يحصل وأنت ماسك القضية، أنا لسة ثقتي فيك كبيرة بس ياريت كل حاجة تتم بسرعة علشان الوزارة وصلها الموضوع والحكاية كبرت أوي
هز رأسه بالإيجاب قبل أن يقف ويقول بثقة:
- إن شاء الله سعادتك الناس دي هتتجاب هم واللي بيساعدهم وقريب جدا، أستأذنك..
خرج من مكتبه وهو يفكر في طريقة لتلك القضية التي طالت كثيرا ولم يجد لها حل، بعد أن كانت كل الأدلة معه اختفى كل ذلك وبقى هو يبحث عن المجهول، وصل إلى مكتبه وجلس على الكرسي الخاص به ثم رفع رأسه إلى الأعلى وهو يفكر في حل لتلك القضية فهو لم يسبق وأن طالت قضية معه كهذه وهذا إن دل على شيء فهو مدى خطورة من يتعامل معهم لكن كل هذا لا يهم .. المهم هو الوصول لهم بأي وسيلة، لم يقده تفكيره إلى أي شئ وقرر الذهاب إلى منزل «هاني» الذي سبق وأن ذهب إليه قبل مقتل زوجته وطفلته وبعد مقتلهما لعله يجد إجابة هناك عن ما يبحث عنه..
بالفعل قاد سيارته ووصل إلى المنزل ثم صعد إلى الأعلى ورغم وجود الشمع على باب المنزل إلا أنه فتحه وأضاء الأنوار قبل أن يتجه إلى الداخل، سار في كل مكان إلى أن قادته قدماه إلى غرفة «هاني»، فتح خزانة الملابس "الدولاب" وظل يبحث بين الملابس عن أي شيء ..
ألقى بها على الأرض حتى يسهل بحثه لكنه لم يجد شيء، عاد وجلس على السرير وهو يرمق المكان بنظراته الحادة بحثًا عن أي شيء وأثناء ذلك لاحظ شيء غريب في خزانة الملابس فنهض من مكانه وأسرع إليه ففوجئ بوجود قطعة خشبية من ظهر الخزانة مقطوعة بشكل مربع لكنها في مكانها، اقترب منها ودفعها بخفة لتقع خلف خزانة الملابس، لمعت عينيه وكأنه وجد ما يبحث عنه وجذب الخزانة بعيدًا عن الحائط وبالفعل وجد ما كان يبحث عنه حيث وجد مستند به العديد من الأوراق وفي نهايته أسطوانة كمبيوتر، تنفس «زين» بأريحية وردد:
- أخيرا .. كنت حاسس، أما نشوف الورق الحلو ده بقى مخبي ايه...
تفتكروا كدا خلاص القضية خلصت ولا هيوصلوا لزين ؟
يا ترا طيف ونيران هيعملوا أية وهل الورق ده فيه اللي عايزينه ؟