رواية قلوب مقيدة بالعشق للكاتبة زينب محمد الفصل الثامن والعشرون
جلست ليله بجاور يارا تواسيها قائلة: خلاص يا يارا متزعليش بقى هاعيط وربنااا.
اقتربت ندى أكثر قائلة بصوتها الهادئ والرقيق: طيب يا يارا ليه موافقة تتجوزي واحد وانتي بتحبي فارس .
هتفت من بين شهقاتها: علشان أهرب منه ومن حبه ومن كل ذكرياتي معاه، انا تعبت منه وتعبت من نفسي ومن كل حاجة...
صمتت تأخذ أنفاسها..عادت تهتف بيأس: انا نفسي اهج واسافر او أموت وأخلص..
حاولت ندى تهدئتها فقالت: طيب يا حبيتي بدام بتحبيه أوي كده، ليه تبعدي عنه..
هتفت يارا ببكاء: انتي ترضي تتجوزي واحد كسرك زمان والمفروض يجي ويتقدم وتكوني فرحانة وطايرة من الفرح وقاعدة بتتخيلي حياتك معاه وفجأة من غير أسباب تتفاجئي انه هايتجوز واحدة غيرك والمفروض انها تكون صاحبته وفي مقام أخته ولما تيجي تسأليه يقولك مينفعش اقول السبب، انا ابني حياتي معاه على أساس ايه، اسامحه ازاي، ادواي جرح قلبي ازاي...
تذكرت ندى حديث مالك عن ياسمينا وفارس وتذكرت ايضًا رفضه هو الاخر لاخبارها بسبب زواجهم، تعجبت أكثر من صداقة فارس ومالك المستمرة رغم انه جرح أخته...
انتفضوا جميعهم عندما دلف عمرو كالثور الهائج الذي يود ان يقتلع رأس أحدهم هاتفًا بغضب: ليله...
اقترب منه بسرعة يجذبها من مرفقها وأوقفها أمامه وهو يضع امامها هاتفه: ايه ده يا سافلة.. ايه الصور دي..
انتفضت يارا وندى يحاولون تهدئته عندما رأوا ارتجاف ليله: _ انت فاهم غلط...
صفعها بقوة على وجنتها: بس يا حقيرة، غلط ايه، انتي خونتي ثقتنا فيكي...
وانقض عليها يحاول صفعها مرة أخرى..فاندفعت ندى تبحث عن مالك بلهفة و يارا تقف بالمنتصف تمسك يده...
مالك: ماما عاوز اتكلم معاكي ممكن...
جلست ماجي أمامه لتقول: ممكن طبعًا يا حبيبي..
أمسك يدها وطبع قبلة بسيطة فوقهم: توعديني انك تفهميني .
مسدت على شعره بحنان: وانا من امتى مفهمتكش، اتكلم وقول اللي انت عاوزو..
اخرج تنهيدة قوية من صدره وقرر البوح بكل شئ: ماما أنا...
قاطعه صراخ ندى بأسمه: مالك الحق.
اندفع بسرعة نحوها يصعد الدرج وخلفه ماجي ..اشارت ندى له على غرفة ياراا وهرب الكلام منها ..صراخ ليله جعله يتحرك بسرعة يدفع الباب ..احتدت ملامحه عندما وجد عمرو يضربها ..اندفع نحوه وجذبه بعيد هاتفًا بغضب وصوت جهور: انت اتجننت ازاي تعمل كده، بتمد ايدك على أختك.
احتضنتها ماجي بقوة قائلة بحدة: حسابك عسير يا عمرو ..
هتف عمرو بعصبية وغضب: عسير ايه وفري العسير ده لبنتك اللي خانت ثقتنا وماشية تحب في واحد ..اتفضلوا الصور اهي مع مازن ابن صاحبتك..
وضع الهاتف في يد مالك بقوة قائلاً: بص اتفرج اللي بتعدني عنها بتعمل ايه؟..
قلب مالك الصور بصدمة، فابتعدت ليله عن ماجي تلتصق بالجدار بخوف شديد وعرفت انها ستموت لا مجال للهرب ..راقبته بعيونها بخوف وقلب ينبض برعب ..اقتربت ماجي من مالك ورأت الصور ف شهقت بصدمة ورفعت عيناها نحو ليله وضعت يدها على فمها من الصدمة .. رفع مالك وجهه أخيرًا وتقلصت ملامحه بغضب تشنج جسده وبرزت عروقه التي انتفضت بقوة .. اقترب منها وأشار لها بصوت غليظ: تليفونك هاتيه..وافتحيه .
اقتربت من الفراش تجذبه..فتحته وأعطته الهاتف باصابع مرتعشة الجميع بدوأ يراقبو مالك في صمت مخيف...
ألقى الهاتف جانبًا وهو يقول بلهجة حاسمة مخيفه: كله يطلع بره..
تعلقت عيناها بماجي تحاول الاستنجاد بها ولكن رمقتها ماجي بخيبة أمل وغادرت الغرفة تمنع مقلتيها من البكاء..
غادرت يارا وعمرو تنفيذًا لامر مالك، اما ندى ف بقيت.. نظر مالك لها قائلًا بحزم: هو انا مقولتش كله بره..
تقدمت منه غير عابئة لوجهه وملامحه المخيفة وهمست: متضربهاش لو سمحت.
ألقت بحديثها وخرجت هي الاخرى تغلق الباب خلفها .. تحركت ليله يمينًا ويسارًا بخوف تحاول ايجاد مهرب من غضب مالك وخاصة عندما وجدته يقترب منها .. في نهاية الامر رفعت يدها وحاولت حماية وجهها منه .. وارتعشت خوفًا منه رفع يده وأبعد يدهاا ناظرًا في عيناها مباشرةً يحاول البحث عن ليله أخته البريئة غير الاخرى التي تقف بمنتصف الشارع والنادي مع شاب بلا حياء..
_ قوليلي يا ليله احنا قصرنا معاكي في ايه علشان تعملي كده..
تفاجئت عندما وجدته هادئًا يتحدث بلهجة قوية تخرج القسوة من حروف كلماته...هتفت بنبرة مهزوزة أسفة: انا أسفة ..انا..انا..
_ انتي ايه قوليلي اديني سبب يخلي بنوته زيك اهلها مدينها الثقة الكاملة .. تعمل كده..
ابتعلت ريقها وحاولت ان تبرر: آسفة، انا عارفة اني غلطت، انا متجاوزتش حدودي معاه...
قاطعها بحدة: مجرد انك تكلميه في تليفون ده تجاوز أصلاً، مجرد انك تقفي معاه في النادي او في الشارع حتى لو قدام الناس ف ده تجاوز أصلًا .. هزيتي ثقتي فيك وانتي لسه صغيرة امال لما تكبري هاتعملي ايه، احنا هانثق فيكي ازاي..
وضعت وجهها بين يديها وبكت: انا أسفة ...
رفعت وجهها عندما لاحظت صمته الطويل فقالت بنبرة مهزوزة: لو انت عاوز تضربني زي عمرو..
ابتعد عنها وهو يتجه للباب قائلًا: انا مبضربش بس عندي حاجات كتير توجع زي مثلًا ان لسانك ميخاطبش لساني أبدًا.
فتح الباب ف وجد ندى أمامه..ابتعد عنها متجهًا لغرفة عمرو..دخلت بسرعة تبحث عن ليله وجدتها تجلس على حافة السرير وتبكي بانهيار ..اقتربت منها ندى بلهفة قائلة بخوف: عملك حاجة !.
رفعت ليله وجهها وقالت من بين شهقاتها: خاصمني، وأكيد ماما هاتعمل كده .
عانقتها ندى ومسدت على ظهرها بحنان: طيب اهدى وان شاء الله كل حاجة تتحل..
_ ياعني ايه خصمتها مضربتهاش ليه؟!.
خرج صوت عمرو معترضًا، رمقه مالك بغضب: الضرب ده للناس الجبانة الهمجية، وانت واحد منهم، لما تمد ايدك على اختك بالمنظر ده..
هز عمرو رأسه مستنكرًا: اه المفروض ان احضنها واقولها اتجوزيه عرفي يا حبيبتي..
نهره مالك بغضب: اخرررس يا حيوان متتكلمش معايا كده ولا عن اختك بالطريقة دي فاهم، ويمين الله لو شوفتك بس بتمد ايدك على واحدة من اخواتك لاقطعهالك بايدي.
تقدم منه عمرو بغيظ وعلامات الجنون بدأت تظهر على وجه: انت عاوز تجنني، انت مالك في ايه.. بتتعامل ببرود كده ازاي..
هتف مالك بنبرة حادة مرتفعة: مش برود يا باشا، الضرب مش حل انت مش واخد بالك انها ممكن تنفر منك وتخاف، هاتعمل الغلط بعد كده وتخاف تيجي تقولك وده كله ليه علشان أخوها واحد همجي ايده سابقة عقله، مبيفكرش صح ويوزن أموره ..اختك يا محترم باين مع كلامها مع مازن انها كانت رافضة كلامهم وكل اللي بينهم مسجات وبس .. وفي رسالة مبعوته ليها حد بيهددها، مفكرتش مين بعتلك الصور دي وبعتهالك ليه..
رفض عمرو الاعتراف بخطائه وقرر التعنت، هز مالك رأسه بيأس: ابعتلي رقم اللي بعتلك الصور دي .. وابعد عن الموضوع ده خالص، انا عايش ومموتش يا عمرو ومش هاسمحهالك تمد ايدك على اختك تاني..
وقبل ان يغادر الغرفة قال بسخرية: قبل ما تعاتب على أختك، عاتب نفسك وبص كده على موضوعك انت ومريم من زواية تانية هاتلاقي مريم بتعمل نفس اللي ليله بتعمله مفيش فرق، قولي بقى كده لما أختك الصغيرة تشوفك كده وبتتعامل عادي مش هاتفكر تقلدك يا مؤدب يا محترم ..ده اخر تحذير ليك وعالله اشوفك بس بترفع ايدك على حد من اخوتك..
غادر الغرفة وأغلق الباب خلفه بقوة، احمر وجه عمرو من احراجه .. جلس على الاريكة يتنفس بغضب شديد..
_ ماما اهدي بقى خلاص علشان خاطري، عيلو وغلطت وان شاء الله مالك زمانه بيفوقها بكلامه..
هتفت ماجي ببكاء وهي تشير على نفسها: انا غلطت في ايه، علشان تكسرني بالشكل ده..
زمت يارا شفتاها في ضيق: ماما كلنا بعدنا عنها وكل واحد انشغل في حياته ومحدش اهتم بيها ولا حتى اخدنا بالنا منها..اللوم علينا كلنا.
_ ليله كبيرة وواعية يا يارا، وفاهمة ان ده غلط علشان كده خبت وعملت كده، انا مصحباها وبحاول اعملها كل اللي هي عاوزاه مديها الثقة الكاملة تقوم تعمل كده، تخون ثقتي كده.
_ ليله حساسة أوي وممكن تنهار انا خايفة عليها بلاش نقسى عليها كلنا، خلينا نحاول نقف جنبها معلش يا ماما..
هزت ماجي رأسها برفض: لا قوليلها ماما زعلانة منك ومتكلمنيش خالص لغاية ما اهدى واكلمها ... سيبني دلوقتي علشان محتاجة انام..
هزت يارا رأسها باستسلام وغادرت الغرفة تبتسم بداخلها بسخرية على حالها وعلى اتعس يوم تمر به ..دلفت غرفتها وجدت ليله تتوسط الفراش..
_ ممكن انام معاكي..
جذبتها يارا لاحضانها قائلة: خايفة من مين؟عمرو ولا مالك..
هتفت بحزن: محدش بس عاوزه انام جنبك.
أخذتها يارا بحضنها ومسدت على رأسها بحنان قائلة: نامي وبكرة كل حاجة وليها حل..
جلست بتعب على فراشها، يوم طويل ملئ بالاحداث، لاشك انه شخصية زوجها ظهرت أكثر اليوم، ابتسمت بحنان لموقفه مع ليله ..لوهلة شعرت بالفخر به وبتصرفه مع ليله واحتوائه الموقف ..تبتسمت كالبلهاء وضعت يديها على بطنها وقالت بحب: بابي كان قمر انهارده في كل حاجة ..
_ طيب متخدوش بابي جنبكو علشان عاوز ينام...
رفعت وجهها بصدمة وتبدل حالها في لحظات: ايه ده انت مش هاتبطل تتسحب كده..
رقد بجانبها وانحنى بجذعه نحو بطنها قبلها قبلات رقيقة ثم اعتدل يجلس بجانبها يفرك عيناه: عاوز انام..
رمقته بإستنكار: مش في سريري عندك أوضتك، بقالك سنين بتنام فيها وجاي دلوقتي عاوز تنام هنا!..
حاوطها بيده رغم رفضها قائلًا بهدوء: المشكلة انك هنا، وطول ما أنتي هنا أنا مش هاعرف انام في اوضتي..
ابتعدت عنه وهي ترفع رأسها بكبرياء: أبدًا..
نظر لها باستعطاف مصطنع: علشان خاطري ..طيب علشان خاطر النونو..
زفرت بحنق جذبت وسادة ووضعتها في المنتصف: المخدة دي بيني وبينك..
أكملت حديثها ورفعت يديها في وجهه تحذره بحدة جعلته يكتم ضحكاته بصعوبة: اياك تتخطها واول مرة وأخر مرة، ناقص في مرة نتقفش بسببك.
رقد في الفراش وهو يجذب الغطاء: يالا نامي علشان اليوم كان طويل عليكي.
رقدت هي الاخرى واعطته ظهرها متظاهرة بتأففها لانه يرقد بجانبها وبداخلها يقفز فرحًا لاول مرة ستنام بلا تفكير في ذكريات مضت أرهقت قلبها بجراحه فوجوده يكفي بأن يمحيها، بحثت عن أسم لهذه الحالة التي تنتابها في وجوده لم تجد غير العشق، نعم هي عشقته وأحبته لدرجة انها تحاول مع نفسها لتغفر له عن ما فعله وكل ليلة في نفس المعاد يدور صراع قلبها وعقلها معًا وهي في المنتصف بينهم عقلها ينهر قلبها عن حبه الذي يتوغل فيه ويستوطن به وقلبها يحاول ايجاد المبررات لفعلته..
ولكن اليوم اختفى هذا الصراع وانتصر قلبها وذلك لوجوده بجانبها فقط رائحته وصوت أنفاسه، اقترابه منها بين كل لحظة واخرى وهي تتجاهله بتحريك جسدها للابتعاد عنه، جعل قلبها المسكين ينتصر على عقلها واخماد ذلك الصراع الليلة فقط، صرخ جسدها بالراحة تحركت كالقطة في الفراش تبحث عن صاحبها حتى تنام بأحضانه، حركت رأسها في الوسادة أكثر محاولة منها الاستغراق في النوم، تفاجئت عندما وجدته يجذب الوسادة ويلقيها بعيدًا ثم جذبها والتصق بها، مد يده تحت رأسها وجعلها هي الوسادة بدلاً من تلك اللعينة التي بحثت بها عن الراحة.. جاءت بان تخرج حروف الاعتراض منها ..همس بصوته المجهد: خلاص نامي بقى، مبعرفش انام وحد بيتحرك جنبي كتير..
_ ده سريري على فكرة ...
_ وانتي مراتي على فكرة ...
التفت بنصف جسدها لتقول بنفاذ صبر: بص نام لما نشوف أخرة الليلة دي ايه!.
اعتدلت في نومتها واحتضنت وسادتها ومازالت رأسها على يده غرقت في سبات عميق، اما هو فالنوم لم يذق جفنيه من كثرة التفكير .. ليله ورسالة التهديد المرسلة لها ..يارا وحزنها الذي انفطر قلبها بسببه تذكر وعده لياسمينا بعدم اخبار اي حد بسر زواجها من فارس او مرضها، وعمرو وكلامه القاسي له...
وأخيرًا هو .. هو يحمل عبئًا يخنقه يوميًا ..استمع لاذان الفجر ..عرف ان والدته ستؤدي فريضتها الان ..وجده أنسب وقت للتحدث معاها.. فقرار اخبار والدته لا رجعة فيه ..نهض بخفة من جانبها حتى لا يوقظهاا، ذهب لغرفته وادى فريضته ثم اتجه نحو غرفة والدته وبالفعل وجدها تجلس على الفراش تسبح على سبحتها الخاصة بها وعيناها تمتلئ بالدموع ..اقترب منها وجلس بجانبها يطبع قبلة رقيقة على يدها
_ عاملة ايه دلوقتي!.
مسحت دموعها بيديها ونظرت له لتقول ب لهجة معاتبة: عارف يا مالك انا حاسة ان معرفتش أربي..انا فشلت في تربيتكوا..
ابتسم بقلق وقال: ليه واو الجماعة !.
هزت رأسها وهي ترمقه بحزن: انت أولهم أصلًا..
أشار على نفسه متعجبًا: أنا!.
هزت رأسها والتزمت الصمت تتجنب النظر له..اعتدل بجلسته اكثر ليقول: طيب ممكن تقوليلي في ايه؟!.
حولت نظرها له وهي تقول ب لهجة معاتبة: مخبي عليا حاجة..
ضيق عينيه بتفكير، من الواضح ان والدته تعرف شيئًا، حسنًا من الافضل اخبارها بكل شئ حتى تكون نقطة في صالحه: آه مخبي عليكِ حاجة واظن ان قبل ما يحصل اللي يحصل كنت هاقولك، يعني انا مش بقولك دلوقتي علشان كلامك دلوقتي!.
صمت لبرهة وأكمل حديثه بلهجة قوية: انا متجوز ندى والي في بطنها ابني..
فاجئته عندما هتفت بهدوء: عارفة ..
اتسعت عيناه بصدمة قائلًا: عارفة وعادي كده..
تركت سبحتها جانبًا وقالت: كنت مستنية ابني يجي يواجهني ويحكيلي وكنت هازعل أوي لو هي اللي قالتلي ..انت بقى ايه اللي اخرك كده ؟
قاطعها ليقول بعدم فهم: لا ثواني، انتي عارفة ايه بالظبط!.
عقدت ذراعيها أمامها لتقول: مثلًا اتفاقك مع رأفت ! .
هتف متعجبًا: أوووو، ايه ده اللي هو ازاي يعني!.
رفعت حاجبيها مستنكرة: انت فاكر، انت بس اللي بتفهم وظابط، لا خاف من أمك بقى..
_ على فكرة انا محتاج تفسير؟!.
هزت رأسها بنفي قائلة بحدة: انا اللي محتاجة تفسير عن كل حاجة !.
تنهد ثم قال:في أول الحكاية كنت خايف ارفض ابقى بحكم على أنسانة بالموت او الاذى وخصوصًا ان انا عارف شغلنا ازاي وايه المخاطر بسببه، بس بعد ما شوفتها حبتها ومقدرتش اسيطر على نفسي ولا على عقلي...
هتفت باستهجان: طيب ليه خبيت عننا!، الا قولي يا مالك انت قولتلها عننا ايه موتنا ولا قولت ايه!.
زفر بخفة وقال برجاء: ماما أرجوكي كفاية اللي فيا، وكفاية عذاب ضميري..
هتفت بنبرة حادة: طيب انت جايلي ليه وتحكيلي بدام انت مش عاوزني اتكلم في اللي فات!.
_ علشان أريح نفسي واهدم الكدبة اللي عايش فيها دي، علشان اعرف اتعامل مع مراتي كويس واقدر اخليها تسامحني، وعلشانك بردوا..
أراحت ظهرها للخلف وقالت: كنت يوم ما جبت ندى هنا كنت مخنوقة ودخلتلك الاوضة علشان اتكلم معاك، لقيت البلكونة مفتوحة بحسبك جوه دخلت ادور عليك ملقتكش جيت أخرج سمعت صوتك من بعيد اتحركت جنب اوضة ندى كانت البلكونة متواربة وسمعتكوا وشوفتكوا ..وقتها اتجننت جريت على اوضتي بحاول استوعب الكلام اللي سمعته من الصدمة وقعت محستش بنفسي، لما فوقت حسيتك بتهرب مني بنظراتك، حسيت ان انا محتاجة اهدى وافكر افتكرتك وانت بتقول ( رأفت وسمير ضحكوا عليا..) دورت في اجندة أبوك وجبت رقمه ونزلت الصبح قبل ما تصحو قابلته..
سعل بخفة وضم شفتيه في ضيق ليقول: بعدين...
( فلاش باك )...
_ كان غصب عني والله كنت بحاول اساعد صديقي!.
هتفت بغضب: انك تخبي بنت أختي عني، وتكذبوا، وتحاول تبعدها عني بكل الطرق، لدرجة انك تجوزها ابني ومتخليهوش يقولي وانا بقى افضل الف في دايرة ومعرفش أوصلها، انهى غصب ده يا باشا، انت زي ما تكونوا بتحاولوا تكسروني..
هتف سمير مبررًا: احنا بنحاول نخبيها عنك علشان والدتك واخوكي، انتي عارفة كويس لو يعرفوا بوجود ندى هايعملوا ايه...
هتفت بسخرية: هايعملوا ايه!، هايقتلوها مثلاً، حد قالك على أمي وأخويا انهم قتالين قتلة ..
هز رأسه باستنكار: والله مش بعيدة اللي يخلي ام تخاصم بنتها سنين رغم محاولاتها انها توصلها يبقى مش بعيد واللي اخ يقنع امه واخته انهم يخاصموا اختهم علشان شخص مات يبقى قلبه مات ومش بعيد يأذيها...
حاولت ان تتفادى اي حديث قد ينكأ جراحها فقالت: عمر اللي بتقوله ما يبرر الجريمة البشعة اللي عملتوها في حقي وحق ابني وحق بنت أختي المظلومة في الحكاية دي كلها..
زم شفتيه بضيق واضح ليقول: مدام نهلة انتي بتعاتبيني في قرارات ناس ماتت، انا كل ذنبي ان حاولت اساعد صديقي..
اشارت عليه قائلة: لا انت لسه قايلي انك السبب في الفكرة دي!.
_ قولتلك كنت بحاول اساعده..
هزت رأسها بإيماءة وقالت بتحذير: ابعد عن ندى ومالكش دعوة بيها، وانا كفيلة أوي ان احميها من اي حد..
وقبل ان تغادر كان هو يقول:
_ مدام نهلة ...مالك كمان مظلوم في القصة دي، احنا لعبنا على وتر الشهامة عنده، أرجوكي تخرجيه بره حساباتك، لانه ميستاهلش أبدًا انك انتي كمان تقسي عليه، كفاية عليه ندى خليه يحارب في اتجاه واحد بلاش اتجاهين..
( باااك ).
انتهت من سردها قائلة: وبس سبتك فعلا تحارب في اتجاه واحد واستنيت أشوف هاتيجي امتى وتعترفلي ..والحمدلله انك مطولتش أكتر من كده!.
هتف بسخرية: يعني كلامك مع فارس على ندى وعند الدكتورة كنتي بضايقيني...
هزت رأسها بتأكيد: كنت بعلمك الادب.
رفع احد حاجبيه مستنكرًا: تعلميني الادب !.
اقتربت منه بوجهها وهي ترفع حاجبيها بتحدِ: ايه كبرت عليا!.
حرك رأسه بنفي وقبل يدها: لا طبعًا، احنا عندنا كام ماجي هي واحده بس،وتعمل اللي نفسها فيه..
رق قلبها له، هذا هي عادتها، يخطأ وتسامحه بمجرد ان يجلس أمامها هكذا ويتحدث معاها، اعترفت بضعفها أمامه ..لم تستطيع منع ابتسامتها من الظهور فقالت بلهجة ماكرة: طب وانا قدرت تضحك عليا بكلمتين، ندى بقى هاتخليها تسامحك ازاي..
قبل جبينها قائلًا: ربنا يخليكي لينا..انتي..
بترت حديثه قائلة بنبرة حاسمة: لا ماليش دعوة هو انت كنت دخلتني من الاول علشان اساعدك..
قطع حديثهم دخول عمرو المفاجئ، رفعت ماجي وجهها صرخت بخوف: مين عمل كده في وشك.
نهض مالك بقلق يختصر المسافة بينهم قائلاً: مين ضربك كده ؟ انت روحت لمازن اتعاركت معاه ؟
هز رأسه بنفي وهو يضع يده على وجهه قائلًا بعبوس: روحت لشريف وقولتله على كل حاجة، وزي مانتوا شايفين .
نهرته ماجي بتوبيخ: انت مجنون ولا عبيط ياله، ايه اللي انت عملته ده!؟.
_ هو انا هافضل زي الحرامي كده، انا عاوز اتجوزها واخلص، الراجل المجنون حلف ما انا متجوزها، كلميه وقوليلي اي حاجة ..
هتفت بغضب: هو انتوا تعكوا الدنيا وتيجوا تقوليلي اتصرفي ؟ لا بقى انا ماليش دعوة ..ربنا يسامحك يا عمرو هاودي وشي فين من شريف، زمانه ييقول عليا ايه ؟ طب البت الغلبانة دي مفكرتش فيها ؟
هتف مالك ساخرًا: زمانها بتتحاسب ..ندعيلها بقى..
ضيق عمرو عيناه المتورمة بفعل تلك الكدمات التي تحطيها من جميع الجهات: مش انت السبب سخنتني بكلمتين خلتني أروح اقوله، اتصرف بقى..
_ طيب انت اتهببت وقولتله ايه!؟.
اتجه صوب الاريكة بخطوات بطيئة: مفيش قولتله ان انا بحب مريم وعمري ما اعتبرتها أخت وعاوز اتجوزها ..وعينك ما تشوف الا النور متهايلي مكنتش عارف الضربة بتجيلي منين..
لكزته ماجي في كتفه ف تأوه عمرو: تستاهل انت ياله أكتر واحد تاعبني في اخواتك..
هتف عمرو بصوت مرتفع:_ ماليش فيه جوزوهالي..
نهره مالك بحدة قائلًا: بس ياله وطي صوتك ده .
همس بصوت منخفض: طب جوزهالي، علشان منتحرش او أقتل شريف..
ودت ماجي ان تخنقه على فعلته الحمقاء تلك، ف دارات حول نفسها قائلة بتفكير: هاخرج من الورطة دي ازاي، شريف طول عمره أخ عزيز الله يخربيتك يا عمرو على اللي عملته فيا ..مش كفاية أخوك الكبير..
رفع عمرو حاجبيه قائلًا بغمزة خفيفة: ايه ده انت عامل مصيبة زي!..
وقفت ماجي تقول بسخرية: آه، مش مالك متجوز ندى ...
اتسعت عيناه بصدمة: ايه، اتجوزتها من ورانا انت لحقت يا شبح.
زفر مالك بضيق قائلًا: ماما ازاي تقولي للمتخلف ده.
عقدت ماجي ذراعيها قائلة: لا وانت الصادق متجوزها من قبل ما نعرفها أصلًا .
صفق عمرو بيده قائلًا بصياح: شبح بردوا..
صمت لبرهة مفكرًا: بس ازاي..
هز مالك رأسه بيأس: لا انا هاروح انام..
_ خد تعال بتهرب ليه؟!.
غادر مالك الغرفة، ف جلست ماجي بجانبه تفكر في ايجاد حل لاقناع شريف، قاطع تفكيرها عمرو قائلًا ببحة يغلبها الفضول: ماما مالك متجوز ندى ازاي ؟ يعني ده ابنه ؟ طب انتي عرفتي ازاي ؟!، قوليلي مش قادر اتنفس .
دلف غرفتها وجدها تجلس على حافة الفراش تهز ساقيها بعصبية، هتف مالك متعجبًا: ايه ده مش كنتي نايمة ؟!.
وقفت امامه قائلة بعصبية: وقلقت عطشانة قومت علشان اجيب ميه لقيتك في اوضة خالتو وسمعتها وهي بتقول لعمرو انك متجوزني، انت حكتلها.
رقد على الفراش قائلًا بنبرة باردة: آه حكتلها، مضايقة ليه عاوزني اخبي ليه!.
_ علشان مش ناوية أكمل حياتي معاك..
أرسل اليها ابتسامة مستفزة: بس انا ناوي..
في لحظة جذبها وأجلسها على ساقه، وأحكم قبضته عليه: المفروض تفرحي.
مدت يدها تبعده عنها قائلة باستهجان: أفرح!، لا طبعًا.. لو سمحت ابعد وقوم نام في أوضتك ..كده اخواتك هايعرفوا هايقولو ايه لما يلاقوك في اوضتي..
_ هايعرفوا !، بكرة الصبح كلهم هايباركولك، عمرو ده فضيحة..
_ طب قوم في أوضتك..
دفن وجهه في عنقها قائلًا بهمس دغدغ قلبها: اي مكان انتي فيه يبقى مكاني...
كورت يديها تحاول السيطرة على مشاعرها التي بدأت في الاستيقاظ مجددًا بعدما حاولت اخمادها فقالت بلهجة حادة: على فكرة براحتك نام هنا، وانا أصلًا من بكرة هامشي وارجع بيتي..
ابتعد عنها قليلًا ينظر في عيناها مباشرةً قائلًا بلهجة قوية: مالكيش بيت تاني غير ده يا ندى، واول مرة واخر مرة اسمع منك الكلام ده، علشان مزعلكيش..
تقلصت ملامحها في غضب منه ومن لهجته، فتدراك حديثه ووعده لنفسه بأن يهاودها حتى تهدأ ويرق قلبها له..فقال بنبرة هادئة: متزعليش، بس انا بزعل لما بتقولي كده، ندى اياً كان فترة زعلك مني متقوليش هاسيب البيت، اقعدي هنا وازعلي براحتك وانا هاسيبك تهدي .
_ طب سبني يالا اهدا..
احتضنها بقوة: بكرة الكلام ده من بكرة هانفذه، يالا نامي ولا اجبلك مية..
ابتعدت عنه وهي تتجه نحو الشرفة: نام انت هنا، وانا هنام في أوضتك..
دلفت للغرفته بسرعة عندما وجدته ينهض خلفها أغلقت الباب خلفها من الداخل فقال من خلفه بضيق: ماشي حظك ان الباب ده مبيتفتحش من برة.
ضحكت بسعادة عندما شعرت أخيرًا انها انتصرت علية فقالت: احلام سعيدة..
زفر بقوة من خلف الباب ثم اتجه صوب السرير يلقي بجسده عليه محدقًا في السقف براحة عندما مرت مواجهته لوالدته بسلام.. نظر للحائط الفاصل بينه وبين غرفته فقال بصوت يغلبه النعاس: عقبالك انتي كمان .
اغلق عيناه ليسقط في سبات من فرط تعبه، اما هي فانتشرت في غرفته تعبث هنا وهناك بين ثيابه شهادته وصوره، تبتسم تارة وتحزن تارة رفعت وجهها متسائلة في حيرة بعدما شاهدت جميع صوره مع ياسمينا وفارس من الصغر: يا ترى ايه سبب جواز ياسمينا من فارس، هو سر حربي يعني علشان يخبوه.
فركت عيناها عندما غلبها النعاس مجددًا وسقطت على الفراش غافية وحولها مجلد صوره..
تحركت بسرعة كبيرة في الفراش وكأنها تحارب شيئًا ما باحلامها تهمس بكلمات غير مفهومة وصوتها يختنق ..لاحظ حركتها الكثيرة فتح عيناه بصعوبة وجدها على حالتها تلك..
_ خديجة فوقي..خديجة..فوقي..
شهقت شهقة قوية وكأن انفاسها اختفت فتحت عيناها تبحث عنه هامسة باسمه: عمار..
احتضنها ومسد بطول ذراعها برقة: انا اهو في ايه مالك ؟
دفنت نفسها بداخله وتشبثت بثيابه هاتفة برجاء: اوع تسيبني، اوعى تبعد عني..
ربتت على رأسها بحنان قائلًا: عمري ما هاسيبك...
صمت لبرهة قائلًا بنبرة حارب كثيرًا لاخراجها من جوفه: اوعي انتي تسيبني..
رفعت بصرها له ترمقه بحب، مد طرف ابهامه ومسح دموعها هاتفًا: انا مرجعتش علشان اسيبك يا خديجة، انا معاكي بس بلاقي نفسي، وبعيد عنك ببقى واحد تاني .. بس انتي اوعي تتخلي عني زي زمان..
تذكرت عرض أبيها ومكالمات والدتها لها، فقررت بداخلها انهاء ذلك الامر واخبارهم بأنها لن تترك عمار مرة أخرى، لن تخذله لو على موتها...مسكت يده وتشابكت أصابعهم مع بعضهم البعض لتقول هي: انا بحبك اوي يا عمار، وعمري مااعمل كده عمري ..انا صحيح اتجوزت وسمعت كلام ابويا زمان علشان انقذ امي من السجن، بس حافظت على نفسي علشانك..
كررت هذة الجملة للمرة الثانية أمامه، قطب حاجبيه متسائلًا بهمس: حافظتي ازا...
بتر جملته عندما وجدها تخفض بصرها خجلًا، رفع وجهها بطرف ابهامه قائلًا بعدم تصديق: بجد يا خديجة انتي لسه...
هزت رأسها باستيحاء منه لتقول بنبرة مرتبكة: حتى لو مكنتش رجعت وكنت اتجوزت واحدة تانية غيري مكنتش هاتجوز تاني لا يمكن كنت اسلم نفسي لحد تاني، عمار أنا معارضتش ابويا علشان ايلين بس، انت السبب الاول، وجودك في قلبي السبب الاول..
لم يجعلها تُكمل جملتها بل انحنى سريعًا نحو شفتيها ينهل منهما ما يشاء ف حبيبته حافظت على نفسها لاجله وحاربت ابيها لاجله وليس ايلين كما اعتقد طوق جسدها بذراعيه وضغط عليها بشدة، هامسًا من بين قبلاته: مفيش حاجة هاتبعدني عنك تاني أبدًا ..انا مش بس بحبك... انا بعشقك لدرجة الجنون.
طوقت عنقه بيدها الصغيرة تجذبه نحوها متمنية ان لا تنقطع لحظتهم الفريدة تلك .. وسكتت شهرزاد عن الكلام المباح وأخيرًا نال عمار جائزته بعد عناء طويل في محاربته لنفسه ولعشقه.