قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل الخامس

رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل الخامس

رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل الخامس

داخل سيارة كريم
كان قد تحول وجهه الي اللون الأحمر من شدة غضبه و هو يصرخ في داليدا بقوة قائلا:
- مش مشكلتي قال أيه عن جوز حضرتك ولا هتكون مشكلتي، ده شغل مش هقول ليه لو سمحت متدخلش في شغل جوز أمي و سيبه في حاله و فيه احتمالية أنه فاسد
حاولت داليدا أمتصاص غضب كريم و أردفت بهدوء:
- حبيبي ده عمك مش جوزي بس.

ضغط كريم علي المكابح بقوة فتوقفت السيارة و حمدت دليدا ربها أنها تضع حذام الأمان، نظر لها كريم و تحدث:.

- عمي بجد! و لما هو عمي أتجوزتيه ليه بعد موت بابا الله يرحمه، أو الأحسن أقول بعد ما أتقتل، أنتي بعد ما ولدتيني بسنة أتجوزتي خالد يا ماما، مفكرتيش ممكن أبنك ده لما يكبر يكون راضي عن اللي عملتيه ولا لأ، أنتي خدتي قرارك و خلاص، أول ما جوزك مات و مفيش 5 شهور و كنتي أتجوزتي، انا حتي بقيت حاسس أنك ما صدقتي و كنتي بتخوني بابا مع عمي
فركت داليدا يدها بتوتر مردفة:
- كريم أنت بتقول أيه يا حبيبي أعقل.

- أنا عاقل يا أمي، بس لو سمحتي سيبيني في حالي، قولتلك محتاج أعتمد علي نفسي و انتي مصممة تبعتي السخيف اللي بيراقبني ده ورايا، و جيتي و بوظتي خطوبة زينة، أنا ليه بقيت حاسس أنك واحدة تانية أنا معرفهاش
صمت كريم لثواني قبل أن يتنهد بعمق مردفاً:
- انزلي يا ماما
نظرت له بصدمة و تحدثت:
- أيه؟!
- أنزلي يا ماما، خدي تاكسي بعد أذنك يلا.

أقترب منها و فتح الباب لتنظر له داليدا بقلق تشعر أنها تنهي علاقتها بطفلها الذي تعشقه، حاولت أن تربت علي كتفه و لكنه أبتعد و نظر أمامه، فهبطت من السيارة بحزن و أغلقت الباب خلفها، لينطلق كريم بالسيارة مسرعاً

في المقطم في الشارع رقم 9.

جلس الجميع حول حسناء يحاولون تهدأتها و هي تبكي بقوة و جسدها يرتجف خوفا مما هو قادم، تخاف من ماضي إذا كُشف سيدمر حياة عائلتها بأكملها، أبعد عزيز زينة من جوار حسناء و ضم حسناء الي صدره بحنان قائلا:
- أهدي يا حبيبتي كله هيكون بخير، كلها سنتين و محدش هيقدر يعمل معاكي اي حاجة يا حسناء
أمسكت حسناء قميصه بقوة و أنفجرت في البكاء قائله:.

- المرة دي معرفوناش، المرة الجاية هيعرفوا و هيفتكروا اللي حصل، هيدوروا ورانا، هيعرفوا كل حاجة يا عزيز
جلس جاسر أمام قدمي حسناء علي الأرض و أمسك بيدها و قبلها بحب مردفاً:.

- ماما يا حبيبتي كلنا معاكي، أوعي تفتكري اننا هنسيبك أبداً، احنا ممكن نموت نفسنا علشانك، أنتي مصدر قوتنا خلينا أحنا كمان كده بالنسبالك، و أحنا أطفالك كنتي بتشيلينا علي كتفك و لما كبرنا شوية بقينا بنسند عليكي و أحنا ماشيين، جه وقتنا أحنا نشيلك و نسندك أرجوكي خليكي واثقة فينا اننا دايماً جنبك، و ربنا كمان جنبك و عارف أنك معملتيش حاجة غلط.

وقف عزيز و أتجه الي غرفته بين حيرة و تعجب من الجميع ثم خرج يحمل أربعة صناديق سوداء بشكل جذاب، و أعطي لكل منهم صندوق بما فيهم حسناء ثم تحدث بعد تنهيدة طويلة:
- أفتحوا الصناديق
فتح الجميع الصناديق في تعجب ليظهر مسدس في كل صندوق، نظروا الي بعضهم بتعجب ثم توحدت أنظارهم نحو عزيز الذي تحدث:.

- المسدسات دي هتلاقوا جنبها رخصة كل مسدس، بعد اللي حصل مع زينة أنا قررت يبقي لكل واحد فيهم سلاح يدافع بيه عن نفسه تحسباً لأي موقف ممكن نتعرض ليه
تحدثت ريهام برهبة شديدة:
- بابا لا، أنا مش هقدر أنت عارف أنا بخاف من الحاجات دي، أنا بترعب مش بخاف بس، بابا أنا مخرجة تليفزيون يعني يوم ما أسمع ضرب نار هيكون مسدس صوت و مش هيخوفني، أنا مش هقدر.

مدت يدها الي عزيز بالصندوق بعد أن أغلقت و لكنه ضمه الي معدتها قائلا:
- مفيش لا يا ريهام، لحد ما الأزمة اللي أحنا فيها دي تعدي لازم يكون ده معاكم، و إياك حد منكم يقول لأي مخلوق أنه معاه مسدس، ولا حتي معتصم يا زينة
نظر الي جاسر و تحدث:
- ولا حتي كريم يا جاسر، أنتو قربتوا من بعض أوي الفترة اللي فاتت، خليك حذر معاه لحد ما نعرف هو عايز أيه فاهمني.

أومأ جاسر برأسه بصمت، فتحدثت زينة بتشتت و هي تقف من مجلسها:
- أنا عندي بكره شغل، لازم أروح أنام، تصبحوا علي خير

تنهد كريم بقوة قبل أن يدق علي باب منزل عزيز و أسرته، و سرعان ما فتحت زينة فلا بد أنها كانت في طريقها الي العمل، حاولت رسم إبتسامة جميلة و أخفت صوتها المهزوز فأردفت:
- صباح الخير يا كريم
- مش صباح الخير ولا حاجة، العيلة كلها موجودة جوه؟
نظرت له بتعجب و أومأت برأسها و سألته:
- ليه؟!

- طب دخليني و جمعيهم بعد أذنك عاوز أتكلم معاكم كلكم
أبتعدت عن الباب و هي تشير الي الداخل قائله:
- طيب أتفضل و انا هنادي الكل
دلف كريم الي الصالون و جلس علي أحد الكراسي و خلال دقيقتان كان قد أجتمع الجميع أمامه فتحدث:
- أول حاجة أسف علشان جمعتكم كلكم كده مرة واحدة و جاي من بدري بس قولت ألحقكم قبل ما تروحوا الشغل
أبتسم عزيز و أردف:
- لا يا كريم عادي مفيش حاجة متعتذرش.

- لا لازم أعتذر لو مش علشان كده فعلشان اللي ماما عملته في خطوبة زينة، انا بجد أسف أوي علي اللي حصل بقالي يومين بحاول أجمع كلام علشان أقوله ليكم و زعلان جداً من السور اللي اتبني بينا بعد اللي حصل، جاسر مبقاش بيسأل ولا حد منكم كمان، حاسس أن حصل توتر ما بينا بسبب اللي حصل فأنا أسف جدا ليكم كلكم
أبتسم جاسر و أقترب من كريم مربتاً علي ظهره قائلا بمرح:.

- أستني ده أنت لسه هتعتذر لتالت مرة، واخدين جنب ايه يا ابني، هو انا مش قايلك بعد ما رجعت أنا و ريهام من الجونة و خلصنا التصوير اللي هناك فيه هنا شغل لفوق دماغنا ولازم الفيلم يخلص بأقصي سرعة، و زينة لسه مخطوبة يا في الشغل بتعمل مصيبة يا مع معتصم، و بابا كمان مشغول في البرنامج بتاعه و شغال علي تحقيق خالد الدهشـوري و كأنه تحقيق العمر كله.

صمت جاسر بعد أن أستوعب ما تفوه به للتو، و أوشك علي الأعتذار و لكن أوقفه كريم مسرعاً قائلا:.

- انا معنديش أي مشكلة مع برنامج عمي عزيز او مع تحقيقه عن خالد الدهشوري، ده شغلك و انا مليش دعوة بيه و ميهمنيش أصلا أي حاجة خالد بيعملها، حضرتك لو قدرت تدخله السجن لو هو فاسد فعلاً فأنا ممكن أساندك لو أحتاجت حاجة، خالد مش أكتر من جوز أمي، فنخلي موضوع خالد بلاش كلام فيه بحساسية، زيه زي أي موضوع ممكن نتكلم فيه
صمت كريم للحظات قبل أن يكمل:.

- أنا بس جيت أعتذر و اتأكد أننا أتصافينا جدا و معدش فيه أي مشاكل
ضربته زينة علي كتفه بقوة و مرح قائله:
- صافية لبن يا كيمو
أمسك كريم ذراعه بوجع قائلا:
- دراعي اتخلع يا زينة بالراحة
أقترب عزيز من كريم و احتضنه مردفاً:
- أنت واحد من العيلة دي يا كريم و ربنا يعلم معزتك عندنا قد أيه
.

أعيش بداخل قصة طويلة، تمتد بدايتها منذ زمن ليس ببعيد ولا بقريب، كان كل ما بها في البداية هادئاً حتي جاءت عاصفة أجتاحت القصة لتغير مسار كل الأحداث، و لكن عادت الأمور طبيعية نوعاً ما، و أصبحت الحياة مثل باقي البشر، حتي جاء ذلك اليوم الذي دُمِّرت فيه حياتي وحياة عائلتي، أقتربت النيران من البنزين، أو ربما أقتربت من فتيل قنبلة، ففي كلتا الحالتين سيصبح الأمر أشبه بأنفجار ضخم سيحرق الكثير و الكثير، سيحرق أناساً، أحلاماً، و ذكريات، أتمني وقتها أن أبتعد انا و كل من أحب عن هذه النيران، فأنا مثل كل فتاة ترغب في حياة مثيرة مليئة بالمغامرات، و لكن ليس مع خسارة من أحب، انا متمردة و أعشق أن أكون متميزة و منفردة، و لكن هذا لا يعني بالمرة بأن تكون قصتي ذات نهاية سيئة، أريد قصتي في كل مشهد منها أن تكون السعادة هي مصدرها، أريد ان أكتب رواية لأحكي بها عن ما أمُّر به أنا و من أحب، قصة مشوقة ربما ستجذب الكثيرين و لكن بعد أن يتم الجميع قرائته سنخاف من كونها حقيقية تماماً، سنتمني ان لا نصبح يوماً نحن أو أطفالنا في مكان من كتبت تلك السطور التي تجرح القلب و تؤدي بالعقل للجنون و الذهول من وجود اناساً مثل هؤلاء علي قيد الحياة، متمردة .

ضغطت علي زر النشر، ثم أغلقت حاسوبها و تنهدت بتعب، أمسكت بكوب قهوتها و بدأت في الأرتشاف منه، الي أن دق الباب و دلف منير قائلا:
- زينة، مستر عادل عاوزك
هزت رأسها بالموافقة و هي تشرب أخر ما في كوبها قبل ان تقلب الفنجان علي الطبق و تقف متجهة الي الباب و سألت منير:
- رايحاله اهوه يا رب يكون تحقيق جديد أو خبر حلو.

- لا هو مزاجه رايق شكل فيه خبر حلو و ميمنعش وجود تحقيق، اسيبك انا بقي علشان بجري ورا واحد هيقطع نفسي قريب بس هجيب أخباره يعني هجيبها

في التجمع الخامس بمنزل خالد.

دلفت داليدا من باب المنزل، لتجد المكان يعمه السكون كعادته، نظرت حولها لتجد خالد يجلس علي مقعد واضعاً قدماً فوق الآخري و في يده سيجارته البنية، سحب نفس طويل منه و أخرجه من أنفه علي هيئة دخان، ثم وقف متجهاً نحوها قائلا بهدوء شديد، لابد أنه الهدوء الذي يسبق العاصفة:
- أنتي عارفة أنك عملتي مصيبة ولا لأ؟!
- أنا معملتش حاجة غلط، كان لازم يعرفوا أنهم لازم يخافوا مننا.

وضع خالد كف يده علي رقبتها و دفعها بقوة الي الباب و بدأ بخنقها بقوة قائلا بشحنة مرتفعة من الغضب:
- و لما تهدديهم يكون وسط الصحافة و الناس مش كده، ازاي تعملي حركة زي دي من غير ما تاخدي رأيي يا داليدا أزاي
وقعت حقيبتها الي الأرض فأمسكت بيده و حاولت إبعادها عنها و هي تشعر بالإختناق و تحول وجهها الي اللون الأزرق الخافت، و نطقت ببطئ:
- أنا أسفه، مش هعمل كده تاني.

أبعد يده عنها ثم أخرج سلاحه من بنطاله قائلاً بنبرة تحمل بين طبقاتها التهديد:
- أي حركة غبية تاني مش هتردد لحظة إني أفضي المسدس ده عليكي يا داليدا فاهمه
بدأت بالسعال بقوة و هي تضع يدها علي رقبتها و تهز رأسها بعنف دليل علي فهمها فتحدث خالد:
- متظهريش قدام الناس تاني أبداً غير لما أقولك و أشوف حل للفضيحة اللي عملتيها دي
أومأت برأسها من جديد مردفة:
- حاضر
- يلا علي أوضتك.

تركها لتصعد الي غرفتها، بينما عاد هو ليجلس علي المقعد و أمسك بهاتفه و ضغط علي بعض الأرقام، وضع الهاتف علي أذنه ليتحدث بنبرة حادة:
- نظملي مؤتمر صحفي يا فوزي بكره الصبح
- تحت امرك يا خالد بيه

قبل تسعة و عشرين عاماً
في حي الحلمية بالقاهرة
جلست جنات أمام ثرية والدتها بتوتر و هي تفرك يديها، فتحدثت ثرية:
- في أيه يا جنات
أبتلعت جنات ما في حلقها قبل أن تقترب لتجلس بجوارها مباشرةً قائله:.

- ماما، فيه واحد بيحبني و عاوز يتجوزني
نظرت لها ثرية بإهتمام قائله:
- مين ده يا بت؟!
- أسمه كامل يا ماما
- أيوه تعرفيه منين يعني زميلك في الشغل؟!
صمتت لثواني ليرتفع صوت ثرية مردفة:
- ما تنطقي يا بت مين ده؟
- صاحب الفندق اللي بشتغل فيه يا ماما
وقفت ثرية بفزع و هي تلطم علي صغدها و تحدثت بعد صرخة منخفضة مردفة:.

- يالهوي، صاحب فندق مين يا بت اللي بيحبك و عاوز يتجوزك ده بيلعب بيكي يا هبلة هيبصلك علي أيه ده لا من طينتنا ولا أحنا نشبهله في أي حاجة
- يا ماما أسمعيني بس
جلست ثرية و هي تضرب علي فخذ جنات بغضب مردفة:.

- لا هسمع ولا غيره، الواد ده تبعدي عنه خالص يا جنات، شاف فيكي ايه يا اختي مالك ولا جمالك، الناس دي بتلعب بالغلابة اللي زينا زي ما بيلعبوا بالفلوس، بيشربونا زي السجارة بالظبط حاجة حلوه بتمتعهم و أول ما تبدأ تمرر معاهم في الأخر بيرموها في الأرض و يدوسوا عليها بجذمهم، خليكي بعيدة عن الواد ده و ركزي في شغلك يا جنات يا و رحمه أبوكي الا مات و انا مش راضية عنه أقعدك من الشغل و بدل ما تخدمي الناس في الفندق تيجي تخدميهم هنا في بيوت الحي، هاه قولتي أيه؟!

تحدثت جنات و هي تحاول أكتساب عطف والدتها مردفة:
- ماما، حبيبتي أنتي، علطول بتدعيلي إن ربنا يرزقني بواحد أبن ناس و محترم يحافظ عليا و يعيشني عيشة كويسة بدل المرمطة دي، أهوه جه يا ماما و بيحبني أوي، أديله فرصة بس و النبي.

- بت يا جنات متلعبيش في دماغي، الواد ده لأ يعني لأ، دول ناس كبرات و احنا مش قدهم و لو كان بيلعب بيكي و مش بيحبك نروح نجيب حقك من مين يا بنتي، أنا عايزة مصلحتك يا بت أسمعي كلامي، و لو أنا وافقت و هو فعلا طلع محترم و بيحبك يبقي أهله مستحيل يرضوا بيكي أحنا أخرنا نشتغل في بيوتهم يا جنات مش نعيش فيها و نتجوزهم.

- ماما أرجوكي فرصة واحدة بس ليه، حتي خليه ييجي يقابلك و لو معجبكيش و مقتنعتيش بكلامه أبقي أطرديه
تنهدت ثرية مردفة بقلة حيلة:
- أنا عارفة أني هغلب معاكي، خليه ييجي يا جنات و أنا هجيب خالك رؤوف يقعد معانا، ما أحنا 2 ولايا بردوا لوحدنا
هزت جنات رأسها نافية بسرعة شديدة:.

- لا يا ماما لا خالي لأ، أنا أسفه ليكي أنه أخوكي بس ده هيجوزني ليه علشان يخليه يدفع مهر قد كده يحطه في جيبه، خالي جشع يا أمي و هيكسفنا قدام كامل، هيفتكرنا طمعانين في فلوسه، و بعدين لما ابويا مات يا أمي مين كان راجل البيت هنا مش أنتي؟! حد من أخوالي دول وقف جنبك؟ لا يا أمي سابوكي لوحدك و قالولك أتصرفي و رمونا في الشارع، أنا و أنتي كفاية و انا واثقة أنك نظرتك صح سواء وافقتي عليه أو رفضتي يا أمي.

صمت ثرية قليلاً و هي تفكر بكلمات جنات، فهي محقة شقيقها جشع و لن يهتم بأن يرمي بأبنتها في التهلكة من أجل المال، دعت ربها من داخلها أن تمضي الأيام القادمة علي خير و أن تُكتب السعادة التي حُرمت منها الي أبنتها قرة عينها و فلذة كبدها التي لن تسمح لأي شخص بأن يؤذيها
.

وقف صلاح الي جانب تيسيير والد زوجته المسقبلية و هو يلتقط كل ما يضعه تيسيير من مال علي مكتبه، ثم أغلق تيسيير الخزنة و نظر الي صلاح قائلا:
- لو أحتاجت أي حاجة تانية أبقي تعالي ليَّا، و دلوقتي أمشي أنا مشغول
أومأ صلاح برأسه مثل كلب مطيع لصاحبه و قد سال لعابه وهو يضع المال في حقيبته القماشية قائلا بسعادة:
- شكراً يا حمايا، أنا هروح أشوف مني.

أشار له تيسيير ليذهب، فخرج صلاح من المكتب و صعد الدرج نحو غرفة مني و فتحها و دلف، فوجدها تجلس علي الفراش ترتدي ثياب النوم التي تظهر جسدها و هي تمسك هاتفها و تبتسم، نظرت له و أعتدلت في مكانها و هي تمد يدها إليه ليمسك صلاح يدها و يقترب ليجلس بجوارها علي الفراش قائلاً و هو يتفحص جسدها بعينيه:
- ابوكي مليونير و انتي لهطة قشطة، أموت و أعرف عاوزة تتجوزيني ليه؟!

أحتضنته و قد ظهرت أبتسامتها الخبيثة و أردفت:
- علشان بحبك أوي يا صلاح
شعرت بيه يضع قبلات رقيقة علي رقبتها، لتمد يدها أسفل وسادتها و تحضر إبره مليئة بالمخدر و أقتربت بها من رقبته قائله بعذوبة:
- تصبح علي خير يا صلوحة
قبل أن يستوعب صلاح معني عبارتها كان قد شعر بإبرة تغرس في رقبته، عاد برأسه الي الخلف و تحدث بشرود:
- أنتي عملتي أيه؟!
وضعت رأسه علي الفراش و باقي جسده كذلك لتجيبه:.

- عملت اللي بقالي شهر بحاول اعمله و أخيراً هقدر يا صلاح
- أنا مش حاسس بجسمي
- و مش هتحس بعقلك كمان شوية و هتنام نومة طويلة شوية، لو كنت عايش و صحيت منها يبقي حظك حلو، أنما لو مت، فربنا يرحمك يا صلوحة
حاول صلاح أن يعتدل ولكن لم يعاونه جسده فتحدث بلسان ثقيل:
- أنتي عاوزة أيه يا مني و بتعملي أيه؟!

- هقولك قبل ما تروح في نوم طويل شوية، من 3 سنين جاتلي فكرة حلوه أوي، مبدأياً العقل بيدي أوامر للجسم و الجسم بينفذ فتخيل أعمل شريحة و أزرعها في جزء من عقلك هيساعدها تشتغل فيه، و بالشريحة دي تبقي تحت سيطرتي بالكامل، يعني اللي أقولك عليه تنفذه من غير نقاش، أقتل ده، انقذ ده، حب ده، أكره ده
صمت للحظات قبل أن تكمل بإبتسامة حماسية مريضة:.

- حاجة حلوه صح، جيش كبير أوي بياخد أوامره مني و بينفذها، العالم هيكون تحت أمري يا صلاح، التجربة دي هتبدأ معاك، هتتنقل من واحد للتاني زي الفيروسات الخطيرة بالظبط، محدش هيقدر يتحكم فيكم و لو حد جرب يعملك عملية يشيل عن طريقها الشريحة دي، هتلمس وتر حساس جداً جداً في المخ و وقتها هيبقي عندك خيار من الأتنين يا هتموت يا هتفضل عايش بتتنفس بس ولا بتاكل ولا بتشرب ولا بتحس، يعني روح في جثة ميتة يا صلوحة، و دلوقتي تصبح علي خير.

حاول صلاح أن يصرخ كثيراً و لكن بلا جدوي فلقد شعر ان العالم يدور به في نهاية المطاف ثم حلَّ بعدها ظلام ربما يكون أبدي بالنسبة إليه..

في المقطم شارع رقم 9
جلس معتصم بجوار زينة التي كانت تمسك بحاسوبها الخاص، و ما أن شعرت به حتي أغلقته و ألتفتت له مبتسمة فتحدث هو:
- جبت الكتالوجات، هتختاري أنتي ولا أختار أنا؟
- أسمها هنختار سوا، لا أنا هعيش لوحدي ولا انت كمان.

أبتسم معتصم بحب و قدم لها أحد الملفات في يده، لتبدأ في الأنتقال بين صفحاته و هي ترسم أول خطوة في حياتها الجديدة مع معتصم، الذي تحدث:
- أختاري أنتي المطبخ و أنا هختار الصالون و لو عجبتك حاجة وريني و انا كمان، علشان منضيعش وقت
أردفت بإبتسامة جميلة و خفوت:
- حاضر.

بدأت في النظر بما يدها و هي تنتقل بملل بين الصفحات فلا يعجبها شئ، حتي وجدت مرادها اخيراً، كان مطبخ صغير نوعاً ما من النوع الأمريكي، مفتوح علي الصالون و لونه الأبيض جذب أنظارها، بالإضافة الي بار صغير أمامه عدة كراسي طويلة منظرها خلاب، لقد راق لها هذا المنظر بحق و بدأت تتخيل نفسها بداخله تعد الطعام لمعتصم قبل أن يستيقظ و يذهب الي عمله..

نظرت الي معتصم الذي يدقق في الصالونات امامه، يريد أن يختار الأفضل من أجلها، تعلم أن المطبخ سيعجبه بالتأكيد فهي أصبحت علي دراية كافية بذوقه، و لكن ماذا عنه؟ هل سيتمكن من إيجاد صالون مناسب لذوقها!
نطقت اسمه بخفوت و هي تقرب الصورة منه قائله بإعجاب:
- ده عجبني أوي، أيه رأيك؟!

أبتسم و هو ينظر الي هذا المكان، أثار اعجابه هو الأخر، و شرد و هو ينظر له فيجد نفسه يعد الفطور لجميلته في أول يوم بعد زفافهما، ثم الكثير من الأيام بعد ذلك من أجل تدليلها، وربما عندما تحمل طفله أو طفلته سيجعلها أميرة و لن تبذل أي مجهود ستعتني بنفسها و بطفله فقط، ربما هو سيعتني بهما أيضاً، أحبَّ تلك الأفكار كثيراً، و لكن صوت زينة تنطق أسمه من بين شفتيها أيقظه من شروده..

تحدثت زينة بتردد، فربما لم يغرم بهذا المكان مثلما فعلت هي:
- وحش ولا أيه؟!
أمسك يدها و قبلها بحب شديد قائلا:
- حلو جدا، و وجودك فيه هيخليه ينور أكتر و يحلو أكتر
أبعدت يدها بخجل و هي تردف بكلمات تحاول بها أن تكون طبيعية:
- بقولك أيه، الكلام الحلو ده انا ممكن أتعود عليه خد بالك.

- و أنا أوعدك مش هبطل أقوله ليكي، لأنك يا زينة تستاهلي كل كلمة، الكلام ده طالع من قلبي علطول، و دخل علي ودانك و نفسي زي ما طلع من قلبي يدخل هنا، في قلبك أنتي كمان
في تلك الأثناء كان يشير معتصم الي قلبه، ثم منه الي أُذنها، و انتهي به المطاف يشير بإصبعه تجاه قلبها و قد أمتلأت عينيه بالشغف و الحب..

أخفضت زينة بصرها بخجل شديد و قد أحمرت وجنتيها بالإضافة الي أنفها كذلك، فتحدث معتصم في محاولة للتخفيف من إحراجها قائلا و هو يمسك بخصلاتها البرتقالية:
- الا صحيح يا زينة شعرك ده بجد ولا بروكة؟!
رفعت أنظارها و هي ترفع حاجبها الأيمن بتعجب ثم تحولت نظراتها الي غيظ مردفة:
- لا يا معتصم شعري يا رومانسي.

تعالت ضحكاته من طريقة حديثها التي تشبه الأطفال كثيراً عند غضبه، و وجد حسناء تدلف و هي تحمل بعض الكيك مع كوبان من الشاي قائله:
- ربنا يديمها ضحكة بينكم، يلا كلو و أشربوا الشاي، و انت يا ولا هتقعد تتغدي معانا عمك عزيز قال كده
رفع معتصم يده و هزها بالنفي قائلا:
- لالا مش هينفع النهاردة الجمعة و ده يوم أجازتي، عاوز أخد زينة و أغديها بره.

- عمك عزيز قال الغدا النهاردة و انت هتتغدي معانا خدها الجمعة الجاية يعني هي هتروح فين ما هي قاعدة أهيه
نظر معتصم الي زينة التي نظرت له برجاء لكي يوافق و يتناول الغذاء معهم في المنزل، فأومأ برأسه بإستسلام قائلا:
- خلاص تمام زي ما أنتو عايزين

في الأقصر و بداخل أحد المنازل التقليدية.

خرجت داليدا من الغرفة متأفأفة من هذا المكان الذي لم تعتد أن تجلس بمثله، تشعر بالرغبة الشديدة في التقئ، لم تري ما يكمن في داخل هذا المنزل الذي يحاوطه الحب من كل جانب و الذي يمتلأ بالذكريات بين أصحابه الحقيقيين الذين كانو يعيشون بداخله..
لم تري كم أن كل تلك الآثاث هي صناعة يدوية لا يحترف بها أي شخص، تلك المفارش الملونة بألوان رائعة تمتزج سوياً و توضع علي الأريكة تعطي روح طيبة للمكان..

و هذه السجادة التي تكمن في منتصف المكان، هي أيضاً صناعة يدوية و قد أمتزج بها اللونان الأحمر الناري و الأزرق الداكن، بالأضافة لتلك الألواح الخشبية التي يوجد عليها عدة علب زجاجية ملونة و محاطة بعصا خشبية و يوجد بداخلها زهور و بعض الماية و بعض الأقلام الملونة، و بعض الصور الفوتوجرافية التي تحيطها ألواح خشبية مربعة و مستطيلة حسب شكل و حجم الصورة..

لم تدرك المعني الحقيقي لكل ما يوجد حولها، فربما لم يزرع في قلبها حب شئ أو شخص سوي الشيطان، الكيان الشيطاني الذي يسمي خالد الدهشوري ..
رأت خالد و هو يقترب منها و يسير بجانبه رجل كبير في السن يرتدي جلباب أزرق فاتح و يربط علي رأسه العِمَّة، فتحدث خالد بضيق:.

- أنا بقالي هنا 3 أيام، خليهم يشدوا حيلهم شوية يا سلَّام، انا مش فاضي كل ده ورايا هم ما يتلم، شوف الشيخ ده هيقول أيه تاني، أخر معاد بكره، بعد كده همشي و هيتخصم ليكم فلوس كتير من أتعابكم علي وجودي هنا كل المدة دي
تركه و ذهب في أتجاه داليدا التي نظرت نحوها بخوف قائله:
- يا خالد أنا مش عايزة أقعد هنا أكتر من كده أنا تعبت من التراب، أنت عارف عندي حساسية منه.

- أنا مش فاضي يا داليدا، سيبيني في الزفت اللي انا فيه

أخرج جاسر مسدسه من مكمنه، و تحدث بجنون شديد و هو يوجه المسدس الي ذلك الشاب الذي يقف أمامه، أزدادت حبات العرق علي وجه جاسر و امتلأت عينيه بالدموع، و تبعثرت خصلاته و ألتصقت بجبينه قائلا:.

- مينفعش تفضل عايش أكتر من كده، أنا بكرهك يا مرتضي، و بكره أهلنا اللي ربطوني بيك و جابوك الدنيا و بقيت اخويا، أنت أزاي جشع كده، نسيت كل حاجة عملتها علشانك، نسيت شغلي اللي ضحيت بيه علشانك، كنت ظابط الكل بيحترمه، بس بسببك أنت بقيت واحد بيساعد مجرم، و بقيت مجرم زيك يا مرتضي بقيت مجرم زيك، انت شيطان عايش علي الأرض مش لازم تفضل عايش
رفع مرتضي يده بإستسلام و خوف قائلا:.

- أهدي بس يا يحيي و أسمعني، نزل المسدس ده، هتقتل أخوك الصغير
- ده عقابك علي كل حد قتلته أو سرقته، ده عقابك يا مرتضي و مش هندم يوم أني قتلتك
و بين لحظة و أخري ضغط جاسر علي الزناد، لتنفجر الدماء من رأس مرتضي و يسقط علي الأرض في الحال..
في نفس الوقت، أرتفع صوت ريهام مردفة:
- كاات
أقتربت فتاة من جاسر و أعطته مناديل، ليبدأ بتنشيف وجهه ثم أقتربت ريهام من جاسر مردفة:.

- أخيراً الفيلم خلص، ده انا كنت قربت أفقد الأمل، كده مفاضلش غير المونتاج و كام حاجة كده قبل عرض الفيلم
أبتسم جاسر و صمت و كذلك ريهام للحظات قبل أن تكمل بحنان:
- أنا مبسوطة أوي أننا أشتغلنا مع بعض يا جاسر و ان أول فيلم ليك كدور بطولة معايا
أحتضنها جاسر بحب مردفاً:
- ده علشان أنتي مخرجة شاطرة يا قلبي، ربنا يخليكي ليَّا
- و يخليك ليا يا جاسر
أبتعدت عنه لتكمل:.

- بص يا سيدي أستاذ معتز خالد المنتج، زمانه علي وصول قرر يحتفل معانا إن الفيلم خلص، يلا خد شاور و غير هدومك و تعالي علي الصالون
- اوكي ربع ساعة و هحصلك

أقتربت من غرفة الأستقبال بإبتسامة جميلة، و هي تمد يدها الي معتز منتج الفيلم قائله:
- منور يا استاذ معتز
أبتسم هو الأخر إبتسامة واسعة و هو يتأمل بنطالها القطني الواسع باللون البني و قميصها الأبيض، و أردف:
- بنورك يا أستاذة ريهام.

أشارت له ليجلس بينما تخبره:
- ريهام بس من فضلك
جلست و وضعت قدماً علي الأخري بأنوثة، لتسأله:
- حضرتك مظهرتش ليه من البداية، كل تعاملنا كان مع أستاذ غريب مدير اعمالك
- في الحقيقة انا مش منتج بس انا بيزنس مان و بشتغل مع والدي و كان فيه سفرية مهمة تبع الشغل سافرتها من أكتر من شهرين و لسه راجع النهاردة من المطار علي هنا علطول لما عرفت أن الفيلم خلص، و كنت حابب أقابلك و أقابل أستاذ جاسر.

- جاسر بيغير هدومه و جاي علطول مش هيتأخر
صمت الأثنان لدقائق الي ان دلف جاسر الي غرفة الأستقبال بإبتسامة جميلة، و أقترب من معتز الذي وقف و مد يده ليصافحه قائلا:
- أستاذ جاسر صح؟!
تعجب جاسر و أبعد يده من بين يدي معتز و وضعها علي أذنه ليتحسس سماعته، أنزل معتز كفه بحرج و إستغراب مما فعله جاسر، لتقف ريهام و تقترب من جاسر لتضغط علي السماعة و تحدثت بإبتسامة جميلة:.

- مش تتأكد إنها مفتوحة ولا أنت ماشي ولا خلاص؟!
ضحك جاسر بخفوت قبل أن يمد يده الي معتز من جديد قائلا:
- لا ماشي وخلاص، أزيك يا أستاذ معتز
مد معتز يده و صافحه من جديد مردفاً:
- الحمدلله تمام، حضرتك أستاذ جاسر
- جاسر بس لو سمحت أتفضل
عاد الجميع ليجلسوا و تحدثت ريهام نيابةً عن جاسر قائله:
- معلش علي الموقف المحرج ده، بس جاسر عنده مشكلة في السمع من و هو صغير
سألها معتز بتعجب و هو ينظر الي جاسر:.

- هو أنتي تعرفيه من زمان؟!
- جاسر اخويا الصغير
- أخوكي أخوكي ولا زي أخوكي؟!
نظرت الي جاسر بإبتسامة و هي تهز رأسها بحيرة قائله:
- هو الأتنين، بابا و ماما أتبنوني أنا في الأول، بعد كده خلفوا جاسر و من بعده زينة أختي الصغيرة
- أتشرفت جدا بيكم، و غريب مبسوط أكتر بالتعامل معاكم و ان شاء الله مش هيكون أخر عمل ما بينا

في جريدة منارة الحقيقة
في مكتب زينة.

كانت تنظر بداخل إحدي الأوراق أمامها و هي تكتب هذا التحقيق لتبعثه الي عادل يقرأه قبل أن يتم نشره، و لكن فوجئت بمن يدق باب مكتبها، رفعت عينيها لتلتقي بمعتصم الذي يقف خلف الباب الزجاجي قائلا بإبتسامته:
- ممكن أدخل يا أستاذة زينة
وقفت و هي تشير له بالدخول قائله:
- يا أهلا أتفضل أدخل أكيد، أول مرة تيجي المكتب
- و يا ريت تبقي اخر مرة علشان مخسرش شغلي و لما نتجوز أقعد في البيت و تشتغلي أنتي.

تعالت ضحكاتها و هي تقترب منه، فضمها لصدره واضعاً قبلة صغيرة علي رأسها قائلا بحب:
- وحشتيني
- و انت كمان
دلف منير الي المكتب سريعاً و تحدث:
- زينة ألحقي معتز خالد الدهشوري رجع من اليابان
رفع نظره عن جهازه اللوحي، ليجد زينة تبتعد بسرعة عن معتصم، فتحدث منير بإحراج:
- أسف شكلي جيت في وقت غلط
أبتسمت زينة في محاولة لتخفيف الإحراج قائله:
- لا لا أبداً، تعالي انت جايب أخبار حلوه.

أمسكت بهاتفه و نظرت الي الخبر قائله بحماس:
- أبعتلي حسام بسرعة يعرفلي كان بيعمل أيه هناك و جاي هنا ليه بسرعة و لو ليه علاقة بأي حاجة في شغل خالد
- فوراً
سحب منير هاتفه و ذهب مسرعاً، فأقتربت زينة من معتصم من جديد و هي تسحب منه بعض الأوراق قائله:
- ده تقرير قضية القتل
أومأ معتصم برأسه قائلا:
- أياكي مخلوق يعرف أني جبته ليكي أوكي، أٌقرأيه و شوفي عايزة منه أيه، و لو محتاجة تانية قوليلي.

أغلقت عينيها قليلاً و تحدثت بإبتسامتها الواسعة:
- تعرف أنك بتوفر مجهود طويل أوي، و شغل مع ناس مش مضمونة من جوه القسم
حاوط ظهرها بذراعيه و قربها منه قائلاً:
- هو أنا حرمي المصون بترشي الناس علشان تعمل اللي هي عايزاه ولا أيه؟!
- تؤ تؤ، حرمك المصون بتساعد ناس محتاجة أن الحقايق تتكشف، و حقوقهم ترجع ليهم، الناس بتساعدني علشان أساعدهم
رفعت يديها و حاوطت بها رقبته فتحدث:
- بس ده مش هيعفيكي من الغلط.

- هو أه غلط بس مش أوي، أنا بوفر علي نفسي وقت، اللي أنا عايزاه هاخده بس هياخد وقت علشان ييجي أذن بيه
صمت للحظات قبل أن يغير الموضوع فدائماً ما ينتهي هذا النقاش بشجار بينهما، فتحدث:
- حلو أوي منظرنا ده في نص المكتب و الدنيا كلها إزاز من حوالينا و الكل بيتفرج
- أول حاجة كل واحد مركز في شغله، تاني حاجة مش انت اللي كتبت الكتاب علشان نبقي براحتنا
وضع قبلة خفيفة علي رأسها مردفاً بحب غريب:.

- عقبال ما تكوني في بيتي يا زينة الدنيا
دفعته بخفة و عادت الي مكتبها قائله:
- طب يلا روح خليني أشوف شغلي
أقترب من مكتبها و أستند عليه بكفيه قائلا:
- طب نتعشي سوا النهاردة ولا أيه؟!
نظرت له و هي تلتقط قلم من أمامها لتثبت به خصلاتها التي تسقط مثل شلال من العسل علي ظهرها قائله:
- أوكي عدي عليا في البيت علي 7 هكون جاهزة
- تمام، سلام

في الزمالك.

خرج من سيارته و توجه الي هذا المنزل التي تقطن به حبيبته و زوجته، أقترب من الحارس الذي تحدث بإبتسامة مرحبة:
- أؤمرني يا جاسر باشا
- الأمر لله وحده يا فواز، مدام أميرة جوه؟!
- أيوه يا فندم مخرجتش النهاردة خالص، و كانت تعبانة الصبح و جبت ليها دكتور
أرتفع صوت جاسر في غضب شديد قائلا:
- و لما هي تعبانة متصلتش بيا تبلغني ليه يا فواز، انا مش قايلك 100 مرة لو حصل ليها حاجة كلمني.

طأطأ فواز رأسه في إحراج قائلا:
- أسف يا جاسر باشا بس المدام قالتلي مقولكش
- بعد كده كلامي أنا اللي يتسمع و اللي حصل ده ميتكررش تاني
- تحت امرك يا باشا
تركه جاسر و أقترب من المنزل، أخرج المفتاح من جيب بنطاله و فتحه بهدوء و دلف مغلقاً الباب خلفه، ليجد تلك الجميلة تجلس علي الأريكة و بطنها منتفخ أمامها و تحطيها أطباق من جميع أنواع المكسرات و طبق يحتوي علي بعض قطع البيتزا..

أقترب منها بحب و لف يده حول رقبتها من الخلف قائلا:
- حبيبة قلبي اللي وحشاني أوي
نظرت له ببرود و صمتت و لم تلتفت له، ليلتفت هو و يجلس امامها علي الأرض قائلا:
- زعلانة و حقك تزعلي و لأني سايبك لوحدك كده، بس أعمل أيه غصب عني
- سافرت شهر شرم الشيخ و رجعت بقالك 10 أيام و دلوقتي أفتكرت تسأل عليا، طب علي الأقل كنت أسأل علي أبنك ده
أمسك بيدها و قبلها بحب قائلا:.

- و الله العظيم أنتي ظلماني يا أميرة، لأني تاني يوم جيت فيه من السفر علطول جيت علي هنا و سألت فواز قالي انك عند مامتك، و اتصلت بطنط سهير علشان أكلمك قالتلي أنك نايمة و تليفونك كان مقفول، فقولت أسيبك ترتاحي عندها يومين علي ما أخلص تصوير و هجيلك علطول أقعد معاكي لحد ما تولدي
أغرورقت عينيها بالدموع و تحدث بصوت متحشرج:
- بس ده مش سبب يا جاسر.

أعتدل ليجلس بجوارها علي الأريكة و هو يمسك بوجهها بين كفيه قائلا بحزن:
- عارف و الله و انا غلطان، بس ربنا يعلم بكمية المشاكل اللي موجودة عندي في البيت، تعالي في حضني يلا انتي وحشاني
ضمها بحب بين يديه فتحدثت هي بشوق شديد:
- وحشتني أوي يا جاسر متسبنيش تاني كل ده
- حاضر يا حبيبتي أوعدك، ممكن تهدي بقاا
أبتعدت عنه و هي تمسح دموعها و أبتسمت قائله:.

- حاضر، روح غير هدومك و تعالي قبل ما أخلص البيتزا كلها لوحدي علشان معملتش غدا و مش هتجيب دليفري تاني
تعالت ضحكاته و هو يبتعد عنها و يقترب من غرفتهما قائلا:
- حاضر دقيقتين مش هتأخر عليكي يا أميرة بيتي.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة