قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية صرخات أنثى للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الخامس عشر

رواية صرخات أنثى للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الخامس عشر

رواية صرخات أنثى للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الخامس عشر

جحظت عينيها صدمة حينما وجدت فريدة تقف قبالتها، تكاد نظراتها تحرقها حية، ابتلعت فطيمة ريقها بارتباك لحق كلماتها الغير مرتبة: آآ، أنا. ك. كنت، بقرأ. كتاب. ونمت. معرفش ازاي.
ضمت ذراعيها أمام صدرها تحدجها بنظرة ساخرة، ورددت باستهزاءٍ: مالقتيش حجة كويسة غير قراءة الكتاب!

وفكت حصار يديها لتصرخ بوجهها بغيظٍ: مفكرة إني ساذجة وهتخش عليا حججك، إسلوبك الرخيص اللي كنتي بتستخدميه على ابني بالمستشفى ده مينفعش هنا، لإنك في بيت محترم!
أخفضت عينيها أرضًا لا تجد ما يمكنها قوله بتلك اللحظة، فقدت قدرتها بالدفاع عن نفسها فهي مخطئة، لا تعلم كيف غلبها النوم هنا، على الأقل كانت استأذنت وأخذت الكتاب وغادرت لغرفتها!
تمعنت فريدة بمعالمها قبل أن تقول بحدةٍ: مش لقية حجة مقنعة مش كدة!

وهتلاقي حجج ليه وهي موجودة بأوضة جوزها يا فريدة هانم!
أتاه ردًا حازمًا من ذاك الذي كان بطريقه لغرفته ليجد المواجهة غير عادلة بين زوجته ووالدته، فقرر التدخل عوضًا عنها، استدارت فريدة للخلف فوجد على يدلف للغرفة ومازال مرتديًا بذلته، حاملًا جاكيته على ذراعيه وخصلاته مبعثرة بشكل فوضوي، يبدو بأنه قضى ليله خارج غرفته، تركتها فريدة، واتجهت لتقف قبالته متسائلة بذهول: كنت فين؟

رد عليها وهو يلقي جاكيته للفراش: كنت نايم تحت عشان فاطيما تاخد راحتها.
خطفت نظرة سريعة إليه وعادت تتطلع أرضًا حينما وجدت فريدة تراقب ردة فعلها، فصاحت بانفعال: وتنام تحت وأوضتك موجودة ليه، مش ليها أوضة سيادتها ولا مش عجباها؟
ضم مقدمة أنفه بيده بتعب اتبع نبرته: فريدة هانم من فضلك كفايا، أنا أول مرة أشوف منك المعاملة دي وحقيقي مصدوم وحاسس إني معرفكيش.

وتابع وهو يتجه لخزانته ليجذب بذلة أخرى استعدادًا للذهاب لعمله، قائلًا دون تطلعه لها: لو حضرتك هتقضيها كده أنا ممكن أنسحب أنا ومراتي بمنتهى الهدوء، من غير ما نعمل لحضرتك مشاكل أو إزعاج.
تهديده بالرحيل كان أخر أمرًا تريده، فطالت بنظراتها إليه ومن ثم سددت نظرة أخير لفطيمة قائلة قبل أن تغادر: عرفها إن الفطار بيكون جاهز 10 الصبح، يا ريت تلتزم بالمواعيد وتكون تحت على المعاد.

وتركتهما وغادرت، فما أن أغلقت الباب من خلفها حتى عادت فطيمة تلتقط أنفاسها بصوت مسموع لعلي، فضحك وهو يتابعها بنظرة هائمة، فأسرعت إليه تردد بتلعثم: أنا آسفة مكنتش عايزة أعملك مشاكل مع والدتك.
وأشارت تجاه الباب وكأنها تلقي اللوم عليه: أنا لقيت الباب ده وأول ما فتحته لقيت نفسي هنا وبعدين لقيت آآ.

وأشارت على المكتبة في محاولة لاسترسال حديثها، ولكنها توقفت حينما وجدته يتطلع إليها بنظرة أهلكت جوارحها وجعلتها تعيش شعورًا غريبًا.
شعرها كان مفرود من حولها بعشوائية، ترتدي بيجامتها الستان الحريري فتزيد من جمال وجهها الناصع بعدما أزاحت مساحيق التجميل عنها، ابتلعت فطيمة ريقها بارتباك، ورددت بتوتر: الكتاب أخدني ومحستش بنفسي غير الصبح.

خرج عن صمته الغامض حينما قال بعدم مبالاة: وفيها أيه؟ دي أوضتك يا فاطيما زي ما هي أوضتي، وكل شيء فيها ملكك بما فيهم أنا.
حان موعد الفرار من أمام هذا العلي الذي يجاهد كل مرة لجعلها تخوض مرحلة العبث على مشاعرٍ تجتابها وللحق تروق لها، لذا أبعدت خصلات وجهها عن شعرها واتجهت لتغادر، فأوقفها ندائه: فطيمة. اسنني.

توقفت محلها بعدم رغبة الاستدارة لرؤيته مجددًا، فوجدته يدنو منها ليقدم لها كتابًا غير الذي كانت تقرأ به قائلًا ببسمة سحرتها كليًا: بما إننا متشاركين بحبنا لنفس الكاتب فخليني أختارلك تبدأي بأيه؟
التقطت منه الكتاب ورفعته إليها تقرأ عنوانه «حب في أغسطس! »
عادت لتتطلع إليه فغمز لها بتسلية: مش هتجيبي حضن حق استعارة الكتاب؟

فتحت فمها ببلاهةٍ، وضمت الكتاب إليها لتهرول من أمامه صافقة الباب بوجهه، رمش بعدم تصديق ومن ثم انفجر ضاحكًا وهو يهمس بمرح: أيه حبها في رزع الأبواب!
فور أن توقفت حركة السيارة حتى تحركت برأسها تتأمل من النافذة المكان، فعادت تتطلع إليه متسائلة بدهشة: جايبنا عيادتك ليه يا يوسف؟
لم يجيبها، بل نزع حزام السيارة وهو يردد بثباتٍ: انزلي.

انصاعت عليه ففتحت الباب واتبعته للمصعد، فما أن أغلق بابه حتى قالت بتوترٍ: ممكن تفهمني احنا جاين هنا ليه، لسه ساعتين على معاد فتح عيادتك!
تمسك بصمته، وكأنه يبث به كل تفكيره فيما سيفعله، كرامة الرجل حينما تهان على يد إمرأة يسود وجهه ويخشى أن يلاحظ من حوله ذاك السواد العالق على جبينه نهيك إن كانت تلك المرأة زوجته!

توقف المصعد فخرجت من خلفه تتجه لعيادته القابعة بالطابق الثالث، وبطريق الرواق المتسع تسمرت قدميها صدمة حينما رأت إحدى شقق الطابق الثاني المجاورة لعيادته بالتحديد تحمل لافتة مضيئة بإسم «الدكتورة ليلى حسن»، عادت بنظريها إليه وإصبعها يشير على اللافتة بعدما فقدت قدرتها على النطق، منحها يوسف نظرة جامدة وبهدوء تحرك ليحرر بابها بمفتاحه الخاص، وفتح ذراعه قائلًا بصوت يسخره الألم: فاضل على عيد ميلادك عشر أيام، كل سنة وإنتِ طيبة يا دكتورة.

عقلها كان هزيلًا لا يستوعب ما يقوله، أجبرت قدميها على الدخول فجابت عينيها على كل ركنٍ لمحه بصرها، ردهة الاستقبال الضخمة ومكتب السكرتيرة الذي مازال يحمل اللاصق والأكياس، فبدى إنه اشتراه منذ مدة قصيرة، حتى استقرت قدميها داخل غرفة الكشف الحاملة لاجهزة ومعدات تفوق المليون دولار، كونها طبيبة تعرف جيدًا أسعار الأجهزة الموضوعة أمامها.

تدفقت الدمعات حسرة من حدقتيها، فحاولت التقاط أنفاسها الثقيلة وهي تخرج من غرفة المكتب تركض تجاه يوسف الذي مازال يستند على الباب الخارجي للشقة وكأنه فقد روحه فأصبح لا يطيق التحرك عن محله، فقد مذاق الحياة فجأة بعد شهور قضاها بالكد والتعب ليجمع ثمن كل شيءٍ هنا وبالنهاية اتهمته بأنه يغار منها!

استقرت عينيه الشاردة عليها حينما انتهت من جولتها وخرجت إليه بعينين منتفخة من أثر البكاء، فبدت مرتبكة لا تعلم ماذا ستفعل بالتحديد، فاقتربت منه تمسك يده الحاملة لدبلته الفضية حول اصبعه، تغمس أصابعها بدبلتها الذهبية، ورددت بصوتٍ محتقن: أنا آسفة يا يوسف. حقك عليا.

أغلق عينيه بقوةٍ، وفرد أصابعه لتتلاشى عن أصابعها، وقال ومازالت عينيه تتأمل الطرقة الفاصل بين عيادتها وعيادته: بالبساطة دي! أنا بقالي شهور بفكر أحققلك حلمك ازاي وبسعى وبتعب عشان أشوف ابتسامتك وبالنهاية أطلع حاقد على نجاحك!
أحاطت ذراعه حينما سحب كفه منها، فمالت برأسها على كتفه وببكاء قالت: عشان خاطري سامحني أنا كنت غبية، أنا عارفة إنك بتحبني ومستحيل أهون عليك.

بقى ثابتًا، لم يرف له جفنًا تأثرًا بها، وقال: عايزاني أسامحك؟
رفعت عينيها المتلهفة إليه وأومأت برأسها عدة مرات، فقال بجمود تام: تتخلي عن شغلك عشاني، موافقة؟
صعقت مما استمعت إليه، فظنت بأنها تتوهم، كيف يمنحها سعادة عظيمة بامتلاك مثل تلك العيادة التي تقدر بالملايين ويطالبها بترك العمل!، بالتأكيد تتوهم سماع ذلك.
أسبلت ليلى بعينيها وهي تعود لسؤاله ببسمة تعكس مدى ارتباكها: إنت بتقول أيه؟

لم تلين نظراته تجاهها، فبقى صامدًا لا يعلم اللين طريقه لوجهته، ليردد بخشونةٍ: زي ما سمعتي، مستعدة تسيبي شغلك عشان جوزك وبيتك يا دكتورة؟
واستطرد وعينيه تتأمل العيادة الفخمة بنظرة ساخرة: عشر شهور قضيتهم بتجهيز المكان ده، وكل ده علشان أشوف الابتسامة على وشك.

وسحب عسليته إليها ليردد بتهكم: بالرغم من إن عيادتي محتاجة تجديدات وبالرغم من إني عارف إنك هتنشغلي أكتر بعد ما أفتحلك العيادة دي بس مفيش شيء همني أكتر، من نجاحك.
وابتسم متابعًا بسخرية: نجاحك اللي شايفاني بالنهاية بغير منه!
قطعت مسافتهما القصيرة بينهما، لتتمسك بيده قائلة بخفوت وتوسل: يوسف متعملش فيا كده عشان خاطري، إنت عارف أنا بحبك أد أيه وآآ.

انهى محاولتها الفاشلة لاستمالته حينما قال بصلابة: وفري محاولتك لإن مفيش شيء هيمنعني، ودلوقتي القرار ليكي يا دكتورة.
وأشار بأصبعه على اللافتة المضيئة بإسمها: يا الشغل، يا أنا!
وتركها تتأمله بصدمة وإتجه للشقة المجاورة لها القابع بداخلها عيادته الخاصة، وضع مفتاحه بالباب وكاد بأن يحرر قفله الموصود، ولكنه تفاجئ بها تحتضنه من الخلف وهي تردد ببكاء: متبعدش عني يا يوسف، أنا مش عايزة غيرك.

وما أن استدار إليها حتى قالت بانكسارٍ ودموعها لا تتراجع عنها: حاضر من بكره هقدم استقالتي ومش هنزل المستشفى تاني، بس خليك جنبي متسبنيش.
وأخفضت رأسها تبكي بضعف، جعله يتلقفها لأحضانه، فتشبثت به وهي تهمس بصوتها المحتقن: أنا بحبك. بحبك أكتر من نفسي ومن شغلي ومن كل شيء، أنا كنت أنانية وظلمتك معايا أنا أسفة.

رفع يده على حجابها يقربها من صدره بقوة والابتسامة تتسلل لشفتيه براحة كسرت خوفه من سماع اختيارها، لا يعلم كيف كان سينتظر لسماع ردها، فكأنما علمت بمعانته وقررت البوح له بنفس ذات اللحظة عن قرارها، ضمها يوسف إليه بقوة ومازال يقف بها بالطرقة الفاصلة بين العيادتين، فوجدها تذوب بين ذراعيه طالبة وصاله بعد فترة الهجر بينهما وإن كانت قصيرة!

حملها وولج بها لعيادتها فأغلق بابها بقدميه وولج بها لاحد الغرف المجهزة لاستقبال الحالات بعد الخروج من الجراحة، فكانت تحوي فراش وكومود طبي وصالون وحمامًا خاص.

كل لحظة قضاها برفقتها كانت تعتذر له باكية ويزيح دموعها بحنانٍ، حتى غفت بين ذراعيه، فضم غطاء الفراش عليها وبقى شاردًا، يتأمل ملامحها بعشقٍ جارف، يختزل قلبه حزنًا كبيرًا وهو يتأمل وجهها المحتفظ بأثر البكاء، ويدها الموضوعة فوق صدره مستهدفة موضع قلبه.
رفع يدها إليه يقبلها وهو يهمس بوجعٍ: أنا أسف يا ليلى، كان لازم أعمل كده عشان متكررهاش تاني!

ووضع يدها أسفل الغطاء ثم حمل بنطاله وقميصه وإتجه لحمام الغرفة يغتسل، وحينما انتهى إتجه لغرفة مكتبها فبحث عن ورقة وقلم ودون لها رسالة ثم عاد لغرفتها، فجلس جوارها يمرر يده على خصلات شعرها المفرود بعشوائيةٍ وابتسامته لا تفارق وجهه، بينما عينيه تراقب ملامح وجهها بحبٍ.
نهض يوسف تاركًا الورقة على الوسادة المجاورة لها ثم غادر متوجهًا لعيادته الخاص ليبدأ باستقبال أول حالاته.

اجتمع الجميع حول مائدة الطعام، فخطفت فطيمة نظرة مرتبكة إليهم، كانت شمس تلتقط الجبن بشوكتها، وتقطعه بالسكين ثم تتناول القطعة الصغيرة بشوكتها وهكذا تفعل مايسان وأحمد الجالس على مقدمة الطاولة وتقابله فريدة بالجهة الأخرى، ارتبكت فطيمة وهي تتأمل طبقها بتوتر، هل يحتاج الأمر كل تلك المعاناة لتناول قطعًا من الجبن!

اعتادت تناول طعامها بالخبز، وما يحدث يثير ريبتها، تخشى أن تقلدهما فيسوء الأمر وتخشى ان تلتقط شطيرة التوست فتحصل على ازدراء الجميع!
راقب على توترها وكان عاجزًا عن مساعدتها، لا يعلم ماذا يتوجب عليه فعله!، بينما كان عمران الأسرع بتدارك الأمر عن أخيه وزوجته، فجذب الشطيرة ثم غمسها بالخبز، فنالته نظرة غاضبة من فريدة لتصيح به: عمران أيه الطريقة المقززة دي؟!

رسم بسمة واسعة وأجابها وهو يلوك طعامه بتلذذٍ: فريدة هانم إنتِ عارفة دراعي التاني مش قادر أحركه هعمل أيه يعني أموت من الجوع مثلًا؟!
منحته نظرة غاضبة وهي تعلم غرضه من فعل ذلك، بعدما كانت تستلذ بمراقبتها بشماتة، وتترقب أن تفعل أي شيئًا لتبدأ بمضايقتها.
ابتسم أحمد وهو يراقب ما فعله عمران، فترك شوكته وجذب طبق التوست يغمسه بالجبن ويتناوله بسعادة: تصدق يا عمران الفطار ميحلاش غير بالغموس!

ضحكت مايسات وأبعدت عنها الشوكة ثم جذبت العسل والشطيرة وتناولت طعامها مثلما يفعلون، فصاحت بها فريدة بعصبية: مايا أيه اللي بتعمليه ده، فين الاتكيت!
هزت كتفيها بقلة حيلة، فتعالت ضحكات عمران بمشاكسة وكأنه حرر أول الفتيل وترك لهم الباقية، قرب على من فطيمة طبق الخبز وجذب أحدهم ثم فرد بالسكين الجبن ليتناوله ببسمة مكبوتة على وجه والدته الأقرب للانفجار.

شعرت فطيمة بالألفة بينهم، فعلى تعلم بأن عمران وأحمد والجميع قد فعل ذلك لأجلها حتى لا تتعرض للاحراج بينهم، شعرت وكأن الله قد من عليها ليمنحها عائلة بين ليلة وضحاها، فجذبت الخبز من على وتناولته على استحياء، متحاشية التطلع لفريدة التي تحاول التنفس بصورة طبيعية قبل أن تنفجر بمحلها وخاصة حينما وجدت شمس تبعد طبق السلطة عنها، ثم جذبت الخبز وبدأت تقلدهم ببسمة واسعة، فألقت فريدة منديلها الورقي على الطاولة ورددت بغيظٍ: أنا مستحيل هأكل معاكم على سفرة واحدة بعد النهاردة، بقيتوا مقززين!

وتركتهم وصعدت للدرج وقبل أن تنجرف لغرفتها تسلل إليها أصوات ضحكاتهم الصاخبة فور مغادرتها، فاتجهت للسور الحديدي لتراقبهم بنظرات مشتعلة وخاصة حينما استمعت لاحمد يقول بمرح: تحسوا الجو بقى نقي أكتر من الأول صح؟
ضحك على وهو يشير له بحذر: لو سمعتك هتتعاقب يا باشا، الله يكرمك خلينا نكمل فطارنا على خير.
رد عمران بغمزة مشاكسة: عمك مش ببهمه حد، صح يا وحش؟

ضحك وهو يغمس العسل ويلتهمه مرددًا بمزح وهو يلعق أصبعه الحامل لبقايا العسل: أمك لو شافتني بعمل كده هتطردني وهتطردكم ورايا!
ضحكت مايا وقالت: أنا مش متخيلة شكلها لو شافتك بتعمل كده يا أنكل.
أضافت شمس بتقزز: أنا قرفت بصراحة كل يوم سلطة وروتين أكل ممل، يا رتنا عملنا كده من زمان!
قال عمران وهو يتطلع لفطيمة التي تراقبهم ببسمة صغيرة: يا ريتك اتجوزت من زمان يا علي، لإن الظاهر كده إن جوازك بداية التغير هنا!

ارتشف قهوته وأجابه: حملك عليا يا عمران هتحدف كل حاجة عليا، أنا مش ناقص الله يكرمك.
وقف أحمد وردد ببسمة هادئة: أنا الحمد لله شبعت هستناكي بره يا مايا عشان منتاخرش على الشركة.
وتابع بسخرية: كنت فاكر إني هربت من مطحنة الشغل اللي في مصر جيت لقيت شركة عمران في انتظاري!
رد عليه ببسمة هادئة: هتتردلك يا عمي.

وتابع بخبث: الله أعلم يمكن تأخد اجازة كبيرة عشان تتجوز مثلًا وتقضيلك شهر كامل ساعتها مش هتلاقي غيري يشيل الليله.
زوى حاجبيه بدهشة: جواز أيه؟!
تنحنح على وهو يسدد نظرة قاتمة لاخيه: متأخدش في بالك يا عمي إنت عارف إن عمران بيحب يهزر.
أزاح بالمنديل بقايا الطعام عن شفتيه وقال ببسمة ماكرة: أنا قصدي إن في الشركة عندنا مزز هتخليك تغير رأيك وهتفكر جديًا بالارتباط يا عمي، مش كده يا مايا؟

هزت رأسها بتأكيدٍ، فقال: ابقي عرفيه على مدام أنجلا، لسه متطلقة من شهرين بس أيه يا عمي مزة تحل من على باب المشنقة.
مسح على وجهه بغيظ، بينما هز أحمد رأسه بمرح: وماله نتعرف منتعرفش ليه، يمكن على رأيك نفكر نرتبط!
قالها وعينيه مسلطة على ظلها الفاضح لوقوفها بالأعلى، فخدمه عمران خدمة يستحق لأجلها الكثير، لا يعلم بأنه يحاول الآن مساعدته بعدما فضح أمرهما!

جذبت مايسان حقيبتها واتجهت لعمران تخبره: أنا مش هتأخر، في شوية أوراق واقفين على توقيعك هجيبهم وأعرف أنكل أحمد على الموظفين وأقدمله ملفات أخر صفقات للشركة وهرجع على طول.
منحها ابتسامة جذابة وهمس لها بحبٍ: خلي بالك من نفسك، ومتتأخريش عليا عشان بتوحشيني.

رمشت بعدم تصديق وانجرفت بعينيها لفطيمة وشمس وعلي، ثم عادت تطعنه بنظرة خجلة من وقاحته، فحملت الحقيبة وغادرت على الفور، بينما ردد على بضيق: متبقاش عمران أخويا الوقح لو محرجتش البنت قدامنا كلنا!
تعالت ضحكاته واستدار يغمز له بتسلية: أنا مش عارف إنت مركز معايا ليه، ما تركز مع مراتك يا دكتور.

اتجهت نظرات على لفطيمة بخبث، فابتلعت الطعام بارتباك جعلها تسعل بقوةٍ، فجذب على كوب المياه وقدمه لها، ارتشفته ومنحته بسمة شاكرة، أشار لها على على شفتيها، فعلمت بأنه يقصد أن هناك بقايا الجبن، فحاولت ازاحتها بالمنديل الورقي، وحينما فشلت مد إبهامه يبعد الجبن عن شفتيها، فقدمت له فطيمة منديلًا ليزيل الجبن عن اصبعه، فتفاجئت به يضعه بفمه ويستلذ بتناوله، خفق قلبها بعنف وجهها يصطبغ بحمرته بدرجةٍ جعلتها تلتهي بتناول الطعام رغم أن معدتها قد امتلأت، فكبت على ضحكاته وهو يراقبها باستمتاعٍ.

نهضت شمس تجذب كتبها، لتواعهم ببسمة رقيقة: يدوب الحق المحاضرة، أشوفكم بعدين.
ووجهت حديقها لفاطيما قائلة: مش هتأخر عليكي يا بطوط، كلها ساعتين تلاتة وهرجعلك هوا.
منحتها بسمة هادئة، قائلة: ربنا معاكِ يا حبيبتي.
غادرت شمس لسيارتها بينما أشار على لعمران بتعصب وهو يتفحص هاتفه: انجز قبل ما الدكتورة توصل. ما أنا بقيت ممرض جنابك.

قال وهو يلوك ثمرة من التفاح باستمتاعٍ: مش عارف مالي حاسس بنفس مفتوحة كده، تفتكر ده تأثير الحرية ولا الهوا النقي؟!
كز على أسنانه بغيظٍ: إنت مش ناوي تجبها لبر أنا عارف!
فتحت عينيها بتكاسلٍ ويدها تمر جوارها باحثة عنه، نهضت ليلى تبحث عنه بفزعٍ، فلم تجده بالفراش، تطلعت تجاه باب الحمام الموصود ونادته بقلقٍ: يوسف!

تأكدت بأنها بمفردها، فضمت ساقيها لجسدها وبكت بصدمة، كل ما يشغل عقلها بتلك اللحظة بأنه تخلى عنها ولم يقبل إعتذارها!
حانت منها نظرة جانبية لمكانه الدافئ فوجدت ورقة مطوية تحتل وسادته، جذبتها وفتحتها بلهفةٍ فوجدته كتب لها.

« قومي يا دكتورة خديلك شاور وانزلي المستشفى، أنا كلمت المدير وإستأذنتلك في ساعتين ده اللي قدرت عليه، مقبلش أشوفك عايشة من غير روح يا ليلى، وشغلك ده روحك وحياتك، هحاول أخلص شغل العيادة النهاردة بدري عشان تخرج نتعشى بره مع بعض، بحبك. يوسف».

ضمت الورقة لصدرها والابتسامة تعاكس دموعها التي لا تستطيع التوقف، بعد كل ذلك مازال يحرص على سعادتها حتى بعدما امتلك حق ابعادها عن حلمها عاد يمنحها أجنحة أكثر قوة ويطالبها بالتحليق مجددًا، رددت بهمسٍ مغرمٍ: حبيبي يا يوسف.

ووضعت قبلات متفرقة على الورقة الماسدة بين يدها وهي تتمنى رؤيته بذاك الوقت، فنهضت وإتجهت لحمام الغرفة وفور انتهائها من أخذ حمامًا دافئ خرجت تتجه لعيادته بارتباكٍ انتابها فور رؤية عدد النساء القابعات بالخارج، أخذت تفكر جديًا في الساعات الطويلة التي ستقضيها بالخارج بانتظار دورًا عادلًا لرؤيته، فلم تجد سوى اللجوء للوسطة للدخول.
دنت ليلى من مكتب الممرضة التي استقبلتها قائلة بعملية: مرحبًا سيدتي.

وفتحت أحد الدفاتر قائلة: أخبريني اسمك، سنك، عدد شهور حملك، وآ.
قاطعتها ليلى حينما قالت على استحياءٍ: أنا الدكتورة ليلى زوجة الدكتور يوسف، كنت أرغب لقائه وأعدك بأنني لن أتاخر بالداخل.
منحتها نظرة متفحصة قبل أن تنهض مرحبة بها بحفاوة: سيدة ليلى أهلًا بكِ، انتظري قليلًا حينما تخرج من بالداخل وسأدخلك بعدها.

أومأت برأسها ببسمة هادئة وإتجهت للمقعد المشار إليه، فأخذت تتفحص النساء الحوامل بنظرة غريبة، لا تعلم لما انتابتها رغبة غريبة بأن ترى ذاتها ببطنٍ منتفخٍ مثلهن.
إن روادها هذا الشعور لبضعة دقائق قضتهما بالجلوس هنا فيحق ليوسف رغبته العاجلة بالحصول على طفلٍ صغيرٍ، أفاقت ليلى من شرودها على صوت الممرضة التي تفتح باب الغرفة ببسمة واسعة: تفضلي سيدتي.

نهضت ليلى وولجت للداخل بارتباكٍ، فما أن رآها يوسف حتى نهض عن مكتبه يردد بذهول: ليلى إنتِ لسه هنا؟
أومأت برأسها ودنت من مكتبه تراقب الممرضة التي ما أن أغلقت الباب حتى إتجهت إليه تخفي ذاتها بأحضانه هامسة ببكاءٍ: يوسف!

وجد ورقته مازالت بيدها، فعلم ما تخوضه الآن، فرفع ذراعيه يحيطها بحنانٍ، ثم انحنى لمكتبه يجذب أحد المناديل وأبعد الحاسوب وأوراقه ليحملها بقوة ومن ثم جعلها تجلس على المكتب، وجلس على مقعده قبالتها يزيح دموعها برفقٍ، خطفت ليلى نظرة سريعة إليه ورفعت الورقة إليه تشير إليه: ليه؟ أنا مستهلش إنك تعمل كل ده علشاني يا يوسف!

ابتسم وهو يحرك المقعد ليحيط جسدها بذراعيه، فقرص ذقنها بخفة: لا تستاهلي، وتستاهلي أكتر من كده كمان.
وتابع ببسمة جذابة: مش معنى إن حصل بينا خلاف يخليني أنسى صفاتك الكويسة وحبك ليا يا ليلى.
وقال مازحًا: وبعدين ينفع اول مرة تخشي فيها مكتبي تخشيه مكشرة ومعيطة كده يا لوليتا؟
وأشار بيده على الفراش المجاور لعدد من الأجهزة السونار وغيره قائلًا: ايه رأيك بقى؟

أبعدت عينيها عن خاصته لتخطف نظرة متفحصة لمحتويات الغرفة التي يملأها صورًا كثيرة للأطفال، وعادت لتستقر عليه قائلة: جميلة.
واخفضت ساقيها للأرض ثم نهضت بحرجٍ: أنا همشي عشان الحالات اللي برة. وهستناك بليل بس مش هنخرج هعملك أكل بيتي بايديا.
نهض إليها مبتسمًا، فرفع أصابع يدها يطبع قبلة رقيقة على باطنها، هامسًا بمرحٍ: يسلملي روح الشيف اللي ساكن جواكِ.
وأضاف بنهمٍ: يبقى تعمليلي سجق وكبدة اسكندراني.

سحبت كفها بخجلٍ وهو تخبره: عيوني.
وتركته ورحلت والابتسامة لا تفارق شفتيها، فأوقفت سيارة أجرة وإتجهت للمشفى أولًا قبل الذهاب للمنزل لتحضير سهرة مميزة لزوجها.

انتهت شمس من المحاضرة وخرجت برفقة مجموعة من الفتيات، فتجهمت معالمها ضيقًا فور رؤيته يقف بانتظارها أمام السيارة المكتظه بالحرس، أطالت بوقفتها عن عمدٍ برفقتهم، قاصدة أن يختنق من الانتظار ويغادر، وكلما حاول ان يشير لها كانت تتصنع عدم رؤيته مما جعل ذاك الجالس باحدى السيارات يبتسم على حبيبته الخبيثة، راق له تصرفاتها تجاه ذاك الأرعن الذي صمم أن يحضر بذاته ليأمن الحماية له خوفًا من أن يعود أحدًا للتعرض له، فبات آدهم الحصان الأسود الحارس له من كل همسة تحيط به.

طالت وقفتها وبالنهاية غادرت الفتيات، واتجهت هي عابثة الملامح وبخطوات بطيئة تود الفرار من لقائه، فما ان وجدها تقترب حتى أسرع إليها يردد: شمس مبترديش ليه على مكالماتي؟
احتقنت نظرتها تجاهه وقالت بنفورٍ: وأرد عليك ليه، راكان من فضلك هيكون أفضل لو انفصلنا أنا ماليش بجو الاسلحة والخطف ده، فمن فضلك ياريت كل واحد يروح لحال سبيله.

ابتلع ريقه بارتباك وراح يبرر: أيه الكلام اللي بتقوليه ده يا شمس، يعني ده بدل ما تتطمني عليا بعد اللي حصل، بتقوليلي نسيب بعض!
واستطرد بمكر: وبعدين تجارتنا بتعرض حياتنا للخطر واللي حصل ده ممكن يحصل مع عمران نفسه هو عارف الكلام ده، والحمد لله إنها عدت!

زفرت بمللٍ ولزمت الصمت، فقال بنبرة جاهد لجعلها تعج بالمشاعر المصطنعة: شمس أنا بحبك وصدقيني مكنتش سعيد باللي حصل ده بس غصب عني الموضوع وما فيه إن في مناقصة أخدتها من رجل أعمال مشهور فحب ينتقم مني وخلاص الموضوع إتحل ولو مش مصدقاني إسألي آدهم وهو يقولك.
واستدار يشير إليه، فهبط من السيارة واتجه إليهما.

فور ذكره لإسمه رفعت رأسها بلهفة تستكشف وجوده، فما أن رأته يدنو منهما حتى ابتسمت بسعادة ورددت بهمس: آدهم!
وقف قبالتها يدعي جموده التام: أخبارك يا شمس هانم.
ببسمة واسعة قالت: الحمد لله يا آدهم إنت اللي أخبارك أيه؟

تنحنح ليوقظ أحلامها الوردية التي ستفضحهما أمام راكان الذي يراقب ابتسامتها وتبدل حالتها فور رؤية آدهم بذهولٍ، أجلي الأخر أحباله قائلًا: اللي حصل ده كان غصب عنه وهو اللي خلاني اتشرط عليهم إنهم يخرجوكي بره الموضوع ده، يعني حاول بكافة الطرق إنه يحميكي، وإن شاء الله اللي حصل ده مش هيتكرر تاني فاتمنى حضرتك متتضايقيش من الباشا.
هزت رأسها بخفة وببسمة كبيرة قالت: مش زعلانه.

وتطلعت لراكان قائلة وابتسامتها تهرب عنها اجباريًا: حصل خير يا راكان.
ابتسم بسعادة لاصلاح الامور بينهما وقال: يعني مش زعلانه؟
هزت رأسها إليه، فقال بحماس: خلاص نروح نتغدى بأي مكان عشان اضمن أنك مش زعلانه فعلًا.
اكفهرت معالمها وكأنه يدعوها للهلاك، فقالت بمكر: خليها بكره لإن النهاردة ورايا مذاكرة وكام حاجة مهمة.
وعادت تتطلع لادهم قائلة بابتسامتها الرقيقة: عن اذنكم.

وتركتهما وعينيها تختطف النظرات لآدهم الذي يجاهد بمنع ذاته من التطلع إليها ولكن نظراتها المحبة تلك كانت مغرية بدرجة لعينة، فصعد لسيارته وانطلق خلف راكان على الفور.
داوم على على تحريك ساق عمران المتعب من طولة مدة التمرين، فقال بإرهاق: خلاص يا على معتش قادر.
اتجهت إليهما الطبيبة، تشير بالاستمرار: عليكما بمداومة التمرين لعشرة دقائق أخرى.

احنى عمران قامته مستندًا على أخيه، وصاح بتعصب: لست قادرًا على فعل ذلك بعد الآن أريد الاسترخاء قليلًا.
هزت رأسها بتفهمٍ، وتركت لعلي زمام الأمور، فأسنده للأريكة ثم جلس جواره يمسد على يده بحنانٍ اختزل صوته الهادئ: كل شيء بيبقى صعب بالبداية بعد كده الدنيا هتبقى لطيفة.
استدار برأسه تجاه أخيه، وقال بحزن: على أنا مش هقدر أتحمل، احساس العجز ده بشع صدقني.

ترك الأريكة وانحنى أسفل قدم أخيه الصغير، يتعصب بقوله: متقولش عجز دي تاني، إنت مش عاجز يا عمران ايدك ورجلك بتتحرك بس هتحتاج وقت عشان تحركهم بقوة زي الأول.
وعاتبه بأعين دامعة رغم عن تحكمه بتعابيره: أنا عكازك وسندك اللي لا يمكن يميل يا عمران، الفترة اللي بتعشها دي مؤقتة وبعدها هترجع أحسن من الأول صدقني.

ابتسم له عمران وانحنى يهمس له وعينيه تجوب الطبيبة: لو انت مقطع أبواب حبي كده خلعني من باقي التمرين ينوبك ثواب.
احتل الضيق معالمه وجذبه سريعًا للحامل قائلًا: مش هينفع تخلع من أولها.
همس بضيق: ماشي يا علي!

خرجت فطيمة للتراس الخارجي حينما شعرت بالفتور، اليوم الثاني لها وحيدة دون وجود شمس أو مايسان لجوارها، تخشى الخروج من الغرفة فأسوء كوابيسها رؤية فريدة، لا تحتاج لسماع كلماتها الشبيهة بالسم القاتل، قادها التراس لدرج خارجي هبطت منه للحديقة، فجلست على الأرجوحة، حركتها فطيمة ببسمة سعادة، فلف الهواء البارد وجهها وعينيها تنغلق استمتاعًا بما تلاقاه هنا، وفجأة تجمدت ساقيها حينما وجدتها تقترب منها حتى باتت تقف أمامها، فجلست جوارها تتأمل المنزل بنظرة عميقة انتهت بسؤالها: يا ترى ده كان من حساباتك ولا خارج توقعك؟

ازدرت ريقها القاحل وهي تحرر صوتها الهامس: مش فاهمه حضرتك تقصدي أيه؟
رسمت فريدة بسمة ساخرة وأشارت على المنزل: يعني بسألك كنتي تعرفي إن على غني وقاعد بقصر زي ده ولا اتفاجئتي لما جيتي هنا؟
وقبل أن تستوعب ما تحاول قوله، قالت بنظرة محتقرة: مهو أكيد مش هترسمي الرسم ده كله الا لو كنتي عارفة ورا الجوازة دي أيه؟

انهمرت دمعاتها بقوة، ورددت بصعوبة بحديثها: أنا مش عارفة ليه حضرتك شايفاني بالشكل البشع ده، بس أنا مقدرة اللي آنتِ فيه، أنا نفسي حاولت أرفض وأوقف على عن الجوازة دي بس مقدرتش.
ضحكت ساخرة: ومقدرتيش ليه ويا ريت تسيبك من جو سعاد حسني ده لإني زي ما قولتلك قارية دماغك.
رددت بصوتٍ واهن بعدما سيطر عليها بوادر نوبة تجتاح أضلعها: انا بحس معاه بالأمان وآ...

قاطعتها وهي تعتدل بجلستها قائلة: اسمعيني يا فطيمة وأوزني كلامي كويس، أنا مستعدة أشتريلك بيت بإسمك وأحولك 2مليون دولار في سبيل إنك تطلبي الطلاق وتخرجي من حياة على للأبد.
جحظت عينيها صدمة فحاولت بشتى الطرق اجبار لسانها على الحديث، فأشارت لها فريدة: احسبيها كويس وإبقي بلغيني ردك.

وتركتها واتجهت للداخل تاركة من خلفها قلبًا يتمزق دون رحمة، اخترقت الآلآم رأسها بشكلٍ جعلها تئن وجعًا، فشعرت بأنها على وشك الاغماء بأي لحظة، لذا اردت الصعود لغرفتها قبل أن يرى أحدًا حالتها تلك.
صعدت فطيمة الدرج الجانبي حتى وصلت لشرفة غرفتها، فما أن ولجت للداخل حتى تفاحآت بعلي يبحث عنها بالغرفة بفزع اهتدى فور رؤيتها، فدنى منها متسائلًا: كنتي فين يا فطيمة، قلقتيني عنك!

رفعت يدها تحجب بها آلآم رأسها، وفجأة تلاشت محاولتها المستميته وسقط جسدها فاقدًا للوعي أمام عينيه، فهرع إليها صارخًا: فاطيما!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة