قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية عذرا لكبريائي للكاتبة أنستازيا الفصل التاسع والعشرون

رواية عذرا لكبريائي للكاتبة أنستازيا الفصل التاسع والعشرون

رواية عذرا لكبريائي للكاتبة أنستازيا الفصل التاسع والعشرون

عندما دخلت أنا وماكس المنزل أفزعتنا أصوات عالية قادمة من غرفة الجلوس وبدت لأشخاص يتشاجرون.
ولم يكن من الصعب تخمين ما يحدث! لأن الصوت الأعلى الغاضب كان لكلوديا، والأصوات الأخرى كانت لستيف وكذلك صوت آخر لم أعتد عليه أدركت أنه لرين.
ما الذي يحدث بحق الإله؟
اتجهنا فوراً إلى مصدر الصوت وقلبي قد انقبض بشدة وأنا أدعو أن لا تسوء الأحوال وينتهي هذا الشجار قبل أن يتفاقم.

وصلنا إلى غرفة الجلوس وهناك رأينا خادمتان تقفان تتهامسان وتبدوان مرتابتان وعندما انتبهتا للسيد ماكس أسرعتا تغادران المكان، فتح ماكس الباب وحينها اتضحت الأصوات ومعالمها جيداً.

تبعته بقلق، وكل ما رأيته هو مشهد لمعركة على وشك ان تتحول إلى مجزرة دامية! انا لا أبالغ فالسيدة كلوديا كانت منفعلة وهي تصرخ بغضب على رين، ستيف يحيل بينهما وكذلك جوش وجوزيف في حين كانت أوليفيا وشقيقتها تقفان على بعد مسافة كافية تحدقان إلى الموقف بإستياء وريبة.

تقدم ماكس فوراً، لتزمجر كلوديا محدقة إلى رين بحنق: كفاك يا رين لأنني على وشك ان أفقد عقلي تماماً، حاولت تجاهلك قدر المستطاع ولكن طفح الكيل! أخبرني لماذا أنتم هنا هاه؟
بدى جوش محرجا جداً وهو يدفع كتفيها برفق وقال: كلوديا هذا يكفي إنهم ضيوفنا. لا يجب أن تقوليها بهذه الطريقة!

ابتسم رين بسخرية شديدة وابتعد ليجلس على الأريكة واضعا قدما على الأخرى متمتما بتثاقل: العمة كلوديا تبدو منهارة بالفعل. لا ضرر ولا مانع لدي في تقبل انفعالها هذا بصدر رحب لذا لا داع للقلق.
أردف بملل: يكون الموضوع حساس جداً عندما نقحم اسم ابن خالتي في حديثنا اليس كذلك؟
تدخل ماكس مهدئا: ما الذي يحدث هنا؟

تنهد ستيف ليجيبه وهو لا يزال حذرا ويحيل بينهما: إنه يستمتع برؤية أمي غاضبة، خالي أخبره أن يلزم حدوده. منذ ان خطت قدمه إلى المنزل وهو لا يكف عن استفزازها حتى انفجرت الآن.
نظرتُ لرين الذي كان يبتسم بهدوء وهو ينظر لستيف بإستهزاء قبل أن ينفي برأسه بلا حيلة ساخراً: يمكنك توجيه حديثك إلي، أنا أجلس هنا كما ترى.
رمقه ستيف بطرف عينه وقد ابتسم بملل: أشكرك على تنبيهي. لم تكن مرئيا بطريقة ما.

تقدم ماكس ووقف بجانب ستيف ليقول بهدوء: حسناً هذا يكفي، كلوديا يمكنكِ تجاوز بضعة أقاويل اليس كذلك؟ رين علينا أن نتفق على السعي لمحاولة تقبل بعضنا البعض ولو كان الأمر صعباً لنتجنب المزيد من الخلافات.
ارتفع حاجبا رين بإستغراب ووقف ينظر إلى ماكس بحيرة شديدة متسائلا: هذا غريب سيد ماكس، لم تكن هذه نصيحتك قبل بضعة سنوات!
زم ماكس شفتيه بينما زمجر ستيف بحدة: قف هنا أيها الأحمق! لا تتمادى مع خالي ماكس.

ولكن رين قال رافعا يديه بإستنكار: على رسلك! فخالك لم يتفوه بهذه النصيحة اللطيفة او يوجهها نحو ابنه المدلل، اليس كذلك؟
لا يجب ان يتجاوز حدوده معه! يكفي انه مريض وعليه ان يبتعد كل البعد عن المشاكل العائلية ويسترخي. ثم لماذا يبدو متفرغا إلى درجة استلام كل شخص منهم ليحرق اعصابه!
ظننت أن خلافه مع كريس فقط! على أي حال ما طبيعة هذا الخلاف وما سببه؟ متى ولماذا! ومن منهما المخطئ في حق الآخر؟

يفاجئني كثيراً زواجك من ابن خالتي فجأة!
قالها لينتشلني من أفكاري لأنظر إليه باستغراب ومع ذلك أسرعت أبتسم بهدوء: آه، حدث كل شيء فجأة بالفعل و.
هل أغراك بالنقود؟
ذُهلت لسؤاله نافية ومتمالكة نفسي لأجل السيد ماكس وحسب، ولو لم يكن معنا لكنت هجمت على هذا الوقح وجعلت من وجهه لوحة فنية!
لا أدري من أين لي بقدرة التحمل وأنا أبتسم له أسايره: لم نتزوج لأجل أسباب مادية وما شابه، نحن متفقان على أمور كثيرة خاصة.

استقام معتدلاً واتجه نحوي بخطى واثقة، نظرت إليه نظرة سريعة قبل ان اختلس أخرى إلى ستيف وماكس ثم أعاود النظر إليه بهدوء، وقف أمامي مباشرة ووضع يديه في جيبه متمتماً وعينيه تجوبان على باستعلاء أوشك على دفعي لقتله: أشك في مصداقيتك، لا أتذكر أنه كان ينوي الزواج على أي حال، إن لم يكن لأجل النقود فما دافعك؟ ما الجيد بشأنه أصلاً! إن لم يكن هناك نقطة إيجابيه ألا يعني هذا انه لديك أسباب تدفعك للزواج به؟ أرجوكِ لا تقولي لأجل مظهره مثلاً! منصبه؟ إنني أنصت.

ما الفائدة التي ستجنيها بعد معرفتك لدافعي؟
لا فائدة محددة.
عندما تدركها سأنصت إلى سؤالك مجدداً.
ارتفع حاجبه الأيسر وبدى وكأن ردي لم يعجبه ومع ذلك ابتسم بهدوء وهمس: سنرى إلى أي مدى تختلفين عن اللاهثات خلف المال.
بادلته الإبتسامة بثقة وتكتفت ببرود: إن كانت معرفتك بالنساء مقتصرة على هؤلاء اللاهثات فهذا خطؤك وحدك وليس بيدي حيلة.
ظهر وميض استنكار ودهشة في عينيه للحظة قبل ان يزفر بتهكم: تملكين رداً لكل شيء؟

هذا يعتمد على ضرورة التجاوب.
لم يكن سؤالي يتطلب إجابة منكِ. كان مجرد تساؤل لا حاجة للإجابة عليه كما تعلمين، ولكن من الواضح ان لسانك الثرثار يعجز عن كبح نفسه.
لم أرى شخص يثرثر في المكان سواك، انتقلت من كلوديا وستيف ثم إلى أنا، هل تشعر بالراحة الآن؟ أرجو ان يكون هذا قد عاد بالنفع على أعصابك.
تلعبين دور الفتاة التي تجيد قلب الطاولة؟

متى نضطر لقلب الطاولة؟ آه. عندما يكون الوضع مزريا ونحتاج لأن يخرس الطرف الآخر.
لمعتا عينيه الزرقاوان بالغضب فجأة وأدركت أنني نجحت في شد أحد الأوتار التي حاول الحفاظ عليها جاهداً، وحينها شعر الشيطان بداخلي بالنصر وقلت بملل: ستيف، كلوديا، نحن بحاجة إلى احتساء القهوة، أراهن على ان ثلاثتنا نعاني من صداع حاد لسبب ما. لنذهب إلى الغرفة الأخرى.

ابتسم ستيف بخبث: أشكرك على قراءة أفكاري يا شارلوت، أنتِ محقة. أمي لنخرج ونرخي أعصابنا قليلاً.
تقدمني ستيف ممسكا بيد كلوديا التي تنظر لرين بإنزعاج شديد، والذي كان لا يزال يحدق إلى بغضبه ذاك.
استدرت لأتبعهما ولكنني توقفت لأقول اتظاهر بالأسى: بالمناسبة يا رين، نحن مشغولون جميعنا بشأن كريس وبضعة أمور مهمة، ربما سنحاول الإلتفات إليك في وقت مناسب ونرفه عن رغبتك في اختلاق شجار من العدم.

ضاقت عينيه كثيراً وبدى مستعداً ليقول شيئا لولا انني اسرعت اتبع ستيف وكلوديا.
يا الهي إنه يذكرني بكريس بطريقة ما عندما تغير اسلوبه من ذلك المرح إلى المستفز إلى ينجح في حرق أعصابي واحدة تلو الأخرى! لا عجب أنهما يتشاركان دماء واحدة!

جلست مع ستيف وكلوديا في مكان واحد، في غرفة الجلوس العلوية تحديداً، هناك احتسينا شراباً ساخنا وكل منا يشرب شيئا مختلفاً، فكلوديا تشرب القهوة في حين ستيف يحتسي الشاي بالنعناع الطازج بل وأصر على الخادمة ان يكون النعناع قد تم قطفه بلطف ويوضع فوراً في علبة بلاستيكية للإحتفاظ برائحته! بصراحة لا أدري ما هذه الأفكار الغريبة في رأس ستيف. إنه يجلس مقابلي في وضعية الإسترخاء ويستنشق كوب الشاي مبتسماً. ولو كانت الرائحة تنفد من كثرة الإستنشاق لحدث هذا!

نفيت برأسي بلا حيلة ارتشف من كوب الحليب بالشوكولا، وقلت بهدوء: كلوديا، لا أقصد التطفل أو التدخل ولكن. هل مشكلة رين مع كريس فقط؟
نظرت إلى وقد وضعت الكوب على الصحن الصغير مجيبة: مشكلته مع كريس، ولكن يبدو انه يشعر بالملل وقرر ان يفرغ طاقته بإزعاجي، مشكلتي مع فيكتوريا وشخص آخر.

استنكرت جملتها الأخيرة وأردت السؤال للتعمق أكثر، ولكن التقطيبة الصغيرة التي برزت بين حاجبيها جعلتني أدرك أنه ليس الوقت المناسب فهي تبدو منزعجة لذكر الأمر.
نظر ستيف نحوها بطرف عينه ولم يعلق، بل حدق إلى شاشة التلفاز المعلقة على الحائط ورفع كلتا قدميه على الطاولة، تعالى رنين هاتف في المكان ولم يكن سوى هاتفه.
اخرجه من جيبه ونظر إلى الشاشة ليتمتم بإستغراب: تيا. ما الذي تريده هذه العجوز الآن.

علقت كلوديا: أجبها بسرعة ماذا تنتظر.!
أومأ وأجابها: مرح.
ولكنه توقف فوراً وخمنت أنها قاطعته، رفع حاجبه الأيسر منصتا إليها ثم نظر إلى والدته وتنهد: إنها بجانبي، أبي مع خالي ماكس وجوزيف في الأسفل، لماذا؟
لحظات يستمع إليها حتى قال: آه. لا بأس، نعم كل شيء على ما يرام لا داعي للقلق. ثم لماذا تتحدثين هكذا؟
ارتفع حاجباي ووجهت إهتمامي إليه ليستأنف بعد ثواني: هكذا إذاً.

عندما أغلق الهاتف نظر إلى والدته وقال: كانت تتساءل إن كان كل شيء على ما يرام.
نظرت إلى الكوب بين يدي قبل ان اسأله بإستغراب: لماذا تتحدثين هكذا أعتقد انك قلت ذلك!
أومأ محتاراً وهو ينظر للسقف لوهلة: بدى صوتها مبحوحا بعض الشيء، قالت انه مجرد رشح بسيط.
آه فهمت.
وجه نظره إلى كلوديا وقال: أمي. سأخرج لبضعة ساعات. أشعر بأنني في حاجة ماسة لإستنشاق الهواء في الخارج.

لوى شفته مردفا بإمتعاض: مجيئهم يجعل سريان الدم في مجراه في جسدي أكثر صعوبة، تكاد دمائي تتجلط أنا لا أبالغ.
رمقته كلوديا بهدوء: سأذهب إلى غرفتي أنا أيضا لم أعد أحتمل سماع صوت أحدهم.
في هذه اللحظة طُرق الباب، ثم فُتح ببطء شديد لمحتُ خصل شعر شقراء فأيقنت أنها أوليفيا، اطلت برأسها أكثر لتنظر إلينا والتردد قد تربع على ملامحها بوضوح.

كدتُ أبتسم ولكن ابتسامتي تلك تاهت عندما زمجرت كلوديا بغيض شديد وصوت أجش: ما الذي تفعلينه هنا! الا يكفي انني أحاول البقاء على قيد الإنسانية وامنع نفسي جاهدة من ارتكاب جريمة في حق شقيقك؟!
أجفلت أوليفيا لتلك النبرة وأسرعت تقول بنبرة مرتبكة: أنا أعلم أنه يتعمد إزعاجكم ولكن يج.

قاطعتها بحزم: يبدو أنكِ انتشلتِ نفسكِ من الموضوع تماماً! لن أكون مراوغة بل أستطيع قولها الآن وبكل صراحة. رين بالنسبة لي قد يبدو أفضل منكِ ومن والدتك بمراحل بعيدة.
اتسعت عينيها الزرقاء للحظة فبللت شفتاي بتوتر شديد أراقبهما بقلق! كلمات كلوديا جارحة جدا لماذا تتمادى إلى هذا الحد؟!
زفر ستيف بملل وهو يقف واتجه إلى الباب وعندما وقف أمامها قال بلا اكتراث: اغربي عن وجهي.

اتسعت عيناي بدهشة لفظاظته في حين تنحت هي جانبا تطرق برأسها واخذ الإستياء مجراه، حتى كلوديا قد وقفت بخطى سريعة وخرجت دون كلمة.!
لن أتدخل او اتطفل على خصوصيات عائلتهم ولكن.
هل كان من الضروري التصرف معها هكذا! هذه. قسوة، بصراحة أشعر بالأسى!
ولهذا وقفت متداركة الأمر بينما لا تزال تقف إلى جانب الباب وتتابعهما بعينيها بصمت.
رسمت ابتسامة هادئة واقتربت متسائلة: هل نجلس معاً؟

نظرت إلى بحيرة وأسرعت تنفي بتوتر: لا بأس، اعلم أنكِ تقولين هذا بغرض مواساتي.
ارتفع حاجباي: تظنين هذا؟
حسناً. هذا واضح!
لن أكذب وأقول بأنني لم أشعر بالأسى، كلوديا لطيفة جداً ولكنها تبدو عصبية بطريقة ما، ستيف كذلك.
أضفت ملطفة الجو: ماذا عن الجلوس مع جيمي وبريتني؟
ثم استوعبت الأمر متذكرة أن جيمي ليس هنا، بل ذهب إلى منزل شارلي!

ابتسمتْ وقالت بنبرة لطيفة: لم أرى جيمي حتى الآن، آخر مرة رأيته فيها كان لا يزال رضيعاً. أتوق لرؤيته.
أيدتها بحماس: إنه كتلة لطافة متحركة يا أوليفيا.
اكملت متنهدة دون شعور: ناهيكِ عن الشبه الكبير بينه وبين كريس.
طرفت بعينها ببطء قبل أن تقول ضاحكة بخفوت: لقد كان نسخة صغيرة منه بينما لا يزال رضيعا فلابد وأنه الآن سيبدو كالانعكاس المماثل في المرآة، بالمناسبة، كيف تزوجتما؟

ها نحن ذا. إنه السؤال الأكثر جدلاً بالنسبة للجميع، مَن مِمَن حولي لم يقم بسؤالي بهذا الشأن؟!
سأضطر لاحقا لإحضار قميص لأطبع عليه السبب واريح رأسي تماما من هذا الأمر الذي أضطر للكذب بسببه كثيراً.
في النهاية أجبتها اتظاهر بالخجل: حسناً. بدأ الأمر فجأة، عرض على الزواج بعد فترة قد مضت على معرفتنا السطحية او هكذا ظننتها أنا، في النهاية لم أمانع بالطبع.

ارتخت ملامحها لتتساءل بهدوء يجوبه استغراب: عرض عليكِ الزواج بنفسه! ولماذا لم تمانعي، هل تحبينه؟
عقدت حاجباي مستنكرة لثواني قبل ان أتملص من سؤالها مغيرة الموضوع: أين بريتني؟
نظرت إلى الخلف نحو الممر قبل أن تتنهد: لم تصدق سماع وجود طفل مقارب لسنها وهي تبحث عنه في الأرجاء.
ضحكتُ نافية: يا الهي! لا أطيق صبراً للجلوس معها. لنجلس في الأسفل، ما رأيك؟

لم تعترض وبالفعل جلسنا في إحدى الغرف في الأسفل وعلمت ان رين قد خرج من المنزل وسمعتُ الخادمات يتهامسن حول مغادرته غاضباً.!
هل يعقل أنني قمت باستفزازه إلى تلك الدرجة؟
كلوديا في غرفتها وترفض الخروج، جوش وماكس وجوزيف معاً في الحديقة.

وها انا ذا أجلس مع أوليفيا، وكذلك بريتني استمتع بمراقبة ردود افعالها، عانقت الوسادة الصغيرة قبل ان أسألها بإهتمام ومرح: حقاً؟ وما الذي تحبين فعله في الحضانة؟ ما الأنشطة التي تفضلينها؟
طرفت بعينها التي مزجت بين الأخضر والأزرق مفكرة هامسة بنبرتها الناعمة تشبك يديها مرارا وتكرارا: انهم يسمحون لنا بإعداد الحلويات ومساعدتهم. أخبرني رين أنني سأكون طاهية موهوبة.

اتسعت ابتسامتي: الطهي إذاً، سأكون في المستقبل في انتظارك اترقب رؤيتك على شاشة التلفاز كأفضل طاهية!
ارتفع حاجبيها قبل ان يبدو الحماس عليها: سأكون على شاشة التلفاز!
أومأتُ مشجعة امرر يدي في شعرها القصير فأضافت بسعادة تمسك بيدي اليمنى بكلتا يديها: سأكون مشهورة.
ضحكتُ بخفوت: نعم، وسيكون جيمي أيضا مشهور إما بالرسم والتمثيل، أو في موهبة أو أخرى.

كانت أوليفيا تنصت إلينا مبتسمة حتى تساءلت بريتني بحيرة: متى سيكون هنا؟
نظرت للسقف بحيرة قبل ان أتنهد: لا أدري، هو يقضي وقتا ممتعاً مع شارلي بلا شك ولكن سيكون هنا قريبا بكل تأكيد.
بعدها بلحظات عاد جيمي بالفعل ولا يسعني وصف سعادة بريتني وهي ترى شخص قريب من سنها! بل وأن جيمي ظل متوتراً خجلاً وهذا ما دفعنا للضحك نستمتع برؤيته مُحرجاً.

كانا يجلسنا معاً ويلعبان في غرفة جيمي، أنا وأوليفيا نجلس على السرير ننظر إليهما ونتحدث وقد اندمجت لأسألها أميل برأسي: هكذا إذا، وهل يكون تصميم الأزياء بهذه الصعوبة!
لوت شفتيها مفكرة قبل ان تتنهد: لا يمكنني أن أشير إلى صعوبته أو سهولته، المشكلة تكمن معي أنا. فمزاجي المتقلب يتحكم في موهبتي بطريقة ما.
فهمت! لا بد وأن الأمر يتعقد أحيانا.
إنه كذلك بالفعل.

ثم نظرت للأرض لثواني قبل ان تسترسل مبتسمة بلطف: أتعلمين. كريس لا يزال يجهل موهبته حتى الآن، أتساءل إن كان قد وجد ما يجيد فعله أو يستمتع به!
تكتفت مفكرة: ظننت أن جيمي سيرث موهبة الرسم والتقليد او التمثيل منه ولكن هذا غير صحيح، أنا أيضا اتساءل ما هي موهبته.
لقد كنا كثيراً ما نقضي وقتنا في زراعة الأزهار في الحديقة الخلفية.

استغربت قليلا وقد ارتخت ملامحي، كريس وأوليفيا. كانا يقضيان وقتهما بالزراعة؟ هل هذا هو اهتمامه؟ ثم ما عمق علاقته بها؟
فتحت فاهي الذي سيطر عليه الفضول ولكنني توقفت عندما فُتح الباب لتطل الخادمة وتخبرنا أنه قد حان موعد الغداء فخرجنا واتجهنا إلى غرفة الطعام.
هناك كان ماكس يجلس على رأس الطاولة وكلوديا بجانبه، ستيف لم يعد بعد ولا حتى رين.

جوزيف و بريتني بجانب بعضهما وكذلك جيمي الذي يبدو انه تعلق بها ليجلس على الكرسي المجاور ولم يكفا عن الحديث متناسيان أمر الغداء مما جعلني اتظاهر بالحزم لأطلب منهما تناول الطعام. أعترف أن الوضع صعب عندما لا تتواجد السيدة أولين هنا لتدبير الأمور!
في منتصف الحديث المتبادل بيننا أثناء تناول الغداء ظلت كلوديا تلقي بتعليقات جارحة على أوليفيا التي التزمت الصمت تماما وواصلت التحديق إلى طبقها.

مما جعلني أشعر بالضغط والتوتر الشديد، ولا سيما ماكس الذي كان يحاول مرارا وتكرارا وقف الأمر.!
أتساءل إن كان الحال سيستمر هكذا! كم يوما سيمكثون هنا يا تُرى؟
هذا ما كنتُ أتساءل عنه عندما سمعت رنين هاتف جوش، اجاب وسمعته يذكر اسم تيا وعندما انهى الإتصال اوضح لماكس أنها قد لا تكون قادرة على الذهاب إلى العمل في الغد.
يبدو ان تيا تعاني من الرشح! أتكون بحاجة إلى شخص ما بجانبها؟

شخص يعد لها حساء ساخن يدفئ معدتها مثلاً، أو يلقي عليها نظرة إطمئنان.
تنهدت بأسى ولكنني سرعان ما شهقت بدهشة وقد افزعت كل من حولي! لمعت فكرة في رأسي ومع ذلك تداركت الأمر وانا استوعب نظراتهم الموجهة نحوي فأسرعت أبتسم وانفي برأسي لهم ب لا شيء .
الفكرة التي راودتني! جعلتني ابتسم بخبث دون شعور.
بل ووقف لاعتذر منهم واخرج من غرفة الطعام متظاهرة بالذهاب إلى دورة المياه.

صعدت إلى الغرفة باحثة عن هاتفي على عجالة.
أين وضعته!
لفت انتباهي صوت إشعار ما فظننته هاتفي ولكنني أدركت انه هاتف كريس الذي لا يزال هنا بعد ان تم إحضاره من منزله على الشاطئ.
تجاهلت امر هاتفه وواصلت البحث عن هاتفي حتى وجدته أسفل وسادة الأريكة.
جلست عليها والإبتسامة الماكرة لا تفارقني.

قد يكون ما أفكر فيه تهوراً أو تطفلاً. ولكنني لا أستطيع الوقوف مكتوفة الأيدي وانا أرى تيا تتألم لانتهاء علاقتها بأخي الوغد.
لذا على أن أحاول اللجوء لحيلة ما، إن نجحت فكان بها وإن فشلت فلا يوجد ما أخسره.
ولكن. لتنفيذ خطتي على التريث قليلا، سأتريث حلول المساء.

ولكن قبل ذلك على الإتصال بسام والتأكد منه بشأن أمر ما، وهذا ما فعلته فوراً إذ اتصلت على هاتفه وانتظرت حتى أتى صوته مشوشاً وبدى وكأنه في مكان مزدحم لكثرة تداخل الأصوات وسمعته يصرخ: مرحباً؟
دون شعور مني أجبت بنبرة عالية انا ايضا: اين انت بحق الإله!
إنني في المركز التجاري الجديد القريب من حيّنا.
ما كل هذا الصخب!

يوجد تخفيضات هنا، لو اشتقتِ إلى شخص أو أخر فسترينهم هنا في هذا الإزدحام بلا شك، حتى أؤلئك اللذين لم يعد لهم وجود في مدينتا.
ضحكتُ رغما عني: يا الهي. الهذه الدرجة! ماذا تكون؟ إمرأة تعتني بمنزلها وخرجت باحثة عن أقرب عرض للتخفيضات! حسنا فليكن، أريد ان أسالك بشأن إيثان، هل هو في المنزل؟
بدى وكأن سام ابعد الهاتف عنه قليلا وسمعته يصرخ بغضب: هذه لي أخذتها أولاً.

ثم صوت آخر يجادله وبعدها بلحظات عاد صوته: ماذا كنتِ تقولين! آه نعم. إنه في المنزل يجلس في غرفته كإمرأة وضعت مولودها قبل ساعات فقط.
كما توقعت. وهل كل شيء بخير؟
هو يبدو باردا بعض الشيء مع أمي وأبي. تشاجر معي في الأمس ولكنه قبل قليل طلب مني أن أجلب له أي شيء مفيد من المركز التجاري. هذا الشقيق المستغل القاسي.
ابتسمت بسخرية: انت طيب القلب بشكل لا يُصدق، أخبرني إذاً. هل سيخرج إلى مكان ما لاحقا؟

لماذا كل هذا الإستجواب!
استرسل بملل وبدى صوت الصخب أقل: ثم ليس وكأنني وافقت على تعييني جاسوساً!
هيا يا سام رجاءً.
لا أدري لا أظن هذا.
بعدها كنت مضطرة لمراوغته بصعوبة وهو يحاول جاهدا معرفة أسبابي ولكنني نجحت في إغلاق الهاتف والتخلص منه.
إنني في انتظار حلول المساء وحسب.
مضت الساعات وبدوت كالتلميذة التي تنتظر ظهور نتيجة إختبار سيغير مجرى حياتها! بل ولاحظ الجميع ذلك!

جيمي قد نام قبل نصف ساعة، بريتني كانت لا تزال تريد البقاء معه حتى وجدت حلاً لأجعلها تنام إلى جانبه. خرجت من غرفته بعد ان تأكدت ان كلاهما قد غط في نوم عميق.
جلستُ على الدرج المؤدي إلى الغرف وانا اعبث بهاتفي حتى شعرت بوجود شخص ما خلفي.

استدرت لأرى ماكس الذي ينزل مبتسما بهدوء ويحدق إلى بتمعن فاسرعت ابتسم بعفوية: حسنا سيد ماكس أعلم بأن الأمر واضح جداً لا داعي لإخباري به. نعم يوجد أمر يشغل بالي وفي الحقيقة هي خطة أحاول حياكتها.
ارتفع حاجبيه باستغراب وقد وصل إلى الدرجة التي أجلس عليها، ليجلس هو الآخر والإهتمام باد على ملامحه وفي نبرته وهو يتساءل: وما هي هذه الخطة؟
طرفت بعيني بشيء من التردد: إنها بشأن إيثان.

عندما تتحدثين عن إيثان. فلا بد وأنك تشيرين إلى تيا أيضا، اليس كذلك؟
أومأت: تماماً.
وما الذي تحاولين فعله؟
أحاول ترتيب أفكاري وتوصلت إلى الآتي، سأرى أولا ما مدى تعب تيا، إن كان مجرد رشح فقط أو أكثر، وبعدها سأجد طريقة أجعل إيثان بها يتجه إلى شقتها للإطمئنان عليها.
انهيت قولي أترقب ردة فعله وهو يشبك يديه أسفل ذقنه قبل ان يصدر صوتاً ينم عن رغبته في كتم ضحكته.
لويت شفتي بإحباط: هل تعتقد أنها فكرة غبية؟

إطلاقاً. ولكنني أحاول جاهداً تخيل ما ستؤول إليه الأمور. هل تعتقدين الأمر سينجح؟ أنا أيضا أتوق لرؤيتهما يعودان إلى بعضهما.
احنيت جسدي للأمام قليلاً: بصراحة لا أدري، بل أنني أخشى أن يكتشف إيثان الأمر وبعدها قد يقتلني. لا بأس لا ضرر من المحاولة، الحياة تتمحور حول المغامرة سيد ماكس.

ثم غيرت الموضوع وقد اخفضت نبرتي قليلا: اعتذر على هذا السؤال. ولكنني أرغب في معرفة الفترة التي سيقضيها السيد جوزيف وابناؤه. أشعر ببعض القلق بشأن كلوديا أيضاً.
فرد ساقيه ومرر يده خلف عنقه يفكر لمهية قبل ان يقول بهدوء: لا أدري. أنا أيضا لستُ مطمئناً، كلوديا تبدو جادة بمغادرة المنزل، يبدو انها تريد العودة إلى منزلها عوضا عن البقاء معهم هنا.

ثم نظر حوله بحذر واقترب ليهمس بجدية: الأهم أن كريس ليس هنا، صدقيني هدوءه في المشفى لا يجب ان استبشر به خيراً، الوضع هنا هادئ وآمن لأنه في المشفى، لا أستطيع التوقف عن التفكير فيما قد يحدث عندما يخرج وهم لا يزالون هنا، إنه منزل العائلة على أي حال ولا أحد له الحق في احتكاره او اكتساحه.
أومأتُ بفهم متمتمة بلا حيلة: أتساءل عن عدد الأشخاص اللذي تربطهم علاقة سيئة بكريس.

ضحك بخفوت ولم يعلق فاستأنفت بملل: اؤيدك بالرغم من أنني لا أعلم شيئاً، فلقد كان هادئا جداً عندما التقى بهم. تعلمت الكثير واستنبطت ان هدوء كريس يعني شحن قواه العقلية والجسدة وتجهيز لسانه لأسوأ الكلمات.
ناهيكِ عن تجهيز النظرة القاتلة والنبرة المتهكمة.
أعتقد أنه يشبه رين ذاك بطريقة أو بأخرى.
حقاً؟

ألا ترى هذا! لو لم يكن اسمه رين وله وجه مختلف لأيقنت انه كريس نفسه! ولكنني اعترف ان كريس ليس بمستوى غروره، أقصد، رين ذلك ينظر إلى الخدم حتى باحتقار شديد! أنا لم أرى كريس يلقي بنظرة مماثلة عليهم وإنما كان يتصرف معي بتعجرف بعيد عن الإستعلاء.
ابتسم ولم يعلق بل نظر للأمام بصمت تام وبدى شارد الذهن فالتزم الصمت بحيرة!

بعد ساعة تقريباً، كنتُ أستلقي على السرير في الغرفة انظر إلى السقف الدائري الزجاجي، بل أنني أطفأت الإنارة لأستمتع بالتحديق إلى السماء المرصعة بالنجوم مفكرة بالحوار الذي سأجريه بعد قليل مع إيثان.
فلقد تأكدت من السيد ماكس أن تيا متعبة بالفعل، هذا أنه ساعدني ليتصل بها بنفسه وأدرك أنها كذلك نظرا لصوتها المبحوح وسعالها.

صوتٌ في الغرفة جعلني اعتدل لأجلس على السرير انظر إلى مصدره، إنه هاتف كريس! هذا الهاتف المزعج على وضعه على الوضع الصامت لقد بدأ يزعجني حقاً! إنه لا يتوقف عن بث الإشعارات كل دقيقة.
اتجهت إلى الهاتف وقد قررت ذلك بالفعل، ولكنني ما ان امسكت به حتى اتجهت عيناي إلى مربع الإشعارات الخارجي. بالرغم من وجود رقم سري للهاتف إلا أنني تمكنت من رؤية إشعار كُتب فيه لازلت مشتاقة إليك .
هاه!

اتسعت عيناي وقد عقدت حاجباي أركز وأوجه كل حواسي لذلك الإشعار الذي كان من رقم مجهول! مهلاً. هذه ليست الرسالة الأولى من هذا الرقم.
يوجد أخرى كُتب فيها أتوق لرؤيتك تتحسن بسرعة .
من هذه بحق الإله؟ الرقم ليس مسجل مسبقا في الهاتف. ثم احد الإشعارين لم يكن اليوم، بل الأمس! نعم إنه ذلك الذي تعبر فيه عن شوقها إليه، من تكون!

تملكتني الغيرة الشديدة والغضب وانا اعض على شفتاي بحنق وهمست دون شعور: كريس أيها الخائن اللعين.
بغض النظر عن كريس، من هذه الجريئة؟!
تسارعت أنفاسي وأنا أغمض عيناي أحاول تهدئة نفسي بصعوبة، يوجد إحتمالات كثيرة تجول في عقلي.
قد تكون إحدى النساء اللواتي يحاولن التقرب إليه، ولكنها تعلم أنه مصاب! إذاً ربما موظفة في الشركة! ولكن.
هل ستملك رقمه الخاص ببساطة هكذا؟
يا الهي من هذه!

لم أشعر بنفسي وأنا القي بالهاتف في درج المنضدة بغيض شديد، لا يمكنني تجاوز الأمر ببساطة هكذا!
غداً سيكون لي لقاء معه يتضمن سؤالي بشأن هويتها. لقد تخطيت تلك المكالمة عندما عاد ثملا، كما تخطيت غنج تلك المرأة جارته على الشاطئ. ولكن هذا كثير جدا الآن.
لويت شفتي بإمتعاض ونظرت لهاتفي أضغط على رقم إيثان اضرب قدمي بالأرض محاولة تجاهل الأمر بصعوبة.
وبالفعل تبخر كل شيء من رأسي عندما أتى صوته: ماذا تريدين؟

حينها أسرعت أقول بنبرة خوف وقلق: إيثان! الحمدلله أنك أجبت.
أضفت دون توقف اتظاهر بالتلعثم والإرتياب: لا أعلم ما الذي على فعله، إنني أحاول الإتصال بها ولكن. أنا.
واصلت التلعثم المزيف والذي بدى حقيقيا حتى بالنسبة لي! ربما إنزعاجي من موضوع تلك الرسالة قدم لي دفعة تحفيز للتخفيف من توتري بالفعل.
استوقفني بعدم فهم: ما الذي تقولينه!

إ. إنها تيا، اتصلت بها قبل قليل لأطمئن ما إن كانت بخير، إنها متعبة وأردت ان أرى إن كان الرشح والحُمى لا يزالان ينهكانها ولكن. بشكل مفاجئ سمعت ضجة وأغلقت الهاتف. إنني أحاول الإتصال بها ولكنها لا تجيب، السيد ماكس كذلك يحاول جاهداً ولكن للأسف لا يوجد هنا من يوصلنا إلى منزلها. إيثان هل أنت في المنزل؟ أعلم أن المسافة قد تكون طويلة ولكنني قلقة جداً!

ثم بدت نبرتي مبحوحة وانا أقول راجية: ماذا لو كان مكروهاً قد حدث لها! أنا لا أتوقف عن التفكير بأمر براد ورغبته في الثأر!
لحظة صمت مرت كسرها بسؤاله بنبرة غريبة بدى يحاول جعلها هادئة: كم مرة حاولتما الإتصال بها؟ قد تجيب الآن!
نحن نحاول بلا جدوى.
أغلقي.
بالرغم من أنه طلب مني ذلك، إلا أنه من أغلق في وجهي فجأة فخمنت أنه سيحاول بنفسه الإتصال بها.
لحظة!
مهلاً، ما الذي فعلته بحق السماء!

أنا. أورط نفسي! ماذا لو اتصل بها واجابت؟ يا الهي حينها سأكون أغبى فتاة عرفها التاريخ! سأوقع بنفسي في ورطة مع إيثان وسيكون غاضبا بلا شك.
ما الذي على فعله الآن؟
كيف أتصرف!
سيكتشف كذبتي. بدأ الخوف يأخذ مجراه ويتملك مني وهذا ما جعلني أرص على أسناني أحدق إلى اسمه في الهاتف وانا مشتتة.
تيا:
علي أن أسرع في شراء الدواء لأتجنب ارتفاع الحرارة أكثر.
ولكنني.
أشعر بالكسل والخمول.

وبالكاد أتحرك فكيف لي أن أقطع هذه المسافة لشراء الدواء.
كنت أقف أمام المرآة في الحمام أحدق إلى وجهي الشاحب والمتورد في الوقت آنه. لوهلة شعرت بأنني أرى توأما لي في انعكاسي على المرآة، ولكن اتضح ان عيناي حتى لم تعودا قادرتان على بذل مجهود أكبر.
حينها فتحت صنبور الماء الساخن وانتظرت للحظات حتى غطس جسدي في الماء وارخيته تماما.
الجو بارد جداً وأنا بحاجة للماء الساخن، ولكن.

علي أن أستحم بماء دافئ أو يميل للبرودة لأحاول خفض الحرارة على الأقل!
كان المكان هادئا تماماً، سوى من صوت عطساتي المتواصلة وصداها المتكرر في الحمام. ورنين هاتفي في الغرفة فجأة!
من يكون! هل يعقل أنه ذلك المدير المنحرف مجدداً؟ لقد طفح الكيل مع هذا الخرف الكهل.
فليذهب إلى الجحيم. تجاهلت الأمر هامسة بتعب: إنه مزعج جدا. سأشتكيه مرة أخرى إلى السيد ماكس!

أغمضت عيناي وأخرجت صوت الرنين من عقلي مسترخية لعل الماء الساخن يزيل هذا الإرهاق والتعب.
الطقس يزداد برودة هذه الأيام وعندما ذهبت للمشفى لزيارة كريس لم أكن أرتدي ملابسا دافئة ومناسبة.
لذلك أصبت بالرشح أولا ثم الحمى.
أرجوا أن تزول بسرعة، ولكن كيف وأنا لم أذهب للمشفى لتلقي العلاج حتى.

أدركت انني اطلت البقاء في الحوض عندما انتابني النعاس، وعندما تجعدت أناملي إثر التعرض للماء لوقت طويلا. حتى قررت الخروج من الحمام وتجفيف جسدي وأنا أرتجف من البرد الذي أشعر فيه، جففت شعري بصعوبة وارتديت ملابسي والقيت بجسدي على السرير.
عيناي بالكاد أفتحهما.
جفناي ثقيلان جداً.
هل سأنام مجددا؟
إنها المرة الثالثة التي أنام فيها منذ ان استيقظت صباحا.

ثوان قليلة وأدركت أنني بالفعل بدأت اغط في النوم. الأمر ليس بيدي.
أشعر بأن التنفس بات اصعب والصداع أقوى. ربما سينفجر رأسي من الحرارة.
أعتقد بأنها نهايتي لأنني بدأت أشعر بأن جسدي يغلي! إنه يحترق. وهذا يؤلمني ويجعلني أرغب في البكاء.
بكيت بالفعل بصمت وذرفت الدموع المنهكة وأغمضت عيناي بإرهاق.
لا أعلم إن كان حلماً. أو واقع.
هل أسمع صوت جرس الشقة أم أنني. أحلم؟ كم دقيقة مرت منذ خروجي من الحمام!

حاولت فتح عيناي بصعوبة وأنا أشعر بالحرارة التي تسري من جسدي. وأدركت أنني لو وقعت على كومة من الثلج فسأذيبها فوراً!
عندما زادت الطرقات على الباب والجرس علمت بانه واقع!
اعتدلت ببطء وتحركت لأخرج من الغرفة بتعب. إنني أحاول التركيز بصعوبة بالغة! انقسم الممر بطريقة ما إلى ثلاثة أفرع إثنان منهما كانا مزيفان عندما اصطدمت بهما.
حاولت السطيرة على نفسي حتى اتضحت معالم الشقة وادركت طريقي نحو الباب.

لم أتكبد حتى عناء السؤال عن الطارق لأنني لا أعتقد بأنني قادرة على إخراج صوتي.
فتحت الباب ببطء ونظرت للطارق بهدوء ولكن ذلك الهدوء سرعان ما تبدد تماما!
اتسعت عيناي بصعوبة محدقة به.
بينما حدق بي بتمعن وتفاجأت به دخل للشقة بكل بساطة وجاب أرجائها!
هل. هذه هلوسة الحُمى؟
إنها كذلك بلا شك.
يُقال ان هلوسة الحمى هي رغباتنا في الواقع!

عندما عاد لحيث أقف مستندة على الحائط بتعب تمتم ببرود متهكم: ظننت أن شخص ما اقتحم الشقة!
هذا الحلم، أو هذه الهلوسة.
تذعبني بطريقة وحشية! لماذا تتخذ من إيثان كياناً لتزيد من ألمي!
رفعت عيناي نحو هذا الكيان بلا حيلة، لأواجه عيناه الخضراوان المتفحصة، كان يضع يديه في جيب معطفه الأسود.
هذا الخيال.
هو أجمل شيء رأيته اليوم!
ما الأمر؟

تساءل بنبرته السابقة فقلت وأنا أنظر إليه بإرهاق: أرجوك فلتختفي. أنا متعبة! ربما سأستيقظ وأجد نفسي لازلت على السرير. انت تبدو واقعيا إلى درجة غير منطقية.
أخبرتني شارلوت بحدوث ضجة وما شابه في شقتك.
ما هذا الحوار الغريب! خيال إيثان يجيد المحاورة بطريقة غريبة!
طرفت بعيني بعدم فهم او استيعاب هامسة: ضجة؟

هذا كل ما همست به قبل ان تصبح الرؤية مشوشة، حتى بات كل شيء من حولي داكن تماماً، بدوت كالتي وقعت في حفرة عميقة بالكاد يصل إليها شُعلة صغيرة!
أشعر بهذا الخيال يتحرك بإتجاهي! نعم. إيثان يقترب.
ومع أنه كان من الصعب ان أرى أي شيء.
تفاجأت بيده التي رفعها بهدوء شديد لتستقر على جبيني حتى همس: غباءك غير محدود.
أضاف وهو يبعد يده: أنت محمومة.
آ. آه. نعم.

قلتها بعدم انتظام في النطق وعيناي تغيبان وتفشلان في مهمتهما في الإبصار ببطء!
لا أدري إن كان بسبب جاذبية الأرض ولكن جسدي أصبح ثقيلا جداً!
وأدركت أنني فقدت وعيي تماما.
شارلوت:
أكاد أعض على كل أناملي بقوة من شدة التوتر! سأموت من كثرة الإبحار في عالم التصورات والفرضيات وأنا لا أكف عن التفكير بما يفعله إيثان الآن.
إما أنه اكتشف كذبتي ويتوعد لي، أو ان القدر انقذني!

كنت اتحرك في الغرفة ذهابا وإيابا، حتى استقر بي الحال أمام النافذة.
أرى السماء ملبدة بالغيوم الداكنة وأدركت ان الأرض في انتظار هطول الغيث ليرويها.
تنهدت بعمق شديد أنظر للحديقة من النافذة.
يمكنني سماع صوت خافت للرعد لا يبدو قريباً.
ستكون ليلة ممطرة على الأغلب.
أنا على هذا الحال منذ تلك المكالمة مع إيثان، مضت ساعات اعجز فيها عن النوم أو حتى عن الترفيه عن نفسي.
هل كل شيء بخير بينهما؟

استنكرت صوت الرعد الذي بات أوضح وأقوى وكذلك أقرب، وما هي إلا لحظات حتى بدأ المطر بالهطول.
أطراف النافذة قد تبللت بالماء لذا وقفت تاركة مسافة قليلة حتى لا أتبلل.
تكتفت أحتضن نفسي بعد ان شعرت بالبرد ومع ذلك لم أغلق النافذة.
محاولة التخمين ووضع بضعة احتمالات. هو لن يتجاهلها بالطبع فهذا ليس من شيمه.

قد يكون إيثان مع تيا بالفعل! عقلي متعب كثيرا ولا سيما وان امر ذلك الإشعار على هاتف كريس لا يزال يضايقني بشدة!
بتر أفكاري جسد يتحرك في الحديقة حول النافورة فحاولت التركيز ولكنني لم أستطع التوصل لشيء ما.
إلا أن البرق أوصل خدماته المجانية بإضاءة سريعة فبدى وكأنه جسد أنثى تحمل أكياس مشتريات!
هيئتها. تبدو كهيئة. آنا؟!

شهقت بإستغراب وركضت لأخرج من الغرفة ونزلت الدرج مسرعة، إنها الساعة الواحدة بعد منتصف الليل! ألا يفترض ان موعد نومها يحين عند الحادية عشر تقريبا؟
أخذت إحدى المظلات الموضوعة بعناية في الصندوق الموجود في الردهة ولبست حذائي وخرجت.
فتحت المظلة ونظرت إليها. ليتضح أنها آنا بالفعل.
قلت بصوت عالي وانا انزل الدرج: آنا! ما الذي تفعلينه في هذا الوقت وفي هذا الطقس!

كانت تقترب نحوي ممسكة تلك الأكياس وعندما وصلت قالت وهي ترتجف بشدة: كنت أحضر هذه الأكياس!
لمحت الدخان الذي خرج من فاهها إثر البرودة فأسرعت أضع المظلة فوق رأسها واصعد معها متسائلة: لماذا! إنه وقت النوم! من الذي طلب منك الخروج في وقت كهذا بحق الإله!
أضفت بإنزعاج: أنظري إليك أنت ترتجفين بشدة!
ابتسمت لي واكملت طريقها: آسفة آنسة شارلوت على أن أدخل هذه الأشياء لغرفة السيد رين بسرعة.
ر. رين!

مرت من أمامي وأسرعت تنزع المعطف والحذاء خشية تبليل المكان وصعدت للأعلى بخطوات سريعة بينما فغرت فاهي بعدم تصديق أنظر للدرج بحيرة!
طلب منها. أن تخرج تحت هذا المطر وفي هذا الوقت! لتحمل هاتين الحقيبتين للمشتريات فقط؟ لا بد وأنه. يمزح!
انتفضت لنفخة دافئة على عنقي وقريبة جدا! شهقت برعب ونظرت لمصدرها أضع يدي على عنقي بإرتياب، لأفاجئ بالمدعو رين الذي ابتسم بسخرية: تنتظرينني هنا وتحملين مظلة لأجلي؟

أضاف وهو يدخل: شكرا جزيلا لك!
من قال هذا!
أكملت بعدم تصديق: هل طلبت من آنا ان تخرج في هذا الوقت؟
ارتفع حاجبيه ورمقني بملل، مرر يده بسرعة على الإضاءة الأعلى لينيرها، بالرغم من ان الردهة لم تكن مظلمة إلا أنه فتح الإنارة الأخرى فاستنكرت فعلته كثيراً! ومع ذلك ضاقت عيناي لأسأله بحزم: هل تمازحني؟ لقد كانت ترتجف منذ لحظات! لقد أيقظتها في وقت نومها بعد عناء تكبدته طوال اليوم في التنظيف من الصباح و.

لست متفرغ لسماع هراء كهذا.
هراء!
إنها مجرد خادمة على أي حال. هي لن تفعل كل هذا مجاناً!
مجرد. خادمة!
هذا الحقير من يظن نفسه!
صرخت بإنزعاج وأنا أحدق إليه بنظرات محتقرة: أنت بلا قلب! لماذا تتصرف بتغطرس وتعالي أمام الناس! من تكون لتعاملهم هكذا! سحقا أنت مستفز جداً إلى درجة لا تطاق.

أكملت متجهة للدرج بحقد: سأخبر السيد ماكس أو حتى السيدة أولين أن تترك آنا غدا وتريحها عن العمل لأن شخص اناني كريه أيقظها وحملها هذه المشتريات التافهة تحت المطر.
ارتفع حاجبيه باستغراب ينظر إلى لهنينة. ثم ضحك بخفوت فاتسعت عيناي بإنزعاج: ما المضحك؟
كنت فقط محتار للفرق بينك وبين ابن خالتي المثالي.
ما شأن كريس الآن!
كريستوبال تزوج من فتاة فاتنة حكيمة وذات قلب واسع! لماذا هذا الطباق الكبير بينكما؟

أكمل بلامبالاة واضعة يديه في جيبه: بمناسبة ذكره.
لمعت عينيه الزرقاوين ببريق ماكر ثم استأنف وقد القى نظرة خاطفة على الضمادة على عنقي: انظري إلى ما حدث له وإليك بسبب علاقاته السيئة مع الناس. هل تعلمين ممن تزوجت؟ قد يكون خدعك بمظهره ولكنك لا تعرفينه جيداً، لو كنت بالفعل على علم بحقيقته لما تزوجته! من كان يعلم ما قد يحدث او ما سيحدث لاحقا!

من طلب رأيك هنا! إنه زوجي وأنا زوجته فلماذا تحشر أنفك الكبير في علاقتنا بحق الإله؟!
ك. كبير!
ضحك بخفوت وبعثر شعره الأشقر هامسا على مضض: مضحكة وظريفة جدا.
هيه أنت. أخبرني. ان كنت تكره كريس إلى هذه الدرجة فلماذا أتيت إذاً؟ لا تخبرني أنك كنت قلقاً بشأنه لأنك داهمت غرفته بلا أي إهتمام وهذا كان واضح جداً!
رفع كتفيه واقترب من الدرج حيث أقف: اشتقت إليه كثيراً.
احتدت عيناي بإقتضاب وزفرت بنفاذ صبر.

ألا يمكنك ان تكون جادا وصريحا قليلاً!
حدق بي بصمت حتى ابتسم بهدوء غريب: أقسم لك. بأنني اشتقت إليه! هل يرضيك هذا الآن؟
رمقته بإستنكار شديد وحينها نزلت آنا فنظرت لها بإستياء على حالها.
تبدو نعسة ومتعبة جدا! لا تزال ترتجف وهي تنظر لكل بقعة تستقر أسفل قدميها وبدت قلقة بشأن تبليل المكان.
ابتسمت لنا بشحوب: تصبحان على خير سيد رين وآنسة شارلوت.
حضري لي القهوة الدافئة ريثما أستحم.

اتسعت عيناي وكذلك آنا التي حدقت به بعدم تصديق. بل أنه قالها بكل بهدوء وكأنه قال ليلة هانئة أو أحلاما سعيدة!
همست بدوري بحقد: ما الذي تقوله!
ابتسم بلا اكتراث: يوجد مشروب ساخن يريح الأعصاب يدعي قهوة، طلبت منها تحضيره، . هل فهمت الآن أم تُراك بحاجة إلى توضيح أكثر؟
أخذت شهيقا محاولة تمالك أعصابي. وأدركت أنني في هذه اللحظة على وشك التهور حقاً ودفعه من أعلى الدرج!
إنه. غير معقول البتة!

أومأت آنا بإنصياع: أمرك.
مهلا يا آنا.
قلتها بحزم فوقفت تنظر إلى بعينيها الزرقاوان بترقب وحيرة، فقلت بنبرتي الحازمة وانا انظر إليه بحدة: اذهبِ أنت للنوم ودعك من القهوة الآن.
و. ولكن!
اسرعي يا آنا فالوقت متأخر!
نظرت آنا لرين بارتباك فابتسم بدوره بصمت دون أن يعلق فظلت واقفة بتردد.
حدق إلى بثقة لفترة قبل أن يميل برأسه إيجابا: حسنا اذهبِ انت فالآنسة شارلوت ستتكفل بهذه المهمة.

رفعت حاجبي الأيسر بصمت وحينها شعرت بأنني مستعدة لغرز طرف المظلة الحاد في رأسه ولن أجد رادعاً يوقفني!
هو بالطبع لا يعلم كم هو كريه! ولكن. حسنا. على ان أجاريه مؤقتا وحسب وسنرى إلى أي مدى سيتمادى!
قلت بهدوء: هيا يا آنا الوقت متأخر.
القت علينا نظرة أخيرة بوجه شاحب وأمالت برأسها بإستسلام واعتذرت ثم استأذنت وذهبت.

وقفنا وحدنا حتى قلت متكتفة ببرود أخفي غضبي وأيقنت انها مهمة شبه مستحيلة: أرجو انك راضِ عن نفسك.
لا شيء أنقده بشأن نفسي.
لا تعتقد ان تحضيري للقهوة سيكون امتثالاُ لك، أنا أفعل هذا لأجل تلك المسكينة وحسب.
لم يعلق بل جابت عينيه على بترقب فأضفت بحزم وانا انزل: ثم ما يدريك؟ لعلني أضع في القهوة سماً يخلص أعداءك منك.

حسنا لقد خضعت للأمر الواقع حتى لا يزعج أحد الخدم مجددا وذهبت للمطبخ لأعد له القهوة بينما صعد هو ليستحم في غرفته الواقعة في الجناح الأيمن.
كنت واقفة في المطبخ اعد القهوة والقي سيلاً من الشتائم محاولة تمالك أعصابي حتى لا أقتله! ولو كان هذا ممكنناً لكانت هذه القهوة يُطلق عليها قهوة بنكهة الشتائم المنوعة .
ثم من هذا المجنون الذي يحتسيها في هذا الوقت أصلاً!

لا يعقل أن يكون شقيق تلك الفتاة الصغيرة اللطيفة البريئة وأوليفيا المسالمة والهادئة!
انهيت القهوة وأخذتها للأعلى متجهة لجناحه وطرقت الباب فلم أجد رداً.
إنه يستحم بلا شك كما قال.
دخلت متنهدة بإستسلام ووجدت المكان خال بالفعل فاكتفيت بوضع الكوب على الطاولة في منتصف الغرفة هامسة وأنا أخرج: مجرد غبي، ستبرد القهوة على أي حال!

خرجت من غرفته واتجهت لغرفتي مغلقة الباب ثم القيت بجسدي على السرير بإمتعاض قد تبدد عندما تمكن النوم مني!
تيا:
أشعر بأن جسدي ممدد على شيء مريح!
يُفترض أنني استلقي على الأرض بعد ان فقدت وعيي، بل واختفى خيال إيثان ذاك والذي بدى واقعي إلى حد كبير أدهشني.
أشعر بشيء بارد جدا على جبيني!
وكذلك بطعم مر غير مستساغ في فمي!
قطبت جبيني وفتحت عيناي بصعوبة أنظر للسقف محاولة الإستيعاب ببطء.

رفعت يدي بتلقائية نحو جبيني، لأدرك ان كمادة باردة قد استقرت على جبيني!
من فعل هذا؟ ما الذي كان حلما وما الذي كان واقع؟!
لقد حلمت بان إيثان زارني في شقتي و.
أجفلت لحركة بجانب السرير تلاها صوت عميق: هل ستأخذين وقتا طويلا لتستوعبي الأمر؟
نظرت إلى مصدر الصوت بحيرة.
هذا الكيان مجدداً! لحظة.
إن كنت الآن قد استيقظت فينبغي انني الآن في كامل وعيي وما يحدث الآن حقيقة!
ب. بحق الإله؟!
ظ. ظننت بانه. حلم!

ولكنه ليس كذلك! لقد فقدت وعيي بالفعل.
إيثان أمامي!
هو لم يكن خيال أو وهم قد نسجه عقلي او قلبي المشتاق إليه!
استوعبت الأمر برمته فاتسعت عيناي أحدق إليه وحينها انتابني الإحراج والإرتباك.
إنه يجلس على كرسي كان مقابل الطاولة في زاوية الغرفة ولكنه أحضره ليجلس عليه بالقرب من السرير! كما أنه كان يرفع كلتا قدميه على طاولة صغيرة كانت تنتصف الغرفة.

يا الهي. أنا متوترة، ما الذي يفعله هنا؟ ماذا يريد! هل يبدو مظهري جيد؟ قد يكون مريعاً بسبب الحُمى!
ومع ذلك أفسد كل هذا الطعم المزعج في فمي، فقلت دون شعور بإنزعاج بصوت بالكاد قد خرج من فاهي: أشعر بأثر غير مستساغ، هناك طعم مُر جداً!
إنه الدواء الذي اشتريته.
أضاف ببرود: كنت أعلم بأنك قد تكونين مهملة، ولكنني لم أعرف بأنك غبية إلى هذه الدرجة.

ارتفع حاجباي وقد تبدد ذلك الخجل قليلا، بينما اقترب فجأة وأخذ قطعة القماش الباردة عن جبيني بخشونة ليجففها ويبللها بالوعاء الموجود على المنضدة مجددا ويضعها على جبيني بخشونته السابقة!
سال الماء البارد على وجنتي وتخلل شعري الأصهب القصير فمسحت الماء مبتسمة بسخرية مخفية خجلي: من المفترض ان تتصرف بلطف مع الشخص المريض.

ان يتواجد إيثان معي في لحظة مرضي، ويضع لي هذه الكمادة الباردة بل ويشتري الدواء لأجلي. أمر من الصعب إستيعابه! أدركت ان رغبة في البكاء قد انتابتني عندما اعتدلت بصعوبة لأجلس اسند ظهري على الوسادة وازم شفتاي بقوة.
قد أبكي وافقد السيطرة على أعصابي!
إنه يجلس أمامي. وهذا واقع لا يمكن تكذيبه.
لماذا هو هنا؟
نظر إلى بتمعن شديد فتوترت. حتى وضع يديه في جيبه متمتما ببرود مريب: أنتِ. أمازلت تكنين لي تلك المشاعر؟

أجفلت لسؤاله ذلك وأخفضت نظري بسرعة، تسارعت خفقات قلبي بشدة وقبل أن أفكر بأي شيء فاجأني بقوله بسخرية جارحة: من الطبيعي أن يُصاب المريض المحموم بهلوسة ولكن. هل جعلتك تلك الهلوسة تنادي بإسمي طوال الوقت؟
اتسعت عيناي بذهول مقابل بريق ساخر محتقر في عينيه الخضراوان.
هل حقا. ناديت بإسمه!
س. سحقا! هذا. محرج و. ومخزي!
أيعقل بأنني فعلت ذلك؟

ولما لا! ظننت كل ما يحدث مجرد حلم ومن الطبيعي ان أفعل ذلك! هذا يحرجني ومع ذلك أنا أتألم لنبرته تلك! أشحت بوجهي بعيدا عنه وأنا أشد على شفتاي بتوتر وبدأت أشعر بشيء من الإنزعاج والغيض.
حتى استقرت عيناي صدفة على الساعة الموضوعة على المنضدة الأخرى بجانبي.
لأجد أنها تشير للثانية بعد منتصف الليل!
لقد نمت ساعات كثيرة دون أن أشعر!
تنهدت بعمق، وحاولت الإعتدال هامسة ببرود مصطنع: شكرا على ما فعلته.
كنتُ مضطراً.

نظرت إليه بصمت بينما يعبث هو بهاتفه الذي أخرجه من جيبه بملل، كان يجلس ويميل الكرسي للخلف مثبتا قدمه على الطاولة أمامه، الصمت سيد الموقف، لا اسمع سوى صوت هطول المطر في الخارج!
أصبحت ملامحه حادة نوعاً ما.
إنها تقريبا.
تكبت الشخصية المرحة التي عرفتها.

ربما أكثر ما جذبني نحوه في السابق هو مرحه وابتسامته وبشاشته التي تبعث الراحة في نفسي. ولكن، النظر إليه الآن يبدو وكأنني أنظر إلى شخص لا أعرفه و لم التقي به يوماً!
كنت أحب إبتسامتك كثيراً.
قلتها دون شعور وقد تسمر نظري عليه بشرود مستاء، نظر إلى وفي اللحظة آنها تفاجأت بصوت رعد قوي في الخارج وبرق أضاء الغرفة كلها وعكست وميضا سريعاً في عينيه الخضراوتين.

لحظات حتى تعالى على مسامعنا صوت هطول المطر بغزارة أشد مما كان عليه الوضع للتو وهو ما يزال يحدق بي!
حقا؟
تحدث أخيراً فبللت شفتاي بتوتر ولم أعلم ما على قوله.
ولماذا تخبرينني بهذا الآن يا ترى؟
أخفضت نظري للفراش بصمت تام وبحاجبين معقودان بضيق.
بالرغم من أنه يتحدث بنبرة هادئة باردة.
ولكن. أشعر بأنه غاضب!
إيثان.

ناديت بإسمه بتوتر وأردفت: أعلم. بأن سماع أمور كهذه تزعجك. ولكن. ولكن ما أقوله الآن أتفوه به رغماً عني!
وما المطلوب مني تحديداً؟
قالها ببرود أخافني!
وكأنه. إيثان آخر. شخص مختلف تماما عن الذي عرفته!
هو بكل تأكيد لن يتوقف عن الحقد على لما فعلته.

لوقوفي في صف كريس وتجاهلي للإدعاءات التي وُجهت ضده. لا يمكنني لومه! لطالما رأيت ان إيثان يحاول جاهدا التقرب إلى واعترف لي مرارا بمشاعره، وكم بدى سعيداً عندما بادلته إياها!
اجفلت عندما أعاد سؤاله بنبرة أعلى!
هذه المرة كان قد وقف وبدأ يقترب مني بعين جامدة.
ثم تفاجأت به يجلس على السرير ويقترب مني فانتفضت بإرتباك ودهشة!

اتسعت عيناي وأنا أراه يدفعني لأرخي ظهري وهو يواصل التحديق إلى بعين أقل ما يقال عنها. أنها تلمع بغلِ مخيف!
همست بإسمه بنبرة مرتجفة واهنة وضعيفة.
فهمس بحزم: لقد قلت للتو بأنك تحبين ابتسامتي. وسألتك ما المطلوب مني حينها ولكنني لم أحصل على الإجابة!
شعرت بالقشعريرة تسري في جسدي وعيناي تحدقان به بريبة وعدم استيعاب.
ما خطبه بحق الإله؟ أيكون إيثان حقاً! أكاد لا أصدق!
أ. أنت تتصرف بغرابة!

كيف من المفترض أن اتصرف؟
حينها ساد الصمت إلا من صوت الرعد الذي يكسره بقوة وبعنف وكأن السماء في هذه اللحظة تقف ضدي وهي تحاول زيادة حدة الموقف بدلا من تلطيفه.
زميت شفتاي ولا أدري لماذا في هذه اللحظة شعرت برغبة في البكاء!
بالطبع لم أبكي ولكنني واثقة بأن عيناي أفشت بمشاعري هذه!
تمتم مبتعداً فجأة: أعتقد بأنك تحسنت.
قالها وهو يرتدي معطفه ويأخذ هاتفه.
اعتدلت بسرعة وأنا أراه يخرج من الغرفة!
هكذا فقط؟ بكل بساطة!

مستحيل! ليس بعد ان رأيته أخيراً، ليس بعد ان تواجد هنا ليعتني بي! لم أعد أحتمل فراقه للحظة واحدة!
إنني أحاول جاهدة لفت أنظار والديه وفكرت لعلها تكون خطوة إيجابيه سأحصد ثمارها لاحقاً!
أردت ان اتقرب إليهما واتعرف عليهما لأسترد إيثان مرة أخرى! واكتشفت ان والديه ألطف وأطيب مما تصورت بالفعل.

بل وأنني أتألم كلما تبدد كل ما كنت اتخيله! كنت أرى انني سأكون يوما تلك الفتاة التي تناديهما بأمي وأبي عندما رسمت أحلامي مع إيثان!
وجدت نفسي أركض لأتبعه مترنحة.
وصرخت بتشتت وارتياب: إلى أين أنت ذاهب؟
وقف أمام باب الشقة ورمقني بلامبالاة فأردفت: ا. المطر يهطل بغزارة في الخارج!
وهل يهمك الأمر؟
ك. كيف لا يهمني؟!
أضفت بإستياء: كيف. لا يهمني! أنت إيثان. ولست أي شخص آخر. فكيف لا يهمني بحق الإله!

ادهشتني التصفيرة الساخرة فنظرت له بإقضاب شديد وحزن مثقل بالخيبة، ليضحك بإستخفاف: حقا؟ حسنا أنا ممتن لكلماتك اللطيفة.
ثم استدار ليخرج فاستوقفته مجددا منادية بإسمه برجاء.
زفر ونظر إلى بطرف عينه فقلت: ي. يمكنك البقاء! يمكنك أن تنتظر هنا حتى يتوقف المطر!
استأنفت بجدية واهتمام: لن تجد سيارة أجرة و.
أتيت بسيارتي.

قالها مختصرا الأمر برمته فقلت أجادله: و. ولكن! منزلك بعيد والطريق المؤدية للمدينة ستكون وعرة ومليئة بالطين الزلق. ل. لذا. يمكنك أن تنتظر كما يحلو لك.
استأنفت مبعدة خصلات شعري عن وجهي: ان كان وجودي يزعجك فأعدك أنني لن أخرج من الغرفة حتى تغادر في الغد.
احتدت عيناه بصمت.
يا الهي. مازلت أعشقها. مازلت أعشقها بلونها الأخضر. أنا أسيرة بلا رحمة! لم أعد استطيع كبح ما أشعر به أكثر.

أحب عينيه الناعستين وملامحه التي أصبحت حادة واختلفت تماما عما كانت عليه! لا يسعني سوى التحديق فيه بشرود وما في يدي حيلة! أندب الحظ الذي جعلنا الآن نقف كالغريبان أمام بعضنا.
لماذا تصرين على بقائي؟
نظرت إليه بيأس شديد.
ماذا عساي أقول له؟
لأنني مازلت أحبك؟
مشاعري لم تتغير نحوك ولو قليلا؟
مشتاقة لك كثيرا؟ لا أريدك أن تغادر؟
ماذا أقول بحق الإله؟ أريد أن أعود إليه ولكن.

ولكنني لا أعلم كيف! لم أعد استحقه بعد خيانتي وغدري به!
ابتسم بسخرية ممتعضة وتفاجأت بعينيه تلمعان بالضيق!
ومع ذلك قال بجفاء: شكرا للطفك وكرمك الشديد ولكن على الذهاب الآن. من الواضح أنك بخير كذلك. وأطلب منك برجاء حار أن تتوقفي عن التصرف بهذه الطريقة.
استدار ليخرج فأطلقت العنان لقدمي لأتبعه وأفاجئه وأنا أعانقه من الخلف بقوة بعين دامعة ودفنت وجهي في ظهره بإستياء وحزن قد نال مني.

لا أريده أن يخرج! لا أريد.
إ. إيثان. إبقى معي!
أردفت بنبرة ضعف مهزوزة على غير عادتي: أعلم بأنك غاضب ولك كامل الحق في ذلك. أعلم بأنك منزعج مني ولا تريد رؤيتي، ولكن. مضت ثلاث سنوات كاملة دون أن أراك ولو صدفة! كنت أتعذب يوميا وفي كل ساعة، شعور الذنب ما زال يلاحقني في كل مكان، حاولت أن أصل إليك أو أعتذر ولكن. ولكنني كنت خائفة! كنت خائفة لدرجة أنني لم أجرؤ على ذلك!

أضفت باكية: أنت تعلم أن كل ما تبقى لي في هذا العالم هو انت وكريس فقط! لقد أخربتني ذات يوم أنك ستكون لي الأب والأخ والصديق وكل شيء! واختفيت من حياتي بعدها لأجد نفسي مشتتة! أعلم بأنني مخطأة. لذلك أنا أعتذر الآن يا إيثان! أنا آسفة لما فعلته! ما كان على أن أخذلك بتلك الطريقة عندما وقعت في تلك الورطة! اليوم الذي يسبق القضية كنت قد اعترفت لك بمشاعري. مقابل اعترافك لي بشكل يومي، أتذكر حين قلت بانك ستزعجني بقولها حتى استسلم لك؟

أنت تتحدثين عن أمور قديمة جدا، وتقتبسين أقوال مضى عليها ثلاث سنوات، اختلف الوضع تماما الآن.
إ. إيثان، أنا آسفة.
أذكر أنني في مرة أخبرتك أن أكثر أمرين أكرههما في العالم ان يهين احدهم كبريائي أو أن يغدر بي الناس بعد ان بنيت ثقة لا تهدم. ولكنك. فعلت الإثنان معاً!
أضاف وهو يبعدني محدقا إلى بغضب: فعلت ذلك وأخبرتك أنني متورط ولا شأن لي في اختلاس النقود، ولكن يبدو أن كريس يعرف كيف ي...

كريس لم يطلب مني أن أقف في صفه! إنه خطأي أنا! كنت محتارة ومشتتة وفي صراع نفسي! مع من سأقف؟ من سأساند؟
وكان الإختيار على كريس، حسنا لست ألومك على اختيارك فهو شانك وحدك.
زميت شفتاي بإستياء ومسحت دموعي هامسة: سمعت أنك واعدت تلك المدعوة كاترين. أفعلت ذلك ل.
لا تحلقي بأفكارك بعيدا، لم أواعدها لأنساك وما شابه! واعدتها لأنني أردت ذلك وحسب. انت تثيرين شفقتي بأفكارك هذه!

أتقسم يا إيثان أنك واعدت كاترين لغرض بعيد تماما عما أفكر به؟
قلتها بأسى ورجاء ولا أزال أرغب في التماس أمل ولو بصيص صغير! فتمتم مشيحا بوجهه: لا أريد تضييع المزيد من وقتي في هراء كهذا.
هراء؟ أتسمي مشاعري واعتذاري هراء؟
أتمانعين؟
لقد. أصبحت شخص آخر تماما عن إيثان الذي عرفته!
آه، آسف لهذا التحول. ولكنه يعجبني.
قطبت حاجباي بحزن وأطرقت برأسي: أعلم أنك تلومني على الوقوف في صف كريس. أعلم بأنني خيبت أملك.

رفعت رأسي أحدق به مردفة بإنفعال وأنا أبكي: ولكن ما كان يمر به كريس في تلك الفترة جعلني أقف بجانبه دائما! أنا أعلم بأن كريس ذو طباع كريهة أنا نفسي أكرهها كثيرا، ولكن. كريس كان الشخص الوحيد الذي تقبلني بعيوبي ومساوئي دون أن يطلب مني أن أغير سمة واحدة حتى. الوحيد الذي كان يدافع عني بطريقة غير مباشرة حتى لا أشعر بأنني مهزوزة أو محل شفقة للناس، الوحيد الذي ابتسم الى جانبي في صورة حفل التخرج والوحيد الذي طلب مني أن نعمل في المكان نفسه. قد يكون وغداً ومستفزاً بتصرفاته ولكن. كريس يستحق أن أقف معه.

ارتفع حاجبه الأيسر ثم صفق بسخرية فأشحت بوجهي بغضب مستاء ليهمس: محاضرة رائعة عن الصداقة. أهنئك على.

ولكن إيثان الشخص الوحيد الذي استطاع ان يغير في شخصيتي أمور كثيرة سيئة، لقد كنت تعاملني كأب لا صديق أو زميل عمل! إن أخطأت في أي شيء أتيت إلى بسرعة لتخبرني بذلك هامسا لي في أذني حتى لا يسمع الناس من حولي، قلت لي أنني أنانية ولكنك تحب ذلك، عنيدة ولكنك تعشق ذلك، أتفوه بكلمات جارحة ولكنها في الواقع مجرد سهام ضعيفة لا تصل لمبتغاها لأن لا هدف لها، أثنيت على لون عيناي في أول لقاء وهذا ما جعلني أهتم بك دائما وأسأل عنك! كنت أعشق النظر للمرآة ومازلت كذلك! كلما رأيت إليها أشعر أنك تقف خلفها وتثني على دائماً! إذا كان كريس قد تقبلني بعيوبي تلك فأنت. أحببتها وجاريتها وغيرتها تدريجيا!

اتسعت عينيه قليلاً وأسرع يستدير لأواجه ظهره فتنهدت بعمق: كنت أحب ابتسامتك المرحة في العمل، عندما نكون نحن الموظفين متعبون تأتي مبتسما وتمازحنا فيمضي الوقت سريعا دون أن نشعر! تلقي بكلماتك المرحة في كل مكان و.
هذا يكفي.
قالها بهدوء وبنبرة خافتة دون أن يستدير فأخفظت نظري بصمت أقاوم الدموع التي عادت مجددا.
حينها تفاجأت بقدماي تتحركان نحوه ببطء وبدون شعور.

وقفت أمامه مباشرة بعينان راجية واقتربت أكثر لأعانقه بصمت.
هو لم ولن يبادلني العناق.
وأنا واثقة من هذا ولكن. أريد فقط ان احظى بدفء صدره قليلاً.
أريد أن أشعر بوجوده إلى جانبي مجددا.
سأنفجر أكثر لو طال الوضع، سأبكي دون توقف وسيكون من الصعب تمالك نفسي أكثر.
لا يملك فكرة كم أشعر بالندم وأتوق للعودة إليه!
ولكنني سأكون أنانية بتفكيري هذا. من الواضح انه يصدني ولم يعد يرغب بي.
أنا حقا أتألم.

أعترف أنني ظننت للحظة أن الإعتذار قد يغير شيئاً ولكن. اتضح أنني ساذجة إلى درجة لا تصدق!
هل استسلم؟ هل على التوقف عن المحاولة قبل البدء حتى!
هو حتى لم يعانقني حتى الآن.
دمعت عيناي مجدداً وابتعدت عنه أنظر إليه عن قرب أتأمله، لأقابل عيناه الخضراوان الهادئتان وهو ينظر إلى بصمت تام.
أجبرت نفسي على رسم ابتسامة جاهدت بكل ما لدي لأجلها وقلت: أنا. لن أجبرك على فعل شيء لا تريده. ومتفهمة لأهمية إبتعادي عنك.

أردفت مخفية استياء وحزن شديد بابتسامتي المواسية: أريد أفقط أن أعتذر لك عن تخييب أملك، و. سأخرج من حياتك تماماً.
ظل يحدق بي بتعبير غير مفهوم فأكملت بمرح لطيف أمسح دموعي التي لا تتوقف: أكرر إعتذاري يا إيثان، و كما قلت لك سأخرج من حياتك كما تريد. لن تراني بعد الآن. سوى صدفة أعدك.
قلتها وأنا أُخرس صوت كل كفاح في داخلي، قلتها وأنا القي بمشاعري واضربها في عرض الحائط.

إن كان إيثان سيكون سعيداً وهو بعيد عني.
فسأبتعد بالفعل.
أعتقد أنه لا خيار آخر. أستحق هذا بعد ان تخليت عنه! ولكنني أدرك أنني في هذه اللحظة قد جنيت على نفسي بالموت!
طرف بعينه بهدوء وتفاجأت به يتجه إلى الباب بكل بساطة.
وخرج،!
نعم.
لقد خرج.
ابتسمت بيأس أنظر للباب الذي خرج منه وبقي مفتوحا على مصراعيه، وتجاهلته متجهة للأريكة أجلس عليها.
أعتقد أن إيثان من قرر أن يخرج من حياتي بشكل تام.
خرج وربما. لن أراه مجدداً.

انتفضت لصوت الرعد وحينها فقط أجهشت في البكاء الشديد وأنا أحتضن وسادة الأريكة أدفن فيها وجهي.
أشعر بالألم الشديد، بالندم وبالخيبة، وبالوحدة.
كنت متعلقة في بصيص أمل في السابق.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة