رواية صهباء أشعلت صدري للكاتبة نورهان مجدي الفصل الثامن عشر
( كرم و أمير )
- إنت بتعمل في نفسك كدا ليه يا كرم ...؟
تحدث شقيق كرم ( أمير ) بحزن علي حال شقيقه، كل ليله يرتوى من الخمر حتى تمتلء معدته ويأتى البيت متأنزحاً، حتى العمل لا يذهب له
بعد وفاة والدهم لا يعلم ماذا حل علي كرم وكأنه تمنى وتحققت آمنيته ف آصبح حراً، زفر كرم الهواء ب ضيق من حديث شقيقه الذي لم يتعدى ال ١٦ عشر عاماً
- يا كرم إتعالج من الشرب دا انا مبحبش أشوفك كدا، انت اخويا الكبير و مفروض تكون قدوة ليا !
تحدث أمير ب حزن دفين وهو ينصح شقيقه الاحمق، آردف كرم ب توضيح: حاضر هبقي قدوة الصبح ممكن آنام دلوقتي ؟!
صعد كرم الي الغرفه ثم إستلقي علي الفراش ل يغط في نوم عميق، وقف أمير علي عتبه غرفته ينظر له بضيق ثم إقترب من الفراش بعدما إلتقط لحاف
خلع الحذاء من قدمه ثم دثره جيداّ في الفراش وآغلق الاضاءه قائلاً:
- ربنا يهديك يا كرم ...!
- صباحاً -
جلس أمير علي مائدة الإفطار و شرع في تناول طعامه، شرد قليلاً وهو يتطلع علي المقاعد الفارغه من حوله، والدته توفت ب مرض خبيث و بعدها بعام والدة والآن كرم يرمي ب ذاته الي التهلكه غافلاً !
إستمع الي صوت أقدام خلفه، لف رقبته ليجدة شقيقه !
- انا حضرت الفطار ليا بس كنت مفكرك هتفضل نايم، خد طبقي أنا شبعت !
تحدث أمير و هو يبتسم ب سعادة و رضا أن شقيقه إستيقظ باكراّ لاول مره ! وضع الطبق أمام كرم ف تحدث كرم قائلاً:
- شكراً يا أمير ..
رفع أمير حقيبته علي ظهره وقال ب هدوء: العفو .. انا رايح المدرسه عاوز حاجه !؟
هز كرم رآسه ب نهى وآردف: هعدى النهاردة عليك عشان أخدك نتعدا برا
- بجد...؟.. اقصد تمام هستناك ...
تدارك أمير ذاته لا يريد للحماس أن يسيطر عليه من الممكن ان لا يأتى كرم كما يفعل في كل مره ...
دلف أمير المدرسه وجلس مع صديقه عامر وهتف ب سعادة
- كرم يا سيدي بيقول هنتغدا النهاردة برا، مش هعرف اجي نذاكر النهاردة خليها يوم تاني !
نظر صديقه له ب شك وأردف ب إستنكار ؟:
- كرم قالك كدا، إنت متأكد !؟
- أيوة يابنى
- غريبه، ربنا يستر وميجيش المدرسه سكران ولا حاجه
آنهى عامر حديثه وهو يقهقه ب سخريه بينما رفع أمير حاجبيه ب غيظ و هدر بحدة: قصدك إيه !؟
- انا اقصد عشان ميفضحكش قدام المدرسه و خصوصاً فريدة !
- عامر ... كله الا كرم او فريدة، انا أخويا ميفضحنيش دا يشرفني في كل حالاته حاسب علي كلامك !
نبرة أمير أصبحت غاضبه و قويه، توتر عامر ثم تحدث آسفاً: اسف يا أمير ..
نظر أمير علي يمينه وهو يشعر ب الاختناق من حديث صديقه ولكن عندما رأي فريدة تجلس ب جانب صديقاتها إبتسم بسعادة
- ما تكلمها يابنى بقالك سنين بتراقبها من بعيد لبعيد
- مينفعش يا عامر، اقولها إيه بحبك وانا لسه طالب إعقل الكلام، فريدة يوم لما أفكر أعترفلها ب حبي وقتها هتكون مراتي !
إتسعت إبتسامه عامر و هتف ب سخريه: دا إنت بالك طويل أوي
- عادي انا نفسي طويل عادي ..
أمسك حقيبته و ودع صديقه لانه سيرحل، القي نظره علي فريدة ف نظرت هى الاخري له، خفق قلبه ب جنون وإبتسم لها دون وعى فردت الابتسامه له وعادت تتحدث مع صديقاتها
وضع أمير قبضته آعلي صدرة وقال ب سعادة:
- أخدت قلبي خلاص !
خرج من المدرسه و وقف ما يقرب من الساعه في إنتظار شقيقه حتي رأه ب الفعل يقف آمامه، إبتسم وإتجه اليه قائلاً: كنت مفكرك مش هتيجي !
- بس انا جيت...
كاد أمير أن يستقل السيارة ولكن إستوقفه صوت كرم وهو يقول: مين دي يا أمير ؟
التفت أمير بنظرة حيث ينظر كرم، ف قال بأبتسامه عذبه: دى فريدة، آحلي وآرق بنت في المدرسه !
- فعلا ... !
ومن هنا بدآت اللعنه ...!
آمسك إمير ب القلم وبدا يدون الحكايه، قصه الشقيقان اللذان وقعا بحب نفس الفتاة
- منذ ذلك اليوم و كرم تبدلت آحواله كثيراً، توقف عن شرب الخمر وهذا الخبر آسعدني كثيراً، حتى العمل المتراكم فوق كتفه آصبح يذهب يومياً ب نشاط و تداول علي مدرستي كثيراً بححه آنه يقلني ولكن إكتشفت مؤخراً آنه يأتى لرؤيتها هى !
دلف كرم غرفه شقيقه و تحدث معجلاً إياه
- إخلص يا آمير هتأخر
تحدث أمير من داخل المرحاض قائلاً: خلاص يا كرم مش هتأخر إدينى خمس دقايق بس !
وقف كرم ب الغرفه يتفحصها بهدوء وهو يتنظر شقيقه حتى يخرج من المرحاض، إتجه حيث المكتب و آمسك إحدى الكتب ينظر بهما من الداخل
ولكن سقط شيئاً ما من بين الاوراق علي الارض، إنحنى كرم و ٱلتقطها ف وجدها صورة فريدة !
لما شقيقه يحتفظ ب صورتها، إحمرت آعينه بضيق وهو يراودة الشكوك التى يتمنى آن لا تكون لها آساس من الصحه !
- بتعمل إيه يا كرم !
تحدث أمير من خلفه ثم إقترب ووجدة ينظر الي الصوره، سحبها من آنامله وقال ب دهشه و غضب: إنت بتدور في حاجتى ليه يا كرم ؟
- مش دى البنت اللي معاك في المدرسه !
هز رآسه ب آجل ثم آمسك بفرشاه الشعر وبدأ يسرح إياه آمام المرآه، آردف كرم ب غضب:
- وانت محتفظ ب صورتها ليه يا أمير ... !
- عادى ..
- أمير متعصبنيش، إنتوا في حاجه بينكم ؟
إلتفت الي شقيقه و تحدثت متسائلاً وهو يزوى ما بين حاجبيه:
- ولو في إنت تتعصب ليه !
- ما تنطق يا أمير ... هو سر يعنى !
- أنا بحبها ... من زمان يمكن من آيام المرحله الاعداديه كمان يومين وضع كرم الصورة آعلي المكتب ثم إقترب منه و هتف بحدة آخافت شقيقه: إزاى بتحبها ! مينفعش تحبها إنساها يا أمير إنت ليه صغير ..
- أنساها ؟ في إيه يا كرم ما تشرحلي انا اخوك ؟
- مهو عشان إنت آخويا انا ماسك نفسي، إنساها يا أمير لانى انا اللي بحبها
نظر أمير له في دهشه و تعجب، كانت تراودة الشكوك ولكن الأن تأكد و ياليته قتل قبل حين !، تحدث أمير ب هدوء: إنت مش بتحبها يا كرم، مش معقول في يومين تكون حبيتها ..
آمسك كرم ب ملابس شقيقه وكاد أن يلكمه و هو يقول: إنت اللي بتتوهم إنك بتحبها، وإنساها يا أمير آحسن ليك !
- إنت هتضرب أخوك يا كرم !
سحب كرم قبضته ثم آشار له بسبابته محذراً: إعقل يا أمير انا هسيبك يومين تفكر !
- افكر في إيه يا كرم بقولك انا بحبها ... متبقاش أنانى في كل حاجه انا مش هنساها
- براحتك !
غادر كرم من المنزل وجلس أمير علي الفراش ب عصبيه
تلك المره الآولي التى شعرت بها نفسي عاجزاً، تعاركت مع شقيقي الأكبر ورحل، غاب لآكثر من إسبوعين لم يأتى المنزل ولم يتواصل معي هاتفياً وكأنه يعاقبنى و يؤنبي و للعلم هو نجح
آما عنى وعن فريدة لا آعلم ماذا حدث ولكننا آصبحنا نتحدث من آجل نشاطات المدرسه آصبحنا صديقين !
انا الان بين صراعين الاول شقيقى الوحيد و الثانى الفتاه التى طالما تمنت رؤيتها، إن أخترت إحداهما آخسر الثانى الي الابد
مر يومان آخرين ووجدت كرم إتصل بي وإتفق معى أن يعود اليوم الي المنزل و نتصافي، إتسعت إبتسامتى ثم إختفت من جديد
ما باليد حيله انا إتخدتُ قراري إخترت واحداً منهما وانتهى الامر لا يوجد مفر
رن جرس المنزل، ذهب أمير سريعاً ثم أخذ شهيقاً عالياً و فتح الباب وعلي محياه إبتسامه عذبه ... آرتمى تلقائياً في آحضان كرم ثم آدمعت عيناه بينما كرم إحتضنه علي مضض ثم دلف المنزل و جلسا ك الغرباء
نظر أمير الي شقيقه و حالته الرثه، نمت لحيته و كذلك شاربه وجهه كأن الدماء فرت منها ف آصبح كئيباً، شعر أمير ب الالم يغزو قلبه هو السبب !
- إتغديت يا كرم !
تحدث أمير مستفسراً ف هز كرم رآسه علي مضض و عاد الصمت من جديد حتى قطعه أمير
- كرم انا آسف عشان موضوع فريدة بس...
قاطعه كرم وهو يقول دون تفكير: إقفل السيرة دى يا أمير
ثم دلف كرم المطبخ و عاد بعد قليل يحمل كآسين من عصير التفاح، وضع واحداً أمام شيقيه وأمسك الثانى بين قبضته
- تعرف يا كرم إن لو لفيت العالم دا مش هلاقي آخ زيك ! إنت عندى أغلي من الناس كلها
تحدث أمير بعدما إرتشف الكوب، ثم تابع قائلاً: إنت اخويا و صاحبي، مش عايز أخسرك يا كرم
توقف أمير و كذلك كرم آمامه، هتف أمير ب حزن: انا اه بحبك فريدة بس بحبك إنت أكتر ...اأااة!
صرخ في نهايه حديثه وهو يضع قبضته علي معدته !، مال كرم عليه و هتف: مالك يا أمير ! بطنك بتوجعك صح ؟
هز أمير رآسه ب أجل و الالم يزداد و ينهش جسدة ك إبر حياكه، طأطأ كرم رآسه ب أسف و قال: معلش دا السم بينتشر في جسمك بس ..
جهظت أعين أمير بصدمه و تحدث ب صوتاً متقطعاً: ليه يا كرم !
- عشان انا اخترت، إخترت فريدة يا أمير ودى كانت الطريقه علشان اوصلها ..
إبتلع أمير ريقه بعدما شعر أنه جف، دفعه كرم ف وقع أمير آرضاً وبدآ قمه ب إخراج سائل أبيض اللون ... دار كرم من حوله يراقب مقتل شقيقه ب تشفي
- إنت غبي يا كرم عارف ليه !
جلس كرم علي ركبتيه ومال علي شقيقه قائلاً:
- ليه يا ميرو ؟
- ع...عشان انا إخترتك إنت !
غادرت روح أمير وتركت شقيقه يربح، لو كرم إنتظر ثوانى لكان أحبرة أنه من أجله لكان تخلي عن الفتاه التى احبها
معاتبة الأخ خير من فقده ولكنه قتله بدون شفقه و بقي وحيداً مكروها !