قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية خادمة الشيطان للكاتبة شروق حسن الفصل الأول

رواية خادمة الشيطان للكاتبة شروق حسن الفصل الأول

رواية خادمة الشيطان للكاتبة شروق حسن الفصل الأول

في مكانٍ مهجور مظلم حالك السواد، حيث لا يُسمع فيه سوي صوت الذئاب وعويل الكلاب.
كان يقف بشموخ أمام هذا الماكث أمامه يترجاه أن يتركه ويذهب بعيدًا عن نظراته الحارقة، وملامح وجهه التي لاتنذر بالخير.

نظر اليه الرجل برعب فمن لا يعرف يزن الراوي الملقب بالذئب، ابتلع ريقه بزعر عندما رآه يقترب بهدوء يُحسد عليه، بينما بث في قلب الاخر الرعب فتحدث ببكاء: سامحني يا باشا والله العظيم البيه الكبير هو اللي طلب مني كدا انا مليش دعوة، وهددني لو معملتش اللي قالي عليه هيقتلي.
نظر إليه يزن بغموض واقترب منه اكثر قائلًا بفحيح جعل الماكث أمامه ينصهر من شدة الخوف: طلب منك ايه بالظبط!

امتلأت عين الرجل بالزعر محاولًا الثبات للحديث: لو. لو قولتلك هيقتلني يا باشا، وانا عندي عيال عايز اربيهم، سبني امشي الله يخليك.
ابتسم بجمود ومن ث م تحولت ابتسامته تلك لزمجره شديدة: ما هو انت لو متكلمتش أنا اللي هقتلك وهرميك للديابة تاكل في لحمك.
ابتلع الاخر ريقه بخوف: لا. لا خلاص هقول ياباشا.
ابتسم بشيطانية كبيرة قائلا ببرود: اممممم شاطر كدا قول اللي عندك.

علت انفاس هذا الرجل، وبدا لو انه لا يستطيع التنفس من شدة الخوف فقال: طلب. طلب مني إني اسرق ورق صفقة عائلة بيتر وابعتهاله من غير ما حد ياخد باله.
نظر اليه بغموض ثم أشار له بعينه ليؤكد حديثه: هو دا بس اللي طلبه منك؟
حاول الآخر التهرب منه فتحدث بخوف وتلعثم: آه والله يا باشا هو دا اللي طلبه مني بس.
تحدث يزن بتهكم وبدأ يظهر على وجهه إمارات الغضب: تؤتؤ مش عيب لما تكون راجل كبير كدا وبتكدب؟

حاول الرجل أن يُسيطر على حالة الخوف التي تتملكه قائلا بتلعثم: و. و. وو
نهره يزن بشدة قائلّا بصراخ: انطق!
ارتعب الآخر من ملامح وجهه التي لا تنذر بالخير ابدًا، فتحدث مسرعاً بتبرير: وطلب مني إني احط ليك شنطة مخدرات في مكتبك، بس والله العظيم يا باشا انا لو مكنتش عملت كدا كان هيقتلني ويقتل ولادي.
نظر اليه بتهكم صريح مردفًا بشر: وانت دلوقتي هتاخد واجبك وهبعتك ليه يخلص عليك وتاخد حسابك هناك.

أنهى حديثه ثم نادى بأعلى صوته على مساعده الشخصي وذراعه الأيمن: جلال.
جائه جلال ركضًا متحدثًا بخوف وخضوع: أمرك يا باشا.
نظر اليه يزن بشراسة ثم تحدث: عايزك تتوصي بالذبون وتوريه شرف الضيافة وتبعته للكلب اللي بعته علشان يعرف إن اللي بيقف قدام يزن الرواي بيتفرم.
اومأ اليه جلال بالموافقة مردفًا: أوامرك يا فندم، اي أوامر تانية؟

اشار له بيده فذهب، وأخذ ذلك الرجل الذي ظل يصرخ ليتركه يعود لمنزله ولكن لا حياة لمن تنادي، فهو يترجى رجلٌ بلا قلب لا يعرف الرحمة، لا يشفق على أحد يرى جميع البشر عبيد، ليُسيطر هو بسلطته ومركزه وغناه الفاحش عليهم، يحاول أن يثبت للجميع بأنه لا يهاب أحد، أو ربما يحاول أن يثبت لنفسه هو!
ظل الرجل يصرخ بشدة مناديًا إياه لعله يرأف بحالته: ارحمني يا باشا.

لم يكلف نفسه حتى للنظر إليه فأشعل سيجارته وظل ينفثها بشراهة قائلا بتوعد: يا أنا يا انت يا مرتضى.
ثم خرج من ذلك المخزن وصعد سيارته ثم انطلق بها بسرعة البرق حيث وجهته المنطلق إليها، إلى ذلك المكان الذي حاول بقدر الإمكان أن يتفاديه ولكن لم يستطيع.

سطعت الشمس لتدخل من نافذة تلك الفتاة المزعجة التي صدح صوتها في المنزل بأكمله مُدعية بأنها تُغني، ولكن مهلًا هذا يعد تلوث وليس غناء!
قادر تندمني على الأيام، الغدر من طبعه عايش جواك، وقادر تندمني على ال اااااااااه.

قطعت صوتها المزعج عندما وجدت يد أخيها تحتضن رقبتها من الخلف فصرخت بألم، وعندما نظرت له وجدته يحدجها بنظرات غاضبة قائلًا بحدة: احنا كل يوم هنقوم عالصوت المقرف داا يابت انتى! لتكوني مفكرة نفسك نانسي عجرم ولا حاااجة.
حدجته ضحي بنظرات نارية قائلة بغضب: ولاااا ولاااا ايدك لتوحشك، هو انا مش قولتلك مليون مرة متمدش ايدك على اللي خلفوني تاااني!

نظر اليها بقرف ثم ذهب ليغتسل ولكن على من! فتلك المشاكسة لن تتركه حتى تجعله يترك المنزل بيوم من الأيام ولن يعود له ابدا.
ثم استكملت حديثها: وبعدين مين نانسي عجرم دي اللي هتقارني بيها! انا صوتي جوهرة ثمينة يابني افهم.
رمقها بسخرية لازعة قائلًا بتهكم: انتي اخرك عجرم ذات نفسه انتي محسوبة انثي غلط اساسًا.

تطلعت إليه بدهشة مصطنعة: اااه يا عدو النجااح، بكرا تجيلي كدا وتتمني امضيلك على صرصور ودنك بس وقتها هتنك عليك ومش هعبرك يا دعسوق.
انتهي ساهر من غسل وجهه ثم دفعها بيده للخارج قائلا بنبرة صريحة: طيب ياست الفنانة طرقينا بقا عايز اغير ومش عايز اسمع صوتك النهاردة تاني، كفاية التلوث اللي حصل من شوية دا.
ثم اغلق الباب بوجهها جعلتها تتطلع إليه بصدمة: اكيد مش قصده يطردني الباب هو اللي بايظ.

جاء صوته من الداخل قائلا بصوت عالي حتى تسمعه: لا طردتك يا عديمة الكرامة.
نظرت للباب بغيظ فقررت الإنتقام منه ولكن لتدخل وتطمئن على والدتها أولاً ثم ترى ذلك القذر، وعندما ولت للدخول لغرفة والدتها صرخت بخوف وصدمة: ماما!

عاد يزن إلى فيلته الشاسعة بعد ساعتين من خروجه من المخزن، قابلته الخادمة فأخبرته بأن صديقه مراد بإنتظاره في مكتبه، اومأ إليها دون الرد عليها ثم ذهب لمكتبه.
عندما رآه مراد نظر إليه بغموض قائلاً: كنت فين يا صحبي!
حدجه يزن بنصف عين قائلًا بنفس الغموض: أكيد عرفت كنت فين مش معقول تجيلي الوقت دا علشان تسألني كنت فين!
صك مراد على اسنانه بغضب: امممم ومقولتليش ليه.

رد عليه يزن بهدوء: انت عارف إن أنا مبحبش حد يتدخل في شغلي.
نظر اليه مراد بحزن لم يظهره ل يزن ولكنه استشف ما يشعر به، فهو صديقه منذ أمد بعيد ويعرف جميع أسراره هو و عمر، الضلع الثالث لمثلث الوحوش كما لُقبوا: وهو انا حد يا يزن!
حاول يزن قدر المستطاع أن يتحدث بهدوء: انت عارف كويس انت إيه بالنسبالي، وعارف كمان إن أنا مقولتلكش علشان دا إنتقامي لوحدي، وانا مش مستعد إني أخسرك في حرب انت ملكش ذنب فيها.

انفلت غضب مراد تلك المرة فردد بعصبية: لأ ليا، طالما أنا صحبك يبقي ليا، طالما أنا مشتكتش يبقى ليا يا يزن.

ثم نهض من مجلسه بحدة ووقف أمام يزن الذي يُطالعه ببرود يعهده، فأكمل مراد حديثه: انت ليه مش معتبرني زي ما أنا معتبرك! ليه متجاهلني كدا كأني شخص عادي في حياتك مش صحبك وابن عمك وعشرة عمرك! ليه كل مشكلة تقابلك بتحلها لوحدك حتى لو فيها خطر على حياتك! بالرغم لما تكون فيه مشكلة مقبلاني بتكون انت أول واحد عارف سببها!؟
لم يجد سوا الهدوء والبرود من الذي أمامه فجز على أسنانه بغضب ثم تركه وغادر بعصبية.

تنهد يزن بغضب مكتوم لم يُظهره، هو يعلم صديقه مراد جيدًا، يحب أن يشاركه جميع اوقاته، حتى لو كان هناك خطرًا على حياته، يعلم بحبه الشديد له ولكنه أيضًا لا يريده أن يجازف بحياته من اجله، حسم أمره بأن يُصلح كل شئ صباحًا عندما يقابله في الشركة، قاطعه من شروده صوت هاتفه، انتظر قليلًا يستمع لحديث الطرف الآخر ثم أجاب: تمام كدا. ابعتوه ليه وخلوه يعرف إن اللي بيقف قدام يزن الراوي عقابه بيكون عامل ازاي.

ثم اغلق الهاتف دون الإستماع للطرف الاخر وصعد إلى غرفته، قام بالاستحمام ثم ذهب في ثبات عميق ليستيقظ ليوم آخر ملئ بالاحداث التي ستغير حياته رأساً على عقب.

صرخت ضحي بصدمة: ماما!
سمع أخيها صراخها فخرج بسرعة من المرحاض، فوجد والدته فاقدة لوعيها بجانب خزانة الملابس وبجانبها شقيقته التي تبكي وتحاول إفاقتها، انقبض قلبه بقوة وذهب إليها مسرعًا رغم الدوار الذي أصاب رأسه عند مشاهدة والدته فاقدة لوعيها لا حول لها ولا قوة.

حملها على مهل ثم وضعها على سريرها المتهالك بعض الشئ، حدج شقيقته التي تبكي بقوة حاول لفت إنتباهها ليقول بسرعة: هاتي كباية ماية بسرعة يا ضحى.

ولجت ضحى إلى المطبخ وقلبها يقرع بشدة من الخوف، وما هي إلا ثواني معدودة حتى خرجت مسرعة بكوب من الماء، أخذه ساهر منها ثم حاول إفاقة والدته، وبعد محاولات عدة فتحت عينها بوهن وأخيرًا سمح لنفسه بالإنهيار، احتضنها بشدة وهبطت دموعه بخوف وألم في قلبه، يكاد يتذكر بأنه كاد سيفقدها.
ربتت والدته على كتفه بحب بعد أن استعادت بعض من وعيها: خلاص ياحبيبي أنا بقيت كويسة، ما بلاش الدموع دي.

مسح دموعه ثم نظر لوالدته بحب، وقبل يديها واحدة تلو الأخري مغمضًا عينه بألم: ألف سلامة عليكي يا أمي ربنا يقومك لينا بالسلامة.
ثم نظر لأخته التي وجدها تبكي بصمت وخوف، فقال بصوت ممازح لتخفيف الأجواء: شوفتي يابومة صوتك بيعمل فينا ايه عالصبح!
ركضت ضحى إلى والدتها وارتمت على صدرها مردفة ببكاء: كنت هموت من الخوف عليكي يا ماما.

احتضنها كريمة بحب ثم ربتت على خصلاتها بحنان: بعد الشر عليكي يا قلب امك، أنا بقيت كويسة اهو والله.
ثم نظرت لأبنها قائلة بحنان: قومي يلا جهزي الفطار لأخوكي عشان ميتأخرش على شغله.

اومأت برأسها لها، ثم همت لإعداد الإفطار لها ولعائلتها، وبعد عدة دقائق خرجت من المطبخ لتجد أخيها يجلس على الأريكة بإنهاك واضعًا كلتا يديه على رأسه بيأس، ذهبت إليه بحزن محاولة التخفيف عنه قليلًا، فهي تعرف فيما يفكر به هو، وضعت يدها على زراعه بحنان: بطل تفكير وقوم يا حبيبي افطر ومترهقش نفسك في التفكير، اللي عايزه ربنا هو اللي هيكون.

نظر إليها بعجز، فتلك هي المرة الأولي التي تراه بهذا الشكل من الحزن، تحدث بعدما نجح بعد عناء بإبتلاع غصة البكاء التي كان على وشك البدء بها: أول مرة احس إني عاجز كدا مش قادر أعمل حاجة ولو بسيطة لأمي، مش قادر اجبلها حتى دواها ولا اخليها تعمل العملية اللي من غيرها ممكن تروح مني في أي وقت، ووقتها مش هسامح نفسي أبدًا.

ابتلع تلك الغصة المؤلمة مكملًا: بالرغم من إني لقيت شغل كويس بس الفلوس كلها يعتبر بدفعها حق قصد البيت اللي اشتريناه، بعد ما صاحب البيت التاني طردنا عشان بنتأخر في الإيجار.

نزلت دموع ضحى على معاناة أخيها، هو رجل بكل معنى الكلمة، فهو بعد أن طردهم هذا الرجل بلا قلب لهم من المنزل السابق، قرر شراء منزل ليكون ملكًا لهم، حتى لا يستطيع أحد طردهم مرة أخرى، وبالفعل وجد منزل بسعر مناسب قليلًا مع ماله فقرر أن يعطي البائع كل شهر مبلغ من المال حتى يسدد ثمنه، مسحت دموعها قائلة بقوة لتعطيه أملًا ليكمل في طريقه: أنا وماما حقيقي فخورين بيك جدًا، انت الضهر اللي بنتسند عليه فبلاش تضعف كدا علشان خاطري.

نظر اليها بحنان ثم وقف وقبل رأسها بحب: ربنا يخليكوا ليا يارب طول العمر، وأفضل سند ليكو دايمًا.
ثم أكمل بمشاكسة: بس بردو متغنيش تاني علشان صوتك وش فقر.
نظرت اليه بغضب فقالت بغيظ: طيب تعالي اطفح بقا عشان تغور.

عاد مراد إلى منزله غاضبًا، وبنفس الوقت حزينًا على صديقه، فهو لا يشاركه الكثير من الأحاديث، رغم إنهم أكثر من الإخوة، هو يعلم خوف يزن عليه ولكن هو لا يريد أن يظل هكذا، يريد أن يعلم كل كبيرة وصغيرة تحدث معه كأي صديقين مقربين.
قاطعه صوت هاتفه فأجاب عليه بفتور: الوو.
: وهان عليك تسيبني ومتسألش فيا ولا في عيالك كدا! اخس عليك يابو آدم اخس.

ضحك مراد ضحكة خافتة على صديقه المشاغب عمر، فقام بالرد عليه بابتسامة: اخلص عايز ايه يا زفت.
رد عمر بتمثيل وقال بحزن: مسبتش مصاريف العيال ليه يا استاذ، مش هما ولادك ولا ولاد الجيران هما! ولا ايكونشي ولاد حرام! ولا ولاد حرام او مثلاً ولاد حرام أو مثلاً مثلاً ولاد حرام او مثلاً مثلاً مثلاً.
قاطعه مراد بصراخ: اخرس يا زفت يخربيت معرفتك الهباب، انجز عايز ايييه.

حمحم عمر قائلًا بلهجه يشوبها الحزن: احممم، حقك عليا انا اللي بسأل عليك ياخويا.
صك مراد على اسنانه: لو مقولتش عايز إيه هقفل الزفت في وشك.
عمر بتهدئة وضحك: لا طيب اهدي اهدي، كنت بسأل عليك يابو العيال ورنيت كمان على يزن لقيت تلفونه مقفول.
تنهد مراد بشدة قائلًا بهدوء: امممم هتلاقيه نايم مانت عارف طبعه بيقفل تلفونه قبل ماينام.
استشف عمر بأن هناك امرا ما بينهم: انتو اتخانقتوا.

تصنع مراد اللامبالاه قائلا بلهجة مصطنعة: عاادي.
علم عمر من حديثه بوجود خطب ما فتحدث بجدية: عادي ازاي بس شكلك زعلانه من حاجة، في ايه احكيلي.
روي له مراد كل ماحدث اليوم فهو يعتبر صديقهم المخلص الثالث والثلاثة لا يمكنهم الاستغناء عن بعضهم، فهم يشكلون حلقة قوية جدًا لا تنفلت ابدًا بمرور الزمن.

بعدما انتهي مراد بقص ما حدث، رد عليه عمر قائلا بتفاهم: انت عارف طبع مراد وعارف كمان إنه مش بيحب يدخل اي حد في اي حاجة هو بيعملها وخصوصاً لو الحاجة دي هتسببلنا ضرر بعدين.
مراد بعصبية: بس انا مشتكتلهوش، طيب فهمني ازاي احنا نكون صحااب وعشرة عمر ومش عايز يحكيلنا عن أي حاجة هااا فهمني، انا بجد تعبت من تفكيره داا.

حاول عمر تهدئته فهو يعلم بإنزعاج مراد من طباع صديقه يزن العنيدة: بص يا مراد انت أكتر واحد عارف يزن مر بإيه وإيه الظروف اللي وصلته لكدا، يزن عاش طفولة صعب على أي طفل يعيشها رغم وجود والده ووالدته، بس هما كانو متكتفين مش عارفين يعملوا حاجة، ومن لما بقا بالشخصية القوية الباردة اللي وصل ليها دي دلوقتي خد مجهود وعناء اكتر من خمس سنين، وانت ابن عمه واكتر واحد عارف بكدا وعارف ايه اللي حصل، وعارف كمان إن هو بينتقم من اللي كانو السبب في عناءه طول المدة دي كلها وتوطتنا معاهم دا بمثابة انتحار، هو عايز يبعدنا علشان منتعرضش للي حصل ليه واللي وصله للحالة دي.

كان مراد يستمع إليه بقلب يأن من الألم، نعم فهو يعلم مقدار الألم الذي تعرض له ابن عمه وصديقه على يد هؤلاء أشباه البشر، شرد بما حدث لعدة دقائق فظن عمر بأنه مازال غاضبًا قائلًا بتفهم: طيب اهدي كدا وانا بكرا هحاول افضي نفسي شوية واجيلكم عالشركة نقعد ونتصافي مع بعض ونحاول نفهمه يمكن يفهم المرادي.
حاول مراد أن يجعل صوته متماسك قائلا بهدوء: تمام تنور في أي وقت.
رفع عمر رأسه بغرور: طبعا مانا عارف.

مراد: طب غور علشان متغباش عليك، ثم اغلق الهاتف بوجهه جاعلًا الآخر يقف بصدمة الناحية الاخري.
تذمر عمر ثم وضع هاتفه في سرواله قائلًا بحسرة: والله انا مظلوم ما بينكم دانتو صحاب عرر.
ولكن توقف بخبث عندما جاءت بباله فكرة شيطانية قرر أن يفعلها حتى يأخذ حقه منه ولكن في الوقت المناسب.
بعدما أغلق عمر الهاتف وجد عصا كبيرة تسقط على رأسه.

نظر عمر خلفه بألم وهو يمسك رأسه: اه يلهوااااي يادماغي يماااا، التفت للجهة الأخري ليلقن هذا الوغد درسًا ليجد جدته واقفة امامه وتحمل عصا كبيرة وتصرخ بخوف: الحقونااااااي حراااامااااي.
ذهب اليها عمر مسرعاً محاولا ايقافها وكتم صوتها: يا تاتا اهدي انا عمر، حاولت مروة الإلتفات منه بشدة فقال بصراخ: يا حاااجة اهدي حد جه جنبك!

نظرت إليه مروة بحدة فرفعت عصاها مرة أخري لضربه: يعني حرامي وقليل الأدب كمان يا وقح.
نظر إليها عمر بغيظ: ماهي تربية ابنك ياختي هو أنا جبته من برا؟..
صرخت به جدته بشدة: اخرس يا حيوان، دي تربية امك هي اللي مبوظاك.
كادت أن تتحدث مرة أخري فقالت بصدمة وبكاء: استني كداا، هو ابني اتجوز امتي! لا وكمان خلف! يا خسارة تربيتي فيه يا خسارة عمري وشقايا، يا خسااارة.

قلب عمر عينه بملل: ها يا تاتا خلصتي الفقرة بتاعة كل يوم ولا لسه، عايزين تغيير في المشاهد يا ميمي.
نظرت مروة بغضب: اخرس يا قليل الأدب ايه ميمي دي هي دي التربية اللي ربيتهالك امك كله من امك العقربة هتبوظك انت واخواتك.
جز على اسنانه بقلة حيلة: والله انا أمي ربنا رحمها بدل وجع الدماغ دا.
مروة بفرحة: ايه دا هي امك ماتت؟

نظر اليها بخضة قائلًا بخوف: بعد الشر جراا ايه يا ولية انتي هتموتي البونية وهي قاعدة في امان الله.
نظرت إليه مروة هاتفة بحسرة: يا خسارة طب غور بقاا من وشي بدل ما ابلغ عنك بوليس الاداب يا قذر.
ذهب عمر من امامها دون أن ينطق اي كلمة محدثاً نفسه: اهو اللي بنعمله في الناس مروة بتطلعه عليا انا، دا إيه الهم دا بس. ‌‌.

في غرفة آيات
كانت جالسة على فراشها وتتحدث بسعادة في هاتفها فهتفت بفرحة: بجد يا مصطفي يعني خلاص هتتقدملي.
علي الجهة الأخري كان يجلس مصطفي في غرفته أيضاً فرد عليها بنفس الفرحة: اه يا قلب مصطفي إن شاء الله ادعيلي بس إن اخوكي يوفق عليا.
تعجبت آيات من حديثه فقالت بإستفسار: ومش هيوافق عليك ليه؟

تردد في بداية حديثه ولكنه حسم أمره بإخبارها في مخاوفه: بصراحة يعني خايف علشان مش من نفس مستواكو ومش غني زيكو وممكن يقول إني طمعان فيكي أو إني مش هعرف أعيشك في المستوي اللي انتي عايشة فيه دلوقتي.
قاطعته نافية لحديثه: لا متقلقش اخويا مش بيفكر في الماديات هو اهم حاجة عنده إني ابقي مبسوطة وانا بكون مبسوطة أوي وانا معاك.
تنهد براحة قائلًا بفرحة: بجد! طيب الحمد لله، وأخيراً هتبقي ليا.

ابتسمت بفرحة وسعادة فها هو مصطفي صديقها من الجامعة الذي تعرفت عليه في البداية وكانو مثل الاصدقاء ولكن تحولت هذه الصداقة إلى حب وها هو الآن يخبرها بأنه سيتقدم لها.
كان يتحدث لها ولكن قابله الصمت من الحهة الأخرى فهي كانت تفكر في علاقتهم سويًا ولم تكن منصتة لما يقوله مصطفي بصوت عالي: آيااااات انتي يا حاجة رحتي فين!

فزعت آيات من صراخه: ايه ياجدع قطعت عليا اللحظة.
رد عليها مصطفي باستنكار: جدع! طااب تمام استأذن انا بقا
ضحكت ايات على حديثه: لا استني بهزر معاك، مالك قفوش كدا ليه، ثم ظلوا يتحدثوا قرابة الساعة تقريباً.

انتهوا من حديثهم وخلدوا إلى النوم كل منهم يفكر في حياته مع الآخر، آيات تفكر في محبوبها مصطفي وكيف ستكون حياتهم بعد الزواج، ابتسمت بخجل عند تذكرها لكلماته المعسولة بأنها ستكون ملكه وستكون على اسمه قريبًا.
بينما على الناحية الأخري جلس على فراشه شاردًا في سقف غرفته قائلًا بشوق: ياتري هتبقي ليا امتي، تنهد بحرارة ثم غاص في ثباات عميق.

في الساعة الثالثة فجراً وجد مراد صديقه عمر يهاتفه، قلق كثيراً وفكر في سبب مهاتفته له في تلك الساعة من الوقت فأنقبض قلبه خوفًا من أن قد يكون حدث لأحد من أصدقائه مكروه.
التقط مراد هاتفه مسرعاً قائلًا بلهفة: الو يا عمر في ايه، في حاجة حصلت!
عندكو شاااااااامبو.
ابعد مراد الهاتف عن وجهه لينظر إلى إسم المتصل مرة اخري، نعم لم يُخطئ فهذا صديقه عمر وضع الهاتف مرة أخري على اذنه قائلًا بصدمة: إيه!

عمر بصوت رفيع: بقولك عندكووو شاااااااامبو.
فتح مراد عيناه بصدمة ونظر للساعة مرة اخري، نعم انها الثالثة فجراً حقا.
طال صمت مراد فقال عمر بدلع: اييه معندكوش، امااال عندكو ايييه دبادشيب.

هاج مراد عليه قائلًا بصرااااخ وعصبية: ااااه يابن ال، يا، ياا، يا حقير يابن ال، يا حقير يا و، وأقسم بالله يا عمر لو شوفت وشك لهطبقه قدامي، بتتصل عليا دلوقتي علشان تقولي عندكو شامبو يأخي والله لو شوفتك ما هخلي في وشك حتة سليمة.
ابتلع عمر ريقه بصعوبة محدثاً نفسه: ينهار اسود ايه اللي انا عملته في نفسي دا، يخرااب بيتك يا عمر يخسارة شبابي يختاااي.

حاول عمر التماسك قائلًا بصعوبة في الحديث: والله. والله م، ماكان قصدي، لم يكمل حديثه ووجد مراد اغلق الهاتف في وجهه، تخيل ما الذي يمكنه أن يفعله به ومجرد التخيل وضع يده على وجهه قائلاً بخوف: ينهاار احمرر لا لا يلهوي لاا لا، انا، انا هعمل نفسي ميت دا هيشخرمني وانا لسه صغير.
ثم وضع الهاتف بجانبه وهو يبتلع ريقه بخوف: انا انام دلوقتي وبكرا افكر في حل منطقي.
ثم ذهب في ثبات عميق.

في الصباح تسللت أشعة الشمس لغرفتها لتتجه نحو وجهها لتعطيها مظهرًا جذابًا ببشرتها البورنزية، فتحت أهدابها ببطئ لتغلقهم بضيق عندما سُلطت الشمس لعينها فدفنت وجهها في وسادتها مرة أخري ولكنها استمعت لصوت فتح باب منزلهم فعلمت أن والدها الساكر قد عاد.
انزعجت عند تزكرها لوالدها هذا وانكمشت ملامحها بضيق فهي تعلم بأن هذا اليوم لن يمر مرور الكرام وهو بالمنزل وخاصة مع وجود أخيها ساهر.

قامت ورتبت غرفتها جيدًا ثم توضأت وأدت فريضتها ومن ثم خرجت من غرفتها لتجد ابيها جالس على الأريكة ويبدو عليه السُكْر الشديد.
لم تعيره إهتمام فذهبت إلى غرفة والدتها لإعطائها دوائها، وجدتها مستيقظة فقالت بمشاكسة: إيه الهمة والنشاط دا كله يا كوكو.
لم تكمل حديثها حتى وجدت أخيها يضربها من رقبتها من الخلف فضرخت غاضبة: ياعم الناس بتقول صباح الخير، صباح الورد صباح الخرا على دماغك بس مش بيقوموا يضربوا كدا.

قابلها اخيها ببسمة سمجة قائلًا ببرود: اه انا صباحي كدا.
نظرت ضحي إليه متمتة بغيظ: صباحك زفت يابعيد.
ضحكت كريمة على مشاكستهم الدائمة: مش هتكبروا أبداً.
نظرت ضحي إلى ساهر قائلة بغيظ: ما تقوليله هو زي ما يكون مشفش لحمة قبل كدا فعمال يضرب فيا.
نظر اليها ساهر باستنكار: لحمة ايه يا معصعصة يا اوزعة.

شهقت ضحي قائلة بردح: اسمه عوود فرنساوي يا جاهل اسكت انت ايش عرفك، صمتت قليلًا ثم قالت بتذمر: انت مش هتتجوز بقا عايزة اضرب في عيالك قبل ما اموت.
انفجر ضاحكًا هو ووالدته على اخته المشاكسة قائلًا بمرح: لا انا كنت ناوي بس بعد اللي سمعته دا مش عايز خلاص.
نظرت إليه كريمة بلهفة: بجد يا ساهر يعني خلاص قررت تتجوز.
نظر اليها متحدثًا بضحك: يا ماما بقول هفكر لسه.

انكمشت ملامح ضحي بضيق: خليك كدا لحد ما تبور وبعدين مش هنعرف نلمك من الشقق المؤاخذة هيهيهيهي.
فتح عينه بصدمة: شقق لمؤاخذة وهيهيهي خدي يابت انتي، انتي بتجيبي الكلام دا منين! ثم ركض خلفها تاركين والدتهم تنظر اليهم بحنان وهي تقول: ربنا يحميكم ويحفظكم يا حبايبي.
ركضت وهي تنظر خلفها لتجد أخيها يركض خلفها: طب والله ما هسيبك يا اوزعة وهعرف بتجيبي الكلام دا منين.

كادت ضحي أن تتحدث ولكن تعرقلت قدماها في مفرش الأرض فوقعت على وجهها بشدة: ااااااه يخراااابي ياني.
بينما أخيها لم يتحمل منظرها هذا فوقع من كثرة الضحك قائلًا بدمع يلمع بعيناه من الضحك: وجاءت المساعدة الإلهية للثأر بحقي سبحاااان الله.
نظرت إليه بغيظ فأمسكت الوسادة والقتها بوجهه فنظر إليها بحدة ولكنها ذهبت إلى غرفتها سريعًا قبل أن يمسك بها.

تحدثت ضحي من خلف الباب وهي تنهج بشدة: ابقي وريني هتوصلي ازااةي يا بااارد.
نظر للباب بغيظ مبتعدًا عنه قبل أن يقول: ماشي يا اوزعة مسيرك تيجي تحت ايديا.
ثم تركها بعدما ابدل ثيابه سريعا وذهب إلى عمله.
بينما جلست ضحي على الفراش بضحك وهي تتذكر ما حدث منذ قليل فوجدت صديقتها رزان تهاتفها فردت على الهاتف قائلة بمرح: روزا هانم أين أنتي يا فتاة كنت على وشك مهاتفتك.

ردت عليها رزان باستنكار: سيبك من جو سبيستون دا وكلميني عدل وحياة امك.
ضجرت من صديقتها قائلة بنفس اللهجة: تبا لكي يا فتاة كنت أود الاطمئنان عليكي واعطيكي كيلو لحمًا ولكن خسارة في جتتك.
ردت عليها رزان بضحك: هي جتتك دخلت اللغة العربية امتي.
كالعادة ردت ضحي بمشاكسة: انا اللي دخلتها.
نظرت رزان امامها بيأس قائلة باستسلام: طاااااايب اكتمي بقا وساعة كدا وتعالي قابليني في كافية.

اجابتها ضحي بتكبر: تمام مش عارفة اودي شهرتي فين الكل عايز يقابلني كدهون.
صرخت بها رزان قائلة بغضب: كلمة كمان وهزعلك انجزي لو مىقتكيش قدامي هاجي اجيبك من قفاكي سامعة.
ابعدت ضحي الهاتف عن اذنها بإنزعاج وهي تقول: طاااه متزعقيش غوري، ثم اغلقت الهاتف بوجهها.
نظرت رزان للهاتف من الناحية الأخري لتردف بمرح: دايما الكل بيحترمني كدا وبيعملي الف حساب هاا.

ارتدت ضحي ملابسها ثم نزلت من منزلها لمقابلة صديقتها، وصلت إلى المكان المنشود وجدت صديقتها تلوح لها من بعيد فذهبت اليها ولكن اصتدمت بشخص ما.
اصتدمت بشخص عملاق بالنسبة لها نظرًا لضائلة حجمها وطولها فصرخت ضحي بألم: اااه مش تحاسب يا اعمي.
نظر اليها الشخص الاخر بحاجب مرفوع: انا الاعمي ولا انتي يا غبية!

كادت أن ترد عليه ولكن قطع هذا الجدال رزان التي اتت بسرعة قبل أن تحدث مشكلة وخصوصاً أن ضحي لا تصمت عن حقها ابدا، حتى ولو كانت مخطئة.
نظرت رزان للشخص الماثل أمامها قائلة بتهذيب: احنا اسفين جدا.
نهرتها ضحي بصراخ: هما مين دول اللي اسفين اركني على جنب انتي دا بيقولي اني غبية.
تحدثت رزان بملل: خلاص يا ضحي محصلش حاجة.
ثم سحبتها من يدها ودخلت إلى الكافيه.

كانت نظرات هذا الشخص تتبعهم حتى غابوا عن نظرهم فقال مرددا: اممممم ضحي!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة