رواية صرخات أنثى للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الخامس
اندهش حينما لم يجده يتابعهما للداخل، فبحث عنه حتى وجده يسرع لسيارته مجددًا، تعجب على من خروج عمران بهذا الوقت، فترك شمس تستكمل طريقها للخارج ثم عاد أدراجًا ينادي: عمران.
كاد باجتياز البوابة الخارجية للمنزل حينما استمع لصوت أخيه، اقبل إليه يتساءل: مش طالع ولا أيه؟
أحكم غلق جاكيت بذلته الآنيقة حينما داهمه التيار البارد وقال: بقالي فترة مشوفتش الشباب هروح الشقة يمكن أشوف حد فيهم.
دث يده بجيب بنطاله وهو يشمله بنظرةٍ متفحصة: الشقة عند أصحابك يا عمران، مش الفندق.
أكد له سريعًا: على أنا وعدتك مش هرجع للقرف ده تاني صدقني.
قال وهو يعود للداخل: أتمنى. بلغهم سلامي لحد ما أقابلهم.
رفع جسده عن الأرض ليحتل سيارته المكشوفة: يوصل يا مان.
قاد عمران سيارته ليصل بعد أقل من ثلاثون دقيقة للعمارة السكنية الراقية، صفها بمحاذاة الطريق وصعد للأعلى يلهو بمفاتيحها وهو يدندن بصفارته الهادئة، حتى وصل للطابق الخامس من المبنى، دث مفتاحه وولج للداخل مبتسمًا، متلهفًا للقاء أصدقائه المقربون، بحث بالغرف أولًا وهو يتمنى لقاء أحدهما، فانتبه للنور المضاء بالردهة، أسرع إليها فتهللت أساريره وردد: جمال!
استدار بمقعده القابل للحركة، فمنحه نظرة خاطفة ثم عاد لجلسته يرتشف كوبه لأخره بجموحٍ، صعق عمران مما رآه فاجبر ساقيه على تتبعه رغمًا عن تثاقلها، أصبح الآن قبالته لا يفصلهما سوى طاولة البار المطل على كورن مشروبات القهوة وغيرها، فحمل الزجاجة الموضوعة أمامه بعدم استيعاب: إنت جبت دي منين؟
ابتسم من يحتضن رأسه الثائرة بصداعٍ قاسٍ، وقال: أكيد يعني كنت هلاقي جوه أوضتك.
جذبه عمران بقوةٍ كادت باسقاط جسده المترنح: من أمته يا جمال وإنت بتشرب القرف ده، ده إنت كنت بتعنفني لو بتشوفه معايا، أيه جرالك؟
أزاح ذراعه عن قميصه وعاد يستند على البار ساكبًا كوبًا ويلتهمه غير عابئًا بنظراته ولا بقميصه المبتل، وكأنه ينتقم من نفسه هنا، كز عمران على أسنانه بغضبٍ، فأبعد الزجاجة لأخر البار وصاح بعنفوانٍ: كلمني هنا، من أمته وإنت بتشرب القرف ده؟
ابتسم وهو يجيبه: من النهاردة، ولو نساني اللي بواجهه هدوام عليه زي ما إنت بتداوم عليه عشان تنسى مشاكلك.
مرت يده بخصلات شعره بتعصبٍ شديد، فسحب مقعد مجاور له وجلس يخبره بهدوءٍ: كنت بضحك على نفسي يا جمال، السُكر مش حل للي بنواجهه، كفايا التقزز وكره النفس اللي هتحس بيه بعد ما تفوق ومفيش حاجه هتتسنى.
ابتلع ما بكوبه وقال ببسمةٍ صغيره رسمت على وجهه الحنطية مستنكرًا: مش مصدق انك اللي بتتكلم، ما ياما بذلنا أنا وأخوك مجهود كبير معاك عشان تبطل، جاي دلوقتي توعظني!
اتجهت نظراته البنية لهاتفه الجانبي الذي يعاد للرنين مجددًا، فجذبه جمال وأغلقه نهائيًا، ثم عاد يرتشف الكوب ببرودٍ، وزع عمران نظراته بين حالة رفيقه والهاتف، ثم تساءل: إنت اتخانقت مع صبا تاني؟
ضحك وهو يجيبه ساخرًا: قصدك عاشر ومليون!
استمر بحديثه ليعلم ما به، فقال: ليه حصل أيه؟
لف المقعد ليكون مقابل إليه: الست هانم من الفضى اللي بقى عندها هنا بقت بتشك فيا، مفكرة إني بعرف واحدة عليها، وكل يوم بتفتش في موبيلي.
وتابع ببسمةٍ حملت حزنًا وألمًا رغم تعمده الاستهزاء: ده غير اسطوانة كل يوم عن تضحيتها العظيمة إنها سابت أهلها ومصر وجت عاشت معايا هنا في انجلترا، شايفة نفسها بطلة ولازم أقدر انجازاتها!
وتجرع ما بكوبه وهو يشير له: متعرفش إن لولا وجودي هنا وتعبي ليل نهار في الشغل مكنتش قدرت أحقق كل اللي وصلتله ولا كان باباها قبل بالجوازة دي من الأساس.
وتابع بغدافية جعلت دمعاته تبرز بحدقتيه: متعرفش أنا موجوع أد أيه وأنا عايش هنا بقالي سبع سنين متغرب عن أهلي عشان أقدر أكونلها الزوج المناسب والابن اللي يقدر يتحمل مسؤولية أبوه وأمه، متعرفش إني بموت ألف مرة وأنا بعيد عن عيلتي ونفسي أكون معاهم بس السنة اللي هفكر فيها أنزل مصر هي اللي هقرر أخوض رحلة العجز قدام مصاريف علاج والدتي ودراسة أخويا الصغير، وجهاز أختي، وأكون عاجز عن طلبات بيتي، وأنا مش جاهز أتحمل كل ده يا عمران.
تدفقت دمعة خانت صموده المزيف وهو يبتسم بتهكمٍ: لما خلصت أوراقها من سنة كنت فاكرها جاية تشيل عني وتشاركني وحدتي، فرحت وأنا بتخيل حياتي معاها، وكنت متحمس أرجع شقتي ألقى حد مستنيني، متحمس أرجع لحياة مريحة ألقى فيها أكل بيتي واهتمام بلبسي مقفش أنا أعمل أكلي لنفسي وأكل لوحدي.
واستدار برأسه إليه يخبره بضحكةٍ مهزومة: مكنتش أعرف إني هفتح وجع جديد ليا فوق أوجاعي، وإني هتمنى ساعات الشغل تطول عشان مرجعش البيت لنكدها.
تفحص كوبه الفارغ بضجرٍ واستمر بحديثه: طلعت معاك حق يا عمران لما سبت مراتك وبصيت على واحدة تشوف مزاجك من غير ما تقلب حياتك نكد.
وناوله الكوب يشير إليه: فرغلي كأس.
جذب عنه عمران الكوب وألقاه أرضًا بكل قوته، ثم رفعه من تلباب قميصه صارخًا بعصبية: فوق يا جمال، القرف ده لو دخل حياتك هيدمرك، أنا غلط وحياتي كلها غلط، مش عايزك تكون زيي خليك نضيف زي ما أنت.
ترنح جسده بتعبٍ، فتمسك به عمران دون الافلات عن حديثه: مشاكلك مع مراتك تافهة وتتحل، شاركها وجعك هتحس بيك.
ومنحه نظرة ساخطة وهو يتابع: ثم أنك اللي بتديها الفرصة لده، أيه اللي مقعدك هنا لحد دلوقتي، سيف قالي إنك بتبات هنا بقالك فترة ما طبيعي إنها تشك فيك!
مال برأسه على كتف عمران، مغلق عينيه بارهاقٍ: أنا تعبان أوي يا عمران.
ضمه عمران بحزنٍ شديد، لا يستوعب إن صديقه المثالي يترك طريقه المستقيم وينجرف للمحرمات فجأة، بعدما كان يقضي يومه ينصحه بالابتعاد عن المشروب وعن ألكس اللعينة، كان ينفر من حديثه تارة ويحاول الاستماع له تارة أخرى.
يشعر دائمًا بأنه النسخة الشبيهة بأخيه علي، لذا كان سببًا منطقيًا لحب على لجمال، ودوام صدقاتهما طوال تلك السنواتٍ.
تحرر باب الشقة من جديدٍ، فاستمع عمران لخطوات تقترب منهما، ألقى المفتاح جانبًا ونزع عنه جاكيته وهو يتفحصهما بنظرة ساخطة اتبعت نبرته المرحة: جمال في حضن عمران، لأ قلبي الكبير مرحب بالأفكار المنحرفة.
وإتجه بقامته الممشقة للأريكة، مضيفًا: في البلد دي نتوقع أي حاجة حقيرة!
دفع عمران جسد جمال للمقعد مجددًا، ثم اتجه ليجلس جواره مرددًا باستغرابٍ: أيه جابك إنت كمان دلوقتي يا يوسف؟
سحب نفسًا طويلًا ورفع ساقيه ليستند بهما على الطاولة الزجاجية: مفيش رجعت البيت متأخر كالعادة، فالمدام قالتلي هتلاقيك كنت عند صحابك المقاطيع، ومن هنا لهنا قالتلي روح بات عندهم يا دكتور يا محترم.
حل وثاق قميصه وهو يتابع: بس كده فاتصلت بسيف أخويا أعرف منه مين من المقاطيع فيكم موجود عنده، قالي إنه بره الشقة بيجيب شوية طلبات وميعرفش مين فثكم مشرف عنده النهاردة، فجيت أبص وبيني وبينك زهقت من الخلقة اللي متعود أشوفها كل يوم.
قال كلماته وهو يشير على جمال الملقي رأسه على الطاولة.
رد عليه عمران بضيق: البيه سايب بيته بقاله فترة ومقضيها هنا.
هز رأسه قائلًا: عارف عارف يا حبيبي، ما أنا بجبله الأكل كل يوم وبتعاقب بتتضيف الشقة من سيف، بيقولي ورايا امتحانات ومش فاضي لهلس صحابك.
اختنق عمران فحرر جرفاته ونظراته لا تغادر جمال بحزنٍ، بينما تركزت نظرات يوسف المتفحصة له، فسأله: هو نام هنا ليه ما يقوم يدخل أوضته.
التقطت عينيه زجاجة الخمر الموضوعة جانبًا، فزفر بسخطٍ: خمرة تاني يا عمران، إنت مبتحرمش!
سدده بنظرةٍ حادة، فابتسم ساخرًا: أنا لسه داخل قدامك من شوية، واتفاجأت بالبيه أخد مكاني.
جحظت عينيه في صدمة حقيقية، فاعتدل بجلسته المريحة وهو يردد بعدم تصديق: إنت تقصد مين؟
انتصب واقفًا بدهشةٍ: لأ. جمال مستحيل يعمل كده!
وأسرع إليه فأبعده عن الطاولة بعصبيةٍ بالغة: قوووم فوقلي.
دفعه جمال وعاد يلقي برأسه على الطاولة من جديد، مرددًا: بعدين يا يوسف، سبني.
اشتعل الغضب بمقلتيه، فبحث عما يعاونه بافاقته، فسحب الاناء الممتليء بالثلج، ودفعه إليه بأكمله، انتفض جمال بجلسته وصاح: إنت غبي يالا، بقولك تعبان وجسمي كله مكسر تحدفني بالتلج!
طرق على صدره وجذبه ليقف أمام عينيه الملتهبة: أقسم بالله يا جمال لو متعدلت لادفنك هنا، سيف كان بيشتكيلي منك بس أنا متوقعتش إن أمورك توصل لهنا.
فتح عينيه وهو يجيبه بمزحٍ: ليه يا دكتور كنت فاكر حالتي هتكون أخرها أيه يعني، ما أنا سبق وحكيلك.
تماسك الأ يطيح به، وقال برزانةٍ: يا جمال أي اتنين متجوزين طبيعي إن يكون بينهم مشاكل في بداية حياتهم، دورك هنا إنك متهربش، تواجه وتبرر مش تزيد الامور طين وتسبها لعقلها وشيطنها يأكدلها ظنونها.
وأشار للزجاجة بتقززٍ: وفوق كل ده تسكر، بتغضب ربنا عشان بتواجه مشاكل سستم طييعي ودائم في حياة كل البشر يا جمال، جاوبني ساكت ليه؟
وضع عينيه أرضًا حرجًا منه، فأشار باصبعه بتحذيرٍ: دي أول وأخر مرة تعملها، سامعني؟
هز رأسه بتعبٍ جعل جسده يترنح بوقفته غير واعيًا لما يصيب معدته من ألمًا لا يطاق، فاستتد على صدر يوسف: أنا تعبان أوي يا يوسف، بطني بتتقطع.
أجابه ساخرًا: من القرف اللي بلبعته.
وأشار لمن يراقبهما: اسنده معايا ندخله أوضته، لما أشوف أخرتها معاكم أيه؟
أحاطه عمران من جانبه الأيمن، خاطفًا نظرة سريعة إليه، وقال: فوق يا جمال، لازم ترجع بيتك عشان مشاكلك مع صبا متزدش.
مال بجسده على الفراش، فجذب يوسف الغطاء وداثره جيدًا، وعدل من ملابسه الغير مهندمة، ليحك أنفه وصوت أنفاسه اللاهثة تعلو: مرمطة في العيادة وهنا.
ضحك عمران على مظهره المضحك، وصاح: ورايا يا دكتور الحالات المتعثرة.
حرك كتفيه يعدل من قميصه بغرور: دكتور يوسف أيوب من أكبر دكاترة النسا والتوليد، وبتنازل وبتواضع وبعرف اشكالكم المعتوهه، وبتعاقب من حرمي دكتورة ليلى أيوب بالطرد لشقة المقاطيع وعادي وزي الفل.
جذبه عمران من تلباب قميصه بعنف: إنت هتحكيلي قصة حياتك لخص في إم الليلة دي.
تعالت ضحكاته الرجولية بقوةٍ، ولحق به للخارج، فجلس كلا منهما على الأريكة، لاحظ يوسف تسلل الحزن لمعالم عمران، فقال وهو يهم لصنع القهوة: مالك قالب وشك ليه إنت التاني؟
توترت معالمه، فنهض واتبعه ليستند على البار وبتلعثمٍ قال: يوسف أنا آ، آآ...
ضيق عينيه الثاقبة إليه، فرفع الكوب الفارغ وملعقة السكر إليه: ولآ. أنا بخاف من الداخلة دي، أقسم بالله لو قولتلي حاجة تنكد لاقتلك إنت والحيوان اللي جوه ده، أنا لسه خارج من ولادة طبيعية متعسرة وخلقي في مناخيري. فانجز وإرمي المصيبة اللي بتحاول تلقيها في وشي من ساعة ما شوفت خلقتي.
وجذب هاتفه وهو يهدده: اتصل بدكتور على أقرره ولا هتتكلم.
خشاه عمران فجلس على المقعد بارتباكٍ، طرق على كتفه ليجذبه نصفه العلوي فوق الطاولة الرخامية الفاصلة بينهما: انطق ياض هببت أيه إنت التاني؟
رفع رماديته بتوتر إليه، وردد: أنا غلطت مع ألكس.
فلته ببطءٍ وعينيه المغتظمة بغضبه لا تتركه، فتحرك لمكينة القهوة بصمتٍ كان قاتلًا لمن يتابعه بترقبٍ لسماع ما سيقول، فاتبعه والحرج يشكل على معالمه، فحاول تبرير أخطائه: يوسف أنا آآ...
قاطعه حينما استدار بحركته الشرسة ليصرخ بعصبية: إنت حقير ومبتحبش غير الوساخة زي العاهرة الرخيصة اللي غلطت معاها.
رسم وجهه أرضًا تأثرًا بكلماته، فشدد يوسف على شعره بقوة كادت باقتلاعه، ثم سحب كوبه وجلس على مقعد البار مرددًا بعدم مبالاة: خسارة فيك النصايح اللي في النهاية مش هتعمل بيها، إعمل ما بدالك يا عمران، إسكر وازني وإغضب ربنا بكل الكبائر واقعد ابكي واندب واستنى لحظة عقابك وإنت عارف وواثق إنها جاية.
اتبعه للمقعد المجاور له، فجذبه ليجلس قبالته، يراقبه وهو يرتشف قهوته بجمودٍ، فحاول استعطافه: يوسف أنا حاولت والله، بس صدقني أنا لما بشوفها قدامي بضعف ومبقدرش أتحكم في نفسي.
طعنه بنظرة قاتلة: حيوان تقصد، ما هو الحيوانات هي اللي مبيكنش عندها دارية بالامور ولا التحكم بالذات.
ولعق بلسانه شفتيه يخفي ابتسامته الخبيثة التي تحررت من خلفها مكيدته: بقولك أيه يا عمران، ما دام إنت كده كده هتطلق مايسان، فأنا شايفها مناسبة لدكتور سيف أخويا، إنت عارف بقى إننا هنا في انجلترا صعب نلاقي عروسة عربية أدب وأخلاق وجمال وآ...
كممت لكمته كلماته فاسقطته عن المقعد، نهض يوسف وهو يزيح الدماء النازف عن شفتيه ببسمة راضية، بينما انتصب الاخير بوقفته وصرخ بعنفوان: متحاولش يا يوسف صدقني هنسى الصحوبية والعيش والملح اللي بينا وهدفنك حي هنا.
منحه ابتسامة ساخرة، وجلس يستكمل قهوته ببرودٍ، وحينما انتهى من الكوب لف رأسه تجاه ذاك الثائر فجأة وقال: لما شتمت ألكس وقولتلك أنها عاهرة ورخيصة متعصبتش ولا اتحمقت عليها كده، ولما كلمتك بالحلال وبالاصول على بنت خالتك اللي مش طايقها عرق الرجولة نقح عليك أوي، مش غريبة؟
ابتلع ريقه وهو يترنح جراء تمعن كلماته المصوبة لكل ذرة داخله، فتراجع للخلف بتأثرٍ، جعله يرتبك: آآ، أنا، الوقت إتاخر لازم أرجع.
أشار بيده وهو يعود للتطلع أمامه بكل هيبة ورزانة: اهرب يا عمران، اهرب من حقيقة مشاعرك واجري ورا شيطانك اللي هيدمرك.
فتح عمران الباب ومازالت نظراته منصوبة على رفيقه، وحينما استدار ليغادر وجد سيف قبالته، يخلع حقيبة ظهره وهو يوزع نظرات متفحصة بينه وبين أخيه الجالس على بعدٍ منهما وشفتيه تنزف الدماء فتساءل بشكٍ: اتخانقتوا تاني ولا أيه؟!
أتاه رد أخيه يوسف يجيبه: حمدلله على سلامتك يا دوك، تعالى اشجيني إنت كمان بمصايبك مانا خلاص هقلب تخصصي لطب نفسي ومحلل هنا.
وأضاف وهو يشير لعمران الشارد على باب الشقة كالتمثال: استضيف دكتور على يومين هنا للمقاطيع دول يا عمران، يمكن يحل مشاكلهم ومشكلتك.
ودعه بنظرة حارقة قبل أن يصفق الباب، هاربًا، مبتعدًا، نازحًا عن اختراق تلك الكلمات لقلبه المشتعل، قاد سيارته بجنون ومازالت كل الاحاديث تختلط إليه تجعله يبدو كالأبله.
توقف فجأة عن القيادة، وارح جسده للمقعد وهو يفكر جديًا منح زوجته فرصة، عسى بقربها يصل لباب الخروج من المتاهةٍ اللعينة.
دق هاتفه للمرة التي تجاوزت الثامنة، ففتحه وهو يجيب: أيوه يا فؤاد، محتاج حاجة!
استمع للطرف الأخر بعنايةٍ، فلم يكن سوى السائق الخاص براكان، اوقف آدهم السيارة بقوةٍ جعلت عجلاتها تحتك بالرصيف بصوتٍ مقبض: لأ، أوعى تعملها يا فؤاد.
ولف عجلة قيادته ليعود أرداجًا وهو يكرر لمسمعه: متتصرفش نهائي، أنا راجع.
وأكد بحزمٍ: اسمع كلامي ونفذه، أنا كلها دقايق وأكون عندك متتصرفش من دماغك فااااهم.
وألقى هاتفه يساره وضغط بسرعته حتى وصل ل?يلا راكان بعد خمسة عشر دقيقة، فأسرع للجانب الخلفي حيث كان يقف السائق فؤاد بانتظاره، فما أن دنى منه حتى جذبه بعيدًا عن نطاق الحرس، فقال الأخير وقد برز الغضب بعروقه المتصلبة: البت معاه جوه يا باشا، أنا مش هقدر أسيبه يعملها حاجه وأقف أتفرج.
كز آدهم على أسنانه وردد بنظرة تحذيرية قاتلة: إنت اتجننت عايز تضيع تعبنا طول الشهور دي في لمح البصر.
ردد باستنكارٍ لما يقوله: يعني أيه يا باشا هنقف كده ونسيبه يعمل عملته الوس
تقابل حاجبيه المنزوي غضبًا، وبصوتٍ حازم صاريح: سيطر على أعصابك واتحكم بعقلك.
جابهه بعندٍ: أنا آسف يا باشا مش هقدر.
وأخرج سلاحه وهو يسحب زناده للاستعداد، فجذبه آدهم ليقف قبالة شرارته متفوهًا بصرامة: ده أمر مباشر مني يا حضرة الظابط.
أدى تحيته العسكرية وهو يردد بوقارٍ: الأمر نافذ.
وتركه وغادر وعينيه تلمع بالدمع، استعطف قلب آدهم، فجذبه وهمس له: متقلقش أنا هخلص البنت دي بدون ما ننكشف.
وتابع وهو يشير: هانت وهنجيبه راكع تحت رجلينا.
وتركه وأسرع بالتواجه للداخل، متعمدًا الطرق أكثر من مرةٍ على الباب حتى لا يطرق له فرصة افتعال أي شيءٍ، وبالفعل فتح راكان باب غرفته وبيده زجاجة الكحول، رفع آدهم نظراته المتقززة ليصل لوجهه، ورسم بصعوبة بسمة خاطفة وهو يردد: اللي حسبته لقيته عثمان الحقير حطيلي قنبلة بعربيتي، كان عايز يخلص مني عشان يوصلك.
برق بعينيه بدهشةٍ: قنبلة!
هز رأسه مؤكدًا، وتابع بقص التفاصيل إليه، خاصة بما تخص شمس، فأسرع متلهفًا: طب وشمس جرالها حاجة؟
أجابه ويده مضمومة على الأخرى: اطمن يا باشا شمس هانم بأمان، أنا مستحيل كنت هسيبها تتأذى.
راح على وجه راكان بسمة واسعة، وهمس وهو يطرق على عضلات صدر آدهم: برا?و يا وحش، ده المتوقع منك، إنت متعرفش لو جرالها حاجة كنت هخسر إزاي.
وتابع وهو يرتشف كحوله اللعين: البت دي من عيلة كبيرة أوي، مركز ونسب يليق باسمي ويخلينيا نتابع شغلنا من غير ما نلفت النظر لينا، وبالأخص كمان عمران أخوها، شركاته وعلاقاته تقدر تفيدنا لو جرينا رجله معانا.
وعاد من أرض أحلامه يبتسم لمن يطعنه بثبات قاتل: أنا مش عارف أشكرك ازاي، من يوم ما ظهرتلي وانت ملاكي الحارس اللي في دهري وقدام كل شر أتعرضه.
همس آدهم بصوتٍ خبيث منخفض: أنا ملاك موتك اللي هقبض روحك وأرجعها لقفصها.
انتبه آدهم من شروده على كلمات راكان: أطلب مني اللي تحبه وفورًا هلبيهولك.
اتسعت بسمة مكره، فغامت عينيه على المقيدة على فراشه البارز من خلفه، فضحك راكان وهو يلتفت لما يتطلع إليه، وعاد يرتشف من الزجاجة ببسمة دنيئة، فأشار له: اعتبرها ملكك، أنا مجتش جانبها بقالي ساعة بحاول معاها بس بنت ال مستقوية عليا عشان سكران.
وخرج من الغرفة وهو يغمز له: عارف إنها مش هتأخد معاك غلوة، أكلم أنا واحدة من البنات إياهم.
راقبه آدهم بنظرة مستحقرة، فما أن اختفى من الرواق حتى بصق خلفه مرددًا: كلب.
ثم ولج للداخل، فصعق حينما وجدها طفلة لا تتعدى عمرها السابعة عشر، مقيدة على الفراش بشكل يمزق القلب، وجهها متورم من فرط الكدمات التي تلقتها، أبعد جاكيته ليجذب خنجره، فأشارت بعينيها الباكية وهي تترجاه: لا تفعل أرجوك.
أغلقت عينيها بقوةٍ ظنًا من إن نصل السكين سيصل لعنقها، فصعقت حينما وجدته يحرر الحبال المقيدة لها، فعاونها على الوقوف وإتجه بها للباب الخلفي هامسًا بشفقةٍ: إركضي سريعًا إن رغبتي بالنجاة.
فور إنتهاء كلماته هرعت وكأنها تهرب من شبح موتها، بعدما حررها ذاك الملاك الذي يبدو مخيفًا من نظراته الثاقبة وخطاه الواثق، ولكنه فجأها بأنه لا يريد أن يكون سجانها العتي بل أراها جانبًا أخرًا لشهامة رجلًا يجابه دناءة الأخر في الوقت ذاته.
استند بجسده على أحد فروع الشجرة بالحديقة، بعدما فشل بالنوم، فهبط يتمشى بحديقة المنزل، زفر على بمللٍ وكاد بالتراجع، فلفت انتباهه تلك الجالسة على الأريكة هائمة بضوء القمر بسكونٍ، اقترب منها ببسمته الجذابة، واقتحم صوته الرجولي عالمها الهادئ: لسه صاحية؟
انتبهت له مايسان، فمنحته ابتسامة هادئة: مجاليش نوم قولت أنزل اشم الهوا النقي ده.
مال بجسده يستند على حافة الاريكة الخشبية، متسائلًا بتهذبٍ: تتضايقي لو شاركتك القعدة اللطيفة دي.
ربعت قدميها وتنحت لأخر الأريكة: يا خبر يا علي، هتضايق منك إنت!
وأشارت بيدها: اتفضل يا دكتور.
ابتسم وجلس قبالتها يرفع عينيه للقمر الصافي بتلك الليلة الهادئة، واركن رأسه لحافتها، قائلًا بهيامٍ: منظر رائع، ينقصه بس فنجان قهوة وموسيقى هادية.
ضحكت وهي تخبره بمزحٍ: جيت في جمل! اديني ثواني.
وتركته وعادت بعد قليل حاملة للقهوة، التقطتها منها بحرجٍ: تعبتك معايا، حقيقي شكرًا.
ومالت بجسدها تجذب حاسوبها وتشغل أغنية هادئة لام كلثوم: وادي الاغاني، مش حرمينك من حاجة يا دكتور.
ارتشف من قهوته، وأشار بتلذذٍ: الله، تسلم إيدك يا مايا بجد حاجة تعدل المزاج.
واسترسل مازحًا: يا بخت عمران الغبي بيكِ.
احتلاها الحزن، فزمت شفتيها بسخطٍ من ذكره، ولكنه أتاح له الفرصة للحديث عنها، فقالت: على أنا عايزة أطلق من عمران، ومش عارفة أقول أفاتح خالتي ازاي بالموضوع ده، إنت عارف أد أيه بيعصبها.
مال بجسده واضعًا الكوب على الطاولة، ثم قال بجدية تامة: عارف. مشكلة ماما إنها متعلقة بيكِ جدًا يا مايسان، شايفاكِ بنتها وصديقتها اللي مقدرتش تكون في حياتها في يوم من الأيام.
هزت رأسها وخانتها تلك الدمعة: أيوه بس أنا موجوعة أوي يا علي، إنت مش عارف أنا بحس بأيه وأنا شايفة حياتي كده معاه.
برر لها نظرته الغير منصفة: لا عارف وحاسس بيكِ يا مايا، بس صدقيني إنتِ اللي محتاجة يكون عندك قوة لمواجهة أي حد قدام قرارك، متسمعيش لخوفك يقصر عليكي، ودافعي عن قراراتك بكل قوة.
واستطرد مازحًا: أجلي موضوع طلاقك ده لبعد مشكلتي يمكن الثورة اللي هعملها مع فريدة هانم تديكي دروس تقوية في اللي جاي.
اكتفت برسم بسمة صغيرة، وتساءلت باهتمامٍ: ثورة! ليه خير يا دكتور؟
خطف نظرة متفحصة من خلفه، وكأن لصًا كمش به: أصل أنا وقعت. والواقعة كانت مع بنت بعيدة عن الطبقة الآرستقراطية اللي فريدة هانم مش بتناسب غير منهم.
جحظت عينيها دهشة، وتساءلت بفضول: بجد، مين دي إحكيلي!
ربع قدميه والتفت إليها، وكأنه كان يود الحديث عن أمرها مع احداهما، زارته تلك البسمة بافتتاحية حديثه عنه، وعينيه تلمع بعشقٍ صاريح تغلغل داخلها، اعتلاها الحزن فور ذكر على لقصة فاطيما المؤلمة، وترقبت فور انتهائه.
انتظر على حديثها، الا أنها إلتزمت الصمت لدقيقة، وكأنه تواجه صدمة كبيرة، وعادت تتطلع إليه من جديد بعدما اعتدلت بجلسته: على إنت مش بس هتقوم ثورة إنت هتشعل نار هتأكلنا كلنا.
ولعقت شفتيها بخوفٍ قاتل: دي فريدة هانم هتقوم الدنيا متقعدهاش لو اكتشفت قصة حبك دي.
وبارتباكٍ استكملت: أصل الموضوع مش موضوع نسب العيلة وبس لا ده يخص اللي أتعرضت له وده طبعًا مالهاش تتحاسب عليه لإنه خارج عن ارادتها يبقى إنت اللي لازم تخاف منها يا علي!
أجابها بحدةٍ وثقة: ميفرقش معايا، أنا مش بتجبر على شيء يا مايا، ومازلت مصمم علة رأيي ومنتظر لما فطيمة تتعالج وتتقبل وجود حد في حياتها ساعتها هكونلها الحد ده.
جاهدت برسم بسمة صغيرة على وجهه، وبنقاء قلبها دعت له رغم احتراق روحها على نفسها التي تعافر جوار رجلًا لا يشعر بعاطفتها تجاهه وبين أخيه الذي يود تحدي العالم بأكمله لأجل تلك الفتاة: ربنا يجمعها بيك في الخير يا علي.
وأكدت عليه: لازم تعرفني عليها، عندي فضول أشوفها أوي.
ابتسم وهو يميل إليها هامسًا: أوعدك هعرفك عليها بأقرب وقت.
هزت رأسها بسعادةٍ: مع إني خايفة عليك من اللي جاي، بس اختك جانبك وهتساندك وتحارب معاك يا علي.
ابتسامة ممتنة تمردت على شفتيه: طول عمرك بتأدي واجبك تجاهنا كلنا على أكمل وجه يا مايا.
تهربت منه عساه لا يرى دمعاتها، فعادت تدندن مع الاغنية بشرودٍ، وذراعها يفرك بالأخر برعشة سرت لجسدها لسوء الجو، لاحظها على فأشار لها جادًا: شكلك بردانة، خلينا ندخل عند الدفاية.
هزت رأسها نافيًا، وباصرارٍ قالت: أنا عايزة أقعد هنا شوية.
لم يفكر مرتين، نزع عنه جاكيت بذلته وأحاطها به جيدًا، وكأن من أمامه هي شمس شقيقته الصغيرة، ابتسمت مايسان لحنانه المعتاد، فرفعت عينيها لتقابل وجهه القريب المنحني بجسده لها وقالت: شكرًا يا علي.
لم ترى أعين ذاك المتسمر بالوقوف بالقرب منهما، يراقبهما منذ دقائق، فاستشاط غضبًا وهو يجدهما يتبادلان الحديث منذ فترة وابتسامتها التي لم يراها برفقته يومًا تزدهر بوجود شقيقه.
والآن يشق صدره ويبتلع ما بداخله النيران وهو يراه يلف جاكيته من حولها، وجوده جوارها بهذا القرب بحد ذاته جعله على وشك الانفجار حيثما يقف.
انتصب على بوقفته وعينيه تجوب الهواء الذي يكاد يلتهم اجسادهما، فقال برعشة شفتيه: إنتِ شكلك متأثرة بإم كلثوم وعايزة تقضي الليل وسماه في الجو اللي مالوش ملامح ده، وأنا بصراحة ورايا شغل ومعنديش استعداد اخد لطشة برد، فخليكي هنا مع أم كلثوم، وتصبحي على خير.
انفجرت ضاحكة حتى أدمعت عينيها، فراقبته وهو يسرع للداخل، رافعة صوتها الضاحك: وإنت من أهله يا جبان.
وما أن تأكدت من رحيله حتى حررت حجابها، ويدها تغوص بخصلات شعرها الطويل، وتمددت على الأريكة واضعة رأسها على كتفها المرتدي لجاكيته، خصلاتها تستجاب للهواء فترفرف من حولها مثلما أردت.
أغلقت مايسان عينيها ومالت برأسها ومازالت شفتيها تدندن باستمتاعٍ، ولم ترى ذاك المحترق الماسد أمامها، كز عمران على شفتيه فلف يده حول معصمها وأجبرها على الوقوف قبالته.
انتفضت مايسان فزعًا، وبدأت ملامحها بالاسترخاء وهي تشاهد من يجرأ على لمسها، هدأت حدة انفاسها ورددت بصوتٍ هامس مغري له: عمران! خضتني!
ردد من بين اصطكاك اسنانه الهائلة للسقوط: تحبي أناديلك دكتور على ياخدك في أحضانه عشان الخضة.
برقت بعينيها بعدم استيعاب لما يقول: إنت بتقول أيه؟!
رفع يده يحيط بذراعيها، متعمدًا إيلامها وهو يصرخ بعنفٍ: الا أخويا يا مايا بلاش، عشان أقسم بالله هقتلك لو فكرتي تكرهينا في بعض ويكون هو اختيارك التاني الرابح هنا.
شعرت وكأنها صماء لا تستمع إليه، عينيها تراقب شفتيه وهي تصرخ بنطق اسم علي وآذنيها تصرخ بسماعها الصريح له، بدت كالصنم بين يده، وأخر ما التقطته: لو دي لعبتك فأنا طلاق مش هطلق، هسيبك كده زي البيت الواقف لا تطولي ناري ولا، جنة غيري.
ورفع اصبعه يشدد بنظرات قاتمة: بحذرك لأخر مرة الا أخويا، سامعة.
لم تشعر بذاتها الا وكفها يصفعه بنفس قوة غضبها، وصوتها العاجز يتحرر: اخرس يا حيوان، على ده أخويا!
واسترسلت بوجعٍ يخترق أضلاعها: يا ريته كان اختياري وكنت إختياره مكنتش اتعذبت العذاب اللي شايفاه معاك ولا عشت كل يوم في كسرة ومهانة.
وبقسوةٍ صرخت: يلعن أبو القلب اللي حبك يا أخي.
مازال رأسه مائلًا انصياعًا لصفعتها والصدمة تحاط به، لم تجرأ أي أنثى طعن رجولته مثلما فعلت تلك الفتاة، كور يده بقوةٍ جعلتها بيضاء كاللوح الثليج القارس، راقبته مايسان بخوفٍ خاصة بعلمها بأن عمران شرس صعب المراس، عمران ليس بالمتهاون بحقه أبدًا.
ابتلعت حلقها المرير بازدراء فور أن أتجهت رماديته القاتمة إليها، فتراجعت خطواتها للخلف بهلعٍ تربص بمعالمها فور تعثر قدميها بحافة حمام السباحة.
استعدت لمصيرين كلاهما أبشع من الأخر، الأول مواجهة ذاك الأسد الجامح وثانيه سقوطها بتلك المياه التي تحاطها طبقة من الثليج استجابة مرحبة لتلك الاجواء القارصة.
تراقص جسدها بالهواءٍ، ففصلتها مسافة قليلة عن ملامسته للمياه، رفعت مايسان عينيها لتجده يمسك يدها بتحكمٍ، وقوة غضبه مازالت ساكنة حدقتيه، خشيت أن ينتقم لجرحها الصريح لرجولته فيسقطها أرضًا.
وزعت نظراتها بتيهةٍ برماديته المقتادة بالنيران وبالمياه الباردة، فتحررت كلماتها بتثاقلٍ عزيزٍ: متسبش إيدي يا عمران.
كلماتها الواضحة له أثارت مشاعره بريبة بددت غضبه تدريجيًا، ألمه رؤية الخوف القابع بعينيها منه ومن مصيرها المنتظر، جذب عمران يده المتمسكة بها بقوةٍ جعلت جسدها كالورقة المترنحة بالهواء العتي، فسقطت على الأريكة من خلفها، وقبل أن تستوعب ما فعله للتو وجدته يدنو منها، ينحني إليها بجسدها.
سال لعابها ذعرًا فزحفت للخلف حتى وصلت لأخر الأريكة، ومازال يلاحقها بخطاه البطيئة الواثقة، وجدته ينزع عنها جاكيت على بعنفٍ كاد أن يهشمها، فلعب عقلها لما يحاول فعله بعد أن أذاقته من فنون الغيرة رغمًا عنها، فصرخت به: عمران إنت بتعمل أيه؟
أزاح ذراعها والآخر، فخشيت ما تردد لها، لتعود لصراخها المهدد: أقسم بالله لو قربتلي لأصرخ ولا هيهمني فريدة هانم هتعاقبك بأيه المرادي، إبعد عني أحسنلك!
زاد ذُعرها حينما سدد لها نظرة قاتلة، وانتصب بوقفته يزيح عنه جاكيت بذلته بعصبية كادت بتمزق أزراره وانتزعها، ليلقيه بوجهها جاذبًا جاكيت على ومتوجهًا للداخل بصمتٍ مميتٍ.
هدأت أنفاسها رويدًا رويدًا، وهي تجده يدلف داخل المنزل، وضعت يدها على صدرها تتلامس فرط نبضات قلبها الثائر، واشتعال وجنتها من قربه القاتل، ويدها الاخرى ترفع جاكيته الموضوع على جسدها بإهمالٍ.
رغمًا عنها استجابت شفتيها لبسمة صغيرة، غيرته كانت بادية كسطوع الشمس في ليلٍ مخيف، مجرد رؤيتها ترتدي شيئًا يخص رجلًا غيره تمرد طابعه الشرقي دون ارادة منه، ومع ذلك خشي تركها بالثليج دون غطاء يداثرها، عساها تمرض بعد ازاحة الجاكيت عنها.
ضمت مايسان جاكيته وهي تستنشق رائحة البرفيوم الخاصة بها تطوف بما تركه من خلفه، وحملت بين ذراعيها بعنايةٍ وكأنها تحمل قطعة من المجوهرات، وتمددت على الأريكة بهيامٍ.
كان يقرأ بكتابه باستمتاعٍ حينما انفتح باب غرفته، ليظهر من أمامه أخيه وبيده جاكيته الخاص، ولج عمران للداخل واضعًا الجاكت على المقعد وبآلية تامة تحرك للفراش، رفع الغطاء وتمدد جواره، ثم استكان برأسه على ساق أخيه المندهش مما يراه، فترك كتابه ومرر يده على ظهر أخيه بقلقٍ: عمران إنت كويس؟
تمسك به أكثر وعينيه تلتمع بالدمع آبية السقوط، صمته زاد من قلقه فقال: عمران مالك؟
أتاه صوتًا محتقنًا يجيبه: خايف أخسرك في يوم من الأيام يا علي.
رفع رأسه إليه، فاعتدل عمران بجلسته مواجهًا أخيه وجهًا لوجه، فتماسك وهو يردد: أنا عايز مايسان يا علي.
رمش بعدم استيعاب لما يحدث عنه، فضربه بخفة على جبينه مرددًا بضحك: إنت توهت في الأوضة ولا أيه يالا، داخلي أنا وبتقولي الكلام ده ليه ما تروح لمراتك!
ولف وجهه بين يده بنظرة متفحصة: أوعى تكون شربت تاني، هعلقك من رقبتك المرادي أنا مطمن إنك كنت مع جمال ويوسف.
واعتدل على بجلسته يتساءل: إنت كنت فين يا عمران إنطق!
تعجب من بروده بالحديث، وعدم تطرقه لما يخص زوجته وكأنه لم يستمع لحديثه من الأساس، ما يشغله عودته للخمر ولتلك اللعينة، فاندث بأحضانه والآخر يضمه باستغرابٍ لحالته الغامضة، فردد بخوفٍ: عمران مالك متقلقنيش عليك!
ردد إليه بندمٍ: أنا حقير فعلًا زي ما يوسف وصفني.
ضمه على مازحًا: قول كده بقى الدكتور يوسف اداك الطريحة اللي هي، وجاي أصالحكم على بعض، خلصانة يا حبيبي أنا لما أشوفه هحلك الأمور.
صمت ولم يبرر له، تركه يظن الأمر خاص برفيقه، فكيف سيواجهه إن علم ظنونه التي تلاشت لحظة تمعنه بحدقتيه الصادقة، انحنى عمران ليعود بوضع رأسه على ساق على من جديد، فمرر على يده بخصلات شعره البني بحنانٍ، وردد بمرحٍ: خدلك يومين دلع بعد كده حضن أخوك هيبقى ملك لزوجته المصون.
رمش عمران بعينيه باستغرابٍ، فاستدار بجسده ليقابله متسائلًا: تقصد أيه؟
وخمن ببسمة هادئة: إنت رجعت ليارا يا علي؟
ضحك وهو يجيبه ساخرًا: دكتورة يارا خطيبتي السابقة اتجوزت وزمانها على وش ولادة يا عمران!
اعتدل عمران بجلسته وهو يستفهم بلهفة: يبقى حب جديد صح؟
هز رأسه مؤكدًا، فاتسعت بسمة عمران بحماسٍ: طيب احكيلي بتخبي عني!
نفى ذلك موضحًا: عمري ما خبيت عنك حاجة، الموضوع وما فيه إني مكنتش متأكد من مشاعري وكمان علاقتنا هتبقى شبه محال.
رفرف باهدابه بعدم فهم: ليه؟
التقط على نفسًا مطولًا قبل أن يجيبه: عمران أنا بحب فطيمة.
جحظت عينيه صدمة وهو يحاول تذكار الاسم المردد لولا أنه رآها بنفس اليوم، ومع ذلك تمنى أن يكون مخطئ ففاه: فطيمة اللي أنا شوفتك قاعد معاها واللي المستشفى كلها جايبك سيرتها وسيرتك! يعني مكنوش بيبالغوا!
لم يترك له عمران فرصة الحديث، واستكمل بهمسه المنخفض: مش دي البنت اللي كنت دايمًا بتتكلم عنها طول الشهور اللي فاتت هي اللي تم الاعتداء عليها.
هز رأسه مؤكدًا له بحزنٍ، فصاح عمران به بعد فترة صمته: لأ يا علي، فريدة هانم مش هتسكت دي، دي ممكن تقوم قيامتك!
تمدد جواره مستندًا بيده أسفل رأسه، عينيه شاردة بسقف غرفته: مستعد أتحاسب وأتحداها بكل قوتي، بس فطيمة تتقبل حبي وده صعب يا عمران.
واستكمل وعين عمران المندهشة لا تفارقه: لأول مرة أحس بالوجع ده، المفروض إني كطبيب متأثرش بالكلام اللي أسمعه من المريض وأكون مركز لكل حرف بحيث أقدر أساعده، لكني وأنا جنبها عاجز. عاجز وبتمنى أساعدها بدون ما أسمع عن اللي اتعرضتله لإني بحس بخنجر بيقطع لحمي وبتمنى أرجع الماضي وأقتل أي حقير جرحها ومسها.
وبصوتٍ مختنق استطرد: بتمنى أكون أول راجل ظهر في حياتها، وقتها مكنتش هسبب كلب يمس شعرة منها، يا ريت لو أقدر أخدها بين ضلوعي وأخبيها عن كل اللي اتعرضتله يا ريت!
رمش بعينيه وهو يستمع إليه بعدم تصديق، فصاح: إنت مش بتحب ده أنت عاشقان وواقع من الدور الفوق المية!
ابتسم وهو يشير له بهيامٍ: عنيها فيها حاجة غريبة، بتشدني لدرجة مببقاش عايز أفارقها، مجرد ما عيوني بتلمح غيرها بشيل نفسي ذنب كبير، مع إني نظراتي ليها أكبر ذنب، غصب عني مجبور أبعد لإني أكتر حد عارف حالتها.
وسُلط رماديته لاخيه وهو يخبره بألمٍ: عمران أنا الدكتور الخاص بفطيمة وعارف ومتأكد إني مش هواجه حرب مع فريدة هانم بس، الحرب هو فوزي بقلب فطيمة الأول قبل كل شيء.
وتابع بعين شاردة: فطيمة شايفة فيا الآمان والسكينة وده طبيعي لإني جنبها بصفتي الدكتور علي، مش قادر أخد أي خطوة تخليني أجزم إنها حابة الأمان مع على نفسه.
ارتسمت بسمة خافتة على وجه عمران، فتمدد جوار أخيه وردد بحبٍ: بتمنى تقدر تحصل على حبك وتعيش حياة مثالية لإنك تستاهل يا علي.
لف رأسه للوسادة ليكون قبالته: وإنت كمان الحياة المثالية مع الزوجة اللي تستاهلك على بعد منك خطوات وإنت من غبائك بتضيع كل شيء منك.
لف عمران رأسه لأخيه وأجابه: بحاول يا علي، بس المرادي عندي ارادة قوية مرجعش للقرف ده تاني.
واستقام بوجهه مربعًا يده أسفل رأسه مثلما يفعل أخيه، وردد بعزمٍ: مش جاهز أرجع أعيش نفس التجربة البشعة، احساس كره النفس والتقزز والخوف من الموت وأنا شايل ذنوب كبيرة زي دي مش هقدر أعيشه من تاني.
أغلق على عينيه باستسلامٍ لنومه وهو يهمس: نام يا عمران، ومتقلقش أنا جانبك ومش هتخلى عنك أبدًا.
مال برأسه إليه مبتسمًا وسرعان ما لحق به هو الأخير.
أشرقت الشمس بردائها الذهبي لتعتلي عرشها بيومها الجديد.
أفاقت سيدة المنزل ترتدي ترنجها الرياضي لتمارس رياضتها المعتادة كل صباحٍ، فجلست على السجادة الصغيرة الخاصة بها تتأمل ولاديها، هبط على برفقة عمران والضحكات لا تفارق الأوجه، ومن خلفهما لحقت بهما شمس تردد بضجرٍ: طبعًا عاملين تحبوا في بعض ونسيتوا إن آ.
ابتلعت كلماتها حينما وجدت والدتها تراقبهم من الأسفل وهي تتمرن، فدنت منهما تضع يدها على كتف كلا منهما وهي تهمس: نسيتوا أن حد فيكم لازم يوصلني الجامعة معيش عربية أنا، اتفحمت والله.
ضحك على وهو يهمس بنفس مستوى صوتها: معلش تتعوض، عمران أخوكي هيوصلك، صح يا عموري.
جز على أسنانه وهو يؤمي برأسه باستسلامٍ، فتابع على بخبثٍ: بالمناسبة لو فريدة هانم شمت خبر هتحرمك من الجامعة.
وتركهما وهبط للأسفل، مرددًا ببسمته البشوشة: صباح الجمال على سيدة الرشاقة والجمال كله.
اعتدلت بانحنائها وهي تجيبه ببسمةٍ هادئة: أهلًا بالدكتور البكاش اللي مش محافظ على صحته وبطل يلعب رياضة معايا زي كل يوم.
حك أنفه بضجرٍ، فابتسم عمران ساخرًا وهو يشير له: هاتلك سجادة واقعد جنب مامي اتدرب ونشط الدورة الدموية يا دكتور.
مامي في عينك قليل الأدب ومنحط.
قالتها فريدة بغضبٍ جعل على يقهقه ضاحكًا، وعاد يجيبها: آسف يا حبيبتي اليومين دول بس مشغول مع كام حالة كده، لكن وعد في يوم الاجازة هتلقيني مستنيكِ تحت من الفجر.
واقتبس قبلة على خدها مستأذنًا بالمغادرة لتأخره، وكذلك فعل عمران وشمس ولحقوا به.
تعجب عمران حينما وجد على الذي يتحدث عن تأخره يقف بحرجٍ بداخل زواية المنزل، فسأله باستغرابٍ: رجعت ليه مش بتقول متأخر؟!
تنحنح وهو يردد وعينيه أرضًا: الظاهر كده إن مايا نامت بره وشكلها مش لابسه الحجاب، اطلع ظبط الدنيا بحيث متتحرجش لو عديت.
تصلب جسده وهو يستمع لأخيه الذي يرفض مجرد لمح طيفها في حين إنه من فرط غيرته كان ليطعن به بالأمس، أفاق على هزة يده المتعصبة: بقولك متأخر هتخرج ولا أنادي شمس اللي اختفت دي!
هز رأسه بخفةٍ، وخرج بخطاه المتثاقل للخارج، اقترب من الأريكة فازدرد لعابه تأثرًا برؤيتها غافية كالملاك، وفوق كل ذلك تحتضن جاكيته بقوةٍ، للحظة ود لو كان هو بدلًا من جاكيته، ود لو يطول قربها منه، ينتابه فضول عن شعوره إذا كانت معه زوجة شرعًا، يود القرب بشكلٍ مستميت وخطيرًا لمشاعره التي باتت تخنقه بتلك اللحظة.
زاد عمران من نخفيف حدة جرفاته على عنقه، وبصوتٍ هادئ رقيق ناداها: مايا.
فتحت عينيها تدريجيًا لتبدو صورته غير واضحة، فبدت تتحرك بنومتها وكأنها على فراشها الوثير، كادت بالسقوط أرضًا أسفل قدميه لولا ذراعيه المتملكة لخصرها.
فتحت عينيها على وسعيها، ورددت بخوفٍ: عمران! أيه اللي جابك أوضتي!
ابتسم بسخطٍ، وعاونها على الوقوف ثم وضع يده بجيب بنطاله: إحنا في الحديقة حضرتك وجنب الpool تحديدًا.
وتابع وعينيه تجوبها: إنتِ ازاي تنامي في البرد ده؟
أجابته وهي تلف رقبتها بتعبٍ: معرفش نمت ازاي.
انحنى عمران يلتقط حجابها المتساقط ومده لها يشير: إلبسي، على عايز يخرج.
تناولته منه بارتباكٍ وارتدته بإحكامٍ أسفل نظراته، كاد بالتحرك من أمامها ولكنه عاد يخبرها: هروح الشركة أخلص حاجة مهمة وهقابلك في حفلة عيد زواج ليام وإميلي، متنسيش تاخدي كادو مميز لإن الصفقة الجاية مع شركاتهم مهمة.
هزت رأسها بتفهمٍ: عارفة وبالفعل اختارت عقد ألماظ شيك لإميلي.
لطالما لم تفوتها أي تفاصيل خاصة بالعمل، منحها بسمة صغيرة وحمل حقيبته السوداء بيده وتحرك ليغادر فأوقفته وهي تدنو منه: عمران.
استدار لها فوجدها ترفع يدها على استحياء: الجاكت بتاعك.
رفع عينيه ببطءٍ لها، ليغمز بمشاكسة: خليه في حضنك يدفيكِ.
وتركها تصطبع بحمرةٍ خجلها واتجه للداخل ينادي بضجرٍ: شمس كل ده بتعملي أيه، صدقيني همشي!
خرجت تهرول من الداخل وهي تجر اذيال الخيبة، لتقف قبالتهما، فتساءلت مايسان باستغراب: في أيه، اتخانقتي مع فريدة هانم؟
ردت بحزنٍ وعينيها تتوزع إليهما: رفضت تديني فلوس عشان قولتلها إن عربيتي في التصليح.
ومالت لاخيها تهمس له: أمال لو عرفت إن مفضلش للعربية بقايا هتعمل فيا أيه!
تعالت ضحكاته الرجولية، فحاوطها بذراعه وهو يضمها إليه: ولا يهمك يا حبيبتي، الكاريدت كارد بتاعي تحت أمرك.
وقدمه لها، فصرخت بحماس وهي تلاقي ذاتها باحضانه فارتد درجات الدرج حتى كاد بالسقوط بها وهي يردد من وسط ضحكاته الساحرة لمن تراقبه: يا مجنونة هغير رأيي ومش هوصلك للجامعة.
ابتعدت وهي تستوعب كلماته، فرددت بذعر: الجااااامعة محضرتش ولا محاضرة امبارح.
وركضت لسيارته تشير له: يالا يا عمرااااااان.
منحها نظرة أخيرة والابتسامة مازالت على شفتيه، ثم غادر خلف شقيقته ليتحرك بسيارته للجامعة أولًا.
طرق على باب غرفتها، فقالت والابتسامة تحلق على وجهها: ادخل يا دكتور علي.
طل بوجهه متسائلًا: عرفتي منين إني علي!
أجابته فطيمة ببسمةٍ هادئة: من ريحة الورد!
وضعه على بالمزهرية وهو يردد بغرور: على حد بقى أنا بقيت مميز وسهل تعرفي قربي!
احمر وجهها خجلًا، فسحب على المقعد المقابل لفراشها، ثم جذب دفتره ليبدأ متسائلًا بخفةٍ: تحب نبدأ منين؟
ولج عمران لمكتبه الخاص بعدما أكد على السكرتير الخاص باحضار ما يلزم الصفقة الأخيرة لآن لديه حفل صباحي هام بعد ساعتين من الآن، ورفع سماعته يؤكد له: متحوليش أي اتصالات أو مقابلات النهاردة.
وأغلق الهاتف مجددًا، ليعمل جاهدًا حتى ينتهي مما يفعله، فتفاجئ بباب مكتبه يُدفع لتظهر من أمامه بملابسها القصيرة المغرية، نهض عمران عن مقعده ليجد سكرتيره يشير لها بغضب: من فضلك سيدتي آ.
قاطعه عمران باشارة يده فخرج على الفور، لتبقى تلك التي تقترب من مكتبه مرددة بدلال: عمران اتصلت بك مرارًا ولم تجيبني، هل أنت بخير عزيزي؟
ابتلع ريقه واستمد نفسًا كأنه يبتلعه بخوفه، وأشار لها: اجلسي ألكس.
تعمدت اثارته بحركاتها الخليعة وبالرغم من ذلك سحب نظراته عنها وجلس على مقعده ساندًا بيديه على الطاولة بهدوءٍ جعلها تتساءل: ما بك عمران، لقد تحدثنا وانتهى الأمر ومع ذلك تتجاهل مكالماتي، ظننتك ستهاتفني للذهاب معك حفل إميلي وليام أنت تعلم بأنها صديقتي ولكنك لم تفعل ما الأمر؟
طرق بقلمه على مكتبه بهدوءٍ اتبع رزانة نبرته: ألكس أنا لا أتخلى عن كلمتي كوني رجلًا شرقيًا كلمته عهدًا، أريد الزواج بكِ لما حدث بيننا مسبقًا ولكنتي لن أتخلى عن زوجتي المصرية.
رمشت بعدم فهم لحديثه الغامض فبدى واضحًا: لن أطلق مايسان.
عبثت بعينيها بغضب قادح ورددت وهي تلعق شفتيها: والدتك تريد ذلك أليس كذلك؟
هز رأسه نافيًا: تلك المرة أنا الذي يريد التمسك بزوجتي ألكس، لقد فعلت الكثير لأجلي وأنا أرغب برد دينها.
نهضت بعصبية بالغه لحقت طرقها العنيف على مكتبه: حسنًا عمران من اليوم فصاعد لا أريد رؤيتك، أنا أعلم أنك كالعادة تقول تلك الكلمات وتعود لي سأدعك الآن وأنا واثقة بإن عودتك قريبة.
جلس على مكتبه ببرودٍ التمسته تلك التي كادت بالخروج من المكتب، فخشيت بأنها على وشك فقدانه تلك المرة، فما أن ولجت للمصعد حتى دونت رسالة لرجليها
«لا تنسى سنلتقى بعد ساعة بالحفل، أريدك أنا تفعلها بنفسك أنت ورفيقك وأعدك بإنني سأدفع لك 20000ألف دولارًا مقابل ذلك! ».