رواية جواز اضطراري للكاتبة هدير محمود علي الفصل الخامس عشر
- مريم، يا نهار أسود
وقتها نظر أدهم حيث ينظرصديقه وجد مريم أمامه بتلك الهيئة ف جن جنونه وقال بصوت عال أفزعها وهي لم تلحظ وجودهما من الأساس لأن الصاله كانت مظلمة إلى حد كبير
- مريم؟!
- فقالت فزعة: أدهم!.
ثم تذكرت أنها مازلت ترتدي بيجامة دينا ودون حجابها ف جرت مسرعة على غرفة النوم مرة آخرى وقد لاحظ أدهم أن هذه غرفة نوم دينا وسيف معنى ذلك أنها نامت بها ولم تفعل ما طلبه منها ف أغتاظ منها كثيرا ووصل غضبه إلى قمته كانت دينا قد خرجت من الغرفة الأخرى مرتديه الأسدال فقال لها أدهم دون أن ينظر إليها:
- لو سمحتي يا دينا قولي ل مريم تلبس هدومها بسرعة وتنزلي تحت هستناها ف العربية.
- قالت دينا: طب نفطر مع بعض الأول
- لأ معلش مرة تانيه عشان أتأخرنا
كان سيف مازال مصدوما وغاضبا مما حدث من دينا ومريم يبدو أنه قد أخطأ فعلا حينما لم يتصل بهما قبل أن يحضرا وشعر بمدى الحرج الذي سببه ل أدهم ومريم وأيضا زوجته التي رآها صديقه بتلك الهيئة.
ارتدت مريم ملابسها سريعا وسلمت على دينا وانصرفت دون أن تنظر ل سيف لخجلها الشديد منه وهبطت على الدرج ولا يوجد ببالها سوى الاعصار الذي ستواجهه بعد ثوان حينما تلتقي ب أدهم...
أما سيف ف نظر ل دينا والغضب يملؤه: أنتي أزاي يا هانم تفتحي الباب كده أنتي أتجننتي يا دينا بتفتحي بقميص النوم؟!
- كنت متأكده أنه أنتا والله وأعرف منين أن أدهم معاك مهو أنتا متصلتش.
- والله وعرفتي منين بقا أنه أنا إن شاء الله أفرضي الزبال ولا حد من الجيران
- ريحة البيرفيوم بتاعتك كانت ماليه المكان وقلبي كان حاسس وبعدين ما أنتا عارف الزبال مبيجيش النهارده وجيران أيه اللي هيخبطوا الساعة 7 الصبح
- ومشمتيش ريحة البيرفيوم بتاعت أدهم ديه بتبقا قالبه المكان
- أنا مهتمتش ومركزتش إلا فيك يا سيف أنتا كنت وحشني أوي ومفكرتش ف أي حاجة غير إني محتاجة حضنك اللي وحشني بس.
لان قلب سيف من حديث دينا ودموعها التي سقطت على وجنتيها برقة فاقترب منها لأنه هو الآخر قد أشتاق إليها كثيرا ف مد يده إلى وجهها ومسح دموعها ثم ضمها إلى صدره وحضنها بقوة وهي الآخرى تشبثت به بقوة ثم قالت بلهجة طفولية باكية:
- متسبنيش تاني لوحدي يا سيف
- سيف بغيظ: دينا أنتي اللي قولتيلي روح بات مع صاحبك
- متسمعش كلامي أنا واحدة هبله وبقول أي كلام.
- حاضر يا حبيبتي بس بعد كده أوعي تفتحي الباب لحد تاني إلا وأنتي لابسة الأسدال فاهمة؟
- فاهمة يا حبيبي وأنا أصلا مش بعمل غير كده بس غصب عني والله بعدك عني نساني وخلاني مركزش ف أي حاجة غير إني أفتح بسرعة وأترمي ف حضنك
- ومريم كمان ليلتها هتبقى سودة ومهببة
- مريم مسمعتش أصلا جرس الباب ولما ملقتنيش جنبها خرجت تدور عليا لقيتكوا ف وشها
- أنتي مشوفتيش شكل أدهم ده هيبقا يوم زي الفل.
- طب كلمه وقوله يهدا عليها شويه
- مينفعش هو أصلا مش طايقني لأنه قالي أتصل بيكم قبل ما نيجي لكن أنا مرضيتش وقولت أعملهالك مفاجأة بس الواضح أنها كانت مفاجأة منيلة على الكل....
في الناحية الآخرى كان أدهم مازال واقفا منتظرا مريم وكان يضرب على سيارته بعنف كلما تذكر الهيئة التي رآها بها سيف جن جنونه كيف لها أن تفعل ذلك؟ لقد رآها صديقه في تلك البيجامة التي كانت تبرز كل جسدها تجسد كل تفاصيلها وكأنها لاترتدي شيء وشعرها المنسدل خلف ظهرها إنه لم يراها هكذا منذ أول يوم زواجهما ثم اعتادت مريم أن تربط شعرها، جاءت مريم ووجدت أدهم أمامها وهو مازال يضرب بيده على سيارته ف علمت أنها على وشك الدخول في الحرب وأن نظراته لها تكاد تحرقها حينما رآها فتح لها باب السيارة ثم ركب هو الآخر ولم يتحرك بل نظر إليها قائلا بعنف وغيظ.
- أنتي اتجننتي يا مريم أزاي تخرجي من الأوضة كده هو أنتي ف بيتك ده حتى وأنتي في البيت مبتلبسيش بيجامات كده
- ديه بيجامة دينا وأنا مكنتش أعرف والله أن في حد بره أنا قومت من النوم ملقتش دينا جنبي والأوضة بعيد عن الصالة شوية ومسمعتش أي صوت خرجت أدور عليها لقيتكوا ف وشي معرفش جيتوا أمتا ولا أزاي
- والله ومسمعتيش جرس الباب
- والله أبدا أنا كنت نايمة خالص لأننا نمنا متأخر ف غرقت في النوم ومحستش ب حاجة.
- ونمتي بردو ف أوضة النوم صح
ترددت مريم برهة وفكرت أن تكذب عليه لكنه رآها وهي تدخل الغرفة مرة آخرى ف قررت أن تصارحه ب حقيقة ما حدث
- بصراحة يا أدهم أنا والله كنت ناوية أنام ف الأوضة التانية وكنت مصدعة عقبال ما دينا راحت تجيبلي الدواء كنت غرقت في النوم ومحستش بنفسي.
- يعني سيف شافك بمنظرك ده وكمان يجيي ينام في أوضته يلاقي ريحتك ملياها وأتجنن أنا بقا ولا أولع ف نفسي عشان حضرتك نمتي على نفسك ,أصلا تقعدي ف الأوضة ديه ليه أتفضلي كلمي دينا حالا وقوليلها تغير ملاية السرير وأكياس المخدات عشان ريحتك متكونش على السرير
- لأ أتكسف
- تتكسفي من أيه يا مريم متجننيش عليكي خلصي وأتصلي بيها حالا قبل ما يناموا.
لم تجد مريم مفر من الاتصال ب دينا وأخبارها بما طلبه أدهم وبالفعل أتصلت بها وطلبت منها ذلك تعجبت من طلبها هذا لكنها فهمت إنها رغبة أدهم وحينما أغلقت الهاتف ضحكت كثيرا فسألها سيف
- بتضحكي على أيه؟
- على أدهم صاحبك تصور قال ل مريم تخليني أغير فرش السرير والمخدات عشان نامت عليه ومقفلتش إلا لما خلتني أحلف إني هغيرها
- وده ليه يعني؟
- عشان ريحتها متكونش على السرير اللي هتنام أنتا عليه بيغير يا حبيبي.
- ولما هو بيغير عليها وبيحبها أوي كده أمال أيه حكاية البت التانية ديه
- صحيح أنتا افتكرت وجرجرته في الكلام
- أه افتكرت وقالي نفس الكلام تقريبا اللي قاله ل مريم البت ديه أنا عارفها أدهم فعلا كان بيحبها أيام الجامعة بس متهيألي أنه عايز ينتقم منها عشان سابته مش موضوع حب وبتاع ده اللي حسيته من كلامه
- وبعدين؟.
- مريم الوحيدة اللي في ايدها تخليه بتاعها لو عايزة شوية دلع هيلين وهيعترف ويسلم أنه بيحبها لكن بقا جو كرامتي ومعرفش أيه هتخسره، طب أيه مش يلا ندخل أوضتنا نريح شويه؟
- أه ننام عشان أنا همووت وأنام بس لازم أغير الفرش الأول
- سيف غامزا: ننام أيه يا دينا هو ده وقت نوم أنا واخد أجازة من الشغل عشان تقوليلي ننام
- مهو مش هينفع يا سيفو يا حبيبي غير ننام ديه ممكن بعد 5 أيام كده يبقا في حاجات تانية.
- يالهوووي لأ متقوليش هوه حصل طيب روحي غيري الفرش عشان ننام بقا أهو نرتاح
- ههههههه حاضر
- اسكتي متضحكيش يا أختي أنا مش ناقص، يا حظك الزفت والهباب يا واد يا سيفو
أما على الجانب الآخر تحرك أدهم بسيارته وكان مازال الغضب يعصف بكيانه لكنه لا يتحدث وتذكر أنه أخذ مريم دون أن تتناول فطورها فأوقف سيارته وقال:
- هروح أجيبلك حاجة تفطري بيها وعصير عشان متتعبيش وضغطك يوطى.
- لأ شكرا ملوش لازمة لما أروح المستشفى أبقا افطر هناك
- هجبلك أي حاجة من الكشك اللي هناك ده تصبيرة عشان ممكن تلاقي شغل ومتلحقيش تفطري خليكي هنا ثواني وجايلك
- ماشي.
وأثناء جلوسها في السيارة سمعت جلبة في الخارج إمرأه تصرخ وتستغيث ب تاكسي ليقف ورجل آخر بجوارها يسند رجلا آخر يبدو أنه مريض وملابسه عليها دماء ليست بالقليله توقعت مريم أنها دوالي مريء ف هبطت من سيارة أدهم ونادته ف أتي إليها مسرعا وطلبت منه أن يسأل المرأة التي تصرخ عن حالة المريض وإن كان مصاب ب دوالي المريء أم لا؟وبالفعل ذهب وسأل الرجل الذي يتكأ عليه المريض وأكد ظنونها ف هو بالفعل مصاب ب دوالي المريء نظرت لهما مريم قائلة:.
- بسرعة يا أدهم ساعد الراجل يركب ورا ومعاه بنته وحضرتك أركب قدام متخافوش أحنا دكاترة والمستشفى مش بعيدة من هنا ثم وجهت نظرها للرجل الذي يجلس بجوار أدهم وسألته قائلة:
- هو رجع دم؟
- أجاب الرجل الجالس في الكرسي الأمامي: أه رجع دم كتير
- مرة واحدة؟
- أه
- بسرعة يا أدهم الراجل ده لو رجع تاني ممكن منلحقوش
- أجابها أدهم: متخافيش إن شاء الله خير ربنا يستر
- نطق المريض: متتعبوش نفسكوا أنا خلاص هموت.
- بكت ابنته الجالسة بجواره: متقولش كده يا بابا
- حاولت مريم تهدئة الفتاة وطمأنه المريض: متخافش هتبقى كويس إن شاء الله بس خليك فايق معايا كده
- أدهم خد تليفوني وأتصل ب خالد وأفتح الاسبيكر بسرعة
- خالد أشمعنا؟.
- مفيش وقت يا أدهم خالد هو اللي كان سهران أمبارح ويارب يكون لسه هناك ومروحش في حاجات لازم يحضرها عقبال ما نوصل يارب بس ميرجعش دم تاني لأن وقتها ممكن يدخل ف shock وهبوط في الدورة الدموية ووظايف التنفس تقف.
لم تكمل جملتها وكأن المريض سمعها وقرر أن يجيبها فورا ف تقيأ دم مرة آخرى طلبت مريم من ابنته أن تميله على جنبه وأن يتصل أدهم ب خالد بسرعة وبالفعل اتصل به من هاتفها وماهي إلا ثوان وقد رد عليها خالد قائلا:
- ألو صباح الخير يا...
- قاطعته مريم قائلة: دكتور خالد أنتا لسة في المستشفى؟
- أه.
- طب اسمعني بسرعة مفيش وقت أنا معايا مريض نبضه مش محسوس وضغطه واطي وكمية الدم اللي مغرقة هدومه بتقول أن دوالي المريء انفجرت ونزفت بنسبة كبيرة ورجع دم مرتين يعني لازم يتعلقله دم ف دقايق ومحاليل ونركبله انبوبه وبالونة في المري ولازم ياخد سانجستين عشان نوقف النزيف وعل الأقل حقنتين جلبيرسين جهز الحاجت ديه بسرعه عقبال منوصل وكمان بلغ الاستقبال يدخلونا علطول هو مش معاه بطاقة بلغهم بالاسم اسمه فسألت بنته فقالت سيد أحمد ابراهيم خليهم يدخلونا على الأفاقة علطول عشان هو shock وجايب massive bleeding.
خالد بالله عليك نيجي نلاقي كل الأدوية جاهزة لأن أي تأخير مش هيبقى في فرصة تانية احنا دقايق ونكون عندك
- خالد: حاضر يا دكتورة عقبال متوصلي هتلاقي كل حاجة جاهزة
- ماشي شكرا سلام ثم ألتفتت لأدهم ل تسأله: ها فاضل كتير؟
- خلاص أهوه 5 دقايق بالكتير ونكون هناك.
وبالفعل ما هي إلا دقائق ووصلا للمستشفى ساعد أدهم أخو المريض في حمله ودخلا به على غرفة الافاقة وكان خالد قد جهز ما طلبته مريم وساعدها في أنقاذ حالة عم سيد، كان أدهم مازال واقفا ينتظر أن يطمئن على حالة المريض وبعد حوالي ساعة خرجت مريم من الغرفة ونظرت لأهل المريض قائلة:
- الحمد لله قدرنا ننقذه بفضل ربنا وهننقله العناية النهارده لحد ما الحالة تستقر.
نظر لها أدهم مبتسما وقال في سره: الحمد لله كما حمد أهل المريض الله كثيرا وشكرا مريم بحرارة شديدة ثم ذهب أدهم ليبدأ عمله لكنه كان معجبا بما فعلته زوجته وطريقة تعاملها مع الحالة مر اليوم بسلام وأخذها وعادا إلى منزلهما وهناك كانت مريم تهم لمساعدته في اعداد الغداء لكنه أخبرها أن تستريح وأنه اليوم سيطلب طعاما جاهزا من مطعم قريب لانها منهكة منذ ليلة أمس ولم تسترح بالقدر الكافي وبينما كانا يتناولا غداءهما نظر لها قائلا:.
- أنا فخور بيكي أوي يا مريم أول مرة أشوفك وأنتي بتشتغلي المرة اللي فاتت لما اشتغلنا سوا مكنتش مركز غير مع الحالة بس بجد المرادي انبهرت بيكي أزاي كنتي قادرة تسيطري على الحالة وعلى اللي حواليها وتردي عليهم وأزاي عرفتي تتصرفي بسرعة.
- أنا معملتش حاجة أنا كنت سبب بس ربنا هو اللي بعتنا للراجل ده ويمكن سيف ودينا أتخانقوا وحصل كل اللي حصل ده عشانه ربنا قدرله أن يعيش وسخرنا عشان ننفذ مشيئته وده كان دورنا زي ما سخرني لعلاجه سخرك عشان توصلنا بسرعة وسخر خالد عشان يجهز الحاجة كل ده عشان الراجل لسه ليه عمر.
- نظر لها بهيام ووله ظهر بعيناه رغما عنه: أنتي جميلة أوي يا مريم مش بس من بره لأ جواكي أجمل ويمكن الجمال اللي جواكي هو اللي بينعكس على ملامحك ويخلي أي حد يشوفك يحس قد أيه أنتي جميلة ويحبك
- خجلت مريم من ثناء زوجها فقالت وقد تحاشت النظر في عينيه: أيه الكلام ده يا أدهم مش للدرجادي، ثم صمتت برهة وأردفت قائلة: عارف
- أيه؟.
- أنا دايما عندي يقين أن مفيش حاجة بتحصل في الكون صدفة كله بتدبير ربنا سبحانه وتعالى عارف حكاية سيدنا موسى والخضر
- طبعا
- أهوه أنا دايما بحس أن ورا كل ابتلاء خير يمكن نكون مش شايفينه دلوقتي ويمكن نشوفه بعدين أو حتى منشوفوش أصلا بس لازم يكون عندنا يقين أن طالما قضاء ربنا وقدره يبقا أكيد خير.
أخذت نفسا عميقا ثم أردفت قائلة: زي ما ربنا بعتك ليا وبعتني ليك يوم ما عمي جه وقالي أنه هيجوزنا رفضت في الأول ولما عمي أصر وافقت غصبن عني لأني كنت متأكده أنه مش هيسبني غير لما أوافق ولما قعدت بيني وبين نفسي صليت استخارة وحسيت أن جوازي منك خير وإن طالما ربنا حطك ف طريقي يبقا أكيد ده لمصلحتي، عارف يا أدهم بالرغم من معاملتك الصعبة ليا وشكك المتواصل فيا وغضبك اللي بيظهر من أقل حاجة إلا إني معرفتش أكرهك حسيت معاك بالأمان اللي افتقدته بعد موت بابا الله يرحمه واللي مقدرش مروان أنه يحسسني بيه أو يمكن حسيته ف وقت من الأوقات بس مكنش احساس حقيقي لأني لما أتجوزتك عرفت معنى الأمان الحقيقي كنت عارفة دايما أنه ورا العصبية الأوفر والكلام الدبش قلب طيب يمكن حصلتله حاجات عكرته لكن الأصل صافي وحنين أنا متعودتش أخد الناس بالظاهر اتعودت أبص على اللي جواهم ويمكن لأن صورة أدهم القديمة كانت مترسخة في عقلي مقدرتش أصدق أدهم التاني.
- علق أدهم بضيق قائلا: ممكن أطلب منك طلب؟
- اتفضل؟
- ممكن متجبيش سيرة الزفت اللي كنتي متجوزاه ده وتقولي أسمه قدامي
- أمال أقول ايه؟
- قولي الحيوان وأنا هفهم علطول ولا أقولك متقوليش حاجة أصلا ولا تحاولي تفكريني أنك كنتي متجوزة واحد تاني
- أشمعنا يعني؟
- كده وخلاص من غير أشمعنا يا مريم ممكن؟
- ممكن
- ألا قوليلي صحيح هو أنتي أتجوزتي الحيوان ده ليه؟.
- الله أنتا مش لسه قايلي متجبيش سيرته أديك أنتا اللي عايزني اتكلم عنه أهوه
- لأ مش عايزك تتكلمي عنه بس عايز أعرف يعني أيه اللي شدك فيه
أعادت رأسها للخلف ثم أغمضت عيناها لبرهة وأطلقت تنهيدة حارة
ثم قالت: مروان ظهر...
- قاطعها أدهم قائلا: قولنا متتهببيش وتقولي أسمه قولي الحيوان.
- ابتسمت مريم ثم أردفت قائلة: مش هقول الحيوان ولا غيره حرام بص أنا هتكلم بضمير الغايب هو ظهر ف أكتر وقت كنت محتاجة فيه لحد يكون سند وضهر ليا بعد وفاة بابا كنت محتاجة أحس بالأمان كنت تايهة أوي يا أدهم والأمان كان طول عمره بالنسبالي يعني راجل وأنا مليش أخوات وبابا مبقاش موجود ف جه هو ف الوقت ده حسسني بإهتمامه وبرغبته ف أنه يقرب مني وكل ده بردو وهو بيحترمني ومبيتعداش حدوده معايا شدني ب كلامه الحنين، بخوفه عليا وبعدها ب وقفته جنبي بعد وفاه ماما حسيت إني بحبه وأنه هيقدر يعوضني عن اللي راحوا صدقت كل حاجه كان بيقولها وكان بيعملها صدقت أنه هيكونلي الأمان والحماية والسند كنت خايفة أبقى لوحدي لأني مبحبش الوحدة لكن طبعا بعد الجواز اكتشفت أن هو اللي محتاج يحس بالأمان وفضلت فاقدة الشعور ده لحد ما قابلتك يمكن يكون هو حبني لكن مقدرش يخليني أحس بإني مطمنة ويمكن تكون أنتا محبتنيش بس خلتني مطمنة و....
عند تلك اللحظة كان أدهم يردد بداخله أنه لا يحبها حقا بل إنه يعشقها، هو لم يعرف الحب إلا معها سواء في طفولته أو حتى الآن حتى مع الآخرى لم يكن حب كان يظنه كذلك لكن حينما عادت مريم وأصبحت زوجته علم أن كل شيء معها مختلف كان يود أن يحتضنها بشدة أن يخبرها أنه لم يحب إمرأة سواها وأيضا كان بداخله شعور آخر بالغضب والغيظ وهي تحكي عن حبها لهذا المروان الحقير حزن لأنها أحبت رجلا آخر قبله لا لم تحبه ف حسب بل كانت زوجة له كانت تنام بين أحضانه كان يستنشق أنفاسها كان يغمر نفسه فيها شعر بالغضب والغيرة تجتاحه من تخيله لها وهي مع ذاك الحيوان فأغمض عينيه وأطلق زفرة حارة محاولا تهدئة نفسه وإخماد تلك النيران التي أشتعلت في صدره لاحظت مريم أنه قد شرد ولا يستمع إليها ف صمتت ثم هتفت بإسمه:.
- أدهم أنتا معايا، سرحت ف أيه؟
- معاكي يا مريم لأ مفيش معلش خلاص أنا آسف متكمليش كلامك
- ليه؟
- أجابها بغضب: كده يا مريم وبطلي بقا كل شويه ليه ليه زهقتيني
- أنا آسفة، أنا هروح أنام الظاهر أنا رغيت كتير وصدعتك بس أنتا اللي سألتني، على العموم تصبح على خير.
تركته وهمت بالانصراف وقد أخذت الأطباق التي تناولا الغداء فيها ودخلت المطبخ وكان هو مازال جالسا وهو يردد بداخله: وأيه ذنبها هي يا أدهم بتزعقلها ليه أنتا اللي سألت ملهاش دعوة بقا بغيظك وغيرتك دول ومش هتفهم كده قوم صالحها حرام عليك لسه بتقولك سندها وأمانها غبي صحيح
أسكت أدهم صوت نفسه وقام متجها للمطبخ حتى يعتذر لها وكانت هي في طريقها ل غرفة النوم فأمسك يدها قائلا:
- مريم، أحم أنا آسف مقصدتش والله.
- نظرت له وقد دمعت عيناها: هو أنتا كل شوية تزعلني وتقولي آسف ومقصدتش أنا مش عارفة أنا عملتلك أيه
- معملتيش وممكن متعيطيش تعالي نقعد نتكلم جوه
دخلا سويا غرفتها وأجلسها على السرير وجلس هو الآخر مقابلا لها ثم أمسك راحتيها بيد واحدة وبالآخرى مسح دمعها المتساقط على وجنتيها.
ونظر لها قائلا باعتذار وحب: خلاص بقا عشان خاطري متعيطيش أنا عارف أنك معملتيش حاجة بس كلامك عصبني غصب عني اتنرفزت ومعرفتش أسيطر على غضبي
- ردت بصوت باكي: وأنا قولت أيه يعصبك بس؟.
- قال بإبتسامة ساحرة: مريومة أنا راجل صعيدي صحيح معشتش في الصعيد كتير بس بردو مش قليل يعني حوالي 15 سنة ودول شكلوا شخصيتي مش بس كده أنا كمان كل الجينات والصفات اللي جوايا صعيدي وصعيدي قفل كمان ولما اتكلمتي عن الحيوان ده وعن أنك حبتيه وفكرتيني أنك أتجوزتيه ده جنني وطلع العرق الصعيدي وخلى الدم غلي ف عروقي.
- مش أنتا اللي سألتني يا أدهم وبعدين على فكرة أنا محبتهوش بالمعني الحرفي لو كنت سمعت بقيت كلامي كنت هتفهم إني أتوهمت حبه لكن أنا، ثم تنحنحت وأستطردت بخجل: أنا محبتش غيرك يا أدهم ومش من دلوقتي من زماان.
سر أدهم كثيرا لهذا الاعتراف ولم يستطع أن يخفي سعادته تلك عن عيونها ولم يستطع أيضا أن يخفى بسمتة التي ظهرت أثر اعترافها بحبها لها وأنها لم تحب سواه كما لم يحب هو سواها نظر لها ف رأى ما يحب أن يراه فيها وجنتيها المتوردة من اعترافها له ف لم يستطع أن يمنع نفسه من أن يلمس خديها بأصابعه فاقترب منها أكثر وظل يداعب وجنتيها ب ظهر يده وبينما هو يحرك أصابعه عليها نظرت له نظرة أطاحت بصموده شعر برجفة تسري في جسده كله وكأن نظرتها أخترقته شعر بخفقان قلبه الذي ظن أنها تسمعه من شدته وبدأت أنفاسه في العلو والهبوط فأبعد يديه عنها ثم هب واقفا وهم بالخروج من غرفتها لكن صورتها وهي جالسة بالقرب منه لايفصلهما سوى شبر واحد ونظرتها العاشقة له قبل قليل أبت عليه أن يخرج ف عاد مسرعا إليها وكانت مازلت في مكانها ف باغتها ب قبلة طويلة لم يقطعها سوى صوت رنين هاتفه الذي أفزعه وأعادهما إلى أرض الواقع مجددا ابتعد عنها بصعوبة بالغة وهو بالكاد يتنفس ثم قال لها وهو يخرج من غرفتها:.
- يلا نامي بقا عشان متتعبيش وأنا هشوف مين اللي بيتصل وهنام تصبحي على خير
- ردت عليه بأنفاس متقطعة: وأنتا من أهله
خرج أدهم وهو يحاول السيطرة على نفسه وعلى صوته قبل أن يجيب المتصل الذي لم يكن سوى سيف صديقه لا يعلم هل يشكره أم يسبه وأخيرا أجابه بضيق قائلا:
- أيه يا زفت عايز أيه؟
- أيه يا أدهوم جيت ف وقت مش مناسب ولا أيه؟
- أنتا هتستعبط عايز أيه يا سيف.
- بس قولي الأول كنت بتعمل أيه ها؟ الصراحة التيجر اللي عندك ده ميتسبش قالها سيف ليثير حفيظة أدهم
- أتلم يا قذر الموضوع ده بالذات مفيهوش هزار وقسما بالله يا سيف لو جبت سيرة الموضوع ده تاني ل هقطع علاقتي بيك ثم صمت برهة وأكمل قائلا ليضايقه هوالآخر مهو أنا كمان ممكن أعمل زيك بس مش أخلاقي فاتعدل أحسنلك.
اغتاظ سيف لأنه تذكر أن أدهم أيضا رأى زوجته بملابس أكثر أغراء من الملابس التي كانت ترتديها مريٍم ف أراد تغيير دفة الحوار قائلا:
- طب بص بقا أنا بكلمك عشان أسألك على حاجة سلمى أختى سألتني عليها قولتلها هعرف منك وأرد عليها
- هي سلمى رجعت؟
- لأ ديه كانت بتكلمني فويس بص هبعتلك الفويس اللي بعتتهولي وأنتا أبقا ابعتلي الرد ماشي؟
- ماشي يا سيف ابعت
- هقفل وابعتلك
- طيب.
- يلا سلام تصبح على خير روح كمل اللي كنت بتعمله آسف على المقاطعة
- أبو شكلك، سلام
انتظر أدهم رساله سيف سمعها ثم أرسل له الرد وأغلق هاتفه وتوجه إلى غرفته لينام.
كانت مريم مازلت مستيقظة وكيف تستطيع النوم وشفاه أدهم مازلت تشعر بها كأنها مازلت تحتضن شفتيها كانت تضع يدها عليها كأنها لا تريد أن تفيق من تلك اللحظة ليت سيف لم يتصل الآن علها قد ظلت بالقرب منه أكثر تمنت لو أنها ظلت بين ذراعيه بقية عمرها تمنت ألا تفارقه ألبته لكن هيهات لهذا الرجل الذي تشعر بحبه يغمرها ومع ذلك يصر دوما على الابتعاد لا تجد تفسير لما يحدث حاولت أن تغمض عينيها رغما عنها لكنها أبت عليها ذلك حتى الصباح.
أما أدهم حينما دخل غرفته ظل الصراع بداخله على أشده وجهاده لنفسه ليبتعد عنها قد بلغ أقصاه تمنى لو لم يتصل سيف حتى يعيش بين أحضانها ولو لمرة واحدة لكنه عاد ف تذكر السبب الذي يمنعه عنها ف حمد الله أنه انسحب في الوقت المناسب أنه يعلم جيدا إنها لو أصبحت زوجته فعليا فلن يستطيع أن يتركها ولو ظلت معه ف لن يستطيع أخفاء سره عنها لا لا لا يمكن أن تعلم سره حتى تظل صورته في عينيها كما هي ويظل حبها له كما هو لذا البعد أفضل ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرا نام أدهم من كثرة الأفكار التي راودته وحينما أستيقظ في الصباح طرق بابها ليوقظها فأجابته بصوت منهك علم بأنها مستيقظة وبعد لحظات خرجت من غرفتها وغير بادي على وجهها آثار نوم يبدو أنها لم تنم ليلتها تلك فقال لها محاولا تحاشي النظر إليها:.
- أيه منمتيش ولا أيه؟شكلك تعبان
- لأ نمت بس كنت قلقانة شوية مكنش جايلي نوم
- طب خلاص افطري وأدخلي نامي شوية لسة قدامنا وقت لحد معاد الشغل النهارده الشفت مسائي
- ماشي
تناولا فطورهما سريعا دون حديث منها حاول أدهم أن يتعامل بشكل طبيعي ويتحدث إليها فقال:
- مش سيف كلمني بالليل أخته كان عندها مشكله بس حاجة بسيطة يعني
- أيه خير مشكله أيه؟وبعدين هي رجعت من السفر؟.
- لأ ده هي بعتتله فويس كانت حاجة طبية بسيطة
- أها تمام طيب أنا هقوم أنام شويه
- ماشي تحبي آجي أقرالك شوية قرآن لحد ما تنامي
- لأ شكرا أنا هنام علطول تصبح على خير
- وأنتي من أهله.
نامت مريم حوالي ثلاث ساعات وبعدها ذهب أدهم إليها طرق باب غرفتها لكن يبدو أنها لم تسمعه فاضطر أن يدخل ليوقظها كانت نائمة ب قميص النوم الموف دون الروب بالطبع وكانت خصلات شعرها قد غطت عيناها فاقترب منها ثم ابعد شعرها من على عينيها ثم جلس على ركبتيه ليوقظها دون أن يفزعها ف ظل يربت على كتفيها بهدوء ورقة وينادي عليها بهمس:
- مريم، مريم أصحي.
- فتحت مريم عيناها ببطء وكأنها كانت في حلم جميل فقالت ب همس: أدهم هو أنا لسه نايمة بحلم
- لأ أنتي صاحية يلا قومي بقا عشان هنتأخر على الشغل يلا فوقي بقا
قال جملته تلك وخرج ينتظرها في الصالة فلا يتحمل أن يرها بتلك الهيئة أكثر من ذلك.
- وما إن قال كلمة شغل علمت مريم أنها حقيقة وليست حلم فأفاقت من نومها ثم اعتدلت في جلستها وقد نست أنها لا ترتدي الروب ثم عبثت في شعرها وأعادته إلى الخلف ومدت يدها لتفرد ظهرها فوجدت يداها قد لمست جسدها وليس الروب ففتحت عيناها ونظرت تذكرت أنها لا ترتدي سوى قميص النوم عاري الكتفين مفتوح الصدر ف وضعت يدها على صدرها بحركة تلقائية وقامت وأحضرت الروب وهي خجلة للغاية أن أدهم رآها هكذا وحينما رآته وهو جالس نظرت له قائلة بعصبية:.
- أنتا أزاي تدخل عليا الأوضة وأنا نايمة كده أنتا بتستهبل يا أدهم
- ما أنا عمال أخبط بقالي ساعة وبعدين يعني أنتي مراتي متكبريش الموضوع
- والنبي بلاش أسطوانة مراتي مراتي اللي كل شوية تشغلها وبعد كده متدخلش عليا وأنا نايمة تاني إلا لما أقولك تدخل
- ماشي، ممكن يلا بقا عشان أتأخرنا
- طيب هخلص علطول.
ارتدت ملابسها سريعا وصلت الظهر وأنصرفا سويا وأصرت أن تركب سيارتها اليوم ف هي لا تريد أن تبقى معه كثيرا ووافقها لأنه علم رغبتها في عدم الاجتماع به أو التحدث إليه وتركها تفعل ما يريحها..
كان اليوم في بدايته يبدو طبيعيا لكن كان هناك من يدبر ليصبح اليوم هو الأسوء على علاقة مريم وأدهم....
ماذا سيحدث بين أدهم ومريم ومن مصلحته الايقاع بينهما؟ وهل سينجح؟ هل سيكن هذا اختبار لثقة أدهم ب مريم؟ وهل سيجتاز أدهم هذا الاختبار بنجااح بالرغم من قسوته عليهما معا أم أن تهوره كالعادة سيهد كل ما بناه طيلة الأيام الماضية؟.