رواية صرخات أنثى للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الخامس والثمانون
استمدت بعض الشجاعة من حديث عُمران، فارتدت فستانها الأبيض البسيط، وخرجت تبحث عنه بالجناح بأكمله، حتى اهتدت لباب الشرفة المفتوح، نزعت شمس حذائها وخرجت تلامس الرمال بقدميها، تاركة الهواء يلاعب خصلات شعرها الطويل.
تناست خوفها، ترددها، كل شيء، واندمجت مع سحر إنعكاس الشمس على شاطئهما الخاص، وبالرغم من انجذابها بما تراه الا أن عينيها أفتقدت رؤيته، فبحثت عنه بلهفةٍ، حتى وجدته يدنو بسباحته الماهرة من محل وقوفها، وخرج بجسده الرياضي يقترب منها حتى بات يقابل محل وقوفها، بينما تتهرب الاخيرة من رؤيته خجلًا، مال إليها آدهم، فازداد توترها وربكتها المسموعة، ابتسم وهو يشير لها على المنشفة الموضوعة على الطاولة من خلفها، سحبها ووقف يجفف صدره، ثم قال بمكرٍ: وأخيرًا شمس هانم خرجت من مخبئها.
ارتبكت نظراتها قبالته، وفاهت ببلاهةٍ: وأنا هستخبى ليه يا كابتن! إنت مصاص دماء ولا حاجة؟
ضحك بصوته الرجولي، وغمز بمكر: الله أعلم البشمهندس عُمران خلاكِ تشوفيني أيه! على حد علمي إني بلطجي بالنسباله، وصفني بأيه تاني ده بان عليكي من أول ما دخلنا السويت!
اندفعت بحديثها بتلقائية حادة: بالعكس ده هو اللي خلاني أخرج.
جحظت عينيها صدمة مما فاهت به دون وعي منها، قضمت شفتيها من فرط حرجها، بينما ازدادت ضحكته بشكلٍ سحرها، إلتقط آدهم قميصه الأسود، يرتديه باهمال فوق شورته الذي يصل لمنتصف ساقيه، ثم أشار لها منحنيًا بلباقة: الأكل جاهز شمس هانم.
راق لها عدم تطرقه لما قالت، ظنته سيستغل ذلك ليستهزء بها، إتجهت بخطوات متهدجة لمقعدها المقابل لمقعده، الطاولة كانت مزينة بالشموع والورود الحمراء بشكلٍ كلاسيكي، الاجواء برمتها تليق بليلة زفافهما، وربما هذا ما زاد من توترها، فسحبت كوب المياه ترتشفه بتوترٍ.
راقبها آدهم باهتمامٍ، ترك كوبه وسألها بصوته الرخيم: خايفة من أيه يا شمس؟
ازدادت ربكتها بشكلٍ ملحوظ، وهتفت: فستاني قصير، خايفة حد يشوفني كده.
قالتها وعينيها تتلصص من حولها بقلقٍ، حتى استقرت بأحضان عينيه، تلتقط بسمته الخبيثة، وحديثه الماكر: وخارجة بفستان قصير قدامي ليه!
مال يستند برأسه فوق يديه مستطردًا بمكر: بتغريني مثلًا؟
كادت أن تنفعل بحديثها، ولكنها فضلت الهدوء وهتفت باستنكارٍ: سبق وقولتلي إنك مبتضعفش قدام أي واحدة ست، مش ده اللي اتدربت عليه ولا أيه يا كابتن؟
هز رأسه بخفة، وقال بصوته الرخيم: مكنتيش فيهم يا شمس.
وترك مقعده الذي يقابل مقعدها الرئيسي ثم دنى جالسًا على المقعد الذي يجاورها، يميل هامسًا بطريقة أثارت عاطفتها: عشان أصمد قدامك محتاج ألف سنة من التدريب يا شمس.
وتابع وهو يتعمق بعينيها بشغفٍ: حياتي كلها كانت ليل وبمجرد ما دخلتيها شمسها سطعت على إيدك إنتِ!
رمشت بربكة قبالته، تشعر وكأنها تنصهر من فرط تأثير كلماته، سحب آدهم كفها يلثمه بكل حبًا إمتلكه لها، وعينيه لا تفارق عينيها، كأنه يحكم لجام سطوته عليها، لا ينخدع لتواسلاتها الصامته أن يكف عن التحديق بها، بل تمادى بالأمر وهمس لها: خوفك من قربي أنا قادر أمحيه في لحظة، بس أنا مش حابب أعمل ده الا بارادتك يا شمس!
ترك كفها ثم حملها بالمقعد بعيدًا عن الطاولة، ونصب عوده قبالتها بكل ثقة وثباتٍ، ليعود من جديد يفرد يده لها، قائلًا: عشقي ليكِ مقروء في عنيا من أول صدفة جمعتني بيكِ، كنت خايف طريقي يوقعني بيكِ بس قلبي طلع لئيم ووقع في غرامك من أول نظرة، في اللحظة اللي أنا واقف فيها قدامك مملكش اليقين أني هكون موجود بكره ولا لأ بسبب شغلي، بس اللي أنا بتمناه إنها لو أخر دقيقة في حياتي تكون جنبك إنتِ يا شمس!
واستطرد وهو يطبع أجمل ابتسامة فوق شفتيه: جاهزة تبدأي حياتك معايا ولا هتنهزمي قدام خوفك وارتباكك بس خدي بالك كفي مش هيتفتحلك بالعرض المغري ده تاني.
أدمعت عينيها فرحة وتأثرًا بحديثه، وزعت نظراتها بين كفه الممدود وعينيه التي تعانقها في دفء، ودون اي تردد استندت على كفه ومنه ارتمت بين ذراعيه، وهي تردد بخفوتٍ: أنا حابة أكون جنبك لأخر يوم بعمري، أنا بحبك يا آدهم.
أحاطها بقوة ومال يهمس لها: ناديني النهاردة باسمي الحقيقي، عايز أسمعه منك.
اصطبغ وجهها بحمرة الخجل، وحمدت الله أنها تختبئ بين ذراعيه، ولكنه أصر عليها هاتفًا: ردديها تاني بإسمي يا شمس، عشان خاطري!
همست على استحياء، وهي تكاد تنصهر بين ذراعيه من فرط خجلها: بحبك في كل حالاتك، سواء كنت عمر أو آدهم، أنا بحبك.
رفعها إليه ومال يمنحها لقاء عابرًا بينهما، على عهد أنه إن شعر بخوفها تجاهه سيبتعد فورًا، ولكنه لم يلتمس منها سوى القبول به، الرغبة بقربه، عشقها الذي نجح بتحريره من بين بلور خجلها الهاش، لذا وبدون أي تردد مضى بها لجناحهما الخاص، أغلق ستاره بيده ثم وضعها بحذر فوق فراشهما الحريري، ليبدأ بها رحلتهما ليصبحا زوجان شرعًا وقانونًا.
وزعت نظراتها المنصعقة بينهما، ومن ثم انهارت ضاحكة، حتى سقطت على مقعد المكتب من خلفها وهي تردد بدهشةٍ: معقولة يا سيف، عندك الخوف ده كله من الحقن!
استدار يوسف لاخيه الملتصق به، ولكزه بكوع ذراعه، هادرًا بغيظٍ: عجبك كده، مش عارف تسترجل قدامها شوية، قولي هتمشي كلمتك عليها ازاي بعد اللي عرفته عنك!
دفعه عنه قائلًا بغضب: يعني أسيبها تلمسني بالمحقن ده عشان أرضيك مثلًا، ده محقن 10 سم يا يوسف!
صاح من بين اصطكاك أسنانه بينما تعلو ضحكات زينب: إخرس بدل ما أخدها منها وإحقنك أنا بيها.
ابتعد عنه سيف كالمذعور، وصاح منفعلًا: أنا أي حد هيقربلي بالبتاعة دي هشقه بالمشرط نصين، أنا بقولكم أهو.
وتركهما وهرع للخارج، بينما تتعالى ضحكات زينب بشدة حتى أحمر وجهها، ضحك يوسف رغمًا عنه وخاصة حينما سألته زينب بجدية: دكتور يوسف سيف بيهزر صح؟
مال يستند على مكتبها الجديد، يؤكد لها بحرج: لا للأسف دي حقيقة، عنده تروما من الحقن بسبب موقف حصله وهو صغير، ومتسألنيش عليه عشان للأسف مش هقدر أحكيهولك ومتسألنيش بردو دخل طب ليه!
تمادت بالضحك حتى أحمر وجهها، فنهضت تشير له: هروح ادور على الاجوبة عنده طالما مش عايز تقولي.
أشار باصبعيه لها: بتمنالك التوفيق اللي مش هيحصل أبدًا بموقف زي ده.
استدارت تجيبه بمزحٍ: هحاول مش خسرانه حاجة.
تابع خروجها ببسمة ساخرة، تمادت فور أن على رنين هاتفه، حرر يوسف زر الاجابة مرددًا: عبحليم إزيك!
انطلق صوته المتعصب يقتحم هدوء أجوائه: أنا عايز أعرف أيه اللي وصل بينا الحال لهنا، معقول يكون نزولنا مصر سبب فراقنا بالشكل ده؟
زوى حاجبيه بامتعاضٍ، وقال: داخل حامي عليا ليه بس، أوعى تكون متخانق مع مدام صبا وجاي تحط عليا، والله ما ناقصاك يا عبحليم!
=يوسف أنا مبهزرش، إنت مش شايف وضعنا! احنا اتفرقنا فعلًا.
واخد بالي بس لو ركزت إنت هتشوف إن كل واحد فينا مسحول في شغله، متنساش أننا بنبتدي من نقطة الصفر، ده غير كمان إن الوقح متجاهلني تمامًا عقاب ليا بسبب مكالماته يوم حوار ليلى!
=طيب وأخرتها ايه يا يوسف! أنا مخنوق ومش حابب الوضع ده يستمر كتير، كلم عُمران يشوفلنا شقة نشتريها ونتجمع فيها زي زمان.
هدر بانفعالٍ شرس: تاني يا جمال! محرمتش يالا! ما صدقنا حالك اتصلح مع مدام صبا، إنت ناوي على أيه يا عبحليم؟
اتاه ردًا بمنتصف جبهته: يوسف أنا مقدرش أعيش من غير رزالتك ولا من غير ابو لسان طويل التاني، افهم بقى.
تمردت ضحكاته الرجولية عاليًا، وشاكسه بمرحٍ: أسف يا حلوة أنا مرتبط للأسف، شوفي الوقح منحرف ويعملها تاني عادي.
=اظبط معايا وامشي معايا في الجد بدل ما أجيلك أظرفك بونية تجيبك أرضي، اترزي معايا على المكالمة هضيفه مدام مش راضي يعبرك.
أعاد جمال إضافة عُمران إليهما، بعد مرتين من الاتصال، حتى اتاهما صوته الناعس: مش قولتلك مدام مردتش من أول مرة أبقى متنيل مش فاضي، ولا هي حفلة بروح أمك!
ضحك يوسف شامتًا، فاتاه نصيبه بالحديث: ضفت الندل ده ازاي على المكالمة، أنا عمله حظر أساسًا!
هدر يوسف بغيظ: عُمران إنت لسانك ده مش ناوي يحترم نفسه ويتوب عن الوقاحة، يا أخي ده انا بحكم شغلي مع دكتور على وقعت في حالة من الصدمة والاندهاش، إزاي الملاك ده يبقى أخوك!
رد عُمران بسخط: تحب أجي أعرفك إزاي، وأوعدك إنك بعدها هتتشطب من نقابة الاطباء للأبد، الخلاصة بترنوا عليا ليه السعادي! خير حد عنده مصيبة جديدة ولا أقفل في وش أمكم؟
قال جمال مندهشًا: الساعة لسه خامسة المغرب!
رد عليه بوقاحه: وإنت مال أمك بمواعيدي!
تنهد جمال بقلة حيلة، بينما ردد يوسف بمشاغبة: عبد الحليم مشتاقلنا وعايز شقة تلمنا، ها عندك مكان مناسب ولا نأجر شقة مفروشة؟
ضحك عُمران رغما عنه، وقال بصعوبة بالحديث: أنا طفشان من خلقة أمك وأمه، وبالرغم من كده قلبي الحنين مش قابل بالبعد، وفعلا لقيت شقة من زمن الفن الجميل، جاهزة من مجامعيه ومش فاضلها غير حاجة واحدة بس.
تسألوا معًا: أيه؟
اجابهما ضاحكًا: موافقة صاحبها!
عاد صوتهما الجماعي بهتف بصدمة: نعم!
أكد لهما مجددًا: زي ما سمعتوا بس متقلقوش إيثو مش ممكن يردلي طلب، ومن غير رغي كتير لما أستولي عليها هبعتلكم العنوان ولحد ما ده يحصل مش عايز وجع دماغ، كفايا اللي مزاحم رأسي!
قالها وأغلق الهاتف بوجههما، ثم فتح هاتفه يتفحصه بنظرة متفحصة، ومال للاعلى يبتسم وهو يردد: لامواخذة يا علي.
ضيق عينيه وهو يتابع قراءته بسخرية: وإنت من أمته بيهمك حد، عمومًا أنا متبري منك ومن لسانك الوقح ده.
مال على جانبه وهو يتفحص هاتفه غير، عابئًا بأخيه الغاضب، بينما عاد على يستكمل قرائته بتمعنٍ، توسعت رمادية عُمران صدمة، فاعتدل بجلستها على السيارة وهو يتطلع لاخيه الذي إسترعى الأمر انتباهه وتساءل: في أيه؟
أدار الهاتف إليه وصاح بضجر: مايا أعلنت عصيانها!
راقب على شاشة هاتفه، فوجده يتابع قصة نشرتها مايسان على حسابها الشخصي، تحمل مقطع لأغنية حادة، تدل على شموخ الأنثى، فهدر ساخرًا: أنا مرة طعمي علقم! حلوة الاغنية دي.
واستدار لاخيه يسأله بخبث: عملت أيه وصلها للحالة دي يالا؟
هبط عن السيارة يشير له بحزمٍ: قوووم يا على وصلني البيت بسرعة.
أشار على سيارته باستغراب: وعربيتك؟
اجابه وهو يعتلي المقعد المجاور له: مش قادر أسوق، هبعت حد يأخدها.
وأضاف وهو يشير له: بسرعة خدني على أقرب محل ورد.
لحق بها وإعتلى مقعده يخبره باستهزاء: وهو الورد يعني اللي هيحل مشكلتك؟
أشار له بغيظ: على بالله عليك متصدعنيش، أنت مالكش في أمور الرومانسية الناعمة دي، خليك في كتب الطب النفسي بتاعتك ومتقرفش أمي معاك.
احتدت رماديته، وصاح بغضب: هتحترم لسانك ده معايا هتحرك غير كده أنزل سوق إنت.
ضم مقدمة أنفه بيده، يحاول حجب صداع رأسه الحاد من قلة النوم، وعاد يرسم ابتسامة زائفة وهو يخبره: أنا آسف يا دكتور علي، لو ممكن بس توصلني قبل ما أتفاجئ بإعلان الخلع سابقني يبقى كتر خير جنابك.
أحاطه بنظرة مستنفرة، وقاد السيارة لاقرب محل لبيع الزهور، هبط عُمران من السيارة، وانحنى للناقذة يخبره ببسمة ماكرة: تحب أجبلك بوكيه معايا؟
ابتسم ببرود: لا متشكر، أنا بعرف أحل مشاكلي بدون رشاوي.
قهقه عُمران ضاحكًا: غلبتني بخبرتي يعني؟
عدل من نظارته الطبية وهو يغمز له بمرح: قولتلك قبل كده، أنا بابا يالا!
تعالت ضحكات عُمران تباعًا، وقال من بينها: مش عارف ليه عندي آحساس إنك محتاج لبوكيه الورد أكتر مني أنا شخصيًا!
بقى بغرفته مهمومًا، لا يريد الخروج منها، حتى أنه قضى صلاته بالمنزل، ولم يريد أحدٌ الضغط عليه، لذا تركوه كما أراد، مال بفراشه ساهمًا بالفراغ، يحمل بيده هاتفه وعلى شاشته رقم آدهم، كلما حاول اجراء الاتصال امتنع عن ذلك رغمًا عنه، وضعه على الكومود فور ان استمع لطرقات خافتة على الباب، تلاه دخول تلك النسمة الرقيقة.
اغلقت سدن الباب من خلفها، واتجهت إليه بخطوات مترددة، جلست جواره على الفراش، واستجمعت حديثها المتردد، قائلة: بقالك فترة قاعدة هنا ومش بتطلع بره، أنا قلقان عليك ومش عارف أدخل هنا ولا لأ.
وأضافت بحزن شديد: بس قلبي زعلان عليكي ومش قابل يخليني أبعد عنك وإنتي بالحالة دي.
مازالت نظراته شاردة بالفراغ من أمامه، وكأنه لا يستمع لها، مما دفعها على الاقتراب، ولمس كفه المسنود جواره، تناديه بقلقٍ: آيوب!
سحب كفه من يدها، وابتعد عن محل جلوسها قائلًا: سدن ارجعي أوضتك ومتدخليش عليا بالشكل ده تاني.
رفرفت بأهدابها بعدم استيعاب لما قال، ورددت بتيهة: ليه بتقول كده آيوب، أنتي زعلانه مني عشان قولتلك هلبس الحجاب قدامك؟
ابتسم والحزن يطوق مُقلتيه، وصمته يجوب كأنه يؤكد لها صدق تخمينها، فنزعت حجابها وهي تخبره بلهفتها: أنا كنت تضحكي عليك.
استدار لها يتأملها بحبٍ تمرد بفيروزته رغمًا عن أنفه، فزحف إليها، يرفع حجابها، ويخفي به خصلاتها الذهبية، وهي تراقبه بحزنٍ ودهشة من طريقته الغامضة.
تهاوت دموعها على وجنتها، وقالت بألم: أنتي مش بتحبي سدن آيوب؟
رد عليها ونغزة صدره تحتد تدريجيًا: سدن أنا حياتي اتلخبطت فجأة، وفي اللحظة دي معرفش جوازنا تم بالشكل الصحيح ولا أيه؟!
ازدردت ريقها بارتباك، وهتفت: مش فاهم!
أجابها بهدوء رغم نيرانه المشتعلة: أنا اسمي أتغير عن الإسم اللي اتجوزتك بيه، الله أعلم بقى كده جوازنا صح ولا هكتب عليكِ من جديد بإسم مصطفى الرشيدي اللي اتفرض عليا ده.
وتابع وهو يتطلع لها بحنان وحب جاهد لأن يظهره رغم انكساره: مش عايزك تشكي في حبي ليكِ، أنا باللي بعمله ده بحميكِ من أي ذنب ممكن نشيله مع بعض، أنا مش ممكن أتقبل إسم الانسان ده يتكتب ورا إسمي، بس إنتِ مالكيش ذنب في كل ده، الحالة الوحيدة اللي ممكن تخليني أقبل بيه هو إنتِ، أي حاجة هتخلي جوازنا يمشي بالشكل السليم هعملها.
واستطرد وهو يمنحها نظرة نطقت بعشقه العتيق لها دون حديث: انا مش ممكن أسيب ايدك في نص الطريق يا سدن، أنا وإنتِ قصتنا اتكتبت مع بعض، وهتكتمل وإحنا مع بعض.
ارتسمت بسمة سعادة على وجهها، ودون أي تردد أحاطت عنقه وهي تحتضنه، تبوح له بحماسٍ: بحبك آيوب، بحبك كتير.
انتفض بجلسته وحاول إبعادها برفقٍ: سدن، إحنا قولنا أيه من شوية؟
سحبت يديها عنه، وابتعدت بخجلٍ، فابتسم وقال ليخفف عنها الحرج: عايزك بكره تنزلي مع الحاجة رقية، تشتري كل اللي نافصك، الفرح هيتعمل في معاده، ولازم كل شيء يكون جاهز.
هزت رأسها بفرحةٍ، فتمعن بها بحبٍ، وطالبها برفق: يلا إقفلي النور، عايز أنام شوية.
أمأت له، وقبل أن تتجه لغلق المصباح سحبت الغطاء تضعه على جسده، واتجهت تغلق الضوء، ثم خرجت على الفور، فما أن تأكد من رحيلها، حتى فتح عينيه ليعود من شروده وألمه من جديد!
صعد عُمران إلى غرفته، وهو يحمل باقة الزهور بين يديه، مال على باب الغرفة يستمد طاقته المهدورة، جسده يئن كأن عظامه بأكملها قد كسرت، زهد النوم بالفترات الاخيرة، وخاصة بأنه بات حريصًا على الذهاب لمسجد الشيخ مهران للابتهالات وأحيانًا ليكون أمام الناس بصلاة الفجر، الجميع يحبون سماع صوته، ويحبونه للغاية، وعلى رأسهم الشيخ مهران، الممتن لمساعدته بعودة آيوب للمنزل، لم يكن آدهم الوحيد الذي لجئ إليه، فعلها الشيخ مهران لحظة خروج آيوب من المسجد.
سحب نفسًا مطولًا عساه يخفي إرهاقه، لا يمكنه أن ينكر أنه مقصر كل التقصير بحق زوجته، فتح باب الغرفة وولج مبتسمًا لها.
كانت تجلس على الفراش وتتابع هاتفها بجمودٍ، بالعادة كانت تستقبله بحفاوةٍ، تجيد الآن رسم وجه الجليد ببراعةٍ.
اقترب منها عُمران يقدم باقة الزهور، قائلًا بنبرته المغرية: أحلى ورد لأجمل وردة في بستان عيلة الغرباوي كلها.
شملته بنظرةٍ ساخرة، ومالت بجانبها للجهة الاخرى تتجاهله، اتسعت ابتسامته وجلس جوارها يهتف باستنكار: ده حبيب قلبه شكله أخد على خاطره مني أوي، بس على مين أنا مش هقبل بالجفا ده أبدًا.
ومال يجذب وجهها إليه، لتقابله: يعني يرضيكِ تحرميني من طلة القمر دي.
أبعدت كفه وعادت تتطلع للجهة الاخرى وهي تتابع هاتفها، فاتجه للجهة الاخرى من الفراش وهو يردد بخبث: حبيب قلبه، قلبه قسى على جوزه ومبقاش يهمه زعله يا ناااس!
زفرت بمللٍ وصاحت: عُمران ممكن تطلع بره!
عبث برماديته بدهشة مضحكة: عايزة تفرقيني عن ابني يا مايا!
احتشد الغضب بمُقلتيها، وصاحت بغضب: اللي يسمعك وإنت بتتكلم يقول إنك مهتم بابنك أووي، إنت أصلًا تعرف عنه أيه؟! تعرف متطلباته أيه؟
ردد ساخرًا: أصلًا! أمممم طيب يا بيبي مبدئيًا كده عشان نكون حلويين مع بعض صوتك الجميل ده يوطى شويتين، لإني للاسف متعودتش يبقى في صوت مسموع غير صوتي أنا!
عاندته بشراسة: انا بتكلم بصوت واطي على فكرة، إنت سمعك فيه مشكلة!
مرر اطبعيه على وجنتها برفقٍ، وهمس لها: النبرة دي جديدة عليكِ، بلاش تدخلي بالسكة دي معايا يا مايا.
تركت هاتفها جانبًا وزحفت بجلستها إليه، تتحداه بعصبية: ولو دخلتها هتعمل أيه يعني!
راقبها عن قرب ببسمة ماكرة، وهدر بسخط: تلاشيني أحسنلك يا بيبي!
كزت على أسنانها غضبًا، ومالت تغلق ضوء الغرفة، ثم جذبت الغطاء وتمددت توليه ظهرها، تابعها مبتسمًا ثم تمدد جوارها واستند بذراعه خلف رقبته، مطلقًا صفيرًا مزعجًا جعلها تجذب الوسادة وتضعها على أذنيها، فردد بمكر: صوتي رايق مش مزعج زي ال music اللي حطهالي ستوري، وبعدين من أمته وإنتِ حادة وعنيفة كده يا بيبي!
نزعت عنها الغطاء ونهضت ترتدي مئزرها قائلة بضيق: أنا هسيبلك الاوضة كلها عشان ترتاح خالص.
وما كادت بالتحرك حتى جذبها لتسقط بين ذراعيه، قائلًا ببرود: هرموناتك شكلها كده بدأت رقص على السلم، وأنا حاليًا Out of service (خارج نطاق الخدمة)، فنعقل كده ونلمها إنتِ والصغنن اللي محيرك ده.
قالها وهو يشير على بطنها المنتفخ، فدفعته عنها ورددت بحزن: أنت مبقتش بتحبني يا عُمران، إنت كنت بتستغل كل لحظة عشان تقضيها جنبي، دلوقتي مبقتش بشوفك غير كل فين وفين.
وأضافت ودموعها تلألأت بعينيها: أصحابك وعيلتك مش بس اللي ليهم الحق فيك، أنا وابني لينا الحق الأكبر اللي مبقتش شايفه أساسًا.
وتركته واتجهت للأريكة، تجاهد لعدم بكائها، راقبها بحزن وقد لمست كلماتها قلبه، فانحنى يجذب احدى الزهرات من الباقة، وجلس جوارها، مرر الزهرة على دموعها، يبعدها عن وجهها، ثم وضعها فوق آذنيها بخصلات شعرها، بينما يحاوط وجنتيها بيديه، وبدون أي ترتيب منه غنى لها بصوته العذب: ما تيجي نركن الزعل، وتحكيلي اللي فاتني،
وأسرح وإنت بتحكي في سحر عينيك اللي خدني،
يا اللي الغرام لغيرك حرام مفيش غيرك شغلني،.
عشانك إنت أقول في شعر وليل نهار أغني،
أنا أعمل ليكي المستحيل بس إنت عني ترضي
أنا مهما أحكي لك صعب إني أوصفلك غلاوتك عندي
عايز أقول لك وعد، وعارف إني قد وعدي
أنا هفضل جنبك طول العمر سندك وإنت سندي،
الثانية وإنت بعيد بتفوت سنة، أنا عايش على اللي فاضل مننا
ده احنا الشوارع تحكي قصة حبنا واحنا سوا مكنش حاجة تهمنا، ما تيجي ننسى الزعل احنا بعادنا أصبح شئ لا يحتمل.
هنرجع تاني ولا خلاص مفيش أمل كل اللي ممكن أعمله معاك اتعمل!
تهاوت دموعها وهي تستمع إليه، فضمها لصدره بينما يعود لترديد: ما تيجي نركن الزعل وتحكي لي اللي فاتني
واسرح وإنت بتحكي في سحر عينيك اللي خدني،
يا اللي الغرام لغيرك حرام مفيش غيرك شغلني،
عشانك إنت أقول في شعر وليل نهار أغني،
أنا أعمل ليكي المستحيل بس أنت عني ترضي
أنا مهما أحكي لك صعب إني أوصف لك غلاوتك عندي
عايز أقول لك وعد وعارف إني قد وعدي.
أنا هفضل جنبك طول العمر سندك وإنت سندي!
تمسكت بقميصه ورأسه مدفون جوار نبضات قلبه التي ازدادت بمجرد لمسها له، قبل رأسها بحب، وهمس لها: إنتِ ليكِ كل الحق فيا، مهما بعدت وإنشغلت عنك أنا ملك ليكِ إنتِ وبس يا حبيبي، أوعي تقارني نفسك بأي حد مهما كانت مكانته عندي، إنتِ في مكانة محال مخلوق يوصلها، حتى ابني نفسه عمره ما هيأخد مكانتك يا مايا.
أشرق وجهها فرحة سماع كلماته، وبدون أي تردد استقبلت وصلة غرامه بصدرٍ رحب، انصاعت لمعزوفته الخاصة وتركته يطيب خاطرها المجروح، ليجدد معها عهود الغرام والعشق.
دخل غرفته ينزع جاكيته وجرفاته باختناقٍ، ثم إتجه للخزانة يجذب بيجامة من أغراضه، وما أن استدار ليتجه لحمام الغرفة حتى وجدها تجلس على مكتب الغرفة.
ترك علي ما بيده، واقترب منها بابتسامته الجذابة: فطيمة إنتِ هنا؟
طالعته بعينيها المتورمة، تتمعن برماديته بتركيزٍ، تبحث عن شيء هي لا تعلمه، توسعت حدقتيه دهشة من مظهرها، وتساءل بقلق: مالك يا فاطمة؟
بثبات قاتل أشارت للمقاعد قبالتها: اقعد يا علي.
جلس قبالتها على الفور، فوجدها تجذب حاسوبه وتديره له، خطف نظرة متفحصة للشاشة، ثم عاد لها يقابلها بنظرة عميقة، ثم تنهد وقال بهدوء: وبعدين؟
ضيقت عينيها من سؤاله الغامض، وقالت: ده ردك على اللي ورتهولك؟!
بثباته واتزانه ردد: وعايزة ردي يكون إزاي يا فاطمة؟! بدون ما تنطقي حرف عينك وحالتك شرحين كل حاجة.
تركت المقعد الأساسي وإتجهت تجلس قبالته، تفرك أصابعها بعنفٍ، وهي تحاول أن تدعم أنفاسها المتحشرجة، التاع قلب على وتوتر للغاية، أراد ان يكسر حنكة تصرفه العقلاني ويسرع لها، ولكنه جيد التعامل مع الموقف برمته، قبض على معصمه واستمر بالتطلع لها، حتى قالت برجفة صوتها: فهمني ده أيه يا علي، إنت لسه شايفني حالة ومحتاجة علاج! أزاي وإنت بنفسك قولتلي إني خفيت! إنت كنت بتخدعني يا علي! حتى مساعدة عُمران كانت مدبرة منك! وبعدين إنت ازاي تعملي ملف وتكتب فيه كل كبيرة وصغيرة عني! أنت كاشف كل أسراري، أنا هعمل أيه لو الملف ده وقع في أيد أي حد من اللي بيشتغل معاك في المركز، هتفضح! عايز تفضحني يا علي! هونت عليك للدرجادي!
قلبه الإن ينشطر تدريجيًا لرؤيتها بتلك الحالة، ولكنه مجبور على التعامل بثبات وحذر، لذا سألها بجمود: إنت لقيتي اللاب ده فين يا فاطمة؟
أبعدت خصلاتها للخلف بقوة، وهدرت فيه بعنف: هو ده اللي يهمك؟!
بهدوءٍ ولين قال: ردي عليا من فضلك.
قضمت شفتيها السفلية بعصبية، وقالت: هنا في درج المكتب.
سألها مجددًا: مكتب أيه؟
تعحبت من طريقته الشبيهة بالتحقيق ومع ذلك قالت: أوضتنا!
ارتسمت بسمة غامضة على وجهه وقال بثبات: لقيتي في ملفات تانية في اللاب؟
هزت رأسها تنفي ذلك، فنهض عن المقعد واتجه للفراش يسحب بيجامته واتجه لحمام الغرفة وكأن شيئًا لم يكن، مما دفعها للدهشة، فلحقت به دون أن تبالي بمكان تواجدها بحمام الغرفة من خلفه، وصرخت به: إنت ازاي تسبني واحنا بنتكلم يا علي، أنا سألتك مردتش عليا!
نزع قميصه وجذب البيجامة يرتديها، ارتابت من أمره فنادته برفقٍ وتيهة: علي!
تنهد واستدار لها: نعم!
تمكنت منها الحيرة والتوتر، فانتابتها نوبة من البكاء وهي تخبره: إنت بتتعامل كده ليه معايا! ريحني ورد عليا.
اقترب منها وقال بحنان: متعيطيش يا فطيمة، اهدي وخدي نفسك بانتظام.
وتابع بحزن: أنتِ اتهمتيني أنا، وشايفاني أنا الوحش ف ليه بتبكي وبتعاقبي نفسك؟
نجح بمهارته أن يقلب الأمر عليها، وقد جنى ثماره حينما هتفت به: أنا متهمتكش أنا عايزة أفهم يا علي.
رد عليها بخبث: ردودي عليكي مش كافيه إنك تفهميها يا فطيمة!
هزت رأسها بحيرة: لا يا على مفهمتش حاجه.
ابتسم بوجع ملموس وقال: اللاب موجود في أوضة نومي، ومعلهوش غير ملفك ده موضحش ليكي مدي خصوصية وأهمية ملفك عندي، وإن مستحيل مخلوق يدخل أوضة نومي ويفتش في حاجة تخصني ده مدكيش مبرر إني بحميكي.
صرخت به بانفعال: وليه تعملي ملف من الأساس.
واجهها بصوت متعصب: لإني ببساطة دكتورك المعالج، وحبي وجنوني بيكِ هيخليني أخاف عليكِ سبعتلاف مليون مرة، قبل ما تكوني مراتي كنتِ أهم حالة عندي وبعد ما بقيتي مراتي وكل دنيتي متخيلة إنك توصلي بمكانتك فين؟!
هدأ من انفعالاته سريعًا، وقال بهدوء ورزانة: أنا بعمل وهعمل أي حاجة تخليكي تتعافي مية في المية، والملف اللي انتي واخداه دليل إدانة عليا ده هو اللي مخليني أقدر أتابع كل صغيرة وكبيرة خاصة بيكي، لاني مش هقدر أتحمل يجرالك حاجة مش لاني خايف على انجازي في حالتك اللي بتحاولي تلمحيلي بيه، لإنك مش حالة بالنسبالي يا فطيمة، إنتِ حتة من روحي وقلبي وكياني.
ارتدى ملابسه سريعًا وقبل أن يخرج قال دون أن يتطلع لها: أي كلمة تخصك فهي تمسني قبل ما تمسك، أنا ماشي معاكِ كل خطوة، ومش فارقلي أي تنازلات بقدمها عشان تكوني بأحسن حال، فأوعي تفكري إن على اللي حبتيه ممكن يخذلك أو يدوس عليكِ في يوم من الأيام.
وتركها وخرج لفراشه، بينما تتطلع لمحل رحيله بابتسامة حب ودموع تستفيض على وجنتها، كلما تعثرت تجد ذاتها تخطئ بحقه.
استدارت تقابل ذاته أمام المرآة، فتحت الصنبور وحملت حفنة من المياه تغسل وجهها، كأنها تحاول أن تفيق مما أحاطها بتلك الساعات.
خرجت فاطمة تبحث عنه، فوجدته يجلس على الفراش ويقرأ أحد كتبه، راقبها على بطرف عينيه فوجدها تنزع مئزرها وتتحرك دون قيد على عكس عادتها، ادعى إنشغاله بالقراءة بينما يراقب كل صغيرة وكبيرة متعلقة بها.
وجدها تفتح أحد الادارج، تجذب شريط منع الحمل، وضعت حبة بيدها وقبل أن تقربها لفمها، توقفت لبرهة وكأنها تعيد كل ما حدث أمامها، راقبها بكل لهفة وهو يتمنى أن يحقق النجاح الاكبر بلحظة مثل تلك، حتى وإن كانت مؤلمة بحقه ولكنه سيكون سعيدًا بشفائها الكامل مما تمر به.
تهلل وجهه فرحًا حينما وجدها تلقي ما بيدها بسلة المهملات، وتتجه إليه بارتباك، والاخر مازال يدعي إنشغاله بالقراءة، تمددت جواره تنتظره أن يضمها إليه كعادته، ولكنه لم يفعلها، انتابها الحزن، وبهدوء أزاحت الكتاب عنه وقالت بقهر: ممكن متزعلش مني، أنا غلطت في حقك كتير سامحني أرجوك.
لم يكن قاسيًا بحقها يومًا ليفعلها الآن، عادت ابتسامته المشرقة إليه، وأجابها: مش زعلان يا فاطمة، بالعكس أنا سعيد جدًا.
قالها وهو يشير على سلة المهملات، فامتقع وجهها خجلًا، ورددت على استحياء: أنا عايزة يبقالي ابن منك يا علي.
اتسعت ابتسامته ومال إليها يهتف بمكر: هيحصل بأقرب وقت يا روح قلب علي!
اجتمعت كومة القمامة بمخبئها السري، يحصد أحدهم قولًا أثار دهشتهم: حدث أمرًا غريبًا اليوم، لقد تأكدت مصادرنا بوصول أحد ظباط المخابرات المصرية لاحدى الفنادق الباهظة، برفقة زوجته لقضاء شهر العسل، ولكن أجد الأمر غريبًا نوعًا ما، وخاصة أن توقيت ظهوره هو نفس التوقيت الذي تحدث لنا معلومات جديدة عن تنقل الميكروفيلم.
نطق أحد المنصتين باهتمام لما يقال: هل يعقل أن يكون هو الظابط الذي كلفته الاستخبارات المصرية لنقل الميكروفيلم؟
ردد أحدهم وكان يبدو أكثرهم حكمة: لا اعتقد أن المخابرات المصرية بمثل ذلك الغباء، إن كان هو المنشود لما أتى إلينا بشكلٍ رسميًا وكأنهم يقدمون كبشًا فدى بتلك البساطة، الأمر مريبًا للغاية.
تساءل الآخر بتوتر: وماذا علينا أن نفعل؟
قال بغموضٍ حويط: فلنتأكد أولًا من هويته وبياناته الشخصية حول أمر زفافه وحينها سنعمل جاهدين لكشف مخططات الجهاز.
وأضاف بكره وحقد شديد: أعدكم بأن الميكروفيلم لن يصل لمصر مهما كلف الثمن!