رواية عروس الثأر للكاتبة سارة علي الفصل الثالث والعشرون
بعد مرور أكثر من شهر
استيقظ ادهم من نومه ليجد الفراش خاليا بجانبه، عقد حاجبيه بحيرة وهو ينهض من فوق فراشه ويتجه الى الحمام لكنه لم يجد فرح هناك، ارتدى بلوزته واتجه نحو الباب ليبحث عنها في الخارج ليتفاجئ بالباب تفتح وفرح تلج إليه وهي تحمل في يديها صينية الافطار...
ابتسم ملأ فمه وهو يسألها: أين كنتِ؟! وما هذه الصينية.؟!
أجابته وهي تضع الصينية على الطاولة التي تتوسط الغرفة: لقد أعددت طعام الإفطار...
ابتسم لها وقال وهو. يحتضنها: ما رأيك أن نتناول فطورنا الخاص اولا؟!
عقدت حاجبيها بحيرة وسألته ؛
وما هو فطورها الخاص.؟!
مال نحو فمه يطبع قبلة عليه وقال: هذا هو...
وهم بحملها لتقول بسرعة وهي توقفه بدلال: ليس الان يا ادهم، لنتناول فطورنا، لقد جهزت لك الطعام بنفسي...
حسنا كما تشائين...
قالها وهو يتجه نحو الطاولة ويجلس أمامها ويشير إليها لتجلس بجانبه ويبدأ بتناول طعامه...
لاحظ أدهم انها تتناول القليل من طعامها فقال مازحا: لقد أصريت أن نتناول فطورنا وأنتِ لا تتناولين شيئا...
أزاحت خصلة الى جانب وجهها وقالت: انت تعرف أن شهيتي للطعام قليلة...
بل معدومة...
ابتسمت وقالت: هذا أفضل حتى أحافظ على رشاقتي وجمالي...
بعد فترة كان أدهم يجلس على السرير وفرح نائمة على قدميه بينما يعبث هو بشعرها...
كيف حال شيرين؟!
سألته فجأة ليجيبها: بخير...
اعتدلت في جلستها وقالت: أنا أشعر بالشفقة لأجلها رغم أنني لا أعرفها عن قرب، لكن ما قلته عنها أثر بي كثيرا...
صمت أدهم ولم يرد لتكمل فرح: ألا يفكر اخوك بالعودة.؟! يعني لقد قضى وقتا طويلا خارج البلاد...
مط ادهم شفتيه وقال: لا أعلم...
أحاطته فرح بذراعيه وقالت: أدهم انت لن تفعل بي كما فعل هو بها، لن تمل مني أليس كذلك؟!
نظر اليها وقال بصدق: مستحيل، مستحيل أن أمل منك...
ابتسمت له بينما قبل جبينها لتتنهد بسعادة...
وقفت آلاء امام الطباخ وقد قررت أن تعد الفطور بنفسها لكاظم، فوالدة كاظم وأختيه ليسوا في المنزل، لقد خرجن منذ الصباح الباكر الى السوق...
اخذت تجهز طعام الأفطار ووضعته في صينية واتجهت به الى صالة الطعام...
وضعت الصينية على الطاولة وقررت أن تذهب الى كاظم وتوقظه...
ايقظته من نومه وأخبرته أنها أعدت الطعام له لينهض من مكانه ويتجه الى الحمام ليغسل وجهه بينما عادت هي الى غرفة الطعام تنتظره...
خرج كاظم من الحمام وهو يجفف شعره حينما سمع صوت رنين هاتف آلاء...
اتجه نحو الهاتف ليحمله ويذهب به الى آلاء ليتوقف عن الرنين ولكن بعد لحظات وصلت رساله ظهر محتواها على الشاشة: اتصلي بي وإلا سأذهب الى زوجك وأخبره بكل شيء...
اندلعت نيران الغضب داخله وهو يقرأ محتوى الرساله ليضغط عليه بقوة ويتجه خارج الغرفة...
دلف الى غرفة الطعام بملامح متحفزة وقال بنبرة هجومية: ما هذه الرسالة؟! ما معنى هذا الكلام؟! تحدثي؟!
انتفضت آلاء من مكانها وأخذت الهاتف منه تقرأ محتوى الرساله ليرتجف جسدها بالكامل وهي تقول بتلكؤ: هذه، هذه رسالة...
قبض على ذراعها بقوة وقال: تحدثي حالا، من بعث لك هذه الرسالة وماذا يريد منك؟!
اجابته بألم: انه، انه خطيبي السابق...
خفف من قبضته وقال: خطيبك، هل كنت مخطوبة من قبل؟!
اومأت برأسها وقالت: نعم كنت مخطوبة...
حرر ذراعها وقال بسخرية: هل هو من أخطأتي معه وتخلى عنك بعد ذلك؟!
اشتعلت نظراتها وهي تجيبه: انا لم اخطأ معه، ولا مع غيره، اما عنه فهو تخلى عني حينما علم بحقيقتي...
صمت وأخذ ينظر اليها بنظرات مشككة لتكمل: سوف احكي لك كل شيء، وأنت ستسمعني، لقد اعتدى علي، اغتصبني، كنت حينها صغيرة في المرحلة الجامعية ولم استطع أن أخبر احد، لا احد يعلن بما حدث سوى ادهم، لان المغتصب كان صديقه...
جحظت عيناه بصدمة وقال بعدم تصديق: صديقه اغتصبك...
اومأت برأسها وهي تكمل بدموع لاذعة: نعم اغتصبني وهرب، وبعدها خطبني شخص اخر وانا وافقت عليه ظنا مني انه سيتفهمني لكنه ما ان شرحت له ما حدث تخلى عني...
ولماذا يتصل بك الان؟!
اجابته بصوتها المبحوح: لأنه يريدني من جديد، يقول انه نادم على ما فعل، نعم يجب ان يندم فأنا لم أخدعه بل كنت صريحة معه للغاية، كان من الممكن أن أكذب عليه وأفعل اي شيء لكنني لم أقبل على نفسي شيء كهذا...
صمت كاظم ولم يعرف ماذا يجب أن يقول، لقد ظلمها منذ البداية، اتهمها اتهامات باطلة دون ان يراعيها او يفكر في سماعها...
شعر بمدى خطأه وجرحه لها فقال معتذرا: انا أسف، أسف لأنني لم أسمعك...
نظرت اليه بصمت وقالت: ليس مهما، لم يعد مهما..
ثم تحركت مبتعدة عنه متجهة الى غرفتها حيث ستبكي هنا كما تريد...
تقدمت ميرا من والديها الجالسين على طاولة الطعام يتناولان افطاريهما، ألقت تحية الصباح وجلست على الطاولة ليهتف والدها بها: ميرا، لقد اتصل بي حازم ويريد معرفة جوابك على طلبه الزواج منك...
نظرت ميرا الى والدتها ثم قالت اخيرا: اخبره اني موافقة...
ابتسمت الام براحة بينما نهض الاب واقترب منها، رفع وجهها نحوه وسألها: هل أنت واثقة من جوابك؟!
اومأت برأسها وقالت بتأكيد: نعم متأكدة...
طبع الاب قبلة على جبينها ثم قال: مبارك لك حبيبتي، سأذهب الى العمل الان، أراكم مساءا...
ما ان خرج الاب من المكان حتى قالت الام بفرح: مبروك حبيبتي، حازم رجل جيد ويستحقك...
ابتسمت ميرا لها وقالت: شكرا..
ثم نهضت من مكانها وقالت: سأذهب الى بيت عمي، البنات يريدونني هناك..
ثم ذهبت الى بيت عمها لتتفاجئ بمازن يخرج من عندهم...
ابتسم لها وقال: كيف حالك؟! لم ارك منذ وقت طويل...
اجابته بتوتر: كنت مشغولة قليلا...
بالدراسة، أليس كذلك؟!
اومأت برأسها وقالت: ماذا عنك؟! كيف حالك انت.؟
اجابها بجدية: بخير...
شعر مازن بتغيرها فهي لم تكن تتحدث معه بحماس وحيوية كالسابق...
سألها: ميرا هل انت جيدة؟!
اجابته بسرعة: بالطبع، هل يوجد شيء ما؟!
كلا ولكن تبدين متغيرة قليلا...
تنهدت وقالت: جميعنا نتغير يا مازن، الزمن غيرنا تماما...
معك حق...
رحل مازن بعدها بينما اتجهت ميرا الى منزل عمها وهي تفكر بأنها يجب أن تنساه والى الابد...
تقدم أيهم من طاولة الطعام حيث يجلس الجميع ما عدا ادهم وفرح يتناولون طعامهم...
ألقى تحية الصباح وجلس معهم لتحدث والدته بضيق: لقد جاء الجميع الا ادهم وفرح...
ثم اكملت مشيرة الى زوجها: هل رأيت؟! لقد بدأت تسحبه مننا...
ماذا تقولين يا إمرأة؟! ابنك ليس بصغير لتسحبه مننا...
مطت اسما شفتيها بإستياء ثم التفتت نحو أيهم وقالت: حبيبي، ما رأيك أن تذهب معي الى النادي اليوم...
وما المناسبة؟!
سألها بحيرة لترد: هكذا، اريد ان اتحدث معك قليلا...
نظر أنس وأسامة الى بعضيهما ثم ابتسما بصمت بينما قال أيهم بإقتضاب: لدي مشوار مهم، اذهبي مع أنس واسامة اذا اردت...
ثم نهض من مكانه واتجه خارج المكان...
زفرت اسما انفاسها بضيق وهي تفكر ان ايهم ما زال يعاملها بشكل سيء منذ ما حدث بالرغم من مرور اكثر من شهر..
اما ايهم فقاد سيارته سيارته متجها الى الجامعة، وصل الى هناك واتجه الى مكتبه ليلملم ما تبقى من اغراضه...
فالاجازة قد بدأت...
انتهى من جمع اغراضه وخرج من المكتب ليتفاجئ بها امامه تنظر اليه بنظرات خجولة...
هم بالتحرك بعيدا عنها لكنها أوقفته: ايهم، توقف من فضلك...
ماذا تريدين؟!
سألها لترد: اريد الحديث معك...
لكنه رد عليها بإقتضاب: لا يوجد حديث بيننا يا دارين، وانت تعلمين هذا جيدا...
ولكن ايهم...
قاطعها بضيق: لا انطقي اسمي على لسانك، هل فهمت؟!
ثم اكمل: لا اريد رؤيتك مرة اخرى يا دارين، ابدا...
لماذا تفعل بي هذا؟! لماذا تعاملني بهذا الشكل؟!
ابتسم ساخرا وقال: انا رجل شرير، هكذا انا، لا اغفر الكذب ولا اقبل به...
لو اخبرتك الحقيقة منذ اول يوم، هل كنت ستتقبلني؟!
صمت ولم يرد لتبتسم بمرارة وتقول: انت بكل الاحوال لن تتقبلني يا ايهم، يبدو انه معك حق، انا وانت لن ننفع سويا، ابدا...
قالتها وتحركت بعيدا عنها ليتابع اثرها حتى اختفت تماما من أنظاره...
في مكتبها جلست ليلى امام شاهين يتحدثان في أمور العمل...
هل نتوقف قليلا؟!
قالتها ليلى وهي تشعر بالإرهاق الشديد حيث هما يعملان سويا منذ الصباح الباكر...
حسنا لنتوقف...
قالها شاهين ثم نهض من مكانه واعد لهما القهوة...
اخذت ليلى القهوة منه وشكرته ثم بدأت تتناولها وهي شاردة بينما اخذ شاهين يتابعها بصمت...
تنحنح شاهين قائلا فجأة: اذا كنت مرهقة بإمكانك الذهاب الى المنزل...
رمقته بنظرات باردة وقالت: اطمئن انا بخير ولا انوي أن اترك العمل ابدا...
لماذا تتصرفين وكأننا بتحدي.؟!
ألسنا كذلك؟!
ما رأيك ان نعقد اتفاقية صلح؟!
تطلعت اليه ليلى بشك ليكمل: في الحقيقة نحن نعمل سويا ومن السيء ان نتعامل مع بعضنا بهذا الشكل...
زفرت انفاسها بضيق وقالت بعدم اقتناع: معك حق...
ابتسم لها وقال: اذا دعينا نطوي الماضي ونبدأ صفحة جديدة...
ابتسمت بتوتر وقالت: موافقة...