رواية عروسي الصغيرة للكاتبة سارة علي الفصل الحادي عشر
مرت ثلاثة ايام وشمس في منزلها ترفض الخروج او رؤية اي احد..
ما فعلته لم يكن سهلاعليها اطلاقا...
لكنها اضطرت لفعله...
اضطرت ان تثأر لكرامتها...
وتاخذ حقها منه كاملا...
اغمضت عيناها تتذكر تلك الليلة...
تتذكرها بكل شغفها...
تلك الليلة ستظل محفورة في ذاكرتها الى الابد...
لن تنساها طالما حييت...
رن هاتفها فحملته لتجد اياد يتصل بها...
زفرت انفاسها بضيق ثم اجابت على الهاتف:
اهلا اياد...ماذا تريد...؟!
اجابها اياد بتعجب من نبرتها المتضايقة:
ما بك شمس...؟! تبدين انك لست بخير..
بالكاد سيطرت على دموعها وهي تجيبه:
انا بخير... فقط اشعر بقليل من التعب...
شمس لا تكذبي علي... صوتك يقول انك لست بخير...
ردت بضيق:
لا تلح علي يا اياد...اخبرتك بأني بخيرر...
حسنا... لا تتضايقي...انا فقط اردت الاطمئنان عليك...
صمت لوهلة قبل ان يكمل:
لقد اتصل بي السيد رياض... يريد منا ان نذهب اليه لنتحدث بأمر الصفقة...
ألم نتحدث مسبقا واتفقنا وقتها على كل شيء...؟!
نعم ولكنه يقول ان هناك اشياء اخرى يجب ان نتحدث بها...
تنهدت بصوت مسموع وقالت:
حسنا... سوف اجهز نفسي ونذهب الي...بعد سكون سأكون عندك...
اغلقت الهاتف دون ان تنتظر اارد ونهضت من مكانها متجهة الى خزانة ملابسها لاختيار ملابس عملية مناسبة فاختارت بدلة عملية مناسبة لهذه الزيارة مع حذاء بكعب عالي..
استيقظ رائد من نومه على صوت رنين هاتفه..
نهض بسرعة من وضعيته الممددة ما ان رأى اسم المتصل...
ضغط على زر الاجابة وقال:
اهلا سيد رياض...
جاءه رد رياض:
اهلا بك يا رائد... اين كنت يا رجل...؟! ثلاثة ايام لم تأت الى الشركة...
اجابه رائد باعتذار:
اسف حقا...ولكنني اخذت اجازة من سكرتيرتك لاني كنت مريض جدا..
اعلم هذا...كيف حالك...؟! هل اصبحت افضل الان...؟!
افضل بكثير...
قالها رائد وهو ينهض من مكانه ليأتيه صوت رياض قائلا:
ما رأيك ان تأتي الى الشركة الان...بعد قليل ستأتي السيدة شمس ونتناقش بشأن بعض الامور التي تخص الصفقة...
لم يعرف رائد بماذا يجيب وكيف يتصرف... هو بين خيارين لا ثالث لهما...اما ان يقوي نفسه ويرى شمس ويثبت لها انها لم تعد تعني شيئا له وانه غير مهتم لما حدث... او لا يذهب الى الشركة ويثبت لها كم ضعفه وقلة حيلته... لم يكن يعرف ماذا يجب ان يفعل...
رائد..أين ذهبت...؟!
افاق رائد من شروده على صوت رياض ليقول معتذرا:
انا هنا...اعتذر شردت قليلا...
ثم اكمل وقد حسم امره واتخذ قراره:
سوف اكون في الشركة خلال نصف ساعةة...
جيد...وانا في انتظارك...
اغلق رائد الهاتف واتجه الى الحمام ليأخذ دوش سريع فهو سيذهب الى الشركة ويقابل شمس وليحدث ما يحدث...
كان رائد يقود سيارته متجها الى الشركة حينما شرد بما حدث بينه وبين شمس..
الى الان هو غير قلدر على استيعاب ما حدث...
لا يصدق انها كانت تحاول الانتقام منه...
يعترف بانه ظلمها يوما وجرحها...
قسا عليها دون ان يدري...
ولكن ما فعلته هي كان صعبا للغاية...
ولا يمكن ان ينساه بسهولة...
عاد بذاكرته الى الخلف قليلا وتحديدا الى عدة سنوات مرت ليتذكر ما حدث في ذلك اليوم اللعين وكيف انتهى به المطاف وحيدا...
( كان في الشركة يمارس عمله حينما رن هاتفه باسم والدته تخبره بأن زوجته في المشفى ووضعهة سيء...
لم يفهم مالذي حدث ولم يرد ان يفهم فكل ما فكر به ان يذهب اليها ويراها...
ركض مسرعا خارج الشركة وركب سيارته...
قاد سيارته بجنون حتى وصل الى المشفى بسرعة قياسية...
وجد والدته هناك بجانبها اخته...
سألهم عن زوجته فاخبرته والدته انها في غرفة العمليات...
جلس على احد الكراسي الموجوده في المكان وهو يدعو ربه ان تخرج سالمه...
بعد دقائق نهض من مكانه واتجه نحو والدته مستفسرا منها عما حدث...
تلعثمت والدته في الاجابة الا انها قالت بالنهاية:
لقد فقدت توازنها ووقعت من فوق الدرج...
شعر رائد بوجود شيء غريب في حديث والدته لكنه قرر الانتظار حتى تخرج زوجته من غرفة العمليات...
بعد حوالي نصف ساعة خرج الطبيب ومعالم وجهه لا تبشر بالخير ابدا...
اقترب رائد منه بسرعة وسأله بلهفة وقلق شديدين عن حال زوجته ليأتيه الرد الصادم..
نهى فقدت جنينها الذي لم يكتمل نموه بعد النزيف الشديد الذي دفع الاطباء لاجهاضه...
جن جنون رائد بما سمعه بينما اخذت والدته تواسيه هي واخته...
حينما استيقظت نهى وعلمت بما حدث جن جنونها هي الاخرى واخذت تبكي وتصرخ وتدفعه بقوة...
حاول رائد تهدئتهافضمها اليه بقوة وهو يقول:
اهدئي حبيبتي...اهدئي ارجوك...
الا انها دفعته بقوة وهي تقول بانهيار:
انت السبب... لقد مات ابني بسببك... قتلت ابني... تلك الحقيرة قتلته وانت لم تفعل بها شيئا..
ماذا تقولين يا نهى...؟! من تقصدين..؟!
اجابته من بين دموعها ولهاثها:
شمس...وهل يوجد غيرها...؟!
نهى لا تهذي...ما علاقة شمس بما حدث...؟!
وتدافع عنها ايضا...هي من دفعتني من فوق الدرج...ارادت ان تتخلص مني ومن ابني...
جحظت عينا رائد بصدمة مما سمعه... لا يصدق ان شمس قد تفعل هذا بنهى... نهض من مكانه وخرج متجها الى والدته واخته قائلا لهما:
هل شمس هي من دفعت نهى من فوق الدرج...؟! اجيبوني...
تحدثت اخته بنبرة مترددة:
هي لم تقصد يا اخي...بالتأكيد لم تكن تقصد...
اعتصر رائد قبضة يده بقوة وتحرك بسرعة نحو المنزل وهو يتوعد لشمس بالكثير...)
افاق رائد من ذكرياته حينما وجد نفسه قد وصل الى مقر الشركة... هبط من السيارة واتجه الى الداخل وهو على اتم الاستعداد لرؤيتها مرة اخرى بعدما حدث...