رواية ذئاب لا تعرف الحب ج1 للكاتبة منال سالم الفصل الخامس
انهال أوس باللكمات مجدداً على منسي الذي كان عاجزاً أمامه حتى عن الدفاع عن نفسه، وبدى للحظة أنه قد فقد وعيه من شدة الضربات، بينما تابعت تقى ما يحدث بنظرات مرعوبة، وظنت أن ذلك الغريب الشرس سيقتل – لا محالة – ابن حارتها، لذا فكرت سريعاً في أن تتدخل وتلهيه عما يفعل للحظات حتى يتمكن منسي من الفرار من براثنه، و...
-تقى بصوت مختنق: حرام عليك هايموت في ايدك، سيبوه بقى ! انت ايه !
لم يعبأ بها أوس، وظل ينفس عن غضبه في منسي الذي بات قاب قوسين أو أدنى من الهلاك حتماً ...
لذا استجمعت تقى قدراً من شجاعتها الغائبة، وركضت في اتجاه أوس الجاثي فوق منسي ثم قامت بضربه بكفي يدها بقوة كبيرة على ظهره، مما جعله يستدير برأسه ناحيتها ورمقها بنظراته المحتقنة، فتراجعت هي للخلف، ونهض هو سريعاً عنه، ثم اعتدل في وقفته، وسار في اتجاهها ..
أستندت تقى بظهرها على الحائط الملاصق لباب منزلها، وحدقت في ذلك البغيض بنظرات مرتعدة ..
وقف أوس قبالتها، ولم يرمش بطرف عينيه، بل حدجها بنظرات قاسية متوعدة من عينيه التي تحولتا إلى جمرتين متقدتين، ثم مد يده ناحية عنقها ليخنقها منه، ولكنها أمسكت بكف يده بقبضتيها لتمنعه من الاقتراب منها أو حتى لمسها، ثم قربت شفتيها من كفه، وقامت بغرس أسنانها فيه وعضته بقسوة ..
ورغم تآلمه الذي ظهر على ملامح وجهه، والدماء التي بدأت تنزف منه، إلا أنه لم يهتز للحظة، وتركها تفعل ما تريد، ثم وضع يده الأخرى على رأسها، وقام بجذبها بعنف من فروة شعرها، لتصرخ هي متأوهة من الآلم و..
-تقى بصراخ عنيف: آآآآآه .. سيبني
-أوس وهو يصر على أسنانه في غيظ: ازاي تتجرأي عليا يا بنت ال..
في نفس التوقيت بدأ الجيران في التجمع على أثر صوت الصراخ والشجار العنيف، وتدخل البعض منهم للحول بين أوس وتقى، و...
-جار ما بنبرة قوية: سيب البت يا جدع انت
-جارة أخرى بعويل مرتفع: يا لهوي، الحقونا يا ناس، الراجل هيموتها
-جار أخر بضيق: كلموا رجالة الشارع يجوا يمسكوا الواد ده اللي طايح في الكل
-أوس بنبرة متصلبة، ونظرات نارية: واد ! انتو مفكرين إني هخاف، يبقوا انتو مش عارفين أنا مين.
ثم بدأ بالتشاجر معهم بعد أن أبعدت الجارة أم بطة تقى وادخلتها إلى داخل منزلها المتواضع، وقام أحد الجيران بسحب منسي الملقى على الأرضية، وحاول إفاقته ..
احتدم الصراع على أشده، وتم التراشق بالألفاظ والعبارات الحادة بين الجميع، ولم يخلوْ أيضاً من التطاول بالأيدي .. ثم انضم إلى المشاجرة ضباط الشرطة، وبعض المرافقين لأوس، وقاموا بفض الاشتباك الدائر، ثم أحاطوا بأوس وأخرجوه من تلك البناية المتهالكة ..
تسائل الجيران عما يحدث، وخاصة حينما عرفوا بمسألة اقتياد كلاً من حكمت وفردوس إلى قسم الشرطة بسبب السرقة ..
ظلت تقى تدافع عن والدتها وهي تبكي بحرقة و...
-تقى بنبرة متشنجة للغاية: ماما معملتش حاجة، هي بريئة، والله ماخدت حاجة
-أم بطة بنبرة شامتة وهي تمط شفتيها في استنكار: الحوجة وحشة يا بنتي، تلاقي أمك معرفتش تدبرها منين، فقالت أما أسرق
-تقى بنبرة منفعلة، ونظرات محتقنة: أمي مش كده، عمرها ما تسرق، عمرها ...!
وصل إلى المنزل عم عوض الله وهو يلهث من صعود الدرج القديم، ثم دفع الباب بكف يده، ودلف إلى داخل منزله الذي وجده في حالة فوضى عارمة، فاستدار ببصره للجانب فرأى ابنته تجلس باكية على الأريكة وإلى جوارها الجارة أم بطة، فتنحنح في خشونة و...
-عوض بصوت آجش، وهو مجفل العينين: تقى، في ايه اللي حصل يا بنتي ؟
تنحنحت الجارة أم بطة في حرج زائف، ثم نهض عن الأريكة، وانحنت بجسدها قليلاً ناحية تقى لكي تربت على كتفها، و...
-أم بطة بنبرة عادية: طيب يا تقى، لو عوزتي حاجة يا ضنايا نادي عليا، أنا جمبك يا حبيبتي، دي أمك غالية عندي
-عوض بصوت خشن: شكراً يا ست أم بطة على أخلاقك، ومانجلكيش في حاجة وحشة
-أم بطة وهي تلوي فمها في استهجان: ربنا يلطف بينا جميعاً، عن اذنكم لأحسن سايبة الأكل على النار
ثم سارت بخطوات متعجلة إلى خارج المنزل، وأغلقت الباب من خلفها ..
ارتمت تقى في أحضان والدها، وأسندت رأسها على صدره، وظلت تبكي بحرقة، فحاول هو أن يفهم منها ما الذي جرى في غيابه، فأردفت هي ب ...
-تقى بصوت مختنق، وأعين حمراء: البوليس جه وقبض على أمي وخالتي حكمت، بيقولوا سرقوا خاتم حد مهم، لكن أمي والله ما عملت حاجة، صدقني يا بابا ماما بريئة معملتش حاجة
-عوض بخفوت حزين: تفتكري ماتكونش عملتها
أطرق عوض رأسه في خزي، ولم يعقب على ما قالته ابنته، فشعرت تقى بوخزة ما في صدرها، وظنت أن والدها غير مؤمن ببراءة أمها، وأنه يعتقد أنها لصة بالفعل وسرقت الخاتم كما تتهمها الشرطة، لذا تشدقت ب ...
-تقى بتلهف، وأعين جاحظة: أوعى تصدق أي حاجة تتقال عنها يا بابا، ماما بريئة، والله مظلومة
-عوض بنبرة منكسرة: الله أعلم
-تقى متسائلة بحيرة: طب .. طب هاتعمل ايه الوقتي يا بابا ؟ مش لازم نسيبها لوحدها
-عوض وهو يتنهد في إرهاق: لله الأمر من قبل ومن بعد
-تقى متسائلة بجدية: تقصد ايه يا بابا ؟
-عوض بخفوت حزين: اللهم إني لا أسألك رد القضاء، ولكني أسألك اللطف فيه، لله الأمر من قبل ومن بعد ..!
ثم تركها على حالتها وانصرف في اتجاه غرفة نومه وهو يستغفر الله ..
تسمرت تقى في مكانها غير مستوعبة لردة فعل والدها المنكسرة، كيف ستتصرف هي حيال تلك المسألة الخطيرة، إنها والدتها ولن تستطيع أن تتركها بمفردها ..
-تقى بإصرار، ونظرات قوية: مش هاسيبها، استحالة !
ركضت تقى في اتجاه غرفتها، ووجدت خالتها منطوية على نفسها في أحد الأركان شاردة في ذكريات ماضيها، فتنهدت في آسى، ثم جثت على ركبتيها أمامها، وامسكت بها من ذراعيها، ثم قامت بهزها بهدوء و...
-تقى بخفوت: خالتي تهاني، اسمعيني الله يكرمك، ركزي معايا بس
-تهاني بنظرات زائغة، ونبرة غير مبالية: ضحكوا عليا، سرقوني ..
-تقى مقاطعة بجدية: خالتي ركزي معايا، مش وقت اللي بتقوليه ده، ماما في مصيبة ولازم نتصرف، أنا عاوزاكي معايا، مش هاعرف أروح أسأل في القسم لوحدي، وبابا الظاهر إنه مش عاوز يجي معايا
-تهاني بعد اكتراث: ضيعوا حالي ومالي، خدوا مني عيالي ..!
-تقي بنبرة حادة: خالتي، عشان خاطري فوقي
بداخل سيارة أوس – ماركة المرسيدس – الفارهة،،،،
أمسك أوس بالمقود، وضغط على دواسة البنزين بكل عصبية، وظل يسب ويلعن بضيق واضح بسبب ما فعله الجيران معه ومع من معه ..
انتبه وهو يدور بعجلة القيادة إلى تلك العلامات التي تركتها تلك الهزيلة على كف يده، ولاحظ تجلط الدماء عليها ..
فرفع هو كف يده لينظر إليه بتفحص شديد، وظل يقلبه على الجانبين، وتذكر كيف هجمت عليه تلك الفتاة بضراوة غير معهودة بالنسبة لحجمها الضئيل وضعفها، لن ينكر أنها أثارت فضوله بحق، وشغلت تفكيره لبرهة من الزمن، ولكنه عاد سريعاً إلى أرض الواقع حينما رن هاتفه برقم ذاك الضابط، فوضع أوس الهاتف على وضعية الميكروفون، وأردف ب ...
-أوس هاتفياً بنبرة متصلبة: أيوه
-الضابط هاتفياً بنبرة جادة: أوس باشا، احنا طالعين على القسم، تحب نكمل هناك إجراءاتنا ولا آآ...
-أوس مقاطعاً بقوة وبرود: اتعامل معاهم، واعمل المحضر اللازم
-الضابط بصوت رسمي: حاضر يا باشا، أنا هاخلص كل حاجة، وهانتظر بس تشرفنا عشان نكمل الباقي
زفر أوس في ضيق وهو ينظر إلى الطريق أمامه، ثم تشدق ب ...
-أوس بإيجاز: طيب
ثم ضغط على زر إنهاء المكالمة، وأكمل قيادة السيارة ..
انتشر خبر اتهام السيدة فردوس وجارتها حكمت بالسرقة كانتشار النيران في الهشيم، وبدأت الاشعاعات والأقاويل الكاذبة في الظهور، ولم كتف الجارة أم بطة عن إضافة المزيد من الأحداث من أجل ضمان تصديق الجيران لما تقول ..
كما شعر منسي بالضيق الشديد بعد ما تناثرت الأخبار عن تعرضه للضرب المبرح مما قلل من هيبته أمام الجميع، وحاول أن ينذوي بعيداً عن نظرات الشامتين به...
نزلت تقى إلى الحارة بعد أن بدلت ملابسها وارتدت عباءة سوداء - تحمل نقوشات لامعة عند ياقتها، وعند الأكمام – وقامت بلف حجابها حول رأسها، وعقدته بدبوس واحد، وأمسكت بحافظة نقودها الصغيرة في كف يدها، وسارت بخطوات راكضة في اتجاه المقهى ..
كانت ملامح وجهها حزينة ومنكسرة، وعينيها شبه منتفختين من كثرة البكاء، أعصابها إلى حد ما مرهقة بسبب كل ما دار و...
-تقى لنفسها بتوتر شديد: ربنا يستر وخالتي متنزلش لوحدها، يا رب وقفلي ولاد الحلال
توقفت تقى أمام المقهى، وبحثت بعينيها الحمراوتين عن منسي، فهي تعلم أنه سيكون أكثر الأشخاص حرصاً على مساعدتها، وهي واثقة من شهامته حينما يلجأ إليه أي أحد ..
لمحته يجلس على أحد المقاعد المتواجدة في زاوية المقهى الداخلية، فترددت في الدخول إليه، وسؤاله أمام الجميع، لذا خطر ببالها أن تنادي على ذلك العامل الذي يقدم الطلبات و...
-تقى بخفوت وهي تشير بيدها: واد يا بندق، تعالى هنا
-بندق بنبرة عالية ومتحمسة: أيوه جاي !
انتبه لها ذلك الصبي الصغير، وترك ما في يده، واتجه ناحيتها و...
-بندق بنبرة عادية: أيوه يا ست البنات
-تقى بتلعثم: آآ.. بندق، ش.. شايف سي منسي
استدار بندق برأسه ناحيته ثم أومىء بها إيماءة خفيفة، ومن ثم عاود النظر مجدداً إليها و...
-بندق بنبرة طبيعية: اه شايفه، أؤمريني
-تقى بنبرة أقرب للهمس: عاوزاك يا بندق تخشله، وتخليه يطلع يكلمني على أول الحارة إلهي يسترك
وضع العامل بندق إصبع يده على عينه، وأشار به على الأخرى و...
-بندق بابتسامة خفيفة: حاضر يا ست الكل، من عينيا !
ثم تركته وانصرفت بخطوات متعجلة، بينما عاد هو إلى داخل المقهى، ومال بجذعه على منسي، وهمس في أذنه بما أخبرته تقى، فلكزه منسي في كتفه، ودفعه بعيداً عنه و..
-منسي بنبرة شبه غاضبة: طب غور انت يالا
-بندق بتذمر: طب ما تزوءش
-منسي بحنق: انت هتقفلي على الواحدة يا واد انت، لأحسن تكون فاكر نفسك زيي ولا حاجة
-بندق بإنزعاج: يوووه، انت بتقول شكل للبيع، أنا ماشي
ثم سمع صوت صاحب المقهى وهو يصدح ب ...
-مسعد بنبرة عالية: واد يا بندق اجري شوف طلبات الزباين
-بندق بنبرة ضجرة: ما أنا باشوف، هو أنا يعني بلعب
-مسعد بلهجة آمرة: خش ياض شوف اللي وراك
ألقى منسي بثمن الشاي الساخن على الطاولة الصغيرة، ثم دلف إلى خارج المقهى، وسار إلى مدخل الحارة حيث تنتظره تقى ..
وقفت تقى محرجة في مكانها، ولكن ليس أمامها أي بديل ..
تنحنح منسي من خلفها، فاستدارت بجسدها كلياً ناحيته، و...
-تقى بخفوت وهي تضع طرف حجابها على شفتيها: سي منسي
-منسي بجدية: ايوه يا ست البنات
أجفلت هي عينيها للأسفل في خزي، ثم ابتلعت ريقها في تردد، و..
-تقى بنبرة شبه متلعثمة: انت .. انت كويس ؟
-منسي وهو يتحسس قفاه، وبنبرة عادية: اه
عضت تقى على شفتها السفلى، ثم رفعت عينيها قليلاً للأعلى، و..
-تقى بتردد: م... معلش هاتقل عليك شوية يا سي منسي
-منسي ببرود: خير
-تقى بخفوت: يعني .. آآ.. ينفع تيجي معايا .. آآ.. القسم بدل ما أروح لوحدي، أصل .. أصل أنا عاوزة أطمن على أمي
-منسي وهو يتنهد في انزعاج: اووف .. بصي يا ست تقى أنا آآ...
حدقت تقى مباشرة في عيني منسي، ورمقته بنظرات راجية قبل أن تردف ب ...
-تقى مقاطعة بتوسل: الله يخليك يا سي منسي، أنا معنديش حد غيرك يساعدني، أبوس ايدك تيجي معايا، أنا مش هاقدر أسيب أمي لوحدها، عشان خاطري
لوى هو فمه في تأفف، ثم تنهد بحرارة و...
-منسي على مضض: بس انتي ميرضكيش اللي حصل عندك يا ست تقى، ده أنا شكلي بقى وحش وآآ..
مد تقى يدها، وأمسكت بكف يده، وضغطت عليه قليلاً بأصابعها الرقيقة و...
-تقى مقاطعة برجاء: والنبي يا سي منسي، الله ما يوقعك في ضيقة
نظر هو إلى كف يدها الممسك به، فسحبته هي على الفور بعد أن شعرت بالحرج الشديد مما فعلت و..
-منسي بنبرة مرهقة: ماشي يا ست تقى، عشان خاطرك بس
نظرت هي إليه بنظرات ممتنة، ثم أشار لها بكف يده لكي تتحرك أمامه، فامتثلت هي له، و سار هو خلفها وظل محدقاً بتقاسيم جسدها، و...
-منسي لنفسه بنظرات شهوانية: عشانك يا غالية هساعد ال ...!
في المقر الرئيسي لشركة الجندي للصلب،،،،،
تجنب معظم الموظفين الإلتقاء بأوس الذي كان غاضباً للغاية، فهو لم يترك أي أحد إلا وعنفه بطريقة مهينة، أو وبخه بصورة لاذعة، حتى سكرتيرة مكتبه الخاصة قامت بإلغاء كافة المواعيد طوال اليوم لتجنب عصبيته مع العملاء ..
تعجب عُدي مما أصاب رفيقه بعد أن وصل إلى مسامعه حالة الغضب العارمة التي تسيطر عليه، لذا سريعاً دلف إلى مكتب أوس وعلى وجهه علامات الحيرة، وحدق فيه باستغراب، ووجده واقفاً مشدود الجسد أمام الحائط الزجاجي، نازعاً لسترته الرمادية، وواضعاً لقبضتي يديه في جيبي بنطاله، وفاتحاً لأزرار قميصه الكحلي الداكن حتى منتصف صدره و...
-عدي متسائلاً بفضول: في ايه اللي حصل لكل ده ؟
لم يستدرْ أوس ناحيته، بل ظل محدقاً أمامه بنظرات فارغة ومميتة في نفس الوقت ..
اقترب عدي منه، ووضع يده على كتفه، و...
-عدي متسائلاً بجدية: مالك يا أوس ؟
نظر إليه أوس من زاوية عينه، ورفع أحد حاجبيه، و..
-أوس بإقتضاب: مافيش
لوى عدي فمه في عدم اقتناع، وأمعن النظر في ملامح وجه أوس المتجهمة، و..
-عدي بحيرة أكبر: ازاي مافيش، انت مش شايف شكل وشك، ما تطمني يا أوس على اللي حصل، مش احنا أصحاب وآآ..
-أوس مقاطعاً بصلابة: عدي .. قولتلك مافيش حاجة يبقى مافيش، خلاص خلصنا
أشار عدي بكلتا يديه في الهواء، و...
-عدي بهدوء حذر: طب اهدى خلاص، مالوش لازمة الانفعال ده كله
ثم صمت لبرهة يفكر في شيء ما لكي يخرج به رفيقه من حالة الضيق تلك، و...
-عدي مبتسماً ابتسامة زائفة: طب ايه رأيك أظبطلك سهرة على كيفك
-أوس بحدة: مش عاوز حاجة
قطب عدي جبينه في اندهاش أكبر، ثم ضيق عينيه أكثر، ورمق أوس بنظرات أكثر فضولية و..
-عدي بإستغراب: نعم ! مش عاوز ! وده من امتى ؟
أخرج أوس يديه من جيبي بنطاله، ثم أشار بإصبعه محذراً وهو يحدج رفيقه بنظراته الصارمة و..
-أوس بنبرة متشنجة: عُدي ! أنا على أخري، ومش ناقص حد يكلمني ربع كلمة، فيا ريت تحل عن نافوخي، وتروح تشوف اللي كنت بتعمله بعيد عني، ماشي !
لمح عدى تلك الإصابة البادية على كف أوس، فتلقائياً مد يده ناحيته، وأمسك بكفه ثم ظل يتفحصه بحيرة و...
-عدي متسائلاً بإندهاش: ايه اللي عمل في ايدك كده
-أوس بإرتباك: هه
ثم سحب كف يده سريعاً، وسار مبتعداً عن عدي وأولاه ظهره لكي يخفي اضطرابه المفاجيء ..
استغرب عدي من التغيير المفاجيء الذي ظهر على أوس، فرفع أحد حاجبيه، ووضع يده على رأسه ومررها في شعره، ثم ..
-عدي متسائلاً بتعجب: انت اتعورت ولا ايه ؟
-أوس بحنق: يوووه، انت مش هاتخلصني بقى، فوكك مني السعادي، ولا أقولك أنا ماشي ...!
ثم قام أوس بجذب سترته من على الأريكة، وسار في اتجاه باب الغرفة، ولكن أسرع عدي في أثره، وأوقفه من ذراعه و...
-عدي بنبرة هادئة: طيب .. طيب ... مش هسألك عن حاجة، اقعد بس الأول
-أوس بنفاذ صبر: عدي أنا مش في المود النهاردة، ومش عاوز أي حد يرغي معايا في أي حاجة
-عدي بنبرة متريثة: ماشي، اللي انت عاوزه، أقعد على مكتبك، وأنا هاطلبلك مشروب فريش يهديك، اشطا ؟
لوى أوس فمه في تهكم، ثم أشاح بوجهه الناحية الأخرى بعد أن أبعد يده عدي عن ذراعه، و..
-عدي بإصرار: ها .. كده تمام ؟
-أوس وهو يتمتم يإيجاز: طيب
ثم سار عُدي في اتجاه المكتب، وأمسك بسماعة الهاتف، ووضعها على أذنه، و...
-عدي بلهجة آمرة: ليمون فريش للباشا بسرعة
ثم وضعها مجدداً في مكانها، ونظر إلى أوس الذي ألقى بجسده على الأريكة وحدق في السقف ..
لم يرغب عدي في إثارة حفيظة رفيقه، لذا اكتفى بمراقبته في هدوء ..
بداخل قسم الشرطة،،،،،
أوصل منسي تقى إلى مدخل القسم، و...
-منسي بجدية: أنا هستناكي هنا يا ست البنات
-تقى متسائلة بإستغراب: مش هاتدخل معايا ؟
-منسي بإقتضاب: لأ ..
-تقى متسالة بحيرة: ليه ؟
رفع منسي يده عالياً أمامها، ورمقها بنظرات قوية، ثم أشار بها، و...
-منسي وهو يلوي فمه في امتعاض: أصلي بتشائم من أقسام الشرطة، خشي انتي اطمني على أمك، وأنا أعد على القهوة اللي هناك دي
هزت تقى رأسها في حزن، ثم سار إلى داخل القسم وهي تتلفت حولها ...
رفض الصول المتواجد بالقسم السماح لتقى برؤية والدتها، و...
-الصول بنبرة رسمية: ماينفعش
وقفت هي أمامه، وأمسكت بطرف حجابها المتدلي بأصابع يديها، وظلت تفرك فيه بتوتر، و...
-تقى برجاء: الله يكرمك يا شاويش، خليني أشوف أمي وأطمن عليها
طرق هو بحدة على السطح الرخامي، و...
-الصول بحدة، ونظرات صارمة: قولتلك يا ست ماينفعش
انحنى الصول بجذعه للأسفل ليضع بعض الأوراق بداخل أحد الأدراج، بينما تابعته تقى بعينيها المنتفختين، و...
-تقى بنبرة مختنقة، ونظرات باكية: طب .. طب هي هايحصلها ايه ؟
-الصول ببرود، ونظرات غير مكترثة: بعد ما هايتحقق معها هاتتحول للنيابة وتتسجن وآآ..
لطمت تقى على صدرها، واتسعت عينيها في هلع و..
-تقى مقاطعة بفزع: يا لهوي، طب والحل ايه يا شاويش ؟ ده أمي بريئة، وماعملتش حاجة
تحرك الصول بعيداً عنها، وأمسك بملف ما في يده وظل يطالع ما دون فيه و...
-الصول بنبرة غير مهتمة: مالناش فيه
لحقت هي به، ووقفت أمامه، ورمقته بنظراته الدامعة والمتوسلة و...
-تقي بإصرار: الله يكرمك يا شاويش قولي على الحل، ساعدني، أنا ماليش إلا هي، ربنا يخليلك عيالك، ربنا يرزقك
حدجها الصول بنظرات مشمئزة وهو يرفع أحد حاجبيه، ثم جلس على مقعده، و...
-الصول ببرود: بصي يا ست، حل المصيبة اللي أمك فيها هو إنك تطلبي السماح من الباشا اللي عامل المحضر فيها عشان يتنازل، ساعتها هي هتخرج، ومش هايبقى فيه لا قضية، ولا دياوله
فغرت تقى شفتيها في ذهول، بينما تابع الصول ب ...
-الصول بجدية شديدة: أنا اللي أقدر أعمله اديكي عنوانه، وانتي تروحيله وتتصرفي معاه، غير كده ماليش فيه
أومأت تقى برأسها عدة مرات لتعلن موافقتها على ما قاله، في حين أكمل هو ب ...
-الصول بنبرة محذرة: بس لو هاتعملي ده يا ريت يكون بسرعة قبل ما المحضر يروح النيابة
انقبض قلبها للحظة وهي تتخيل صورة والدتها وهي محتجزة بداخل القسم تعاني الويلات هناك، وما قد يحدث لها ولأبيها ولخالتها من بعدها، خاصة وأنها العائل الأساسي للأسرة، فقبضت على ياقة عباءتها السوداء بأصابعها في خوف، وأغمضت عينيها في قلق، ثم أخذت نفساً عميقاً وزفرته سريعاً، وفتحت عينيها لتنظر إلى الصول، ومن ثم مدت يدها أمام الصول و...
-تقى وهي تبتلع ريقها في توجس، وبنظرات زائغة: م.. ماشي، هاتلي العنوان ..