قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية شد عصب للكاتبة سعاد محمد سلامة الفصل الحادي عشر

رواية شد عصب للكاتبة سعاد محمد سلامة الفصل الحادي عشر

رواية شد عصب للكاتبة سعاد محمد سلامة الفصل الحادي عشر

بالفندق
إستيقظت سلوان بفزع قليلا على صوت رنين هاتفها.

نهضت جالسه على الفراش تنظر حولها بإستيعاب كان نور النهار تقريبا يغادر، نظرت لوميض ذالك الهاتف الذي كان قريب منها على الفراش، وضعت يدها فوق الهاتف، تشعر كآنها كانت تائهه ليست نائمه، فجأه مثلما صدح صوت الهاتف صمت لثواني لا أكثر تنهدت وبدأت تعود لإدراك ما حولها قبل أن يصدح رنين الهاتف مره أخرى، رفعت الهاتف ونظرت للشاشه، زفرت نفسها تتوقع حديث والداها الجاف، لكن خاب توقعها حين قامت بفتح الهاتف حدثها بهدوء ولهفه: مساء الخير يا سلوان أيه آخرك في الرد على إتصالى.

شعرت بهدوء قليلا قائله: كنت نايمه يا بابا، إنت عارف إنى القطر هيطلع من الأقصر بعد الفجر، وإنت عارف لما بكون مسافره مش بعرف أنام في الطريق، قولت أنام ساعتين وصحيت على رن الموبايل، على ما جيت الرد كانت مدة الرنين خلصت، وكنت لسه هتصل عليك.
تنهد هاشم براحه قائلا: تمام يعني هتكوني هنا في القاهره على بكره المسا.
ردت سلوان: أيوا يا بابا بس قبل ما أرجع أهو بقولك إنسى موضوع إيهاب ده مستحيل يحصل.

إبتسم هاشم وتلاعب بها قائلا: أما توصلي للقاهره لينا كلام بعض، الموضوع ده مينفعش الكلام فيه عالموبايل.
تنهدت سلوان بضجر: لاء يا بابا مستحيل ده يحصل ومش عاوزه حتى أما ارجع بكره نتكلم في سيرة إيهاب ده خالص، أنا مش بطيقه من الأساس من أيام ما كنت ساكنه مع عمتو شاديه كنت بستغلس دمه هو و...

صمت سلوان قبل أن تقول، هو دولت التي تزوجت بها، لكن لا تريد إشعار والدها بأنه أخطأ بالزواج من إمرأه لا تحبها، وهل كانت ستحب أى إمرأه زوجه لأبيها، لكن اصبح عليها القبول بذالك الآمر والتعامل معه ببساطه حتى لا تثير الإزعاج لوالدها.

بينما شعر هاشم بغصه في قلبه وهو يعلم ان سلوان قطعت إستكمال قولها أنها أيضا لا ترحب بزوجته لديها الحق هي تظن أنه وضعها أمام الأمر الواقع وتزوج بإمرأه تأخذ مكان ومكانة والداتها الراحله، وربما تستطيع أن تسيطر على قلبه وتجعله يقسوا عليها، لكن هي مخطئه فلا يوجد أحد يستطيع أخذ مكانتها بقلبه لا هي ولا والداتها، لكن الحياه فقط تستمر.

تنهد هاشم قائلا بتهديد مباشر: تمام يا سلوان اللى عاوزاه بس إعملي حسابك لو أتأخرتى يوم واحد زياده عندك في الأقصر أنا وقتها هوافق على طلب إيهاب حتى لو غصب عنك.
تنهدت سلوان براحه وفرحه قائله بتأكيد: لاء إطمن يا بابا راجعه بكره، كده كده الفلوس اللى معايا خلاص تعتبر خلصت يادوب على قد رجوعي لعندك تاني.
إبتسم هاشم قائلا: تمام هسيبك تنامى تانى عشان عندك سفر طويل، بالسلامه.

أغلقت سلوان الهاتف ووضعته على الفراش جوارها، تشعر بمشاعر مختلفه لا تعلم تفسير لها، بقلبها ضيق لما سافرت الى أماكن كثيره سابقا حين كانت تغادر لم يكن يسيطر عليها أى شعور أحيانا كانت تريد المغادره بعد لحظات من الوصول، لكن هنا شئ غريب يجذبها للبقاء، ما هذا الشئ لا تعلم هي تود البقاء فقط، لكن لا مفر تحتم عليها المغادره.

بينما أغلق هاشم الهاتف ووقف يتنهد مبتسم يشعر براحه بعد قلق عاشه الأيام الماضيه، سلوان ستعود بالغد وينتهى هذا القلق، لاحظت دولت بسمة هاشم إقتربت منه سأله بصوت يشوبه السخرية: أيه سلوان رجعت في وعدها وآجلت رجوعها من الاقصر.
رد هاشم: لاء سلوان راجعه بكره.

قال هاشم هذا وترك دولت تقف وحدها وذهب نحو غرفة سلوان ودخلها وأغلق خلفه الباب، بينما زفرت دولت نفسها بغضب وحقد قائله: كانت شوره سوده بقالى خمس سنين أرمله كنت عايشه مرتاحه مع إبني معرفش أيه اللى خلانى أتهفيت في عقلي ووافقت عالجوازه دي، واحد عنده بنته أهم من أى شئ تاني، كآن مفيش غيرها في الحياه عقله ناقص يطير منه عشان يرجعها كآنها طفله وهتوه، رغم من تعاملي معاه قبل كده متأكده إنها خبيثه ودلوعه.

بينما دخل هاشم الى غرفة سلوان جلس على طرف الفراش وجذب ذالك البرواز الصغير الموضوع على طاوله جوار الفراش، نظر له بقلب منفطر، يرى صورة
سلوان بالمنتصف بينه وبين مسك.

تلك الرائحه الطيبه التي عاشت معه ثلاث عشر عام بدأت معه من الصفر عاشت معه وتحملت إمكانياته البسيطه لسنوات تتحمل ضيق المعيشه بل وأحيانا كانت هي من تواسيه بعد يوم عمل شاق قضاه وأن الآتى سيكون أفضل كانت تنتظره كل مساء مع طفلتهم التي ورثت جمالها إنقضت الأيام والسنين معها سريعا حتى بعد أن آتت إليه فرصة العمر وعقد عمل بدولة الإمارات رحلت معه لكن كآن القدر، إذا أعطى شئ آخذ شئ ثمين بالمقابل له، توفر المال براتب خيالي إستطاع به شراء شقه بمكان أفضل وتبدل الحال ب سلوان لتدرس بمدارس أجنبيه خاصه هناك بالإمارات، لكن هذا لم يدوم ذالك كثيرا فجأه مرضت مسك وأخفت آلامها لفترات الى أن تغلب عليها اللعين وعرف هاشم أنها بالمرحله النهائيه لمرض خبيث نهش جسدها، رغم ذالك لم يؤثر على جمال ملامحها، تذكر وصيتها الآخيره.

أنا عارفه آنى هموت يا هاشم، المرض خلاص إتمكن من جسمي، بس ليا عندك أمنيه ووصيه، بتمنى أنك تقدر تحققهم
الأمنيه، آنى بعد أموت أندفن في الاقصر في بلدي اللى عشت فيها وأتقابلت معاك كمان هناك.
الوصيه، بنت سلوان، أنا عارفه إنك هتتجوز من بعدي، بس وصيتك سلوان بلاش تسمع للى هتتجوزها من بعدي وتآسى على سلوان، سلوان عاشت مقفول عليها بسبب ظروف جوازنا، بتخاف تثق في اللى حواليها حافظ عليها.

دمعه فرت من عين هاشم وآنامله تتلمس وجه مسك الرقيقه، كانت مثل إسمها رائحه طيبه
لكن لم يزول عبقها من حياته تركته ب سلوان التي حاول دائما توفير الراحه لها إستكفى بها هي وعمله لسنوات إنغمس في العمل حتى يستطيع التحكم في آلم قلبه الذي مازال يحمل العشق فقط ل مسك.

لكن فجأه شعر أنه أصبح مثل الترس الذي بدأ يتآكل فقط يعمل ويجني المال من أن يجعل سلوان تعيش بمستوى راقي جدا يليق بها، لكن سلوان كبرت وأصبحت شابه جميله تتهافت عليها العرسان، حقا كانت ترفضهم بلا أسباب، لكن ذالك لن يطول ربما يآتى من يخطف قلبها وتذهب معه ويظل هو وحيدا، أنهى عقد عمله وأنهى مرحلة سفره الطويل وقرر المكوث ب مصر نهائيا لكن بلحظه شغلت أخته عقله أن عليه أن يجد زوجه ليس شرط أن يحبها وهذا من حقه أن يجد أنيسه له ف سلوان لن تظل معه طوال العمر سوف يآتى وقت وتتزوج وتبتعد عنه وتبني حياه خاصه لها لما يظل وحيد وهو مازال بصحه جيده، قابل دولت جارة أخته الأرمله وجدها مناسبه له عمريا، وقريبه من نفس ظروفه، فقط تريد زواج ونس، تزوج بها بعد أن أخبر سلوان التي لم تبدى أي معارضه، رغم أنه شعر أن معاملتها مع دولت فاتره حتى من قبل أن يخبرها أنه سيتزوجها، ربما لم تعترض سلوان حتى لا يقول عنها آنانيه، تحملت زواجه، الذي أحيى بداخلها ذكرى والداتها الراحله، لكن هي مازالت وستظل الأولى والأغلى بحياته.

بعد حوالى ساعه
بمنزل القدوسى
نهض جاويد مبتسما يقول: تمام هنتظر رأيك يا حج مؤنس أتمنى يكون في أقرب وقت.
أومأ له مؤنس برأسه وكاد ينهض، لكن جاويد قال له: خليك مرتاح أنا مش غريب هستأذن وهنتظر ردك، سلاموا عليكم.

غادر جاويد من باب الغرفه المطل على الحديقه، رأت مغادرته مسك من شرفة غرفتها الواقفه بها ظاهره بوضوح للرؤيه، لكن رغم ذالك لم يرفع جاويد رأسه وينظر إليها، لكن لم تهتم ونزلت من غرفتها سريعا، كى تأخذ البشاره التي تنتظرها بقلب منشرح.
ب المندره
رغم أنها تشعر ببعض الخزي لكن الفضول جعلها لا تهتم لما قالته قبل قليل، ودخلت الى المندره بلهفه سأله بخبث: أيه ده هو جاويد مشي بسرعه إكده ليه، كان چاي في أيه؟

نظر مؤنس لها بتهكم هل تظن أنه أحمق بعد كل تلك السنوات الذي عاشها وعلمته التمييز بنوايا البشر جيدا، لكن إدعي عدم الإنتباه لنواياها ورد ببساطه: الآمر اللى كان عاوزنى فيه كان بسيط وإنتهى بسرعه.
رغم فضول صفيه هي تعلم خبث ومكر مؤنس جيدا، لكن قالت: طب كنت إمسك فيه عالعشا حتى هو جاويد غريب.
رد مؤنس: لاء جاويد مش غريب وفعلا طلبت منه يتعشى معانا بس هو جال حداه شغل مهم.

تهكمت صفيه: شغل ايه دلوك، دى المغربيه حلت والعشا فاضل عليها ساعه بالكتير.
رد مؤنس بتهكم: والله مسألتوش عن أشغاله هو جالى اللى كان جاي عشانه وسابلى وجت أفكر قبل ما أرد عليه، وبعدها إستأذن همسك فيه غصب عنيه.
شعرت صفيه بالضجر ثم قالت بسؤال: .
إلا هو جاويد كان عاوزك في أيه؟

نظر لها مؤنس وتخابث قائلا: مش فاكر، نسيت أصلى كبرت والذاكره عيندي بجت بعافيه، أنا رايح الچامع ألحق أصلي المغرب، ومش هعاود غير مع محمود بعد صلاة العشا، بدل وجفتك دي، روحي تتمي عالوكل.
غادر مؤنس الغرفه وترك صفيه تشعر تنفخ أوداجها
تشعر بالغضب، لكن دخلت مسك الى الغرفه بلهفه قائله: فين جدي؟
ردت صفيه: جدك خرج راح الچامع.

إستغربت مسك من ضيق صفيه وتسألت: مالك يا ماما مضايجه ليه إكده، هو چدى جالك حاجه زعلتك، ولا يكون إتحدت مع جاويد بطريجه كويسه بعد ما سمع كلامك عليه.
ردت صفيه: لاه، مهعرفش چدك حاويط، وبيعرف يداري مشاعره زين، وقبل ما أسأله جاويد كان عاوزة ليه، جال رايح الچامع، ومش هيرجع غير مع بوك بعد صلاة العشا.

زفرت مسك نفسها بغضب قائله: ولسه هنستي لحد ما يعاود هو وبوي بعد صلاة العشا وممكن كمان يتأخروا كيف عادتهم، ياريتنى ما سمعت حديتك وكنت وجقفت چار باب المندره يمكن كنت سمعت جاويد وعرفت هو كان عاوزه في أيه؟

ردت صفيه: إفرضي جاويد بدل ما كان خرج من باب المندره اللى عالجنينه كان خرج من الباب ده وشافك كان يجول أيه وياخد عنك فكره إنك بتتصنتي، وأنا متوكده إن عيندي إحساس إن جاويد طلب يدك من چدك بس هو إكده حداه مكر ولؤم، ومفيش في يدنا غير الصبر لحد ما يعاود ونعرف ونتوكد من إحساسي.
تنهدت مسك بأمل رغم أن الإنتظار الآن هو أسوء حل.
قبل صلاة العشاء بقليل
أمام المشفى.

أثناء خروج إيلاف من المشفى بعد ان أنهت وقت عملها، رأت جلوس بليع مع فرد الأمن الواقف على باب المشفى، نهض حين رأها تقترب من مكانه يبتسم هو الآخر الى أن تقابلا بالقرب من بوابة المشفى
مد يده بكيس ورقي قائلا: من حظك لحقتك قبل ما تمشى من المستشفى، جبتلك شويه فول سوداني مقلى طازه وسخن.

أخذت إيلاف من يده الكيس مبتسمه تقول: متشكره يا عم بليغ والله أنا بقيت بنتظر حضورك لهنا قدام المستشفى زى الطفله اللى منتظره...
توقف الكلمه بلسان إيلاف، فماذا تقول
منتظره أبيها يعود لها بالحلوى، شعرت بغصه، نظر لها بليغ بإستغراب قائلا: مالك يا دكتوره وجفتى حديتك ليه، أوعى اكون بضايجك.

إبتلعت إيلاف تلك الغصه وأخفت تلك الدمعه بعينيها وتبسمت له: لاء يا عم بليغ بالعكس انا ببقى سعيده لما بشوفك، تعرف إنى قبل كده كان مستحيل أخد أى حاجه من حد غريب عني، وبالذات حاجة الأكل.
إبتسم لها بليغ قائلا: بس أنا مش غريب يا بت أنا عمك بليغ.
إبتسمت له تشعر بشعور مختلف معه شعور ألفه، ودت أن تقول له لكنك لست بالنسبه لى عم بل أريد أن اناديك بليغ فقط لكن الذوق يمنعني.

بينما بليغ رفع وجهه قليلا ونظر لأعلى ليرى ذالك الواقف خلف شباك مكتبه بيده كوب يحتسي منه، لكن تبدوا ملامحه غاضبه بعض الشئ تبسم بداخله، هو حقا عاش حياته مثل شريد لكن أصبح لديه شفافيه خاصه يستطيع قراءة العيون ويعلم منها صدق أو كذب المشاعر.
بينما بمكتب جواد لم ينتبه لمن كان يتحدث معه الا حين وضع كف يده على كفته ينظر الى ما ينظر إليه عبر الشباك، وتخابث قائلا: سرحت فين يا دكتور جواد بكلمك مش بترد عليا.

إنتبه جواد له قائلا: مش سرحان ولا حاجه، بس هما شوية إرهاق عالعموم هفكر في عرضك وهرد عليك في أقرب وقت يا ناصف.

إبتسم ناصف بمكر قائلا: دى تبقى فرصه عظيمه لو قبلت تنضم لينا يا دكتور جواد في النهايه إحنا غرضنا صحة الاهالى المستشفى الجديده اللى بقولك عليها هي خاصه صحيح بس هيبقى فيها جزء خيري لعلاج المحتاجين مجانا، يعنى غرضنا مش الربح فقط، المستشفى مفتوحه للجميع اللى قادر يدفع قصاد علاجه، واللى مش قادر ومحتاج ومعندوش إمكانية إنتظار مكان يفضى بمستشفى الحكومه.
رد جواد: تمام قولتك هفكر بلاش طريقة إلحاحك دي.

تبسم ناصف بخبث قائلا: تمام هنتظر ردك، ودلوقتي انا خلاص ورديتي خلصت هروح بيتي أرتاح شويه.
أماء له جواد براسه دون حديث حتى خرج من المكتب.

جلس جاويد يزفر نفسه بقوه يشعر بضيق من بليغ الذي يتقارب من إيلاف وينتظرها شبه يوميا أمام المشفى، لكن بنفس الوقت صدح رنين هاتفه، نظر الى الشاشه، إبتسم وقام بالرد مازحا: من الواضح إكده إن مصانع الاشرف قربت تعلن إفلاسها ورئيس عمالها يوميا بشوفه المسا هنا قدام المستشفى، يا جاويد باشا.

إبتسم جاويد قائلا: لاه إطمن الحمد لله المصانع شغاله كويس، بس رئيس العمال يمكن يكون بيجي المستشفى يطمن على صحته، ناسي إن يده كانت مجروحه، عالعموم مش متصل عليك عشان تقر عليا، أنا محتاج لإستشاره خاصه.
مزح جواد قائلا: بصفتك من عيلة الاشرف ومقتدر ماليا فا الإستشاره هتتحول للقسم الأقتصادي بالمستشفى قولى نوع الإستشاره عشان أحدد قيمة المبلغ.

رد جاويد: لاء مش هينفع نتكلم عالموبايل انا قريب من المستشفى ربع ساعه واكون عندك.
رد جواد: تمام، بس أعمل حسابك مبلغ الإستشاره هيتحدد حسب الوقت اللي هتاخده.
إبتسم جاويد قائلا: تمام يا دكتور يا إستغلالي هدفعلك التمن مضاعف متخافيش، سلام.
أغلق جواد الهاتف ووضعه على المكتب ثم جلس على مقعده يحتسي القهوه مره أخري يشعر بمشاعر تغزوا قلبه تجعل عقله يحتار رغم انها أشياء بسيطه.

بينما بخارج غرفة المكتب تقابل ناصف مع أحد الاطباء الذي تلهف بالسؤال: ها جواد وافق يشتغل في المستشفى.
رد ناصف: لاء قال سيبنى أفكر، بس سيبك من الموضوع ده دلوقتي، شوفت الدكتوره الجديده اللى جات هنا تكليف في المستشفى.
تعجب الطبيب الآخر قائلا: مالها دى كمان عاوز تجيبها تشتغل معانا غى المستشفى، بس دى لسه يادوب متخرجه وكمان ده تكليف وبعد السنه أكيد هترجع للمكان اللى جت منه، يعنى مش هطول هنا.

رد ناصف بضيق: مش فاهمنى انا مقولتش إننا نجيبها تشتغل معانا في المستشفى، انا بقولك مش ملاحظ نظرات جواد ليها واضح كده أن كيوبيد ضرب سهمه في قلب جواد، أنا لاحظت نظراته ليها أكتر من مره فيها إعجاب.
تنهد الطبيب الآخر قائلا بسخريه: آه وعاوزنى بقى أشتغل خاطبه وأروح أخطبها له.

زفر ناصف نفسه بضيق قائلا: لاء طبعا، أنا عاوز نقرب الدكتوره دى مننا وتبقى جدع لو قدرت تقنعها انها تشتغل معانا في المستشفى الجديده، بأى تسهيلات هي عاوزها لآن وقتها جواد هيوافق يشتغل معانا عشان يبقى قريب منها طول الوقت.

تنهد الطبيب الآخر متفهما: آه فهمتك، وماله ميضرش، بس دى مهمتك بقى إنت اللى بتفهم في الجنس اللطيف وبتعرف تتعامل معاه، يلا بلاش وقفتنا دي لا جواد يشوفنا ويفكر إننا بنضيع وقت المرضى اولى بيه، بالسلامه.
بنفس الوقت بمنزل صالح
علي درج السلم
تقابل هو وزاهر الذي يتحدث بالهاتف وسمعه يقول بتعسف: أنا نص ساعه واوصل لمكان المخزن عاوز حد يجابلنى بالمفاتيح.

قال هذا زاهر واغلق الهاتف يشعر بضيق وهو ينظر ل صالح الذي يصعد بالمقابل له، كاد يتجاهله ويكمل نزول السلم لكن صالح تهكم عليه قائلا: مخزن أيه اللى مضايجك إكده، وهتعمل بيه أيه، وبتتمنظر وتشخط إكده ليه. آخرك فاشل بالك لو مش فلوسي كان زمانك شغال أچري.

نظر زاهر له بإشمئزاز قائلا: فلوسك، وماله لما أتمنظر بفلوسك الحرام، مش أنا ولدك واد الحرام برضك، بس مش بعاده أشوف في الوجت ده إهنه في الدار، الليل خلاص دخل وده وجت الشيطان، وراجع منين إكده مضايج.
نظر صالح ل زاهر بغيظ قائلا: وإنت مالك، غور شوف كنت رايح فين وإعمل حسابك لما تفشل كيف العاده متبجاش تطلب منيي فلوس.

تهكم زاهر قائلا: بلاش إنت تعيش في الوهم يا أبوي، فلوسك حرام وأنا معوزهاش أنا اللى خدته منيك فلوس أمى اللى جتلتها وأستوليت على أرضها ومالها انا الوريث الوحيد ليهم وأخدتهم، يعنى فلوسك اللى كنت باخدها سابج وبخسرها كانت عن جصد ميني خسارتها، لكن مال أمي حلال وهو اللى هيدوم لى، أسيبك لشياطينك، سلام.

غادر زاهر يشعر بحسره وشجن في قلبه، بينما شعر صالح بالبغض ل زاهر قائلا: واد حرام بصحيح، ضحك على لحد ما سچلت له أرض أمه ودلوك بيتمنظر علي، لكن لاه مش صالح الأشرف اللى بيضحك عليه، كفايه مره إنضحك علي، بس...
توقف صالح لحظات يفكر قبل ان يسأل نفسه: بس أيه يا صالح، البت اللى في الفندق دى مش عارف ليها سكه منين أتحدت وياها؟

تنهد مشتاقا يقول: بس عنيها جريئه جوي، نسيت أسأل عامل الفندق واد الحرام أخد منى بقشيش قد إكده، كان لازمن أسأله هي لسه فاضل ليها كم يوم إهنه، بسيطه أنا أرچع للفندق من تانى وأسأل بأي حچه ولو أمكن آخد أوضه چارها.
حسم صالح أمره وقرر العوده للفندق مره أخرى.
...
بعد صلاة العشاء
بمنزل القدوسى
علي طاولة العشاء.

الفضول يتآكل بكل من صفيه ومسك التي فاض صبرها ونظرت ل مؤنس وحاولت رسم البراءه: هو جاويد كان عاوزه ليه يا جدي.
نظر مؤنس ل محمود ثم نظى ل مسك وجاوب: كان عاوزنى بيعرض أنه يشتري الأرض الچبليه بتاعتنا اللى في أول البلد.
شعرت مسك بالصدمه ونظرت ل صفيه التي إستغربت قائله: وهو عاوز يشتري الارض دى ليه بجى، ما أهو أرضنا في نفس المكان.

رد مؤنس: سألته عن السبب وجالى، أنه بيفكر ينشأ مصنع فخار وخزف إهنه ومحتاج لقطعة أرض كبيره وتكون چار أرضهم، وطبعا أرضنا هي اللى جنبيهم وهو عرض عليا يشتري بأي سعر أنا أطلبه.
تسألت مسك ودمعه تتحجر بعينيها: وإنت وافقت طبعا يا جدي تبيعها له.
رد مؤنس: لاه موافقتش وهو عطاني وجت أفكر فيه، بس انا مش موافج أبيع الارض دي.

تسأل أمجد: وليه يا جدي مش موافق تبيع له الارض دى، الارض دى تعتبر سلخه صغيره وكمان مش متساويه ناحيه واسعه وناحيه ضيقه وعشان تتعدل لازمن تاخد من الارض اللى چارها، والارض اللى جارها بتاع أخوالي، رأيي إنك تبيعها له بس إطلب تمن مناسب لان الأرض مصلحه لهم أكتر ميننا.

زفر مؤنس نفسه بغضب قائلا: أنا جولت له قراري خلاص ومش عاوز حديت في الموضوع ده تانى، أنا شبعت وحاسس بشويه إجهاد هدلى على مجعدي أنام تصبحوا على خير، وإنت يا محمود نام بدري بكره عندينا شغل مهم بدري.
أومأ محمود له رأسه ب تمام.
نظرت صفيه ناحية محمود بعد مغادرة مؤنس وتسألت بفضول: شغل أيه المهم ده؟ وليه متكلمتش وجولت للحج مؤنس إنك يبيع الارض ونستفاد بحقها.

تنهد محمود قائلا: أبوي حر في رأيه وهو مش عاوز يبيع الأرض، وبصراحه إكده انا موافق أبوي بعدم بيع الأرض دى، لآن الارض دى كنز لينا.
تهكمت صفيه قائله: الأرض اللى مش مكمله فدان ونص دى كنز لينا ليه بجى؟
علم محمود من نبرة حديثها أنها تتهكم فرد عليها قائلا: الأرض دى لازقه في النيل مباشرة حتى مية النيل لما بتعلى بتصب فيها، يعنى رملتها شديده من ناحية الزراعه وكمان الطمى بتاع النيل بينفعنا في صناعة الفخار.

بعد قليل بغرفة مسك
كانت تبكي أمام صفيه قائله: كنا مفكرين إن جاويد طلب يقابل جدي عشان يطلبنى منيه، بس طلعنا غلطانين، أكيد الوليه الغجريه دى نصابه مفيش مره عمل واحد من اللى عملتهم جاب نتيجه، انا خلاص مبقتش قادره أتحمل أكتر من إكده، انا خايفه في لحظه الاقى چاويد بيتجوز من واحده غيرى ووجتها أموت بقهرتي.

ضمت صفيه مسك بلهفه قائله: بعيد الشر عنيك، إن شاله اللى ما تتسمى اللى كانت داخلتها علينا جدم النحس، انا من باكر هروح للوليه الغجريه دي وهجول ليها على إكده، وإن معملتش عمل يخلي جاويد يطلب يدك في اقرب وجت ههدها إنى هبلغ عنيها الحكومه.

تهكمت مسك قائله: وهي الغحريه دي هتخاف من الحكومه برضك، انا خلاص يا ماما حاسه قلبي هيوجف، مبجتش قادره أتحمل، ومش عارفه هو جاويد ده جلبه أيه حچر صوان مش بيرق، أوجات بحس من نظرة عنيه أنه رايدني وبيعمل تجيل، واوجات تانيه بحس إنى ولا على باله.
ردت صفيه: كيف مش على باله، هو اللى تجيل، كلنا عارفين إنه إتغير كتير بعد موت چلال.

ياريته كان عاش يمكن كان قلب جاويد مبجاش قاسي إكده، لكن القدر بجي هنجول أيه، وحدي الله إكده ونامي دلوك وأنا لازمن أروح للوليه الغجريه واشوف إمعاها حل نهائى.
تهكمت مسك وتنهدت بآلم قائله: والله جلبي حاسس إن الوليه دى خرفانه وما بنكسب من وراها غير إننا بنبجي ملعونين لا بيتقبل مننا صوم ولا صلاه لأربعين يوم.

بالفندق
كانت سلوان تضجع بظهرها على بعض الوسائد فوق الفراش تتصفح بالهاتف لكن فجأه صدح رنين الهاتف بيدها، لوهله إنخضت وسقط الهاتف من يدها فوق الفراش، سرعان ما تهكمت على نفسها قائله: الوليه الخرفانه اللى قابلتيها قبل الضهر بالطريق خلت أعصابك خفيفه يا سلوان.
جذبت الهاتف ونظرت للشاشه إبتسمت بإنشراح ثم قامت بالرد سريعا تسمع: مساء الخير يا سلوان، إزيك دلوقتي بقيتى أفضل.

ردت سلوان: آه الحمد لله بقيت كويسه، متشكره لسؤالك يا جلال.
إبتسم جلال قائلا: طب طالما بقيتي كويسه أيه رأيك أنا عازمك عاالعشا.
إبتسمت سلوان وفكرت قليلا، ثم قالت: تمام وانا موافقه، حتى تبقى نهاية رحلتى هنا عيش وملح سوا.

إبتسم جلال قائلا: تمام أنا قدام الفندق منتظرك، ياريت بلاش تتأخري إنت جميله ومش محتاجه تقف قدام المرايه كتير، وكمان سمعت خرافه بتقول: إن اللى بتقف قدام المرايه بالليل كتير جسمها بيتلبس من الجان أو بتعنس.
ضحكت سلوان قائله: مش مهم أعنس بس بلاش جسمي يتلبس أنا جبانه وبخاف، ومش هتأخر عشر دقايق وهنزل.

إبتسم جاويد وشعر بإنشراح في قلبه حين سمع صوت ضحكة سلوان، يبدوا أنها عادت للصفاء مره أخري، وقال لها: تمام أما أشوف هتنزلى في ميعادك مظبوط ولا زى العاده، عشر دقايق وفي الآخر تنزلى بعد نص ساعه.
إبتسمت سلوان قائله: لاء هما عشر دقايق بالظبط وهتلاقيني قدامك، بس لو طولت في الكلام عالموبايل ممكن يبقوا أكتر.
إبتسم جلال قائلا: آه يعنى هتاخدي الموبايل حجه عالعموم سلام أنا في إنتظارك.

أغلقت سلوان الهاتف وظلت لدقيقه تفكر، ما سر هذا التأثير القوي ل جلال عليها، هي كانت تشعر بسأم وضجر قبل أن يهاتفها، وزال هذا الآن بعد حديثه معها ومدحه بجمالها، لم يكن أول مره يمدح جمالها لكن كل مره تشعر بشعور مختلف، تذكرت ذالك الحلم الذي راوضها وهي نائمه قبل قليل، في البدايه الحلم كان مخيف بتلك المرأه، ثم ظهور جلال وإقترابه منها بشده حتى أنه كاد يقبلها لولا...

لولا ماذا، لولا إتصال والداها، وضعت يدها على فمها سألت نفسها: ياريت بابا كان إتأخر شويه ومتصلش عليا يمكن كان جلال باسني، يا ترى كنت هحس بأيه بعدها.

ظلت سلوان شارده قليلا وهي تلعق شفاها الى ان فاقت فجأه تذم نفسها قائله: أكيد عقلك جن بسبب اللى شوفتيه هنا من اول الرحله خلاص كلها ساعات وتسافرى للقاهره وتنسي كل اللى حصل هنا، حتى جلال نفسه هينساك، وكمان العشر دقايق خلاص تقريبا إنتهوا دلوقتي يتريق ويقولى دايما متأخره عن ميعادك.
أخذت سلوان هاتفها ووضعته بحقيبة يدها وغادرت الغرفه مسرعه حتى لا تضيع وقت أكثر.
بعد دقائق قليله.

توجهت سلوان نحو عامل الاستقبال وأعطته مفتاح الغرفه قائله: أنا كنت قولت للحسابات تعملى كشف حساب نهائي لآنى هسيب الاوتيل الليله قبل الفجر.
رد موظف الاستقبال: فعلا يا أفندم وصلنا كشف الحساب بتاع أوضة حضرتك أهو، وأتمنى تكون خدمتنا نالت رضا حضرتك، وهننتظر عودتك لهنا مره تانيه.
إبتسمت سلوان بغصه، فليس هنالك مره أخرى، لكن قالت للعامل: تمام أنا دلوقتي ولما أرجع هاخد كشف الحساب.

تركت سلوان مفتاح غرفتها وسارت نحو باب الخروج من الفندق
بنفس اللحظه كان يدخل صالح الى الفندق ورأى شموخ خطواتها شعر برجفه قويه إهتز لها قلبه مثلما حدث بالماضى كأنه أمامه الآن
تختال بسيرها كالمهره الآبيه، كاد يتتبعها بالفعل لكن
لسوء حظه تقابل مع أحد معارفه الذي وقف معه على مضص يتحدث الى ان غابت سلوان
عن مدى نظره، سأم وجهه ولعن الواقف معه، ضاعت فرصته في تعقبها الليله.

كان جاويد يجلس بالسياره وتعجب كثيرا حين رأى عمه صالح يدخل من باب الفندق، لكن توقع ان يكون هنا لآجل شئ خاص به لم يهتم بأمره وظل جالسا بالسياره ينتظر سلوان
التى رأها تقترب من السياره، ترجل من السياره ونظر الى ساعة يده ثم الى سلوان قائلا بمرح: قولت عشر دقايق وبالظبط دلوقتي بقوا عشرين دقيقة.
إبتسمت سلوان قائله: التأخير مش مني ده من عامل الإستقبال كنت واقفه معاه عشان أقوله أنى هغادر قبل الفجر الفندق.

إبتسم جلال قائلا بخباثه: قولي إن شاء الله، إتفضلي إركبى العربيه عشان نروح المطعم.
إبتسمت سلوان لفتح جلال لها باب السياره وصعدت الى السياره، تبتسم الى أن قاد جلال السياره، قائلا: واضح إن نفسيتك هديت كتير عن قبل الضهر بصراحه أنا خوفت عليك وقتها، ومكنتش عاوز أسيبك في الحاله دي.

نظرت سلوان ل جلال ببسمه ودت سؤاله هل حقا شعرت بالخوف على وما السبب في ذالك، لكن خشيت تفسير ذالك بشكل آخر منه، تبسمت قائله: الحمد لله، بصراحه الوليه الخرفانه اللى قابلتنى دى خوفتني، كمان قبلها كنت قدام قبر ماما وكنت حاسه انى مخنوقه وكان الافضل أن ابقى لوحدي.
رد جلال: تمام، خلاص وصلنا للمطعم.
نظرت سلوان قائله: بس مش ده المطعم اللى جينا فيه قبل كده.

رد جلال وهو يترجل من السياره: فعلا ده مطعم تانى، المطعم ده على ربوه عاليه شويه قريبه من المعبد تقريبا كده هتشوفي المعبد كله من هنا.
إبتسمت سلوان وترجلت هي الاخري من السياره، ودخلت الى المطعم أمام جلال، جذب لها أحد المقاعد جلست عليه وجلس هو بالجوار منها مباشرة وأشار له بيدها نور المعبد ظاهر قدامك أهو.

جلس الإثنان يتحدثان غير منتبهان للوقت، تحدثا بأشياء كثيره بود، سلوان حكت له قليل عن طفولتها وانها كانت طفله هادئه عاشت بلا صداقات حقيقيه بسبب تنقلات والداها الكثيره من بلد لآخر.

بدايه من القاهره الى الإمارات ثم نهايه بالسعوديه الى أن عادت لمصر حتى تكمل دراستها الجامعيه ثم عودتها للسفر للسعوديه مع والداها الذي قرر من بضع أشهر العوده والعيش بمصر بشكل نهائي، يكفى غربه، حتى زواجه بأخرى لم تبدي لها أى مشاعر أمامه.

كذالك جلال حكى لها عن بعض الاساطير حدثت هنا بالاقصر جزء منها كانت في البدايه خرافات وتحقق جزء منها مع الوقت لكن لم يحكى لها أن أكبر مثال للخرافه هى، علم أسمها قبل أن يراها
وهمس إسمها بنبض قلبه
سلوان
مضى الوقت حتى إقترب الفجر
وإقتربت النجوم من تلك الاعمده، من يراها من بعيد يظن أنها فوق تلك الاعمده مباشرة.

وقفت سلوان وإقتربت من سياج المطعم وضعت يديها تنظر الى ذالك المشهد الرهيب والمهيب بنفس الوقت، النجوم فوق تلك الأعمده كآن النجوم تساقطت من السماء لا يوجد بينهم فاصل نهائيا، كذالك جلال نهض ووقف لجوارها
وسمع قولها: ماما كانت بتقولى الأقصر فيها عمدان بتوصل الارض بالسما، محفور على جدرانها قصص قديمه ل عشاق بتهمس للنجوم كل ليله ترنيمة عشق.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة