قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية شد عصب للكاتبة سعاد محمد سلامة الفصل الثاني والأربعون

رواية شد عصب للكاتبة سعاد محمد سلامة الفصل الثاني والأربعون

رواية شد عصب للكاتبة سعاد محمد سلامة الفصل الثاني والأربعون

بأحد المشافي
أمام غرفة العنايه المركزه
كانت تجلس ثريا على أحد المقاعد، بينما حسني كانت تسير خطوات ذهاب وإياب بترقب تشعر بقلق كبير، احيانا تنظر باستغراب من هدوء ثريا كآن من بداخل تلك الغرفه مريض، ليس زوجها التي تشاركت معه سنوات طويله، كان شبه خادم لها.
بنفس الوقت سمعت حسني صوت يأتى متلفا وإقترب منها وألتصق بها قائلا بدموع: بابا، حسني.
ضمته حسني بود وقالت بأمل: هيبقى كويس إن شاء الله.

لكن بنفس اللحظه تفاجئت حسني ب زاهر يقترب منهم، إرتجف قلبها لكن تجاهلت النظر له ولم تهتم لسؤاله عن حال والداها، نهضت ثريا تشكره على مجيئه، وأخبرته برياء وإدعاء الحزن أن زوجها مازال بالغرفه لم يخرج أحد وطمئنهم، ثم سألته: بس إنت عرفت منين.
سلط زاهر بصره على حسني وجاوب: قابلت على قدام داركم وجيت معاه، إن شاء الله، ربنا يشفي عم إبراهيم.

آمنت ثريا ولاحظت نظر زاهر ل حسني التي تجاهلته وإنزوت تقف على حائط جوار الغرفه تحتضن أخيها.
شعر زاهر بوخزات في قلبه ليس فقط من تجاهل حسني وجوده، كذالك من ملامح وجهها الحزينه، بعد دقائق
فتح باب الغرفه وخرج الطبيب تلهفت حسني عليه، قبل أن تسأل رد الطبيب بتوضيح: حالة المريض مش مستقره، والمريض هيفضل في الرعايه على جهاز التنفس، وياريت بلاش تجمهر قدام الاوضه، راعوا صحة المريض.

سالت دموع من عين حسني وأومأت للطبيب
بينما إقترب زاهر من الطبيب قائلا: ممكن ننقل عم إبراهيم لمستشفى خاصه.
رد الطبيب: حالة المريض مش مستقره وكمان المستشفى الخاصه مش هتقدم له مزايا أكتر من هنا، لكن لو حابين تنقلوه لمستشفى خاصه أنتم أحرار، بس لازم حد يمضي على تصريح خروج المريض من المستشفي على مسؤليته.

كاد زاهر يندفع ويقول أنه سيتحمل المسؤليه، لكن تحدثت حسني قائله: لاء يا دكتور أبويا هيفضل هنا في المستشفى وأى علاج يحتاجه هنجيبه فورا.
أومأ لها الطبيب ثم غادر، نظر زاهر ل حسني بضيق، بينما هي تجاهلت النظر له.
تضايق زاهر من تجاهل حسني له وذهب خلف الطبيب قبل أن يبتعد قليلا نادي عليه.
وقف الطبيب سأل زاهر: قولي يا دكتور أيه حالة عم إبراهيم بالظبط.

رد الطبيب بعمليه: بصراحه حالة المريض حرجه جدا بيقضيها ساعات تقدر تقول بيحتضر.

إندهش زاهر وشعر بنغزه قويه في قلبه وأومأ للطبيب الذي تركه وغادر، ظل لدقيقه واقفا بشرود، شعر بآسى ناحية حسني، لا يعرف سبب لذالك الشعور الذي يختلج به، أليست هذه حسني التي قبل أشهر كنت تفكر في إنهاء زواجك منها وإخراجها من حياتك، ماذا حدث بعد تلك الليله التي إندمجت فيها معها، بعد أن صدمتها أنك كنت تود الطلاق منها، ماذا حدث بعد أن غادرت المنزل وتركته لما تؤجل قرار الإنفصال عنها، أو بالأصح لما أصبحت لا تريد ذالك.

بنفس اللحظه آتى على الى مكان وقوف زاهر وسأله: زاهر إنت واقف كده ليه.
إنتبه زاهر ل على قائلا: مفيش، تعالى معايا.
عاد زاهر وعلى الى أمام غرفة العنايه نظر ناحية حسنى قائلا: الدكتور قال ممنوع الوقوف هنا قدام العنايه، وكمان محدش هيبات معاه يعني المفروض تروحوا للدار وأي تطور في حالة عم إبراهيم الدكتور قال هيتصل عليا.
نهضت ثريا التي تبكي قائله: يلا يا حسني نرجع للدار عشان أخواتك.

جلست حسني على أحد المقاعد قائله بإصرار: روحي إنت الدار وأنا هفضل هنا عشان لو إحتاجوا حاجه.
زفر زاهر نفسه بضيق قائلا: الدكتور قال مفيش حد هيبات هنا، وأنا قولت له أى حاجه يحتاجها عم ابراهيم يتصل عليا، بلاش عند هتفضلي فين أساسا.
ردت حسني بإصرار: هعقد هنا عالكرسي ده.
زفر زاهر نفسه وكاد يتحدث لكن لطفت ثريا الحديث قائله: سيب حسني على راحتها، إبراهيم كان دايما يحبها قريبه منه...

وتعالي يا زاهر وصلني أنا وعلى وأنا الصبح هرجع لهنا.
غادر زاهر مع ثريا وعلى رغم عدم قبوله برغبة حسني، يشعر بالخوف عليها من البقاء وحدها بالمشفى بعد حديث الطبيب له بأن إبراهيم شبه يحتضر، قرر العوده إليها بعد أن أوصل ثريا وعلى للمنزل
عاد مره أخري للمشفى.

حين إقترب من مكان جلوس حسني على أحد المقاعد شعر بآسى وهو يراها تستند رأسها على الحائط خلف المقعد، تغمض عينيها، جلس جوارها بتردد منه وضع إحدي يديه على كتفها هامسا: حسني.
فتحت حسني عينيها وإندهشت من وجود زاهر، بالبدايه ظنت أنها ربما بالحلم وترى ذالك لكن حتى ذالك الحلم مع زاهر مستحيل حدوثه.
أرخت أهدابها مره أخرى.
تنهد زاهر قائلا: حسني.

فتحت حسنى عينيها لكن إندهشت حين وجه زاهر يده لها قائلا: خدي إشربي العصير ده يا حسني.
نظرت حسنى ليد زاهر غير مستوعبه إن كان هذا حقيقيا أم عقلها الباطن كان يتمنى ذالك.
لكن لم يك ن خيال بل واقع زاهر جوارها، لكن ربما يفعل ذالك بشفقه أو شهامه منه...
شهامه لا زاهر لا يمتلك الشهامه ولا والشفقه لو كانوا لديه لما عاملها بتلك الطريقه القاسيه منذ أن رأها أول مره، هو يفعل ذالك برياء فقط.
بمحل زوج محاسن.

نهضت محاسن مبتسمه ترحب بحفاوة: سلوان، كان قلبى حاسس إنى هشوفك النهارده، تعالي تعالي لحضني
تبسمت سلوان وذهبت نحوها بود حضنتها محاسن وقالت: بنت حلال رزقك واسع عمك مجدي جوزي جايب معاه شوية ملبس طازه كمان شوية حلويات كنت هبعتلك منابك إنت والبت حفصه، كويس إنك جيتي، وفرتي على عمك مجدي المشوار.
تبسمت يسريه التي كانت بصحبة سلوان وقالت بعتاب محبب: إكده يا محاسن يعني أنا ماليش نفس أدوق الملبس والحلويات دي.

إبتسمت محاسن وقالت بمناكفه: لاه يا يسريه بلاش تاكلي حلويات كتير، وبعدين بناتي عاوزين يتغذوا، سلوان عشان عاوزه حفيدي يبقى مربرب، وكمان حفصه يا عيني في فترة إمتحانات ولازم تتغذى عشان تركز في المذاكره.
تبسمت لها يسريه، بينما تسألت محاسن: إنتم رايحين للدكتوره
تبسمت يسريه قائله: أيوا إنت عارفه الدكتوره قايله لازم متابعه شهر بشهر.

تبسمت محاسن قائله: ربنا يسهل وتقوم بالسلامه هي والواد اللى تاعبنا من وهو لسه جوه، شكله هيبجي واد شقي، زى أبوه.
قالت محاسن هذا وغمزت عينيها بمرح ل سلوان التي خجلت.
تبسمت محاسن قائله: قربتي تولدي ولسه وشك بيحمر من كلمتين، أمال عامله أيه مع جاويد.
تبسمت لها سلوان بخجل، بينما قالت يسريه: لاء هي بتنكسف مننا لكن مع جاويد له وضع تاني، يلا بينا يا سلوان عشان منتأخرش على ميعاد الدكتوره.

تبسمت محاسن قائله: وأنتم راجعين أبقوا فوتوا عليا.
ردت يسريه: انا هفوت عليك أخد ملبستين وحته صغيره من الحلويات، لكن سلوان هتروح لابوها الأقصر.
تبسمت محاسن بود وقلب يخفق بمحبه وهن يغادرن.
بعد قليل
بشقه خاصه في مدينة الأقصر.

فتح هاشم باب الشقه وتبسم بمحبه وفتح ذراعية يستقبل سلوان التي حضنته مبتسمه، ثم دخل الإثنين الى غرفة المعيشه، جلس هاشم على أريكه وجواره سلوان يضمها لصدره تبسم لها قائلا: الدكتورة قالت لكم أيه النهاردة.
تنهدت سلوان قائله: قالت الحمد لله الوضع بقى تمام والبيبي كمان نموه كويس حتى معايا صور آشعه له غير اللى طبعا طنط يسريه خدتهم عشان طنط محاسن تشوفهم.

تبسم هاشم قائلا: واضح إن المعامله إتغيرت بينك وبين مامت جاويد.
تنهدت سلوان بإنشراح قائله: فعلا المعامله إتغيرت مش بس مع طنط يسريه، كمان حفصه صحيح مش بدرجه كبيره، بس مبقتش تقصد تضايقني بتلميحاتها زى قبل كده، يمكن إستسلمت لل ألأمر الواقع.
تبسم هاشم بنفس اللحظه تبسمت سلوان لذالك الجرو الذي هرول وقف أمام قدميها، إنحنت سلوان قليلا وحملته قائله: ماتيو وحشتني كتير، أوعى تكون بضايق بابا.

تبسم هاشم قائلا: بالعكس ده بيسليني.
نظرت سلوان ل هاشم وفاجئته بالسؤال: بابا، مش بتفكر ترجع تتجوز طنط دولت تانى، او حتى تتجوز غيرها.
إستغرب هاشم السؤال وجاوب: لاء لا بفكر أرجع ل دولت ولا عاوز أتجوز اساسا كان جوازي غلطه والحمد لله عواقبها مكنتش كبيره، لا عليا ولا على دولت، زى ما دخلنا بالمعروف إفترقنا بالمعروف.
شعرت سلوان بغصه قائله: وهتفضل وحيد كده، ومحبوس هنا في الشقه لوحدك.

تبسم هاشم وهو يضم سلوان لحضنه ثم وضع يده الاخري على بطنها قائلا بشوق: مين قالك إنى محبوس جاويد عملى إشتراك في نادي هنا في الأقصر بنزل ألعب فيه رياضه على خفيف كده وإتصاحبت على كذا صديق ليا قريبين من عمري، وكمان مش هفضل وحيد كتير، أنا بعد الايام لحد ما تولدي حفيدي وهيبقى هو الونس ليا، عمك صلاح خلاص لقى حتة أرض مبانى عندكم في البلد وانا بعت شقة القاهره وبتمنها هدفع تمن الارض وأبني بيت صغير عشان أبقى قريب من أحفادي.

إستغربت سلوان قائله: أحفادك، هما فين دول.
ضحك هاشم قائلا: اولادك، ولا إنت مش ناويه تخلفي تانى بعد البيبى ده، لاء أنا عاوز أحفاد كتير، اعوض بيهم.
تبسمت سلوان قائله: مش أما يجي ده الأول يا بابا.
إبتسم هاشم قائلا: ان شاء الله هيجي ومعاه الخير والسعاده لينا، تعرفى أنا كان نفسي في أولاد كتير بس ربنا مأردش، بس إداني إنت هديه من أكتر إنسانه حبتها في حياتي.

تدمعت عين سلوان وضمت نفسها أكثر لحضن هاشم قائله: تعرف يا بابا أنا نفسي جاويد يحبني قد ما إنت حبيت ولسه بتحب ماما.
تنهد هاشم بشوق وتوق قائلا: متأكد أن جاويد بيحبك، بس إنت محتاجه تعقلي شويه وتبطلي تسرع.
رفعت سلوان وجهها ونظرت لوجه هاشم بدلال وعتاب قائله: قصدك أيه يا بابا، يعني أنا بتسرع.

ضحك هاشم على ملامح سلوان قائلا: أيوا، جاويد معذور لما مراته تسيب البيت بدون سبب وتسافر لوحدها لو حد تاني مكانه كان أقل حاجه طلقها، لكن هو عشان بيحبك حاول ينسى، أنا شوفت لهفته عليك وقت المستشفى وإتأكدت أنه بيعشقك.
تبسمت سلوان قائله: أنا كنت متشوشه والحمد لله فوقت، وإتأكدت إني بحب جاويد بغض النظر عن خداعه ليا بإسم جلال أخوه.
بمنزل بليغ
إستقبل جواد بحفاوه وترحيب.

مد جواد يده بورقه ناحية بليغ قائلا: خد أقري محتوي الورقه دي، أنا كنت هجي من بدري بس حضرتك عارف شغل المستشفى إتشغلت بيه.
قرأ بليغ محتوي الورقه شعر بغصه قائلا: ده طلب إيلاف أجازه من الشغل في المستشفى.

رد جواد بسأم: مش عارف ولا قادر أفهم سبب لطلبها لل أجازه دى أيه، برائتها ظهرت والكل عرف بيها غير كمان ناصف والدكتور التانى ربنا وقعهم في شر أعمالهم والإتنين وقعوا في بعض وهما اللى تقريبا إتسببوا في دمار بعض مهنيا وصدر قرار من وزارة الصحه بإيقافهم عن ممارسة الطب، غير القواضى اللى متهمين فيها ولسه مصدرش أحكام فيها، يعني مستقبلهم الطبي إنتهى بأسوء طريقه والسبب هو نفوسهم الضعيفه اللى بدل ما يستغلوا مهنتهم لصالح الناس إستغلوها بشكل يضرهم، إيلاف محتاجه واقفه يا عم، أنا من خلال فتره صغيره إتعرفت على إيلاف، عرفت إنها شخصيه ضعيفه جدا وبتخاف من أقل مواجهه.

تنهد بليغ بآلم قائلا: إيلاف مش بس شخصيتها ضعيفه كمان هشه جدا، ويمكن أنا السبب والقضيه بتاعت زمان سابت آثر كبير عليها...
قاطع جواد بليغ قائلا بتوضيح: لاء يا عم إيلاف مش هشه، هي ضعيفه، ومش حضرتك السبب، السبب في دماغها هي وبس، من بعد إذن حضرتك ممكن أشوفها وأتكلم معاها.
أومأ بليغ له قائلا: هي في اوضتها قليل لما بتسيبها، أدخل ليها إنت مش غريب، إنت تعتبر جوزها شرع.

ذهب جواد نحو الغرفه الذي أشار له عليها بليغ طرق باب الغرفه، وإنتظر دقيقه ثم فتح باب الغرفه ودلف، تفاجئ ب إيلاف تجلس على الفراش تحدق بسقف الغرفه، غص قلبه لكن إستجمع شجاعته قائلا: مساء الخير يا إيلاف.
إعتدلت إيلاف في جلستها وتفاجئت من مجئ جواد.

الى المنزل، كذالك شعرت بخزي وهي أمامه بمنامه منزليه بنصف كم كذالك شعرها كان مكشوف، نهضت سريعا وجذبت وشاح لرأسها ثم مئزر وضعته على كتفيها، تهكم جواد قائلا بجرآه: على فكره أنا جوزك ويحل لى أخدك دلوقتي معايا ل دار الأشرف وأتمم جوازنا، بس دى عادتك يا إيلاف، دايما بتحب تبقي زي النعامه وقت الخطر تدفن راسها في التراب غباء منها، مفكره بكده انها متخفيه عن العيون، ومعندهاش وعي إن ممكن التراب يخنقها ويتسبب في موتها.

إرتبكت إيلاف قائله: قصدك أيه، إن كنت جاي عشان تتكلم إنى طلبت أجازه، فده حقي أنا حاسه ب...
قاطعها جواد بتعسف قائلا: حاسه بأيه يا إيلاف، إنت بتهربي زي عادتك، بتخافى تواجهي الحقيقه.
إرتبكت إيلاف قائله بتوتر: لاء إنت غلطان أنا...
قبل أن تكمل إيلاف حديثها المرتبك.

نظر جواد لها بتعسف وتحدث بإستهجان يحثها على الثوران: إنت جبانه يا إيلاف، سايبه الماضي يتحكم فيك، بتخافى تواجهي بسببه بس ده ضعف وهروب منك مش بتكسب منه غير إستقلالك من قيمة نفسك، كل ده بسبب شئ إنتهى في الماضي، جواك هاجس خوف، حد يعرف إنك بنت اللص القاتل، هاجس.

خلاك عايشه في قوقوعه إنت اللى صنعتى حدودها وخايفه تخرجي براها للنور، حتى مدافعتيش عن براءة والدك، وحتى لو كان فعلا مدان إنت مش مسؤله عن جرايمه، إنت المفروض تفتخري بنفسك وبس، وتقولى أنا إيلاف حامد التقى، أنا البنت اللى كافحت لحد ما وصلت إنها بقت دكتوره من صفوة المجتمع
المفروض تفتخري بنفسك مش تخاف وتتواري خلف قوقوعه هيجي يوم وتخنقك لو مخرجتيش براها...

وأنا مقبلش تبقى زوجتى وأم أولادي في المستقبل شخصيتها ضعيفه، لأن الأم هي الأساس ولو الأم ضعيفه وبتخاف يبقى هتربي اولادها ع الجبن والضعف والهروب من مواجهة المشاكل.
قال جواد هذا ولم ينظر الى إيلاف وخرج من الغرفه وصفع باب الغرفه خلفه بقوه تاركا إيلاف التى.

شعرت بإنهيار وجثت على ساقيها، تسيل دموع عينيها، لكن سمعت فتح باب الغرفه لوهله ظنت أن جواد عاد، رفعت وجهها وجدت بليغ الذي نظر لها بشفقه وأبوه قائلا: أنا اللص القاتل يا إيلاف، أنا المجرم اللى دمر حياتك ياريتني موتت بصحيح.
نهضت إيلاف سريعا وتوجهت الى بليغ وحضنته ببكاء قائله: بعيد الشر عنك يا بابا.
ضمها بليغ قائلا: الشر مش بعيد عني يا إيلاف...

قاطعته إيلاف قائله بندم: أنا اللى غلطانه يا بابا، مكنش لازم أسكت وكان لازم أدافع عنك حتى لو كل الدلائل بتأكد إنك مجرم، أنا مكنش لازم أسكت، ومش هسكت بعد كده، بس جواد...
إنشرح قلب بليغ قائلا: ماله جواد.
شعرت إيلاف بوخزات قويه وقالت بخجل: أنا بحب جواد، بس هو قالى إن ميقبلش بزوجه شخصيتها ضعيفه.

تبسم بليغ ومد يده يمسح دموع إيلاف قائلا: وإنت مش ضعيفه يا إيلاف وفي إيدك تثبت ده ل جواد بالبرهان، إن الدكتوره إيلاف حامد التقي اقوي من أى ماضي إنتهي
تبسمت له إيلاف وأومأت وقالت بأمل: فعلا الماضي إتقفل ولازم أبقى أقوي بنفسي، وهفتخر إني بنت حامد التقي الموظف العفيف الشريف، وأدافع عنه بكل ثقه، إنه الشخص اللى كان من صغري بيتنبأ لى أنى هكون دكتوره شاطره.

لمعت عين بليغ بمحبه وضم إيلاف قائلا: متأكد إن جواك شجاعة آن الآوان تظهر عشان تستردي ثقة جواد.
ب منزل صلاح
بالمندره
كانت صفيه تجلس مع صلاح، وتسألت: بالتوكيد سمعت عن الحديت اللى داير في البلد عن حتة الارض اللى أخوك حاوطها بسور في نصيبه ب أرض الجميرة، أنا عندي شك أنه الحديت ده كدب، وأن صالح هو اللى مطلع الإشاعه دي.

إستغرب صلاح ذالك وسأل بإستفهام: وليه صالح هيطلع إشاعه زى دي هيكسب أيه من وراء الإشاعه الفاضيه دي.
ردت صفيه بتوضيح: صالح بينتقم مننا عشان رفضنا نبيع له نصيبنا في الأرض زى ما كان هو عاوز، فقال يطلع إشاعه، وبسببها طبعا يتوقف حال الأرض، وبكره تشوف وتقول أختى قالتلي هيعرض علينا تاني أنه يشتري بقية الأرض ويستغل الإشاعه دي طبعا بسببها يبخس سعر الأرض.

إندهش صلاح من تفسير صفيه الذي ربما به شئ من المنطقيه، لكن قال: حتى الأرض لو بقت ببلاش انا مش هبيع نصيب أبدا.
تهكمت صفيه قائله: ولا أنا هبيع نصيب، بس صالح نواياه خبيثه وقف حال الأرض، يعنى لو حتى جاويد فكر يبني مصنع عالارض دى الناس هتخاف تشتغل فيه، صالح طول عمره أناني وشيطان...
كادت صفيه أن تكمل لعن في صالح لكن.

بنفس اللحظه دخلت الى الغرفه يسريه، صمتت صفيه، لكن إستعرت عينيها بغل حين دخلت سلوان الى الغرفه، تبتسم، تبسمت لها يسريه قائله: مغبتيش عند أبوك.
تبسمت سلوان قائله: فعلا، قولت بقينا المسا والجو حر والطريق بيبقى زحمه بالليل.
تبسم لها صلاح قائلا: فعلا بسبب الحر هنا معظم السواح بتخرج بالليل لما الجو بيرطب شويه، بس أيه اللى في إيدك ده.

تبسمت سلوان وقالت: ده ملبس وحلويات طنط محاسن إديتهم ليا وقالتلى بالنص بينك وبين حفصه.
تبسمت يسريه قائله بمزح: محاسن بدلع البنات، وإستخسرت فيا.
تهكمت صفيه بحنق قائله: محاسن بتعوض عقدة النقص اللى عندها مجضياها توزيع دور حنيه كل شويه لحد، مبتعرفش تفرق بين
اللى يسوا واللى ميسواش.

فهمت سلوان مقصد صفيه وقالت: بالعكس طنط محاسن معندهاش عقدة نقص، دي طبيعة شخصيتها دايما بتحب الخير وبتقدمه للى يستحق حبها ده، عن أذنكم هطلع أدي ل حفصه نصيبها.
تبسم صلاح ويسريه لها، بينما إزداد الحقد في قلب صفيه، ليس من رد سلوان فقط ولا من معاملة يسريه وصلاح الطيبه لها، بل كان حقد مضاعف من بطنها التي أصبحت بارزه امامها بداخلها تمنت أسوء سوء ل سلوان.
لم تكن سلوان تعلم أن حفصه معها مسك بالغرفه.

فتحت باب الغرفه بعد أن سمحت لها حفصه كانت تبتسم، لكن حين رأت مسك إقتضبت بسمتها وقالت: مساء الخير، آسفه فكرتك لوحدك بالأوضه، عالعموم مش هاخد من وقتك، وأنا رايحه للدكتوره كنا فوتنا على طنط محاسن وهي إدتني ملبس وحلويات مشكله وقالتلى أديك نصها، بس أنا بصراحه عجبني طعم الملبس أوى وكلت تقريبا منابي كله يعني لو إديتني شويه من منابك مش هقول لاء.

اخذت حفصه الكيس من يد سلوان وقالت بمرح: خالتي دايما كده فاكراني، وعارفه انى بموت في الملبس اللى جوز خالتي بيجيبه لها، قبل كده مكنش حد بيشاركنى منابي، بس عشان إبن أخويا اللى في بطنك أنا هديك شويه منه، بس عشان بعد كده متقوليش له عمتك إستخسرت فيا شويةملبس، أنا اللى هقوله مامتك طفسه.

تبسمت لها سلوان بود قائله: والله انا مكنتش بحب الحلويات قبل كده، بس دى هرمونات الحمل، وكتر خيرك والله لو أنا مكنتش هديك.
ضحكت حفصه بود وهي تعطي ل سلوان الحلوي، غادرت سلوان وتركت حفصه مع مسك
التى نظرت بسخط وحنق ل حفصه وهي تضع إحدي قطع الحلوي بفمها تستطعم مذاقها بفمها بإستمتاع تهكمت قائله: غريبه، شايفه إنك إتقبلتي سلوان وشكلكم بقيتوا أصحاب.

وضعت حفصه قطعه أخرى بفمها تتستسيغها قائله: عادي، سلوان مرات جاويد.
تهكمت مسك بحقد قائله: يعني أيه أخيرا إعترفت بوجودها.

تنفست حفصه قائله: إعترفت او معترفتش، دى الحقيقه سلوان تبقى مرات جاويد وهو اللى أختارها وأنا ماليش حق غير إني أتقبل إختياره وكمان سلوان مش مغروره زى ما كنت واخده فكره عنها، مسك أنا حاسه بيك، إن ده شئ صعب عليك، بس إنت زى أختي، صحيح كنت أتمني تكوني إنت اللى من نصيب جاويد، بس في النهايه كل شئ قدر ونصيب، ياريت تفكري في مستقبلك وبلاش تفضلي معلقه نفسك بوهم حبك ل جاويد، صدقيني وقتها قلبك هيرتاح، أوقات كتير بنبقى مفكرين إن الشئ اللى بنحبه لو ضاع مننا بيبقي صعب نلاقي غيره، بس إنت لسه صغيره وجميله ومن عيله معروفه في البلد وكتير شباب ولاد عائلات كبيره يتمنوا بس موافقه منك، ومتزعليش مني، إنت كنت قدام جاويد من قبل ما تظهر سلوان في حياته لو كان عنده مشاعر ليك كان إتكلم وقال...

قاطعت مسك حفصه بتهكم: واضح إن عقلك بقى كبير بعد ما كنت هتتخطفي، يظهر إن الخطف أثر على مشاعرك.
نظرت حفصه بإندهاش ل مسك قائله بتسرع: عرفت منين إن كنت هتخطف.
إرتبكت مسك وتوترت وقالت بتعلثم: هكون عرفت منين يعني، إنت طبعا اللى قولتلي.
نظرت حفصه ل مسك وقالت بنفي: بس أنا مقولتش ليك...

قاطعتها مسك وتمسكت بالكذب ثم توهت بالحديث قائله: لاء أنا فاكره كويس إنك قولتلي، بس يظهر بسبب عواطف قلبك بقيت بتنسي، عالعموم أنا فعلا، خلاص، رضيت بنصيب ومتقدملي عريس من عيله كبيره في الأقصر وبفكر أوافق عليه.
تبسمت حفصه رغم عدم إقتناعها لكن إنشرح قلبها وقالت ل مسك، طالما شخص مناسب ليك يبقى ألف مبروك، وبكره مع الوقت إنت كمان تلاقي سعادتك.
بمنزل القدوسى.

بعد أن عادت مسك مع صفيه الى المنزل سمعن حديث محمود مع مؤنس بالمندره، ذهبن الإثنتين نحو المندره، ألقت مسك السلام عليهما
رد محمود عليها، لكن سرعان ما إدعت مسك الخجل وهي تنظر ل محمود قائله: كنت قولت ليا يا بابا أفكر قبل ما اقول قراري عالعريس اللى متقدم ليا، وأنا خلاص فكرت وأخدت القرار.
نظر محمود ومؤنس لها بترقب وتوقعا أن يكون قرارها الرفض، لكن خاب توقعهم حين قالت مسك: أنا موافقه عالعريس يا بابا.

قالت مسك هذا وغادرت الغرفه سريعا، ظن محمود ومؤنس أنه خجل منها، بينما إنصدمت صفيه، وذهبت خلفها.

تبسم محمود وهو ينظر ل مؤنس الذي للحظه تبسم لكن سرعان ما إنسأم قلبه وشعر بغرض آخر من موافقة مسك، لكن لم يظهر ذالك أمام محمود الذي قال بإنبساط: مسك أخيرا فاقت من الوهم اللى صفيه كانت بترسمه ليها في دماغها وسلمت بالحقيقة، جاويد مش من نصيبها، أنا بكره هرد على والد العريس وأقوله إننا موافقين، الراجل كتر خيره طلب الرد مني أكتر من مره وكنت بتوه، وبدعي ربنا مسك تفوق من الوهم.

تنهد مؤنس وهمس لنفسه: ياريت تكون فعلا فاقت من الوهم متكونش بتراوغ لهدف في دماغها.
بينما دخلت مسك الى غرفتها واغلقت خلفها الباب تشعر بنيران مستعره في قلبها، نظرت نحو باب الغرفه الذي فتحته صفيه ودخلت تقول بإستغراب: أيه اللى قولتيه لأبوك وجدك ده.
ردت مسك ببساطه: انا وافقت عالعريس اللى متقدم ليا.

تهكمت صفيه بحنق قائله: أيه اللى جرا فجأه كده وخلاك توافقي، قبل ما نروح لدار خالك كنت بتقولي لى هترفضي العريس.
زفرت نفسها مسك بغضب وقالت بجمود: غيرت رأيي.
جذبت صفيه مسك من كتفها ونظرت لعينيها قائله: يعني أيه غيرت رأيك، يعني هتسلم وتسيب سلوان تفوز ب جاويد.

شعرت مسك بغضب وقالت بوعيد وحقد: لاء طبعا أنا بس فكرت سلوان بقى ليها قيمه عند مرات خالى حتى كمان الغبيه حفصه بقت بتميل ليها، وقالتلى صراحه كده إنى لازم أشوف مستقبل وأنسى جاويد، وأنا لازم أسمع لحديتها مؤقتا، بس مستحيل أسيب جاويد يتهني مع سلوان ولو وصل بيا الأمر هقتلها قدامه.
بغرفة جاويد.

إنضم جاويد الى سلوان على الفرش جذبها لتبقى بين يديه وقام بتقبيل وجنتها، تبسمت له سلوان وجذبت تلك الصور قائله: شوفت صور البيبي.
تبسم جاويد لها قائلا: لاء.
تبسمت له سلوان قائله: الصور أهي، الدكتوره قالت الحمد لله بخير ونموه طبيعي.
تبسم جاويد ونظر ل سلوان بخبث قائلا: يعني الدكتوره قالت كده تمام و...

لم يكمل جاويد الحديث بل تحدث بلغه أخري لغة عشق وقبلات ل سلوان لكن سلوان في البدايه تجاوبت ثم دفعته عنها تلهث وقالت بتحذير: لاء يا جاويد قالت اللى في دماغك ده لسه ممنوع لنهاية فترة الحمل.
نظر جاويد لوجه سلوان ووضع وجهه بين حنايا عنقها زفر نفسه بتوق غاضب، ثم رفع وجهه ونظر لبسمة سلوان قائلا: تمام خلينا نشوف صور البيه اللى بسببه هعيش في حرمان.

تبسمت سلوان ووضعت يدها على ذقن جاويد قائله: أنا عاوزه ابني يكون شبه باباه في كل حاجه ما عدا الخداع.
نظر جاويد ل سلوان قائلا: طب بلاش طريقتك دي، عشان أنا صابر غصب عني، وبعدين ماله الخداع ما هو السبب في وجود البيبي ده، وبعدين إنت إعترفت إنك حبتيني.
تبسمت سلوان قائله: أنا مش بحبك يا جاويد أنا بعشقك.
ضمها جاويد لحضنه قائلا: أنا بقول خلينا في الصور لأن طريقتك مش في صالح البيبي.

تبسمت سلوان وبدأ الإثنان برؤية تلك الصور الشعاعيه، لنمو طفلهم، سحبتهم غفوة النعاس، لكن
فجأه أثناء نوم جاويد
رأي إنعكاسه كأنه ينظر بالمرآه.

لكن فجأه ساد ظلام دامس للحظات ثم تسرب ضوء الى الغرفه نظر نحوه تبسم حين رأي سلوان تخرج من ذالك الضوء، لكن سرعان ما زالت بسمته حين رأي دماء تسيل على مقدمة ثيابها نظر لمصدر تلك الدماء كان عنق سلوان، كذالك رأي جلال يظهر من خلفها، إستيقظ فجأه ونظر لجواره بلهفه تنهد بإرتياح قليلا، جذب سلوان لحضنه أقرب، يشعر بأنفاسها، لكن شعر بسوء من ذالك الكابوس جلال منذ زمن طويل لم يزوره بالأحلام.
بجنح الليل.

بداخل ذالك السور الذي يحاوط أرض صالح
وقفت غوايش مع رئيس هؤلاء العمال الأشقياء، نظرت الى عمق تلك الحفره الكبيره لمع الشر بعينيها وقالت له: لسه إحفر كمان.
إعترض رئيس العمال قائلا: إحنا حفرنا عمق كبير ولغاية دلوقتى مظهرش أى أماره تبين، واضح كده إن مفيش أي أثار هنا يمكن...

خطفت غوايش نظره شريره له وقالت بغضب: إنت تنفذ اللى بجولك عليه، زود عمق الحفره، كمان، إنت مش بتاخد أجره إنت والعمال بتوعك، وقايمين نايمين إهنه.
شعر بخوف من نظرة عينيها وتعلثم قائلا: مش القصد، بس إحنا حفرنا و...
عاودت غوايش تنظر له بشرر مما جعله يرتجف جسده ويتوقف عن الإعتراض وقال: اللى تؤمري بيه.

إقتربت غوايش من الحفره أكثر نظرت لعمقها، بعيون لامعه وهمست، هنا كان بداية العهد وهنا هتكون النهاية، هنيدفع التمن من دم نسل اللى خان العهد
الدم ب الدم.
بنهاية الليل
بالمشفى الموجود بها والد حسني.

أثناء جلوسها امام غرفة العنايه المركزه، فجأه رأت هرولة بعض الأطباء وكذالك الممرضين الى الغرفه، شعرت بإحتقان وإختناق، ولم تستطيع الوقوف على ساقيها، لاحظ ذالك زاهر الذي يجلس جوارها مستغربا منذ وقت ليست كعادتها في الثرثره، كانت صامته فقط.
بعد قليل خرج أحد الأطباء نهض زاهر واقفا، لكن قبل أن يستخبر منه، تحدث الطبيب بآسف: للآسف، البقاء لله.

أغمض زاهر عيناه يشعر بحزن شديد، لكن فتح عيناه ونظر ل حسني التي مازالت جالسه مكانها، رد فعلها غير واضح، دموع فقط تسيل من عينيها، سرعان ما تحولت تلك الدموع الى شهقه وصرخه وغابت عن الوعي.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة