رواية حب مرصع بالأشواك للكاتبة مريم جمال الفصل الرابع
-تجلس في غرفتها حيث الظلام يخيم عليها من جميع الاتجاهات لاتريد ان تري احد وتتجنب لقاء فارس بكل الطرق الممكنه...
ففارس هو السبب في كل ماحدث منذ ان ابتعد عنها..
فقد كان تؤام روحها علي الرغم ان الفارق بينهما ٧ سنوات...
كانت الزكريات لاترحمها تحاوطها من كل الاتجاهات..
-تتزكر ذلك اليوم الذي اصبحت فيه يتيمه الام وتخلي عنها والدها وتركها وعاد الي بلده في الصعيد.. فقد كان علي عداء مع اهله لانه تزوج امرأه من المدينه وليس امرأه من بلده تعرف عاداتهم وتقاليدهم..
فقد كانت طفله صغيره كالدميه بعيونها الزرقاء وشعرها الطويل الاسود.. مرتديه نظارتها الطبيه... كانت في ذلك الوقت عمرها ثمان سنوات..
كانت خائفه للغايه منزويه جانب الحائط والكلمه الوحيده التي لا تتوقف عن ترديدها
(انا عايزه ماما)
لم تأكل شيئا رغم محاولات خالتها ولكن فارس لم يفارقها واقترب منها قائلا:
انا جعان اوي ياسما هموت من الجوع ولو انتي مش هتاكلي انا كمان مش هاكل
ركضت اليه وقالت:
لا مش تموت يافارس هاكل معاك..
ضحك بشده علي براءتها وظل يحشو فمها بالطعام حتي شبعت تماما ونامت معه...
ومنذ ذلك الحين كان يلازمها كظلها يلعبان سويا ويساعدها علي استذكار دروسها وحدثت الكثير من الاحداث الي ان وصلت الي فتره مراهقتها وخالتها طالبت فارس بالانفصال عن بعض لانه لا يصح...
-انتهت من شرودها علي دخول فارس غرفتها بدون استئذان يحمل صينيه بها طعام رائحته الشهيه ملئت الغرفه
وعندما رأته قالت بغضب:
انت ازاي تدخل عليا الاوضه من غير ماتستأذن هو انا مش بنت وليا خصوصيتي
رد عليها بضجر:
سما متعشيش الدور انا كنت بغيرلك وانتي صغيره.
برقت عينيها وردت عليه وهي تشعر بالذهول:
ايه اللي انت بتقوله ده انا جيت هنا وانا عندي سبع سنين ف ياريت متعيش الدور انت..
-رد عليها بجديه مصطنعه: خالتي هي اللي كانت بتخليني اغيرلك لما كنت بجيلكوا هناك.. انا ادري منك فبلاش رغي كتير ويلا عشان تاكلي
زمت شفتيها وقالت:
لا مش هاكل واتفضل اطلع بره عايز انام
قال فارس بصرامه: هتاكلي ياسما ووريني هطلعيني بره ازاي
ثم قفز علي سريرها وكتف زراعها بيديه وكان يدس الطعام في فمها دسا حتي اصبح فمها محشو بالطعام... بلعت الطعام بصعوبه وقالت لاهثه:
خلاص خلاص هاكل.. لو مكنتش تحلف انت بس
تركها وجلس بجانبها وقال:
خلاص هتاكلي بس تخلصي اكلك كله متسيبيش فتفوته فاهمه ولا
-ردت مغتاظه: فاهمه فاهمه
بعدوقت كثير كانت قد انتهت من وجبتها.. فاسرع فارس بالحديث معها وقال بحزن:
انا مش هضغط عليكي ياسما ولا هخليكي تحكيلي حاجه غصب عنك.. لكن كل اللي اقدر اقولهولك ياسما اني هجبلك حقك من الحقير ده حتي لو فيها موتي
طيله حديث فارس لها كانت تنظر الي الاسفل من كثره شعورها بالخجل مما سبب الغضب له
فرفع راسها بيده وقال: راسك دي مكانها فوق مرفوعه متنحنيش ابدا... انتي المجني عليها مش الجانيه
كلام فارس جعلها تشعر انها قد عاد اليها جزء من روحها التي فقدتها فقالت مبتسمه:
انا مش عارفه اقولك ايه.. بس وجودك جمبي مطمني اوعي تبعد عني تاني يافارس
-رد عليها مبتسما هو الاخر: عمري ماهسيبك لاخر نفس معاكي.
-بعد حديث طويل معا اخرجها من غرفتها وجعلها تجلس مع والدته... وذهب فارس الي عمله في السويس لينقل اشيائه للاستقرار في القاهره اخيرا.. وصل هناك ولملم اشياءه واثناء خروجه قابله رئيسه في العمل وقال له:
خساره يافارس انك مش هتكمل معانا هنا فعلا خسرنا مهندس كفء.
رد عليه فارس مبتسما:
ربنا يخليك يافندم ده شهاده اعتز بيها...
وظل اكثر من ساعه يودع زملائه وغادر المكان وفي طريقه للعوده وجد اتصال من شخص كان قد عينه لمراقبه رشدي..
فرد عليه بلهفه:
لقيته ولا زي كل مره
-رد عليه الاخر قائلا: لقيته ياباشا، هو في مكان كده تقريبا مهجور ومن العشوائيات
رد عليه مسرعا: طيب كويس اوي انا ساعه بالكتير هكون عندك
-رد عليه الاخر: تمام ياريس
-وصل فارس تلك المنطقه العشوائيه بصعوبه وصعد هو وذلك الشخص الذي عينه لمراقبته الي الشقه التي يسكنها رشدي ووالدته.. لم يطيق صبرا ليدق الباب فدفعه بقوه فوقع لم لم يكن يحتاج الكثير من القوه فالباب متهالك جدا
دخلا الاثنان كالاعصار وفتشا المكان بالكامل ولكنهما لم يجدوه وكأنه (فص ملح وداب).
فأصاب فارس موجه من الغضب الشديد وقال بعصبيه للرجل الذي معه:
انت مش قولتلي انك متأكد انه هنا وانك مستنيه تحت بيته لحد ماانا اجيلك
-رد الاخر بتوتر: ياباشا انا متحركتش لحظه من مكاني والشارع ده صغير اوي مستحيل يكون نزل وانا مكونش اخدت بالي.. هو اكيد مستخبي عند حد هنا بس المشكله ان احنا مش هينفع نقتحم اي مكان هنا لان اغلبهم مدمنين مخدرات احنا اسلم حل نبلغ الشرطه..
ضحك فارس بسخريه وقال: لا بصراحه افدتني
ثم تابع كلامه بصرامه: اسمع انت هتعين اتنين يفضلوا هنا ليل ونهار ميتحركوش.. واحنا بقي هنجرب طريقه تانيه لو نجحت هو اللي هيجيلي لحد عندي..
رد عليه الاخر وقال: ماشي يافارس باشا بسيطه.. اتفضل حضرتك وانا هستناهم لحد مايوصلوا هاجي لحضرتك فورا
فارس: طيب انجز ومتتاخرش مفيش وقت
رد الاخر: ماشي ياباشا
-يعني ملقتش غير عشه الفراخ المعفنه دي نستخبي فيها ده انا القولون عندي فرقع.. قالتها والده رشدي وهي تشعر بالقرف والاشمئزاز
رد عليها رشدي عابسا:
اعمل ايه يعني انا لما سمعت صوت ناس بتتطلع جري علي السلم خوفت يكون فارس ويمسكني وساعتها الله واعلم كان هيعمل فيا ايه.. ده انا سبتله الدنيا كلها شغلي وبيتي مش عارف عايز مني ايه تاني.
ردت بحقد:
هيكون عايز منك ايه يعني غير انك تطلق المحروسه عشان يتجوزها طبعا
رشدي: يتجوزها؟! يتجوزها ازاي يعني! هو لو كان عايز يتجوزها كان اتجوزها قبلي هو بس عشان متربين سوا مع بعض زي اخته مش اكتر
زمت شفتيها وقالت: اخته والله انت غلبان.. مكنتش بتشوفه ايام الخطوبه مكنش طايقك ازاي ده غير انه كان بيعاملها مش معامله اخ لاخته خالص.. انت بس اللي خايب ومخدتش بالك
رد عليها ب توتر: مش مهم كل اللي انتي بتقوليه دلوقتي يا امي.. المهم ان احنا لازم نمشي من هنا قبل مايرجع يدور عليا تاني
ردت عليه بضيق: طيب يا اخويا خليني وراك لحد مانشوف اخرتها ايه...
بعدما دخلت دهب هي وامها الي الشقه اخذت حنان تولول وتبكي علي حال ابنتها
فقالت دهب بضيق: خلاص بقي ياماما اللي حصل حصل هنعمل ايه
ردت حنان بصوت متقطع:
عيني عليكي يابنتي وعلي شعرك اللي اتقطع علي ايد الوليه المفتريه دي اللي متعرفش رحمه.. ربنا هينتقم منها قريب انشاء الله..
ردت دهب:
ماما احنا لازم نعزل من المكان ده انا كده خلاص تقريبا مبقاش حد ميعرفش حاجه عني.. وانا مش هقدر اشوف في عيون الناس شماته او شفقه
-حنان: منين يابنتي ده الشقه اوضه وصاله وفي الارضي كمان لو اتباعت مش هتجيب غير ملاليم
ده غير انها من ريحه ابوكي الله يرحمه.
-دهب: الله يرحمه يا امي.. بس هو لو كان عايش كان هيعمل كده
... احنا نعرضها للبيع وناخد فلوسها نأجر بيه شقه في منطقه احسن قانون قديم وانا هشتغل ومش هخليكي محتاجه حاجه
ردت حنان بحزن:
شغل تاني يادهب مش كفايه اللي حصلك لسه مصممه علي اللي في دماغك
دهب: اه ياماما مصممه عشان مقدمناش غير الحل ده، احنا ظروفنا صعبه ومعاش ابويا مبقاش يكفي مصاريفنا العاديه حتي...
ثم فكرت قليلا وتابعت حديثها:
هو الكارت اللي كان مديهولك استاذ سليم معاكي ولا رمتيه
حنان:
لا يابنتي مرمتهوش استني كده هطلعهولك من المحفظه
اخذت الكارت واسرعت الي غرفتها وحاولت الاتصال به عده مرات ولكنه لم يرد عليها، ولكن بعد القليل من الوقت اتصل بها
فردت عليه بلهفه قائله: الو استاذ سليم معايا
سليم: ايوه انا سليم مين معايا؟!
ردت دهب وهي تشعر بالاحراج: انا دهب اللي حصلت معايا المشكله النهارده انا اسفه اني بكلمك في وقت زي ده
سليم: لا عادي ولا يهمك.. اتفضلي
دهب بخفوت: حضرتك كنت عرضت علي ماما ان احنا ممكن نكلمك لو احتاجنا حاجه
سليم:
اه وانا عند كلامي اي حاجه او مساعده ماليه محتاجينها تقدري تشرفيني في ايه وقت.
ردت دهب بسرعه: لا حضرتك فهمتني غلط انا مش عايزه مساعده ماليه.. انا كنت عايزه لو تعرف مكان محترم ومضمون ممكن اشتغل فيه
رد سليم بهدوء: اه طبعا ممكن انا شريك بنسبه في مطعم ***
و ممكن اشوفلك اي حاجه هناك.. عدي عليا بكره في المكتب، وانا هعينك بنفسي
ردت دهب بفرحه: متشكره اوي لذوق حضرتك.
-رد بابتسامه: العفو
-نامت دهب وهي تشعر بالفرحه العارمه لا تدري مصدرها علي الرغم مامرت به في هذا اليوم العصيب...
استيقظت في اليوم التالي وذهبت الي العنوان الذي اعطاها اياه... وعند وصولها وجدته مكتب فخم للغايه وتفوح منه الروائح العطره.. طلبت من السكرتيره ان تعلمه انها جاءت، ولكنها لم تجعلها تدخل علي الفور وظلت منتظره...
دخلت السكرتيره بعد انتهاء دخول العملاء حتي فرغ ولم يتبقي سوي دهب... لاهثه من وزنها الزائد فيبدو عليها انها حامل في اشهرها الاخيره
وبعدما دخلت قالت:
كده خلاص يا استاذ سليم العملاء مشيوا كلهم مفضلش غير واحده بتقول ان اسمها دهب ومحتاجه حضرتك في موضوع ضروري.. ادخلها ولا امشيها
رد عليها سليم بسرعه: لا مدخليهاش انا هخرجلها
ارتدي سليم جاكيت بدلته وخرج اليها.. وقال لها:
انا اسف اني خليتك تنتظري طول الوقت ده.. يلا بينا هنروح سوا انا كده كده عندي مقابله هناك..
ردت دهب عليه وهي تشعر بالاحراج والخجل: لا حضرتك ممكن تديني العنوان وانا هروح لوحدي
سليم: لا مش هتعرفي تروحي لوحدك... لو رجعتي في رايك براحتك قرري بسرعه عشان مستعجل
ردت متلجلجه: لا لا مرجعتش في كلامي هاجي معاك
اخذها سليم وركبا سيارته وذهبا الي ذلك المكان.. وطيله الطريق كانت دهب تتأمل في ملامح سليم.. وعينيه الساحره.. وذقنه الخشنه التي تتمني ملامستها لا تعلم لماذا ولكن بداخلها رغبه شديده لفعل ذلك.. اما هو فلم ينظر لها لحظه فقد كانت عيناه علي الطريق طيله الوقت..
افاقت من شرودها علي صوته يقول: خلاص وصلنا يلا ننزل
نزلا سويا وقابلا شخص من المشرفين علي العمل وقال له امرا:
دي دهب عايزك تشوف ليها اي شغلانه عندك.. مطبخ بقي او تنظيف او اي حاجه انتوا عندكوا نقص في اللي شغالين فيها
رد عليه الاخر وقال:
تمام سيادتك اعتبرها استلمت الشغل من دلوقتي
بعد انتهاء محادثته مع هذا المشرف.. تركها وذهب لملاقاه العميل الذي حدد موعد معه.. اما هي فقد اعطاها المشرف الزي الرسمي الخاص بها وقال لها بصرامه:
انتي هتشتغلي في تقديم الطلبات بره.. واحنا هنا مواعيدنا ثابته، وعدد ساعات الشغل ١٠ساعات والاجازه الاسبوعيه يوم الجمعه.. في حاجه مش مفهومه في اللي انا بقوله ولا اعيد تاني
ردت دهب بلهفه:
لا كلامك مفهوم انا هكون بكره هنا في المعاد.. شكرا لحضرتك
رد عليها ببرود: العفو
بعد ذلك علمها كل اصول العمل وتعرفت علي كل زملائها في العمل ووجدتهم لطيفين ومرحين للغايه واندمجت معهم سريعا.. وفي اثناء خروجها من المطعم لتعود لمنزلها وجدت سليم امامها وقال لها:
ها عجبك المكان والشغل اللي هتشتغليه ولا في مشكله واجهتك
ردت بابتسامه: المكان كويس اوي وكمان اللي بيشتغلوا هنا.. ميرسي اوي ليك اني تعبتك معايا
سليم: لا تعب ولا حاجه لو انتي مروحه دلوقتي تعالي هوصلك علي طريقي
دهب: لا كفايه انك وصلتني لحد هنا انا هقدر اروح من هنا بسهوله
سليم: طيب براحتك
خرجا سويا من المطعم واوقف لها سياره اجره لتوصلها الي بيتها وصمم علي دفع الاجره رغم محاولاتها الا يدفع ولكنه اصر بشده...