رواية جواز اضطراري للكاتبة هدير محمود علي الفصل السابع
- نظر لها متسائلا وقد استبد به القلق من هيئتها تلك: مريم! مالك في أيه؟
- مفيش بطني بس وجعاني شويه قالتها بصوت ضعيف مخنوق
- وجعاكي من أيه؟
- قالت بصوت ملؤه الحياء مفيش عادي بيحصلي كده ف الوقت ده
- يعني أيه عادي بيحصلك كده أنتي مجنونة ولا أيه هو في دكتورة تقول كده؟ومبتكشفيش ليه؟.. ده كلام ناس عاقله ولا بتحبي كده عشان تستعطفيني وتخضيني عليكي..
- أوووف مش ممكن ارحمني بقا أرجوك استعطفك أيه هو أنتا كنت هنا أصلا
- طيب ماشي أنا آسف بس ممكن تفهميني مبتكشفيش ليه؟
- هو أنتا متأكد أنك دكتور نساء؟
- وأيه علاقة إني دكتور نساء بأن بطنك وجعاك...
ولم يكمل حديثه لأنه قد علم السبب.. كيف لم يأتي ف باله هذا السبب وهو طبيب نساء.. أنها هي التي تؤلم النساء وتذبل وجوههم وتنهك نفسيتهم أنها هي بهرموناتها وألمها.. تلك العادة الشهرية التي تأتي كل مرة وتعتصر بطونهم ألما إنه طبيب نساء لكنه حقا لا يعلم ما هية هذا الشيء وكيف يشعرون؟ لكن الحقيقة الوحيدة المؤكدة أنها مؤلمة ولا يحتمل ألمها هذا سوى بنات حواء..
شعر هو الآخر بحياء من مريم وسخف حديثه فاعتذر منها
- أنا آسف معلش مخدتش بالي.. تعالي يلا ريحي في أوضتك شويه
- لا مش قادرة أقعد
- طب خدتي مسكن
- لا مش بحب المسكنات
- أدهم بنفاذ صبر: هو الوجع فيه بحب ومش بحب
- أنا متعودة على كده
- بس الوجع ده مش طبيعي ده زيادة
- لا عادي أنا كده بقالي فترة
- قد أيه؟
- يعني من حوالي كام شهر وأنا كده
- وليه يا مريم مكشفتيش مش فاهم؟
- لأ ملوش لازمه عادي
- طيب بعد ما تخلص خلينا نعمل فحوصات وأشعة ونطمن
- مفيش داعي
- أدهم بحزم: متهيألي أن ده تخصصي وأنا اللي أقول أيه المهم وأيه اللي لأ ودلوقتي بقا لازم حضرتك تاخدي حقنة مسكنه مش هينفع كده
- لا صدقني مش عايزة بس ممكن تعملي حاجة دافيه لو سمحت.
أمام توسلاتها وضعفها لم يريد الضغط عليها أكثر ذهب للمطبخ وقام بعمل مشروب القرفة الدافيء الذي يعمل على نزول الدم وتهدئه التقلص.. وحينما عاد إليها وجدها مغمضة العينين على الأريكة تعتصر بطنها بيدها شعر بأنها تتألم كثيرا من انقباضة وجهها ف أحضر بضع مناديل ورقية وجفف عرقها حاول أن يحملها لتنام على فراشها لكنه شعر بتوتر شديد فلم يفعل.. في المرة الأولى حينما أغشي عليها حملها ك طبيب لكن الآن لا يستطيع قلبه أصبح يوخزه من أجلها.. يالها من طفلة بريئة وهي نائمة وهو يتأملها فتحت عينيها فارتبك ونظر في الإتجاه الآخر قائلا:
- أنا عملتلك قرفه حلوة أوى وهتريحك
- مريم باشمئزاز: قرفة؟! يعني من كل الأعشاب ملقتش إلا القرفة! أنا مبحبهاش
- بقولك أيه بلا بحبها بلا مبحبهاش مفيش نقاش يا القرفة ياالحقنه اختاري
- مريم وقد زفرت بغيظ قائلة: هات القرفه
- أدهم بابتسامة منتصرة: اتفضلي
امسكت الكوب بين راحتيها وحينما أتتها رائحة القرفة نظرت له باشمئزاز قائلة:
- ريحتها صعب أوي لو شربتها هرجع
- على فكرة ريحتها تحفة أنتي مبتفهميش حاجة دوقيها بس وأنتي هتحبيها
- هو عشان أنتا بتحبها الناس كلها لازم تحبها
- طب دوقيها يا ستي بس هتعجبك وهتريحك ولو معجبتكيش اعتبريها علاج حلو أو وحش هتاخديه
- مريم بتذمر طفولي: طيب..
بدأت مريم بإرتشاف بضع قطرات من مشروب القرفة على مضض وكان أدهم ينظر إليها مشيرا بيده لأن تكمل و ترتشف رشفه أكبر.. وبعدما بدأت في احتسائها وتذوقتها جيدا شعرت بأنها ليست سيئة لهذه درجة بل طعمها لذيذ ومع انتهاء الكوب بدأت تشعر براحة نسبية.. وفي تلك الأثناء مد أدهم يده إليها ليأخذ منها الكوب الفارغ ونظر لها متسائلا:
- ها أحسن؟
- أه الحمد لله
- طلعت وحشه بقا؟
- يعني مش أوى
- كدابه أوى.. باين أنها عجبتك قولي قولي متتكسفيش
- ماشي حلوة خلاص ارتحت
- أيوه كده.. صحيح أنتي كلتي؟
- لأ.. مليش نفس
- أنتي بتهزري أزاي يعني تقعدي من غير أكل لحد دلوقتي
- لما باجي أكل بطني بتوجعني والتقلصات بتزيد
وفي تلك الاثناء رن جرس الباب نظر أدهم باستغراب متسائلا:
- مين هيجي دلوقتي؟
تذكرت مريم أنها قد اتصلت بالصيدليه لأحضار فوط صحية.. شعرت بالحرج الشديد منه ف لم تعلم ماذا عليها أن تخبره.. قام أدهم ليفتح الباب وقبل أن يذهب أخبرته أن ينتظر لأنها هي من طلبت أشياء من الصيدليه فأشار لها أن تجلس هي وأنه سيذهب ليفتح الباب ويحضر لها ما أرادت وبالفعل فتح الباب وأحضر لها شنطة الصيدليه ونظر لها متسائلا:
- لما أنتي مش هتاخدي دواء أمال جايبة أيه من الصيدليه؟
شعرت بالحرج الشديد ولم تعلم بماذا تجيبه لماذا هو غبي اليوم لهذه الدرجة؟ أين فراسته المعهودة؟ أم أن كل الرجال في مثل تلك المواقف يصابون بالغباء! نظرت له قائلة:
- أدهم أنتا بقيت ذكي أوي النهارده
- اشمعنا؟
- مش مهم جايبة حاجات خاصه
- هرش في رأسه وكأنه تذكر شيئا ثم أجابها: آسف آسف معلش مش متعود على كده بقالي كتير مفيش ستات ف حياتي
- يا سلام هو أنتا بتشتغل غير مع الستات
- لا الشغل حاجة والحياة الشخصية حاجة.. وبعدين مكلمتنيش ليه وقولتيلي أجبلك اللي أنتي عايزاه
- لا طبعا..
- ليه لأ طبعا يعني تتكسفي مني أناا ومتتكسفيش من الصيدلي وبعدين راجل غريب يجيلك لحد البيت وأنتي لوحدك ده مش أمان طبعا
- لا مقدرش اقولك أولا اتكسف.. ثانيا هتقعد تقولي كلامك المستفز بتاع بتتلككي عشان تكلميني ومعرفش أيه.. ثالثا بقا أنا أصلا مش طايقاك
ابتسم أدهم رغما عنه لصراحتها الشديدة ولطفولتها وهي تخبره بأنها مش طايقاه على حد تعبيرها.
- مش طايقاني ليه بس؟
- والله؟! أنتا مش عارف؟ قالتها بغيظ
- خلاص بقا خلي قلبك أبيض على العموم أنا آسف
- أبيض ده أنتا خليته أسود ومنيل بنيله.. وبعدين آسف ديه أصرفها منين
- أسود ومنيل ب نيلة يا نهار عل الألفاظ.. وبعدين في بنك الاعتذرات على أول الشارع ممكن تصرفيها منه..
- دمك خفيف أوي.. اسمع يا أدهم أنا مش هستحملك كده كتير لو سمحت طول الفترة اللي احنا متجوزين فيها ثق فيا زي ما أنا بثق فيك بلاش اتهامات عمال على بطال وبعدين كلامك بيبقا صعب أوى وكله أهانات وأنا مقبلش كده أنا مستحملة عشان عمي بس لكن أنتا فظيع متتعاشرش والله
- بالراحة شوية أهدي أنتي هتطلعي هرموناتك عليا.. على العموم عندك حق وقولتلك أنا آسف هحاول والله اشتغل على موضوع الثقة ده بس موعدكيش إني هعرف أعمله بس هحاول..
- لسه هتحاول
- والله وطلعلك نفس اشكريني بقا
- شكرا
- طيب أنا هقوم أحضرلك أي حاجة عشان تاكلي
- هتاكل معايا؟
- أشمعنا؟
- أنا مش بحب آكل لوحدي
- حاضر هاكل معاكي
ذهب أدهم للمطبخ وتوجهت مريم للحمام وفي أثنااء خروجها شعرت بدوار شديد يجتاحها استندت بيدها على الحائط ونادت أدهم
- أدهم.. أدهم الحقني
فزع أدهم من استغاثتها وهرع إليها قائلا:
- في أيه مالك؟
- دايخه أوى حاسة الأرض بتلف بيا
- أكيد الضغط وطي من قلة الأكل
طوقها بذراعه خلف ظهرها وامسك بيديها حتى أوصلها ل غرفتها
- هروح أجيب جهاز الضغط وأجيلك ثواني
- ماشي
ذهب وعاد سريعا وبدأ في قياس الضغط شعر ببرودة يديها..
- ضغطك واطي أوي يا مريم وحتى النبض ضعيف أنتي بتهزري حرام عليكي نفسك والله
- بس أنا أصلا طبيعتي ضغطي واطي
- طيب هقوم أجيب الأكل بسرعة وبعدها ابقى أديكي حاجة تعلي الضغط شويه
- طيب
ذهب سريعا وأحضر الطعام على صينية العشاء ووضعه أمامها على السرير
- اتفضلي كلي
- وأنتا مش قولت هتاكل معايا
- مش لما اطمن أنك كلتي الأول
- لأ مش هاكل غير لما تآكل معايا الأول
- أمري لله اتفضلي
وبعدما فرغا من أنهاء طعامهما نظر لها قائلا بصوت ملؤه الحنان
- مريم أنتي أمانه في رقبتي متخليش أبويا يقول إني محافظتش على الأمانه ارجوكي خدي بالك من صحتك شوية
- وهي الأمانه ديه في الأكل بس..
- أنا عارف إني جيت عليكي كتير بس صدقيني غصب عني أنا مريت بظروف صعبة غيرتني كده أنا عمري ما كنت شكاك ولا عنيف كده أنا مش هقدر أحكيلك ظروفي ديه بس عايزك تعذريني وحاولي دايما تبقي واضحة وصريحة معايا
- ومين قالك أن أنا كمان معدتش عليا ظروف أصعب منك بس أنا مش بعمل زيك
- صدقيني عمر ظروفك ما هتكون زي ظروفي وكمان احنا مش زي بعض ردود أفعال البشر مش كلها واحده المهم تسامحيني
- هو احنا هنتطلق أمتا؟
- مستعجلة أوى تخلصي مني
- لأ مش كده أنا تعبت من الحياة اللي ملهاش ملامح محتاجة استقر أعيش في هدوء وسلام نفسي اعرف دنيتي هتمشي أزاي
- في ترتيب كده ف دماغي بس مش كامل لما يكمل هقولك عليه
- ترتيب أيه؟
- يارب ارحمني.. هو فضول الستات ده عندكوا كلكوا بنفس الشكل كده
- الله مش لازم افهم
- قولتلك لما يكمل في دماغي هقولك لأنه مجرد فكرة مش كامله هظبطها وأقولك
- ايوه يعني...
- قاطعها قائلا بنفاذ صبر: ميعنيش اتفضلي بقا نامي تصبحي على خير
- وأنتا من أهله
- وقبل أن يخرج من غرفتها هتف بأسمها: مريم
- نعم
- أدهم بحنان: حاسة أنك أحسن دلوقتي؟
- أه الحمد لله
- خدي أجازة بكرة أحسن..
- مش هينفع للأسف لأني كنت أجازة النهارده عل العموم متقلقش بكره هبقا أحسن بإذن الله هو الوجع بيكون أول يوم بس
- أنا مش قلقان عليكي مين قال إني قلقان أنا بتكلم بس عشان متجيش فنص اليوم تقوليلي روحني وأنا مش فاضي عندي شغل كتير
- أعوذ بالله منك أنا هقوم أنام وعلى العموم لو تعبت مش هكلمك ولا هقولك روحني
- أمال هتخلي خالد يروحك؟
- ياربي تاني.. تاني يا أدهم.. تصبح على خير
- وأنتي من أهله..
لا يعلم لما ألقى تلك الجملة السخيفة في نهاية حديثه معها كأنه شعر بالألفة معهاأثناء تحاورهما ولذلك أراد أن يعاقب نفسه ويعاقبها ويخبرها إنه لا يحمل تجاهها أي شعور بالحب أو حتى مجرد الألفة والونس لحديثها...
وفي الصباح استيقظ هو أولا وتركها دون أن يوقظها حتى تستيقظ بمفردها ثم عرض عليها أن يوصلها بسيارته فرفضت وأخبرته أنها بخير وتستطيع أن تسوق بمفردها.. ذهب كلا منهما لعمله ظنا منهما أنه سيكن يوما مثل باقي الأيام لكن اليوم لم يمر على أدهم هكذا..
بينما كانت مريم في العمليات تجري عملية جراحية لمريض مع طبيب أخر زميل وبعدما أنهتها وجدت نور بالخارج تخبرها عما حدث مع أدهم
- نور متسائلة: عرفتي اللي حصل مع دكتور أدهم؟
- أدهم! لأ معرفش.. أيه اللي حصل؟
- كان بيعمل عملية ولادة قيصريه لكن الحالة ماتت للأسف واتحول للتحقيق
- مريم بفزع: حصل أمتا الكلام ده؟
- من ساعتين تقريبا
- وأدهم فين دلوقتي؟
- بيتحقق معاه..
وفي تلك اللحظة سمعت مريم موظف الاستقبال يقول: دكتورة نور ودكتورة مريم مطلوبين في الاستقبال
علمت أن هناك حالة طارئة وهي ونور تم طلبهم للتعامل مع الحالة وكانت تحتاج لعملية جراحية في الحال،دلفت مريم العمليات محاولة ألا تفكر فيما حدث ل أدهم حتى انهت العملية التي استمرت أكثر من ساعة ونصف وحينما خرجت وجدت سيف أمامها ف هرعت إليه لتسأله عن صديقه لعله يعلم أي معلومة يخبرها بها..
- دكتور سيف تعرف حاجة عن اللي حصل مع أدهم؟
- أه هو كان بيعمل عمليه ل حالة كانت بتولد هو أنقذ الجنين بس الست للأسف ماتت
- وأدهم كان السبب ولا أيه اللي حصل؟
- لا أدهم مغلطش في حاجة انتي عارفة أن في حالات نادرة السائل الأمينوسي بيتسرب للأم ف الجسم مش بيفهمه ف بيهاجمه ف الحالة بتموت في دقايق ومبيبقاش قدام الدكتور إلا لحظات يا أما ينقذ الطفل يا أما الجنين والأم الاتنين هيموتوا.. وعشان كده التحقيق اتحفظ مع أدهم لأنه محصلش منه أي خطأ طبي..
- طب وأدهم فين دلوقتي؟
- روح بس الواضح أن حالته النفسية وحشة جدا حاولت اخليه يقعد معايا شوية لكن مرضيش وأصر يروح.. ياريت تحاولي تساعديه يخرج من الحالة ديه أدهم لو فضل في الحالة ديه مش هيعرف يرجع شغله بشكل طبيعي تاني
- بإذن الله.. أدهم قوي واحنا دكاترة وده وارد في شغلنا.. على العموم أنا هتكلم معاه وربنا يسهل بعد أذنك
- اتفضلي..
كان وقت عملها قد انتهى ف عادت سريعا إلى بيت أدهم وجدته في غرفته وهي مغلقة ترددت كثيرا وفكرت ماذا عليها أن تفعل تتركه بمفرده أم تتحدث معه وتتحمل أي انفعال منه.. لكنها شعرت أنه قد يحتاج بعض الوقت ليجلس مع نفسه فقررت أن تتركه حتى يخرج من غرفته وانتظرت لأكثر من ثلاث ساعات لكنه لم يخرج فقررت ألا تتركه أكثر من ذلك ف طرقت باب غرفته عدة طرقات فأجابها بصوت متحشرج تشعر وكأنه باكي لم تحاول أن تظهر أي عطف في صوتها حتى لا تثير غضبه نادته قائلة:
- أدهم الغدا جاهز يلا عشان نتغدا
- لا شكرا مش عايز.. اتغدي أنتي
- أدهم ممكن أدخل
- لأ
- لو سمحت
- لأ يا مريم سيبني لوحدي..
- قررت مريم أن تحدثه من خلف الباب: أدهم أنتا دكتور شاطر وحادثة زي ديه مش لازم تأثر عليك أنتا مغلطتش ف حاجة واحنا دكاترة وعادي نتعرض للحالات ديه احنا بنصارع الموت لكن في الأول والآخر قدر ربنا بينفذ ومش بأيدنا أي حاجة يمكن طبيعة شغلك ك دكتور نساء خليتك متعرضتش للموقف ده قبل كده بس صدقني مش المفروض أنك تلوم نفسك وتحمل نفسك ذنب أنتا مرتكبتهوش
وفي تلك اللحظة فتح أدهم الباب ل مريم.. دخلت واستأنفت حديثها التي علمت أنه في أمس الحاجة إليه..
- أدهم صدقني أنا فشلت ف علاج حالات كتيير والموت سبقني وهزمني بس اللي كان بيريحني إني بذلت كل جهدي إني أنقذ المريض لكن أمر ربنا كفايه أنك عملت كل جهدك وانقذت الجنين اللي هيفكرهم بيها دايما
- أجابها أخيرا بكل الألم الذي يحمله بداخله: والطفل اللي اتولد يتيم من غير أم تحن عليه.. من غير صدر يحتويه ويسقيه من لبنه وحنانه..
- ربنا أحن عليه منك ومن أمه حتى
- أنتي مش عارفة ولا فاهمة حاجة يا مريم
- طب فهمني اتكلم معايا يا أدهم..
- الست دي هي وجوزها فضلوا مستنين الطفل ده من ست سنين وجولي عشان أعملها عمليه حقن مجهري وقولتلهم أنها ممكن تتعالج وتحمل من غير عملية ومكنوش مقتنعين في الأول عشان جربوا علاج كتير قبل كده وبتوفيق من ربنا قدرت أعالجها وفعلا بقت حامل كنت عايش فرحتها هي وجوزها في كل زيارة وقد أيه هما كانوا متحمسين ومستنيين اللحظة اللي الجنين ده يوصل بالسلامة ولما اللحظة ديه تيجي هي متكونش موجودة متشوفهوش بعنيها.. متاخدوش في حضنها..
يا مريم أنتي مشوفتيش شكل جوزها وأنا بقوله الخبر وبديله البيبي مكنش مصدق فضل يقول احنا متفقناش على كده مش اتفقنا هنربيه سوا وهنلعب معاه سوا وهنسهر بيه سوا طب لو جاع مين هيأكله أنا كنت عايزه عشانك يا حبيبتي عشان مشوفش في عينك نظرة حزن كل أما تشوفي طفل لكن أنا عايزك أنتي خده يا دكتور ورجعهالي رجعلي حبيبتي رجعلي مراتي.. عايزاني بعد كل ده أبقى عادي ومحملش نفسي ذنب
- مسحت مريم دمعة كانت قد سقطت على وجنتيها رغما عنها من فرط تأثرها من حديثه ثم قالت: أنا مش بقولك تبقى عادي لكن مش لازم تحمل نفسك ذنب لأنه فعلا مش ذنبك
- أمال ذنب مين؟
- مش ذنب حد.. عمرها انتهى لحد اللحظة ديه لحكمة ربنا وحده أعلم بيها ربنا هيتولى الطفل وهيرعاه وهيسخرله اللي هيهتم بيه وكمان الزوج ربنا هيصبره وهيجازيه خير على صبره على الابتلاء، ده اختبار من ربنا ليه واحنا لازم ندعيله أن ربنا يعينه ويقويه عشان ينجح في الاختبار ده وأنتا يا أدهم لازم تنسى اللي حصل وترجع ل شغلك..
- أنا مش جاهز ل ده دلوقتي هاخد أجازة أسبوع وبعدها أبقى أشوف
لم تجادله كثيرا ف هي تعلم تلك الحالة جيدا لقد مرت بها في بداية عملها حينما توفى بين يديها أول حالة شعرت بكل ما شعر به بل هو موقفه أكثر حدة ف هي نفسها تأثرت بتلك الحالة لمجرد أن حكى لها عنها تركته وحاولت ألا تتطفل على وحدته كثيرا ومر الأسبوع وعاد أدهم لعمله لكن ليس كما كان، يرفض إجراء أيه عمليات مجرد كشف ظاهري أو ولادة طبيعية فقط وايه حالة جراحية يحيلها لطبيب آخر حتى عيادته الخاصة لم يعود إليها حاولت مريم التحدث معه لكنه رفض الحديث معها وأخبرها أن هذا قراره وأنه هو وحده من يستطيع أن يقرر متى يكن مستعد للعودة من جديد للعمليات الجراحية..
وبعد مرور شهركان هناك حادث سير وكانت أحد الضحايا إمرأة حامل بشهرها التاسع ومصابة بنزيف على أثر الحادث هنا قررت مريم أن يكن أدهم هو طبيب التوليد الذي سيساعدها في تلك الحالة.. وبينما كان أدهم يجلس في الغرفة الخاصة به هو واثنين من زملاؤه سمع صوت موظف الاستقبال في الميكروفون يستعجله للأهمية.. ذهب ليرى ما الأمر الهام الذي أحضروه من أجله فقال له متسائلا:
- في أيه يا محمد؟
- حضرتك مطلوب في غرفة العمليات 3
- عمليات؟!عمليات أيه؟ ومين طالبني؟
- دكتورة مريم هناك
- عايزة أيه يعني؟
- معرفش والله يا دكتور هي طلبت مني أطلب حضرتك بس بسرعة
- ماشي يا محمد
وهناك عند غرفة التعقيم وجد مريم بانتظاره
- في أيه يا مريم عايزة أيه؟
- أدهم أتعقم بسرعة وتعالى معايا
- أتعقم بسرعة أيه وآجي معاكي فين؟
- في حالة ولادة لسه جاية في حادثة والأم عندها نزيف شديد ومحدش هيقدر يتعامل مع الحالة ديه غيرك
- غيري أيه ما أنتي عارفة إني مش هدخل عمليات دلوقتي والطريقة ديه متنفعش معايا شوفي أي دكتور تاني يساعدك أنا لأ
وهم بالانصراف.. لكنها جذبته من معصمه قائلة:
- أدهم أرجوك ساعدني ننقذ الأم والجنين مفيش وقت للكلام ده ومفيش دكتور شاطر زيك ويقدر ينقذها
- زي اللي فاتت كده!.. أنتي للدرجادي بتكرهيني عايزة تدمريني عشان مقدرش أدخل عمليات تاني الست ديه لو ماتت مفيش ست هتثق فيا أصلا...
هل سترفع مريم راية استسلامها وتتركه وشأنه وتضعف أمام أتهامه لها أم ستستمر قوتها وتتغلب على خوفه وتستطيع مساعدته؟وهل سيحالفها الحظ هذه المرة وينقذ أدهم المريضة أم انها بداية النهاية لأدهم طبيب النساء الماهر هذا ما سنعرفه في الفصل القادم؟