رواية خطأ لا يمكن إصلاحه ( رفقا بالقوارير ) الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل الأربعون والأخير
في صباح اليوم التالي
في دبي
في منزل يوسف
لم تتوقع ندى أن حصونها ستنهار مع لمسات يوسف لها، وأن تنهيدات صدرها الحارقة ستشعل لهيب الحب من جديد في قلبها...
لأول مرة منذ أشهر تشعر ندى بطعم الراحة والهدوء.. كم بكت، كم تآلمت، كم عانت، كم خافت من التجربة وتكرارها، واليوم عوضها يوسف عما مرت به..
لقد تعامل معها بحنية تفوق الوصف، بث لها عن حبه وأشواقه في حنان لم تعهده هي معه..
لم تكن تتخيل أنها ترغب فيه كما يرغب هو فيها.. كم كانت الحياة قاسية معها، والآن قدمت لها الحياة فرصة لتحيا من جديد.
لم يكن حال يوسف يختلف عن ندى كثيراً.. لقد شعر الآن بأن روحه سكنت بجانب من عشق.. الآن بات يعرف ما هي السعادة الحقيقية، وكيف تكون...
ظل يوسف محيطاً لندى بذراعيه، يضمها إلى صدره بشغف، وكلما حاولت أن تنهض من جواره، قربها أكثر إليه
رفع رأسه قليلاً، ثم اقترب من أذنها الصغيرة، وهمس بحرارة الأشواق فيها بـ...
-يوسف بصوت هامس: بـ..حــبك..!.
في منزل مروان
أفاق مروان من نومه مبكراً، ثم نظر إلى جواره فوجد نيرة لا تزال نائمة، فحـاول بكل رفق أن يوقظها..
بدأ يداعب أنفها بطرف اصبعه، فكانت نيرة لا إرادياً تضع يدها على أنفها.. ثم حرك أنامله على وجنتها يتحسس بشرتها فتململت في الفراش.. وفي النهاية فتحت عينيها ببطء، ثم نظرت إليه بنصف عين مغلقة و..
-نيرة بصوت ناعس: مروان
-مروان مبتسماً لها: صباح الخير يا أم العيال
-نيرة: ايه اللي مصحيك بدري.
وضع مروان ذراعه أسفل رقبة نيرة، ثم رفعها قليلاً لتنام برأسها على صدره، ثم أحاطها بذراعه، وأمسك باليد الأخرى كف يدعها يداعب أصابعها و...
-مروان: عاوز أحكي معاكي شوية قبل ما أروح الشغل
-نيرة وهي شبه ناعسة: هـــا.
-مروان: بصي يا بيبي، الوقتي أنا كنت عاوز أسألك انتي هتعملي ايه السنادي في موضوع كليتك هنا، وخصوصاً إن الدراسة قربت خلاص وع الأبواب، فناوية تكملي ولا أجازة السنادي
-نيرة: أكيد هاكمل
-مروان: يعني مش ناوية تأجلي؟ عشان خاطر الحمل وكده.
-نيرة: لأ مش هأجل
-مروان: يا ناروووو أنا عاوز راحتك والله.. قدمي اعتذار السنادي، وأنا أعرف معظم الدكاترة اللي في كليتك هنا وهيظبطوكي
-نيرة: لألألألأ... أنا عاوزة أخلص
-مروان: خلاص براحتك، بس مترجعيش تقوليلي تعبانة ومش قادرة
-نيرة: ان شاء الله هاقدر
-مروان: طب ده الموضوع الأولاني
-نيرة: هو في حاجة تانية.
-مروان وهو يعبث بخصلات شعرها: يوووووه، ده الليستا مليانة
-نيرة بنبرة هادئة: طب قول يالا
-مروان: الوقتي احنا المفروض نعرف أبوكي وأمك بموضوع حملك
-نيرة: أهــا... أنا كنت عاوزة أعدي عليهم عشان أقولهم
-مروان وهو يتنحنح: احم.. آآآ... هو هيبقى صعب شوية
-نيرة: هو ايه للي صعب؟
-مروان بتردد: أصل آآآ... آآآ
-نيرة بقلق: ما تقول يا مروان في ايه؟.
تأكد مروان من أنه يحيط بنيرة جيداً بكلا ذراعيه، حتى يضمن أنها لن تنفعل أو تثور حينما يبلغها بـ...
-مروان: بصي أنا مش عاوزك تزعلي
-نيرة: ما تقولي في ايه بقى؟
-مروان بنبرة سريعة: أبوكي وأمك سافروا دبي امبارح
-نيرة فاغرة شفتيها: هـــاه، انت قولت ايييه؟
-مروان بنبرة أسرع: أبوكي وأمك سافروا
-نيرة وهي تحاول النهوض: نعم؟ سافروا؟ طب ازاي؟ من غير ما يقولولي، انت أكيد بتهزر، قولي انك بتهزر صح!.
بدأت نيرة في الانفعال والتحرك بعصبية، فحاول مروان تثبيتها بكل قوة و..
-مروان: اهدي يا نيرة، خلاص
-نيرة بانفعال: عاوزني أهدى وانت بتقولي ان عيلتي سافرت امبارح، وأنا معرفش
-مروان: هما راجعين تاني، أبوكي قالي كده، انه مش هيطول
-نيرة: لأ بجد أنا.. أنا مش مصدقة، انت كنت عارف ومش قايلي
-مروان: مش بايدي والله.
-نيرة وهي تتلوى من أسفله: اوعى كده سيبني
-مروان: لأ.. ابدااااا
-نيرة وقد بدأت في البكاء: ده أنا حتى ملحقتش أسلم عليهم
-مروان: معلش، ان شاء الله هتكلميهم ع النت وتطمني عليهم، وكلها حاجة بسيطة وراجعين
-نيرة: للدرجادي بتخبي عليا
-مروان: وربنا ما تزعلي...
بدأت نيرة في البكاء، فاحتــار مروان ما الذي سيفعله معها و...
-نيرة ببكاء: اهــيء
-مروان: عشان خاطري ماتعيطيش، اومال هتعملي ايه لما أكملك الباقي
-نيرة بصوت باكي: هو لسه في حاجة تانية.
-مروان: ماهو أنا مجمع العكننة كلها ( لوكشة ) واحدة عشان أخلص
-نيرة: في ايه كمان؟
-مروان: آآآ... أنا... أنا مسافر ألمانيا بكرة
-نيرة بنبرة حادة: اييييييه؟ انت كمان؟
-مروان: والله معدتش ينفع تأخير أكتر من كده
-نيرة بصريخ: لألألألألأ...
أحاط مروان نيرة أكثر بذراعه، ثم مسح بيده الأخرى على ظهرها، ورأسها، وانحنى على رأسها يقبلها و...
-مروان: بلاش كده أمانة عليكي، انتي بتقطعي في قلبي
-نيرة: يعني كلكم هتمشوا وتسيبوني لوحدي
-مروان: لألأ.. مين ده اللي هاسيبك لوحدك، انتي هتقعدي ان شاء الله مع أمي في الفيلا لحد ما أرجع.
-نيرة: لأ أنا مش عاوزة أعد لوحدي ولا مع حد
-مروان: وأنا مش هاينفع أخدك معايا، ومش هاقدر أسيبك لوحدك وانتي في الظروف دي، أمي هتاخد بالها منك لحد ما أرجع، وأنا مش هاطول في السفر، هما اسبوعين تلاتة بالكتير...
-نيرة: لألألألأ، يعني مش بس يومين
-مروان: والله انتي مش عارفة هيعدوا عليا إزاي الأسبوعين دول...
-نيرة بأعين دامعة: كده كتير عليا والله
-مروان وهو يقبل رأسها: معلش يا حبيبتي.
في دبي
في منزل يوسف
نهض يوسف عن الفراش تاركاً ندى راقدة فيه، نظر إليها قبل أن يدلف للخارج، فوجدها لاتزال غافلة، فتسحب على أطراف أصابعه، ودلف خارج الغرفة...
بحث يوسف عن هاتفه المحمول، ثم فتح سجل الأسماء وبحث عن رقم صلاح الدسوقي ليهاتفه...
-يوسف هاتفياً بصوت هامس: حمدلله ع السلامة
-صلاح هاتفياً: الله يسلمك يا بني، انتو كويسين؟
-يوسف: الحمدلله بخير، ها يا عمي، أنا كنت بعتلك العنوان في مسج ( رسالة )
-صلاح: أه يا بني، وأنا خلاص عرفته.. وشوية وهتلاقينا عندك
-يوسف: عظيم أوي.. عاوزين نفاجيء ندى
-صلاح: دي هاتبقى أحلى مفاجئة ان شاء الله..
-يوسف وهو يمد بصره لبعيد: أكيييييد.. هاقفل أنا الوقتي بدل ما تاخد بالها
-صلاح: ماشي يا يوسف.. وربنا يسعدكم يا رب
-يوسف: اللهم أمين.. مع السلامة.
أنهى يوسف المكالمة مع صلاح،ثم توجه للمرحاض لكي يغتسل ويستعد للزيارة المفاجأة لعائلة ندى...
في منزل مروان بالتجمع الخامس
ارتدى مروان ملابسه، واستعد للذهاب إلى العمل.. نظر إلى نيرة فوجدها حزينة مكتئبة، ومتربعة على الفراش، وتلوي شفتيها للأسفل،وتسند رأسها بمرفقي يدها..
اقترب منها، وجلس إلى جوارها، ثم امسك بكفي يدها وضمهما بين يديه و..
-مروان بنبرة هادئة: خلاص يا نارووو بقى، بلاش البوز ده لأحسن قلبي ضعيف ورهيف
-نيرة بحزن: لأ أنا زعلانة، كلكم سيبتوني لوحدي ومسافرين
-مروان: والله ما هتأخر.. ده الأيام هتعدي هـــوا
-نيرة: بيتهيألك.
ربت مروان على كفي يد ندى بحنية و...
-مروان: أنا صعب عليا إني أبعد عنك ثانية،بس مافيش حد غيري يقوم بالمهمة دي، وده أكل عيشنا أنا ويوسف.. وانتي مايخلصكيش اننا نخسر.
أطرقت نيرة رأسها في حزن، فسحب مروان يده من كفي يدها، ثم وضع إصبعيه أسفل ذقنها ليرفع وجهها إليه،فيجد الدموع قد بدأت تتجمع من جديد في مقلتيها و...
-نيرة: إهـــيء
-مروان: لأ أبوس ايدك، أنا مش أد دموعك دي.. عشان خاطري.. اهدي.
حاول مروان قدر استطاعته تهدئة نيرة، ووعدها ألا يتأخر في العودة عليها، ثم طلب منها تحضير حقيبة صغيرة لملابسها لكي يوصلها مساءاً إلى فيلا والده لتمكث هناك في حجرته ريثما يعود من الخارج، وحتى تكون في رعاية والديه...
في دبي
في منزل يوسف
أوقظ يوسف ندى، وطلب منها ألا تذهب للعمل اليوم وتستريح، كانت هي رافضة لطلبه هذا، ولكن بعد إلحاح منه اضطرت أسفة أن تظل بالمنزل...
سمعت ندى طرقات على باب المنزل، فطلب منها يوسف أن...
-يوسف: شوفي مين يا ندى، ده أكيد بتاع البيتزا، خدي منه الأوردر عقبال ما أجيب الفلوس.
تعجبت ندى من كلام يوسف الغير منطقي و..
-ندى باستغراب: بيتزا ع الصبح كده.. غريبة!.
ثم توجهت ناحية الباب لكي تفتحه.. وما إن فتحته حتى تفاجئت بوالدها ووالدتها وأختها واقفين بالمدخل يبتسمون لها و..
-صلاح مبتسماً: مش هاتقولينا حمدلله ع السلامة
-فاطيما بفرحة: مفاجـــــأة
-ندى غير مصدقة عينيها: بابا.. ماما، توتا!
-زينب بنبرة فرحة: وحشتني يا حبيبتي.
ارتمت ندى في أحضان والديها، وضمتهما بشدة، وأحاطت بها اختها الصغرى فاطيما و..
-ندى بأعين دامعة: وحشتوووني أوي، انا مش مصدقة انكم قدامي
-صلاح: ايه رأيك في المفاجأة دي؟
-ندى: أحلى مفاجأة والله يا بابا
-فاطيما: بلاش عياط بقى، ده احنا مصدقنا نخلي ماما تمسك نفسها بالعافية، تقومي انتي تعيطي
-ندى: غصب عني، بجد أنا مش عارفة أقول ايه
-صلاح: متقوليش حاجة يا حبيبتي، البركة في جوزك يوسف، هو اللي صمم نجي ونعملهالك مفاجأة
-يوسف من الخلف: يا رب تكون المفاجأة عجبتها.
التفتت ندى برأسها إلى يوسف، ونظرت له نظرات امتنان.. فهي لم تتوقع أن يفاجئها يوسف بتلك المفاجأة الجميلة.. فكم كانت تفتقد وجود عائلتها، واليوم جميع من تحبهم موجودين إلى جوارهــا...
بذل يوسف ما في وسعه لكي يسعد زوجته وحبيبته الأولى والأخيرة ندى.. واليوم فقط شعر انه اقترب من تحقيق هذا حينما رأى السعادة ترفرف في طيان قلبها.. ومازال يمني نفسه بالمزيد معها...
في فيلا فهمي النقيب
أوصل مروان زوجته نيرة إلى فيلا عائلته حيث استقبلها والديه بالترحاب الشديد والأحضان، ترك مروان حقيبة سفرها الصغيرة على الأرض و...
-أحلام وهي تحتضنها: ازيك يا نيرة، نورتي يا بنتي
-نيرة باحراج: الحمدلله
-فهمي وهو يشير بيده: تعالي يا بنتي، ده بيتك
-نيرة: شكراً.
-مروان: مش هوصيكم عليها بقى
-أحلام: دي في عينيا يا حبيبي
-فهمي وهو يتفحصها: مال مراتك ضعيفة كده ليه؟ انت مش بتأكلها ولا ايه؟
-مروان: لا والله يا بابا، ده أنا مش حارمها من حاجة، حتى إسألها
-فهمي وهو ينظر لنيرة: حقة يا بنتي بيجيلك اللي انتي عاوزاه؟
-أحلام متدخلة في الحوار: سيب أكلها وشربها عليا، ده انا هخلي الدموية ترد في وشها تاني
-نيرة: والله يا أنطي أنا.. أنا باكل ع أد نفسي
-فهمي: لأ لازم تتغذي كويس، انتي الوقتي اتنين
-نيرة: حاضر
-مروان: أه الله يكرمكم، خلوها تاكل كويس، عاوز أرجع ألاقيها زيادة بتاع 10 كيلو
-نيرة باستغراب: ليه يعني
-مروان مازحاً: هو كده.. أنا عاوزك بطة بلدي ماشية.
مالت نيرة قليلاً بجسدها لكي تحضر حقيبتها، فأمسكتها أحلام من ذراعها لتمنعها و...
-أحلام: سبيها يا بنتي، الخدامين هيودها ع الأوضة فوق
-نيرة وهي توميء برأسها: اوكي...
اصطحبت السيدة أحلام نيرة إلى غرفة مروان، حيث كانت تلك هي المرة الأولى لها لكي تمكث فيه بمفردها في فيلته وبدونه، ارتعدت قليلاً، ولكنها حاولت أن تستجمع رباطة جأشها وتتخطى هذا الأمر.. حاولت أحلام قدر المستطاع أن تكون ودودة معها، وخاصة أنها تحمل في أحشائها حفيدهم المرتقب...
تركت أحلام نيرة ترتاح قليلاً في الغرفة، ثم نزلت إلى الأسفل لتودع ابنها.. بينما جلست نيرة على طرف الفراش لتفرغ حقيبتها...
سلم مروان على والديه قبل أن يسافر، وأوصاهما مراراً وتكراراً بنيرة ورعايتها، ثم بعد ذلك توجه إلى غرفته بالطابق العلوي ليودع زوجته التي يعشقها...
فتح مروان باب غرفته ليجد زوجته ممسكة بملابسه وتبكي لسفره بيعيداً عنها، اقترب بهدوء من خلفها، ثم احاطها من الخلف بذراعيه،واستند برأسه على كتفها وهمس في أذنها بـ..
-مروان بنبرة هادئة: قلبي يا نارووو.. عشان خاطري تبطلي عياط، بجد مش هاقدر أسافر وانتي كده
-نيرة بصوت باكي: صعبان عليا إني بقيت لوحدي فجأة
-مروان: لأ انتي مش لوحدك.. احنا كلنا معاكي
-نيرة بنبرة حزينة: فين ده؟.
أدار مروان نيرة في اتجاهه، ثم لف ذراعيه حول خصرها، وضمها أكثر إليه، ثم رفعت نيرة ذراعيها حول عنقه، وتعلقت هي به و..
-مروان وهو يضمها إليه: والله ما هتأخر عنك.. هما اسبوعين بالكتير وهرجعلك
-نيرة وهي متعلقه بعنقه: ماتسبنيش يا مروان.. بجد أنا مش هاقدر أستحمل غيابك
-مروان: لأ مش هاسيبك.. ده انتي حبيبة قلبي وعمري كله..
-نيرة: طب أجّل السفر شوية
-مروان: صعب والله.. بس ان شاء الله هحاول أنجز على أد ما أقدر، عشان أرجعلك بسرعة
-نيرة: بجد يا مروان؟ هترجعلي بسرعة
-مروان وهو ينظر في عينيها: طبعاااااا.. هو انا أقدر أبعد عنك لحظة، وبعدين انا عاوزك تاخدي كلامي ثقة
-نيرة مبتسمة: هي فيها ثقة..!.
انحنى مروان برأسه ناحية نيرة قليلاً لكي يقبلها، ثم ابتسم لها ابتسامة صافية و..
-مروان وهو يميل ناحيتها: ييس.. وإذا ذكرت الثقة ذكر مروان النقيب...!.
في خلال الأيام التالية
علمت عائلة الاستاذ صلاح النقيب بأمر حمل ابنتيهما ندى ونيرة، فزادت سعادتهم وفرحتهم.. فقد منّ الله عليهما بأحفاد في الطريق.
سافر مروان إلى ألمانيا، وبالفعل تعاقد مع الشركة الألمانية هناك على شراء معدات جديدة، وبدأ في فحص العينات التي ستحصل عليها الشركة، وحاول قد الامكان أن ينهي ماهو مطلوب منه في أقل وقت...
بلغ يوسف و مروان أمر وفاة مايا إثر حادث قتل على يد زوجها السابق، فلم يملكا إلا الترحم عليها
لم تصدق علياء أن مايا قد قتلت، فخشيت كثيراً على أن تفقد وظيفتها الحالية، وخاصة انها كانت تعتمد عليها اعتماداً كلياً في الحصول على الأموال.
استطاعت ريهام في وقت قصير أن تعيد ترتيب أمور شركة Two Brothers في نصابها الصحيح، كما أنها ألجمت علياء وجعلتها تعاني الأمرين أثناء وجودها في الشركة...
كما تولت ريهام متابعة انجــاز كل الأعمال المطلوبة من الشركة، وترتيب لاجتماع لاحقة بشأن اتفاقيات جديدة...
تابع صلاح الدسوقي الأعمال المزدهرة في شركته، وكان فخورا بما حققه يوسف وندى خلال تلك الفترة...
اقترح يوسف عليه ألا يبيع الشركة، ويظل الفرع قائماً في الخارج على أن يتابعاه كليهما بالتناوب.. فسعد صلاح بهذا الخبر كثيراً، وخاصة أنه سيعود بالربح المادي على الجميع...
بدأت الدراسة، وحاولت نيرة أن تواظب على الحضور ولكنها لم تستطع بسبب افتقادها لمروان الذي لم يكف يوماً عن الاتصال بها والاطمئنان على أحوالها.. طلب منها مروان أن تؤجل الدراسة هذا العام ولكنها أصرت على الحضور...
تحسنت العلاقات كثيراً بين ندى ويوسف، وحاول أن يبذل ما في وسعه لتعويضها عما فــات..
شعرت ندى باختلاف الحال معها.. وبما يحاول يوسف فعله من أجلها..
كانت أسعد لحظاتهما معاً حينما يتابعان نمو طفلهما في احشائها.. كم كان يحتسب يوسف الشهور الباقية لكي يراه أمام عينيه ويحمله بين ذراعيه...
-يوسف وهو ينظر لشاشة السونار: سبحان الله، بقى ده هايكون ابننا
-ندى مبتسمة: أو بنتنا.. الحمدلله ان ربنا أكرمنا بنعمته
-يوسف: يستاهل الحمد طبعاً.. عارفة يا نووودة
-ندى: هــا؟
-يوسف: أنا بحبه أوي من قبل حتى ما يجي الدنيا وألمسه بايدي
-ندى: ليه؟
-يوسف وهو يقبل يدها: لأنه قربني تاني ليكي ورجعنا لحضن بعض...
أطرقت ندى رأسها في خجل.. بينما ظل يوسف يربت على ظهرها، ويلمس بيده الأخرى بطنها، ثم انحنى برأسه على بطنها يقبلها ويهمس لطفله الموجود في أحشائها بـ...
-يوسف: انت نعمة من ربنا، الحمدلله ان رزقني بيك.. ربنا يخليكو ليا انتو الاتنين ومايحرمنيش منكم أبداً...!.
في صباح أحد الأيام
في فيلا فهمي النقيب
جلست نيرة بمفردها في الفيلا تستذكر محاضراتها في غرفة نوم زوجها مروان، بينما ذهب فهمي إلى عمله، في حين خرجت أحلام لمقابلة بعض الأصدقاء في النادي...
اتصل مروان هاتفياً بزوجته ليبلغها بأنه سيتأخر في العودة، وذلك بسبب عدم توافر قطع الغيار الخاصة بالمعدات الجديدة وذلك لاستبدالها في حالة تعطل احدى الماكينات عن العمل
انزعجت نيرة كثيراً بسبب هذا، حاول مروان تهدئتها ولكنها كانت حزينة للغاية و...
-مروان: والله يا نيرة ما بإيدي
-نيرة بحزن: انت وعدتني انك هاتيجي.
-مروان: هحاول والله أشوف الحل للمشكلة دي، وأرجع على طول
-نيرة بضيق: ماشي يا مروان، انا كنت متوقعة ده من الأول
-مروان: يا نيرة بس اسمعيني
-نيرة وهي تزفر في ضيق: خلاص يا مروان، مافيش داعي للكلام.. أنا تعبانة وعاوزة أنام.
اخذ مروان نفساً عميقاً وحاول ألا يتجادل مع نيرة، حتى لا يتفاقم الوضع و..
-مروان: براحتك يا نيرة.. أنا هاكلمك بعدين ان شاء الله
-نيرة باقتضاب: بأمر الله.. باي.
أنهت نيرة المكالمة مع مروان وهي تزفر في ضيق، فهي في أشد الحاجة إلى وجود زوجها بجوارها، خاصة وأن جميع أفراد عائلتها غير موجودين، وهي تشعر بالحرج اثناء وجودها في فيلا عائلته رغم أن والديه لم يبخلا عليها بشيء...
رن هاتف نيرة مرة أخرى، فظنت أن المتصل هو مروان يحاول ارضائها، ولكنها نظرت إلى شاشة الهاتف فوجدت رقم الشركة.. فتعجبت و...
-نيرة باستغراب: الله! ده تليفون شركة مروان! هما بيتصلوا بيا ليه؟.
أجابت نيرة على الاتصال، وكانت المتصلة هي ريهام و...
-نيرة هاتفياً: الوووو
-ريهام هاتفياً: مدام نيرة
-نيرة باستغراب: أيوه أنا.. مين معايا؟
-ريهام: أنا مدام ريهام سكرتيرة شركة مروان بيه
-نيرة على مضض: أهـــا.. خير؟
-ريهام: معلش يا مدام نيرة، لو مافيهاش ازعــاج، مروان بيه كان قايلي انه سايب عند حضرتك الملفات خاصة بالشركة
-نيرة: أها.. وبعدين
-ريهام: فأنا هستأذن حضرتك تجيبلنا ملف شركة ( لوزيانا ) ضروري الوقتي
-نيرة: ليه؟
-ريهام بلهفة: احنا محتاجينه ضروري عشان فيه ورق التصاريح، والمندوب بيسأل عنه، ولو مشافش التصاريح هتحصل مشكلة كبيرة..
-نيرة بقلق: آآآ... بس مافيش حد موجود عندي عشان أبعتلكم الملف معاه
-ريهام: معلش يا مدام نيرة حاولي تتصرفي وتبعتيه مع أي حد، أنا هحاول أعطل المندوب ع أد ما أقدر تكوني حضرتك اتصرفتي
-نيرة وهي تحاول التفكير في حل ما: طيب.. ربنا يسهل..!.
نهضت نيرة من على الفراش، ثم فتحت دلفة الدولاب، وادخلت الرقم السري في الخزينة الموضوعة بداخله، وأخرجت عدداً من الملفات، وبحثت بعينيها عن الملف المذكور، واستخرجته من بينهم، ووضعته جانباً...
حاولت نيرة أن تجد حلاً ما من اجل تسليم التصاريح الموجودة بهذا الملف لريهام..
فلا يوجد أحد حالياً بالفيلا، وريهام ترغب بشدة في التصاريح كي لا تحدث مشكلة ما في عمل مروان الذي يكافح من اجله...
لم يكن أمام نيرة خيار أخر سوى الذهاب بنفسها إلى شركته.. وبالفعل فتحت نيرة دلفة الدولاب وانتقت لنفسها زياً مناسباً لترتديه.. ثم دلفت خارج الفيلا وطلبت من السائق الخاص أن يوصلها إلى شركة Two Brothers...
في شركة Two Brothers
أوصل السائق الخاص نيرة إلى مقر الشركة، ترجلت من السيارة، ودلفت إلى الشركة بتوتر وهي تضع في حقيبة يدها الملف المطلوب...
صعدت نيرة إلى مكتب مروان، تأملت مكتب السكرتارية على عجالة، فلمحت سيدة وقورة جالسة على مكتب بالقرب من باب مكتب زوجها، وما إن رأتها تلك السيدة حتى نهضت من مكانها واقتربت منها و..
-ريهام وهي تتفحصها وتشير بيدها: حضرتك مدام نيرة
-نيرة باستغراب: هو باين عليا أوي كده
-ريهام وهي تمد يدها لتصافحها: أه طبعاً.. مروان بيه مغلطش في وصف جمال حضرتك
-نيرة بتعجب: والله، مممم... هو متعود يحكي عن أموره الخاصة مع أي حد.
شعرت ريهام بالاحراج من عبارة نيرة الأخيرة، وبأنها تلمح لشيء مسيء، فبادرت بالرد بـ...
-ريهام: لأ يا فندم، حضرتك ماتفهمنيش غلط، ده هو كان لما بيطلب حاجة تخص حضرتك عشان تتعمل كان بيقول عاوزها لـ..آآآآآآ.
وفجأة سمعت نيرة وريهام صوت شجار وصياح حاد بالخارج، فصمتت كلتاهما عن الكلام، ودلفت ريهام للخارج مسرعة لكي ترى ما يحدث.. بينما ظلت نيرة في مكانها.
كانت علياء تتشاجر مع مندوب شركة ( لوزيانا ) في الخارج و...
-علياء بحدة: عندك، انت مش عارف انت بتتعامل مع مين
-مندوب الشركة وهو ينظر لها باحتقار: الوقتي أنا عرفت بتعامل مع مين، وواضح جدااااا من نوعية الموظفين اللي شغالين هنا ان الشركة دي آآآ...
تدخلت ريهام على الفور لوقف الشجار و...
-ريهام: خير يا فندم في ايه
-مندوب الشركة وهو ينظر لها بتقزز: في ان الاستاذة عمالة من الصبح تلف وتدور عليا عشان خاطر آآآ...
-علياء مقاطعة: كداب أنا معملتش حاجة
-مندوب الشركة: معملتيش حاجة؟ اومال الهمسات والغمزات والايحاءات دي كانت ايه؟
-علياء: ده انت اللي بتقل أدبك عليا
-مندوب الشركة: أنا برضوه، ده أنا هافضحكم باللي بتعملوه مع العملاء
-ريهام: يا فندم حضرتك اهدى بس عشان أعرف بالظبط اللي حصل
-علياء وهي تشير باصبعها: الراجل ده مايستناش هنا لحظة، ده حاول آآآآ...
-نيرة بحدة: اخررررسي.
التفت الجميع إلى صوت نيرة الحــاد، فتجمد الكلام في حلق علياء، فأكملت نيرة حديثها بـ...
-نيرة: خير يا حضرت؟
-مندوب الشركة: في انكم بوشين وكدابين ومشغلين عندكم ناس لامؤاخذة آآآآ...
-علياء وهي تقاطعه: انت راجل سافل و آآآ...
صفعت نيرة علياء على وجهها بحدة مما جعلها تتألم بشدة، وتضع يدها على وجنتها، وتنظر إليها بأعين محدقة في ذهول و..
طااااااااااااااخ
-نيرة وهي تصفعها: أنا مش قولتلك تخرسي، يبقى تخرسي.
صُدم مندوب الشركة مما فعلته نيرة، ولم تختلف حال ريهام كثيراً عنه.. ولكن وقفت نيرة توبخها بكل شدة ولم تعبء بأحد و...
-نيرة بنبرة قاسية: الشركة اللي انتي شغالة فيها دي شركة محترمة، ولو مش مراعية لقمة عيشك فيها يبقى برا، وإن كان جوزي مروان بيه ساكت عليكي فعشان هو مش بيحب يظلم حد ولا يطرد حد برا الشركة طالما معملش حاجة غلط، لكن كون ان واحدة زيك تفكر تلوث اللي عمله جوزي في سنين وتسيء لشركته وسمعتها وتضيعه بقلة أدبها يبقى تتربى وتعرف حدودها كويس وتطرد برا.. احنا مش عاوزينها.
لم تجد علياء ما تجيب به على نيرة، فقد كانت عبارات نيرة قاسية بما يكفي لتجعلها تشعر بالخزي والعــار..
-نيرة مكملة: اتفضلي الوقتي ع الحسابات تاخدي بقية مستحقاتك، وتطلعي برا.
أطرقت علياء رأسها في آسى وحزن، ودلفت للمكتب للمرة الأخيرة لتأخذ حقيبتها وتجمع أشيائها، ولم تتوقف نيرة عند هذا الحد بل..
-نيرة بحدة: عندك.. قبل ما تطلعي من هنا لازم نتأكد انك مش أخدة أي حاجة من شركتنا.. حاجة الشركة متاحة بس للي يستحقها مش للي زيك.
طلبت نيرة من الأمن تفتيش حقيبة علياء ومتعلقاتها قبل أن تخرج من الشركة نهائياً لتتأكد من أنها لم تسرق أي شيء هــام قد يضر بمصلحة الشركة العامة...
لم تتوقع السكرتيرة ريهام أن تتصرف نيرة بمثل تلك الطريقة، خاصة أن علياء كانت كالأفعى لم يقدر عليها أحد، ولكن نيرة –كعادتها- لا تهتم بأحد، فما يهمها هو مصلحة من يخصها حتى ولو كان على حساب نفسها...
اصطحبت نيرة مندوب الشركة إلى داخل مكتب مروان، وطلبت من ريهام أن تحضر معهم ذلك الاجتماع المصغر، وتعاملت نيرة بحرفية مع مشكلته...
وتم بالفعل اكمــال باقي الصفقة الخاصة بشركة ( لوزيانا ) بتوفيق من الله أولاً، ثم بمهارة نيرة...
شكرت ريهام نيرة كثيراً على ما فعلته من اجل الشركة، بل إنها مدحت في رجاحة عقلها وحسن تصرفها، لم تتوقع نيرة نفسها أنها تملك تلك المهارات، فطالما كانت تتخيل نفسها أنها فاشلة وغير قادرة على تحمل المسئولية...
اضطر مروان إلى أن يغيب أكثر من شهرين، وخلال تلك الفترة تولت نيرة إدارة الشركة وحضور الاجتماعات الهامة، وعقد الاتفاقيات المبدئية، وتنظيم الصفقات حسب الأولوية والأهمية..
شكلت نيرة مع السكرتيرة ريهام ثنائياً ناجحاً، وأدركت نيرة أخيراً سبب تمسك مروان بتلك السكرتيرة المجتهدة الجادة في عملها، وسبب سعادته بعودتها للعمل من جديد...
ولم تغفل نيرة أيضاً عن حضور المحاضرات الهامة التي تخص فرقتها حتى لا تفوت عليها السنة الدراسية...
حاولت نيرة قدر المستطاع أن توازن بين الدراسة والعمل، وإن شعرت أحلام بالاشفاق عليها، ولكنها وجدت في عملها ما يلهي عقلها عن التفكير في غياب مروان وبعده عنها طوال تلك الفترة.
طلبت نيرة من السيدة أحلام ألا تبلغ مروان بهذا الأمر حتى لا ينزعج، خاصة أنه طلب منها أن تظل في الفراش وتهتم بصحتها، ولكن كانت مصلحة العمل -وخاصة أنه يخص حبيب قلبها – عندها فوق كل شيء...
حاولت السيدة أحلام قدر المستطاع الالتزام بوعدها ولا تحنث به.. رغم شعورها بالذنب.. وكانت في بعض الأحيان تصاحب نيرة إلى العمل كي تعاونها...
كانت ريهام تبلغ السيد مروان النقيب رب عملها بما تفعله زوجته أولاً بأول ولكن دون علم نيرة، فلم يتصور هذا مطلقاً.. لقد كان يظن أن نيرة فتاة مدللة تعشق الدلال والدلع.. لم تخيلها شعلة نشاط وعمل.. لقد انبهر حقاً بما تقدر عليه نيرة.. كم كان يحتسب الأيام لكي يعود إليها ويأخذها في أحضانه، ويعتذر لها عن أي ظن سوء قد ظنه بها يوماً.. فقد كانت نيرة بالنسبة له نعم الزوجة، ونعم الحبيبة التي يعتمد عليها...
في دبي
لم تختلف أحوال ندى كثيراً عن اختها، فقد اجتهدت في عملها بمعاونة يوسف، واستطاعوا أن ينتقلوا بالشركة إلى مستوى أعلى من حيث الصفقات والاتفاقيات...
كانت ندى شركة يوسف في كل شيء، في العمل، في الحب، وفي العشق، وفي الرغبة في وصول إبنهما إلى عالمهما...
لم يغفل يوسف عن استغلال أي فرصة للتعبير لندى عن حبه، وتفاجئت هي بالمكتبة التي صممها خصيصاً لها منذ لحظة فراقهما وحتى بعد زوجهما..
طلب يوسف ان يكوت تصميم المكتبة على شكل حروف اسمها، حتى يظل يتلفظه طوال الوقت، ولم تتخيل ندى أن يوسف قد فعل هذا من اجلها...
غرقت ندى في بحور من الغرام والعشق.. تذوقت مع يوسف طعم السعادة الحقيقية التي كانت تنشدها حتى انها تناست مع فعله من قبل.. وطوت تلك الصفحة المظلمة من حياتها للأبد...
في شركة Two Brothers
كانت نيرة مشغولة بمطالعة أحد الملفات وتولي ظهرها لباب غرفتها حينما سمعت نيرة طرقات عليه...
سمحت نيرة للطارق بالدخول، فقد كانت تظن أنها ريهام ومعها باقي المعلومات، ولكن كانت المفاجأة أن الطارق هو مروان حبيبها..
لقد عاد مروان لتوه من السفر، ورغب في أن يفاجيء زوجته، فحضر من المطار إلى الشركة دون أن يعرج حتى على الفيلا...
اقترب مروان من نيرة بهدوء، ثم وقف خلفها، شعرت نيرة بقشريرة تدب في أوصالها، وكأن قلبها استشعر وجوده بقربها، فالتفتت بجسدها لتجده واقفاً خلفها..
-نيرة: مـ... مروان!.
لم تصدق نيرة عينيها حينما رأته، ظنت أنها تحلم، فشعرت بالدوار، وكادت أن تسقط، ولكن كانت أذرع مروان هي الأسرع في التقاطها، فأمسك بها وأحاطها بذراعيه، ثم ضمها إلى صدره و...
-مروان بخضة: نارووو
-نيرة: آآآآ
-مروان بنظرات عشق: حبيبتي، انتي وحشتيني أوي أوي يا عمري كله.
انحنى مروان برأسه على نيرة ليقبلها قبلة حارة على شفتيها بث فيها أشواقه وتلهفه على رؤيتها...
بادلته نيرة الأشواق والأحاسيس التي افتقدتها منذ غيابه عنها لعدة أشهــر...
أمـــال مروان برأسه أكثر، وانحنى بجسده على بطنها ليقبل تلك المولودة التي تحملها في أحشائها و..
-مروان وهو يتلمس بطنها بأصابع يده: وحشتيني يا بنت الايه
-نيرة: ايه بنت الايه دي كمان، انا عاوزة بنتي تتربي ع الأخلاق الحميدة
-مروان مازحاً: اه طبعاً... طالما احنا الاتنين موجودين، يبقى البت هتطلع أخلاق..!.
اعتدل مروان في وقفته، ثم أحاط نيرة اكثر بذراعيه و...
-مروان بنظرات عاشقة ونبرة حانية: بحبك
-نيرة: وأنا بموت فيك
-مروان: وحشتيني يا أم بتعة
-نيرة وهي تضربه بكفها على صدره: لأ انا بنتي مش هايبقى اسمها بتعة
-مروان: ليه ماله باتعة؟ طب نخليه الكاتعة؟ ده حتى العيال هيخافوا يرقربوا منها
-نيرة وهي تشير باصبعها محذرة: إيــاك تفكر تسميها حاجة من دول
-مروان: لألألأ.. اطمني، وخليكي واثقة فيا
-نيرة بقلق: استررررر يا رب، أهو أنا مش خايفة غير منموضوع الثقة دي...!.
بعد مرور عدة أشهر
في دبي
في منزل يوسف
كان يوسف على وشك الذهاب إلى عمله، بينما كانت ندى تشعر بالاعياء.. نظر لها يوسف بقلق و...
-يوسف بنبرة قلقة: يا نووودة مافيش داعي تيجي الشغل النهاردة، انتي شكلك تعبان أوي
-ندى وهي تحاول التحامل على نفسها: الوقتي هابقى كويسة
-يوسف بتوتر: والله العظيم أنا خايف تولدي
-ندى: آآآ... لأ لسه بدري
-يوسف: ربنا يستر، طيب أنا هاجهز العربية تكوني انتي كملتي لبسك
-ندى: اوكي.
كان يوسف متجهاً إلى الباب حينما سمع صوت صراخ يأتي من خلفه، فأدار رأسه ناحية ندى، فوجد مياه تنزل من بين ساقيها و...
-ندى بخضة: يــ...يوسف.. الحقني
-يوسف: نـــدى...!.
أسرع يوسف ناحية ندى، ثم انحنى ناحيتها وحملها بين ذراعيه، فقد كانت ندى تعاني من أعراض الولادة، وتوجه بها نحو سيارته، ثم فتح الباب الخلفي واجلسها في المقعد الخلفي، وأغلق الباب خلفها، ثم ركض مسرعاً ناحية الباب الأمامي وجلس خلف عجلة القيادة، وانطلق إلى أقرب مشفى، ولم ينسى أن يهاتف والديها لكي يذهبوا إلى هناك...
في المشفى
جلس يوسف في الخارج يدعو الله أن ينجي زوجته وابنهما.. لحق به صلاح وزينب وفاطيما، وجلسوا إلى جواره..
كان يوسف يتحرك بقلق ذهاباً وإياباً محاولاً أن يهون على نفسه قليلاً.. أمسك صلاح بالمصحف وظل يقرأ فيه، وكذلك فعلت زينب
وقفت فاطيما بجوار يوسف وهي تنظر له بابتسامة عذبة تحاول بها طمأنته.. فقد كان يخشى على زوجته كثيراً..
بعد مرور بعض الوقت، سمع يوسف صوت صرخات تأتي من الداخل..
سجد لله شكراً، فها قد سمع صوت إبنه يأتي من الداخل، لقد أنجبت ندى طفلاً جميلاً، لم يصدق يوسف عينيه حينما أعطاه الطبيب له وحمله بين ذراعيه..
لقد أســـر ذلك المولود قلبه قبل أن تراه عيناه.. لذا قرر أن يطلق عليه اسم ( آســر ).
اطمأن يوسف على حالة ندى بعد الولادة، ثم دلف إلى غرفتها وهو يحمل مولودهما بين ذراعيه.. انحنى يوسف بجسده على زوجته، ثم أعطاها فلذة كبدهمــا و..
-يوسف: سمي بالله وانتي بتشيله
-ندى بصوت مرهق: هــا سميته ايه؟
-يوسف: آســر
-ندى: ماشاء الله اسم حلو.
دلف صلاح ومن خلفه زينب ولحقت بهما فاطيما إلي داخل غرفة ندى بالمشفى، تأملوا المولود، وحمدوا الله على سلامة ندى وابنها...
أرسل يوسف صور المولود آســر إلى مروان ونيرة حتى يريا شكله، كانت نيرة تود لو استطاعت أن تحضر لحظة الولادة الخاصة باختها ولكنها لم تستطع لقرب موعد ولادتها هي الاخرى، بالاضافة إلى انشغالها بالامتحانات...
وعد يوسف مروان ونيرة بالعودة إلى القاهرة مع كل العائلة في أقرب وقت، وفور أن تسترد ندى عافيتها ويستطيع المولود آســر تحمل السفر...
بعد مرور أقل من شهر
كانت نيرة جالسة في لجنة الامتحان تستعد لأداء امتحان أخر العام، حينما شعرت بآلام وتقلصات تهاجمها قبل أن تستلم ورقة الأسئلة..
كانت في البداية تظن أن تلك التقلصات بسبب التوتر والخوف من الامتحان، ولكن كانت تلك هي بداية آلام الوضع التي هاجمتها بشدة... فأمسكت ببطنها وهي تتآلم.. حاولت أن تقاوم الآلم في البداية، لكنها لم تستطع.
وفجـــأة صرخت نيرة في وسط اللجنة، فانتفض جميع من فيها على إثر صرختها، واسرع بعض المراقبون ناحيتها، ثم طلب أحدهمـا سيارة الاسعاف لها.
اتصل أحد الأشخاص بمروان ليبلغه بأن زوجته على وشك الوضع، فانتفض من خلف مكتبه وهو مرتعد لكي يلحق بها و...
-مروان: قلبي كان حاسس انها هتعملها في اللجنة.. آآآخ.. استرررر يا رب وعديها ع خير...
سبق كلاً من فهمي وأحلام مروان في الوصول إلى المشفى، وجلسا في الخارج ينتظرا خروجها من الداخل...
وصل مروان إلى المشفى وهو يلهث، سأل عن نيرة فأخبره والده أنها لا تزال بالداخل.. وقف بالخارج ينتظر أن يطمئن على حالها...
وبالفعل خرج إليه الطبيب بعد برهة ليبشره بولادة ابنته.. احتضن مروان والديه، وقبلهما.. شعر بأن سعادته قد اكتملت اليوم بوصول ابنته إلى تلك الدنيا لتشاركهما حياتهما...
حمد مروان الله كثيراً على عطيته، وعلى سلامة زوجته نيرة...
انتظر مروان نيرة في غرفتها بالمشفى وهو يحمل طفلته الصغيرة بين ذراعيه.. ظل يتأملها بحب وحنية، ويفكر في ابداع الله في خلقها.. يا الله كم هي جميلة بحق، كم أصابعها صغيرة للغاية، إنها أجمل ما رأت عينه، إنها قطعة من قلبه، بل إنها كل قلبه...
عادت نيرة إلى الغرفة، كانت لا تزال فاقدة للوعي بفعل تأثير المخدر.. انتظر والداه بجوارها..
بدأت نيرة تستعيد وعيها، كانت في البداية تردد بعبارات غير مفهومة، فظن مروان في البداية أنها تهلوس.. ثم اقترب منها وجلس في المقعد المجاور لفراشها وهو يحمل طفلتهما..
-نيرة بصوت غير مفهوم لأ.. بتـ... عة.. لأ.. اوعى، مـ.. مروان.
حاول مروان أن يفهم ما تقوله نيرة، ولكنه لم يستطع، حتى أنه استفسر من الطبيب عما بها، فأخبره أن ذلك بسبب تأثير المخدر وسوف ينتهي مفعوله قريباً...
وبعد برهة أفاقت نيرة.. كانت تشعر بآلام حادة في معدتها، فقد اضطرت أن تضع مولودتها عن طريق الولادة القيصرية...
-همست نيرة بصوت ضعيف: فين.. فين بنتي
-مروان وهو يحاول إمالة المولودة ناحيتها: أهي..
-نيرة: هـا.. ســـ... سميتها ايه؟
-مروان مازحاً: طبعاً باتعة
-فهمي: بس يا مروان متقولش كده
-نيرة بتآلم: لألأ.. آآآه
-مروان: متخافيش والله ما سميتها لسه، أنا مستني انك تفوقي عشان نسميها سوا
-نيرة: آآآ... آآآه.. طيب
-مروان: ها تحبي نسميها ايه؟
-أحلام: نقي اسم حلو كده يليق عليها.
وفجـــأة دلفت طفلة صغيرة إلى داخل غرفتهم لا يتجاوز عمرها الثلاث سنوات، وهي تضحك وتبتسم لهم وذات شعر أسود قصير مموج، وبشرة بيضاء ناصعة، ومنتفخة الوجنتين.. وأسرع خلفها أخيها الصغير يمسكها و...
-الطفل: سوري يا عمو
-مروان مبتسماً: ولا يهمك يا حبيبي
-الطفل: يالا يا ليليا.. تعالي ع أوضة مامي
-الطفلة: تؤ..
-الطفل: يالا بقى
-الطفلة وهي تشير للمولودة: نونوو
-مروان ضاحكاً: اه هي نونووو
-فهمي: ماشاء الله ربنا يحميها
-أحلام وهي تنظر للطفلة: انتي اسمك ايه؟
-الطفلة: ليليا
-أحلام: ماشاء الله اسم جميل.
أمـــال مروان على نيرة قليلاً ثم همس في أذنها بـ...
-مروان: ايه رأيك نسميها ليليا ع اسم البنوتة دي
-نيرة بصوت خافت: ممم...
-مروان: والله لايق ع بنتنا أوي
-نيرة: اهو أرحم من باتعة بتاعتك دي.
وبالفعل أطلق مروان على مولودته الصغيرة اسم ليليا تيمناً بتلك الطفلة الصغيرة التي أضافت البهجة على الحاضرين حيثما تواجدت...
بعد عدة أشهر
في منزل مروان بالتجمع الخامس
عاد الجميع من دبي وقرورا زيادة مروان ونيرة في منزلهم، سعدت نيرة كثيراً بوجود عائلتها معها، وحمدت الله كثيراً على وجودهم في حياتها...
تحسنت أحوال العمل كثيراً بالنسبة ليوسف ومروان، ظل كلاهما يتحدثان بلا توقف عما أنجزوه بفخر واعتزاز...
كان كلاهمــا يحمل طفله الصغير في أحضانه، ويجلسان متجاورين يتحدثان سوياً..
كان الرضيع آســر يمد بين الحين والأخر يديه الصغيرة ليمسك بقدم ليليا الصغيرة، فيزيح مروان يده بكل رفق.. استمر آسر في فعل هذا والضحكة البريئة ترتسم على شفتيه الصغيرة، فهو يظن أن مروان يداعبه.. بينما كانت الرضيعة ليليا تبتسم عفوياً.
لاحظ يوسف ما يفعله مروان، فنهره عما يفعل و...
-يوسف: ايه يا ماروو، ما تبطل يا عم تزهق في آســر
-مروان: أنا مش عاوز ابنك يحط ايده ع بنتي
-يوسف: انت أهبل، دول لسه نونو
-مروان: ماهي بتبدأ من كده، يحط ايده عليها، يطمع في البزازة بتاعتها، يشد لعبتها، وهوبا ياخد السوستا منها، وهي زي الهبلة هتفرط في أعز ما تملك
-يوسف: يا شيخ.
-مروان: اه طبعاااا.. أنا لازم أربي بنتي من دلوقتي ع الأخلاق الحميدة
-يوسف: بقى خايف على بنتك من ابني
-مروان: أيون، ماهو أنا واثق انه هيطلع زي أبوه، فلازم ادي بالي وأخاف عليها
-يوسف: بقى كده.. طيب بكرة نشوف مين هيجري وراا مين
-مروان: والله لو عملت ايه، انا ماهوافق ان ابنك يرتبط ببنتي، ان شاء الله يقدملها مال قارون.
-يوسف: ماشي.. براحتك
-مروان: ايوه كده أحسن.. أنا عاوز البنية تطلع أخلاق وتربية زي أبوها
-يوسف: ماهو واضح فعلاً عليك
-مروان بنظرات ثقة واعتزاز: اومـــال.. هو في زيي، وأنا استحالة أرجع في كلمتي أبداااااااااااا...
ثم جاءت فاطيما إليهما والابتسامة مرسومة على وجهها و...
-فاطيما: أنا عاوزة الـ Babies
-يوسف وهو يناولها آسر: اتفضلي يا طمطم، بس خلي بالك
-فاطيما: حاضر يا جوو، اطمن، هاتلي ليليا يا مروان
-مروان بتهكم: انتي هاتشليها مع ابنه
-فاطيما: اه، فيها حاجة
-مروان وهو يتنحنح: احم.. لأ طبعاً.. اتفضلي يا طمطم.
ناول مروان فاطيما ابنته الرضيعة ليليا لكي تحملها على الذراع الأخر..
ثم سارت بهما فاطيما وهي تداعب كلاهما بوجهها و..
-فاطيما: يالا يا حلووين عشان أغيرلكم البامبرز سوا.
برقت عيني مروان ونظر إلى يوسف فاغراً فــاه، بينما بادله يوسف نظرات تحدي و...
-مروان بفزع: يغيروا سوا
-يوسف: انت كنت بتقول ايه من شوية؟
-مروان وهو مطرق الرأس مازحــاً: انت قولتلي جايين امتى عشان تتقدموا لـ ليليا وتتستروا على البُنية...؟