رواية عروسي الصغيرة للكاتبة سارة علي الفصل الثالث عشر
افاقت شمس من ذكرياتها على صوت النادل وهو يتقدم منهما لاخذ طلباتهما...
اخبراه بما يريدان بينما عاد اياد مركزا بصره عليها متسائلا بجدية:
اذا...ألن تخبريني بسبب كل هذا الحزن والكأبة...؟!
لا استطيع...حقا لا استطيع...
بماذا تفكرين اذا...؟!
اجابته:
بيوم طلاقي من رائد...وكيف انتهى بي الوضع مطرودة من بيت عمي...؟!
عاد اياد هو الاخر بذاكرته الى الخلف وتذكر كيف جاءت شمس له منهارة باكية تخبره بأن رائد طردها من المنزل...
كانت وقتها سعادته لا توصف كونها لجئت اليه وزادت سعادته اضعافا حينما علم بأنه طلقها..
لم تمر ساعة حتى جاء عمها اليه يريدها ان تعود الى المنزل موعدا اياها بانه سيتصرف مع ابنه ويوقفه عند حده...
لكن شمس رفضت بقوة وبالرغم من محاولات عمها لاقناعها الا ان رفضها هذا لم يقل...
مر يومان اخران وشمس تعتكف غرفتها ترفض الخروج او رؤية عمها...
الا ان المفاجئة الكبرى كانت حينما جاء رائد بنفسه في اليوم الثالث وهو يريد رؤيتها...
وعلى غير ما توقع اياد وافقت شمس على مقابلته لتجده في وضع مزري للغاية...
وبالرغم من المها لاجله الا انها لم تظهر له ولو قليلا من هذا الالم...
اعتذر لها عما حدث وانه ظن بها سوء فهو قد علم الحقيقة كلها بعدما سمع نهى وهي تحكي لوالدتها في الهاتف ما فعلته بشمس بالصدفةالبحته...
اكتشف حينها حقيقة المرأة المتزوج بها...وحينها لم يتحمل ما سمعه فقرر تطليقها فورا خاصة بعدما كانت تتحدث مع والدتها عن ضيقها منه ومن تصرفاته الخانقة بالنسبة لها وعجزه عن توفير متطلباتها...
وبالرغم من اعتذاره من شمس ومحاولاته العديدة لاصلاح ما حدث بينهما الا انها رفضت وبقوة...
كانت شمس حينها قد تغيرت كثيرا وبدأت تتصرف بطريقة مختلفة عما اعتادت ان تفعله...
فقد تخلصت من برائتها وسذاجتها تلك وكان لرائد الفضل الكبير بهذا...
مرت الايام وعلاقة شمس باياد اصبحت قوية للغاية كما عادت شمس الى منزلها وقررت ان تسكن به...
وهكذا طورت شمس من نفسها واثبتت وجودها تدريجيا في مجال الاعمال والصفقات التجارية..
افاق اياد من شروده على صوت النادل وهو يضع اطباق الطعام امامهما ليبتسم لها قبل ان يقول:
تناولي طعامك فانت تبدين جائعة للغاية...
معك حق فانا لم اتناول طعامي منذ اكثر من يومين...
قالتها شمس وهي تتناول القليل من الحساء الموضوع امامها قبل ان تبدأ بتناول الطعام بشهية مفتوحة...
بعد مرور شهرين...
تطلعت الى وجهها الباهت في المرأة بقلق شديد...
لقد تقيأت كالعادة...
لقد بات القيء الصباحي عادة ملازمة لها بشكل يومي...
اغمضت عيناها وبدأت تأخذ نفسا عميقا وتزفره ببطأ...
وضعت كف يدها على صدرها تحاول الحفاظ على تنفسها...
خرجت من الحمام وهي تشعر بالم غريب في جسدها...
قررت الذهاب الى الطبيب فربما تكون مصابة بانفلاونزا او ما شابه...
وبالفعل كانت لدى الطبيب بعد حوالي ساعة والذي بدأ يفحصها...
انتهى الطبيب من فحصها لتنهض شمس من مكانها وتتجه نحوه تسأله بقلق:
ماذا هناك دكتور...؟! اخبرني...
تحدث الطبيب بنبرة هادئة وابتسامة مريحة:
لا يوجظ شيء يستدعي القلق يا شمس...مبروك انت حامل...
تجمدت الكلمات على شفتيها ولم تستوعب ما سمعته...
حاولت التحدث او نطق اي شيء لكنها لم تستطع فعل شيء سوى ان تخفض رأسها ارضا...
وكأنها خجلة من ان تضع عيناها في وجه الطبيب...
خرجت وهي تكاد لا ترى امامها... تفكر في وضعها وما وصلت اليه...
ظلت يومان تلتزم فراشها ترفض ان تقابل احد او تتحدث مع اي شخص...
حتى اياد تجاهلت اتصالاته وتجاهلته كليا...
بعد مرور يومين اخرين نهضت من مكانها وقدعقدت العزم على رؤيته... هو والد الطفل وشريكها بما حدث ويجب ان يعلم بكل شيء...
غيرت ملابسها بسرعةوخرجت من المنزى متجهة الى الشركة التي يعمل بها...
دلفت الى داخل الشركة واتجهت الى مكتبه الذي زارته مسبقا...
لكنها لم تجد احد به...
سألت السكرتيرة عنه لتخبرها بأنه مسافر في رحلة عمل ولن يعود الى نهاية الأسبوع القادم...
لتعود خائبة الى منزلها وهي تفكر بأن عليها الانتظار لاسبوع اخر حتى يعود رائد وتخبره بكل شيء...
اوقف اياد سيارته امام منزل شمس...
هبط من السيارة ورن الجرس لتفتح الخادمة الباب له وتخبره بان شمس جالسة في صالة الجلوس...
تقدم اياد نحوها وهو يقول:
هل جننت يا شمس لتختفي بهذه الطريقة..؟!
مطت شمس شفتيها ثم قالت باستياء:
هذا افضل حل لمن هم في مثل حالتي..
حالتك...!! ما بها حالتك...؟!
رمته بنظرات مترددة قبل ان تقول بجدية:
اياد انا بحاجة لك...
ماذا حدث يا شمس...؟! اخبريني...
تسائل اياد بقلق من نظراتها الخائفة وترددها الواضح ليسمعها تسأله بنبرة جادة:
اياد...هل تتزوجني...؟!
اتعست عينا اياد بدهشة لما يسمعه... لحظات قليلة واخذ يقهقه عاليا بشكل اغاظ شمس التي وقفت وهمت بالرحيل:
انا مخطئة لاني تحدثت معك وطلبت منك هذا..
تعالي اجلسي هنا واشرحي لي سبب طلبك العجيب هذا...
قالها اياد وهو يمسك بكف يدها لتجلس على مضغ وتقول بتعب وقلة حيلةة:
اياد انا في مصيبة ولا اعرف كيف اتصرف...
انتقل القلق الى اياد الذي سألها:
احكي لي بسرعة ماذا حدث...؟!
رمته بنظراتها الخائفة قبل ان تقول بخفوت:
انا حامل...
ماذا...؟!
صرخ بها اياد بعدم استيعاب لتهز شمس رأسها مؤكدة ما قالته...
كيف حدث هذا...؟!
هل سأشرح لك الان..؟! الحل الوحيد ان اتزوج وفي اسرع وقت...وألا سأفضح...
كفي عن طريقتك هذه... تتعاملين مع الامور وكأنك في مسلسل تركي او هندي...
ثم اردف بجدية:
وماذا عن رائد...؟! اخبريني... هل اخبرتيه بالامر...؟! هو والد الطفل ويجب ان يعرف بوجوده...
كيف عرفت...؟!
عرفت ماذا...؟!
بأن الطفل من رائد..
كاد اياد ان يشد شعره من غبائها ليقول بنفاذ صبر:
اجيبي على سؤالي...
هزت رأسها نفيا بينما حمل هو هاتفها الموضوع على الطاولة وقال:
اتصلي به حالا..
هزت رأسها نفيا بعناد فهدر بها بقوة:
قلت اتصلي به...
اخذت منه الهاتف على مضغ واتصلت برائد...
لحظات قليلة واغلقت الهاتف ليشحب وجهها كليا بينما تقول هي بعدم استيعاب:
رائد تزوج..تزوج بميسون...
ثم فقدت وعيها...