رواية عشقت رجلا للكاتبة إيناس جمعة الفصل الثالث
تحولت ابتسامته العريضة إلى دهشة قاتلة
حبيبته التي لطالما حلم بها وظن اليوم أنها أصبحت ملكه
تقف أمامه الآن تهدده بقتل نفسها إن اقترب منها
رفع يديه إلى الأعلى بعلامة استسلام وبدأ بالاقتراب منها وهو يكرر كلمات مطمئنة: اهدي تمام مارح قرب عليكي
بس هاتي هاد الي بإيدك.
وصل إليها وأمسك يدها التي تحمل موس الحلاقة نازعا إياه منها وسحبها بقوة إلى حضنه محاولا تهدئة ارتجافها وانتفاضة جسدها وشهقاتها تعلو وتعلو والدموع تنهمر بغزارة من مقلتيها
مشى بها قليلا إلى أن وصل حافة السرير أجلسها وجلس بقربها ولازال محتضنا جسدها الصغير المرتجف
ابتعد عنها قليلا حين أحس أنها بدأت تهدأ ونطق بصوت حازم: احكي عم اسمعك
نور: أنا أنا...
رفع رأسها بقوة لتنظر في عينيه الغاضبة لترى كمية التوتر والغضب فيهما
أثير: إنتي شو ها فهميني
نور: أنا ما، ما بدي ياك أنا تزوجتك غضب عني
صعق من كلماتها لقد أحس بهذا ولكنه سألها وأنكرت
أثير: بس أنا سألتك سألتك بدل المرة عشرة وانتي قلتي إنك موافقة
نور: ما، ما كنت بقدر قلك
أثير: إنتي سامعة حالك شو عم تقولي شو يعني ماكان فيكي تحكي كيف هي بقى فهميني
نور: كنت خايفة إخواتي هددوني إذا بقول لأ بيقتلوني.
أثير: آه والله وأنا هلأ مفروض صدق هاد الحكي ما هيك
نور: أنا، أنا والله ماعم اكذب كان بدي احكيلك بس خفت
خفت منك ومن اهلي خفت إنك تحكيلهن
أثير: وهلأ وإنتي عم تحكي مانك خايفة إني احكيلهن مانك خايفة مني
هزت رأسها بالنفي قائلة: لأ، أنا أصلا قررت انتحر
اتسعت عينيه بدهشة من هول ما سمع هل تخبره بكل هذا البرود أنا ستقتل نفسها يوم عرسه عليها هل هو قبيح إلى هذه الدرجة هل الحياة معه صعبة لهذه الدرجة.
أثير: لهي الدرجة بتكرهيني بدك تقتلي حالك بيوم عرسنا
نور: أنا ما بعرفك أنتا رفيق إيهاب وأمين يعني بتشبهن
علياء قالت أن هي الي جابتك تخطبني لتعذبني وتهيني
هنا أدرك أن هنالك الكثير والكثير من الأشياء التي لا يعرفها وعليه الآن أن يفهم كل شيء لكي يعرف كيف سيتصرف
نظر إليها ببرود قاتل وقال: غيري تيابك وغسلي وشك واطلعي نحكي بالصالون.
هب واقفا ولكنها أمسكت يده بأصابعها المرتجفة ونظرت إليه بعيون راجية: رح تحكيلهن
أثير: أنا بالصالون ناطرك
ثم نظر الى موس الحلاقة وحمله مسترسلا: واوعك تفكري تعملي هيك جنان مرة تانية
خرج وصفق باب الغرفة خلفه والنار تكاد تأكل قلبه
كان يظنها الليلة الأجمل في حياته ولكنها انقلبت إلى كابوس يحاول السيطرة على غضبه ولكنه لا يستطيع
يتحرك بالصالون ذهابا وإيابا حتى اصطدم بمزهرية للزينة.
حملها وقذفها بكل قوته نحو الجدار فتهشمت إلى فتات صغيرة
ثم بدأ يحمل كل ما يأتي في طريقه ويحطمه
تلك الصغير القابعة داخل الحمام تحاول فتح فستانها ولكنها لا تستطيع وتسمع أصوات التكسير القادمة من الخارج والخوف يأكل جوفها
لا تعلم مصيرها المجهول مع هذا الوحش الضاري ولا تجرؤ على طلبه لمساعدتها
هدأت موجة غضبه قليلا بعد حملة التكسير الشاملة التي قام بها.
ولكنه أحس بأنها قد تأخرت فهرع إليها خائفا أن تكون قد نفذت تهديها وقتلت نفسها
دخل مسرعا إلى الغرفة فلم يجدها ولكنه سمع شهقات باكية تأتي من الحمام
طرق البا عدة طرقات ولكنها لم تستجب ولم تهدأ من شهقاتها
ففتح الباب ليجدها تجلس على الأرض تفترش أرضية الحمام بفستانها وجسدها يرتجف بشكل مرعب
لم يستطع تحمل ماحدث فهو بالرغم من كل ماحدث قبل قليل يعشقها
لم يهن عليه تركها بحالتها هذه.
دنا نحوها وقد بدأ بتمسيد شعرها الحريري ولسانه ينطق بكلمات مطمئنة: نور حبيبتي إهدي أنا معك ماحدا رح يأذيكي لا تخافي
رفعت رأسها نحوه ونظرت إليه بعيون احمرت من شدة البكاء وكأنها لا تصدق ما يقوله
اكمل كلامه يقول: ليش عم تبكي
نور: ماعم اقدر افتح الفستان
ابتسم لها وقال: ساعدك
هزت رأسها بالموافقة ولكنها تذكرت فجأة تلك العلامات والكدمات على ظهرها فقالت: بس فكلي أوله.
نفذ ما قالته وخرج مغلقا خلفه الباب لينتظرها بغرفة الجلوس
خرجت بعد نصف ساعة وهي ترتدي بجامة بيتية تنظر حولها إلى الأثاث المبعثر والقطع الزجاجية المكسرة لا تعلم أين تضع قدمها كي لا تنجرح مشت بخطوات حذرة حتى وصلت إليه
يجلس على الأريكة وقد ثبت مرفقيه على ركبتيه وأصابعه تتخلل خصلات شعره بغضب وارتباك واضحين
أثير: اقعدي
نور: حاضر
أثير: احكي عم اسمعك
نور: حكيتلك كل شي.
لم يرفع رأسه نحوها فقط فك يده من خصلات شعره وضرب بها الطاولة التي أمامه بكل قوته محذرا
أثير: لا أنتي حكيتي ولا أنا فهمت
أحكي كل شي شو عملتي لحتى انجبرتي تتزوجيني
نور وهي تبكي رعبا من غضبه: ماعملت شي والله
اثير: نووووور لا تجنيني احكي
نور: رح احكي بس مشان الله روق شوي أنا خايفة منك
ليست كلمة بل سهم أصابت به قلبه أوقعته صريعا.
على من يرفع صوته بهذه الطريقة على من يصرخ ويتجبر هل على هذه الصغيرة المرتجفة هل هي ند له ليعاملها هكذا
سيتلافى هذا الخطأ إنه لم يخطئ بحقها بعد سيوقف نفسه قبل أن يخطئ
أثير: أنا آسف ما قصدي خوفك بس فهميني
بدأت تروي له ماذا حدث منذ أن حاول ذلك الوغد تقبيلها
إلى أن تقدم لخطبتها
أخبرته كيف سجنت وعذبت ولاقت أشد أنواع الضرب والتعنيف أخبرته عن كلام علياء لها.
تتكلم وتبكي وتشهق وهو جالس يستمع لها ويضغط على يديه بغضب
هل فعلوا كل هذا بحبيبته وهو عاجز عن فعل شيء
أنهت كلامها وهي بحالة يرثى لها تبكي وتأن بصمت
انتقل إلى جانبها وضمها إلى حضنه بقوة يحاول تهدئة خوفها
ضل مختضنا لها بيديه حتى هدأت فهي لا تعرف ما هذا الشعور الغريب بالراحة وهي بين يديه
أثير: طيب أنا هلأ شو اعمل شو اتصرف
نور: اقتلني
نظر لها بدهشة وكأنه يحاول فهم ما قالته.
أثير: شو شايفتيني قدامك سفاح ولا قتال قتلى
نور: أنتا متلن رح تضربني وتعذبني وبعدين تقتلني اقتلني من هلأ ووفر على حالك وعليي تعب ووجع
أثير: بلا جنان شيلي هالأفكار من راسك أنا ماني متل حدا ولا بشبه حدا
نور: شو رح تعمل لكن
أثير: إذا خبرت أهلك شو بصير
لم يرد أن يخبرهن طبعا ولكن يريد أن يعرف إلى أي درجة تخاف منهم إلى أي درجة آذوا جسدها الصغيرر.
دمعت عينيها بعد كلمته المحبطة حاولت الثبات وهزت رأسها قائلة: مابصير شي
وقفت لتمشي ولكنه أمسك بيدها وأجلسها مرة أخرى
مكررا: أنا سألتك شو بصير جاوبي
نور: بدك تعرف سو بصير شوف بعينك طيب
أنزلت جرار سترتها المخملية وأدارت ظهرها ثم خلعت السترة التي تخفي خلفها خطوطا بنفسجية اللون رسمت على بشرتها البيضاء بكل قسوة
خطوط تدل على قبح ووحشية ما تعرضت له هذه المسكينة
صعق من تلك الصورة واحس بنيران الغضب تأكل جسده.
امسك بكتفيها وأدار جسدها نحوه رافعا السترة على أكتافها من جديد وأعاد إغلاق الجرار ويديه ترتجفان من هول ما رآه
رفع رأسها نحوه وقال بهدوء مرعب: مين الي عمل هيك
نور: إيهاب إيهاب وأمين
نهض بسرعة وهم بالرحيل ولكنها أمسكت يده ترجوه
نور: أثير بترجاك لا تروح اذا عرفوا إني حكيتلك بيقتلوني بترجاك آآآآآآه
التفت إلى صرختها ليرى أنها قد داست على قطعة زجاج مكسورة ركض نحوها وحملها بين يديه.
وضعها على الأريكة وجلب علبة الاسعافات الأولية عقم جرحها ووضع عليه لاصقا طبي ونظر إليها ليتفاجأ بأنها نامت
ابتسم لها ووضع قبلة على جبينها وحملها بين يديه إلى السرير
دثرها بالأغطية جيدا ثم عاد إلى غرفة الجلوس ليفكر ما الذي سيفعله حتى اتخذ قراره
لقد كان يتوجب عليه السفر بجولة تفقدية ليجري دراسة حول مجموعة من الأراضي تريد الشركة استثمارها
ولكن إجازته حالت دون ذلك.
قرر أن يلغي إجازته ويسافر لكي يسمح لكليهما بالتفكير جيدا قبل اتخاذ قرار جدي ولكن قبل سفره عليه أن يلقن ذلك المتحرش درسا جيدا
غط في نوم عميق فوق الأريكة من شده تعبه وتفكيره
حل الصباح عليهما وقد استيقظت قبله ولكنها لا تجرؤ على الخروج إليه
طرق باب الغرفة عدة طرقات ولم ينتظر الرد فتحه ودخل
ليجدها تجلس على السرير وتنظر له بعيونها المتعبة الباكية
أخرج حقيبة سفر صغيرة ثم ناولها قلم وقطعة ورق صغيرة.
أثير: كتبيلي اسم الزفت الي بالجامعة هون
نور: ليش
أثير: مو شغلك اكتبي وبس
كتبت الاسم وناولته الورقة وهي تراه يحزم امتعته فسألته باستغراب
نور: أثير أنتا مسافر
أثير: امممم
نور: لوين
أثير: شغل، أنا رح خبر الكل أن مسافرين سوا مين ما دق الباب ما بتفتحي والبيت في كل شي ما بتطلعي لبرا أبدا سو ماصار فهمانة
هزت رأسها بالإيجاب فهي لا تجرؤ على الرفض وهي تراه بحالته الغاضبة هذه.
أثير: أنا رح غيب أسبوع بالكتير إذا احتجتي شي اتصلي
واقفلي الباب ورايي بس اطلع سلام
خرج دون أن يضيف أي كلمة على ما قاله سمعت صوت سيارته يبتعد عن البيت فسمحت لدموعها بالانهمار
ما بال هذا الرجل يحن تارة ويغضب مرات ألم يكن بالأمس حنونا يحتضنها ويهدؤها
سافر أثير بعد أن لقن ذلك الوغد درسا لن ينساه حين انهال عليه ضربا أمام طلاب الجامعة وخرج منها منتصرا.
مر الأسبوع دون أية أحداث تذكر ف نور في المنزل تفكر في الحرب الباردة التي يمارسها ضدها ذلك الرجل
وهو منشغل في عمله ولكنها لا تفارق باله أبدا
أنهى جولته وحان موعد العودة حزم امتعته واستقل سيارته عائدا إلى منزله وزوجته التي اشتاقها بشدة
رن الجرس مرات عديدة وانتظر حتى سمع خطواتها تتجه نحو الباب بخفة فابتعد من أمام العين الساحرة ليختبرها إن كانت ستسمع كلمته أم أنها ستفتح الباب.
نظرت من العين السحرية فلم تجد أحدا اعتقدت أن الطارق ذهب ولكنه أعاد الكرة فلم تجد احدا أيضا خافت كثيرا وبدأ قلبها بالانقباض
ركضت نحو هاتفها وبتلقائية فتحت على اسمه واتصلت به
في الخارج ينتظر أثير ردة فعلها فسمع صوت هاتفه يرن أخرجه من جيبه ليجد أنها هي من تتصل فأنبه ضميره لأنه أقلقها
لم يجب ولكنه صرخ من خلف الباب قائلا:
هاد أنا نور افتحي.
فتحت الباب وابتسمت ابتسامة ساحرة حتى هي لم تخطط لها ولكنه لم يبادلها تلك الابتسامة فضمت شفتيها ببراءة وقالت: الحمدلله عسلامتك
أثير: الله يسلمك كيفك
نور: الحمدلله وانتا
أثير: الحمدلله أنا بدي فوت ادوش
نور: حطلك تاكل
أثير: لأ آكلت برا
هذا ما قرره أثناء سفره أن يتجاهلها حتى لا يتعلق بها أكثر من اللازم فهو لن يجبرها على العيش معه بالنهاية.
مر أسبوع آخر وهو يتجنب الحديث معها تماما حتى حين اتى الأهل للزيارة والتهنئة كان حديثه معها مقتضبا
دخل اجتماعه بالشركة بعد أن وضع هاتفه على الوضع الصامت في الجانب الأخر كانت نور تجلس في المنزل حين بدأت تحس بتيارات باردة وحارة تجتاح جسدها معا
وبدأت تشعر بالدوار والغثيان وجسدها يرتعش من البرد
احضرت هاتفها ولم تدري بمن تتصل لم تجد نفسها إلا وهي تضغط على اسمه لتتصل به ولكن لم يجب.
فأعادت الاتصال مرة اخرى وهي تتألم وتبكي
لم يجب أيضا اتصلت أربع مرات وتركت الهاتف حين عرفت أنه لن يجيب عليها
خرج من اجتماعه وجلس فوق مكتبه يراجع أوراق مشروعه الجديد
اخرج هاتفه من جيبه ليتفاجأ باتصالاتها المتكررة وينقبض قلبه من خوفه عليها
دخل إلى المنزل يبحث عنها بكل حواسه وهو ينادي باسمها
فتح باب غرفة نومه فوجدها فوق السرير تدثر نفسها بأغطية كثيرة ولكن جسدها يرتجف بقوة
أثير: نور حبيبتي شبك قوليلي.
لم تجبه ولكن ضلت ترتجف بشدة أخرج هاتفه واتصل
بعمته الطبيبة سناء: ألو عمتي كيفك وينك إنتي بالعيادة
العمة سناء: إي حبيبي خير شبه صوتك فيك شي
أثير: نور تعبانة كتير سيارتك معك؟
العمة: إي حبيبي ولا يهمك خمس دقايق وبكون عندك
استلقى على السرير بجوارها وسحبها إلى أحضانه وبدأ يمسد بيديه على شعرها الحريري مرددا كلمات مطمئنة
أثير: اهدي ياعمري إهدي رح تكوني منيحة كل شي رح يكون منيح.
رنت العمة سناء جرس المنزل انتفض أثير وركض نحو الباب ليدخل عمته
العمة سناء: خير شو الي صار معها
أثير: مابعرف أنا كنت بشغلي اجيت لاقيتها على هالحالة
سناء: آكلة شي عاملها خربطة بالمعدة
أثير: لأ ما بتوقع
فحصت العمة سناء نور التي كانت شبه مغيبة عن الوعي فقط ترتجف ثم أخرجت حقنة وقامت بحقنها بوريدها ثم توجهت بالحديث لابن أخيها
سناء: أنا هلا عطيتها إبرة مهدئ رح تنام كم ساعة وتصحى ما فيها شي.
أثير: طيب فهميني شو الي صاير معها
سناء: تعا معي حبيبي منحكي برا خليها ترتاح
خرجت سناء من الغرفة وخرج خلفها أثير بعد أن وضع قبلة على جبين نور ووجنتيها الحارتين ثم أغلق الباب خلفه وهو يدعو بالشفاء لجميلته النائمة
جلست سناء على الأريكة في غرفة الجلوس وقالت
سناء: اقعد حبيبي لقلك
أثير: عمتي لا تخوفيني إذا نور فيها شي خبريني.
سناء: يا حبيبي اطمن مافيها شي كل القصة أن صار معها هبوط بالدورة الدموية من قلة التغذية
شعر بالحزن لما قالته عمته فهو فغلا لم يرى نور تأكل أبدا منذ دخولها المنزل وحين تجلس على الطعام لا تأكل إلا القليل وهو لم يحاول أن يحفزها لتأكل أبدا
أكملت سناء كلماتها وهي تمسد كتف أثير: شوف حبيبي
انا مارح ادخل بحياتكن الشخصية أبدا ولا رح اسألك شو صاير معكن بس بدي قلك أنت شب واعي وناضج ومتعلم.
اوعى يا أثير تفكر تحل مشاكلك مع مرتك بالقسوة
أي تنين أول ما بيتزوجوا بصير بيناتهن مشاكل وهاد طبيعي بس الأساس أنك تعرف كيف تتجاوز هي المشاكل بدون ماتعمل شرخ بعلاقتك مع زوجتك وبدون ما تخوفها منك إنتا هلأ بالنسبة إلها كل شي إنتا الأب والأم والأخ والسند والظهر والدنيا كلها يعني إذا إنتا سكرت بابك بوشها فهي رح تحس إن الدنيا كلها سكرت بابها بوشها.
فهمت عليي حبيبي إنتا المسؤول إنتا الزلمة إنتا الي لازم تجبر كسر قلبها وتمحي أي ذكرى بشعة بحياتها وإنتا شاطر وما بدك مين يعلمك
انهت سناء كلامها بعد ان أحست بدمعة تتلألأ بعين أثير فشعرت بحاجته للوحدة
فتركته بعد أن قبلت رأسه ودعت له بالسعادة وغادرت
جلس يفكر في كلام عمته إنه المتسبب بحالة زوجته
هو لم يفعل ما يخيفها ولكنه أيضا لم يفعل ما يطمئنها.
مرت ثلاث ساعات وهو يفكر ويفكر بكل لحظة لهما معا بخوفها وخجلها ورقتها وهدوءها
دخل إلى غرفتها ليتفقد حالها جلس على السرير بجوارها
وبدأ يمرر يديه على وجنتيها بهدوء وحنان مبالغ بهما
فأحس باضطراب أنفاسها فعرف أنها استيقظت.
دنا من أذنها وقال بهدوء وحنان بالغين: نور أنا ما بعرف شو الي صاير معك ولا بعرف شو الي مخوفك بس بدي ياكي إنتي تعرفي إن أنا مستحيل أئذيكي وطول ما إنتي جنبي مستحيل اسمح لأي بالدنيا إن يإذيكي بس تحسي حالك مرتاحة اطلعي لحتى نحكي
ثم خرج من الغرفة وأغلق الباب خلفه وبعد اقل من خمس دقائق سمع الباب يفتح فنظر نحوها وهي تسير بخطى متعبه نحوه وعيناها مرهقة ولكن التعب والإرهاق لم ينالوا من جمالها الأخاذ.
جلست بجواره بكل هدوء وبدأت تفرك يديها تنتظر منه أن يبدأ بالحديث
أثير: كيف حاسة حالك هلأ
نور: الحمدلله أحسن
أثير: حابة تحكي شي ولا بدك ترتاحي
نور: خلينا نحكي
وضع يده تحت رأسها المنكس ورفعه قليلا حتى نظرت إليه وقال: منحكي بس خلي راسك مرفوع
أعجبتها تلك الكلمة بل عشقتها إنها حقا تفتقد لمن يرفع رأسها لمن يحدثها دون إهانة وتحقير لمن تستطيع الكلام معه كيف ما أرادت دون أن تتلقى صفعة على أقل كلمة لا تناسب مزاجه.
ابتسمت له وبادلها بابتسامة رجولية مطمئنة
أثير: لساتك خايفة مني
لم تجب بل اشاحت بوجهها قليلا فهي بالفعل لا زالت تخاف منه
أكمل أثير كلامه بعد أن احتضن يدها الصغيرة بيديه
: طيب ليش أنا شو عملت شي يخوفك لهلأ يمكن أول يوم عصبت وصرخت بس صدقيني أنا ماممكن أعمل أي شي يوجعك أو يدايقك
نور: لأنك ماعملت أنا ناطرتك لتعمل لحتى ارتاح اذا بدك تضرب اضربني شو ناطر ليش عم تلعب بأعصابي.
ابتسم وحزن بنفس الوقت ابتسم على تفكيرها الطفولي وحزن لأنه لم يستطع أن يعطها الأمان بعد
أثير: نور أنا ما عملت شي لأني مارح اعمل شي مو لأني عم ألعب بأعصابك أنا لا رح اضربك ولا رح عذبك ولا كل هي الأفكار الي ببالك
نور: طيب هلا شو شو رح يصير
أثير: ما بعرف أنا مارح اجبرك تعيشي معي بالغصب بس بنفس الوقت أنا مستحيل اتركك بهاد الوقت
نحن ما صرلنا شهر متزوجين إذا اطلقنا هلأ بتعرفي شو ممكن يصير.
نظرت إليه ودمعت عينها فاسترسل: اهدي نور مارح يصير إلا الي بدك يا
نور: أنا ما بدي أطلق مابدي ارجع لعند أهلي
لم تسعه الدنيا من الفرحة بعدما قالته لقد صرحت له بأنها تحتمي به وتختبىء بأمانه وهذا هو أقصى ما يتمناه الآن
نور: بس أنا بدي منك شوية وقت ممكن
أثير: وقت لشو
نور: أثير أنا حياتي مع إخواتي ومرت أبي كانت قاسية كتير والطريقة الي ماما ماتت فيها كانت صعبة وعملتلي مشاكل نفسية
أثير: طيب احكيلي.
نور: رح احكيلك بس كل شي بوقته معليش
ابتسم لها موافقا: على راحتك
نور: انا آسفة أنا عنجد ما كنت بعرفك طول عمري بشوفك مع إخواتي فكرتك متلن وكلام علياء عنك زاد خوفي منك أنا آسفة إذا كنت جرحتك بلا قصد
أثير: أنا اللي آسف آسف إني تركتك خايفة وما طمنتك
هلأ أنا رح نام هون وإنتي نامي جوا وما رح قرب منك إلا لما تكوني جاهزة
نور: لأ، بقصد يعني نام جوا
أثير: ما بتدايقي
نور: أبدا أنا اصلا بخاف نام لحالي.
ضحك أثير على طفولتها وقال مستنكرا: لكن وين كنتي تنامي قبل
نكست رأسها خجلا وهي تبتسم: كنت دائما نق على تيتا لحتى تنيمني معها أو تجي تنام عندي
ضحك أثير لبراءتها ورقتها وهو راضي بداخله عن هذا الاتفاق
شردت نور في ضحكته وهي تراه لأول مرة يضحك بهذه الطريقة ويا لجمال ضحكته ليته يضحك كل دقيقة
نور: طيب أنا حكيتلك كل شي عني احكيلي إنتا عنك
أثير: شو حابة تعرفي
نور: كل شي من وقت ولدت لهلأ.
أثير: بحكيلك يا ستي بس قبل كل شي قومي نعمل شي ناكله أنا جعت وبدك تعملي حسابك من اليوم مافي تقومي عن الأكل قبل ما خلص أنا من هلأ لشهر بدك تكوني زايدة عشر كليات مفهوم
نور بابتسامة خجلة: مفهوم
قرصها من خدها ثم سار أمامها وتبعته نحو المطبخ
أثير: إي بقى فرجيني حضرتك شو بتعرفي تطبخي
نور: كل شي
أثير: هه كل شي كل شي
نور: ليش مستغرب إي كل شي
أثير: يعني انتي لساتك صغيرة.
نور بحزن واضح: أنا بطبخ من لما كان عمري 13سنة
يعني من لما ماما ماتت شو حابب تاكل
أثير: تعي لقلك لا تتعبي حالك منطلب جاهز إنتي أصلا تعبانة شو جاي عبالك
ابتسمت نور لكونه فهم حزنها دون أن تتكلم
أثير: بيتزا؟
هزت رأسها بالموافقة: بيتزا
وصل الطعام وأكلوا بمرح وضحك أكلت نور بنهم واضح وكأنها لم تأكل منذ فترة طويلة.
في المساء جلسوا على الشرفة أمام المنزل حيث كان أثير قد زرع الكثير من الورود الجورية مختلفة الألوان بالإضافة الى الياسمين الذي يضفى للجو رائحة عطرة
مع مشروب الكاكاو اللذيذ
نور: مابدك تحكيلي
أثير: مبلا رح احكيلك بس قصتي طويلة بتمنى ما تملي
نور: لا أبدا أنا حابة أسمع
أثير: كان عمري 9سنين وإيناس كان عمرها سنتين
كنا أسعد عيلة بالدنيا بابا وماما كانوا يحبوا بعضن كتير.
لحد ما بيوم من الايام ماما فقدت وعيها وأسعفوها عالمشفى بوقتها أنا كنت صغير ما فهمت شو المشكلة
بس لما كبرت فهمت أن مرض ماما كان بالقلب وهاد المرض بيمنعها إنها تمارس حياتها الزوجية
بشكل طبيعي أو بشكل نهائي صبر بابا على هي الحالة تلات شهور ومن بعدها راح تزوج عبلة ماما من الزعل والقهر ماقدر قلبها يتحمل ماتت بعد عرسهن بأسبوع
دخل بابا حالة ندم وعزلة صعبة استمرت سنين وهاد الي خلا عبلة تكرهنا وتحقد علينا.
بعد سنة من زواجهن جابوا هاشم وبعد بسنتبن اجت رهف
عبلة كانت دائما تحاول تأذينا وبالتحديد إيناس
وأنا بسبب عمري الصغيرماكنت بقدر امنعها لهيك أخدت إيناس ورحنا سكنا عند عمتي كان عمري بوقتها 14 سنة
بلشت اشتغل من هداك الوقت اشتغل وادرس لحد ما خلصت جامعة وفتحت مكتب انشاءات صغير مع رفيقي وكبرنا شوي شوي لحد ما صار عنا شركة كبيرة.
دمعت أعين نور وهي تستمع إلى قصة أثير وهي ترى رجلا مر بكل اختبارات الحياة حتى وصل إلى هنا
نور: وعلاقتك بأبوك وإخواتك كيف
أثير: عادي مافي أي خلاف بس فيكي تقولي رسمية شوي
أما إيناس فهي بنتي مو بس إختي
نور: بس عمتك ما كانت موجودة بالخطبة ولا بالعرس ليش
أثير: كانت مسافرة بشغل بس كانت هون الصبح عنا
نور بدهشة: مين عمتك
أثير: إي عمتي عمتي دكتورة ولما إجيت لاقيتك تعبانة اتصلت فيها.
صمتا قليلا كل منهما يفكر في ماضيه وذكرياته القاسية حتى شعرا بالبرد
أثير: قومي نفوت صار برد
ابتسمت نور ووقفت متجهة نحو الغرفة
دخلت الى الحمام ثم خرجت لتجده مستلقي على السرير
فاستلقت بجانبه وقالت
نور: أي والله صار برد
لم يجب بالكلام بل بالأفعال سحبها إلى حضنه وخبأها بين يديه و هي لم تمانع فحتى إن لم تصرح بهذا ولكنها أصبحت ترتاح بأحضانه وكأنها في الجنة
حتى غطا في نوم عميق معا.