رواية خيوط الغرام للكاتبة دينا ابراهيم الفصل العشرون
في مكان اخر بأحد القصور...
استنشقت مني سيجارتها بتروي و هي تفكر في خطتها المقبلة للانتقام من ظافر...
جال في تفكيرها زيد والحاحه برؤيتها و اشاره العبث و المداعبة التي يلوح بها في وجهها...
ابتسمت لنفسها بثقه بالتأكيد وقع بها عندما رأي جمالها الذي اكتمل بوصولها لعمر الثلاثين...
ما يحيرها بالفعل هو ابتعاده عن ظافر الم يكن ذلك الاخ الغير شقيق الذي لا يقدر علي الاستغناء عنه هو او مروان!
ابتسمت بمكر ان نجحت في استدراجه وايقاعه في غرامها فستكون صفعه في وجه ظافر مهما كانت درجه الخلاف بينهم يبقي يزيد هو يزيد الصغير!
كما انه لا مانع بالمرح فهو وسيم لدرجه غير طبيعية و يختلف تماما عن وسامه ظافر المرتبطة بطباعه، فضلا عن شبابه الذي سينتقل اليها تدريجيا ان اصبحا معا!
اخمدت سيجارتها واخرجت هاتفها مقرره المضي في الخطة بالفعل قبل ان تفعل اي خطوة قضائية تبليها بالطفلين فأخر ما ترغب به هو وجود طفلين باكيين في حياتها المثالية!
لنجعل القضاء الخطوة النهائية عندما تتأكد من عدم وجود حل اخر!
داف والدها يقطع خطوتها عندما اردف...
-الحاجه جهزت مش ناقص غير موافقه الطرف التاني و كله هيكون تمام!
-معقوله جهزت بالسرعة دي اومال لو مش دولارات مزوره!
ضحك والدها بفخر قائلا...
-صفقه العمر اكيد مش هضيعها من ايدي، كان لازم اتصرف بسرعه قبل منصور ما يشم خبر!
-برافو يا بابي كده مش ناقص غير انك تخلطهم مع الفلوس الحقيقية وهو مش هيحس ان نص فلوس الصفقه مزورة!
-متقلقيش انا مظبط كل حاجه ؛ المهمة الجايه عليكي تحاولي تخلي يخفف شروط العقد ويمضي بسلام!
اتسعت ابتسامتها بحاجب مرفوع بثقه لتردف...
-اعتبره مضاه!
ابتسم هاشم برضا قبل ان يتجه شركته او بمعني اخر وكر اعماله بينما استدارت تجلس علي فراشها وترفع هاتفها لمواصلة مخططها...
كان يزيد يتناقش مع مروان و ظافر في العمل عندما رن هاتفه...
انتفض يستقيم وهو يري اسمها يملئ الشاشة ونظر الي ظافر قائلا...
-موني!
اردف مروان بسرعه...
-ما ترد!
هز رأسه وهو يضع الهاتف علي اذنه قائلا...
-احلي مكالمه دي ولا ايه!
وصلته صوت ضحكاتها لتنكمش ملامح الرجال الثلاثة باشمئزاز...
اجاب يزيد علي ما تقوله له قائلا...
-ماشي كمان ساعه هكون هناك...
اغلق هاتفه بخجل من ظافر فهي ام اولاده قبل كل شيء ولا شك انه يتمزق من داخله بسبب طباعها السيئة...
اردف بهدوء...
-هنتغدي مع بعض!
خبط مروان بأصابعه علي المكتب وهو يسند بأصابع يده الأخرى علي جانب وجهه ليردف..
-في خلال الاسبوعين دول لو معرفناش نوصل لحاجه يبقي هنفشل!
-ليه؟
رد يزيد ليجيبه ظافر قائلا...
-عشان صفقه الاجهزة الإلكترونية دي هتم خلالها ووصلنا ان ابوها حاطط اكتر من تلت تربع فلوسه فيها، يعني اعظم حفلاته و نصباته هتكون ليه!
-ومني اكيد هتكون موجوده عشان تلين دماغه!
اردف يزيد بتفكير ليجيبه مروان بجديه...
-يعني قدامك اقل من اسبوع تكون حاطط الكاميرا دي جوا مقر الحفله!
-وانا اعملها ازاي دي!
اعترض يزيد بحنق ليردف مروان وهو يهز اكتافه...
-اتصرف، مش انت اللي عامل فيها جوني ديب!
ضيق يزيد عينيه بغضب وهو يجذب الكاميرا الصغيرة من بين يديه قائلا...
-هتصرف!
-يزيد!
اوقف ذهابه صوت ظافر الذي وقف امامه قائلا بجديه...
-حاول تسجلها اي كلام بتقول انها مش عايزة الاولاد فيه!
ضرب بقدم علي الارض بغيظ قائلا..
-و ده هعمله ازاي ده كمان!
ابتسم ظافر بمكر لينظر الي مروان قائلا...
-شكله هيضيعنا، فالح بس يبات في الجيم ويعمل نفسه شجيع السيما و حته واحده قد امه مش عارف يسايسها!
ابتسم مروان تلك الابتسامة الهادئة وهي يجلس بأريحيه قائلا...
-راحت عليه خلاص!
ضحك يزيد بسخريه قائلا...
-طول عمركم بتغيروا مني! وهتشوفوا انا هعمل ايه، خليكوا انتم قاعدين هنا وانا هشيل الليله دي كلها!
وبالفعل عكف يزيد في الاربع ايام التالية علي الخروج معها وتقديم اغلي الهدايا لها و معه الولاء التام علي طبق من الذهب!..
في شقه مروان...
دلف يبحث عنها بعينيه شوقا لرؤيتها، لم يمر سوي بضع ايام و اعتدها و اصبح يشتاق ليمر يومه و يعود لها...
اين ذهبت يا تري؟
-منار!
سمعت خطواتها الصغيرة المتحمسة قبل ان يراها تخرج من المطبخ بابتسامه واسعه واعين لامعه...
تقدمت منه بسعادة ليتمايل فستانها بدلال عليها، لقد كان محقا هذا الجسد الانثوي لا يجب حبسه في سراويل رجالية!.
ابتسم لها فاردف..
-ازيك؟
-الحمدلله ؛ اتأخرت ليه؟
وضع حقيبته علي المقعد بجواره و بدأ في فك ربطه عنقه قائلا...
-كنت بتعشا مع عميل...
احتفت ابتسامتها لتردف بصوت يشوبه الحزن...
-انت اتعشيت؟
رفع حاجبه بتعجب ليهز رأسه بالموافقة...
نظرت حولها بحزن و انزعاج لتردف...
-طيب هدخل انام عايز مني حاجه؟
-لا شكرا...
تعجب من تغيرها وتحولها من السعادة للحزن و رغب قلبه في الصراخ بان تبقي قليلا فاردف بخفوت وهي تلتفت للذهاب...
-مالك؟
-مفيش!
-انتي كنتي صاحيه مستنياني؟
-اه..
-طيب هتنامي علي طول ليه مش هتقعدي معايا شويه...
نظرت له بخيبه امل قائله...
-انا كنت فكراك هترجع جعان فقلت استني نتعشا سوا...
رفع حاجبيه ليردف...
-انتي لسه متعشتيش؟..
هزت رأسها بنفي وانزعاج وهي تلتفت حولها قائله...
-مش جعانه اصلا!
علت صوت معدتها ليبتسم علي احمرار وجنتيها بأحراج، اقترب منها يلمس وجنتها وهو يميل عليها يقبل جبهتها قائلا...
-واضح!
حاولت الابتعاد عنه بحرج و غيظ فضحك بشدة قائلا...
-بهزر خلاص ؛ يلا نتعشي سوا!
حاولت كبت ابتسامتها ولكنها فشلت في التحكم بترقبها وهو يجرها خلفه لتجهيز وجبه العشاء...
جلس كلاهما يأكلان وسط انظارهم المتبادلة...
-تسلم ايدك، الاكل جميل اوي!
اتسعت ابتسامتها بسعادة وهي تردف...
-انا مكنتش عارفه بتحب ايه فحاولت اعمل كذا حاجه...
نظرت الي طريقته في الاكل وهو يقطع الدجاج و حاولت التقاط ما يمكنها تعلمه برغبه ملحه في مواكبه حياته...
ابتسم داخله و هو يراها تسعي لتقليده بالشوكة والسكين، فتنحنح وهو يتركهم من يده و يمسك قطعه صغيره من الطعام يقربها من فمها...
رمشت مرتين قبل ان تفتح فمها برقه تتناولها منه، اعاد الكره لتتناولها من يده بنهم و سعادة...
سرحت في تصور حياتهم معا و.
فهو يعطيها الامل بإمكانية نجاح تلك العلاقة ؛ فهي في اشد الحاجة لها لتشعر بالاستقرار و السعادة...
خرجت من افكارها وهي تلعق شفتيها لتلامس اصبعه، اتسعت عينيها ونظرت له فوجدته يطالعها بحب و عيون غائمة و لايزال اصبعه علي شفتيها يمرره ذهابا و ايابا...
خجلت لتنظر الي اسفل تراقب ابهامه قبل ان يبعده ويضعه علي شفتيه...
كادت تموت من الخجل فتنحنحت بحرج قائله...
-انا شبعت اوي ؛ تصبح علي خير بقي!
ازاحت كرسيها و هرعت للخارج تناجي امان غرفتها فقلبها يتمرد بشده داخل صدرها...
شهقت بخضه عندما امسك بذراعها يوقف تقدمها في منتصف الطريق...
تحركت شفتيها ولكن لا صوت خرج منها، امسك مروان بعينيها وقد اختفي المرح من علي وجهه ليستبدله شعور اخر عميق يغيم داخله...
لامس وجنتها فأغمضت عينيها بخجل و بعدم احتمال لتلك المشاعر التي تتدفق منه لها...
خرجت شهقة لم تكتمل وهو يرفعها بين ذراعيه و يبتلع تلك الشهقة بين شفتيه...
كان يدور بها او انها فقط من تشعر بالدوار بسبب تلك القبلة...
امسكت بكتفيه بقوة وهي تشعر بالسقوط و كأنها سفينه تهوي في الفضاء بلا ربان!
خرج عن طور الهدوء و التروي معها ولم يستطع مقاومتها وهو يشعر بها مستسلمة بين ذراعيه...
لتهون عليه جنونه بانه ليس الوحيد العاشق الهاوي بينهم...
لا يدري كيف و متي انتهي بهم الامر يتسابقون مع الرياح في سباق الحب و لمسات الشوق و همسات الغرام...
دارت بهم الدقائق او الساعات وانتهي سباقهم الخاص بتضخم قلبيهما برضا و انهاك...
استقرت بين ذراعيه تمسكه بقوة وكأنها سيختفي!
ابتسم وهو يضمها له و ماهي الا دقائق حتي هبط جفنيهما بعد نظرات عشق صامتة بينهم لفترة معلنان الاستلام للنوم و المستقبل يوعدهم برسم حياة سعيدة هانئة...
مرت ايام اخري علي نفس المنوال بانشغال الثلاث اصدقاء بخطتهم وانشغال الفتيات بمواساة سلمي وتهيئه منار قبل رؤيتها لأهل مروان!..
-يابنات بالدور المكالمه الجماعيه دي لخبطتني!
اردفت شروق وهي تهز صغيرها وتتوسط يوسف و فريده اللذان اتخذا من ساقيها وساده لمشاهده احدي افلام الكرتون...
لتردف منار بغيظ...
-ركزوا معايا انا دلوقتي! احكولي عن والدته و اخته اللي جايين دول اكتر!
-بقولك ايه انتي قلقانه ليه كده، وانتي ضربتي ابنهم علي ايده و قوليله اتجوزني و بعدين انتي زي القمر و اصغر منه بكتير يعني يحمدوا ربنا!
اردفت شروق بغيظ فقد سألت ظافر عن رد فعل اهل مروان عند العلم بزواجه ورده لم يبشر بالخير...
-ماتهدي يا شروق يا حبيبتي، بصي يا منار خليكي هاديه و حاوي تبقي قليله الكلام وخليكي جنب مروان والموضوع هيعدي هوا!
-يارب يا سلمي!
دلف يزيد الي المنزل فوجدها متكوره علي الأريكة بغطاء وتتحدث في الهاتف...
تركها واتجه لتغير ملابسه عندما رن هاتفه برقم التعيسة!
انكمشت ملامحه بضيق ولكن النهاية اقتربت ولم يبق سوي القليل، ففي ايام قليله استطاع ان يكون محور تفكيرها لا تطيق ان تمر ساعه دون ان تحادثه!
-الو يا قلبي، اخيرا افتكرتيني!
سمعت سلمي حديثه فشعرت بغصة تقتلها واردفت بخفوت...
-عن اذنكم يا بنات انا هقفل!
اغلقت و وقفت تتوجه نحوه بخفه تتنصت علي المكالمة بغضب الغيرة تأكلها...
-خلاص هجيلك بكره!
لا تعلم ما الذي طرأ عليها فوجدت نفسها تتقدم منه دون ادني اهتمام لنظراته المتعجبة و ابتسامته السمجة وهو يغلق الهاتف...
امسكت نظراته بشوق و حزن هاجم جدرانه و خطته بقوة فكاد يجثو امامها معترفا بكل شيء...
فوجد نفسه يردف بلين...
-انتي كويسه؟!
هزت رأسها بالنفي قبل ان تسمح لجسدها بالاقتراب اكثر فتستند رأسها علي صدره بوهن و تعب...
وقف متسمرا مكانه بذهول، و قد هبت مشاعرها عليه كالإعصار...
هل انتهي الامر و عادت لصوابها...
يرفض التفكير لقد اشتاق لها بشده!
احاط ذراعيه حولها سريعا بأمل يضمها اليه يتمني لو يخترق جسدها ويخفيها داخل صدره بخوف...
قبل رأسها وهو يشعر بها تضمه اليها بشوق لتزداد مفاجأته اكثر عندما ابعدت رأسها لترتفع علي اطراف اصابعها وتحيط وجهه بين كفيها ملتهمه شفتيه بقبله اشتياق غيبتهم عن الحياه...
كاد قلبها ينفجر من الحب و الشوق وهي تذوب بين ذراعي الحبيب الذي يقتلها بقسوته...
فتتفتت بين يديه و شفتيه مستسلمه كرمال الصحراء التي تنفرط فتتناثر في الهواء كالسراب...
ابتعدت قليلا و قلبها مناجيا له يا من حبك ككثبان رملية مقاومتي لك تغرقني بك!
أعفو عن روحي و اشفق علي اشتياقي إليك!
وأبتعد وإياك بالاقتراب ومحاربتي للهرب اليك!
رفعت يدها المرتعشة الي صدره تفك ازرار قميصه معلنه عن رغبتها في الشعور به وهو يهيم بها للسحاب...
ليكمل هو مهمتها وهو يمزق الباقي منه يلقيه بعيدا و يمد يده يجذبها من ملابسها نحوه و يكتسحها بمشاعره و قبلاتها، حملها الي فراشهم ليذوب الاثنان فتنساب خيوط غرام متلاحمه معقده ترفض التقائهم معا!