رواية عاشق المجهول الجزء الأول للكاتبة أمنية الريحاني الفصل الخامس والعشرون
( حب لا تراه الشمس )
تخرج فاطمة إلى الشرفة الكبيرة لتخرج ما بها من أوجاع، تقف أمام الهواء فيمتزج الهواء بدموعها ليصبحا شيئا واحداً، وتتوه فاطمة بينهما شاردة، ليقطع احدهما شرودها بصوته قائلاً: لحد إمتى هتفضلى تتعذبى لوحدك وهو مش حاسس؟!
تلتفت فاطمة لصاحب الصوت، لتنظر فى صدمة قائلة: أبيه عادل !
عادل: أيوا يا فاطمة، أبيه عادل
فاطمة فى تردد: أنا ... أنا كنت بشم هوا، عشان...
يقاطعها عادل قائلاً: أقولك أنا عشان إيه، عشان حسيتى إن الدنيا ضاقت من حواليكى، وإنك مش قادرة تتنفسي مش كده
تنظر له فاطمة فى تعجب قائلة: أيوا صح، بس حضرتك عرفت منين ؟
يقترب منها عادل قائلاً: لا دا أنا ممكن أقولك أكتر من كده، عارفة يا فاطمة، يوم ما جيتى الفيلا عندنا وماما أتخانقت معاكى، ساعتها كان أول مرة أشوفك، وبالرغم من كده كان جوايا إحساس قوى إنك قريبة منى، ولما عرفت من بابا إنك بنت خالى، جريت أدور عليكى زى المجنون، كنت بدعى من جوايا ألاقيكى، ولما شوفتك خايفة وخدتك فى حضنى حسيت ساعتها إنى أنا اللي بطمن نفسي بوجودك مش بس بطمنك، لكن غصب عنى أضطريت أوديكى عند عمتى عشان أبعدك عن غضب ماما وجرحها ليكى، كنت بحاول أكون قريب منك دايما، بس إنتى مكنتيش شايفة أى حاجة بعملها، كان دايما تركيزك مع خالد حتى لو عملك أقل منى كنتي بتبقى مبسوطة، أنا بعترف إنى كنت بغير عليكى من خالد.
تنظر له فاطمة فى صدمة قائلة: بتغير عليا أنا ؟!
عادل: أيوا يا فاطمة بغير، غيرة أخ على أخته، أنا من أول يوم شوفتك فيه كنت حاسك أختى، أختى القريبة منى اللي المفروض تبقى فى حمايتى وتحت مسؤليتى، أختى اللي بغير عليها من أى حد يقرب منها، وأتمنى تحب وتتجوز وأسلمها لعريسها، وفى نفس الوقت أبقى خايف إنها تبعد عنى، أختى اللي يوم ما حد يضايقها تيجى تشتكيلى وأخدلها حقها، ويوم ما تحب تيجى تفضفض معايا وتاخد نصيحتى، يوم ما تغلط اكسرلها رقبتها، دا كان إحساسى بيكى يا فاطمة، وكان نفسى إنتى كمان تحسي الإحساس ده من ناحيتى، كان نفسي أكون أنا أخوك القريب منك اللي لما الدنيا تضيق عليكى تلجأيلى، بس إنتى مكنتيش شايفة غير خالد وبس
تنظر له فاطمة وقد نزلت دموعها رغما عنها، بعد أن أحست أنها كانت مغماة عن هذا الحب الأخوى، فهى حقا كانت لا ترى غير خالد وما يفعله معاها، ولم تنتبه لعادل وإهتمامه بها، تنظر له فاطمة قائلة: أنا آسفة يا أبيه عادل، صدقنى مكنش قصدى...
يقاطعها عادل قائلاً: هششش، أنا مبقولكيش كده عشان أحسسك بالذنب، ولا بعاتبك على اللي فات، لا يا حبيبتى، أنا بقولك كده لأنى أكتر واحد فى الدنيا حاسس بيكى، أنا عارف إنك حاسة نفسك فى دوامة عمالة تلف بيكى، وإنتى لوحدك فيها، بس لا يا فاطمة إنتى مش ولحدك، أنا معاكى، وهفضل حنبك لحد ما تعدى الأزمة دى وتبقى أقوى من الاول كمان.
وهنا لم تستطع فاطمة أن تصمد فأنهارت أمام عادل الذى أخذ يرتب على يديها فى حنان قائلاً: كنت كل لما أشوف نظرتك ليه أترعب واخاف عليكى، خصوصا وأنا عارف هو شايفك إزاى، كنت فى الأول فاكر إن ده حب مراهقة مش أكتر، لكن كل يوم كنتى بتكبرى أدامك، ونظرة الحب بتقوى فى عينيكى، كنت بعرف إنى غلطان، وإن حبك ليه مش مجرد حب مراهقة
فاطمة فى همس: موجوعة أوى يا أبيه.
عادل: عارف يا فاطمة، عارف، زى ما أنا عارف إنك هتعدى الأزمة دى وإنتى أفوى، عارفة ليه؟
تنظر له فاطمة بإستفهام، ليكمل حديثه فى مرح قائلاً: لأنك فاطمة الحديدى، مش خشبى ولا بلاستيكى، لازم تبقى أسم على مسمى
تضحك فاطمة فى وسط بكاءها، فينظر إليها عادل قائلاً: أيوا كده يا طمطم، أضحكى محدش واخد منها حاجة
تمسح فاطمة دموعها قائلة: متشكرة يا أبيه، ربنا ما يحرمنى منك
عادل: متشكرة على إيه يا عبيطة، دا إنتى بنت خالى يعنى أختى، طب أقولك سر ومتقولهوش لخالد عشان بيتغاظ منى لما بقوله
فاطمة: سر إيه؟
عادل: دايما بيجيلى إحساس إنى أنا اللي هبقى وكيلك يوم فرحك، وأنا كمان اللي هسلمك بإيدى لعريسك
فاطمة: غريبة، بس إزاى، بابا موجود ربنا يخليه، وهو اللي هيسلمنى لعريسى دا لو أتجوزت يعنى
عادل: خالى ربنا يديله الصحة وطولة العمر، يا ستى بهزر، دا مجرد إحساس، قال يعنى لو خالى مش موجود لا قدر الله، خالد هيسيبنى، ما أنت عارفة واخدك بوضع اليد
وفى خارج الشرفة: يجلس خالد بجانب حنين، ولكن عينيه تتجول المكان باحثة عن أحد ما، تنظر له حنين فى تعجب قائلة: خالد، أنت بدور على مين ؟
خالد: مش عارفة فاطمة بقالها كتير مختفية، مش عارف راحت فين؟
حنين: تلاقيها راحت هنا ولا هنا
ينظر خالد فى إتجاه الشرفة، ليجد فاطمة تخرج منها وبرفقتها عادل، فيبدو على ملامحه الضيق قائلاً: أهى هناك، بس كانت بتعمل إيه مع عادل فى التراس
تنظر له حنين فى ضيق قائلة: وفيها إيه، هو مش أبن عمتها، وبعدين ممكن تركز معايا بقى شوية
ينظر لها خالد قائلاً: أسف يا حبيبتى، أنا معاكى أهو
ينظر خالد إلى الفراغ وهو يتوعد إلى عادل الذى ينتهز فرصة إنشغاله ويقوم بدوره فى حياة فاطمة
من جهة أخرى، تقترب وردة من عادل وفاطمة، وعيناها لا تفارق عادل قائلة: إيه يا طمطم، كنتى فين، بدور عليكى من الصبح؟
فاطمة وقد لاحظت نظرات وردة لعادل قائلة: كنت فى التراس بشم هوا
وتنظر لعادل قائلة: نسيت أعرفك يا عادل، دى وردة، أقرب صديقة ليا، تقدر تعتبرها أختى
عادل: آه، شوفتها قبل كده، أهلا يا أنسة وردة
وردة فى هيام: أنسة إيه بقى، بتقولك أختها، قولى يا وردة، يا دودو، اللي يعجبك يعنى
ينظر عادل إلى وردة رافعاً أحد حاجبيه، فتحاول فاطمة تهدئة وضع الهائمة بجوارها قائلة وهو تنكزها فى كتفها: معلش يا عادل، وردة بتحب الهزار شوية
عادل: لا ما هو واضح، أنا هروح أشوف بابا عشان بيشاورلى، عن إذنكم.
يتركهم عادل ويغادر، فتنظر فاطمة لوردة فى عتاب قائلة: إنتى أتجننتى يا وردة، مش قادرة تمسكى نفسك أدامه شوية، يقول عليكى إيه دلوقتى
وردة: يا أختى يقول اللي يقوله، دا قمر يا طمطم قمر، طول بعرض بجنتلة، دا شبه رشدى اباظة فى الرجل الثانى
تضحك عليها فاطمة قائلة: لا أنا هروح أشوف بابا أحسن من الجنان ده
ينتهى حفل الزفاف، يأخذ خالد حنين إلى الغردقة لقضاء شهر العسل، أما عاصم فيأخذ مريم إلى منزله بعد أن أصرت ألَّا تترك فاطمة بمفردها وتسافر، ومن جديد أصبحت فاطمة تعيش بين أب وأم يحاوطوناها بالحب والحنان.
ظلت فاطمة فى هذه الليلة ساهرة، لا تستطيع النوم، تفكر فى خالد وتنظر إلى صورته التى تعلم جيداً أنها أصبحت الذكرى الوحيدة التى سوف تصحبها خلال أيامها القادمة، لم تشعر فاطمة بأن النهار قد غطى الليل وأعلن بدء اليوم الجديد، نظرت إلى الشباك الذى يخرج منه النور، ثم أعادت النظر غلى صورة خالد قائلة: تصدق النهار طلع ومحستش بالوقت.
تنظر فاطمة إلى ساعتها لتجدها أصبحت الثامنة والنصف، فتعيد النظر إلى صورته مرة أخرى قائلة: كنت متعودى كل يوم الصبح فى نفس الميعاد ده أصحى على تليفونك، تطمن عليا إنى صحيت، وتكون أول صوت أبدأ بيه يومى
وتكمل حديثها فى حزن قائلة: بس خلاص لازم أنسى كل ده، مبقاش من حقى أخد أى جزء من إهتمامك، لازم أتعود إنه بعيد عنى
تقوم فاطمة من مكانها متجهة إلى الحمام، ولكن يوقفها صوت تليفونها يرن، تنظر له فاطمة من بعيد فى دهشة قائلة: مين اللي بيرن دلوقتى؟
تمسك بهاتفها بهاتفها، وتنظر إلى الأسم، فتتسع عيناها حين تجد المتصل خالد
فاطمة فى نفسها: مش ممكن، خالد !
تجيب فاطمة قائلة: أبيه خالد، فى حاجة ؟
خالد: مالك يا طمطم، مستغربة ليه، هو مش أنا متعود أصحيكى كل يوم الصبح
فاطمة: أيوا، بس أنا قولت حضرتك يعنى فى شهر العسل وعريس وكده، وأكيد هتنسى
خالد: وأنا من إمتى بنسى حاجة تخصك، قوليلى صاحية ولا كسلانة زى عادتك
فاطمة: لا صاحية يا أبيه
خالد: طب يالا أبدأى يومك، ومش هوصيكى على الشركة بقى
فاطمة: حاضر يا أبيه، سلميلى على حنين
فاطمة فى نفسها بعد أن تغلق الهاتف: بتصعبها عليا ليه يا خالد؟!
يغلق خالد الهاتف، فيجد حنين تقف خلفه وتنظر إليه فى ضيق قائلة: بتعمل إيه خالد؟
خالد: حنين! إيه اللي قومك يا حبيبتى دلوقتى؟
حنين: قومت من النوم ملقتكش جنبى، أستغربت إيه اللي مقومك دلوقتى من النوم وإحنا نايمين الصبح
خالد: آه يا حبيبتى معلش، بس كان لازم أطمن على فاطمة، هى متعودة بتصل بيها الصبح كل يوم أطمن عليها
حنين: حتى يوم صباحيتك يا خالد؟!
يقترب منها خالد مقبلاً يديها فى حب قائلاً: معلش يا حبيبتى، دى عادة بقالى سنين بعملها، ومكنتش حابب أقطعها، وعلى العموم أنا هصالحك وأوعدك مش هخلى أى حاجة تشغلنى عنك تانى، ها لسة زعلانة؟
توميء له حنين رأسها بالرفض وتبتسم له
بعد مرور عدة أيام:
تدخل فاطمة الشركة متجهة إلى مكتب خالد الخالى، وتجلس على كرسيه كعادتها فى أخر أيام، يدخل عليها حسام بضجته المعهودة قائلاً: لا ما هو ده مش كلام، مش هو يروح يتفسح ويعمل شهر عسل وأنا أدبس فى الشغل لوحدى
فاطمة: مالك بس يا بشمهندش حسام؟
حسام: أبيهك ده يا ستى اللي سافر وقال عدولى، مش يراعى إن فى مصالح
فاطمة: حضرتك اللي بتقول كده، أمال أنا أقول إيه، دا أنا حايلة لسه طالبة فى سنة رابعة، وهو سايبنى مكانه
حسام: ما أنا بسيبلك الحاجات الخفيفة، وواخد أنا التقايل كلها، ولا هتنكرى إنتى كمان زى أبيهك خالد
فاطمة: لا أنا أقدر، متشكرين جمايلك يا بشمهندس
حسام: طب أسمعى بقى، إنتى أول ما يكلمك تقوليلى يخلى فى وشه نقطة دم ويرجع، وكفاية عليه عسل لحد كده، دا حتى الواحد يجزع من كتر العسل
فاطمة: يا سلام، ما تقوله أنت، أشمعنى أنا اللي مصدرنى ليه؟
حسام: مبيردش عليا يا أختى، تقولش مرات أبوه، لكن إنتى بيرد عليكى، أنا ماشى، هروح أشوف الهم المتلتل ورايا
يخرج حسام وسط ضحكات فاطمة، ويطرق الباب مرة أخرى، لتتفاجيء بدخول شادى عليها
فاطمة: خير يا شادى؟
شادى: دى الحسابات اللي طلبتى تراجعيها ؟
فاطمة: تمام، متشكرة أوى يا شادى.
شادى: أنا اللي عايز أشكرك عشان أخترتينى من ضمن قسم الحسابات كله عشان تراجعى معايا حسابات الشركة
فاطمة: ما هو أنا بصراحة معرفش حد غيرك، وأنت عارف أبيه خالد سيبلى الشركة أنا وبشمهندس حسام لحد ما يرجع
ينظر لها شادى بحب قائلاً: دا من حظى
ترتبك فاطمة من نظرته لها، وتكمل حديثها قائلة: أحم، طب ممكن بقى نكمل شغل ؟
شادى: موافق، بس عندى طلب، أعتبريه رجاء، أعزمك على الغدا النهاردة
تنظر له فاطمة بعد تفكير قائلة: موافقة بس بشرط
شادى: عااااارف، نتغدى فى بوفيه الشركة، حفظت خلاص
تضحك فاطمة على كلامه ويكملا حديثهما عن الشغل.
فى فيلا الصفدى:
تجلس غالية فى إنتظار غادة التى أرسلت بقدومها بعد وفاة وليد، تدخل غادة برفقة يحيي وعادل الذى يحمل عادل الصغير، وترتدى فستانا أسودا، تركض إليها غالية وتحتضنها قائلة: غادة، بنتى، وحشتينى أوى، البقاء لله يا بنتى
تنظر لها غادة نظرات لوم وعتبا دون أن تجيبها، فتكمل غالية حديثها قائلة: إنتى مبترديش عليا ليه يا غادة ؟
يحيي: سيبيها يا غالية، هى فيها اللي مكفيها، ولما تهدى شوية هتتكلم
عادل: بابا معاه حق يا ماما، اللي شافته غادة وموت جوزها فى حادثة فى الغرفة حاجة مش سهلة خالص
تنظر لها غالية فى قلق، فتجيبها بعينيها نظرات كلها آلم ووجع، تتركهم غادة وتتوجه إلى غرفتها.
فى اليوم التالى:
كانت غادة تجلس فى غرفتها، تضم ركبتيها إلى صدرها،وتنظر إلى الفراغ فى شرود، يدخل عليها عادل ومعه غالية، ترفع غادة عينيها تنظر إليهم، ثم تعيد النظر إلى الفراغ من جديد
عادل: وبعدين يا غادة، هتفضلى لحد إمتى كده ؟
غادة: عايزنى أعمل إيه يا عادل ؟
عادل: عايزك تفوقى يا حبيبتى، عشان خاطر نفسك وابنك اللي مبقاش له غيرك دلوقتى.
غالية: عادل معاه حق يا غادة، ابنك دلوقتى محتاجلك، أنا عارفة إن صدمة موت وليد صعب عليكى، بس إنتى مش أول ولا أخر واحدة جوزها يموت
تنظر لها غادة فى سخرية ممزوجة بالحزن قائلة: وإنتى بقى فاكرة إنى حالتى دى عشان أنا زعلانة على موت وليد
غالية: امال هتكونى زعلانة من إيه؟
تقوم غادة من مكانها وقد أرتفعت نبرة صوتها قائلة: أنا زعلانة على نفسي يا غالية هانم، نفسي اللي طاوعتك زمان لما وافقت وأتجوزت وليد، ومحدش دفع التمن غيرى، أنا بس اللي دفعت التمن
غالية: دفعتى تمن إيه يا غادة، إنتى أتجوزتى وليد ابن الحسب والنسب، اللي فلوسه تعدى البرج.
غادة فى صراخ: فلوس، فلوس، فلوس، هى دى الحاجة الوحيدة اللي بتفكرى فيها، الفلوس وبس، رفضتى جوازى من خالد عشان الفلوس، وجوزتينى وليد عشان الفلوس، عمرك فكرتى أنا عايشة إزاى، مبسوطة ولا زعلانة، بضحك ولا بعيط، عمرك سألتى نفسك مرة واحدة انا ليه منزلتش مصر من ساعة ما أتجوزت
عادل: أنا كنت بسأل ماما عليكى كتير يا غادة، وكانت دايما تقول إنك مبسوطة مع وليد، وإنه مشغول عشان كده مبتنزليش مصر.
غادة: دا عشان هى كانت عايزة تقنع نفسها بكده، من وجهة نظرها إيه اللي هيضايقنى طالما أتجوزت واحد غنى، كان كل اللي يهمها الفلوس والمركز الإجتماعى، والتمن كان أنا، عمرى وسنينى اللي ضاعت، عايزة تعرفى دفعت التمن إيه، دفعته من ذلى وإهانتى بإستمرار، دفعته من حبسي بين أربع حيطان كأنى كلبة ملهاش أهل، دفعته من ضربى بسبب ومن غير سبب أدام أبنى، دفعته من معاملتى كأنى جارية، دفعته من عمرى وحياتى اللي راحت وانا كل يوم بدعى ربنا يريحنى من اللي أنا فيه.
وتكشف غادة عن كتفها ليجدوا حرقاً له علامة فى كتفها، لتكمل غادة قائلة: شايفة دى يا غالية هانم، دى كنت نايمة ومردتش ألبى رغبة وليد بيه وهو جاى سكران أخر الليل، راح كتفنى وحط كتفى على الدفاية وهى والعة، فضلت أصرخ من الآلم، بس هو كان بيستلذ إنه يسمع صراخى، دا غير علامات من دى كتير على جسمى، واللي فى قلبى أكتر بكتير من اللي على جسمى
عادل فى غضب: الحيوان، كان بيضربك، وليه مقولتليش، وأنا كنت سافرت وشربت من دمه.
غادة: كان بيهددنى لو قولت لحد فيكم هيوصلنى ليكم فى نعش، دا غير إنى خفت عليك يا عادل، لو كنت جيت ودافعت عنى، كان ممكن يلبسك تهمة أو يأذيك، وليد مكنش عنده لا قلب ولا رحمة
تنظر غادة لغالية التى نزلت كلمات غادة عليا كالصاعقة شلت لسانها على الحديث، لتكمل غادة حديثها: ها يا غالة هانم، يا ترى التمن اللي دفعته يساوى الفلوس اللي إنتى بتتكلمى عليها
يقطع حديثهم دخول يحيي قائلاً: مساء الخير يا ولاد
عادل وغادة: مساء النور يا بابا.
ينظر يحيي لغادة فى حزن قائلاً: أنا خلصت إجراءات الدفن يا بنتى، وخلاص أدفن، معلش أنا عارف إنه ميستهلش، بس إكرام الميت دفنه، ومهما كان هو أبو ابننا
غادة: مش هقول غير ربنا يسامحه
يحيي: غادة يا بنتى، محامى المرحوم مستنيكى تحت، وعايز يتكلم معاكى
غادة: حاضر يا بابا، أنا نازلة
وتنظر لغالية التى ألجمها ما عرفته عن غادة عن الكلام، قائلة فى سخرية: إظاهر اللي حلمتى بيه بيتحقق
ينزل الجميع لمقابلة محامى وليد، ينظر المحامى إلى غادة قائلاً: البقية فى حياتك يا مدام غادة
غادة: شكرا.
المحامى: أنا عارف إنى اللي هقوله دا مش وقته، بس دى حقوق ولازم تتسلم لصحابها
عادل: كمل يا أستاذ، إحنا سامعينك
ينظر المحامى إلى غادة قائلاً: طبعا يا مدام غادة إنتى عارفة إنك ملكيش إنك تورثى فى المرحوم لأنه طلقك قبل أما يموت
توميء له غادة رأسها بالموافقة، أما كلمة الطلاق فنزلت كالصاعقة على الجميع
يحيي فى صدمة: طلقك؟!
غادة: أيوا يا بابا طلقنى قبل الحادثة بدقايق، كان نازل وقبل ما ينزل رمى عليا اليمين
عادل: وإزاى مقولتلناش ساعتها.
غادة: كان مانع عليا التليفون كذا شهر، ولما طلقنى وجيت أكلمكم عرفت بخبر وفاته وأتلهيت فيه
المحامى: بس اللي مثبوت أدامى بورق رسمى إن وليد بيه طلقك قبل الحادث بتلات شهور ونص، يعنى كمان كانت عدتك خلصت
غادة فى صدمة: إزاى الكلام ده، لا هو رمى عليا اليمين يوم الحادثة
عادل فى غضب: أنت بتقول إيه يا أستاذ، يعنى إيه طلق أختى قبل الحادثة بتلات شهور ونص، يعنى طلقها وفضل عايش معاها
يحيي: أهدى يا عادل خلينا نفهم الموضوع.
عادل: نفهم إيه يا بابا، نفهم إن البيه كان عايش مع أختى تلات شهور فى الحرام وهى مراته
غادة فى حزن مميت: ياااااااه للدرجة دى كان شايفنى رخيصة فى نظره، على العموم أطمن يا عادل، وليد قبل أما يموت بأربع شهور ملمسنيش، كان بيجى البيت كل كام يوم يبص علينا ويمشى، وكان بتحجج إنه قرفان منى ومش عايز يشوف وشى، أتاريه كان مطلقنى وأنا معرفش
يحيي: للدرجة دى كان إنسان حقير، الله ما يسامحه.
المحامى: خلاص يا يحيي بيه هو راح، وحسابه عند ربنا، المهم دلوقتى إن مدام غادة ملهاش فى ورث وليد بيه
غادة: يغور بفلوسه، الله يقحمه مطرح ما راح
عادل: لكن ابنه ليه حق طبعا
المحامى: ودا الموضوع التانى اللي عايز أكلمكم فيه، الميراث هيتقسم بالشرع بين عادل ابن المرحوم من مدام غادة وبين ابنه التانى
غادة: ابنه التانى ؟!
المحامى: أيوا المرحوم كان متجوز من مدام سهير ومخلف منه ولد مسميه أيمن وشرعا هو ليه نصيب فى ورث أبوه، مش بس هو ومدام سهير كمان لأنه مات وهى على ذمته
غادة: أنت بتقول إيه، سهير مين، وأيمن مين، وليد كان متجوز عليا؟
المحامى: للأسف هى دى الحقيقة يا مدام غادة، وليد بيه أتجوز مدام سهير، أتعرف عليها فى فرح واحد صديقه كانت هى اللي بترقص، وساعتها قامت بينهم علاقة وأتجوزها على سنة الله ورسوله، وخلف منها أبنه أيمن أخو ابن حضرتك
وهنا وقفت غادة تضحك فى هيسترية ممزوجة بالبكاء قائلة: أنا وليد أتجوز عليا رقاصة، لا ومات وهى على ذمته، يعنى طلقنى أنا غادة الصفدى، وخلى الرقاصة،شوفتوا النكتة.
وتنظر لغالية التى كانت تنظر إليهم فى حزن وآسي دون أن تنطق بأى كلمة، ويبدو عليها التعب من كثرة الصدمات التى تلقيتها، فتكمل غادة صراخها قائلة: أفرحى يا غالية هانم، مش هى دى الفلوس اللي بعتى بنتك عشانها، شوفتى طلعتى بعتينى ببلاش، لا وطلع لأبنى أخ من رقاصة، أضحكى، مبتضحكيش ليه،حفيدك يا غالية هانم الحديدى ليه أخ من رقاصة، ولا تلاقيكى زعلانة عشان البيعة طلعت خسرانة، أيوا يا ماما خسرانة
وتكمل بصراخ أعلى قائلة: أنا طلعت بيعة خسرانة، طلعت بيعة خسرانة.
تنظر لها غالية ويتردد إلى أذنيها كلمات عاصم
" للأسف اللي هيدفع تمن غباءك بنتك "
" إنتى النهاردة من غير ما تحسى عيدتى لبنتك نفس اللي عملتيه مع مريم زمان "
" على العموم حتى لو نسيتى غادة بنتك هتفكرك"
" على العموم حتى لو نسيتى غادة بنتك هتفكرك"
" على العموم حتى لو نسيتى غادة بنتك هتفكرك"
ظلت أخر كلماته تتردد فى أذنيها، وإلى هنا لم تستطع الصمود فوقعت مغشياً عليها فى صراخ من غادة وعادل: مااااااااما !