قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية عندما يعشق الرجل لـ شيماء محمد الفصل 22

رواية عندما يعشق الرجل لشيماء محمد الفصل الثاني والعشرون

أغلقت باب الشقة بهدوء وادارت جسدها وعيناها تتأمل الشقة الجديدة التى انتقلت إليها ...رغم انها ستأخذ وقتا طويلا حتى تستطيع التعود عليها لكن أهم شى الآن انها بدأت أول خطواتها نحو الاستقلال والاعتماد على ذاتها فى توفير ما تحتاج إليه بعيدا عن سيف او أسامة ...تنهدت بقوة وخلعت معطفها الصوفى لتبدأ التنظيف ...الشقة التى استطاعت الحصول عليها ليست فى منطقة راقية مثل التى كانت تقطن بها فى المبنى السكنى لسيف ...ولا حتى بمثل حجمها واتساعها ولكن أجمل ما فى هذه الشقة انها تجد بها بعض الدف ربما بسبب صغر حجمها فهى تتكون من غرفة صغيرة للنوم وغرفة أخرى ستضع بها لوحاتها ...وصالة واسعة وحمام واحد ومطبخ صغير ...بدأت بتنظيف غرفة النوم ووضعت ملابسها بالخزانة التى لم تأخذ جميع الملابس فاضطرت لترك الباقى فى الحقائب ...بدأت بتغير ملاءة السرير وما كادت تنتهى حتى سمعت صوت دقات الباب ضيقت عيناها بشك فمن ممكن ان ياتى لها ...خرجت من الغرفة ثم توجهت حيث باب الشقة ...وفتحت الباب ...ظهر على وجهها الذهول وهى ترى السيدة نوال أمامها لكنها سرعان ما تغيرت ملامحها إلى سعادة.

- هل يمكننى أن أدخل ...قالتها نوال بابتسامتها العذبة المعتادة
فتحت دينا لها الباب سامحة لها بالدخول
-جميلة ...قالتها السيدة نوال ببشاشة
فظهرت ابتسامة على وجه دينا وقالت وهى تغلق الباب
-لماذا اتيتى
فعبس وجه السيدة نوال وقالت بدلال وود "إلا تريدننى ان أتى ...عندما علمت انك ستنتقلين إلى الشقة الجديدة اليوم ...أتيت لاساعدك...إلا تحتاجين مساعدتى "
ابتسمت دينا بحب لتلك المرأة التى أقل ما يقال عليها رائعة فقد استطاعت فى الأيام القليلة الفائتة تكوين صداقة متينة معها رغم فارق العمر الذى بينهما ...إلا ان السيدة نوال كانت تتصل بها باستمرار للاطمئنان عليها وكانت تتحدث معها عن أمور كثيرة تخص زوجها واحيانا اخرى عن أبنها الوحيد الذى شعرت من حديثها وكأنها تعرفه شخصيا ...وليلة أمس تحدثتا كثيرا واخبرتها دينا بانها ستنتقل إلى الشقة الجديدة غدا ...فاصرت السيدة نوال على معرفة العنوان فاخبرتها وها هى تفاجأت من رؤيتها أمامها اليوم ...انها سيدة رائعة رغم أنها احيانا تظهر وكأنها طفلة ولكنها متفهمة وعطوفة ...ربما عليها ان تشكر ماجد لأنه الشخص الذى جعلها تتعرف عليها ...
قطعت أفكارها السيدة نوال وهى تقول بانفعال وصرامة كاذبة "هل ستظلين تنظرين إلى هكذا طويلا ...هيا نبدأ بسرعة أيتها الكسول" تبع كلاماتها ابتسامتها المعتادة
فضحكت دينا "حسنا سيدتى كما تامرين "
فظهر امتعاض على وجه نوال وقالت بغضب "سيدتى هكذا سانزعج منك ...أمى أفضل "
فابتسمت دينا وهى تقول بعفوية "لا أعلم أشعر الأمر صعب من أن أتخيل واحدة من مظهرك الصغير هذا ام ...بل أشعر وكأنك صديقتى "
"حسنا نادينى نوال...طالما تشعرين بأننى أصغر "قالتها بسرعة ودارت بعيناها فى المكان وهى تقول "حسنا من أين نبدأ "
أخذت دينا نفسا عميقا ثم قالت بهدوء"لقد انتهيت من غرفة النوم ...ما رأيك سنقوم بتنظيف الغرفة الاخرى ثم نقوم بنقل هذه اللوحات إليها
اؤمات السيدة نوال رأسها موافقا وبدأ عملية التنظيف ...حتى انتهيا وبدان فى نقل اللوحات ...وما ان انتهيا من نقل اللوحات ...حتى قالت السيدة نوال وهى تجلس على أحد الكراسى الموجودة فى الغرفة "هل تحبين الرسم لهذه الدرجة ...اللوحات كثيرة "
اؤمات دينا براسها وهى تقول بسعادة "كثيرا ...انه الشئ الوحيد الذى يجعلنى سعيدة "
فنظرت إليها السيدة نوال وقالت بسعادة "هل يمكننى ان أرى "
ابتسمت دينا ابتسامة عريضة وبدأت فى رفع الأغطية عن اللوحات لتشاهدها...ظهر على وجه السيدة نوال تعبير من الذهول والانبهار من جمال ما تراه من لوحات مرسومة بدقة واهتمام والألوان الرائعة
الممتزجة فى كل لوحة ...راقبت دينا تعابير وجه السيدة نوال بسعادة فاتتها الشجاعة حتى تريها المزيد من لوحاتها الخاصة للغاية ...
"من هذا "قالتها نوال باستفهام رغم أنها حاولت الا تظهر ضيقها وخوفها من رؤية سيف صديق ابنها أمامها وأين فى منزل حبيبة ابنها ...
"انه أحد اصدقائى لقد ساعدنى كثيرا ...فى وقت كنت احتاج فيه حقا للمساعدة ...انها شخص حنون وطيب للغاية "قالتها دينا بعفوية دون أن تشعر بنظرات السيدة نوال التى تغيرات لها
وضعت دينا اللوحة مكانها ثم نظرت إلى نوال بسعادة وهى تقول بسرعة "ما رأيك "
حاولت نوال ألا تظهر ضيقها وقالت بابتسامة كاذبة "رائعة حبيبتى "
ثم وجهت نظرها لعدد من اللوحات فى جانب من الغرفة لم ترها وقالت بهدوء "وماذا عن هذه اللوحات الأخرى ...لم ترينى إياها "
ظهر الارتباك على وجه دينا فعقدت السيدة نوال حاجبيها متسائلة ...حتى قالت دينا بسرعة "انها لوحات خاصة لكن ...لكن ...تعالى لتشاهديها "
بدأت دينا بسحب الغطاء عن لوحاتها الثلاث التى كانت فى جانب بعيد ومنعزل عن باقى اللوحات الأخرى وما ان راتهم السيدة نوال حتى فرغت فاها من الدهشة والإعجاب حاولت أن تكتم فرحتها المطلقة وهى ترى اللوحات لابنها أسامة واحدة وهو يرتدى ذى المدرسة عندما كان فى المرحلة الثانوية وأخرى ببذلة رسمية عقدت حاجبيها بانعقاد شديد تحاول تذكر متى كانت أول مرة ارتدى أسامة بذلة رسمية ويبدو صغيرا بها وجسده نحيف ...ظهرت السعادة على وجهها وهى تتذكر انه ارتداها أول مرة عندما كان فى سنته الرابعة بعد ان أقنع والده بضرورة بدء العمل معه وفعلا ذهب حينها خصيصا لشراء تلك البذلة وارتداها فى يومه الأول كانت رمادية اللون حتى انها تعجبت من شرائه واختياره لهذا اللون خصيصا ...ثم اتسعت ابتسامتها أكثر وهى ترى لوحة أخرى تبدو وكأنها حديثة لأسامة وربما عندما عاد إلى القاهرة بعد ان غاب لاكثر من سبعة اعوام وتغير جسده وظهرت خشونة وجهه الأسمر ...أخذت نفسا عميقا وهى تحاول ان تمنع دموعها من السقوط ...فقد بدأ ابنها متعبا حزينا ...ودينا عرفت كيف تظهر حزنه وشقاءه من خلال رسمتها ...لكن ألم يشعر قلبها به ام ان عيناها فقط من لاحظت ذلك ...نظرت إليها بود وشبه ابتسامة تظهر على ثغرها تتمنى لو دينا تسامح أسامة وتفتح قلبها وتستمع له ...فقط لو تستمع وتنسى ما مضى ...لكن هى ستفعل اى شى لتقرب الاثنان من بعضهما فهى احبتهاكثيرا وتتمناها حقا زوجة لابنها الوحيد ...لذلك ستعمل على هذا من الآن ...
ظهرت فكرة رائعة فى عقلها وقالت بسرعة "ما رأيك ان تستغلى موهبتك هذه "
ضمت شفتاها وقالت بابتسامة يحمل بعض التهكم "كيف "
فلمع وجه السيدة نوال وهى تقول بسعادة "انا لا أعرف كثيرا عن الفن والرسم وهكذا ...لكن يمكن أن نقوم بعمل معرض ونعرض هذه اللوحات بها "
عبس وجه دينا وقالت وهى تدير وجهها بعيدا عنها تحاول أن تخفى عبسها " لكن ...هذا الأمر لا ينجح ...انها مجرد هواية لدى "
فدنت نوال بضع خطوات منها ثم وقفت أمامها وهى تقول بإقناع " حتى وإن كانت مجرد موهبة ولكنها رائعة لماذا لا نستغلها ولن يضر الأمر شيئا ...سنختبر الأمر نجح فهذا جيد ان لم ينجح على الأقل حاولنا ...مع إننى أشك انه لن ينجح "
"لكن ...انا "قالتها بارتباك ورفض
اسكتتها نوال بسرعة وقالت "لا يوجد لكن سأقوم بأعداد كل شئ ...وسابحث عن مكان جيد ليكون به المعرض اعتبرينى مدير أعمالك وسأقوم بتدبر كل شئ لهذا المعرض ...لا تقلقى ...ثقى بى"قالت كلمتها الأخيرة برجاء غريب جعلت دينا تخفض رأسها بقلة حيلة ...فاتسعت ابتسامة السيدة نوال أكثر واخذتها بين أحضانها بسرعة وهى تقول بحب "لقد احببتك حقا "
فابتسمت دينا وردت بهدوء "وأنا أيضا احببتك "

ترجل من سيارته بسرعة والغضب يشتعل فى عيناه ووجه يوحى بالاجرام منذ ان أخبرته الممرضة فى المشفى انها رحلت ...توجه بخطوات سريعة نحو باب المنزل يحاول تهدئة نفسه ...ذهب إلى منزل سليم السيوفى لكن لم يجد أحد فوضع الآمال بأن تكون قد أتت إلى منزل عمها محمود ...سيتحدث معها وياخذها بعيدا ...ضغط على زر الجرس واصبعه لم يتحرك عنه ...حتى وجد الباب قد فتح والخادمة واقفة أمامه بوجه عابس ...فابعدها عنه بحدة ...وقال بقسوة "أين السيد سليم ...او السيد محمود...أين زوجتى " هتف بها بصوت عالى وهو لم يعد يستطيع ان يبدو هادئا أكثر من ذلك ...مما جعل كل من فى المنزل يخرج على صوته
"السيد سليم ليس هنا ...لكن السيد محمود هنا..."نطقتها بخوف حتى أتى محمود السيوفى بخطى سريعة وخلفه زوجته كوثر
"ماذا هناك يا حسام ...لماذا صوتك عالى "قالها محمود بهدوء يحاول فهم ما يحدث
"أين زوجتى ...أين بثينة " هتف بها بغضب
" تادب يا حسام وصوتك لا يعلو فى منزلى ...زوجتك بثينة فى المشفى ...كيف لا تعرف أين هى ...هى ليست موجودة هنا "قالها محمود بحدة
" أخاك ...السيد سليم أخذ زوجتى ولا أعرف أين هى ذهبت إلى منزله لم أجد أحد هناك ...أين هى زوجتى ...أين اخذتوها "قالها بصوت منكسر حزين ...ثم تابع بصوت منخفض ورجاء " ألا تعلم أين ذهب حقا يا عمى "
"لا يا بنى لا أعلم ...قالها موكدا ثم تابع بتساؤل "ربما تكون ذهبت إلى المنزل اذهب ستجدها "
فهز حسام رأسه نفيا بصمت ...فقال محمود بصوت منخفض "هل حدث بينكما شئ لياخذها والدها هكذا ..." قاطعه حسام بصوت عالى غاضب " أخبر أخاك ...إننى ساجدها ...ابنتى لن تبتعد عنى هل فهمتوا جميعا ما تتمنونه لن يحدث " قال كلماته وخرج ومحمود وزوجته واقفا بتصلب حتى أتت الحاجة فيريال قائلة بسرعة "ماذا هناك ...لما كان يصرخ حسام "
فحرك محمود يده بجهل ...ثم تحرك نحو الهاتف يحاول الاتصال بأخيه لعله يفهم منه اى شئ ...وأين يمكن ان يكون أخذ ابنته وذهب هكذا من دون ان يعلم أحد ...لكن وجد هاتفه مغلق ...فوضع الهاتف وهو يزفر بقوة ...

 

انتفض جسدها بذعر عندما استمعت إلى صوت الصراخ فى الطابق السفلى من المنزل ...ارتدت روب يستر جسدها وخرجت من الغرفة تراقب ما يحدث من دون ان يراها أحد على درجات السلم العليا ...استطاعت أن تفهم القليل مما قيل ...فعقدت حاجبيها وراسها يفكر عن ما يقال أمامها وهى تحاول تذكر هذا الوجه الذى هى متأكدة بأنها قد رأته ولكن عندما استمعت إلى اسم بثينة تذكرت فورا بأنه زوجها من يصرخ ...لكن لماذا يصرخ فى هذا الوقت المبكر ...نظرت إلى الساعة وتنهدت بقوة وهى تراها قد تخطت الثانية بعد الظهر ...وهو لم ياتى منذ ان صرخت به صباحا ...عقلها مشتت فهى لا تلومه هو فقط على ما حدث بل تلوم نفسها أيضا فهى من استجابت واستكانت له ...بل هى أيضا من دعته للاقتراب منها ...لكن كان يجب ان تضع اللوم عليه فكرة انها خضعت وأنها كانت بين يديه تجعلها تشعر بخوف ...فهى ما كانت ستستمر فى هذا الزواج ...لكنها أرادت شئ واحد من هذا الزواج طفل وكانت بعد ذلك ستتركه...ولكن هل مالك سيفعل ويسمح لها بالابتعاد ...تعلم انه عندما لم يطلب حقوقه منها ليس لانه ضعيف بل لأنه يحبها ...حب ...هل يوجد حب ...هل سيأخذ منها كل شى وبعد ذلك يتركها ...هل سيجعلها تتعلق به وبعد ذلك يتركها مثلما تركها الجميع ...نفضت أفكارها المضطربة عن رأسها واتجهت إلى الحمام فهى حقا تحتاج إلى أخذ حمام ساخن يساعدها على الاسترخاء والتفكير بعمق مما هى فيه ...

توقفت سيارته فى مكان بعيد ...لأكثر من سبع ساعات وهو يتحرك بسيارته فى الأنحاء ...حتى لم يعد يعرف أين أصبح ...ترجل منها ووقف وهو يراقب غروب الشمس بأعين شاردة حزينة ...لم يكن هذا ما تمناه ان يراه فى عيناها عندما استيقظت ...وخاصة انها هى من دعته ...هى من سحرته واغرته...كان سينتظرها حتى تشعر بالاطمئنان معه ...حتى تشعر بحبه الذى باحت به عيناه وقلبه قبل شفتاه وهو يردد بشوق وحب جارف انه يحبها ليلة أمس ...فقد أصبحت اخيرا بين يديه ...لكن ...لكن هى... لم يعد يعرف هل تحبه ام تكره ...لم يعد يعرف ما شعورها نحوه ...أغلق عيناه بقوة وهو يحاول تهدئة نفسه ...سيصبر عليها أكثر ...فهو يحبها ...بل يعشقها ...
صعد لسيارته وهو يفكر ان عليه ان يخبرها انه يحبها بطريقته هو ...وأولها انه لن يحرم نفسه منها عليه ان يجعلها تشعر بحبه ...ترجل من سيارته و دلف إلى المنزل وجد والده جالسا وكأنه فى انتظاره ووالدته وجدته بجواره ...
"مساء الخير "قالها مالك بهدوء
"أين كنت كل هذا ...لقد اتصلت بالمكتب ...وقد اخبرتنى سكرتيرتك بأنك لم تأتى اليوم "سأله والده
فرد بارتباك" لقد كنت أنهى بعض الأمور "
فقال والده بسرعة "ألا تعرف أين عمك سليم ...هل رأيته "
عقد مالك بين حاجبيه بقوة وهو يقول بتساءل "لماذا هل حدث شئ ...فنظر إليه والده بقلة صبر فقال هو بهدوء " لا لم أره "
استمع والده لكلامه وابتعد عن مقعده وتركهم وعينا مالك عليه تنظر إليه بتساءل ...حتى قالت والدته "عمك سليم أخذ بثينة من دون علم زوجها ولا أحد يعلم أين هما ...لذلك اتصل والدك بك عدة مرات وجد الهاتف مغلق وكذلك بالمكتب وأخبره بعدم حضورك ...أعتقد بأنك ربما تعلم ...فزوج بثينة أتى إلى هنا وهو يصرخ وكاد ان يتشاجر مع والدك "
"ماذا كيف يجرؤ "هتف بها غاضبا
فقالت جدته محاولة تهدئة الأمور "حقه ...وسليم أخطاء باخذه لها من دون علم أحد هكذا ...حتى أن والدك لم يعرف ما الذى يجب ان يقوله لحسام ...اصعد انت إلى غرفتك لكى ترتاح "
لوى فمه بتهكم وهو يقول فى نفسه "راحة وهل ساجدها طالما انا متزوج ب ريم "
فتح باب الغرفة واول ما وقع عليه نظره هو السرير الذى كانت جالسة عليه ورفعت نظرها إليه بشر
أغلق الباب صافقابابه بقوة جعلها تنتفض فى مكانها وتوجه نحو الخزانة أخرج منها بيجامة ...و دلف إلى الحمام ...أخذت نفسا عميقا تحاول تهدئة أعصابها وتمد نفسها بالقوة والثبات وعدم الخضوع او الانصياع له ...
بعد دقائق خرج من الحمام مشط شعره ثم اقترب منها بثبات وجلس على السرير مقابلتها قائلا بهدوء "ريم أرجو ...أن تنظرى إلى لأن ما ساردده الآن لن أقوله مرة أخرى " فرفعت نظرها إليه تنتظر باقى حديثه
فتابع بهدوء وهو يقترب أكثر منها وأمسك بيديها لكنها سرعان ما أبعدت يديه عنها فزفر بقوة وقال "ريم أنتى الآن زوجتى شرعا وقانونا...انا لم اتزوجك لأننى أعجبت او سحرت بجمالك فقط ...انا تزوجتك لأن هذا نبض عندما راك أول مرة وكاد ان يخرج من مكانه ...قالها وهو يضع يده على قلبه ...لأننى احببتك ...رأيت بك زوجة وأما لاطفالى رأيت بك المرأة التى ستساندى وتقف بجوارى وستمدنى بالقوة ...رغم انها لا تعلم بأنها هى نقطة قوتى. ...ريم أرجوك احبينى. ..أعطى نفسك ولو فرصة واحدة لتشعرى بى واحبينى...اجعليه يشعر بى...قال كلمته وهو يشير بيديه ناحية قلبها ...فجلس قبالتها حتى لم يعد يفصل بينهما إلا انشا واحدا وأمسك بوجهها بين يديه يقربها منه يقول بحنان وحب ورجاء " اتركى العقل هذا جانبا عندما تكونين معى وبين يدى ...اجعلى قلبك هو ما يشعر بى فقط عندما المسك ...كنى حبيبتى وزوجتى. ...ريم أنا أحبك ...بل أقسم إننى أعشقك "قالها وهو يتأوه من الالم الذى يشعر به فى قلبه ...
ثم تابع بصوت قد ذاب عشقا وهو ينظر إلى عيناها "ما كنت أومن بالعيون وسحرها حتى دهتنى فى الهوى عيناك " قالها مقبلا إياها بشغف ...شعرت بنفسها وكأنها قطعة من الشوكولا ذابت من كلماته التى جعلتها كالمغيبة و تمسكت بنصيحته وابعدت عقلها جانبا وتركت قلبها هو فقط من يتحدث ...

ظل ينظر لوالدته بتمعن وهى تجلس قبالته وراسها منخفض وتفرك فى يديها كالتلميذ الذى على وشك ان يطلب من والده شيئا ولكنه يشعر بالخجل او خائف من رفض والده لطلبه ...أخذ نفسا عميقا ثم زفره بهدوء وهو يهز رجلاه علامة على قلة صبره ...حتى هتف اسامة أخيرا بنبرة هادئة "ماذا تريدين يا أمى لماذا أشعر انك خائفة من التحدث "
فرفعت نوال رأسها و هى تنظر إليه بتردد حتى قالت بهدوء وهى تشير بعقلة اصبعها"هناك طلب صغير للغاية أريده منك "
فضيق عيناه وهو ينظر اليها ثم تابعت وهى تجلس بجواره بسرعة مما جعله يتفاجى من جلوسها قربه
" وأيضا أريد مساعدتك ...أريد ان تجد لى مكان جيد لاستخدامه للمشروع الذى أخطط له وأيضا أحتاج مبلغا من المال ...كما أريدك أن تكون الراعى لمشروعى "
رفع أحد حاجبيه وهو يستمع لوالدته حتى قال بخفوت " مشروع اى مشروع "
فابتسمت وقالت " مشروع خاص بى. ...بل أقصد انه سيكون لى شريك أيضا "
أخذ نفسا عميقا وهو يغلق عيناه فرغم حبه لوالدته إلا انه فى غنى عن التفاهات التى تقولها فقال بهدوء "نحن لا نحتاج إلى اى مشروع أو اى عمل من جانبك ...نحن نملك ما يكفينا كما إننى اتابع الشركة وهى بأفضل حال وسأقوم أيضا بتكبيرها أكثر ..."
"أعلم " قالتها بسرعة ثم تابعت" لكن انا أحتاج أن اعمل ...أن أشغل وقتى منذ وفاة والدك وأنا وحيدة لذلك سأقوم بفعل شئ أحبه "قالتها برجاء
فنظر إليها بتفحص وملامح الحزن مرتسمة على وجه والدته يعلم انه مقصر للغاية من ناحيتها لكن ماذا يفعل لديه مائة شىء يشغل تفكيره ...واوله دينا ورحيلها الذى لم يعلم به غير اليوم ...فقال بهدوء
" حسنا...المكان ساجعل مساعدى يريك أماكن كثيرة وتستطيعى الاختيار منها ما تشائين والمال خذى ما تريدينه "
اتسعت ابتسامتها ونظرت إليه بحنان ثم خرجت من الغرفة ...وما ان خرجت حتى جلس بتثاقل على كرسى مكتبه شارد حزين ...وهو يفكر بمن سلبت قلبه منذ ان كان مراهقا أحبها ولم يستطع نسيانها ...لكنها لم ولن تغفر له ...كم يتمنى أن يركض إليها وينام على صدرها لكى يشعر ببعض الأمان والاحتواء منها ...فقط لو تعطيه فرصة ...لكنها رحلت وهو لا يعلم أين ذهبت ...لكنه قام بوضع شخصا ما للبحث عنها ...

 

جحظتا عيناها حتى كادتا ان تخرجان من مقلتيها من هول ما ترى ...وكأن عاصفة قد اجتاحت جسدها وجعلتها صنما فى مكانها منعتها التحرك...حتى شعرت فجأة بالضوء الذى انتشر فى الغرفة بعد ان كانت معتمة ...واخاها يقف بطوله أمامها ...يراها وهى تمسك بين يديها الأوراق التى جعلها فضولها لتراه وياليتها لم ترى ...كان فى الملف صورة لفتاة قريبة الشبه منها بل هى نسخة طبق الأصل منها ...وتحمل اسم ...نور ياسين المنشاوي ...هل تزوج ياسين وايضا أنجب فتاة ...الصدمة جعلتها تشعر وكان أفكارها قد شلت مثلما شل جسدها ولم يعد يستطيع الحركة ...رفعت نظرها إلى أخيها بعد ان سقطت جالسة على الأرض مما رأته ...رأت تعبير غريب ارتسم على وجه أخيها مارسيل لا تعرف كيف تصفه ولكنه سرعان ما تغيرت تلك النظرات ونظر إليها بأسى وحزن غريب " أوه ...يا روز ...لم أكن أتمنى أن ترى كل ذلك ...لقد حاولت إخفاء كل ذلك عنك حتى لا تحزنى "قالها بخبث لم تشعر به أخته وبداخله يهتف ويعلو صوته بانتصار ... واخيرا قد وقع الفأر فى المصيدة ...أخته قد وقعت فى المصيدة التى وضعها لها ...وقد حان الوقت لكى يستفيد من كل شى وأى شئ حتى يستطيع الوصول إلى مايريده ...يجب أن يكسب روز فى صفه ...لذا عليه ان يدس فى رأسها ما يريده فقط ما يحتاج إليه لكى تعرفه أخته فقط ...
بلعت ريقها خائفة من أن تنطق فتصدم أكثر خائفة مما سيقله لها أخيها ...نظرت إليه برجاء لكى لا يتحدث بما لا تريد سماعه ...حتى قال بصوت ضعيف يملأه الحزن " حبيبتى. ..انا حقا حزين من أجلك ...لقد تفاجأت بالأمر مثلك تماما منذ بضعة ايام ...ثم نظر إليها وتابع وهو ينظر اليها يتفحص تعابير وجهها المنذهلة. ...هل تتذكرين الفتاة التى رأيتها منذ فترة فى مكتبى ...عندما راتك قالت لى انك تشبهين فتاة قد رأتها من قبل لم أهتم بالأمر ...لم أعلم ما الذى تقصده ...ولكن عندما عادت إلى بلدها أرسلت لى هذه الأوراق ...وقد صدمت مثلك تماما ان طليق أختى لديه فتاة تشبه أختى ...ثم مال عليها وأمسك ذراعها وساندها حتى اجلسها على الأريكة وهو يتفحص وجهها وفى داخله خوف من ما ستستمع له لكنه لم يتوانى عن أخبارها بالمزيد فتابع " لقد علمت انها ابنتك ...ابنتك لم تمت يا روز ...ياسين كذب على الجميع واخذها ورحل ...وقد ساعده فى ذلك أصدقاءه ...أصدقاءه الذين ساعدتيهم واعتبرتيهم أخوة لك أكثر منى ...انظرى ماذا فعلوا لك لقد أخذوا ابنتك وكذبوا عليك بخبر وفاتها ...ياسين لم يحبك يوما لم يتمسك بك ...لقد تركك لأنه لم يرد الاستمرار معك ...وأخذ ابنتك وتربت بعيدا عنك ...

" لم تعد تستمع لكلماته وكلمة واحدة تتردد فى اذنها "ابنتك لم تمت ...ياسين "
شعرت بدوامة تحتاج رأسها فوضعت يديها على اذنها تحاول ألا تستمع إلى المزيد لكن الصوت لم يتوقف عن ترديد كلمته "ابنتك لم تمت " فصرخت بقوة حتى تهاوى جسدها وكادت تسقط لولا أن امسكها أخيها وأتت والدته تصرخ وهى ترى ابنتها هكذا فقال مارسيل بسرعة " لا تخافى ...اتصلى بالطبيب بسرعة يا أمى "
صعد بها إلى غرفتها ووضعها على السرير ...وهو ينظر اليها بحزن ...فهو يعلم انه قد اذاها باخبارها بكل هذا ...لكن كان يجب عليه ان يخبرها بأمر ابنتها من دون ان تكرهه هو ...وأيضا من دون ان يفقد وقوفها بجواره إذا احتاج إليها ...لأنها لو علمت بكل ما فعله سابقا انه سبب رحيل ياسين وايضا كان يعلم منذ البداية ان الصغيرة لم تمت ...لفقد كل شى ...أخته لديها سلطة مثله تماما فى الشركة رغم أنها كانت تملك سلطة أكبر منه...لكنه مع مرر الوقت بدأ يبعد سيطرتها عن كثير من الأمور الخاصة بالشركة مستغلا حزنها وتفكيرها الدائم ب ياسين ...
أتى الطبيب وأعطاها حقنة مهدءة ...مع ضرورة ان ترتاح وتسترخى أعصابها

 

"حسنا انا موافق على الزواج ...لكن أنتظر على الأقل حتى يمر مدة على وفاة عمك ...وبعد ذلك سنقوم بأعداد حفل زفاف لائق لكما " قالها الحاج عزيز لابنه الجالس قبالته
"لكن يا أبى لماذا نتاخر...عمى وقد قارب على وفاته أربعون يوما ...إذا لا تقلق ...أما بالنسبة إلى الزفاف ...فلا داعى له ...نعقد القرآن وهذا يكفى "
رفع الحاج عزيز حاجبه مفكرا ثم قال بهدوء " لكن الفتاة ..."
فقاطعه ابنه رابح بسرعة " ماذا يا أبى هذا أفضل ...ساتزوج ابنة عمى لأنى الأولى بها كما إننى ساحافظ عليها أكثر من اى شخص لذا لا داعى لأى زفاف ...سنقوم بعقد القرآن بعد عشرة ايام بالتمام وهكذا يكون قد مر على وفاة عمى أربعون يوما ...وأيضا لكى نحافظ عليها وعلى اموالها من اى طامع يطمع بها ...ما رايك "
فاؤما الحاج عزيز رأسه موافقا وقال بهدوء " حسنا ...عندك حق "

ركضت مسرعة نحو الحمام محاولة ان تمنع نفسها من التقيا على أرضية غرفة النوم ...وما ان وصلت حتى أخرجت كل ما فى جوفها ...تحركت مبتعدة ما ان انتهت ثم وقفت أمام الحوض الصغير وغسلت وجهها ويديها ثم خرج وهى تضع يديها على جبهتها تحاول أن تجمع قوتها ...فشهقت بقوة وهى ترى شيف أمامها ينظر اليها بتفحص ...لكنها سرعان ما رسمت على وجهها الهدوء واتجهت حيث السرير فهى تشعر ببرد فظيع يجتاح جسدها ...اقترب منها بخطوات سريعة ثم وقف فوقها وهو يقول بهدوء وتفحص " ماذا بك "
فبلعت ريقها وقالت " أشعر بأن جسدى منهك ومتعب "
فرد بسرعة " هل أحضر لك الطبيب "
" لا " قالتها بفزع
فرفع أحد حاجبيه " لا ...لماذا ...الست مريضة "
" نعم ..لكنى سأكون بخير عندما أرتاح " قالتها بارتباك
فرفع يديه وهو يحمل كيسا بلاستيكيا صغيرا ووضعه على الكومود بجوارها وقال بهدوء " خذى أظن انك تحبينه ...فنظر إليها بنصف عين وقال بعد ان أشاح بوجهه عنها ...انه بسكويت مملح "
ثم أخفض رأسه إليها مقتربا من وجهها وعيناها تهتزان برعب فهى لا تستطيع ان تتحمل أكثر قربه منها ...شعرت بقشعريرة تسرى فى جسدها وهو يقبلها عند أرنبة أنفها ثم ابتعد ناحية الحمام ...انكمشت فى مكانها وهى لا تعلم هل تخبره بأمر حملها ام لا ...
دلف إلى الحمام وهو يزفر بارهاق اليوم كان متعبا له للغاية وقف بجسده تحت الدش بعد ان خلع عنه ملابسه وهو يتذكر اليوم بمشاكله التى أتت متتابعة ...أولها عندما أرسلت دينا مفتاح شقتها إليه وهى تنقل اشياءها إلى الشقة التى ستمكث فيها منذ الآن ...فقام بجعل ماجد يرسل المفتاح إلى أسامة ويفهمه ما حدث ...وبعد ذلك كانت المشكلة الكبرى عندما علم بسفر جده منذ ثلاثة ايام وهو لم يكن على علم بسفره حتى أنه لم يستطع أن يعرف أين ذهب...أما الشركة الرئيسية فجعل أمر شؤونها لمساعده ليكون مسئول عن توقيع الأوراق الخاصة باى صفقة ...مرر يديه على وجهه وهو يفكر فيما أكبر من هذا كله ...زوجته حامل ...وهى لم تخبره ...سيكون كاذبا ان قال انه لم يكن يعلم ...انه يعلم منذ ان شك بتعبها وتقياها وحتى نومها وشك اكثر عندما ذهبت إلى معمل التحاليل ...فذهب بنفسه واستطاع الحصول على نتائج الإختبار ...وحينها هو قد صعق حقا ...حاول ان يقترب منها حتى تخبره لكنها لم تتكلم شك بأنها ربما قد تكون تضمر شيئا وتقوم بإجهاض الطفل دون علمه ...لكنه نهر نفسه بسرعة وهو يقول ...لماذا ستفعل هذا ...فتغيرت ملامحه ...ربما هى ما زالت تكرهه وقلبها ما زال يتزكر ما فعله بها ليلة الزفاف ...لكن لم يكن بيده ...لقد كان مرغما على الزواج وتزوج فقط لإرضاء جده ...لكن الآن ...الآن هى زوجته حقا ...وهو لن يتركها ...ويريدها ويريد الطفل ...لن يخبرها بأنه يعلم ...حتى تخبره هى بنفسها. ...وحينها سيعلم لماذا تخفى عنه خبر حملها ...
أنهى استحمامه وخرج من الحمام ...واقترب من السرير منزلقا بجانبها ثم وضع يده حول خصرها وقربها منه بتملك ...شعرت بان معدتها تتلوى من قربه فهى حقا شتاق للمسته لها ...قربها أكثر ثم قرب أنفه من عنقها مستنشقا عطرها مطولا وهو يشعر وكأنه مغيب ...ثم قال بانفاس لاهثة منخفضة " أقسم إننى اعرف هذه الرائحة "
أغلقت عيناها بقوة تحاول إلا تلتفت له وهى تشعر بأنفاسه قرب عنقها ...ثم نامت على لمساته وهو يمسد شعرها ويخلل خصلاته السوداء بين يديه ...

 

دلفت إلى المطعم ورائحة عطرها وصوت كعب حذاءها العالى يسبقها ...حتى جلست على الطاولة الذى كان يجلس عليها شخصا ما وما ان راءها أمامه حتى انفجرت اساريره ونظر إليها بجرأة ...
"مرحبا ...كيف هى الأخبار " قالتها علا بتركيز وبدأت فى فتح علبة سجاءرها فوضعت إحداها فى فمها واشعلتها بقدحتها الذهبية ثم نفثت دخانها باستمتاع منتظرة كلام الجالس قبالتها
" لقد سافر سليمان الحسينى منذ ثلاثة ايام ...وأظن انه قد حان الوقت ويجب أن نستغل غيابه ...جعلنى المسؤول بعد غيابه ...لذلك يمكننى أن أجمع جميع المستثمرين وأصحاب الأسهم فى اى وقت تريدينه "
أخذت نفسا مطولا من سيجارتها ثم قالت " متى تستطيع ان تجمعهم "
فرد بهدوء " فى اى وقت تريدينه "
"حسنا اجعله غدا " قالتها بمكر
" كما تريدين ...ثم تابع بتردد ...لكن كما تعلمين ...انا هكذا أخسر منصبى...و
فقاطعته بسرعة " لا تقلق ستحصل على ما تريده كما انك ستظل فى منصبك. ...لكن فقط سنقوم بأبعاد عائلة الحسينى من أمامنا وبعد ذلك سنكون نحن المسؤولون عنها "
فحرك رأسه بسعادة ...وتحرك مبتعدا عن الطاولة وتركها وهى تقول بابتسامة ماكرة " لقد قارب الأسد على الوقوع وحينها ستاتى إلى راكعا. ...فلست علا من تترك ...يا سيف ...علا ستجعلك خاتما فى اصبعها. ...قريبا جدا "

 

تحركت ببط من على السرير من دون ان تشعر بها عمتها وانزلقت مبتعدة عنها ...ودنت من الخزانة أخرجت منها شالا صوفيا كبيرا وضعته على رأسها وغطت نصف جسدها به ...فقد كان ما ترتديه ثوب طويل ذو قماش خفيف ...فقام ذلك الشال بتغطية نصف جسدها ...خرجت من الغرفة ببط وأغلقت بابها بهدوء من دون ان يشعر بها أحد ...فجميع من فى المنزل نيام ...خرجت من باب المنزل الكبير ومن ثم من البوابة الكبيرة التى كان حارسها نائما هو الأخرى فتحت البوابة وخرجت ...وحول المنزل يعمه السكون التام إلا من صوت نسمات الهواء وصوت أوراق الشجر التى تتحرك من شدة الهواء ...ظلت تمشى بقدميها إلى أن توقفت أمام نهر أغمضت عيناها بقوة ...وهى تشعر بنسمات الهواء تجتاز جسدها مما أسرت بها بعض القشعريرة والبرودة جعلتها ترتجف فاحكمت الشال عليها أكثر ...نظرت إلى المياه وتلاطمها المستمر بفعل الهواء ...ظلت تتحرك بقدميها على شاطئ النهر بشرود ...كانت شاردة لدرجة أنها لم تشعر بالشخص الذى يتتبعها منذ ان خرجت من المنزل ... كان حازم يقف بسيارته على بعد مسافة ليست بكبيرة عن منزل عمها ...فمنذ أن أخبره مساعد والده بمكان سكن عمها وهو قد أنطلق بسيارته حتى وقف على بعد مسافة من المنزل ...ظل يراقب نوافذ وشرف المنزل الكبير لكنه لم يلمح حتى طيفها...ظل واقفا فى المكان حتى أنه كاد أن يصيبه الإحباط من الانتظار عندما وجد الساعة قد تجاوزت الثالثة ...فارجع مقعد سيارته للخلف محاولا جعل جسده وعقله يسترخيان قليلا حتى يعلم ما الذى يجب ان يفعله حتى ينقذها ممن يطمع بها ...أخذ نفسا عميقا ثم زفره بقوة ...وهو يشعر بأنه يكاد يجن وهى لا تبعد عنه إلا القليل ولكنه لا يستطيع الاقتراب منها ...أغلق عيناه بهدوء يحاول أن يمد نفسه بالقوة وما كاد يفتحها حتى وجد أمامه جسد ملشح بالسواد ...لا يعلم شعر بنبضات قلبه السريعة و شيئا ما اخبره بأنها ربما تكون هى ...تتبعها بهدوء وها هو يسير ورائها لأكثر من ربع ساعة ...يتمنى لو يستطيع أن يلف جسدها إليه لتراه ..ليأخذها بين احضانه ويسقطها بوابل من القبلات حتى يريحها ويريح نفسه التى تتعذب من بعدها عنه ...لكن باى صفة وفوق كل هذا هل ستسمح له ...تألم عندما وجدها قد سقطت بجسدها وهى تبكى بحرقة وألم إنها المرة الثانية التى يراها بها هكذا منهارة وضعيفة ...لو يستطيع الاقتراب ...لو يستطيع حتى أن يربت على ظهرها وياخذها بين احضانه ليطمانها ...لو ...لو ...جميعها امانى خاصة بها فقط ...امانى لا يعلم هل ستسمح له الأقدار ويحقهها ...ام أنها ستظل بعيدة عنه كل هذا البعد ...أغلق عيناه وقلبه يبكى على حزنها وهو يستمع لصوت نحيبها الذى لم تحاول كتمه بل صرخت بقوة جعلته يشعر بالغضب والحزن عليه وعليها ...
حتى صمتت تماما بعد ان صرخت حتى باح صوتها ...ونهضت من مكانها نفضت الغبار عن ملابسها واحكمت الشال على رأسها وجسدها ووقفت بثبات وهى مستعدة للرجوع ...عندما راءها على وشك التحرك ...ابتعد بسرعة حتى لا تراه ...وفضل ان يراقبها حتى يطمئن بأنها داخل المنزل
ركض خالد خارج المنزل يبحث عنها فى هذه الساعة المتأخرة بعد أن أخبرته والدته انها استيقظت ولم تجد نور بجوارها ...ظل ينظر فى الأرجاء بجنون ...خائف من أن تكون قد هربت وتركت المنزل ...خائف عليها وكيف لا وهى ابنة خاله ...ابنة الرجل الذى كان يقف بجواره فى الوقت الذى أحتاج فيه إلى والد ليمده بالقوة ...ولولاه بعد الله ما كان هو ولا كان أخاه ...ظل يبحث ويبحث حتى وجد قدماه تتجه به ناحية النهر ...وشعر اخيرا بأنه يستطيع أن يأخذ أنفاسه عندما لمحها من بعيد ...ولكنه سرعان ما ظهر على وجهه الغضب عندما لمح شخص يتتبعها ...لم يستطع تبين ملامحه ...لكنه لم يهتم للأمر كثيرا ...وركض إليها وهو يقول بغضب لم يستطع اخفاءه "أين كنتى وكيف تخرجين فى هذا الوقت المتأخر هل جننتى "

اخفضت من رأسها واهدابها بخوف وحزن وقالت بصوت ضعيف مبحوح " آسفة "
لأم نفسه لسرعة غضبه ولكنه قال بهدوء " حسنا هيا بنا وتحركى أمامى "
سارت أمامه حتى وصلا للمنزل ودلفت إليه ...لكن خالد وقف أمام البوابة الكبيرة ينظر فى الأرجاء بعيناه حتى رأى سيارة تصطف بعيدا عن المنزل ...
فايقظ الحارس النائم بصوت عالى غاضب " استيقظ ...وكن منتبه "
انتفض الحارس من صوته ووضع يديه بسرعة على رأسه قائلا بخضوع وصوت ضعيف متعب "امرك سيدى "
دلف إلى المنزل بعد ان رمق الحارس بحدة وعيناه تلتفت فى المكان يحاول ان يرى ذلك الرجل الذى اختفى من أمامه ما ان راءه
دلفت إلى الغرفة وتفاجات بعمتها تأخذها بين أحضانها بسرعة وهى تقول بقلق "أين كنت حبيبتى ...كيف تخرجين بدون أخبارى يا نور "
"آسفة "قالتها نور بصوت ضعيف
لكن الحاجة هيام ربتت على ظهرها وهى تسير بها نحو السرير وهى تقول بهدوء وتبعد الشال عن نور "ملابسك خفيفة لماذا لم ترتدى شيئا ثقيلا الجو بارد حبيبتى "
ابتسمت نور شبه ابتسامة لها فتابعت بتساول ونبرة حنونة " لماذا خرجتى "
" لقد كنت أحتاج ان أكون بمفردى ...لا تقلفى لن اتركك " ردت بها نور بحزن
فأخذتها الحاجة هيام إلى أحضانها مرة أخرى وقالت بابتسامة " عندما تريدين الخروج اخبرينى وأنا سارافقك وساقف من بعيد حتى تستطيعى ان تكونى بمفردك "
اؤمات براسها موافقة ثم فردت جسدها على السرير تحاول أن تنعم ببعض النوم واحلام خالية من الكوابيس ...حقا أنها تتمنى ذلك ...وجلست الحاجة هيام بجوارها وهى تمسد بيديها على رأسها وجسدها حتى سمعت صوت أنفاسها دليل على نومها ...فدثرتها جيدا ثم خرجت من الغرفة متوجهة حيث غرفة ابنها ...دلفت إلى غرفة خالد وجدته فاردا جسده على السرير ولكنه ما ان راءها حتى هم جالسا وهو يستقبلها بابتسامة دافئة...جلست قبالته
فقال بهدوء " أمى أعلم انى اتعبك ...لكن فلتهتمى بها أكثر و حاولى التقرب منها ...حتى تخرج من حزنها هذا "
"أنا أفعل ...أحاول التقرب منها حتى تستطيع الاستمرار بعد وفاة والدها ...لكنها منطوية على ذاتها للغاية "قالتها بحزن
" أعلم "
"خالد "نادته والدته فرفع نظره إليها فوجد فى عيناها رجاء قبل أن تنبس ببنت شفه
فقالت بهدوء" ما رأيك أن تتزوجها انها فتاة رائعة...كما أشعر بأن خالك عزيز يخطط ل
لشيئا ما عنا ...بزواجك من نور هكذا نستطيع الحفاظ عليها "
"لكن ...يا أمى "

قاطعته والدته بسرعة وهى تتحرك مبتعدة عنه وتقول بهدوء " فكر ...وأقسم انك لن تجد مثلها " وربتت على ظهره وخرجت من الغرفة ...فوضع وجهه بين يديه بحيرة ...هل يفعل ما تطلبه والدته وهكذا ...يعطى لخاله ولو قليلا مما فعله معه ومع وليد ...بأن يتزوجها ويحميها من خاله ...الذى بالتأكيد سيطمع بها
جلس فى سيارته والنار تكاد تتاجج به وعيناه تنذر بالشر ...عندما رأى ذلك الشخص يقترب منها وياخذها معه ويذهب ...ضرب مقود السيارة بيديه بقوة وهو يصر على أسنانه من الغضب ...من يكون هذا الشئ هو الآخر ...لكن ما الذى ستفعله يا حازم هل ستتركها هذه المرة مثلما تركتها سابقا ...لا وألف لا لن تكون لغيرى. ...قالها بإصرار فى نفسه

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة