رواية زهرة ولكن دميمة الجزء الثاني بقلم سلمى محمد الفصل التاسع
((الشيء الوحيد الذي يريحيني هو أنني أعرف من أنا، أعرف جيدا أن قلبي لا يضر أحد، لدي عزة نفس تكفيني لو أضطررت لأن أعيش كل حياتي حزينة، هذه أنا))
سألت زهرة ضحى بلطف وهي تقوم بوضع الميك أب على وجهها: بتحبيه..
بدون أن تنظر لها قامت ضحى من مكانها وتحركت مبتعدة عنها، لتقترب من الشباك، ونظرت الى السماء تتأمل لمعان النجوم فيها، بعد أن أخذت نفس عميق غمغمت: هتصدقيني لو قولتلك أه بحبه، وخايفة أوي من الحب ده
تركت زهرة ملمع الشفاه الممسكة بيه بيدها على الطاولة، وأقتربت منها، أخذت تنظر الى وجهها الذي شحب مرة واحدة
سألتها زهرة: أيه اللي خلاكي تقولي كده
ضحى بتردد: حساه كتير عليا، حسه أني مستاهلش واحد زيه، هو أبن مين وأنا بنت مين، خايفة مكنش مناسبة ليه، خايفة حبه ليا يروح ويجي عليه وقت ويعايرني...
هزتها زهرة بعنف، ثم قالت بغضب: أنتي مش ضعيفة فاهمة، خليكي واثقة في نفسك، لو هتفكري من دلوقتي أنه أحسن منك، يبقا بلاش الجوازة دي، بطلي ضعف.. أنتي اللي أحسن منه، مش هو، حطي ده في دماغك، أنتي جميلة من جوا ومن برا وتستحقي الأفضل..، وأوعي تسمحي لأي حد مهما كان يقول لكي أنك متصلحيش تعملي أي شيء، أنتي قوية ومتقليش عن كريم مش عشان هو غني يبقا هو أحسن منك، أنتي تستحقي أنسان يحبك قلبه، يشوف فيكي الحاضر والمستقبل يعمل لكي أي حاجة عشان يسعدك، ثم هتفت بانفعال، فاهمة ياضحى أوعي تحسسيه أنك أقل منه...
هزت رأسها بصمت، لمعت عينيها بالدموع وبصوت مختنق قالت: فاهمة...
قالت زهرة بلهجة حازمة: بتحبيه يبقا تتعاملي معاه بمساواة ومفيش واحد فيكم أحسن من التاني، ثم قالت مغيرة الحديث، تعالى أقعدي عشان اصلح الميك اب اللي باظ
رسمت على وجهها أبتسامة خفيفة: صلحي بسرعة...
عندما أنتهت من تزيينها نظرت لها بتقدير.. صفرت بأعجاب وقالت ممازحة: تهبلي يابت
دارت ضحى حول نفسها، بفستانها البيج ذو التطريز الخفيف، وشعرها البني الطويل يتطاير، يعانق وجهها، قالت بابتسامة: لسه أيدك تتلف في حرير، أومال موضة قديمة ومش موضة قديمة، ده أنتي خبيرة يابنتي، لسه لمستك السحرية شغالة...
أبتسمت زهرة بخفة: ماهو أنتي لما سبتيني، دخلت على النت والقيت نظرة على أحدث حاجة...
طرق الباب ودخلت أمينة مقاطعة حديثهم، وعندما رأت أبنتها: تبارك الله، ثم أبتمست، ربنا يحفظك من العين يابنتي، كريم برا، ومتخرجيش من أوضتك قبل ما أقولك، أسيبكم دلوقتي أشوف أبوكي هيقوله أيه...
في غرفة الصالون
كريم بابتسامة هادئة: طلباتك ياعمي
قال عبد الفتاح: بص يابني أحنا بنشتري راجل، الماديات دي متفرقش معانا في، كل اللي عايزه أنك تتقي ربنا فيها وتخاف عليها...
كريم بابتسامة: ضحى في عينيا من جوا، وأنا ياعمي هتكفل بكل حاجة...
عبد الفتاح برفض: أنا هجز بنتي جهاز عرايس من كله
قال كريم: بس ياعمي أنا مش عايز حضرتك تكلفو نفسكم بأي مصاريف...
رد عبد الفتاح بأصرار: أنا همشي على الاصول وبنتي هتخرج من بيتي مجهزها من كله
كريم باستسلام: اللي يريحك ياعمي، ليا طلب عندك، أنت عارف أن كل شغلي برا، وكنت هنا الفترة دي عشان الشغل، ووجودي هنا مبقلش ليه داعي
سأل عبد الفتاح مستفهما: عايز تقول أيه
كريم بابتسامة: عايز الفرح علطول، هااا قولت أيه ياعمي
تذكر عبد الفتاح الزيجة الاولى لأبنته وأستعجال كمال في أتمام الزواج وفى الأخر كان نصاب، حدث نفسه، شتان بين هذا وذاك، فكريم أصله معروف
كريم مكررا سؤاله: قولت أيه ياعمي...
هز رأسه بالأيجاب: موافق
قال بابستامة: الفرح نخليه بعد اسبوع وبعد الفرح هنسافر علطول
رد مستنكرا: فرح أيه اللي بعد أسبوع مش هنلحق نعمل فيه حاجة
_ مانا قولتلك ياعمي أنا متكفل بكل حاجة...
_ وأنا قولتلك مينفعش...
_طب قولي الوقت المناسب ليك
_ شهرين على الاقل يابني
هتف كريم: شهرين كتير
قال عبد الفتاح: أيه رأيك نمسك العصاية من النص ونخلي الفرح بعد شهر...
فكر بهذا للحظة ونظر له: وأنا موافق...
هتف بفرح: يااااأمينة، نادي على ضحى خليها تيجي...
أمينه من خارج الغرفة: حاضر، ثم أطلقت زغرودة عالية مجلجلة...
عندما صوت الزغاريد، شعرت ضحى بارتجاف يديها ودقات قلبها السريعة...
زهرة بنبرة رقيقة: أهدي
دخلت أمينة عليهم والابتسامة تزيين شفتيها: يلا ياضحي
بلهجة خجولة: حاضر..
وعند الانتهاء من القاء السلامات
جلست بعيدة عنه، لم يستطع إبعاد عينيه عنها، أخذ يراقبها، خفق قلبها بعنف، حدثت نفسها بأن قلبها لم يخفق بمثل هذه القوة من قبل، ودت الارض لو تنشق وتبتلعها من شدة خجلها، نكست رأسها للأسفل لا تقوى على رؤية نظراته له
أبتسم على خجلها، هامسا بخفوت: أخيرا ستكون له ملك يمينه.
نهض زاهر مفزوعا على صوت صراخها، جلست على الفراش تلتقط أنفاسها بصعوبة، أرتمت على صدر زوجها
أخذت تبكي وتبكي...
تحدث بلهجة يشوبها القلق: مالك يابيسان
شهقت بعنف ثم قالت: كابوس مرعب يازاهر، خبأت وجهها بصدره مستكملة بكاءها...
ربت على شعرها بحنو.. تحدث بلهجة رقيقة: أهدي يابيسان، رفع كف يديها وقبلها برقة، وقام بمسح وجهها بكفه وقرأ عليها أيات من القراءن...
ولما خف بكائها قال برقة: أحسن دلوقتي...
هزت رأسها بصمت، فأراح جسدها فوق الفراش.. جذب الغطاء فوقها، ثم قبل جبينها قائلا: أرتاحي
همست بيسان برجاء: أنا مش حابة أقعد هنا يازاهر...
زاهر بلهجة حنونة: مينفعش نمشي اليومين دول أمي تعبانة
ردت بلهجة كئيبة: مخنوقة، مخنوقة أوي.
_ معلش أستحملي عشان خاطري، وأنا عليا مش هلخيكي تحسي بالزهق، هفسحك كل يوم، غمز له بحاجبيه وقال، ده غير وقت الليل وجماله...
ثم أحنى رأسه لتقبيل وجنتيها، فقامت بأبعاد رأسها، لتسقط قبلته في الفراغ، نظرت له وقالت بجمود: هو ده وقته، مش شايفني تعبانة
نظر لها بذهول فقبلته لها كانت بريئة، مندهش من تغير مجرى الحوار، ولأول مرة يشعر برفضها له...
تحدث بهدوء: تصبحي على خير يابيسان، ثم نهض من فوق الفراش، متجها الى الشرفة، تنفس بعمق، أخذ يتأمل القمر.. داعب نسيم الهواء وجهه برقة...
دلفت سعدة مسرعة الى غرفة صفية بعد طرقت على الباب وأذنت لها سيدتها بالدخول
صفية باستفسار: خير يا سعدة، أيه اللي جايبك دلوقتي..
ردت عليها مبتسمه: بشاير الشيخ فرحات هلت
_ حصل أيه
_ شوفت زاهر بيه من تحت واقف في بلكونة أوضته وشكله مش مبسوط، العمل ابتدى مفعوله والمشاكل باين عليها أبتدت...
تنهدت بحرقة: أمتى أخلص منها وأرتاح...
ردت سعدة: قريب أوي ياستي...
ظل لعدة ساعات يتسكع على غير هدى، بعد أن تملكه الضعف، و فشل في رؤيتهم، عندما توقف بسيارته أمام باب الملجأ لم يقوى على الخروج من سيارته، من وقته يتجول بسيارته في جميع أنحاء المدينه تعذبه أفكاره وأحساسه بالذنب، بعد ساعات من المعاناة مع الذات، توقف عند محل للعب الأطفال، وقام بشراء الكثير من العاب...
لثاني مرة يتوقف بالقرب من باب الملجأ، أغمض عينيه وتحولت أفكاره الى دوامة من الخوف والندم، أحساس الذنب يتأكله، أخذ يشد في مقدمة شعره، وعلى صفحة وجهه تلاطمت أمواج الندم والحنق، تنفس بعمق عدة مرات حتى شعر بالهدوء، دلف من سيارته الى الخارج بخطى وئيدة، ضغط بأصبعه على جرس بوابة الملجأ...
فتح له مبروك وأول مارأه تذكره فورا: جي تتبرع للملجأ تاني، يارب كتر من أمثالك، الملجأ محتاج اللي زيك كتير...
حدث نفسه، فهو لم يتبرع بأي أموال في المرة الماضية ومشى مسرعا عندما علم بوجود أطفال له، وعن ماذا يتكلم؟
سأل أكنان مستفسرا: ليه الملجأ محتاج تبرعات الفترة دي بالذات..
تنهد مبروك بحدة: الموضوع كبير يابيه، الخلاصة أن كل اللي شغالين في الملجأ مش هيبقا ليهم شغل وكمان الاطفال اليتامى هنضطر ننقلهم ملجأ من ملاجىء الحكومة، ومادارك أيه هي ملاجىء الحكومة، معاملة الاطفال هناك مش أدمية، أما الاطفال هنا بيتعامل كأنهم ولادنا، أحسن لبس وأكل وأحسن معاملة، ده غير ست ليلي مديرة الدار مش مخليهم محتاجين حاجة، ودلوقتي كل ده على كف عفريت، أهو ست ليلي بتحاول تدور الى مكان تاني تأجره وننقل في الاطفال، الدار محتاج فلوس كتير اليومين الجايين، عشان منضطرش ننقل الاطفال لملاجىء الحكومة...
شعر بألم مبرح داخل قلبه، صغاره هو أكنان في أحتياج، معرضين للتشرد، وأن يكونو بلا مأوى، همس بوجع: أاااه
سأل مبروك: في حاجة يابيه
أخفى ألمه ثم قال: في شوية لعب معايا جايبهم للولاد، تعالى شيلهم معايا ندخلهم جوا، وبالمرة أروح لمديرة الملجأ
بلهجة سعيدة: الولاد هيفرحو أوي باللعب الجديدة..
ثم ذهب مع أكنان الى سيارته وقامو بحمل اللعب معاه وأدخلوها الى داخل الملجأ، هتف مبروك: ثرياااااا
أتت ثريا بسرعة على صوت نادئه المستمر: في أيه يامبروك
رد مبروك: تعالي شيلي معايا ندخل اللعب دي في أوضة الالعاب...
ثريا بابتسامة: دول هيفرحو أوي، بقالهم كتير مجاش ليهم لعب، من يوم البيه مامات
سأل أكنان بفضول: بيه مين اللي مات...
_ البيه فاروق، صاحب الفيلا دي اللي حولها بعد كده لملجأ وهو اللي كان متكفل بكل بالاطفال اللي فيه، مكنش مخلي الملجأ محتاج حاجة، كان كل دخله بيطلعه على الملجأ ومصاريفه الشخصية وبس، تنهدة بحدة، كان راجل طيب ملهوش ولاد، ودلوقتي الوارثة عايزين يطردونا وياخدو الفيلا، وداخلنا في قضايا ومشاكل في المحاكم، ولسه طالع الحكم بأخلاء الفيلا...
هتف بغضب: مفيش حد هيمشي وأنا هتصرف، وديني لمكتب مديرة الملجأ دلوقتي...
في داخل مكتب ليلى.. بعد أن قامت بالترحيب بيه عندما علمت من ثريا أنه متبرع للمبرع
ثريا بابستامة: وحضرتك ناوي تتبرع للملجأ عن طريق شيك ولا فلوس سيلة
قال أكنان بلهجة ثابته: ناوي أجيب مكان جديد ويتجهز من كله، وهكون أنا المسئول الوحيد عنه..
فقدت النطق للحظات، ثم دعت بصوت مسموع: الحمد لله، ده أنا كنت بدور على مكان جديد لهم ودعيت كتير، وربنا استجاب لدعائي، وأمتى حيحصل ده
بنبرة مسيطرة: أنا عندي المكان وفي خلال أربعة وعشرين ساعة هخلص الاجراءات مع الحكومة وهجهز المكان للاستقبال الأطفال...
أتسعت عينيها غير مصدقة وهتفت بذهول: بكرا بكرا الي تقصده بكلامه
هز رأسه في صمت وقال بلهجة واثقة: أنا بعلاقتي الكتير وبفلوسي أخلص ده خلال يوم...
سألت بفضول: وكل ده ليه
تحدث بهدوء: من غير ليه، وهو عمل اللي بيحب يعمل خير يتقاله ليه
قالت معتذرة: أسفة على سؤالي...
سأل أكنان بثبات: عايز أقعد مع الاطفال شوية، أتعرف عليهم أشوفهم محتاجين أيه، ينفع دلوقتي
ليلي بابستامة هادئة: طبعا ينفع، ثم نهضت من مكانها، وأشارت له، أتفضل معايا، دلوقتي وقت الفطار بتاعهم، وبعدين هيرحو أوضة الالعاب يلعبو فيها شوية، وبعدين على فصل الدارسة
ذهب أكنان معاها الى غرفة الطعام...
أكنان عندما رأى طفليه، شعر برغبة للذهاب لهم وتخبئتهم داخل قلبه، تحكم في دموعه بصعوبة...
قالت ليلي في هدوء: زي ماحضرتك شايف، الاطفال هنا مش مخلينهم محتاجين حاجة...
قاطعها أكنان قائلا: أنا عايز أقعد شوية معاهم، لو سمحتي يامدام ليلي الكلام اللي بينا يفضل سر، مش عايز أي مخلوق يعرف أسمي وأني متبرع الملجأ الجديد
ردت ليلي: حاضر مفيش جنس مخلوق هيعرف أسمك، هسيبك دلوقتي، وأقعد معاهم الوقت اللي تحبه، ثم أنصرفت مغادرة...
تأمل المكان حواله، كان المكان مرتب ونظيف، ماجعل عذابه لنفسه يهدىء قليلا، أقترب منه أحد أطفاله وأمسكه من قماش بنطلونه، أرتعش وكاد أن يقع، تمتم لنفسه، أهدى وخد نفس
أياد بصوت طفولي: أنت اللي جيت أمبارح
أخذ يتأمله كثيرا، أبتلع غصة مؤلمة أفقدته النطق للحظات، نظر له بعينين زائغتين، زين على وجهه أبتسامة ثم قال: أيوه، أسمك أيه؟
_ أياد وأشار الى أخيه واللي هناك، أخويا وليد
_ وعندك أد أيه
_ تلات سينين وشهرين
بلع ريقه بصعوبة، قال بلهجة معذبة: تحب تلعب معايا، أنا جبت معايا لعب كتير
نظر حوله متفحصا.. وقال: مفيش لعب شايفه
رد بابتسامة حزينة: عشان مش هنا موجودين في أوضة الالعاب بتاعتكم
هتف بمرح: وليد ياووليد، تعالى نعلب...
سأل أكنان بابستامة: أنا مش عارف الطريق ليه أزاي
أياد بضحك: أنا بقا عارف، تعالى أوديك
قبض بيديه الصغيرة على يديه الكبيرة، تلاشت يد الصغير بداخل كفه، شعر بدفء يسري بداخل قلبه من هذه اللمسة البسيطة، أبتسم له وشعر بسعادة غامرة وسط ذلك الحزن العميق، وقال بحب: وصلني بدل ماتوه...
وفي الداخل ارتكز على ركبتيه وأخذ يلاعب الصغيرين، بلعبة القطار الجديد، أبتسم على صوت ضحكاتهم، أحس في هذه اللحظة أن حياته أصبحت لها معنى، بعد أن كانت حياة بائسة بلا معنى بلا رائحة بلا طعم، حياة بروح ميته، لا تشعر بشيء من المرح ولا الحزن.. البسمه الحقيقة لاتعرف طريقها الى وجهه، أما الان فالضحكة تنبع من داخل القلب، بعد فترة من اللعب، قرر تنفيذ ماأراد فعله من البدايه.. أخرج من جيبه مظروف مغلق، المظروف الذي أخذه من المعمل، ثم فتحه وأخرج منه مظروف أصغر فتح جانبه وأخرج منه فرشاه...
سأل أياد بفضول: أيه ده؟
أكنان بابتسامة مشجعة: دي لعبه هنلعبها سوا، واللي هيسمع الكلام هجبله طياره
هتف كلا الصغيرين في نفس واحد: أنا همسع الكلام
أكنان بهدوء: كل واحد هيفتح بؤه، وقام أكنان عن طريق الفرشاة بمسح خد أياد من الداخل عدة مرات، ثم وضع رأس الفرشاه داخل أنبوبة خاصة وأغلقها بأحكام، وقرر هذه الحركة من وليد، وأيضا معه، ووضع كلا من الثلاث أنابيب داخل الظرف ثم داخل جيبه، ثم قال بابتسامة واسعة: شاطرين، بكرا وأنا جاي هجيب لكل واحد فيكم طيارة
هتف الصغيرين بمرح، والقى أياد ووليد أنفسهم على صدره، فقام بأحتضانهم بحب، ولمعت عينيه بالدموع، وبلهجة متأثرة: أنا همشي دلوقتي وبكرا.. هجي ليكم مع الطيارتين...
وخرج من الملجأ مباشرة الى معمل المستشفى
الطبيب: نتيجة التحليل هتطلع بعد أسبوعين
هتف أكنان: وأنا عايز النتيجة في خلال تلات تيام أو أربع تيام
رد بتوتر: بس ده مستحيل
قال بقسوة: أنت ناسي أنا مين وممكن أعمل معاك أيه، مكالمة منى لمدير المستشفى اللي أنت شغال فيه هتكون برا علطول، أعتبر ده شغلك من وقت ماأمشي علطول، مفهوم كلامي..
رد عليه بلهجة متوتر: خلال أربع تيام هتكون النتيجة طلعت.. ومبلغك بيها بنفسي...
وعندما أنصرف من المستشفى وجد نفسه بدون قصد متوقفا أمام باب منزلها...
في داخل شقة زهرة، رن جرس هاتفها
عندما رأت المتصل، شعرت بالأضطراب...
بلهجة مذعورة: الولاد كويسين يامدام ليلي
رد ليلى بهدوء: الحمد لله كويسبن
سألت متوترة: طب حضرتك مش متعودة تتصلي بيا الا لما يكون في حاجة...
_ أنا حبيت أطمنك، وملهوش داعي تتصرفي في أي فلوس عشان خاطر الملجأ
_ ليه يامدام ليلى؟ حصل أيه جديد؟
_ فاعل خير قرر يوفر مكان للاطفال وهيتكفل بمصاريفهم
همس زهرة بالدعاء
قالت ليلي بابتسامة: حبيت أطمنك.. عشان متفضليش شايلة الهم، السلام عليكم
ردت زهرة: وعليكم السلام، ثم أغلقت الهاتف وتنهدة براحة، وكأن جبل وأنزاح من على صدرها...
سمعت الطرق على باب شقتها لتتجه الى الباب، وهي مستغربة فمن سيأتي لها الان في هذا الوقت من الصباح.. ضحى الأن نائمة وحتى السيدة أمينة نائمة...
تجمدت مكانها عندما رأته واقف أمامها...
أكنان بهدوء ظاهري: مش هتقوليلي أدخل
نظرت له بكره ثم قالت: أمشي من هنا..
تقدم خطوتين الى الأمام وأمسك معصم يديه برقة: أضربيني عشان ترتاحي شوية، أو أقتليني عشان ترتاحي شويتين، أو أتجوزيني عشان ترتاحي علطول...
طغى الغضب عليها وهي تسمع كلامه: أتجوز مين، أنت أكيد أتجننت، كادت تصيح فيه.. لكنها الجمت صوتها العالي بصعوبة، خائفة من أحداث أي شوشرة، فقالت بلهجة قاتلة، أطلع برا..
أكنان بنبرة مترجية: أنا عارف أني ظلمتك، بس والله كان غصب عني مكنتش في وعي.. كنت بحسبك من بنت من البنات اللي بتترمى عليا، وجودك في الوقت ده من الليل ولبسك خلوني أفهمك غلط، سامحيني يازهرة
قالت زهرة: أمشي من هنا، الواحد يرتكب الذنوب والمعاصي ويقول أصلي مكنتش في وعي...
أكنان بتوسل: أنا مقدرش أعيش من غيرك، أنا مستعد أعملك أي حاجة عشان تسامحيني
زهرة بألم: مستعد تعملي أي حاجة
رد بأمل: أطلبي أي حاجة وأنا هنفذها ليكي علطول..
بلهجة متألمة: تقدر ترجع بالزمن اربع سينين للورا وتسيبني في اليوم ده أمشي
هز رأسه بيأس: والله نفسي، أنت عارفة اللي فات من عمرنا عمره مانقدر نرجعه حتى لو ثانية واحدة...
_ مادام متقدرش، يبقا مشوفش وشك تاني، أنساني من حياتك..
_ مقدرش، مقدرش
قالت بلهجة فحيح مهددة: متختبرش صبري كتير...
أكنان بأصرار: فكري يازهرة بعقلك شوية، أحنا بينا أطفال
هتفت بغضب: متجبش سريتهم على لسانك تاني، أنت بكلامك ده خلتني أجيب أخري معاك، ثم دخلت مسرعة الى شقة وفي خلال لحظات كانت أمامه و قالت بلهجة واعدة بالشر وأخذت تلوح بالسكين أمام وجهه: أمشي من هنا بدل ماأحققلك أمنيتك وأقتلك عشان ترتاح بجد...
أمسك يديها الممسكة بالسكين وجعل طرف النصل على صدره.. ثم قال وهو يتنفس بحدة: أقتليني
صرخت وهي تضغط بالسكين أكثر وأخذت الدماء تنزف: هقتلك..