قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية قطة في عرين الأسد للكاتبة منى سلامة الفصل السادس

رواية قطة في عرين الأسد للكاتبة منى سلامة الفصل السادس

رواية قطة في عرين الأسد للكاتبة منى سلامة الفصل السادس

خرج مراد من غرفته في الصباح ومر قبل نزوله على غرفة عمته. طرق الباب فسمحت له بالدخول. اقترب منها قائلاً: - صباح الخير يا عمتو
قالت بوجوم: - صباح الخير يا مراد يا ولدى
ابتسم وقال: - ايه اخبار صحتك النهاردة
- تمام يا ولدى الحمد لله
تمعن مراد في النظر اليها ثم قال: - في حاجة مضايقاكى يا عمتو؟
صمتت طويلاً ثم نظرت اليه قائله بقلق: - في خراب هيحل علينا يا ولد أخوى. جلبي مش مطمن وبحلم بأحلام جلجه منامى.

جلس على الفراش بجوارها ونظر اليها قائلاً: - ليه بتقولى كده يا عمتو. وحلمتى بإيه.

قالت بهيرة بجدية بالغة: - جلبي متوغوش جوى يا ولدى. ومجدرش أحكيلك الأحلام البشعة اللى بشوفها. لأن سيدك وحبيبك النبي جال لا تحدّث الناس بتلعُّب الشيطان بك في منامك
قال مراد: - عليه الصلاة والسلام. ممكن تكون أطغاث أحلام يا عمتو. متشغليش بالك بيها
لمست كفه قائله بجديه: - خلى بالك من نفسك يا ولدى ومن أمك واخواتك
وضع مراد كفه الأخرى فوق كفها قائلاً بإبتسامه: - متقلقيش يا عمتو. كلكوا في عنيا.

- ربنا يبارك فيك وينورلك طريجك وما يشمت حدا فيك.

أدخلت سكرتيرة خالد سهى الى مكتبه فقالت مبتسمه: - ازيك يا بشمهندس
مدت له يدها فقام وسلم عليها مبتسماً: - ازيك انتى يا آنسه سهى
قالت برقه: - تمام الحمد لله. معلش هعطلك شوية بس في حاجات مش واضحة ومحتاجه أعرفها من حضرتك قبل ما أبدأ شغل
ابتسم لها بخبث وقد شعر بأنها حجه ليس إلا. وقال: - لا أبداً مفيش مشكلة اتفضلى استريحى
جلست سهى فقال: - تحبي تشربي ايه بأه.

قالت بمرح: - أنا مبشربش غير عصير. لا ليا في الشاى ولا في القهوة
ضحك قائلاً: - في حد ميشربش شاى ولا قهوة
قالت بدلع: - أنا يا بشمهندس. كل الناس بتستغرب لما بقول كده. بس أنا مبحبهمش
نظر اليها بخبث قائلاً: - حظهم وحش
ابتسمت بسرور. وقد أخذ الإثنان يتطلعان لبعضهما البعض وعيناهما تقول الكثير.

جلس طارق قبالة مريم على مكتبها وأخذ يشرح لها طلباته في الحملة الإعلانيه. كنت تستمع اليه بإهتمام وتدون ما يقول. لم يرفع عينيه عن وجهها. شعر بالحيرة من نظرة عينيها الحزينة. دائماً يرى الحزن في عينينها. أخذ يسأل نفسه. تُرى ما سبب حزنها؟ انتهى من الحديث. فنظرت اليه مريم وقالت بجديه: - تمام يا أستاذ طارق. بس الشغل المرة دى هياخد وقت أطول يعني نقول من 10 أيام لاسبوعين.

ابتسم قائلاً: - مفيش مشكلة خالص. وطالما انتى اللى ماسكة الحملة يبأه أنا مطمن جداً. بصراحة شغلك ممتاز ودخل دماغى أوى. وباين عليكي موهوبة فعلاً
شعرت بالخجل لإطرائه ولاحت ابتسامه صغيره على شفتيها وخفضت بصرها قائلاً: - متشكره لذوق حضرتك
قال لها فجأه: - تعرفى دى أول مرة أشوفك مبتسمه من يوم ما بدأت الشغل معاكى.

اختفت ابتسامتها الصغيرة سريعاً ليحل محلها تعبيراً جاداًُ. كانت مى ترمقهما شزراً. وازدادت عصبيتها بعدما سمعت جملة طارق الأخيره. قالت مريم بجدية: - في أى اضافات تحب حضرتك تضيفها
قال طارق: - لأ كده تمام. ومتشكر جداً انك وافقتى تمسكى الحملة بتاعتنا. وان شاء الله مش هيكون آخر تعامل بينا
ثم قال: - صحيح قوليلي اسمك مريم ايه؟
قالت بخفوت: - مريم خيري.

نهض من مقعده ومد يده اليها قائلا بإبتسامه: - تمام. أشوف بعد 10 أيام ان شاء الله
قامت من مكانها وقالت بهدوء: - أنا آسفه مبسلمش. ان شاء الله الشغل يخلص في معاده
أعاد طارق يده بجواره وابتسم قائلاً: - برافو عليكي. بتعملى الصح حتى لو كان صعب ومحرج
لم ترد وتجنبت النظر اليه. قال قبل أن يغادر: - مع السلامه وشكرا مقدماً على الشغل.

خرج طارق. فجلست مريم مرة أخرى على مكتبها. التقت عيناها بعين مى التي بدا عليها الحنق والضيق. قالت مى بتهكم: - ما شاء الله عليه لماح أوى. واخد باله اذا كنتى بتبتسمى ولا مبتبتسميش
قالت مريم بضيق وهي تلتفت الى حاسوبها: - مفيش داعى للكلام ده يا مى
كتمت مى غيظها ثم عادت الى عملها وهي تحاول التركيز. لكن عبثاً.

توجه أشرف الى مكتب عماد. فقال له: - تعالى اتفضل يا أشرف
جلس أشرفف. فسأله عماد قائلاً: - أخبار شغل مكتب الديكور ايه؟
قال أشرف بحماس: -لا حضرتك متقلقش الشغل عجبهم جدا وطالبين كميات تانية
ابتسم عماد وقال: - ممتاز
تنحنح أشرف وقال: - بصراحة أنا كنت عايز أتكلم مع حضرتك في موضوع شخصي
- اتفضل يا أشرف
بدا عليه التردد وهو يقول: - يعنى. بصراحة. أنا عايز أتقدم للآنسه مريم.

اتسعت ابتسامة عماد وهو يقول: - يازين ما اخترت. مش هتلاقى أحسن منها يا أشرف
ابتسم أشرف وقال: - عارف يا أستاذ عماد. وبصراحة أنا مش عارف أتقدم لمين. يعني حضرتك عارف ظروف مريم. وأنا بصراحة اتحرجت أكلمها مباشرة. ومبقتش عارف أعمل ايه. ففكرت ان حضرتك تعرض عليها الموضوع وترفع عنى الحرج ده
قال عماد بسعادة: - متقلقش أنا هعرض عليها الموضوع وان شاء الله خير
قال أشرف بتوتر: - بصراحة أنا خايف ترفض.

صمت عماد قليلاً ثم قال: - مظنش ترفض يا أشرف انت انسان كويس وأى واحدة تتمناك
قال أشرف ببعض الضيق: - بس حضرتك عارف موضوع ماجد. يعني أنا خايف تكون لسه متعلقه بيه
قال عماد بجديه: - مريم لازم تشوف حياتها. اكيد مش هتفضل طول عمرها كده. متخفش أنا أظن انها هتوافق ان شاء الله
قال أشرف بلهفه: - يارب ان شاء الله.

- انت مش هتيجي تتجدملى بجه يا جمال
قالت صباح هذه العبارة وهي تلتقى ب جمال سراً في مكانهما المعتاد. قال بضيق: - انتى شايفه الظروف عامله ازاى يا صباح
قالت بحزن: - ظروف ايه يا جمال. آني لما بخرج أجابلك ببجى مرعوبه لحدا يشوفنى. ونفسى ما يبجاش اللى بينا في السر كاننا بنسرج
قال جمال بحنق: - انتى عارفه كويس العداوة اللى بين عيلتى وعيلتك يا صباح أنا خايف من اكده.

هتفت صباح بحده: - عداوة ايه اللى بتتكلم عنها يا جمال خلاص دى راحت لحالها. من يوم اللى حصل والعيلتين اتحدوا سوا وجربوا من بعض
- بس لسه النفوس شايله يا صباح
- لأ يا جمال بيتهيجلك. احنا خلاص معدش في بينا وبينكوا أيتها عداوة. ازاى يبجى في عداوة بعد ما العيلتين حموا بعض وداروا على بعض عشان التار اللى عليهم
قال جمال وهو شارد: - اه بس لو أعرف الحجيجه.

تنهدت صباح بحسره قائله: - خلاص خيري مات الله يرحمه. ومات السر معاه
قال جمال مفكراً: - تفتكرى مين فعلاً اللى كان ظالم ومين اللى كان مظلوم
قلت صباح بإباء: - أخوى ما جتلش حدا يا جمال. أخوى ميعملش اكده واصل
صاح جمال بحده: - وآني عمى ميعملش اكده واصل. آني متأكد ان أخوكى هو اللى عيميلها يا صباح. وعمى هو اللى دفع التمن
قالت صباح بغضب: - وليه ميكنش عمك اللى عيميلها وأخوى هو اللى دفع التمن.

صاح جمال بغضب مماثل: - جولتلك عمى ميعملش اكده واصل. عمى كان راجل يعرف ربنا وكان سيد الرجاله وكل الناس كانت تحكى عن جدعنته ورجولته
قالت بتعالى: - وآني كمان أخوى كان راجل من ضهر راجل. وزبيبة الصلاه فوج جبينه
قال جمال بغضب وهو ينصرف: - فتك بعافيه يا صباح. كلامك بجه سم بيهري في جتتى
نظرت اليه صباح بحزن وهو يبتعد.

دخلت مريم مكتب عماد بعدما أرسل صفاء سكرتيرته في طلبها. تقدمت قائله: - أفندم يا أستاذ عماد
أشار عماد الى المقعد أمام المكتب قائلاً: - اتفضلى اعدى يا مريم
جلست مريم ونظرت اليه بإنتباه. بدا وكأنه يفكر في طريقه لعرض الموضوع عليها. انتظرت أن يتحدث حتى قال: - مريم. في واحد زميلك هنا في الشركة. طلب انه يتقدملك.

شعرت مريم بالخجل والإحمرار بدأ في غزو وجنتيها وأطرقت برأسها. فأكمل عماد: - هو عارف ظروفك. وعشان كده معرفش يتكلم مع مين. وجالى
ثم ابتسم قائلاً: - أنا بعتبرك أخت صغيره ليا يا مريم وعشان كده بكلمك كأخ وبقولك. الشاب ده ممتاز وفعلاً راجل محترم و...
قاطعته مريم قائله بضيق: - بعد اذنك يا أستاذ عماد. انا معنديش استعداد للارتباط حالياً
قال في هدوء: - مش تعرفى هو مين الأول
قالت بحزم: - مش هتفرق.

صمت قليلاً ثم قال: - أشرف
نظر اليه بدهشة. وصمتت لحظات ثم عادت لتقول بحزم: - زى ما قولت لحضرتك الموضوع ده مبفكرش فيه حالياً
بدا عليه الجزن لردها. ثم قال: - خلاص يا مريم اتفضلى على مكتبك. بس أتمنى انك تفكرى كويس الأول. انا مش هديله رد الا لما تفكرى وتردى عليا
قالت بجديه بالغه: - أنا مش هغير رأيي أبداً يا أستاذ عماد. فياريت حضرتك تبلغه من دلوقتى بدل ما ينتظر على الفاضى
ثم نهضت وقالت: - بعد اذنك.

عادت الى مكتبها وهي شارده تماماً ومقطبة الجبين. انتبهت مى لحالها فاقتربت منها قاله: - خير مالك. كان أستاذ عماد عايزك في ايه
قالت بضيق: - مفيش
التفتت الى الحاسوب تكمل عملها في صمت. أخذت مى تمعن النظر اليها وقالت: - لأ فى. واضح على وشك انه فى. قالك ايه ضايقك
نظرت اليها مريم وقالت بحده: - تصورى ان أشرف قال لأستاذ عماد انه عايز يتقدملى.

ابتسمت مى وصفقت بيدها بمرح وقالت: - كنت واثقه ان احساسى صح. يا سلام عليكي يا مى تفهميها وهي طايره
قالت مريم بضيق: - مى قفلى على الموضوع
جذبت مى احدى الكراسى وجلست بجوارها وقالت بحده: - ممكن أفهم انتى ليه رافضه. أشرف راجل ممتاز بجد. والكل بيشكر فيه
قالت مريم بنفاذ صبر: - أنا ما قولتش انه وحش
- أمال ايه؟ رفضاه ليه؟
صمتت مريم فقالت مى بحده: - مريم فوقى بأه. انسى ماجد بأه. راح ومش هيرجع تانى.

نظرت اليها مريم بألم وقد تجمعت الدموع في عينيها. رق قلب مى لحالها وقالت بهدوء: - مش قصدى أضايقك. بس لازم تعيشي حياتك بأه
تساقطت العبرات من عينيها قائله: - مش قادرة يا مى. مش قادره أنساه. مش قادره
نظرت اليها بحنان وقالت: - لازم تحاولى تنسيه. وتعيشي حياتك.

قالت مريم بشفتين مرتجفتين: - أنساه ازاى يا مى. ازاى أنساه. ماجد كان روحى. كان حياتى. كان مستقبلى. كان الحاجه الوحيدة اللى بتخليني مبسوطه وفرحانه. كان الحضن الدافى. كان الانسان الوحيد اللى بحس معاه بالأمان. كان الهوا اللى بتنفسه يا مى. فاهمه يعني ايه الهوا اللى بتنفسه. يعني أنا دلوقتى ميته
قالت مى بحزم: - لأ انتى عايشه مش ميته. هو اللى مات يا مريم. ماجد اللى مات مش انتى.

انفجرت مريم في البكاء قائله: - أنا مت يوم ما مات يا مى
اقتربت منها مى وحضنتها قائله بأسى: - الموضوع ده فات عليه أكتر من سنة يا مريم. لازم تحاولى تنسى بأه
قالت مريم من بين شهقاتها: - حتى لو مر عشر سنين مش ممكن أنساه أبداً. ومش ممكن أتجوز واحد غيره. أنا مراته هو وبس. وان شاء الله ربنا هيجمعنى بيه في الجنه. وأبقى مراته هناك.

رفعت مريم رأسها ونظرت الى مى بوجه مبلل بالدموع وقالت بصوت مرتجف: - الواحده في الجنة بتكون لآخر راجل اتجوزته. وأنا مش عايزه أكون في الجنه مرات حد تانى غيره. انا عايزة أبقى مرات ماجد في الجنة يا مى. دى الحاجه الوحيدة اللى مصبرانى. عشان كدة مش ممكن أتجوز واحد غيره. مش عايزه أتجوز غيره يا مى
كانت مريم تبكى وترتجف بشدة. نظرت اليها مى بأسى وحضنتها مرة أخرى لتهدئ من روعها.

خرج عثمان من سيارته مسرعاً وصعد سلالم الشركة بسرعة ودخل مكتبه ليجد رجلين ينتظراه بالخارج فأشار لهما بالدخول. جلس أما مكتبه وقال لهما: - في اييه. اييه اللى حصل
قال أحدهما: - لجينا راجل يا عثمان بييه عم بيدور في مكتبك على ورج. بعد ما كل الموظفين روحوا بيوتهم. كشفناه بكاميرات المراجبه. ومسكناه وحبسناه في المخزن
نهض عثمان وسبقهما قائلاً: - تعالوا معايا.

نزل عثمان الى المخزن وفتح الرجال الباب. نظر الى الرجل المربوط الى الكرسي وقال بغلظة: - انت ميين. وميين اللى باعتك. وكنت عم بتدور على اييه في مكتبي
نظر اليه الرجل بخوف دون أن يتحدث. فلكمه عثمان على وجه وسال دمه. وصرخ به قائلاً: - يمين بالله لو متكلمتش وجولتلى كل حاجه لكون طخك بيدى
قال الرجل بخوف: - أبوس يدك يا عثمان بييه. انا معرفش كيف الشيطان وزنى خلانى أعلم اكده.

صرخ به عثمان قائلاً: - جاوبنى يا ولد التيييييييييييت اييه اللى دخلك مكتبي ومين اللى وزك
بلع الرجل رقه بصعوبه وهو محتار أيتحدث أم يصمت. فجأة أخرج عثمان سلاح من ثيابه وصوبه الى الرجل قائلاً: - اتشاهد على روحك يا ولد التيييييييييييييت
أغمض الرجل عينيه وقال بسرعة: - هجولك كل شئ يا عثمان بييه بس أبوس يدك ما تجتلنيش أنا راجل عندى مره وعيال
- جول انطج.

بلع الرجل ريقه وقال بخوف: - كنت عم بدور على ملف تبع مواعيد شحنات الألومنيوم اللى طالعه من المخزن عشان طلبيات المناجصة
صمت عثمان قليلاً ثم قرب وجهه من الرجل قائلاً: - مين اللى جلك تعمل اكده؟
قال الرجل بتوتر: - جمال بييه
بدا وكأن عثمان تحول الى تمثال لا يتحرك. ثم بدت ملامح وجهه وكأنه تحول الى وحش كاسر. وقال بصرامة: - أني هعرف كيف أربيك يا جمال التييييييييت.

جلس مراد مع طارق في أحد المطاعم. قال طارق: - مش عارف ليه مش مرتاح ل حامد ده خالص
قال به مراد وهو يفكر بتمعن: - أنا كمان مش مرتاحله كشخص. بس في الشغل هو كويس. واحنا محتاجين علاقاته في شراكتنا الجديده
قال طارق: - على رأيك فعلا هو هيخدمنا جامد
صمت قليلاً ثم سأله مراد: - عملت ايه في موضوع شركة الدعاية
ابتسم طارق: - لا متقلقش كله تمام. اتفقت معاهم على كل حاجه وهستلم التصاميم بعد 10 أيام ان شاء الله.

شرد طارق قليلاً ثم قال: - عارف يا مراد. البنت المسؤلة عن الحملة. بنت محترمة أوى. واحدة كدة تحس انها جد أوى وشخصيتها قوية وفي نفس الوقت تحس انها رقيقه اوى وضعيفه أوى. مش عارف ازاى جامعه بين القوة والضعف في وقت واحد
صمت مراد وقد بدا وكأن الحديث لا يعنيه. فأكمل طارق: - مش عارف ليه لفتت انتباهى مع انها عاديه جداً.

ظل مراد يتناول طعامه وهو محتفظ بصمته. فنظر اليه طارق قائلاً بمرح: - وانت بأه مفيش واحدة عارفه تلفت انتباهك ولا ايه
قال مراد بجدية: - لا مفيش
تمعن طارق النظر اليه ثم قال: - على فكرة يا مراد انت غلط. ليه بتعمم حكمك. مش كل البنات زى بعضها. زى ما مش كل الرجاله زى بعضها. في اللى زي حامد وفي اللى زي سامر وفي اللى زيك وزيي وغيرنا كتير. كل واحد غير التانى.

نظر اليه مراد وقال بحزم: - أنا مش بعمم حكمى. أنا بقول ان معظمهم معندهمش أصل وميعرفوش يحبوا ولا يخلصوا في حبهم. معظمهم أنانى عايز يتحب وبس. تديلها كل ما عندك. ومتخدش منها الا اللى تتفضل بيه عليك. تديلها حياتك كلها. وتستخسر فيك انها تكون جمبك
هتف طارق قائلاً: - ليه النظرة السوداويه دى يا مراد. ليه متديش لنفسك فرصة تانية.

قال مراد بحزم: - اديت نفسي فرصة تانية يا طارق وانت عارف كده كويس. وبرده مفرقتش حاجه عن اللى قبلها
- مراد انت مليون واحدة تتمناك مش بقول كده عشان أجاملك بس فعلا انت من أرجل الناس اللى عرفتها في حياتى
قال مراد بمراره: - بس دايماً اللى بعوزها بترفضنى واللى بحتاجلها بتسيبنى. أنا معنديش استعداد أذل نفسي لواحده مرة تانية. أو أنتظر من واحدة تانى انها تقولى آسفه أنا مش هقدر أرتبط بيك أنا عايزه واحد طبيعي.

تنهد طارق قائلاً: - قولتلك مش كل البنات رد فعلها واحد. زى ما في دى. في دى
قال مراد بصرامة: - وأنا بأه لا عايز دى ولا عايز دى. أنا مرتاح كده. أحسن ما تحصلى حاجه تانية وألاقى اللى بتطعنى في ضهرى وتقولى مش هقدر أعيش معاك وعايزه أتطلق.

صمت قليلاً ثم قال بجمود: - انت مجربتش يعني ايه تمر بأزمة وتبقى محتاج لمراتك جمبك وتلاقيها بتفكر انها تسيبك. مجربتش يعني ايه تترجاها انها تفضل جمبك وتلاقيها مكسوفه منك ومن اصابتك. وتشوف في عنيها نظره تتمنى انك تتعمى ومتشوفهاش. مجربتش يعني ايه تتقدم لواحده وأول ما تعرف ان رجلك مبتوره ترفضك. انت مجربتش الاحساس ده يا طارق احساس مميت. تحس أكن سكاكين بتقطع فيك. تحس أن حد جاب سكينه تلمه وبيدبحك بيها ببطء. أنا مش ممكن أهين نفسي تانى. أو انى أقبل ان واحدة تعيش معايا وهي حسه بالنقص. أو شايفه انى أقل من غيري. وحسه انها مكسوفه منى. مكسوفه تعرف الناس انى جوزها. وانى عندى اعاقه. مش ممكن أبداً هسمح لنفسي انى أضعف وأحتاج لواحده جمبي. أو انى أترجاها تفضل جمبي ومتسبنيش. وألاقيها رغم احتياجى ليها تصدنى بكل برود. مش هقبل على نفسي الاهانة دى تانى.

صمت طارق وقد أيقن أن كلامه مع مراد لن يفيد. لأن جرحه أكبر من أن يُشفي ببضع كلمات للمواساه.

عاد مراد الى بيته ليجد والدته في استقباله قائله بعجاله وهي تشير الى الصالون: - عروستك ومامتها أعدين جوه يا مراد يلا تعالى سلم عليهم
قال بإندهاش: - عروستى مين
- بنت صحبتى اللى وريتك صورتها
قال بحزم: - ماما احنا انتهينا من الكلام في الموضوع ده
قالت بحزم هي الأخرى: - أنا مش هبطل كلام في الموضوع ده يا مراد. شوفها واعد معاها يمكن تعجبك
قال بحده: - مش هتعجبنى ومش عايزها تعجبنى.

نظرت اليه أمه بغضب قائله: - مراد لو مدخلتش ورايا الصالون تسلم على الضيوف اعرف انى غضبانه عليك
ثم تركته وانصرف. كبح جماح غضبه بصعوبه. ثم دخل الصالون. نظر الى المرأتين وهز رأسه قائلاً: - أهلا وسهلا
قالت المرأة الكبيرة مبتهجه: - أهلا بيك انت يا مراد ازيك وازى صحتك
جلس على أحد المقاعد قائلاً: - الحمد لله.

كان يشعر وكأن بداخله بركان غضب على وشك الإنفجار. كان حانقاً بسبب ذلك المأذق الذي زجته فيه ولدته. ظل صامتاً. ولم يوجه نظرة واحدة الى الفتاة الجالسه. نظرت اليه أمه بعتاب ثم ابتسمت للفتاة قائله: - منورانا يا بسمة دى أول مرة تيجي عندنا.

ابتسمت الفتاة قائله: - ده نورك يا طنط. معلش انتى عارفه ان دراستى كانت في محافظة تانية ومكنتش بنزل القاهرة كتير كنت ببقى مشغولة طول الاسبوع. وفعلاً مبسوطة اني جيت مع ماما النهاردة
ابتسمت ناهد قائله: - شوية وهييجوا البنات ولازم أعرفكوا على بعض ان شاء الله.

قالت بمرح: - وأنا كمان حابه اتعرف عليهم. مع انى سمعت ان واحدة فيهم دماغها لاسعه يعني شكلى انا وهي هنبقى صحاب لانى أنا كمان لاسعه وبحب اللى دماغهم لاسعه
نظر اليها مراد متهكماً ثم نظر إلى أمه وكأنه يقول (هى دى اللى انتى جيبهالى). تظاهرت أمه وكأنها لم تفهم معنى نظراته. وقالت للفتاة: - انتى ما شاء الله عليكي عاقلة جدا وكمان بتتحملى السؤلية. عرفت من ماما انك كنتى معتمدة على نفسك طول فترة سفرك.

قالت بسمة بفخر ضاحكة: - طبعا يا طنط. وكمان انا اجتماعية جدا وقدرت اكون صداقات كتير اوى في المحافظة اللى كنت فيها يعني انا بقيت هناك اشهر من النار على العلم. امشى في الشارع بس قولى بسمه هتلاقى الناس تقول اه البنت الموزه اللى مفيش منها اتنين دى
ألقى عليها مراد نظرة أخرى متهكمة. قالت والدة بسمة: - مالك يا مراد يا حبيبى ساكت ليه
قال مراد بهدوء: - بسمعكوا.

التفت بسمة اليه قائله بمرح: - شكلك جد أوى فكها شوية. وبعدين أنا اللى يعد معايا لازم يموت على روحه من الضحك. لان عليا خفة دم محصلتش
نظر اليها مراد ببرود وقال: - معلش اظاهر أنا اللى مبفهمش في خفة الدم
تدخلت ناهد قائله: - طبعا يا حبيبتى ده انتى زينة البنات. ما شاء الله عليكي أدب وجمال وتعليم وكل حاجة. ده انتى تتخطفى خطف.

ضحكت الفتاة قائله: - والله يا طنط هو على الخطف فأنا بتخطف فعلاً. انا بيتقدمولى كتير أوى ما أقولكيش بس أنا اللى مش عجبنى حد. اللى أتجوزه ده لازم يكون واد مخلص مفيش منه اتنين
قال مراد ساخراً: - واد!
أكملت بسمة قائله بمرح: - وبما ان عنيا عسلى فياريت يبقى عنده أوبشن العيون الزرقا أو الخضرا عشان نكون لايقين على بعض. بس لو مفيش الا بنى خلاص مفيش مشكلة هرضى بالأمر الواقع.

كانت نظرات مراد مليئة بالتهكم والسخرية. نظرت اليه الفتاة وقد تضايقت من نظراته الساخرة. قام مراد قائلاً: - بعد اذنكوا
توجه الى غرفته فلحقت به أمه قائله: - رايح فين والناس تحت. هما جايين عشانى ولا عشانك
التفت اليها مراد قائلاً ببرود: - والله مكنتش أعرف ان البنت هي بتتقدم دلوقتى وبتروح تشوف الراجل في بيته. ومع ذلك أعدت معاها عشان أريحك. بالله عليكي انتى شايفه انها مناسبه ليا؟

قالت بحده: - مالها يعني ماهى بنت زى الفل أهى
تنهدت مراد قائلاً: - ماما أنا بجد مرهق جداً وتعبت مناهده معاكى في الموضوع ده. تروح تشوفلها واد مخلص بأوبشن العيون الملونه. تتجوزه وتفكها منى خالص.

خرجت أمه وهي ترمقه بنظرات غاضبة. دخل مراد الى شرفة غرفته. ووقف شادراً وقد بدا عليه الإستغراق في التفكير. لم يشعر بمضى الوقت. بعد فترة رآى بسمة وأمها تخرجان من البيت. وقفا قليلاً أما سيارتهما التي أوقفاها أمام الباب. سمع الفتاة تقول لأمها: - مش كفايه انه معاق. لأ وكمان راسم نفسه وعايش في الدور. قولتلك من الأول مش هينفعنى انتى اللى أصريتي انى آجى معاكى.

شعر مراد وكأن خنجراً مسموم انغرس في جراحه مرة أخرى. ليسيل الدم منه أنهاراً.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة