رواية جوازة بدل للكاتبة سعاد محمد سلامة الفصل الثاني
ما بين صلاة المغرب والعشاء
بمنزل سهر
دخلت نوال الى غرفة، سهر، وجدتها، تنام على الفراش وتضع الكتاب على وجهها، تنهدت نوال قائله: كنت متأكده أنك مش بتذاكرى، المهم دلوقتي قومى خدى ودى الحاجات دى عند جدتك يسريه.
رفعت سهر الكتاب عن وجهها قائله: و أيه الحاجات دى بقى؟
ردت نوال: مالكيش فيه، قومى غيرى بيجامة ميكى، دى، ألبسى حاجه تانيه، يلا عشر دقايق تكونى عندى في المطبخ.
نهضت سهر من على الفراش قائله: قبل عشر دقايق، وأغير بيجامة ميكى ليه أنا ألبس فوقها الايسدال، عادى الجو ساقعه.
نظرت لها نوال، بغيظ قائله: والله أنتى الى ساقعه، بس مش مهم يلا تعالى ورايا المطبخ، بسرعه علشان صلاة العشا خلاص فاضل أقل من ساعه وتأذن، تاخدى الكيس ده توديه عند جدتك، وآدان العشا تكونى هنا متتأخريش، أحنا في الشتا، وعلى بعد صلاة العشا، الرجل في البلد بتكن، والكل بيلزم بيته، وبلاش تتمسكنى لجدتك، علشان تاخدى منها فلوس.
ضحكت سهر وهي تسير خلف والداتها قائله: أنا أساسا مسكينه، ويجوز عليا الصدقه، وأنتى السبب معيشانى في حرمان.
استدارت نوال ونظرت لها بذهول قائله: معيشاكى في حرمان، ليه، حرمتك من أيه؟
ردت سهر بمسكنه مصطنعه: الآبتوب بتاعى، هنج، وبيشتغل بالضالين، وهخده المنصوره لمتخصص بعد بكره علشان يتصلح، وعارفه لو طلبت منك حق تصليحه، مش هترضى تدينى، فلوس.
نظرت نوال لها قائله: فعلا، فين مصروفك، أحنا لسه في أول الشهر، لحقتى تصرفيه.
ردت سهر: للأسف: تقدرى تقولى، يادوب يقضينى، مواصلات أسبوع، كان زميله ليا عيد ميلادها، وجبت لها هديه، هفت المصروف.
فكرت نوال لدقيقه، ثم قالت: طب أشوف حكايه فلوس تصليح الآب دى بعدين، دلوقتي، خدى الحاجه دى، وديها عند جدتك، يسريه، علشان الوقت، وأما ترجعى، أكون قررت.
أبتسمت سهر قائله: بحبك يا أحلى ماما عارفه قلبك الطيب، يلا بقى هروح لتيتا، وأرجعلك.
ضحكت نوال قائله: لسه مقررتش أعطيك الفلوس أو لأ، وبعدين نزلى القطتين الى على راسك دول، ولمى شعرك، و أعدلى الطرحه، قالت نوال هذا، وشدت شعر سهر، بالراحه، لينسدل على كتفيها.
أبتسمت سهر قائله: مش عارفه ليه القطتين دول بيضايقوكى، عالعموم، أهو لميت شعرى، وعدلت الطرحه، مسافة الطريق من هنا لبيت تيتا، وهتلاقينى، راجعالك.
تبسمت نوال، بحنان، قائله: خدى الشال ده حطيه على كتافك، الجو بره برد
تبسمت سهر لها وغادرت
تبسمت أيضا نوال وهي تراها تغادر.
بينما فتحت سهر باب الشقه لتفاجئ بمن أمامها
وأستغفرت بسرها حين رأتها.
بينما الأخرى تحدثت برخامه: سهر، رايحه فين أنا لقيت نفسى مضايقه من المذاكره، وكنت نازله أتسلى معاكى شويه.
همست سهر لنفسها: على أساس إنى قرطاس لب، وهسليكى، بينما ردت سهر عليها: أنا راحه عند تيتا يسريه، هودى لها الحاجه دى، ومش عارفه هرجع أمتى يا مياده.
نظرت مياده لها، قائله: طب كويس خدينى معاكى، أهو أفك رجلى، شويه، من تكتيفة المذاكره.
ردت سهر: طب مش تطلعى الأول تقولى، لمرات عمى، وتاخدى منها الأذن، أنك هتيجى معايا عند تيتا.
ردت مياده: لأ مش لازم، أنا قولتلها أنى نازله أتسلى معاكى، وهي عارفه أنى معاكى، فمش لازم.
ردت سهر: براحتك، يلا نمشى، لان ماما منبه عليا قبل آدان العشا أكون راجعه لهنا.
سارت مياده قائله: مش عارفه ليه طنط نوال، شديده في تربيتها ليكى، أنتى وعلاء، وفيها أيه لما تتاخرى، عند جدتك.
ردت سهر: ماما مش شديده ولا حاجه، بس ده الصح، أحنا في جو شتا، والناس في البلد بتنام بعد العشا، والسكه بتبقى فاضيه، وممكن شاب صايع ولا واحد متسكع، و مش كويس في الطريق.
علي الجانب الأخر
علي الطريق، بالسياره.
تحدث يوسف ل عمار قائلا: مبروك وربنا يباركلك، برافوا عليك عرفت تلف صاحب الأرض، وباعها لك، وسجلها في نفس اليوم كمان، أنت تاجر شاطر، الراجل مخدش في أيدك غلوه، وخدتها منه بالسعر، الى قولت عليه، قبل ما نوصل لعنده.
تبسم عمار يقول: ده توفيق من عند ربنا، أولا، ثم شطاره، أنا بقالى كام يوم بتواصل مع الراجل ده عالتليفون، بين شد وجذب، وكمان سألت، على سعر الأرض دى، شخص موثوق فيه، وأتحاورت معاه لحد ما وصلت سعر المناسب ليا، وله هو كمان.
تحدث يوسف قائلا: طب أيه الأرض دى هتبدأ تستصلحها، علطول، ولا هتسيبها شويه.
رد عمار: لا ده ولا ده، الأرض دى، زبونها جاهز، ومكسبها مضمون، هيتعمل عليها مدينه سكنيه جديده.
تعجب يوسف قائلا: أنت ناويت تدخل شغل العقارات.
رد عمار: لأ طبعا، أنا مش بفهم في شغل العقارات، أنا هبيعها، لشركه عقاريه، يعنى انا كنت زى، وسيط، أشتريت الارض، وهبيعها، وأخد مكسبى منها، وخلصت على كده.
تبسم يوسف قائلا: ربنا يباركلك، بقولك أيه في حاجه أنا مستغربها، خديجه أختى كانت قالتلى عليها.
رد عمار: وأيه هي الحاجه دى؟
رد يوسف: خديجه قالتلى، أن الحجه حكمت، بقالها فتره، عاوزاك تتجوز، أنت ليه مش بتوافقها، أنا عارف، أن أنت وخديجه، مش أزواج، صحيح في شقه واحده، بس الى بينكم أخوه.
تبسم عمار قائلا: أنت الوحيد الى تعرف ان خديجه مش مراتى غير عالورق، جوازى منها كان أمر من جدى الله يرحمه، لما عمى توفى، هو خاف، على ولاد عمى، وأن خديجه، لسه شابه صغيره، وممكن تاخد ولادها، وتروح تتجوز واحد تانى بعد عمى، ولما خديجه، رفضت، هو هددها هياخد، ولادها منها، وهي خافت منه، هو كان قلبه قاسى، وطلب منى أتجوزها وكان عندى تسعه وعشرين سنه وقتها، ووافقت علشان صداقتى، معاك، لأنى عارف طبع جدى كويس، مش بيحب الى يعند معاه.
تحدث يوسف: عارف طباع جدك، لأنك مش بس ورثت أسمه، كمان طباعه، مش بتحب حد يعند معاك، ولا يفرض عليك حاجه، وده الاستغربته، لما وافقت تتجوز خديجه، أنا متأكد، أن جواك كنت رافض، بس معتقدش، سبب قبولك الجواز من خديجه، وقتها صداقتنا.
رد عمار: فعلا صداقتنا مش السبب الوحيد، كمان وافقت علشان خديجه، أنها مش عاوزه، راجل تانى في حياتها بعد عمى الله يرحمه، يعنى الجوازه من الأول، كانت لرضا جدى مش أكتر، وفضلت أنا وخديجه، زى الأخوات، وهنفضل كده، طول العمر، أنت عارف حقيقة مشاعرى، من ناحيتها، هي زى بقية أخواتي البنات مش أكتر، وحكايه أن ماما عاوزه تجوزنى، واحده تانيه، دى عارف التانيه تبقى مين؟
مين؟، هكذا قال يوسف بأستخبار.
رد عمار: تبقى غدير، بنت عمى سليمان وأخت أسماءمراتك، مرات عمى فريال، بترسم على كده من مده، وأنا عامل نفسى مش فاهم، وساكت.
رد يوسف: بس غدير، ملائمه ليك، وكمان شخصيتها هاديه، أيه سبب اعتراضك عليها.
رد عمار: أنا معنديش أى أعتراض على أخلاق، غدير، بس كمان مش قادر أتقبل أشوفها كزوجه ليا، هي في نظرى زيها، زى بقية أخواتى، فكرت فعلا، أشوفها بطريقة تانيه ومقدرتش أتقبلها، ولو أتجوزتها متأكد هنفشل، حتى ماما قالتها ليا صريحه من كام يوم، أنى أنا وغدير، موعودين لبعض، ومش جه وقت تنفيذ الوعد.
تحدث يوسف: وأيه كان ردك، على مامتك.
رد عمار: كان ممكن أرفض مباشر، بس ماما هتفضل تزن، وتفكر إنى ممكن أغير، رأيي، بس، راوغت، وقولت لها تدينى، شوية وقت بس عندى كم شغله في دماغى أخلصهم، وبعدها هقول لها الرد، بس طبعا مرات عمى مكثفه جهودها، قوى الأيام دى.
تحدث يوسف: طب هتعمل أيه هتوافق ولا أيه؟
رد عمار: لأ طبعا أنا قولتلك، سبب رفضى، أنا متأكد لو اتقدم ل غدير، واحد تانى غيرى مناسب لها هي هتوافق، وترحب بيه كمان، غدير، بتتضايق كتير، من تلميحات مرات عمى، انا لاحظت كده.
تحدث يوسف: طب وهتفضل من غير جواز لحد ما يتقدم لغدير، شخص مناسب بالنسبه لها، الله أعلم هيتقدم أمتى.
رد عمار: أدعى من قلبك يتقدم لها الشخص ده قريب، وبعدها، ربنا يحل أمر جوازى، بغيرها.
تبسم يوسف بمكر: هو في غيرها، ولا أيه؟
ضحك عمار: لأ مفيش غيرها، أنت صديقى الوحيد، وكمان مخزن أسرارى كنت هخبى عليك، لو فى، وتفتكر، لو في واحده، تانيه في حياتى كان هيهمنى، كان زمانى أتجوزتها.
بقولك أيه سيبك من حكاية الجواز، بقولك حماتى عامله أيه بقالى مده مشفتهاش، وخديجه كانت قالتلى أنها عيانه.
رد يوسف: فعلا كانت تعبت شويه، والدكتور طلب شوية تحاليل، وفحوصات، والحمد لله، نتيجة الفحوصات كويسه، هو بس الصغط، والكوليسترول عاوزين تظبيط، والدكتور كتب لها على أدويه، وكمان حميه غذائيه، وأسماء، عامله عليها حصار، في الأكل، وساعات بتعمل زى الأطفال، بس بترجع تانى.
تبسم عمار قائلا: الوقت لسه بدرى، هوصلك لحد البيت، وأشوفها.
تبسم يوسف قائلا: دى هتفرح قوى، كام مره سألتنى عليك، قولت لها أنك في أرض الفيوم بتابع أستصلاحها.
رد عمار: أه والله أرض الفيوم دى، مشاكلها مش بتخلص، بس خلاص بدأت تنتج، وجايلى فيها، عرض بيع، وهشوف لو لقيته مربح ليا هبيعها، وأخلص من مشاكلها.
تبسم يوسف قائلا: مكنش ده كلامك في أول ما أشتريت حتة الأرض دى، كنت بتقول هتعمل عليها مزرعه، ومش هتبعها، وهتحتفظ بها، ولما بدأت خلاص تنتج، هتبيعها.
رد عمار: هي والله مش عاوز أبيعها، بس الجار، الى جنب الأرض دى، راجل مشاكله مع الحكومه كتير، وتقريبا كان زارع في أرضه خشخاش، والحكومه مركزه معاه، وكل ويوم والتانى، ألاقى على أرضى تفتيش من الحكومه، وعرضت على جارى أشترى أرضه، رفض، وهو مصاحب، مطاريد من الجبل، وعامل مزرعته، زى وكر لهم، دا غير أن المطاريد دول أوقات بينزلوا أرضى، ويسرقوا من الخضار، والفاكهه الى فيها.
تحدث يوسف: طب ما تبلغ الحكومه بأفعاله، وأطلب منها حماية أرضك منه.
رد عمار: تفتكر معملتش كده، بس أنت عارف الحكومه مش بتحمى حد، أنا أقدر أخلص منهم، وأجيب أكتر من غفير، وأطلع لهم أسلحه مرخصه، والى يقرب، يقتلوه، بس دول بقولك مطاريد وهاربين من أحكام عليهم، ومستبيعين، والدم عندهم زى الميه، وأخاف على أهلى منهم، فأنا هشوف الزبون الى جايلى فيها، لو قدم سعر مربح ليا، حلال عليه.
رد يوسف: ربنا يقدملك الخير، خلاص، وصلنا، قدام البيت، يلا أنزل، دى أمى هتفرح قوى لما تشوفك، دى بتحبك زيي تمام.
تبسم عماروهو ينزل من السياره قائلا: وهي معزتها كبيره عندى، كفاية جابتلى صديق زيك، بقدر أحكى له أسرارى وأنا مطمن، بس أوعى أسماء، في لحظة صفا معاه، تقر لها على أسرارى.
سار يوسف الى جواره وضحك قائلا: لأ متخافش أخوك حاويط، قال يوسف هذا، وزفر أنفاسه.
تحدث عمار: شكلك واقع مع أسماء، أيه الى حصل، موضوع الخلفه برضوا.
رد يوسف: أيوا هو، أسماء حاطه الموضوع في رأسها، بطريقه رهيبه، يعنى الدكتوره من آخر مره أجهضت، قالت لها، تاخد وسيلة منع حمل لفتره، تريح الرحم، من تكرار الأجهاض، في البدايه كانت رافضه، وقدرت أنا وخديجه، وماما، نقنعها أن الموضوع مش هياخد وقت طويل، فترة كم شهر مش أكتر، وبعدها، يمكن ربنا يكرمها، وتحمل وربنا يكملها على خير.
رد عمار بتمنى: يارب، يا يوسف، نفسى أشوفك أنت وأسماء عندكم ولاد كتير.
تبسم يوسف: وأنت كمان منفسكش يكون عندك ولاد، عالعموم، ربنا يرزقنا أحنا الأتنين الذريه، وتكون صالحه، يلا أنا فتحت الباب أدخل.
دخل عمار الى المنزل، وخلفه يوسف الذي نادى على والداته.
فخرجت من أحدى الغرف، حين رأت عمار، تبسمت بفرحه قائله: عمار، حبيبى، بقالى مده مشوفتكش، وسألت عنك خديجه، وكمان يوسف، يخونك العيش والملح، كل دى غيبه تغيبها عنى، بقالى أكتر من شهرين مشوفتكش، متنساش أنى حماتك وأقدر ألعب في دماغ بنتى أقلبها عليك.
ضحك عمار، وأنحنى على يدها مقبلا يقول: والله كنت مشغول جدا، وخديجه ويوسف عارفين وقالولى، والنهارده، أنا جايلك مخصوص، وبعدين، خديجه مفيش أطيب منها، أنا متربى هنا معاها هى، ويوسف، من صغرنا، وهاقولك على سر، أنا جعان جدا، طول اليوم أنا ويوسف مأكلناش، حتى سندوتشات في الطريق، سافرنا للقاهره صد رد.
تبسمت والدة يوسف قائله: دقايق هرن على أسماء جرس الشقه تنزل ونحضرلكم الأكل بسرعه، والنبى، دى لسه طالعه.
تبسم عمار لها قائلا: على ما تحضروا الأكل هقعد أنا ويوسف في مكتبه، نتناقش شوية.
تبسمت له
بينما دخل عمار ويوسف الى غرفه بشقة، والداته
جلس عمار على أحد المقاعد، وأخرج، علبة السجائر، وأشعل واحده.
نظر له يوسف قائلا: هات سيجاره.
نظر له عمار بأستغراب، أنت مش قولت بطلت شرب سجاير، أيه رجعت تانى لها ولا أيه؟
رد يوسف: لأ مرجعتش لها، بس أنت أغرتنى، أنا بطلتها أساسا، بالأجبار، بسبب بنت عمك، كانت كل ما تشوف في ايدى سيجاره تزعل منى، وتقولى الفلوس الى بتصرفها عالسجاير أحنا اولى بيها، وكمان صحتك.
رد عمار: والله كلامها صح، بس تقول أيه السجاير، دى لعنه، نفسى أبطلها مش عارف، بس مش خايف أسماء تشم ريحتك وتعرف أنك شربت سجاير من تانى؟
ضحك يوسف قائلا: ما أنا هكدب عليها وأقولها مشربتش وانك أنت السبب في ريحة السجاير، الى على هدومى، وهي هتصدقنى، طبعا.
ضحك عمار قائلا: والله أسماء بنت عمى، غلبانه، معرفش ليه ماخدتش من صفات مرات عمى فريال، كانت سيطرت عليك زى مرات عمى ما هي الى مسيطره على عمى كده.
بعد قليل.
علي صوت آذان العشاء
نهض عمار من على طاولة الطعام، قائلا: الحمد لله، تسلم أيدك، يا حماتى، أنتى وأسماء، أنا ويوسف نسفنا الأكل من حلاوته.
أبتسمت أسماء له قائله: صحه، وهنا، أعملك شاى، ولا أجيبلك عصير.
رد عمار: لأ تسلم أيدك، العشا بتأذن، يادوب ألحق أنا ويوسف نروح الجامع نلحق صلاة الجماعه وبعدها أروح أنام.
تبسمت أسماء قائله: حرما مقدما، وأبقى سلملى، على بابا وماما ومرات عمى، وخديجه، وكل الى هناك.
ابتسم عمار، قائلا: الله يسلمك، يلا سلاموا، عليكم.
تبسمت والدة يوسف قائله: وعليكم السلام، متغبش عنى تانى.
تبسم عمار: مش هغيب بس أنتى افتكرينى، في دعائك، بالخير.
تبسمت له قائله: بدعيلك أنت ويوسف في كل صلاه، ربنا يرزقكم من وسع ويوفقكم، يااارب.
أمن يوسف وعمار، على دعائها، وخرج الأثنان.
بينما في منزل جدة سهر
حين سمعت سهر صوت الأذان، أنتفضت واقفه، تقول: العشا أذنت، ماما قايلالي، قبل صلاة العشا تكونى راجعه، يلا يا مياده، همشى أنا و مياده بقى يا تيتا.
تبسمت جدتها، وقبل أن ترد تحدثت مياده قائله: أنا لسه مشربتش النسكافيه بتاعى، مش هتجى من خمس دقايق تأخير، أكيد مرات عمى مش هتزعقلك عليهم.
ردت جدة سهر: كلام مياده صح يا سهر مش هتيجى من خمس دقايق، وأنا هتصل على نوال، وكمان تعالى معايا عاوزاكى في المطبخ.
ذهبت سهر، مع جدتها الى المطبخ، وتركت مياده وحدها.
تحدثت جدة سهر وهي تعطى لها بعض المال قائله: أنا قبضت النهارده، خدى، مصروفك بتاع كل شهر منى أهو.
تبسمت سهر وهي تاخذهم ثم حضنت جدتها قائله: والله أنا بنت حلال، وربنا هيسترنى، أنا مصروفى كله خلص تقريبا، والابتوب كمان ضرب، أهو ربنا، رزقنى بمصروف، عقبال ما يرزقنى بحق تصليح الآبتوب.
تبسمت لها جدتها قائله: ربنا يسترك، وميحوجك لحد، ويسعدك يارب، يلا أطلعى لبنت عمك زمانها شربت النسكافيه.
ردت سهر: يارب أطلع القاها شرقت من النسكافيه وماتت.
ضحكت جدتها قائله: صحيح انا مش بحب البت دى، ولا أمها، بس حرام عليك، خليها تموت في مكان تانى غير بيتى.
ضحكت سهر، وهي تخرج خلف جدتها، وعادوا، الى مياده التي مازالت ترتشف النسكافيه بتأنى، تحدثت سهر قائله: يلا بينا يا مياده، العشا خلاص، في اخر ركعه، وهيسلموا، خلينا نرجع قبل الرجاله ما تطلع من الجامع الى على أول الشارع.
نهضت ميادة بتأفف قائله: يلا، شكرا يا تيتا على النسكافيه، والبسكويت كان طعمه حلو، قوى سهر قالتلى أنك أنتى الى عملاه.
تبسمت جدة سهر لها قائله: أستنى يا حبيبتي هجيبلك شويه، خديهم معاكى.
نظرت لها سهر بضيق، ولم تتحدث الى أن عادت جدتها بعلبه صغيره، وأعطتها ل مياده.
تحدثت سهر قائله: يلا بينا بقى، خلاص كده، ولا لسه عاوزه حاجه تانيه؟
ردت مياده ببرود: لأ مش عاوزه حاجه، شكرا يا تيتا.
قالت مياده هذا، وقبلت جدة سهر، خرجت، ثم قبلت سهر، يد جدتها، ثم قبلت خديها، وغادرت خلف مياده.
سارتا الأثنتان، كانت سهر تسير سريعا، بينما مياده تسير على مهلها، نظرت لها سهر قائله: خفى رجلك شويك، أنتى ماشيه، زى السلحفه كده ليه؟
ردت مياده: أمشى أنتى بالراحه شويه، الوقت مطارش، يا دوب لسه أهم طالعين من صلاة العشا.
تحدثت سهر بضيق: قصدك حتى المصلين روحوا، خفى رجلك شويه.
سارت مياده تحاول مجراة سير سهر السريع لكن
كانت هناك سياره جوار الجامع، كادت أن تخبط مياده، لولا شد سهر لها، لتبتعد عن السياره، وتتبدل أماكنهم لتصبح سهر هي من جوار باب السياره.
لاحظ عمار ذالك
هو بهذا الوقت كان أنشغل بأشعال السيجاره، وأوقف السياره فجأه، حين كاد أن يخبط تلك الفتاه، ظن أن من تسير جوارها هي من حاولت دفعها، وثم جذبتها للناحيه الاخرى، لتكون هي أمامه تلفت نظره، بينما ما حدث عكس ذالك.
حين تحدثت سهر، لمياده بضيق قائله: أنتى أتجننتى، ماشيه كده، ومش شايفه العربيه جايه، بدل ما تميلى بجنب، ماشيه مقابلها، أفرضى كان الى سايقها خبطك غصب عنه، أو أنا مكنتش شديتك بعيد عن العربيه.
ردت مياده بتمنى: ياريتك ما بعدتينى عن العربيه، ياريته كان خبطنى، أنتى متعرفيش ده مين؟
ردت سهر بذهول من قول مياده، لأ معرفش، ومش عاوزه أعرف هو مين، وخفى، رجلك شويه في المشى، أنا أتأخرت، وماما هتزعقلى، وكل ده بسببك.
ردت مياده: بقى متعرفيش من الى سايق العربيه، ده عمار زايد، وبعدين إحنا متأخرناش، يادوب أهم طالعين قدامنا من العشا.
بعد قليل، وصلتا، سهر، ومياده الى المنزل
تحدثت مياده قائله: هطلع علبه البسكويت وأنزلك نكمل رغى شويه.
ردت سهر: لأ متنزليش، أنا حاسه إنى بردانه، وشكلى داخله على دور، برد هدخل أنام حتى من غير ما أتعشى، تصبحي على خير.
قالت سهر هذا، وفتحت الشقه، ودخلت وأغلقت الباب خلفها قبل صعود مياده الى شقتة والداها.
رغم ضيق مياده من أغلاق سهر باب الشقه بوجهها لكن صرفت عن رأسها، وتبسمت وهي تتذكر، قبل دقائق حين توقف عمار، بالسياره، تتمنى أن تكون لفتت نظره.
بينما دخلت سهر الى الشقه، وجدت نوال تنظر، لها بشر قائله: مش قايله قبل العشا متأذن تكونى هنا.
ردت سهر: والله ما انا السبب كله من الغلسه الى أسمها مياده، جت معايا عند تيتا، وكل ما أقول لها نقوم تتحجج، وأسالى تيتا، أنا مكنتش عاوزها تجى معايا من البدايه، بس هي زى الازقه، وجت معايا غصب.
ردت نوال، : طيب أدخلى أقلعى ال ايسدال ده وتعالى ساعدينى نحضر العشا، زمان بابا، وعلاء جاين، وشوفى تيتا آمنه كده خلصت صلاه ولا لسه، الأول.
أمائت سهر برأسها دون كلام، وذهبت الى غرفة جدتها، تبسمت وهي ترى جدتها، أنهت الصلاه، ثم رفعت يديها تدعو الله بالصحه والستر، لأبنيها، وأبنائهم
فقالت سهربمزح: والنبى، يا تيتا أدعيلى، يحنن قلب نوال عليا، وكمان أنجح.
تبسمت لها آمنه قائله: بدعيلك، بالستر، والنجاح، وكمان يرزقك أبن الحلال، وبعدين هي نوال قاسيه، دى مفيش في حنيتها.
تبسمت سهر قائله بهمس: هي حنينه مع الكل الى معايا، بتعاملنى معاملة مرات الأب.
ضحكت آمنه قائله: طب بتوطى صوتك ليه؟
ردت سهر قائله: خايفه تسمعنى، وتنادى عليا، تقولى تعالى معايا حطى العشا، وتشغلنى تحت أيديها، هي تغرف الأكل وأنا أرصه عالسفره، أنما، كده هتحجج بيكى، وأقول انى أستنيتك لحد ما تختمى الصلاه، علشان أقولك العشا جاهز.
ضحكت آمنه قائله: أنا مشوفتش بنت مش بتحب شغل البيت، أمال أما تتجوزى هتعملى أيه مع جوزك، مين الى هيحضرله أكله، وينضف المكان؟
ردت سهر بتسرع: أمه هي الى هتعمل كده، أو يجيبلى فلبنيه، وبعدين أنا مش بفكر في الجواز، قبل ما اتخرج وأشتغل كمان.
فى أثناء حديثهن نادت نوال، قائله: يلا يا ماما تعالى انا حطيت العشا عالسفره، تعالى لوحدك، والى معاكى دى متجيش معملتش حسابها في الأكل.
ضحكت سهر قائله: شوفتى مش بقولك معاملة مرات الأب أهى مستخسره فيا العشا.
ضحكت آمنه وهي تحاول النهوض من على سجادة الصلاه، قائله: تعالى هي بتهزر.
مدت سهر يدها، وساعدت جدتها على النهوض، وسندتها، الى أن وصلا الى السفره، وأجلستها مكانها، ثم جلست هي الأخرى، جوار والداها، تهمس معه بالحديث، الى أن أتت نوال ببعض الاطباق، ونظرت لها قائله: أنا معملتش حسابك في الأكل.
نظرت لوالدها بتمثيل قائله: شايف يا بابا معاملة ماما ليا، أهى قدامك.
ضحك والداها قائلا: متزعليش هأكلى من طبقى.
فرحت سهر ونظرت الى والداتها قائله: أنا بحبك قوى يا بابا، يارب يخليك ليا، دايما وتجبر بخاطرى.
بنفس الوقت وبنفس المنزل، لكن بالشقه التي بالدور الثانى.
قبل قليل
جلس وائل جوار والداته هيام قائلا: هو بابا فين؟
ردت عليه قائله: بابا بيصلى هو وعمك في الجامع وزمانهم على وصول، بتسأل ليه؟
رد: طب فين مياده، مش باينه؟
ردت عليه: قالتلى من شويه نازله تقعد شويه مع سهر، بتسأل ليه؟
رد وائل: في موضوع عاوز أكلمك فيه، ومش عارف، رد بابا عليه هيكون أيه؟
قالت هيام: وأيه هو الموضوع ده، أتكلم؟
رد وائل: أنا ناويت أخطب.
ردت هيام: وطبعا هتخطب الست سهر.
رد وائل: لأ مش سهر، أنا عاوز أخطب واحده تانيه، سهر، بالنسبه ليا، زى أخواتى البنات، كلام جدتى الفارغ ده، أنا مش مسؤل عنه.
تبسمت هيام قائله: بجد طب مين الى عاوز تخطبها، دى؟
رد وائل: غدير، بنت سليمان زايد.
نظرت له هيام، بتعجب قائله: مين، ودى هترضى بيك، على أيه، أنت متعرفش هي بنت مين؟
رد وائل: لأ هترضى بيا، بصراحه كده أنا وهي بنحب بعض من كذا سنه، وأنا خلاص الحمد لله، شقتى خلصت تشطيب، وكمان هقبض جمعيه كبيره، هجيب بها عفش الشقه، وهيفيض معايا مبلغ، أعمل بيه الفرح، في أى قاعه محترمه، كل الى عاوزه منك أنك تقنعى بابا، بجوازى من غدير، وكمان تروحى تطلبيها من أهلها.
تبسمت هيام بأنشراح قائله: طالما واثق من البنت كده يبقى ده يوم المنى، وده النسب الى يشرف، بس سيبنى يومين تلاته كده، أقنع في أبوك، وكمان، أقول لجدتك تجى معايا، دار زايد.
تبسم لها وائل بترحيب.
غافلين عن تلك التي دخلت ولم يشعروا بها وتسمعت على حديثهم، وبدات برسم أوهام برأسها، أن هذه قد تكون أشاره لها، التقرب من عائلة زايد.
بعد يومين
عصرا
كان الجو ممطرا بشده.
كان عمار يسير، ذاهبا الى منزل صديقه، يوسف، وكان يسير، تحت شرفات المنازل
بنفس الوقت
كانت سهر تسير، بالطريق عائده من جامعتها، ذاهبه الى منزلها، كانت تسير أسفل شرفات المنازل أيضا، لتتجنب المطر، لكن أثناء سيرها، أسفل الشرفات، رفعت بصرها، تفاجئت بمن أمامها، حاولت التجنب، له ليعدى، لكن كادت قدمها أن تنزلق، لولا أن أمسك عمار، يدها، قبل أن تنزلق.
سرعان ما أعتدلت بوقفتها، وسحبت يدها من يده قائله: أنا أسفه، شكرا، كان هذا فقط ما تحدثت به، ولم تقف وسارت تكمل طريقها مره أخرى، حتى أنها لم تنظر لوجهه، بينما هو وقف ينظر بأثرها الى أن أختفت، بين الشوارع، وقال، شكلك بت مش سهله مره كنتى هترمى صاحبتك قدام عربيتى، والمره دى، عملتى نفسك كنتى هتقعى قدامى، بس للصراحه، أنتى حلوه
بس للأسف مش عارف، أنتى بنت مين؟
ليلا، كانت آمنه
نائمه تحلم.
سهر تسير، تحت الأمطار الغزيره، أقدامها حافيه، في ليله شتاء حالكة السواد
تسير الى الأمام، وكلما أقتربت من النور، تعتم الظلام أكثر، الى أن وقفت بمنتصف طريق.
علي كل جانب، كان يقف رجلا، علي يمينها كان يقف وائل، لكن ينظر لها بأستياء، حتى أنه أدار لها وجهه، وعلى يسارها، رجل آخر، يقف بالظلام، حتى أنه يرتدى الأسود لم تستطيع رؤية ملامحه، بسبب الظلام، لكن فجأه أقترب من سهر، وشدها بعنف من يدها، لتسير خلفه، لكن سهر، قاومته، وكانت تمد يدها الأخرى، ل وائل لكى ينقذها من ذالك الرجل، لكنه تركها، وذهب بعيدا، وهو يبتسم، بينما هي سارت مع الأخر تصرخ صرخات مكتومه.
صحوت آمنه فزعه، بسبب ذالك الحلم، حاولت النهوض من على فراشها، ولكبر سنها، كانت بطيئه، حركتها، لكن نهضت، وخرجت من غرفتها، وذهبت الى غرفة سهر، وفتحتها بهدوء، وأشعلت ضوء خافت، أقتربت من الفراش، ونظرت الى تلك صاحبة الوجه الملائكى تأملت بسمتها وهي نائمه، وتنهدت، قائله لنفسها: خايفه بسمتك دى تختفى، أناحاسه أن في حاجه هتحصل هتدفعى أنتى تمنها، هيام وأبنها، مش بيهمهم غير مصلحتهم، خايفه عليكى يا بنت أبنى الصغير، والحنون.