رواية قطة في عرين الأسد للكاتبة منى سلامة الفصل الثالث
عاد مراد الى منزله. استقبلته والدته قائله: - حبيبى اطلع شوف عمتك لانها كانت تعبانه شوية النهاردة
قال مراد بقلق: - خير مالها يا أمى؟
- مفيش الضغط على شويه عليها وكانت تعبانه بس الحمدلله هي أحسن دلوقتى
صعد مراد درجات السلم وتوجه الى غرفة عمته طرق الباب ففتحت أخته سارة وهي تشير له أن يصمت خرجت وأغلقت الباب خلفها قائله: - متصحيهاش دلوقتى يا أبيه هي نامت بالعافية
قال بقلق: - هي عاملة ايه دلوقتى؟
- لا متقلقش كويسة. بس مكنش جايلها نوم. وأخيراً نامت
- متابعة معاها الدوا يا سارة
- أيوة طبعا متخافش يا أبيه
- أمال الضغط على ليه؟
- تلاقيها افتكرت حاجة ضايقتها ولا حاجه
أومأ مراد برأسه وتوجه الى غرفته. اتصل به طارق قائلاً: - مراد انت فين
قال مراد بصوت مرهق: - في البيت يا طارق خير في حاجه
- لا كنا طالعين أنا و سامر و حامد نسهر برة وكنا بنشوفك فين عشان تيجي معانا. هعدى عليك ناخدك.
- بلاش مش حابب أخرج النهاردة
- ليه يا ابنى تعالى نغير جو أنا من زمان ما خرجتش وانت كمان. يلا فرصة نسهر سهرة حلوة
رفض مراد بإصرار قائلاً: - لأ يا طارق. قولتلك مش حابب أخرج
- خلاص برحتك. سلام
- سلام
قال حامد الجالس بجوار طارق في السيارة: - هييجى؟
- لأ قال مش حابب يخرج
قال حامد بسخرية: - ده لو بنت مش هتحبس نفسها في البيت كدة
- سيبه على راحته.
هتف حامد بغيظ: - أنا نفسي أفهم هو البنى آدم ده ايه بالظبط. مفيش وراه غير الشغل وبس. أنا عمرى ما شوفت حد صعب زيه كده
قال طارق بهدوء: - مراد طول عمره بيحب شغله
قال سامر الجالس بالخلف: - بس مش كده. يعني محسسنى ان الدنيا شغل وبس. يشتغل ماقولناش حاجه بس يشوف مزاجه برده. ده لما واحدة بتعدى من أدامه مبتتهزش فيه شعره مهما كانت مزه طحن
قال طارق مبتسماً: - سبنالك انت المزز دول.
قال حامد بسخرية: - وانت كمان غريب. عايش في المدينة الفاضلة. يعني عايز تفهمنى انك عمرك ما غلطت أبداً
قال طارق فوراً: - أكيد غلطت بس غلط عن غلط يفرق
- آه. أنا قولت كده برده
قال طارق بإستغراب: - قولت ايه؟
قال حامد بنفس السخرية: - المرء على دين خليله. انت وصحبك فوله واتقسمت نصين. بس هو قفل أكتر منك
تنهد طارق بحسرة قائلاً: - مراد مكنش كده خالص. بس حصلت ظروف غيرته.
قاطعهم سامر قائلاً: - كفاية بأه كلام عن مراد وقولولى ناويين تسهرونا فين.
عادت مريم من عملها. توجهت الى المطبخ وأخرجت من الثلاجة جبنة وخبز وشرعت في عمل سندوتش وتناوله. ثم توجهت الى غرفتها لتغير ملابسها. فتحت الدولاب الذي كان مقسم من الداخل لنصفين قسم يحوى ملابسها وقسم آخر يحوى ملابس أصغر سناً توقفت أما الملابس الصغيرة جذبت احداها وظلت تتحسسها في ألم وكأنها تشتاق الى صاحبتها. تنهدت وانتهت من تغير ملابسها ثم جلست على فراشها صامته لا تفعل شيئاً سوى النظر الى فراغ الغرفة. ظلت قرابة النصف ساعة جالسة دون حراك. ثم نهضت وتوضأت وصلت وفتحت التلفاز لا لتشاهد ما به. بل لتسمع صوتاً. أى صوت. يخترق هذا الصمت القاتل الذي تعيش فيه. وأخيراً استسلمت للنعاس امام التلفاز وهي تحضن مخدتها وتسند رأسها اليها.
فى الصباح توجهت الى عملها عن طريق المترو مثلما تفعل كل صباح. قالت لها مى وهي تتمعن فيها: - نمتى امبارح كويس؟
قالت مريم وهي تبدأ في تشغيل حاسوبها: - أيوة الحمد لله
قالت مى بحده: - يبأه رجعتى تانى متكليش كويس. شوفى وشك في المراية بأه عامل ازاى يا مريم
قالت مريم مدافعه عن نفسها: - والله باكل يا مى. هعيش من غير أكل يعني
- طيب بصى شوفى في المرايه وشك أصفر ازاى
قالت مريم بحنق: - خلقة ربنا أعمل ايه يعني.
هتفت مى: - لا مش خلقة ربنا يا مريم. حرام عليكي اللى بتعمليه في نفسك ده يا بنتى انتى لسه صغيره مكملتيش 30 سنةقالت مريم بحنق: - لأ كملتهم من شهرين
قالت مي بعناد: - برده صغيره. بس اللى يشوفك يقول دى واحدة عندها 60 سنة مش 30 سنة
قالت مريم بنفاذ صبر: - مى شوفى شغلك وفكك منى. انا عندى شغل كتير
قالت مى بغيظ: - ماشى يا ست مريم أما نشوف أخرتها معاكى.
ثم استطردت قائله: - واعملى حسابك ان ماما عزماكى على الغدا عندنا بكرة
قالت مريم بحرج: - اشكرى طنط كتير بس مش هقدر اجى
هتفت مى: - ليه سياتك مش هتقدرى تيجي. وراكى ايه. انتى من البيت للشغل ومن الشغل للبيت
نظرت اليها مريم بلوم قائله: - انتى اللى قولتيلها تعزمنى
هتفت مي بغيظ: - يا ست انتى الست عايزة تشوفك وتعزمك على الغدا انتى مكلكعة الدنيا ليه
قالت مريم مبتسمه: - خلاص ماشى هاجى ان شاء الله.
ابتسمت مى: - أيوة كده فكيها ربنا يفكها في وشك ووشى يارب
- آمين
ماهى الا دقائق حتى دخلت سهى التي قالت: - صباح الخير
قالت مريم: - صباح النور
قالت مى بإستغراب: - مش عادتك يعني تقولى صباح الخير وانتى داخله. أخيراً خدتى بالك ان في بشر معاكى في نفس المكتب
قالت سهى مبتسمه: - مفيش أصلى مبسوطة شوية
قالت مريم: - ربنا يسعدك دايماً
تنهدت سهى قائله: - يارب وينويلى اللى في بالى.
ردن هاتف سهى فإتسعت ابتسامتها وقفزت من المكتب قائله: - استنا خليك معايا هطلع أكلمك من بره المكتب
وغادرت الغرفة لتتحدث بالخارج. تابعتها مى بعينيها ثم قالت ل مريم: - شايفه. اهى رجعت للتليفونات تانى. شكلها علقت مع حد جديد
قالت مريم دون أن ترفع نظرها عن حاسوبها: - يمكن بتكلم حد من أهلها أو واحدة صحبتها.
هتفت مى: - والله. وبتتكلم بره المكتب ليه. وعماله تتسهوك وترقق في صوتها. ومسمعتيهاش وهي بتقوله استنا خليك معايا
نظرت اليها مريم بحزم قائله: - ملناش دعوة يا مى. وعلى فكرة اللى انتى بتقوليه ده بدايه الطريق للقذف
ارتبكت مى وشعرت بالخوف من وقع الكلمة وقالت: - أنا مش قصدى يا مريم
قالت مريم بحزم: - قصدك ولا مش قصدك. اللى انتى بتقوليه فيه شبهة قذف محصنات وانتى واحدة عارفه ربنا. عارفه عقاب قذف المحصنات ايه.
ثم قالت: - ربنا بيقول في سورة النور
{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }
{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }.
قالت مى وقد شعرت بالندم: - أستغفر الله العظيم. الواحد مش ناقص ذنوب. خلاص معدتش هجيب سيرتها تانى. هي حره تعمل اللى هي عايزاه
قالت مريم بهدوء: - أيوة كده. بلاش نتكلم على أى بنت وحش عشان ربنا مش يبتلينا بواحده تتكلم عننا وحش. لان كله سلف ودين
- ماشى يا مريم خلاص مش هتكلم عنها تانى
ابتسمت مريم قائله: - اوعى تكونى زعلتى منى أنا بنصحك عشان بحبك
ابتسمت مى قائله: - عارفه. ولو معملتيش كده تبقى مش بتحبينى.
عادت الفتاتان الى عملهما. دخلت سهى بعد فترة. لم تلتفت اليها الفتاتان. وبدأت هي الأخرى في أداء عملها
استيقظ مراد من نومه. وارتدى ملابسه وثبت الساق الصناعية في قدمه اليمنى ثم خرج من غرفته وتوجه الى غرفة عمته. طرق الباب فأذنت له بالدخول.
فتح الباب. كانت جالسه في الفراش ومتدثرة بغطائها. وتمسك أحد الكتب في يدها ونظارة كبيرة على عينيها. امرأة في العقد السادس من العمر. ورغم كبر سنها الا أن ملامحها وبنيتها تتميز بالقوة والصلابة. لها نظرات حادة قوية. تشعر بأنها تسبر أغوارك. اقترب منها قائلاً: - صباح الخير يا عمتو
رسمت ابتسامه خفيفة على شفتيها وقالت: - صباح الخير يا ولدى.
ابتسم قائلاً: - أخبار صحتك ايه النهاردة. أمى قالتلى ان حضرتك تعبتى امبارح. جيت عشان أشوفك بس كنتى نايمة محبتش أزعجك
قالت عمته بهيرة: - ربنا يبارك فيك يا ولدى. ويعينك وينورلك طريجك. آني منيحه الحمدلله والشكر ليه
جلس بجوارها قائلاً: - خدى بالك من صحتك يا عمتو ولو اتجتى أى حاجة عرفيني.
ربتت على كتفه قائله: - تسلم يا ولد أخوى. انت مش مخليني محتاجه لحاجه واصل. ربنا يديك على أد نيتك. ويبارك فيك وفي اخواتك البنات
- مش هتنزلى تفطرى معانا
- لا سبجتك يا ولدى. انزل انت افطر وشوف مصالحك. الله يعينك ويوفجك
نزل مراد وترأس مائدة الطعام كالمعتاد
قالت نرمين بتحدى: - ها يا أبيه هتخرجنا بكرة ولا لأ
نظر اليها مراد قائلاً بإتستلام: - حاضر يا نرمين هخرجكوا ان شاء الله
تنفست الصعداء قائله: - أخيرا هنخرج.
نظر اليها مراد بإستغراب قائلاً: - اللى يسمع كده يقول محبوسة في البيت. عندك جنبنة طويلة عريضة بره اتمشى فيها براحتك. وعندك العربية والسواق اطلعى انتى و سارة واتمشوا بيها
قالت نرمين بدهشة: - وهي دى اسمها فسحة يا أبيه. أنا عايزة أروح مولات. أعمل شوبينج. نسافر مكان. شرم. اسكندرية. مطروح. أى مكان تغيير يعني
قال مراد وهي يتفحص جريدته: - لما افضى ان شاء الله هنسافر سوا.
قالت نرمين برجاء: - طيب وليه منروحش انا و سارة لوحدنا شرم مثلا. والسواق هيكون معانا. يوصلنا ويجبنا في نفس اليوم
نظر اليها مراد بحدة قائلاً: - في بنت محترمة تسافر لوحدها من غير أهلها
قالت مرتبكة: - احنا مش هنبات. يوم بس ونرجع.
قال بغضب: - وافرضى حد ضايقك انتى ولا أختك هتتصرفوا ازاى. افرضى حصلكوا حاجه. لازم يبقى في راجل معاكوا. مينفعش بنتين يسافروا لوحدهم. انتوا ما بتقروش جرايد وتسمعوا عن الحوادث اللى بتحصل والبلطجية اللى ملوا البلد
قالت سارة لتلطف الجو: - معاك حق يا أبيه. هي بس نرمين من زهقها بتقول كده. بس هي أكيد عارفه ان مينفعش نسافر من غيرك.
قالت الأم وهي تنظر اليهم: - هو مينفعش في يوم نفطر بدون نقاش وكلام كتير. يلا افطروا وسيبوا أخوكوا يفطر عشان هو مشغول مش فاضى زيكوا
نظرت ناهد الى مراد قائله: - شوفت عمتك يا مراد
رفع نظره من الجريدة وقال: - أيوة يا أمى عديت عليها قبل ما أنزل. واطمنت عليها
- ماشى يا حبيبى.
جلس عبد الرحمن على سريره ساهماً لا يشتهى حتى تناول الطعام. اقتربت منه زوجته وجلست بجواره قائله بصوت باكى: - جلبي حارجنى جوى على ولدى يا حاج
تنهد قائلاً: - ربنا يرحمه ويغفرله ويرزجه الجنه. يارب
قالت زوجته ودموعها تنهمر: - كان أحن واحد في اخواته. فجدت الكبير بدرى بدرى. ودلوجيت فجت ياسين. يا كبدى عليكوا يا ولادى التنين
قال عبد الرحمن بحده: - ادعيلهم ان ربنا يرحمهم بدل النواح ده يا وليه.
قالت زوجته بحزم: - آنى مش ههدى ولا يرتاحلى بال إلا لما أشوف اللى جتل ولدى وهما بيعدموه وبيشنجوه. اللهى ربنا ينتجم منه
قال عبد الرحمن بحزم: - ان شاء الله هيمسكوه ويتعاقب على عيملته
ثم قال بحيره: - بس أموت وأعرف هو مين. آنى واثج انه حدا من الجبيلة. بس مين العلم عند الله
تنهد وقال: - ربنا جادر يكشف المستور. انا وكلته وهو حسبي.
دخلت صفاء سكرتيرة عماد الى مكتب مريم قائله: - مريم. أستاذ عماد عايزك في مكتبه
نظرت اليها قائله: - هو وصل؟
- تقصدى صاحب شركة دييبس. أيوة وصل
قالت مريم بإستغراب: - مش قولتيلى امبارح ان اللى هييجى مدير التسويق
هزت صفاء كتفيها قائله: - أستاذ عماد قالى كده امبارح. بس الراجل اللى جه عرف نفسه على انه صاحب الشركة
قامت مريم وحملت الملف الذي يضم تصميماتها الخاصة بحملة الشركة وتوجهت الى مكتب عماد.
قال لها عماد: - تعالى يا مريم اتفضلى
ألقت مريم نظرة على الرجل الجالس فقدمها عماد للرجال قائلاً: - الآنسه مريم الديزاينر المسؤلة عن حملة شركة حضرتك
ثم نظر الى مريم قائلاً: - الأستاذ طارق عبد العزيز مدير شركة دييبس
قالت مريم بخفوت: - أهلا وسهلاً
نظر اليها الرجل قائلاً: - اهلا بيكي
أشار عماد ل مريم قائلاً: - اتفضلى اعدى يا مريم.
جلست مريم في المقعد المواجه ل طارق. الذي نظر اليها قائلاً: - أولاً أنا آسف على التعديلات الكتير اللى طلبتها. لان من البداية دى غلطتى انى موضحتش اللى عايزه الظبط. وعشان كده جيت بنفسي بدل مدير التسويق لانى خفت ميقدرش يشرح اللى أنا عايزه بالظبط
قالت مريم بهدوء: - مفيش مشكلة حضرتك
ثم أعطته الملف قائله: - اتفضل حضرتك دى كل التصميمات الخاصة بالحملة عرفنى التعديلات تحديداً وأنا هنفذها فوراً.
دخلت في تلك اللحظة صفاء قائله: - أستاذ عماد. في عميل عايز يقابل حضرتك ضرورى
نظر عماد الى مريم قائلاً: - مريم خدى أستاذ طارق وناقشوا التعديلات في مكتبك
أومأت مريم برأسها وقالت ل طارق: - اتفضل معايا حضرتك
سار طارق خلفها. ودخلا مكتبها. رفعت الفتاتان رأسيهما لتنظران الى الرجل القادم. جلس في مواجهتها وقدمت له شئ يشربه وبدأ في توضيح التعديلات التي يريدها. ثم قال: - أنا آسف مرة تانية لو التعديلات كتير.
قالت مريم بهدوء وهي تتفحص ما كتبت: - مفيش مشكلة. بس الموضوع هياخد وقت. يعني ممكن اسبوع من دلوقتى. لان عندى شغل تانى بخلصه
قال طارق مبتسماً: - مفيش مشكلة هستنى كفاية انى تعبتك وعطلتك معايا
نظرت اليه وقالت بجديه: - ان شاء الله هعرض على حضرتك التصميمات قبل ما نبعتها المطبعة
تمعن فيها طارق قائلاً: - واضح انك مضايقه منى أوى
قالت مندهشة: - لأ أبداً
قال معتذراً: - أنا بجد آسف انى تعبتك.
قالت بجديه: - مفيش مشكلة
قام ليغادر فوقع نظرة على مى فقال وكأنه يحاول أن يتذكر شيئاً: - احنا اتقابلنا قبل كده؟
قالت بإرتباك: - أيوة أنا كنت نفذت لحضرتك حملة اعلانية من فترةطويلة
قال وكأنه تذكر: - أيوة تمام افتكرتك
ضحك وهو ينظر الى الفتاتان قائلاً: - ووقتها تعبتك معايا برده. اظاهر انى طلعت عينكوا انتوا الاتنين.
ابتسمت مى قائله: - لا مفيش مشكلة. احنا معرضين في شغلنا للتعديلات اللى العميل بيطلبها بعد ما بيشوف التصميم
ابتسم قائلاً: - شكرا لذوقكم. مع السلامة
ردت مى: - مع السلامة
بمجرد أن انصرف قالت سهى: - يا ربي على الذوق والأدب والشياكة. هو النوع ده تفصيل ولا جاهز. ومنشأه ايه بالظبط. ده يتاكل أكل. يا بختك يا مريم.
نظرت اليها مى وهي تنفخ بحدة ثم عادت لتكمل عملها دون أن تلتفت اليها. وفعلت مريم مثلها بعدما رمتها بنظرة صارمة.
خرجت مريم من الشركة بعد انتهاء عملها. لفت نظرها خالد الذي أوقف سيارته أمام العمارة فأكملت طريقها. لكنه انتبه اليها فأوقفها قائلاً: - آنسة مريم لو سمحتى
التفت اليه بضسق وهي تنظر للمارة حولها. اقترب منها قائلاً: - ازيك أخبارك ايه. وأخبار حملتنا ايه
قالت بضيق: - تمام الحمد لله. وزى ما قولت لحضرتك ان شاء الله هعرض على حضرتك التصميمات في المعاد اللى اتفقنا عليه. بعد اذنك.
همت بالمغادرة لكنه اعترض طريقها قائلاً: - أنا كنت جاى عشان شوية اضافات محتاج أضيفها في الأعداد وحجم يفط الأوت دور. بس طالما انتى هنا خلاص
أشار الى سيارته قائلاً: - تعالى نروح أى مكان نتكلم فيه سوا وأوصلك في طريقى
نظرت اليه بحده قائله: - آسفه مبركبش عربية حد. بعد اذنك
همت بالمغادرة لكنه أمسك ذراعها يوقفها قائلاً: - حيلك حيلك انتى بتتكملى معايا كده ليه.
جذبت ذراعها من يده بعنف قائله بغضب: - انت ازاى تسمح لنفسك تمسكنى كده. ملكش عندى غير شغل وبس وأنا دلوقتي مش في ساعات العمل بتاعتى
نظر اليها بسخرية من رأسها الى أخمص قدمها قائلاً: - في ايه. اوعى تكونى شايفه نفسك حاجه. أنا كل اللى قصدته انى اتكلم في الشغل. دماغك راحت فين هو انتى مبتشوفيش نفسك في المرايه ولا ايه. فكرانى هبص لواحده لوكل زيك.
احمر وجهها من الغضب والتفتت تنصرف بدون أن ترد عليه. كانت تشعر بالحنق والضيق لتلك الإهانة التي تعرضت لها. ركبت في المترو وهي تقاوم انهمار دموعها بصعوبة. لكنها تركت لعبراتها العنان بعدما عادت الى بيتها. وعزمت على اخبار عماد في الصباح بقرارها بعدم رغبتها في العمل على الحملة الدعائية لشركة خالد.
فى سكون الليل. وفي احد الأماكن الهادئة التي تخلو من المارة. وقف رجل ملثم ينظر يميناً ويساراً. وهو متململاً قلقاً. حتى رآى فتاة مقبلة في اتجاهه وهي تنظر خلفها. جذبها من ذراعها ووقفا خلف أحد الأبنية. أنزل جمال اللثام عن وجهه قائلاً: - حبيبتى وحشتيني جوى
أزاح بيده الطرحة التي كانت تمسكها لتخفى بها نصف وجهها وقال: - وحشتيني جوى يا صباح.
ارتبكت صباح وقالت بخجل: - وانت كمان يا جمال وحشتنى جوى. مكنتش عارفه آجى النهاردة خرجت بالعافية بعد ما أبويا نام
نظر اليها محاولا تقبيلها فابعدته قائله بحزن: - شوفت اللى صاير فينا يا جمال. ياسين أخوى اتجتل
قال جمال وهو يقترب منها أكثر: - معلش يا حبيبتى. بكرة يمسكوا باللى جتله. انتى وحشانى جوى جوى
قبلها. ثم أبعدته قائله: - أنا همشى لحدا يشوفنا.
- هشوفك تانى امتى.
- ماعرفش. هبجى أكلمك زى كل مرة. يلا انا ماشية يا جمال
مشت الفتاة وهي تلتفت خلفها وسارت في طريقها الى منزلها. فوجدت والدتها تقول: - كنتى فين يا صباح
قالت بإرتباك: - مكنتش في حتى يامه. كنت بتمشى شويه
قالت أها بغضب: - في الوجت ده. انتى اتجننتى في عجلك يا صباح. امشى انجرى على اوضتك جبر يلمك قليلة الربايه صحيح.
دخلت صباح غرفتها وأغلقت الباب بعصبيه ثم جلست على فراشها تتذكر مداعبات حبيبها جمال وتلك اللحظات التي اختلستها في سكون الليل للالتقاء به.