رواية عش العراب للكاتبة سعاد محمد سلامة الفصل الثاني والثلاثون
ب دار العراب
دخلت زهرت وصعدت الى شقتها وقفت مذعوره وهي تضع يدها حول عنقها، ذهبت الى مرآه قريبه بالردهه وخلعت حجابها وقفت تنظر الى ذالك الخط الدامى الرفيع الظاهر بشفاها و علامات أصابع ذالك الوغد نائل سواء كانت على وجهها او عنقها بسبب صفعها و محاولتة خنقه لها تعيد حديثه في راسها بغلول يزداد حقا كما قالت تلك البلهاء هند أن نائل مغرم ب سلسبيل...
هوس عقلها ودت تكسير كل شئ حولها لكن لجمت غضبها تهزى بغيظ وهي تنظر في المرآه: سلسبيل، سلسبيل فيها أيه مميز عنى، أنا أجمل منها عندى أنوثه مش عندها، أيه الفرق، فلوس عيلة العراب...
هنا إزداد الجشع في قلبها، الفلوس، هي اللى بتعمل سعر للبنى آدمين، أنا مش أقل من سلسبيل رباح خلاص بقى لعبه في إيدى، وكمان الجنين اللى في بطنى مش بس هيورث إسم هيورث فلوس العراب مش هيفرق عن إبن سلسبيل، دلوقتي لازم أنسى أمر إنفصالى عن الغبى رباح بعد ما الوغد نائل ظهر وشه الحقيقى بس مش هسيبه هعرف إزاى نتقم منه وأندمه على لعبه بيا.
ب منزل أخو قدريه
بالدور الأرضى.
دخلت سميحه الى أحدى الغرف تحمل بين يديها حقيبه كبيره خاصه بالخضروات والفاكهه قائله: إتسوقت لك الخضار والفاكهه اللى قولتلى عليهم اهم في الاكياس في قلب الشنطه دى.
نهضت قدريه من مكانها وأقتربت من تلك الحقيبه وقامت بفتحها وإخراج تلك الاكياس تعاين تلك الخضراوات والفاكهه قائله بعدم رضا: معرفش كان ايه هفنى في عقلى أجولك إتسوجى لى، أيه ده، الفاكهه والخضار معطوبين، طبعا إسترخصتى وجبتتى حاجات مش نمره واحد، زى ما كنتى متعوده في دار أهلك.
ردت سميحه بدمعه وهي تشعر أن قدريه تحاول الاستقلال من شأنها: إحنا كنا فقره صحيح وكنا عايشين على قدنا بس ماما عمرها ما أكلتنا حاجه معطوبه.
نظرت لها قدريه قائله بتأمير: وسعر الحاجات دى قد أيه بجى، ولا خايبه في الشرا كمان.
ردت سميحه: لأ مش خايبه في الشرا وبعدين بتسألينى ليه أنا دفعت تمن الحاجات دى من معايا.
ردت قدريه بتهكم وأستقلال: دافعه تمن الحاجات دى من معاك، كأنك دفعاهم من خير أهلك إياك ما كله من خير أبنى اللى معيشه في نغنغه مكنتيش تحلم بها لدغه ناقصه زيك.
ردت سميحه بضيق تحاول ضبط نفسها حتى لا ترد على قدريه بطريقه تؤخذ عليها خطأ: ناقصه أيه يا حماتى، قصدك أيه، وفيها أيه أما أكون لدغه، ده ينقصنى في عن غيرى في أيه؟
ردت قدريه بضيق: هو في أيه كل كلمه اجولعا تردى لى عليها بجمله، بتردى عليا لؤم بلؤم كده ليه، ولا عشان ربنا حوجنى للى ميسواش.
إبتلعت سميحه حديث قدريه الفج قائله: ربنا ما يحوجك يا حماتى، والله محمد عالدوام بيوصينى عليك.
تهكمت قدريه ساخره: آه وأنتى بتعملى بالوصيه جوى، خدى الفاكهه والخضار دول للمطبخ وأغسلى لى شويه فاكهه في طبق وهاتيهم.
حاولت سميحه ضبط نفسها قائله: حاضر.
ثم خرجت من الغرفه الى المطبخ.
بينما جلست قدريه تشعر بالزهو والغطرسه، لكن في نفس الوقت شعرت بالغيظ من تلك اللدغاء، التي تأتى إليها مره بالاسبوع كى تطمئن عليها وتهتم بطلباتها.
همست قدريه بغل: اللدغه أم نص لسان حاويطه في الكلام كل ما أحاول أوقعها في الكلام وأسألها عن أخبار دار العراب بترد عليا بالقطاره، مبعرفش آخد منها خبر واحد.
بينما سميحه توجهت الى المطبخ وضعت تلك الحقيبه وآتت بأحد الأطباق ووضعت به بعض الفواكه وقامت بغسلها، تلجم غضبها من طريقة حديث قدريه الفظه، وحدثت نفسها: والله لو مش وصايه جدتى هدايه ليا أتحمل طابعك الغلس أنا ماكنت جيت لك بس انا بسمع كلام جدتى هدايه يمكن تدعى ليك دعوه حلوه وتقبل ما أنى أشك إن اللى زى حماتى دى تدعى دعوه وتقبل دى لسانها بينقط سم.
كادت سميحه تخرج من المطبخ لكن قبل ذالك بالصدفه.
تسمعت حديث حماد على الهاتف مع أحدهم
كانت ستخرج بلا إهتمام لكن سمعت ذكره لإسم العراب، فتوقفت مكانها لتسمع ماذا يقول عن العراب
سمعت تهكمه على عيلة العراب وأيضا كان حديثه عن سلسبيل التي رفضت بيع تلك التماثيل، ساخرا من غباء وتسلط قماح عليها.
همست سميحه لنفسها قائله: صحيح قليل الأصل بتاكل في خير دار العراب وبتجيب سيرتهم بالسوء، بس واضح إنك زى أختك الخسيسه، يظهر انها وراثه عندكم، بس أنا هطلع قدامه إزاى مش بعيد يشك إنى سمعت لكلامه، ويلفته.
وقفت سميحه حائره تخشى دخوله الى المطبخ، فهى تكره نظرات عيناه الثاقبه والفجه، رغم انه لم يتعرض لها سابقا لكن تشعر من نظرات عيناه أنه بلا أخلاق.
أما حماد أغلق الهاتف ووقف يزفر نفسه بغضب وحقد وكان سيدخل للمطبخ لكن للصدفه نادت عليه عطيات فذهب إليها.
تنهدت سميحه براحه وخرجت سريعا من المطبخ وذهبت الى غرفة قدريه.
قدريه التي إستقبلتها بضيق وتهجم قائله: ساعه على ما تغسلى الفاكهه، ولا توهتى في الدار من وسعها.
صمتت سميحه تنظر ل قدريه هامسه لنفسها: والله الدار دى حاويه العقارب.
نظرت لها قدريه بشر قائله: مبترديش ليه يا أم نص لسان؟
ردت سميحه: الوقت قربنا عالعصر ولازم أرجع قبل محمد ما يرجع للدار عشان يتغدا، سلاموا عليكم.
قالت سميحه هذا ولم تنتظر رد قدريه وغادرت فورا.
بينما تهجمت قدريه.
ب منزل الجزيره
أغمضت سلسبيل عينينها وتنهدت بنشوه وهي تجلس بالحديقة تشعر بإنتعاش روحها وهي تستنشق عبق تلك الزهور الممزوج مع نسمات الهواء كذالك تستمتع بدفئ شمس الربيع تشعر بالسلام في قلبها.
تبسمت وهي تشعر بيدي صغيرها التي تسير على وجها ظنا منه أنها نائمه يحاول إيقاظها، فتحت عينيها تنظر له ببسمه، وشعرت بيدي قماح التي وضعهما على كتفيها من الخلف، أدارت راسها تنظر له بإبتسامه.
تبسم قماح وإنحنى يقبل وجنتها ثم أخذ الصغير منها
قائلا: مش كفايه قاعده تحت الشمس؟
إبتسمت سلسبيل قائله: خلاص الوقت مر بسرعه بقينا العصر ولازم نرجع لدارنا دار العراب.
تبسم قماح بعد أن أخذ الصغير من يدي سلسبيل ونظر له قائلا بمزاح: ايه رأيك يا ناصر بيه نرجع دار العراب ولا نفضل هنا في الجزيره كمان الليله.
رد الصغير بحركات يديه الذي يحاول العبث بوجه قماح ليس هذا فقط بل قام بلعق أنف قماح الذي تبسم له.
نهضت سلسبيل قائله: أنا عن نفسى معنديش، مانع مستعده أعيش هنا طول عمرى كفايه الصفاء والهدوء ده، بس برضوا اللمه اللى في دار العراب وحشتنى ولازم نرجع لهم من تانى.
تبسم قماح وهو يلف يده حول خصر سلسبيل قائلا: أوعدك من فتره للتانيه نجى نقضى هنا وقت جميل، بس المره الجايه هنبقى لوحدنا أنا وأنتى وبس، عشان ميبقاش في عازول بينا.
ضحكت سلسبيل على رد ناصر الذي قام بهبش وجه قماح.
وقالت: واضح إن ناصر مش عاجبه أنك تقول عليه عازول.
تبسم قماح وقبل يد صغيره ثم قبل وجنة سلسبيل يضم جسدها إليه، يشعر بدفئ العائله الذي إفتقدها يعود الى قلبه.
فى دبى.
عدل كارم تلك الوسائد خلف ظهر همس الجالسه على الفراش وجلس لجوارها يضمها لصدره.
تبسمت همس على ملامح وجه التي مازالت يظهر على الخوف بوضوح وقالت بمرح حتى تزيل ذالك الخوف عن كاهله: إبنك شكله هيطلع شقى زيك على فاكر وإحنا صغيرين لما كنت بتكسر لسلسبيل التماثيل اللى كانت بتتعب في تشكيلها.
رغم رجفة قلب كارم وتلك اللحظات الصعب الذي عاشها قبل قليل لكن تبسم قائلا بتبرير: أنا كنت بعمل كده عشان ألفت نظرك ليا كنت بحب أشاغبك لانى عارف إنك إنتى اللى هتتهجمى عليا عشان كسرت تمثال سلسبيل، سلسبيل مكنتش بتتكلم بس أنتى كنتى بتبقى زى المدفع، فاكر مره غرقتينى ميه بخرطوم الرى بتاع الجنينه وبعدها أنا أخدت دور برد وجدتى كانت بتسقينى مجموعة أعشاب عشان أخف بسرعه لان وقتها كنت في إمتحانات نص السنه.
ضمت همس رأسها لصدر كارم قائله: أنا كنت أشقى تانى واحده في اخواتى، هدى شقيه، إنما سلسبيل واخده عقل جدتى هدايه اكتر، إنما هدى بقى دى الطايشه بتاعتنا.
تنهدت همس تشعر بالحنين لأختيها الذي أصبح يراودها بشده الشوق لهن وسهمت قليلا.
شعر كارم من نبرة حديث همس أنها أصبحت تشتاق كثيرا لاختيها فقال بمفاجأه: همس أيه رأيك ننزل مصر الفتره الجايه.
تفاجئت همس ونظرت ل كارم قائله بإستوعاب: قصدك أيه بننزل مصر، وشغل المطعم اللى هنا، عاوز ترجع مصر بعد المطعم ما بدأ يشتغل كويس وبقى له زباين محترمين؟
رد كارم بتفسير: لأ طبعا أنا مش قصدى إننا نزل مصر ونرجع نستقر هناك أنا قصدى ننزل مصر الفتره الجايه، أنا أرجع لهنا أتابع شغل المطعم، وأنتى تفضلى في مصر لحد ما تخلصى بقية شهور الحمل وتولدى بالسلامه وترجعى لهنا تانى بالبيبى.
ردت همس التي شعرت برجفه في قلبها لكن حاولت المزاح: طب ليه لازمتها أيه الشحططه دى ما أفضل هنا واولد هنا، والولد ياخد الجنسيه الامارتيه، أنت عارف الجنسيه الامارتيه بقت زى المصباح السحرى للسفر لاى مكان دى بقت بتنافس جواز السفر الامريكانى، والشنجل الأروبى.
تبسم كارم قائلا: مش قصدى عالجنسيه الامارتيه دى سهله، أنا قصدى هناك هتلاقى اللى يراعكى طول الوقت.
تبسمت همس قائله: هلاقى اللى يراعنى ليه أنا مالى أنا كويسه قدامك أهو، ولا علشان المغص اللى كان عندى من شويه، لأ إطمن اهو انت سمعت الدكتوره بنفسها طمنتنا البيبى بخير وان ده مغص عادى ومالوش أى خطوره عالحمل بيبقى يصيب الحوامل من فتره للتانيه، وبعدين سبق وقولتلك إبنك وارث الشقاوه من الجهتين.
ضم كارم همس قائلا: بصراحه أنا بعد ما شوفت وجعك بسبب المغص ده بقيت خايف المغص ده يرجع من تانى في وقت أكون أنا مش فيه معاك وقتها هتعملى أيه؟
ردت همس: وليه تقدر البلا، الدكتوره قالت ده شئ عرضى مش لازم يرجع تانى، كارم بلاش تبالغ أنا بخير مكنش حته مغص اللى لسه مخوفك كده.
رد كارم: همس أنا فعلا خايف عليك، وفيها أيه لما تنزلى مصر الفتره الجايه، لحد ما تولدى.
ردت همس: فيها إنك نسيت يا كارم، إنى في نظر الجميع ميته.
تنهد كارم يبتلع تلك الغصه قائلا: همس أظن الكدبه دى لازم تنتهى بقى وتظهر الحقيقه إنك لسه عايشه، والكل يعرف بكده.
إرتعشت همس وابتعدت عن حضن كارم بصمت.
شعر كارم برعشة همس وجذبها لحضنه مره أخرى قائلا: همس أظن أنك اتعالجتى ولازم تقدرى تواجهى دلوقتي، آجلا او عاجلا مسيرنا هننزل مصر ووقتها هيكون حاتمى اللقاء بينك وبين أهلنا ولا هتتنكرى قدامهم، طب هقولك على حاجه بابا قالهالى بعد ما بعتنا كسوة سبوع ناصر ابن سلسبيل، إن سلسبيل شكت إنك عايشه.
لم تتعجب همس من ذالك وقالت: كنت متأكده أن سلسبيل هتشك في كده، ناسى إن سلسبيل هي اللى ظهرت برائتى، صدقنى يا كارم أنا مشتاقه أنى أرجع من تانى وأعيش وسط أخواتى ونفرح ونلعب تانى زى ما كنا، بس خايفه من الصدمه لما يعرفوا إنى لسه عايشه، وبالذات من الصدمه على ماما مش متوقعه رد فعلها، يمكن يخيب أملى وقتها.
رد كارم: ليه يا همس مرات عمى مفيش في حنيتها وتواضعها.
تنهدت همس: بس الحنيه زياده عن اللزوم أوقات بتبقى ضعف، ماما اوقات كتير كنت بحس انها سلبيه.
تنهد كارم يقول: بالعكس أنا شايف مرات عمى أكتر واحده في دار العراب إيجابيه، بابا قالى أنها ضربت قماح بالقلم عشان خاطر سلسبيل، لما أتجوز عليها.
تعجبت همس وقالت بعدم تصديق: ماما ضربت قماح بالقلم، مستحيل، مش مصدقه.
رد كارم: لأ صدقى يا همس، مرات عمى مش ضعيفه ولا سلبيه هي كل اللى عاوزاه أنها تعيش حياه هاديه، بدون مشاكل أو نزعات على أنها تستحوز على قيمه ومقام معين، زى...
صمت كارم يشعر بغصه، قبل أن يعطى لها والداته مثال على الأنانيه وحب الذات.
شعرت همس بصمت كارم وعلمت انه يقصد والداته، فقامت بتغير مجرى الحديث: خلى أمر نزولى لمصر ده للوقت الله أعلم أيه الجاى لسه، أنا بعد اللى حصلى مكنتش مصدقه أنى أرجع طبيعيه تانى، والسبب في رجوعى هو أنت يا كارم، صبرك ودعمك ليا خلانى قدرت أتخطى المحنه اللى كنت فيها، أنا بندم على إنى في وقت كنت بضايق منك لما كنت بتحاول تقرب منى وأنا عايشه في وهم كنت برسمه بغبائى، وكنت بحاول أتهرب منك، بس أنت كنت زى المغناطيس جذبتنى ليك، أنا بحبك يا كارم.
قالت همس ذالك وقامت بحضن كارم قويا.
تبسم كارم وضمها أقوى حتى آنت من بطنها، وسمع ذالك الانين.
فك كارم عناقه لهمس بخضه قائلا: المغص رجع تانى.
تبسمت همس قائله: لأ بس أنت حضنتنى جامد وناسى إنى زى البالونه المنفوخه وأنت زنقت على بطنى.
تبسم كارم يلتقط نفسه قائلا: أنا بقول أقوم أعمل لينا شوية فشار ونشوف فيلم كويس نسمعه سوا، أهو نتسلى فيه، أنا بصراحه كان نفسى نتسلى في حاجه تانيه بس خلاص الدكتوره منعت التسليه دى شويه وغصب عنى لازم أستحمل من أجل عيون هاميس.
تبسمت همس قائله: ليه مش هترجع للمطعم تباشر الشغل فيه؟
رد كارم: لأ قاعد معاك أنتى والأستاذ ناصر كارم اللى خضنا.
تبسمت همس بقبول تشعر بسعاده رغم أن بها جزء ناقص لكن بداخلها أصبحت تريد أن تسمع لقول كارم وتعود لكن مازال لديها بعض الرهبه من المواجهه مع والدايها وأختيها، وماذا سترد عليهم حين يعاتبوها لما أرادت الإبتعاد عنهم، لكن ربما اللقاء قريب ووقتها يحدث ما هو مقدر.
ب دار العراب مع نهاية وقت العصر
دخل قماح يحمل الصغير وخلفه سلسبيل توجهوا الى غرفة هدايه مباشرة
دخل قماح.
تبسمت هدايه قائله: ناصر حبيبى إتوحشتك جوى من إمبارح غايب عن نضرى.
أعطى لها قماح ناصر أخذته منه مبتسمه ونهضت وفتحت أحد الادراج وأخرجت منه شئ، في ذالك الوقت دخلت سلسبيل هي الأخرى تبتسم.
تحدثت هدايه وهي تنظر الى وجوهم السعيده قائله: حمدلله عالسلامه، تعالى يا سلسبيل خدى ناصر شليه عشان أعرف اشبك له الحجاب ده في هدومه.
إقتربت سلسبيل منها وأخذت ناصر وحملته مبتسمه وهي ترى شبك هدايه لذالك الحجاب البسيط بملابسه، قائله: الحجاب ده دايما تشبكيه في هدوم ناصر اللى تحت، ده حجاب مبروك وهيحفظه.
تبسمت سلسبيل قائله: حاضر يا جدتى.
قبل أن يتحدث قماح، كان هنالك أصوات عاليه يأتى من الخارج، خرجوا سريعا من الغرفه بإتجاه تلك الأصوات.
بينما قبل قليل
بشقة زهرت، وقفت أمام المرآه تضع بعض مساحيق التجميل على وجهها تخفى آثار الصفعه الظاهره على وجهها، بالفعل أخفت تلك العلامات، ربما لوقت، لكن ماذا بعد ان تزيل تلك المساحيق ستظهر تلك العلامات مره أخرة وربما يراها رباح ويسأل عن سببها.
وقفت تسب وتلعن في ذالك الوغد نائل، ألقت ما بيدها على الأرض بعنفوان تزفر انفاسها الملتهبه بغضب، لثوانى، ثم نظرت الى ما كان بيدها و ألقته على الارض، وبدأت في الإنحناء وجمعه مره أخرى، بالصدفه توجهت نحو زجاج الشرفه تلتقط إحدى تلك الأشياء من على الارض، وإستقامت مره أخرى، وقع بصرها عبر زجاج الشرفه على سميحه التي تسير بالشارع تكاد تقترب من الدخول الى الدار، نظرت بغيظ وحقد كبير تلك اللدغاء تستحوز على قبول وترحيب الجميع بها منذ أن دخلت الى الدار.
تملك منها شيطانها في نفس اللحظه إنها فرصتها، ألقت تلك الأشياء التي كانت بيديها أرضا مره أخرى وخرجت من الشقه ومنها الى الأسفل، وقفت في مدخل الدار الداخلى تنتظر دخول تلك اللدغاء كى تنفذ مخططها الشيطانى.
بالفعل دخلت سميحه الى الدار تعجبت من وقوف زهرت قائله: واقفه كده ليه؟
ردت زهرت بتهكم وجر آنين: واقفه مستنيه أشوف جمال خطوتك كنت فين لدلوقتى قربنا عالمغرب.
ردت سميحه: أنا راجعه مش فايقه إبعدى عن طريقى.
قالت سميحه هذا وأكملت سير، لكن زهرت توقفت امامها قائله: ومش فايقه لى ليه راجعه منين، يمكن من عند دكتورة النسا ولا حاجه، أيه خايفه تكونى عاقر، بقالك كم شهر متجوزه ومحبلتيش.
رد سميحه بغضب: أوعى لمعنى كلامك كويس منين عرفتى إنى عاقر، وأهو انتى قولتيها بقالى كم شهر، إنما انتى قربتى على سنتين متجوزه ويادوب لسه حامل جديد، أما أبقى يعدى عليا سنه من غير ما أبقى حامل وقتها أبقى أقلق، وسعى من سكتى أنا راجعه مصدعه.
تعصبت زهرت ولم تتجنب من أمام سميحه، بل و إدعت سقوطها أرضا ومدت يدها تدعى أنها تستند على سميحه التي للحظه خشيت عليها، لكن ذهلت حين صرخت زهرت وظلت ممسكه بيد سميحه وهي تجلس أرضا تقول: إبعدى عنى حرام عليكي أنا حبله بتضربينى عاوزه تسقطينى.
آتت على صريخ زهرت نهله أولا ثم قماح وخلفه سلسبيل وهدايه، وأيضا بعض النساء العاملات بالمنزل، كانت الصدمه لهم، زهرت شبه نائمه على الأرض وسميحه تمسك بيدها، تملك الشيطان من زهرت أكثر تقول برجاء: أبعدوها عنى، ضربتنى بالقلم وزقتنى على الارض وكانت عاوزه ترفصنى في بطنى تسقطنى، كل ده بسبب غيرتها منى.
تلجم عقل سميحه من تلك الخبيثه الكاذبه، وجال بصرها لوجوه الموجودين بالمكان تهز رأسها بنفى أن هذا لم يحدث.
ذهبت إحدى الخادمات الى زهرت وحاولت مساندتها حتى تقف، بدموع التماسيح سندت زهرت عليها، وإستقامت تعدل حجاب راسها تقول: شوفى أثار إيديها معلمه على وشى، ورقابتى دى حاولت تخنقنى، ليه وليه بقولها خفى رجلك من المرواح عند عمتى قدريه وبلاش تنقلى لها سر الدار هنا.
عقل سميحه لا يستوعب كل هذا لكن بلحظه تجمعت شجاعتها قائله: كدابه يا زهرت منين جالك إنى كنت عند عمتك قدريه، إنتى قولتى لى أنى كنت عند الدكتور علشان أعرف إن كنت عاقر أو لأ.
بجباحه ردت زهرت: أنا هقولك عاقر ليه، وعرفت إنك كنتى عند عمتى من ماما لسه قافله معايا الموبايل، قولت أحذرك، لكن أنتى إتهجمتى عليا، وعندى إستعداد أحلف عالمصحف بكده.
ردت سميحه: وأنا كمان هحلف عالمصحف إنك كدابه وإنى مقربتش منك وكل ده تمثيل.
تهجمت زهرت قائله: أيه اللى تمثيل علامات صوابعك اللى على وشى ولا اللى على رقابتى، وظاهره أهى.
قبل أن تدافع سميحه عن نفسها تحدثت هدايه بحزم للشغالات: كل واحده تروح تشوف شغلها الرجاله زمانهم على وصول0
ثم نظرت ل سميحه وزهرت
وأنتم الاتنين حصلونى عالمندره حالا.
تحدثت سلسبيل: مش معقول كدب زهرت، أنا مصدقه سميحه.
ردت نهله: وأنا كمان مصدقه سميحه، زهرت خبيثه، اقولك ملكيش دعوه هما سلايف مع بعض والحجه هدايه هتحل المشكله.
ردت سلسبيل: تمام، أنا هطلع أغير ل ناصر.
تبسمت لها نهله وهي تقبل يد الصغير قائله: إتوحشتك كتير أوعى تكون نسيتنى.
تبسم الصغير لها وألقى بنفسه عليها.
تبسم قماح وسلسبيل التي قالت بمرح: طب طالما بعتنى بسهوله كده خليك معاها بقى.
تبسمت نهله لها قائله: ناصر ده روحى، إطلعى انت وقماح غيروا هدومكم وانزلوا في هنا غيارات ل ناصر هغيرله أنا.
تبسمت سلسبيل وقماح بموافقه وصعدوا الى شقتهم.
دخلت سلسبيل وخلفها قماح...
وقفت سلسبيل تقول: معرفش غرض زهرت أيه من اللى عملته مع سميحه، سميحه رغم معرفتى بها من مده مش طويله بس قلبها أبيض متعملش كده، إنما زهرت طول عمرها قلبها أسود وحقوده.
رد قماح: أهو أنتى قولتيها زهرت قلبها اسود وحقوده ويمكن إستفزت سميحه وخرجتها عن شعورها.
تعجبت سلسبيل قائله: قصدك أيه، يعنى انت مصدق إن سميحه تضرب زهرت لأ وكمان كانت عاوزه تسقطها، عن تجارب سابقه مع زهرت مستحيل أصدق كدبتها دى.
إقترب قماح من سلسبيل ووضع يديه حول خصرها قائلا: أنا لا مصدق زهرت ولا مكدب سميحه الموضوع مش فارق معايا من اساسه، أنا بقول طالما مرات عمى خدت ناصر معاها يبقى نستغل الفرصه دى.
أنهى قماح حديثه وهو يقبل وجنتي سلسبيل ينزع الحجاب عن رأسها يسدل بيديه شعرها ثم قبل عنقها.
تبسمت سلسبيل بترحيب ونظرت لعين قماح للحظات قبل أن تخفض عيناها خجلا، ثم إبتعدت عن قماح وذهبت الى غرفة النوم، وخلفها قماح، ليعيش الاثنين لحظات عشق
بعد قليل
نامت سلسبيل بظهرها على الفراش تتنهد بقوه.
إقترب قماح منها وجذبها لصدره قائلا: أيه سبب التنهيده دى؟
ضمت سلسبيل نفسها لصدر قماح وإقتربت براسها من عنقه تستنشق بأنفها عطره قائله: هتصدقنى يا قماح لو قولت لك معرفش سبب للتنهيده دى.
تبسم قماح قائلا: بس أنا عارف سبب للتنهيده دى، أقولك بسبب ناصر مش هنا ومزعجناش وإحنا مع بعض زى ما بيعمل دايما، ما يصدق إنى أقرب منك زى ما يكون بيغير عليكى منى ومش عاوزنى أقرب منك خايف نجيب له أخ يستحوز معاه شويه عالدلع والأهتمام.
ضحكت سلسبيل قائله: يمكن برضوا بس أكيد لسه بدرى على ما يجى له أخ وهو لسه عمره يا دوب شهوووور.
توقفت سلسبيل تفكر ثم قالت: قماح أنا مش باخد أى مانع حمل إزاى فاتت عليا دى.
ضحك قماح قائلا: واضح إن ناصر مش هيفضل وحيد لفتره طويله وهيجى له أخ أو أخت بسرعه.
تبسمت سلسبيل قائله: قماح انا ملاحظه إنك نفسك أخلف تانى بسرعه ليه؟
تبسم قماح قائلا: أنا عاوز يبقى ليا عيله صغيره معاك يا سلسبيل، أنا طول عمرى اللى فات كنت بحس إنى وحيد، ومتقوليش عندك تلات أخوات، آه أخواتى بس مش شققه غير أنى عشت لفتره بعيد، ومش عاوز ناصر يحس بوحده زيي.
تبسمت سلسبيل وهي تضم قماح قائله: ودلوقتي لسه عندك إحساس إنك وحيد؟
ضم قماح سلسبيل قائلا: لأ معاكى أنت وناصر اللى بيسهرك طول الليل حسيت بالعيله اللى كنت بتمناها.
بعد قليل.
وقفت سلسبيل تعدل من هندامها أمام المرأه، نظرت لإنعكاس قماح قائله: زمان ماما قالت طلعوا فوق يغيروا هدومهم ونسيوا نفسهم.
تبسم قماح قائلا: لأ أطمنى ناصر طول ما أنتى بعيده عنه بيبقى هادى.
حل المساء، ب دار العراب
بشقة زهرت
قامت بجمع ملابسها ووضعت مصوغاتها الذهبيه كلها بها
تفاجئ رباح الذي دخل الى الشقه من وقوف زهرت وخلفها تلك الحقيبه قائلا: رايحه فين بشنطة هدومك دى؟
ردت زهرت: انا ماشيه هسيب دار العراب، انا بعد اللى حصلى واللى جدتك عملته فيا مستحيل أفضل هنا في الدار دى، يا أنا يا سميحه اللدغه.
رد رباح: مش فاهم أيه اللى حصل؟
ردت زهرت: أحكيلك اللى حصل.
سردت زهرت له كذبتها وما حدث من تهجم سميحه عليها بالضرب، ومساندة هدايه لها عليها حين دخلن خلفها الى غرفتها
فلاش. باك.
دخلت هدايه وجلست على مقعد بالغرفه، دخلت خلفها سميحه مباشرة تبكى وتوجهت اليها وإنحنت تقبل يديها قائله: والله يا جدتى ما حصل وأتهجمت على زهرت بالكلام ولا مديت أيدى عليها، ولا حتى كمان بنقل أسرار الدار لحماتى، انتى اللى بتؤمرينى اروح ازورها والله انا بتحمل وجودى عندها بالعافيه، دى بتعاملنى على إنى شحاته وشغاله عندها، بس بتحمل زى ما قولتي لى قبل كده، زهرت بتفترى عليا ونقرها من نقرى من يوم ما دخلت ل دار العراب.
بكت زهرت هي الاخرى قائله: وانا هحط نقرى من نقرك ليه انا زيي زيك هنا، وهفترى عليكى ليه، يعنى هكون انا اللى ضربت نفسى، ووقعت عالأرض.
ردت هدايه: بس مفيش واحده فيكم تتكلم قبل ما أجول لها.
قالت هدايه ونظرت لوجوه الاثنتين، أستشفت من مهن الصادقه ومن الكاذبه، وقالت: زهرت أنتى بتقولى إن سميحه بتنقل اسرار دارنا ل قدريه أيه دليلك على كده، نقلت لها أيه؟
إرتبكت زهرت قائله بتعلثم: معرفش، ماما هي اللى قالتلى أحذرها، عمتى قدريه محروقه بعد طلاقها ونفسها تتشفى في عيلة العراب، وسميحه هي الوحيده اللى بتروح لها، أنا رغم انها عمتى، بس أنا اختارت أصون سر دار جوزى.
تهكمت هدايه قائله: وانت سيد من يصون السر، انا عندى ثقه في سميحه وزى ما جالت أنا اللى بسمح لها تروح لقدريه، لكن إنتى خرجتى الصبح من الدار من غير أذنى، روحتى فين ورجعتى طلعتى على شجتك طوالى؟
إرتبكت زهرت قائله بدموع: انا كنت بزور قبر بابا، جالى في الحلم بيعاتبنى، إنى مش بزور قبره واقراله الفاتحه ترحمه.
تهكمت هدايه قائله: تجدرى تقرى له الفاتحه وتوصله من أى مكان وليه مجتيش تاخدى إذن منى أنا مش قايله مفيش واحده تخرج من الدار بدون إذنى؟
ردت زهرت: طب ما سلسبيل بتخرج بمزاجها.
ردت هدايه بحزم: مقالكيش صالح بسلسبيل بتخرج لشغلها في المقر بإذن جوزها، إنما أنتى بتخرجي بمزاجك بدون إذن حتى رباح، دلوق اللى حصل ينكفى عليه خبر، وايا كان أنتى الصادقه أو سميحه، الموضوع خلص ولو إتكرر بعد إكده هيكون ردى عليه مش هيسرك يا زهرت.
شعرت سميحه بإنشراح في قلبها وقبلت يد هدايه قائله: والله أنا من يوم ما دخلت لدار العراب وحتى من قبل ما أتجوز محمد حبيت كل اللى فيها وعمرى ما فشيت سر حتى لماما نفسها، حتى هي مش بتسالنى أصلا، وانتى شايفه معاملتى مع كل اللى في الدار.
قاطعتها هدايه قائله: جولت كفايه عاد يلا كل واحده منيكم تطلع شجتها تغير خلجاتها رچالتكم زمانهم على وصول، واللى حصل ممنوع أى راچل يعرفه.
نظرت زهرت لهدايه بغل ولسميحه أيضا وخرجت ببركان في عقلها هدايه أنصفت سميحه عليها.
توقفت هند من سرد ما حدث ل رباح بنحيب دموعها الخادعه، قائله: أنا عارفه إن جدتك طول عمرها بتكرهنى ومكنتش موافقه على جوازنا، بس اللى حصل النهارده يأكدلى إنى ماليش مكان هنا، دى نصفت اللدغه عليا، أنا قبل ما أكون مرات حفيدها كنت بنت...
توقفت زهرت لثوانى ثم قالت: طبعا كانت هتحبنى وانا ابقى بنت بنت جوزها، اكيد ده سبب الحقد جواها ليا...
أنا ماشيه علشان ترتاح.
أمسك رباح يدي زهرت قائلا: لو في واحده لازم تمشى من الدار فهى سميحه مش أنتى يا زهرت.
قال رباح هذا وترك الشقه متوجها لأسفل بزوبعه...
دخل الى غرفة المعيشه كانت هدايه تجلس مع النبوى ومحمد وناصر وكذالك قماح، كاد يتصادم مع دخول سميحه نظر لها بحقد قائلا بتهجم: طبعا مبسوطه إن جدتى نصفتك على زهرت بعد ما كنتى عاوزه تسقطيها، بترسمى دور البراءه وأنتى واحده حقيره ملهاش اصل وإندست وسطنا.
إنصدمت سميحه من تهجم رباح عليها الذي كاد ان يمد يده عليه لولا أن أمسك محمد يده قائلا: أوعى تمد ايدك على مراتى، وكلامك الغبى ده هتغاضى عنه بس عشان خاطر إننا اخوات، مراتى مش حقيره ولا ملهاش أصل، متفرقش في أصلها عن مراتك زهرت، بل هي عندها اللى يميزها و مش عند مراتك.
تهكم رباح قائلا: وايه اللى يميزها عن مراتى؟
رد محمد: عندها حب وإحترام لكل اللى في الدار، وقبل من كده رضا في قلبها، مش طماعه زى مراتك.
رد رباح: ومراتى بتكرهكم، ولا كانت إطمعت في ايه؟
نهض النبوى قائلا: حلو قوى وقوفكم قدامى زى الديوك كده، أيه النسوان هتوقع بين الاخوات.
رد رباح: مش النسوان اللى وقعت بين الاخوات إنت اللى وقعت بينهم من الأول لما كنت بتفضل واحد عالتانى في المعامله.
ذهل النبوى ودون إراده منه كانت صفعه قويه على وجه رباح.
نهض ناصر وقماح
نظر رباح ل النبوى قائلا: أنا هاخد مراتى ونسيب دار العراب.
إنصدم النبوى من قول رباح السفيه، وقال له بتوعد: لو خرجت من الدار تنسى إنك من عيله العراب.
رد رباح بإستعجال: وأنا هتبرى من عيلة العراب كلها.
ذهب ناصر وامسك يد رباح قبل ان يخرج قائلا له: وحد الله يا رباح اللى حصل شيطان.
رد رباح: الشيطان دخل من سنين لما راح اتجوز على أمى وجابلها ضره وفضل إبنها عليا، أنا ساكت بس خلاص إنتهى.
قال رباح هذا ونفض يد ناصر، ووجد زهرت امامه بحقيبة ملابسها، قال لها: كويس إنى جبتى شنطة هدومك خلينا نمشى من هنا، بعد كده إنسى عيلة العراب.
بالفعل خرج رباح ومعه زهرت من الدار.
جلس النبوى يشعر بآلم في صدره نادما ربما ما كان عليه صفع رباح، لكن هذا ما حدث.
بكت سميحه التي تظن أن ما حدث بسببها، صعدت الى شقتها وخلفها محمد.
بينما حل الصمت والنظرات بين قماح وناصر، وهدايه التي قالت: بنت عطيات لعبت لعبتها وفكرت إنها كسبت تبجى غلطانه، وعلى رأى المثل خيرا تعمل شرا تلجى، بس الخير مش بيروح، ورباح هيرچع من تانى لإهنه ويعرف إن ولد العراب لازمن يرچع راچل جبلها مش حرمه اللى تسمم أفكاره.
بشقة محمد وسميحه.
دخل محمد وجد سميحه تبكى بهستريا، وهي تضع ملابسها في حقيبة ملابس.
نظر لها محمد قائلا: بتعملى أيه يا سميحه؟
صمتت سميحه وهي مازالت تبكى وتضع ملابسها بالحقيبه.
أمسك محمد يديها قائلا بتعصب: بقولك بتعملى أيه؟
ردت سميحه ببكاء: بلم هدومى عشان امشى من هنا انا اللى دخلت دار العراب فرقتها.
رد محمد: سميحه بلاش تعصبينى، أنتى مش السبب، السبب عقل رباح الغبى واللى زرعت فيه ده من الاول كانت ماما وجت زهرت كملت عليه، سميحه أنتى مش السبب إنتهينا.
ردت سميحه بدموع: والله يا محمد انا ما لمست زهرت ولا قربت منها، دى بتقولى يا عاقر.
تبسم محمد وهو يضم سميحه: أنا عارف معدنك من معدن زهرت يا سميحه، ومتأكد من نضافة قلبك، بلاش تخلى سواد قلب زهرت يدمر حياتنا، مكانك هنا غصب عن اى حد، ومش الخلفه هي اللى هتحدد مكانتك هنا، لان مكانتك عاليه عندى يا لدوغتى.
قال محمد هذا وضمها قويا لصدره، كذالك سميحه ضمت محمد ومازالت تبكى.
بينما قال محمد بمزح: كفايه دموع على قميصى بقى، ولا اقولك انا هقلع القميص وأبكى عليه براحتك طالما.
تبسمت سميحه بصمت تحاول تجفيف دموعها بيديها.
ضمها محمد قائلا: بحبك يا لدغه.
بشقة سلسبيل
إبتعدت سلسبيل عن جسد قماح تنظر له قائله: قماح هسألك سؤال ولو مش عاوز تجاوب براحتك.
نظر لها قماح ببسمه قائلا: والسؤال ده مكنش ينفع تسأليه وأنتى في حضنى.
تبسمت سلسبيل بخجل قائله: إنت بتكره رباح؟
هز قماح رأسه بنفى وهو مازال نائما على ظهره قائلا: لأ عمرى ما كرهت رباح، بالعكس أنا بشفق عليه.
نظرت سلسبيل ل قماح بذهول.
بينما أسترد قماح حديثه: رباح كان عنده حظ ومميزات في حياته أكتر منى، بس هو اللى سلم دماغه لغيره يسمع منه ويأثر عليه، وهو بيزرع الحقد في قلبه واللى حصل النهارده كان آخر دليل على غباؤه اللى خسره، بس متأكد بابا قادر يرجعه لعقله تانى، بس قبلها هيأدبه كويس.
ردت سلسبيل بسؤال مختصر: زى أيه المميزات اللى كانت عند رباح مش عندك.
رد قماح بغصه: كفايه كان عنده أم، حتى لو كانت شخصيتها سيئه زى قدريه، كفايه آخر الليل كان بيلاقى أم تدخل تطمن عليه، ولما كان بيوقع بيلاقى إيد تساعده يوقف و تطبطب عليه، أنا أتحرمت من أمى وبعدها محستش بأى حنان حتى لما رجعت تانى ل هنا كنت بقيت شاب.
ردت سلسبيل: وجدتى حنيتها مكنتش كافيه ليك.
هز قماح رأسه بنفى قائلا: جدتى فعلا كانت بتحاول تعوضنى فقد أمى، بحنيتها بس محدش يقدر يعوض مكان الأم يا سلسبيل...
زى ناصر كده رغم إنك طول اليوم بتبقى بعيده عنه وهو مع جدتى بيبقى هادى معاها و وقت ما بترجعى أنتى وتاخديه في حضنك بيدلع عليك ويشاغب معاك عارف إنك هتتحملى دلعه ده وكمان بتبتسمى له جواه يقين أن حبك له مكانه خاصيه له لوحده محدش بيشاركه فيه.
تبسمت سلسبيل قائله: بس أنا أكيد مع الوقت هخلف غيره وهياخد في قلبى نفس مكانته.
تبسم قماح قائلا: أهو قولتى نفس مكانته يعنى مش هيبقى في تفرقه في مشاعرك له وبين أخواته فا بالتالى
مش هيحس أنه ناقص عن غيره، الأم بتعرف توزع حنانها وأحتوائها بين أولادها بالتساوى.
تبسمت سلسبيل وهي تنظر ل قماح بصمت شعرت بذالك الفقد الذي شعر به قماح بعد أن فقد والداته عانى بسن صغير من القسوه فأكتسبها كى يستطيع التكيف مع المحطين له.
تبسم قماح وفتح ذراعيه ل سلسبيل.
التى فهمت أن قماح يريدها أن تعود تنام بحضنه مره أخرى.
إستجابت سلسبيل وعادت تنام فوق صدره تضمه بيديها، ردا على ضم قماح لها بقوه بين يديه، ثم قبلت وجنته مبتسمه قائله: أنا بحبك يا قماح.
تبسم قماح وضمها أقوى بين يديه وهو يستدير بهم ينظر لشفاها وبلا إنتظار قبلها يستقى من شفاها نبع يروى قلبه بقبلات عاشقه ولمسات شغوفه، ترحب بها سلسبيل بل وتريد المزيد منها تشعر بالتميز وهي بين يديه.
بعد مرور عشرون يوم.
بتلك الشقه التي يقطن بها زهرت ورباح مؤقتا
صداع يفتك برآس رباح، يبحث مثل المجنون عن حبه من ذالك الدواء لكن ليس موجود، شعر بخيبه، ونظر الى زهرت التي دخلت عليه قائله بإستهجان: في ايه مالك زى المجانين كده.
رد رباح الذي يمسك راسه بيديه: علاج الصداع خلص.
ردت زهرت ببرود: وانا هعملك إيه؟
رد رباح: قولى لصاحبتك اللى كانت بتجيبه ليكى وهاتى منها.
ردت زهرت ببرود وسخريه: وتمنه هدفعه لها منين، الفلوس اللى كانت معانا خلصت، لو كنت سمعت كلامى وصرفت الأشياك اللى كان النجار بيكتبوها باسمك كان زمان معاك فلوس تجيب دوا الصداع بتاعك، لكن أنت خوفت يقولوا عليك حرامى اهو في الآخر طردوك من غير ولا مليم.
رد رباح: زهرت مش وقته دماغى هتتفرتك، خدى اى حتة صيغه بيعها وهاتى الدوا وصرفى نفسك بيها دلوقتي.
ردت زهرت بسخريه: وبعد ما يخلص تمن حتة الصيغه أبيع غيرها لحد ما الصيغه كلها تخلص.
رد رباح بعصبيه: لأ قبل ما تمن حتة الصيغه يخلص هكون اتصرفت وبلاش كلام كتير.
ردت زهرت: تمام هاخد طقم دهب من اللى عندى وهنزل ابيعه، لحد ما اشوف آخرتها.
قالت زهرت هذا وأخذت إحدى علب الذهب الخاصه بها وخرجت من المنزل.
ب مخزن قديم يشبه الوكر مدنس
دخل حماد.
تبسم له الآخر قائلا بتهكم: من زمان مجتش لهنا قولت يمكن توهت عن المكان، أيه فكرك الليله بالمكان ده، ايه الشوق حدفك، بس من شكل ملامح وشك إنك مضايق عالآخر.
رد حماد: مش فايق لتريقتك يا نائل، كفايه الغبى رباح من يوم ما ساب دار العراب، وخالى ناصر أستلم الشغل مكانه ومبقتش عارف أشتغل، وأنسى انى اعرف ادسلك البضاعه بتاعتك في البضاعه بتاعته، شوفلك طريقه تعرف توصل بيها بضاعتك للزبون بتاعها.
بالمقر.
دخلت سلسبيل الى غرفة قماح سمعته يتحدث على الهاتف، لاحظت توتره حين دخلت عليه فجأه كما انه اختصر في الحديث مع من يتحدث اليه وانهى الإتصال.
تحدثت قائله: كنت بتكلم مين.
رد قماح: ده واحد من التجار.
ردت سلسبيل: أنا خلصت شغلى، مش نرجع بقى الدار.
رد قماح: لأ أنا عندى لقاء مع تاجر اللى كنت بكلمه عالموبايل، أرجعى انتى مع السواق وانا هروح اقابل التاجر وارجع بعدها.
تبسمت سلسبيل قائله: ومين التاجر ده، ممكن اجى معاك وبعدها نرجع سوا للدار.
رد قماح بتسرع: لأ، إرجعى انتى للدار ده تاجر لسه هتفاوض معاه وممكن حديثنا ياخد وقت، إرجعى انتى مع السواق، وانا هخلص معاه وهحاول متأخرش.
شعرت سلسبيل بشئ غريب، وقالت: تمام اشوفك في الدار.
نهض قماح وذهب بإتجاه وقوف سلسبيل وقام بتقيبل وجنتيها مبتسما.
تبسمت سلسبيل وغادرت وهي تشعر بشئ في صدرها.
بعد قليل.
أمام أحد الكافيهات القريبه من المقر
نزلت سلسبيل من السياره ودخلت الى الكافيه
إنصدمت وهي ترى قماح يجلس على أحد الطاولات، وبصحبته آخر من كانت تتوقع
شعرت بنغزه قويه في قلبها قائله: هند!