قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية خادمة الشيطان للكاتبة شروق حسن الفصل الثامن

رواية خادمة الشيطان للكاتبة شروق حسن الفصل الثامن

رواية خادمة الشيطان للكاتبة شروق حسن الفصل الثامن

بعدما استمع لذلك الحديث احتدت عينيه بقسوة فذهب بخطوات غاضبة تهتز لها الأرض فاتحًا باب غرفة شقيقته بحدة على مصرعيه.
كادت هي أن تتمدد على فراشها فوجدت باب غرفتها يفتح بحدة فانتفضت من مكانها بفزع، تجمعت حبات العرق على جبينها عندما رأت هيئته المفزعة فقالت بتلعثم: ف. في ا. ايه يا ساهر! بت. بتبصلي كدا ليه!

اقترب منها بخطوات هادئة عكس ما كان به منذ قليل وهذا أكثر ما أفزعها فهذا هو الهدوء الذي يسبق العاصفة.
دني منها بجمود وعيناه تطلقان الشرر: انتي قولتيلي مين اللي هيجي يتقدملك.
زاغت عينها في انحاء الغرفة بتوتر قائلة بتلعثم: م. ما. انا قولتلك.
معلش عايز اسمع تاني.
ابتلعت ريقها فهتفت بخوف: يزن الرواي.
اعتدل في وقفته ومازال واقفًا أمام فراشها هاتفًا ببرود: ليه!
مع. معرفش، عادي يعني يا ساهر.

هدر بغضب جامح ممسكًا إياه من رسغها بشدة هاتفًا بفحيح: الحقيقة، عايز الحقيقة مش الكلام الأهبل دا.
تأوهت من الألم ولكنها أمام صراخه بها نزلت دموعها بصمت وقهر في ذات الوقت متحدثة بنحيب: والله انا مليش دعوة يا ساهر، مليش دعوة.
قالت الأخيرة ببكاء شديد وقد سمحت لنفسها بالإنهيار.
بينما هو نظر إليها متحدثًا بنفس الجمود: احكي سامعك.

هدأت شهقاتها قليلًا وقصت له كل ما حدث بداية من عملها في قصر الراوي ولم تخفي عنه شئ، بينما هو اغمض عينه بغضب محاولًا السيطرة على انفعالاته.
نظرت له فوجدته على تلك الحالة، اقتربت منه قليلًا واضعة يدها على كف يده متحدثة بتحشرج وقد هددتها دموعها بالنزول مرة أخري: والله يا ساهر انا معملتش اي حاجة، انا قومت لقيت نفسي على السرير ومكنتش حاسة بنفسي.

لم تجد من أي اجابة فكادت أن تذهب من أمامه إلا أنها وجدته يحتضنها بحب قائلًا بحنان: واثق فيكي وعارف إنك لا يمكن تعملي حاجة زي دي، يابت دانا اللي مربيكي، بس أنا مش قولتلك أي حاجة تحصل معاكي تيجي تقوليلي.
امتلأت عينها بالدموع وأومأت بنعم فأكمل هو بعتاب: وليه مجتيش تقوليلي! انتي مش بتثقي فيا!
هزت رأسها بالنفي سريعًا قائلة بخفوت: واثقة فيك والله، بس. بس خفت متصدقنيش.

مصدقش بنتي! قولتلك انا اللي مربيكي وعارف أخلاقك كويس اوي.
نظرت إليه بحب هاتفة بامتنان: شكرا، شكرًا بجد يا ساهر على كل حاجة.
حاول ساهر تغيير تلك الأجواء فتحدث بخبث: وسي يزن دا بقا حلو على كدا!؟
هزت رأسها بحماس: ايوا حلو أوي بس بارد اوي اوي ومش بطيقه الله الوكيل.
ضحك بخفة هاتفًا بتذمر: طيب على الأقل اختشي، انتي قدام اخوكي يا مفعوصة.
هزت كتفها بلامبالاة هاتفة بغمز: مش بدل ما اعاكس من وراك يا كبير.

هتف من بين ضحكاته: لا أصيلة يام رحاب، ثم أكمل بخبث: وبعدين ما هو هيكون جوزك يعني هتعاكسيه براحتك يا خلبوصة.
للحظة احست بالإرتباك وحرارة تسري في جسدها ولكن أجابته عكس ما تشعر به: لا انت عارف إني بؤحرج.
بت، ايه ياختي!
هتف بها بتهكم فأكمل قائلًا: طيب والله انا خايف عليه منك، حاسس إن هو اللي هيشتكيكي في محكمة الأسرة مش انتي.

نظرت إليه بتذمر هاتفة بحنق: محسسني إني هتغرغر بيه، وبعدين أنا انثي رقيقة معملش كدا لا.
نظر إليها بقرف وكاد أن يتحدث إلا انه سمع طرقًا على باب المنزل فذهب لرؤيته وذهبت هي خلفه.
فتح باب منزله فوجد رجلان ضخمان فقطب عينه باستغراب قائلًا باستغراب: مين حضراتكوا.
نظرت ضحي من خلفه فوجدته هذا الضخم الذي رأته صباحًا قائلة بهمس: سيد هولاكو تاني واااو.

بينما الرجل اخرج من خلفه حقيبة كبيرة هاتفًا بهدوء: الباشا طلب مني إني اجيب دا للأنسة ضحي.
باشا مين!
يزن الراوي، عن اذنك.
ثم ذهب من امامه دون ان ينبث بأي كلمة أخري.
اغلق الباب خلفه ثم نظر لضحي معطيًا إياها الحقيبة قائلًا بمرح: وقعتي واقفة يابنت المحظوظة.
رفعت يدها في وجهها قائلة بمزاح: خمسة خمسة، تعالي اوريه لماما.

ثم دخلت لتخبر والدتها التي سعددت كثيرًا ومن ثم قامت بالإتصال على رزان التي اندهشت كثيرًا ولكن وعدتها ضحي بإخبارها كل ما حدث فوافقت على مضض، وسامر قام بالإتصال على صديقه منتصر الذي وافق سريعًا بالطبع فهم أصدقاء منذ طفولتهم وكانوا يعيشون معهم بنفس المنطقة ولكنهم انتقلوا إلى مكان أبعد قليلًا لاحقًا، وساد جو من المرح بينهم عكس ما كانت تخطط إليه تلك الحية.

علي الناحية الاخري كانت تبتسم بخبث دفين رافعة رأسها بغرور بادئة أول خطواتها للثأر لكرامتها، نظرت لوالدتها التي لا تقل عنها خبث فهي عندما وصلت إلى المنزل وجدت والدتها متهجمة بشدة ويظهر عليها إمارات الغضب، استفهمت منها عما حدث فروت لها والدتها كل ما حدث فغضبت هي الأخري بشدة فهي قبل معرفتها بساهر كانت تنتوي الوقوع بابن عمها في شباك حبها من أجل ثروته ولكن جاء هذا الساهر ليقلب حياتها وحياة قلبها رأسًا على عقب ولكن ها هي الأن ستغلق صفحته نهائيًا وتلتف حول يزن الراوي مرة أخري ولكن هل تستطيع نسيانه حقًا!

وقفت ميمونة قبالتها هاتفة بحماس: برافو يا رودي، ثم صمتت متحدثة بتعجب: بس انتي عارفة اخوها منين! لا وكمان معاكي رقم تليفونه.
توترت بشدة فقالت بثبوت مزيف: بيشتغل عندنا في الشركة يا مامي، وكان سهل اجيب رقمه من مكتب الإستعلامات هناك.
أومأت لها بلامبالاة ثم تحدثت بتوتر: بس تفتكري خطتنا هتنجح وأخوها مش هيوافق.
ابتسمت بخبث هاتفة بثقة: اكيد مش هيوافق، ثم اكملت بصوت خفيض: انا عارفة ساهر كويس.

تحدثت والدتها بغل وهي تذهب ناحية خزانتها: طيب كويس اوي يلا روحي البسي عشان نستعد للشو اللي هيحصل بعد شوية.
اومأت لها بهدوء ثم ذهبت إلى غرفتها لتنتقي ملابس تليق بتلك المناسبة.
أما يزن قام بإجراء عدة اتصالات لينهي هذا الأمر الذي اضطر به إلى الزواج من تلك القصيرة كما اسماها، نظر إلى مراد فهتف بجدية: مراد مش عايز اي غلط، لازم نسبق مرتضي بخطوة قبل ما ينفذ اللي في دماغه.

احتدت نبرته وتحولت عيناه إلى اللون الأسود القاتم من شدة الغضب هاتفًا بغل: بيحاول يلعب، بس اللي ميعرفهوش إنه بيلعب في عداد عمره، هخليه يندم على كل لحظة عشتها بسببه وبسبب الكلاب اللي معاه.
وضع مراد يده على كتفه متحدثًا بجدية: متقلقش، كل حاجة هتبقي تمام وكلمت الصحافة وكلهم هيجو عالقصر بكرا الصبح.

اومأ له يزن بهدوء وعيناه تشتعلان بالغل يحاول إيجاد طريقة قاسية لردع حقه المسلوب وعلى ما يبدو أنه وجد تلك الطريقة ليبتسم بخبث منفثًا الدخان بشراهة.
كان عمر يجلس أمام فريدة وعصام وآيات ومعه جدته مروة وكذلك ميمونة ورضوي متجهزين جميعًا للذهاب إلى منزل ضحي.
وجد عمر وجه ميمونة غاضب بشدة فابتسم بخبث لعلمه ما يدو، بخلدها فقال ببىائة مصطنعة: مالك يا مرات خالي! شكلك مش مبسوطة.

حدجته بغضب ولكنها لم تجيب عليه فقال هو باستفزاز: ايكونشي متأثرة إن الواد يزن هيتجوز! مصمص على شفتيه كالنساء الكبيرة قائلًا بتحسر: مين يصدق إن العيل اللي كان بيعملها على نفسه كبر لا وكمان رايح يتجوز.
يا حنين...
فتح عينه بصدمة وابتلع ريقه بخوف عندما علم صاحب الصوت فقال بنبرة توشك على البكاء: صحبي وعم عيالي عليا النعمة، وحشني يا غالي.

نظرت إليه جدته مروة بشماتة لتقول له: أحسن يمكن تتربي يا قليل الربابة.
امسكه يزن من تلباب قميصه متحدثًا بحدة: كنت بتقول ايه!
تحدثت مروة بسرعة متحدثة ليزن: انت سمعت دا بس، مسمعتش قال إيه تاني.
نظر إليها عمر بصدمة قائلًا بفزع: وعهد الله ماقولت حاجة تاني الولية دي هتروح النار بحمار.
لم يجبه بل ظل يحدقه بجمود وهو مازال يمسكه من ثيابه فكرمش وجهه بتذمر هاتفًا بحنق: يا يزن هتكرمش الشاكت!

شاكت! انت امك كانت بتتوحم على ايه يلا.
هز حاجبيه بمزاح: كرشة. وحياتك كرشة.
اغمض عينه محاولًا السيطرة على إنفعالاته أمام هذا البارد فتحدث بغيظ: طيب روحلها بقاا.
هي مين.
امك.
هتف بها يزن محدجًا إياه بسخرية بينما عمر نظر إليه بغيظ وكاد أن يجيب ولكنه وجد هاتفه يرن بإسم شقيقته.
ابتعد عنهم قليلا فأجاابها بسعادة متحدثًا بمزاح: وحشني يا ممس والله.

رد عليه هي من الجهة الاخري بغضب: اتفوخس على اشكالك وانا اللي كنت جيبالك اخبار حلوة.
انصت إليها عمر جيدًا قائلًا بإنصات: هااا سمعك.
تحدثت بحماس شديد قائلة بفرحة: انا جاية بكرا.
ايوا دي الأخبار الوحشة فين الحلوة.
عمررررررر.
صرخت به بغضب عندما استمعت لحديثه فأبعد الهاتف عن اذنه بفزع مصححًا خطأه: قص. قصدي ليه.
سمع زمجرتها فقال بسرعة بفرحة حقيقية: بجد! تنوري يا حبيبتي والله.

طب غور بقا فورت دمي ربنا يفور دمي.
أغلقت الهاتف فنظر إليه متحدثًا بصدمة: هو مين الكبير اللي فينا!
ذهب إليهم مرة أخري مخبرًا إياهم قدوم أية شقيقته وابنه هذه العائلة التي سافرت منذ مدة لإستكمال دراستها، تهللت أساريرهم بفرحة فقال عمر بمزاح: ضحي شكلها هتبقي الخير والبركة هنا.
نظر إليه يزن بحدة هاتفًا بغضب: اخررررس يلااا بدل ما اجي اعلقك على باب القصر.

تنتحنح عمر بخفوت قائلًا ببسمة متوترة: بهزر معاك يا زيزو.
حدجه بغضب ولكن احتدت عيناه أكثر عندما تحدثت زوجة عمه بغل واضح: قصدك الخدامة!
ميموووونة هانم.
كان هذا صوته الغاضب الذي أفزعهم جميعًا فأكمل هو بغضب: متنسيش إنها كمان شوية هتبقي مراتي، وأيًا كانت الظروف اللي أجبرتني إني اتجوزها مش هسمح لأي حد يتخطي حدوده ابدًا سمعاني؛!

شعرت بالخوف من تهديده الواضح والصريح فأومأت بخفوت دون أن تتحدث، فمن هي حتى تقف أمام يزن الراوي حتى لو كانت فردًا من عائلته، فالجميع هنا يهابونه من الكبير للصغير لذا التزمت الصمت حتى تسنح لها الفرصة من التخلص من تلك الضحي التي تشكل لها عائقًا للحصول على مبغاها الحقير.

تجهزوا جميعًا وصعدوا سياراتهم كانت تلاتة سيارات تحتوي على العائلة، فكان يزن ومراد وعمر بسيارة، وميمونة وابنتها ومروة بسيارة، وعصام وفريدة وآيات بسيارة.

وصلوا إلى الحارة التي تقطن بها ضحي، ترجل هو من سيارته واقفًا بغرور، متأملًا المكان بنظرة فاحصة شاملة، لاحظ نظرات المارة التي تأكلهم بعينهم، بالطبع ولما لا! هم لم يروا تلك السيارات في منطقتهم بالطبع، ظلوا يتهامسون فيما بينهم ولكنه لم يعيرهم أي انتباه.
بينما ميمونة نظرت للمنطقة بنظرات مقرفة واضعة يدها على انفها متحدثة بقنوط: ايه الريحة المقرفة دي!

التوي ثغر مروة بتهكم: عيشي عيشة أهلك ياختي والنبي، انتي ناسية انتي كنتي فين قبل كدا.
شحب وجهها بحرج كبير وتوترت ولكنها اخفته ببراعة ناظرة إليها بجمود مصطنع، بينما رضوي كان لا يظهر على أثرها أي ملامح سوا الشرود، نغزتها والدتها فقالت بألم: اااه ايه يا مامي!
تحدثت ميمونة بخبث: فكرك اللي خططناله ينجح.
هزت كتفها بعدم معرفة متشدقة: مش عارفة، بس حتى لو منجحش فأحنا لينا طرق تانية.

ولجوا لداخل البناية المتهالكة، طرقوا باب شقتهم ففتح لهم ساهر متحدثًا بود: اتفضلوا. اتفضلوا. نورتوا بيتنا والله.
اومأ له يزن بهدوء ومن ثم قام بالدخول وتبعه الجميع كذلك، جاء دور رضوي للدخول فوقفت امامه لبرهة بينما هو نظر إليها بجمود عكس البراكين المشتعلة بقلبه فأدار وجهه للناحية الأخري دون الحديث لها ومن ثم تركها وذهب.

جلسوا جميعًا وكاد عصام أن يتحدث ولكنه سمع جلبة تأتي من الخارج ولكن لم يكن سوي صديق طفولته منتصر: بسم الله الرحمن الرحيم وهنبدأ الليلة، لالالالا، لالالالا.
هز ساهر رأسه بيأس من تصرفاته بينما ضحك الجميع عليه فوقف ليسلم عليهم ولكنه لمح عمر يجلس وينظر إليه بدهشة: الااااه عمر.
قطب ساهر جبينه بتعجب: اي دا انتوا تعرفوا بعض.
تحدث منتصر بمزاح: طبعًا. دا صحبي من أيام الجيزة.

وقف عمر فأحتضنه متحدثًا بمزاح: انت لو هتبقي مراتي مش هشوفك كل شوية كدا.
اسبل عينه متحدثًا بدلال: جرا ايه يا راجل، تتبري مني.
الواااااان الواااااان عليا الطلاق الواااااان.
كان هذا صوت رزان القادم من خلفهم فضحك الجميع على حديثها بينما ضربها اخيها على رقبتها بخفة: مش هتبطلي ألفاظك دي يا بت.
هزت حاجبيها بمزاح: مش احسن ما اكون شاذة.

يا مثبت العقل والدين يارب، الواحد يكون مبسوط وهادي تيجي حاجة كدا وتحرق دمه.
قالها عمر وهو يحدج رزان بغيظ.
فردت عليه ببرود: اطلع برا.
رفع جابيه بدهشة بينما هي اكملت بابتسامة باردة: اطلع برا للبلكونة هواها صباحي.
ثم تركته ببرود ودخلت إلى ضحي بينما هو نظر لاثرها بغيظ، كتم منتصر ضحكته قائلًا له بهمس: تعيش وتاخد غيرها.

دخلت رزان وتبعتها آيات إلى غرفة ضحي لتهتف آيات بتصفيف: حلاوتك يا ابيض يا عرسي انت.
التفت إليها ضحي بضحك فقالت وهي تلتف بسعادة: ها إيه رأيكم.
غمزت لها آيات بمكر: جاحد جاحد مفهاش كلام.
رفعت رأسهت بغرور: تؤتؤ انا اللي قمر اصلًا.
نرجسية.
هتفت بها رزان وهي تحدقها بغيظ فضحكوا على مظهرها الحانق.
سمعوا صوت طرق على الباب فسمحوا للطارق بالدخول ولم يكن سوي أخيها ساهر.

وقف ينظر إليها بدهشة من جمالها والتمعت عينه بحنان واضح فذهب إليها محتضنًا إياه بحب: مبروك يا حبيبة قلبي، الله مبروك.
بادلته الإحتضان هاتفة بحب: الله يبارك فيك يا حبيبي، ثم دارت حول نفسها قائلة بفرحة: الفستان حلو؟
انتي اللي محلياه.
فكانت ترتدي فستان ابيض اللون ضيق حتى خصرها وينزل باتساع طفيف ليعطيه مظهرًا خلاب زادها فو الجمال جمالًا.

قام بجذب يدها للخارج فرحب بها الجميع بحبور وهذا ما جعلها سعيدة ولكن نظرات هذا البارد كانت تخترقها بشدة، توترت قليلًا ولكن لم تبالي فانشغلت بالحديث مع اصدقائها، انتبهوا جميعًا على حديث عصام الموجه لساهر: امال فين والدك يا ساهر.
نظر له ساهر ولم يعلم بما يجيب فتحدثت ضحي بجمود: اظن مش هنحتاجه، كل حاجة هتم ساهر هو اللي هيبقي مسؤول عني فيها. ولو حضرتك عندك مشكلة ممكن نحلها غير كدا لأ.

رغم أنه يعلم بأمر والدها الساكر ولكنه لم يكن يعلم بالمعاملة التي كان يعاملها لها والدها من قبل حتى باتت تمقته بشدة وتنفر من وجوده فأصبح ساهر لها هو الأب والدعم ومصدر للحنان الذي افتقدته من هذا الذي يسمي بوالدها.
أومأ لها عصام فذهبت فريدة وجلست بجانبها متشدقة بحب: تمام يا حبيبتي، كل اللي انتي عايزاه هيتم. انتي دلوقتي غلاوتك بغلاوة آيات بنتي.

رمشت بعينها عدة لحظات بعدم استيعاب: آيات بنتك مين. ايات بتاعتنا، ثم اشارت بيدها: الهطلة دي.
نظرت لها ايات بغيظ فضحكت فريدة بشدة قائلة من بين ضحكاتها: ايواا مامت الطلة دي.
ماما مين دانا اللي ماما. ياجدع وعهد الله انا مفكراكي اختها.
تحدثت مروة بضحك: ايوا اصل فريدة مش باين عليها السن تلاقيها كدا واحنا قاعدين وسط فرح من الأفراح واحد جاي يطلبها من جوزها.

ضحك عصام ولكنه تحدث بتذمر: بيجوا يطلبوا ايد مراتي مني. حاجة أخر منجهة.
ضحكت على حديثه ولكنها سألت باستغراب: بس بجد باين عليكي صغيرة أوي.
ردت عليها فريدة: حكاية طويلة هبقي احكيهالك بعدين.
أومات لها ضحي، وما هي إلا ثواني حتى سمعوا صوت طرق الباب ولم يكن سوي مراد ومعه المأذون الشرعي.

بدأوا بمراسم الزواج التي كانت تشتمل على مشاعر مختلفة منهم السعيد ومنهم الهائم ومنهم الخائف ومنهم المتوعد واخيرًا منهم الحاقد.
بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خييييير.
كان هذا صوت المأذون الذي قال جملته المشهورة فقامت رزان بإطلاق زغرودة طويلة ادت إلى انقطاع انفاسها.
الله اكبر كل دي صحة.
كان هذا صوت عمر المازح، فرفعت هي يدها يدهت في وجهه: خمسة عليا، قل اعوذ برب الفلق من عينك.

ياختي اتلهي والنبي.
ظلوا جالسين بعض الوقت إلى أن تحدث عصام بخبث: مش المفروض نسيب العرسان لوحدهم ولا إيه!
وافقه الجميع فأخذهم ساهر إلى الشرفة بناءًا على طلب يزن، ظل الصمت يخيم عليهم إلا أن تنهدت ضحي بملل: هتفضل ساكت كتير. متحسسنيش إني ماسكة عليك زلة وغصباك عالجوازة.
نظر إليها بغيظ متحدثًا بحدة: متعرفيش تقفلي بوقك دا خالص، عشان انا على أخري.

نظرت له بملل متشدقة بتهكم: شكلك مش من نوعي المفضل وهتعب معاك يابن الراوي.
رفع حاجبيه بدهشة من تلك القصيرة بينما هي أكملت بحماس: ايه رأيك تعرفني عن نفسك!
لو قولتلك هتنكتمي!
رغم فظاظة حديثه إلا انها لم تعيره أي اهتمام مومأة بحماس: اه هسكت ومش هتكلم خالص.
تنهد بضيق ثم تحدث بنفاذ صبر: عايزة تعرفي ايه!
اممم. يعني مثلًا اكلتك المفضلة وليه سموك بالذئب وليه الناس بتخاف منك اوي كدا وحاجات من دي كتير.

انتي مش بتبطلي لك ليه.
رفعت حاجبيها بدهشة: انا لكاكة! والله ابدًا انا بس من حقي اعرف معلومات عن جوزي.

نظر لها بهدوء ولكنه لم يتحدث بينما هي اكملت: يعني انا مثلًا بحب آكل ورق عنب بعشقه بعشقه بعشقه كدا وبحب الشيكولاته وبحب المهرجانات وبحب الفوضي واكتر حاجة بكرها الظلم، بالنسبة للبس بحب لبس الدريساات جدا وبحب اللبس الواسع والطويل وبحب اتكلم كتير مش بحب جو الحزن والكآبة بحب الأطفال وبتعامل معاهم بعفوية.
صمتت وهي تبتسم بعذوبة فنظرت له وجدته ينظر إليها بابتسامة عذباء لم تراه بها منذ أن رأته.

ها بقا مش هتحكيلي عنك.
لم يجبها ونظر امامه مرة اخري فتهدلت ذراعها بيأس ولكنها سعدت بشدة عندما هم بالحديث: انا كمان على فكرة بحب ورق العنب وبحب الاطفال وبكره الظلم بردو، غامت عيناه بطيف الذكريات هاتفًا بشرود: بس لازم تكون ظالم أوقات عشان تعيش وسط عالم مليان وحوش ممكن ياكلوك، فبتكوني مضطرة إنك تطلعي كل الوحش اللي فيكي عشان تدافعي عن نفسك.

نظرت له مطولاً متحدثة بابتسامة جميلة: لا مش لازم تطلع كل الوحش اللي جواك، لأن ببساطة في ناس بتكون حياتها كلها خراب وبكلمة كويسة وبسمة حلوة منك تشيل عنهم هموم كتير، دور عالحلو اللي جواك متخليش حاجة تقتله.
كان يستمع لها فقط ولأول مرة يشعر بالراحة الشديدة ورغم ذلك كانت ملامح الجمود مرتسمة على وجهه.
حاولت تغيير الأجواء متحدثة بغرور: بس ايه رأيك فيا!
نظر إليها بنظرة شمولية قائلًا بهدوء: جميلة.

جميلة بس! يعني مثلًا تقولي جميلة وزي القمر ويا بختي بيكي وياريتني عرفتك من زمان وانتي كل حياتي وانتي قمر وشمسي ونجمي وحياتي و...
زمجرها بشدة: اخرسي يخربيت لسانك اللي عايز قطعه. دانتي بلوة متحركة.
ثم تركها وولج للداخل بتذمر بينما هي لحقته قائلة بصوت عالي: كااابتن استني بكلمك طاااه، متسبنيش وتمشي يا بيبي.
بيبي!

رددها الجميع بذهول وهم. ينظرون إليها بدهشة تارة وإلي يزن الذي ينظر إليها بغضب تارة اخري، ولكني لم تأبي وذهبت لتقف أمامه قائلة ببعض الغضب: ازاي تسبني وتمشي كدا من غير ما تعاكسني!
اغمض عينه محاولًا التحكم بأعصابه المتلفة وجز على اسنانه بغيظ هاتفًا بقلة صبر: يا مثبت العقل والدين يارب، والله هقتلها واخلص البشرية من كلامها.
غمزت له بمرح: واهون عليك يا يزونتي.
يزونتي!

هتف بها الجميع مرة أخري بذهول اكبر ولكنهم اجفلوا عندما سمعوا صوته الغاضب: اخرررررسي بقاااا. انتي ايييه.
فزعت منه وانكمشت على نفسها متحدثة بابتسامة بلهاء: ب. بدلعك يا عريس. عقبال الليلة الكبيرة.
يااااااااا رب الصبرررر.
مال عمر على ساهر قائلًا بهمس: اختك لو مقلتش هتتعلق.
هز كتفه بلامبالاة: خليها تتربي. اهو جه اللي هيعلمها الأدب.

مال عليهم مراد هو الآخر: ارفع القبعة لتلك الفتاة، اراهنكوا انها هتوقعوا على جدور رقبته.
انت بتقول ايه ياعم، مستحيل يزن يحب دا مش بيطيق نفسه هيحب واحدة مش طايقها.
كانت تلك الكلمات من عمر التي هتف بها مستنكرًا.
تحدث مراد بثقة: هنشوف.
سمعوا صوت بالخارج فقام ساهر بفتح الباب فوجدوا مجموعة كبيرةمن الصحفيين والإعلام، قطب جبينه بتعجب ولكنه التفت ليزن التي تحدث قائلًا: دي الصحافة يا ساهر سبهم يدخلوا.

فهم ساهر ما يدور فأفسح لهم الطريق للولوج للداخل، امسك يزن يد ضحي بشدة ليثبت ملكيته لهم هاتفًا بثقة: اتفضلوا اسألوا اللي انتوا حابينه.
أحد الصحفيين: ليه حضرتك خبيت موضوع عقد قرانك عن الجميع؟
اجابها بجمود: مراتي مكنتش حابة تدخل الصحافة والإعلام والسوشيال ميديا في حياتنا الشخصية وانا كنت محترم رأيها مش اكتر.
تحدث احدهم: طيب وحضرتك ناوي تعمل حفل زفاف حضرتك امتي؟

محددتش لسه، بس مراتي هتيجي تعيش معايا في قصري لحد ما نحدد دا واظن دا شئ خاص بينا.
تحدث اخر بوقاحة: المعروف عن يزن الراوي إنه شخصية كبيرة ومن عيلة غنية عن التعريف ليه حضرتك صممت بالذات إنك تتجوز واحدة غير لائقة بيك ومن مستواك.

احمر وجه ضحي خجلًا واضعة رأسها ارضًا يحرج بينما الجميع ينظر إليه بغضب يكاد يحرقه، ترك يزن يد ضحي واقترب بهدوء من ذلك الوقح وقام بلكمه بقوة هاتفًا بغضب: لسانك لو طول عليها بأي كلمة هقتلك انت فاااهم.
ثم ذهب إليها رافعًا رأسها بيده مقبلًا جبهتها بحنان ناظرًا إليهم بقوة: اللي يتكلم كلمة واحدة عليها يبقي بيحفر قبره بإيده. هي دلوقتي مراتي يعني كرامتها من كرامتي. واللي يدوس عليها ادوس عليه بالجذمة.

كانوا يلتقطون لهم الصور وهو يقبلها من جبهتها ويده التي التفت على خصرها جاذبًا إياه ناحيته، فكانت هي في قمة خجلها ولكنها لا تنكر انها شعرت بالسعادة والفرح كثيرًا.
كانت هناك أعين تراقبها بحقد وغضب ولكن لا بئس كل هذا سينتهي قريبًا.

ابتسم ساهر بسعادة لسعادة اخته واقسم ان يزن هو الشخص والرجل المناسب لها رغم انه يعلم ما حدث ولكنه ايضًا يتمني ان تظل اخته معه للابد فهو الذي سيحميها ويحافظ عليها ولا بئس من بعض التربية.
بعدما ذهب الإعلام تحدث يزن بهدوء: يلا عشان نمشي الوقت اتأخر.
اوما له الجميع فذهب سامر إلى اخته محتضًا إياه بحنان وحب اخوي: الف مبروك يا عيوني، ربنا يهنيكي يارب.

ادمعت عيناها من تلك المشاعر التي هجمت عليها قائلة بتحشرج: الله يبارك فيك يا حبيبي. بس اوعي تاكل نايبي من الفراخ بدل ما اطفحهولك.
نظر إليها شزرًا دافعًا إياها ليزن الذي ارتمت عليه هاتفًا بقرف: خدها وامشي عيلة فصيلة.

ضحك الجميع على مشاكساتهم المرحة. بينما دخلت ضحي لتسلم على والدتها التي دخلت لتستريح قليلًا وبعد وقت قليل خرجت من غرفتهو لتسلم على صديقتها التي احتضنتها بقوة قائلة بمزاح: هتلاقيني نطالك كل شوية متقلقيش مش هسيبك في حالك.
كادت ان تجيبها ولكن سبقها عمر قائلًا بتذمر: لا متجيش مش عايزين.
رفعت حاجبها قائلة بتشنج: بس يا بابا خليك في حالك، تك نيلة تاخدك.
بت انتييييي.

هتف بها بغضب ولكن قاطعه يزن بصوت صارم: عمررر خلاص.
صمت بغضب ولكنه لن يتركها وشأنها والأيام كثيرة بينهم.
نزلوا جميعا للأسفل فصعدت هي بجانب يزن ومراد عمر قاموا بركوب سيارة اخري ليركوهم على راحتهم.
ذهب من امام المنزل ولم يمر سوي نصف ساعة وسمعوا صوت طلقات نارية تقطع الصمت السائد بينهم...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة