قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية تعافيت بك الجزء الثالث للكاتبة شمس محمد الفصل الرابع والعشرون

رواية تعافيت بك الجزء الثالث للكاتبة شمس محمد الفصل الرابع والعشرون

رواية تعافيت بك الجزء الثالث للكاتبة شمس محمد الفصل الرابع والعشرون

و كَأن الطلَة من مُحياها وهيج الروح ؛ و وحدها بسمتها شفاء الجروح.
هل من المعقول أن يشقى? المرء بلين قلبه، هل يمكن أن يتسبب رخوه في تمزقه إلى أشلاءٍ لم تعد تنفع و لا تضر؟ كيف لنورٍ يملأ القلب أن يعيش في ظلامٍ حالكٍ وسط أناسٌ قلبهم أشد من قسوة الصِوان؟ كيف لقلوب أن تفتقد ل كل كلمات الرحمة و اللين و ما بها من معانِ؟ كيف لدنياي أن تُخفي الفرحة من ناظري و كيف لها أن تتفنن في كسر خاطري؟

غدت الروح تُحلق في الجسد مثل الفراشات و كأنها طيرٌ أمتلك الجناحات، فملأ النور قلبها و سكنت الراحة في وجهها، و تشبثت بذراعيها به و هي تشهق شهقاتٍ مُتقطعة و تردد من بين تلك الشهقات بصوتٍ باكِ مختنقٍ من شدة ما تعايشه من مشاعر جديدة عليها كليًا بسبب سعادة ملموسة تمسكها في يدها على هيئة اوراقٍ حلمت بها مرارًا منذ أن أصبحت معه هو: الحمد لله يا رب، ألف حمد و شكر ليك يا رب، الحمد لله.

أبتسم هو ما إن أدرك مدى فرحتها و التي بالطبع تأكد هو منها مُسبقًا، فرفع ذراعيه يطوقها بهما و هو يقول بصوته الرخيم: الحمد لله إن ربنا كتبها لينا سوا، و الله كل حاجة كانت متيسرة و كأنها واقفة بس على حركتي، الحمد لله على فضله و كرمه.

حركت كفيها على ظهره تمسد عليه و هي تقول من بين عبراتها المناسبة و صوتها الباكِ: أنا بحبك يا حسن أوي، آسفة لو كنت تعبتك يوم أو خليتك تحس احساس صعب عليك، بس أنا و الله بحارب نفسي علشان مرجعش في يوم هدير اللي كله كرهها، قولي أعمل إيه يخليك ترتاح طيب؟ قولي ازاي انسيك إنك تعبت في الدنيا دي؟ قولي ازاي أقدر أوفي دينك دا.

ابتسم هو نتيجةً لحديثها ثم ابتعد عنها بنسبة قليلة حتى يتسنى له رؤية وجهها الباكِ و هو يقول بنفس النبرة الرخيمة الهادئة: مش عاوز منك حاجة غير وجودك و الله، و هقولها تاني أنا الغريب اللي لقى ونسه فيكي أنتِ، خليكي معايا في الدنيا دي لحد ما ربنا يأذن و نمشي منها و نروح جنته، علشان أكون خدت راحتي دنيا و آخرة، خليكي معايا.

حركت رأسها موافقةً عدة مرات خلف بعضهم بقوةٍ و هي تبكي بحرقةٍ جعلته يسألها بلهفةٍ: مالك؟ بتعيطي كدا ليه؟ دا مش عياط فرح، أنتِ زعلانة ليه.

ردت عليه هي من دموعها و شهقاتها: علشان أنتَ كتير والله عليا، كتير أوي و عمري ما كنت أتخيل إن ييجي اليوم اللي أعيش فيه كدا معاك، هنروح العمُرة بجد؟ أكتر أمنية بقيت بحلم بيها أنتَ بتحققها ليا يا حسن، كل ما أحس أني حلوة و فيا حاجة تستاهل تتحب، ألاقيك ترجعني تاني لنقطة الصفر و أشوفك كتير عليا، و الله العظيم كل يوم أفكر إزاي أخليك تفرح من قلبك.

احتضنها هو بقوةٍ و هو يتنفس الصعداء يدخل الهواء الطلق إلى رئتيه حتى قال بنبرةٍ هادئة: خليكي معايا، هي دي بس الإجابة و الله، مش لاقي غيرها يفرحني، و أهو الحمد لله أنتِ قابلة و راضية بيا و بوجودي، و حباني كمان، كلمة احضني يا حسن دي بالدنيا عندي و الله، سهرك معايا و أوضة أحلامك كل دا بيفرحني أنا قبلك، واحد زيي عاش مش لاقي حد في الدنيا دي يونسه، علشان يعرف قيمة وجودك في الحياة يا هدير.

سألته بصوتٍ باكٍ: طب اشمعنا العمرة؟ ليه فكرت في دي بالذات؟
تنفس هو بعمقٍ ثم قال بعدما ابتسم بهدوء: علشان كان نفسي أشوفك بالأبيض أوي، بس محصلش نصيب، قولت خلاص ألبسها الأبيض الأحلى منه، غير كدا، أنا بدأت أقرب من ربنا أكتر و أنا و أنتِ بنساعد بعض و دي أول سنة تيجي عليا و أنا معاكي، دي أكتر سنة فرحت فيها و شوفت كرم ربنا عليا و أنا متجوز و معايا اللي بحبها.

عقدت ما بين حاجبيها بعد حديثه لذا ابتعدت عنه تطالعه بتعجبٍ ثم رفعت كفها الأيمن تمسح دموعها بظهر الكف و هي تسأله: ازاي؟ مش كنت متجوز ريم؟ و تقريبًا قضيتوا سنتين مع بعض؟ يعني إيه و أنتَ متجوز؟

رد عليها بنبرةٍ هادئة بعدما زفر بقوةٍ حينما تذكر ما سبق عليه: أنا مكنتش معتبرها جوازة يا هدير، أنا كنت منظر ليها قدام الناس و هي ليا كانت واحدة بحاول اتأقلم معاها، كانت أغلب الأوقات مع مامتها و صحابها، كنا بنتقابل اسبوعيًا و مع ذلك كنت بحاول و الله علشانها.

ردت عليه هي بنبرةٍ جامدة بعدما أثار حديثه فتيلة غيظها و كطبع الأنثى تغار من مجرد الذكر فقط قالت: خلاص؟ أنتَ بتحرق دمي! الله يرحمها بقى، متنكدش عليا
ابتسم هو رغمًا عنه و هو يقول بنبرةٍ تمتزج بضحكاته: الله! مش أنتِ اللي سألتي طيب؟ معرفش إنك بتغيري كدا، دي واحدة ميتة
ردت عليه بعدما وكزته في مرفقه بغيظٍ من برود اعصابه: بطل تغيظني، الله؟ إيه حاولت علشانها دي؟ ناقص تقولي انكم روحتوا شهر عسل سوا!

حاول كتم ضحكته بجهادٍ و فشل في ذلك حتى شهقت بقوةٍ و هي تسأله بدهشةٍ: روحتوا شهر عسل! و أنا كنت فين؟ لأ لأ أكيد مش هغير من واحدة ميتة، لأ خلاص.

رد عليها هو بنبرةٍ لازال بها أثر ضحكاته عليها: برافو عليكي يا هدير، شطورة، بعدين خلاص أنا معاكي أنتِ و قلبي ليكي أنتِ و رحلة العمر مكملها معاكي أنتِ، و العُمرة هنروحها سوا خلاص، إيه اللي مزعلك؟ هي الله يرحمها ملهاش عندي غير شوية أيام أنا نسيتهم أصلًا و أطلب ليها الرحمة من ربنا، لكن أنتِ يا ونس العمر، أنا افديكي بروحي كمان.

ابتسمت هي بسعادةٍ بالغة فقال هو بنبرةٍ هادئة: رني عليا كدا عاوز أوريكي حاجة، رني بس بسرعة
حركت رأسها موافقةً ثم أخرجت هاتفها من جيب ردائها و هي تبتسم بحماسٍ حتى صدح صوت هاتفه و هو يمسكه يوجه شاشته لها حتى ترى ما قام هو به، حينها شهقت بقوةٍ حينما وجدته قد سجل اسمها ب ونس العُمر و قام بوضع صورة الأميرة تحتضن الوحش يرقصان سويًا.

اقتربت منه تقبل وجنته ثم قالت بنبرةٍ حماسية كما لو أنها طفلة صغيرة تحصل على دُميتها المفضلة: أنا بحبك يا أبو علي، روح ربنا يكرمك ب على يا رب
رد عليها هو بنبرةٍ ضاحكة: ربنا يكرم بقى يا أم على إن شاء الله، بس خلينا دلوقتي نجهز نفسنا علشان العُمرة، إحنا مسافرين أخر الاسبوع دا
حركت رأسها موافقةً ثم شرعت في التحدث بحماسٍ حتى نطق معها مُقلدًا طريقتها:
احضني يا حسن.

ضحكت هي بصوتٍ عالٍ حينما قلد طريقتها و هو أيضًا معها حتى احتضنها تستقر بين ذراعيه كعادتها لكن تلك المرة تشبثت هي به و هي تردد بصوتٍ خافتٍ:
الحمد لله، الحمد لله.

في صباح اليوم التالي تركها ياسين نائمةً و انسحب من جوارها بهدوءٍ حتى لا تستيقظ إثر تحركه من جوارها حتى يذهب لوجهته المُحددة الذي اتفق عليها مع وليد بعدما وصل اتصالًا لكل منهما منها هناء و كانت تلك أغرب مكالمة وصلته في تلك الفترة بعدما ظن أن كل شيءٍ أصبح على ما يُرام، أو هكذا ظن هو، نزل من الشقة بخطواتٍ هادئة ثم ركب سيارته و بعد مرور بعض الوقت في القيادة و قد انشغل باله في تلك المقابلة التي لم يضعها بالحسبان، و حينها ارتفعت ضربات قلبه خوفًا عليها؛ فمن المؤكد أن تلك المقابلة خاصة بها هي.

وصل أخيرًا أسفل عيادة الطبيبة النفسية فوجد وليد ينتظره خرج من سيارته ثم اقترب منه يسأله بلهفةٍ: متعرفش هي طلبتنا ليه؟ أكيد الموضوع يخصها هي صح؟
رد عليه وليد مؤكدًا: أكيد طبعًا الموضوع يخصها هي، بس متخافش كل حاجة هتبقى تمام يا ياسين، خير.

حرك رأسه موافقًا محاولًا اقناع نفسه بذلك الحديث على الرغم من تصديقه أن من القلق الذي يُفتت داخله كما ينخر المرض في الجسد، صعدا سويًا للأعلى و دلفا معًا للطبيبة التي ابتسمت لهما و هي تقول مُرحبةً بهما:
أهلًا و سهلًا يا أستاذ ياسين، ازيك يا وليد؟ اخباركم إيه؟ اتفضلوا اقعدوا.

جلسا كليهما بعدما أشارت هي و هي تبتسم لهما، في حين أن ياسين اندفع يسألها بقلقٍ بالغٍ: معلش يا دكتور؟ ياريت حضرتك تقوليلي إحنا هنا ليه؟ الموضوع أكيد يخص خديجة صح؟
حركت رأسها موافقةً و لازالت تبتسم كما هي بوجهٍ مُشرقٍ يتنافى? مع ملامح القلق البادية على وجهيهما، بينما سألها وليد بثباتٍ:
خير برضه؟ يا ترى فيه إيه؟ حضرتك أكيد عارفة أهمية وجودها عندنا، يعني إحنا هنا على أعصابنا.

ردت عليه هي بتفهمٍ و تقديرٍ لحالتهما: أنا فاهمة و الله و مقدرة و عارفة كل دا، و علشان كدا جيبتكم مع بعض، بما إن موضوع خديجة يخصكم سوا، علشان حضراتكم اكتر اتنين يهمهم أمرها
استطاعت بحديثها جذب انتباههما لها و استحوذت على فكرهما، فقالت هي بنبرةٍ هادئة تفسر لهما الأمر بحديثٍ طغى عليه الطابع العملي:.

سفر حضرتك يا أستاذ ياسين كان نقطة مهمة ممكن تكون محورية كمان في حياة خديجة، نقطة كانت ممكن ترجعنا تاني لنقطة السفر و تحصل انتكاسة أكبر من اللي كان في الأول، بس الحمد لله قدرنا نسيطر على الوضع
حرك رأسه مستنكرًا حديثها و كذلك وليد لكنه كان أكثر ادراكًا للأمر بما إنه عايشه معها و رآها و شهد على حالتها في فترة غيابه، فتحدثت هي بنفس الثبات:.

يعني خديجة لما بدأت تتعافى و تتأقلم على حياتها معاك كان السبب الأساسي في التعافي دا هو وجودك و دعمك ليها، طول الفترة اللي كنا فيها سوا بتخضع لجلسات العلاج كان كل كلامها إن مفيش حد يخيلها تاخد الخطوة دي و لا حد تقدر تعمل علشانه حاجة، حتى نفسها مكانتش فارقة معاها، لكن بظهورك و دعمك ليها هي بدأت تتعامل صح، بقت دافع يخليها تتعالج و تتعافى و تتصرف علشانه هو و طبعًا حياتها معاك اقوى دليل على كدا، و الفرق ظهر زي وضوح الشمس!

حرك رأسه موافقًا ثم أضاف بنبرةٍ هادئة يفسر لها الحديث: هو دا كله صح، بس خديجة ضعيفة أوي لسه، لسه بتخاف برضه و لسه خايفة من تلقائيتها، و لسه مش عارفة تفهم الدنيا، خديجة حاليًا ملهاش غيري بجد، مش ببالغ بس هي فعلًا لسه بتخاف من كل حاجة، معادا أنا.

ردت عليه هي بنبرةٍ هادئة بعدما ابتسمت له: يمكن علشان خديجة بتفكر إن مش كل الناس ياسين، يعني اللي يقبل بتلقائيتها و عشوائية تفكيرها و كل حاجة فيها هو ياسين بس، علشان كدا غيابك كان له تأثير قوي جدًا عليها، و وليد يشهد على كل دا.

وجه ياسين بصره نحو وليد يستفسر منه بنظراته فقال هو مفسرًا: للأسف أنا كنت بحاول على قد ما أقدر و الله أني أساعدها، أنا في غيابك شوفت خديجة القديمة تاني من جديد، الفضل طبعًا بعد ربنا لعمو رياض إنه كلمني و خلاني أخدها، ساعتها كلمت دكتورة هناء علشان تقولي اتصرف ازاي، و الحمد لله اتصرفنا صح، أو بيتهيألي كدا.

ردت عليه هي مسرعةً: لأ، اتصرفنا فعلًا صح، أنا خليتها تتأقلم مع ناس جديدة عليها، و خليتها تنزل وسط ناس و ساعتها كان فيه تقرير بيوصلي عنها و عن حالتها كاملة، علشان كدا كلمت حضراتكم
سألها ياسين بعد حديثها مسرعًا هو الأخر: طب اتفضلي، ازاي بقى حضرتك اتصرفتي صح؟ يعني قدرتوا في غيابي تتعاملوا معاها عادي؟

فسرت هي حديثها مجاوبةً استفساره: آه يا أستاذ ياسين، خديجة نزلت جمعية خيرية و قدرت فيها تخرج كل طاقة الحزن اللي كانت جواها بغيابك، الفكرة إنها لقت حاجة تشغلها عن التفكير في غيابك و في نفس الوقت عملت حاجات كتير هي كان نفسها فيها، علشان أوضح أكتر فيه حد هييجي يوضح أفضل مني.

حرك رأسه موافقًا فهاتفت هي من تريد تطلب منها القدوم لها و بعد مرور ثوانٍ فقط كانت قاتلة بسبب الانتظار دلفت نوف و هي تبتسم لهم تزامنًا مع قولها: صباح الخير على حضراتكم؟

ردوا عليها التحية فيما اقتربت هي تجلس على مقربةً منهم و هي تقول بنبرةٍ هادئة معرفةً عن نفسها: أنا نوف بدر، بدرس علم النفس و مسئولة في دار ضي القمر الحقيقة أنا كنت مع خديجة الفترة اللي فاتت دي طول الوقت، لاحظت فيها طاقة غريبة أوي هي بتخرجها صح و بتبدع فيها كمان، كل حاجة كنت بخليها تعملها كنت بشوف منها شخص تاني جديد عليا كليًا.

سألها ياسين بحيرةٍ من الحديث: طب و دي حاجة حلوة و لا وحشة؟ يعني دي تساعدها بعد كدا يا آنسة؟

حركت رأسها موافقةً ثم أضافت بنبرةٍ حماسية مسرعةً في الحديث: طبعًا يا أستاذ ياسين، دا شيء عظيم جدًا، يعني خديجة مثلًا لاحظت أنها بتحب تشرح و تفهم الأطفال أوي، عندها طاقة رهيبة لكدا، و في نفس الوقت أي عمل خير هي بتخرجه بكامل طاقتها، خديجة قدرت أنها تعمل حاجات كتير أوي في وقت قصير، الفكرة بس إنها عاوزة تكون في مكان يخليها تخرج الطاقة اللي جواها و تكون بتعمل الحاجة بحب مش بالفرض عليها، و دا هيساعد كتير أوي.

سألها تلك المرة وليد مسرعًا: طب المكان دا زي إيه؟ يعني شغل مثلًا؟ و لا قصدك أنها تكمل معاكي.؟
ردت عليه هي بثباتٍ: الشغل مع خديجة صعب، لأن على ما أظن هي مش محتاجة هدف مادي، يعني الشغل كله إجبار و فرض و عمل بمقابل مادي مش هتحس بقيمة اللي هي بتعمله، إنما في الجمعيات الخيرية أو في المساعدات هي بتتصرف بكل حب و تلقائية من غير خوف، و دا فضل الأماكن اللي زي دي.

تحدثت الطبيبة النفسية بنبرةٍ هادئة تطلب منها الاستفسار أكثر حتى قالت هي بنبرةٍ ثابتة: يعني مثلًا خديجة في المكان دا عرفت حاجات كتير أوي أهمها أن وجود الأهل و الناس نعمة و دا من خلال الاطفال الايتام و المسنين اللي اتعاملت معاهم، في نفس الوقت قدرت تحقق حلم من أحلامها و هي أنها تكون مُدرسة، قدرت تفرح لما لقتني بعتمد عليها في حاجات كتير و ساعتها هي حست إنها فعلًا ناجحة في حاجة، علشان كدا خديجة لازم تكمل معانا علشان لو فيه أي طاقة سلبية أو أي حاجة لسه ممكن تكون بتأثر عليها تتمحي خالص، خديجة وسط الناس هتفرح أكتر.

سألها ياسين بلهفةٍ ممتزجة بقلقه من تفكيرها أو ما تسعى هي للوصول إليه: طب و دا كدا مش ممكن يأذيها لو حصلها مشاكل؟ يعني ممكن تتعامل مع ناس مش مناسبة ليها و دا كدا يأثر بالسلب؟

ردت عليه تُطمئنه بحديثها: دا في حالة لو زي ما قولت أنه شغل و فيه منافسة و حماس، إنما في حالة الجمعية دي، العمل تطوعي قايم على المساعدة، يعني مفيش منافسات و لا أي حاجة تخليها في صراع مع حد، هي بتخرج طاقتها في الخير دا، فيه ناس معاها بتشجعها و تدعمها، يعني حتى لو فيه منافسة فهي منافسة في الخير الغرض منها أولًا و أخيرًا مساعدة الناس و طاقة خديجة تكفي دا و زيادة.

فهم كليهما مقصدها من الحديث لذلك نظرا لبعضهما ثم وجها نظراتهما نحو الطبيبة في نظرةٍ قالت الكثير و الكثير و إن كانت صامتةً، فيكفي فقط أنها حثتهما ببصرها على اتخاذ تلك الخطوة.

في منتصف اليوم و خاصةً
في شركة احفاد آل الرشيد اجتمع الشباب مع بعضهم يتابعون سير العمل و كلًا منهم يخبرهم بمهامه و كيف قام به، حتى أخبرهم حسن باتمام تجهيزات السفر على الرغم من كونه أخبرهم قبل أن يخطو تلك الخطوة، حتى أن وئام هو من أخبره بأمر جواز السفر التي تمتلكه هدير و أنه بالفعل قامت بإخراجه سعيًا منها في السفر للخارج لمباشرة العمل في مجال دراستها.

تحدث طارق يسأله بنبرةٍ متحمسة لصديقه: المهم هتمشي إمتى؟ عاوز أودعك يا أبو علي
ابتسم له و هو يقول براحةٍ: يوم الجمعة الفجر إن شاء الله، عامر ظبطلي كل حاجة و ربنا يكرمه بجد متعبتش في أي حاجة هو يدوبك خد الورق مني و رتب كل حاجة، طلع مدير بجد و الله، مع أني كنت شاكك.

ضحك الشباب عليه فأضاف أحمد بنبرةٍ هادئة ممتزجة بثباته الدائم: على فكرة عامر ما شاء الله عليه بيعرف إمتى يفصل في كل حاجة، و يعرف امتى يكون جد و إمتى يكون مرح، بنبهر بشخصيته بجد و الله راجل بجد و صاحب صاحبه هما كلهم محترمين ربنا يحفظهم و خصوصًا عامر المحترم.

أنزل يا عامر من على السُفرة بدل ما ورب الكعبة اكسرها عليك، انزل يالا؟
تفوه بها خالد بنبرةٍ جامدة أقرب للانفعال حتى رد عليه الأخر مُسرعًا بخوفٍ: اديني الأمان علشان أنزل، أضمن منين إنك متقلش معايا؟

رد عليه بنبرةٍ جامدة: لأ أنا لا يمكن أقل معاك، أنا هقل منك أنتَ، يا أنا يا أنتَ يا عديم الرباية، يعني مش كفاية المولد اللي عملته كمان مصوره لايف؟ ليه يا بني؟ هي أي فضايح و خلاص؟ أروح الشغل ألاقي شركة كاملة بتضحك عليا علشان جون جيبته؟
رد عليه عامر ببرود كعادته: أنا بخدمك و الله، كلهم فاكرينك إتم و نكدي و دي حقيقة فعلًا بس أنا مش حابب أجرحك، رغم إنك راميني هنا بقالك ساعتين، خليني أنزل يا عم.

اقترب منه خالد يحاول الإمساك به و هو يقول بنبرةٍ جامدة منفعلًا: عمى الدِبب يا مهزق أنتَ، شوف يا عامر؟ الدنيا هتلف و تدور و الزمن هييجي علينا و أنا و أنتَ هنقف نتفرج على ابني و ابنك على نفس السفرة دي و علم على كلامي دا بقى.

أقترب منهما ياسر يقول بضجرٍ من افعالهما: شوف يا بني أنتَ و هو؟ أنا زهقت منكم، كانت علاقة الهباب يوم ما اجتمعنا سوا، إيه الهم دا؟ يلا يا خالد سيبك منه، اتفضحنا و اللي حصل حصل، حاجة مش جديدة
ابتعد خالد عن الطاولة يجلس بجوار ميمي فسألته هي بنبرةٍ ضاحكة: عملك ايه المهزق دا؟

رد عليها منفعلًا بقلة حيلة: تعبت منه! عمل اللي عمله و خلاص قولنا أهيه ليلة نعتبرها ليلة واحد فينا، إنما يطلع لايف و مخلي الواد يصور صوت و صورة؟ و علني كدا يفضحنا؟
أقترب منهم عامر بخوفٍ و هو يقول بصوتٍ مهتز: يعني يرضيك الحِنة دي متتوثقش؟ طب دا أنا لو كنت سيبت اللايف و ممسحتوش كان زمانه مكسر الدنيا
رمقه خالد بغيظٍ و هو يقذفه بوسادة المقعد تزامنًا مع قوله: بس يا سافل! يخربيت بجاحتك ياض؟ ليك عين تتكلم.

تحدث عامر مسرعًا و كأنه اتتبه لتوه: صح وليد فين؟ حد فيكم كلمه؟
اومأ كليهما سلبًا فيما تحدث هو بخبثٍ حينما أخرج هاتفه مسرعًا و هو يبتسم بغموضٍ غلف نظراته تزامنًا مع قوله: أنا هكلمه خلاص، يا أنا يا أخته، كله إلا عموري، هتقهرلي الواد بنت الرشيد؟

نظر إليه ثلاثتهم بتعجبٍ و قبل أن ينطق أيًا منهم يستفسر منه عن حديثه كان هو طلب الرقم حتى وصله الرد من وليد يقول مسرعًا بسخريةٍ: خير أنا بسوق و مروح؟ تلاقيك مزنوق على الترابيزة و عاوز حد ييجي ينجدك
رد عليه بنبرةٍ جامدة زائفة و كأنها جادة في الحدة و الكلمات: لأ يا حلو، أنا مكلمك علشان أشوف أخرة عمايل أختك، مخلية الواد يخبط كف على كف؟ أخته؟ خلود أخته ازاي؟ راضعين على بعض؟

رد عليه وليد بتيهٍ و ضياعٍ: أنا مش فاهم منك حاجة! خلود عملت إيه بس؟
رد عليه مسرعًا بما حدث من أخته لأخيه و حديثها الذي ضرب برأسه و مخيلاته عرض الحائط، فتحدث وليد بنبرةٍ ضاحكة حاول الثبات حتى لا يظهرها:
بجد! خلود عملت كدا؟ أحب أقولك إن دي جينات الرشيد الصغير، مش بايدي و الله.

ابتسم عامر بخبثٍ و هو يقول بثباتٍ يدل على نيته الشريرة نحو تلك الفتاة: طب بما إن دي حرب جينات بقى، خليني اوريها جينات الصعايدة اللي بحق، عاوز رقمها لو سمحت
سأله وليد بترقبٍ ثم انهى حديثه مهددًا له: ليه؟ أوعى تكون هتعمل حاجة؟ أنا أموتك فيها، دي خلود يعني الخوخة بتاعتي
رد عليه بنفس الخبث: و دا عموري يعني قلب عامر، انجز بس هات الرقم و يمكن نقرأ الفاتحة قريب.

بعد إلحاحه عليه قرر وليد أخيرًا مناولته رقمها على مضضٍ، فابتسم عامر بانتصارٍ تحت نظرات الاستنكار من الجالسين عليه و فور انهائه المكالمة سأله ياسر بتعجبٍ:
ولا! أنتَ هتعمل إيه؟ عملتلك إيه خلود؟ عامر بطل هبل؟
زاد الخبث في نظراته و هو يبتسم بنفس الغموض المسيطر عليه حتى طلب رقمها أخيرًا فردت عليه هي بتعجبٍ من الرقم:
ألو مين معايا؟
آنسة خلود؟ ازيك عاملة إيه، أنا عامر، عامر فهمي.

ردت عليه هي بتعجبٍ أكثر من قبل و زاد عن السابق: أهلًا و سهلًا خير يا أستاذ عامر؟ فيه حاجة و لا إيه؟

رد عليها هو بثباتٍ يلقي بحديثه دفعةً واحدة دون أن يكترث بها: لأ خالص كل الحكاية بس أني طالب منك خدمة، فيه بنوتة قريبة سارة مراتي هتيجي من البلد هي قدك، هتيجي تاخد دروسها هنا علشان هما لسه ناقلين هنا جداد، مؤقتًا يعني هيسكنوا نفس بيت والدي، هيكونوا جيراننا، المهم عمار محرج منك يقولك تصاحبي البنت دي و تروح معاكي الدروس، فأنا قولت أكلمك و أطلب منك، ينفع؟

ردت عليه هي بوقاحةٍ من شدة غيظها من مجرد الفكرة فقط: و أنا مالي؟ هي من بقية عيلتي يعني؟
رد عليها هو ببراءةٍ أجاد رسمها: ازاي بس؟ أنا معتمد عليكي أنتِ و الله، أصل هي بتتحرج من عمار علشان والدي كان قاله أنه عاوز يطلبهاله، و هي من ساعتها بتتكسف مننا، علشان كدا بقولك تصاحبيها و تروح معاكي الدروس أحسن و بعدين عمار أخوكي، يعني دي ممكن تكون مرات أخوكي.

ضغط على فتيل غيرتها بحديثه حتى صرخت هي دون أن تشعر: أخويا منين دا؟ أنا اخواتي هما أحمد و وليد، و مراتات أخواتي هما عبلة و سلمى إن شاء الله، غير كدا معرفش حد
ابتسم هو بانتصارٍ ما إن أدرك غيرتها و حديثها الذي تنبثق منه النيران، فأضاف هو متوسلًا لها: طب علشان خاطري يا خلود معلش ساعديها دي غلبانة خالص و طيبة، اعتبريها يا ستي أختك و هو هيبقى جوز أختك.

أطبقت اسنانها ببعضهما بغيظٍ و سألته بضجرٍ و هي تحاول التماسك و الثبات: اللهم طولك يا روح! عاوز مني إيه طيب؟ خير يا أستاذ عامر؟

أملى عليها ما يريد و شرح لها كل شيءٍ و اتفقا سويًا على المقابلة بعد مرور ساعة تقريبًا عند المركز التعليمي حتى تتعرف على تلك الفتاة منذ الليلة و تبدأ معها رحلة الصداقة، و حينما استطاع هو اقناعها و نجاحه فيما أراد ابتسم بانتصارٍ ثم أخرج هاتفه يطلب من يريد و هو يتصنع البراءة ببراعةٍ.
بعد مرور دقائق من المهاتفات رحل سريعًا من المكان بعدما ودع الجميع، فتحدث خالد بعد اختفاء أثره بغموضٍ:.

اقطع دراعي إن ما كان الواد هيخرب الليلة على دماغ الكل و أولهم أهله هو، يا رب هات العواقب سليمة، أنا مش حمل مصايب ابن فهمي.

وقف حسن بسيارته في الأسفل أمام بنايته ينتظر قدوم زوجته حتى نزلت تركض له فور خروجها من المصعد، فابتسم هو لها حينما دلفت السيارة بجواره فسألها بمرحٍ ممتزجٍ بالحماس:
ها! جاهزة و لا إيه حكايتك؟
صفقت بكفيها معًا و هي تقول: أوي أوي بجد و الله، هموت من الفرحة، حسن أنتَ متوقع احنا رايحين فين؟ أنا حاسة أني بحلم.

رد عليها هو بنبرةٍ هادئة بعدما قام بتشغيل محرك السيارة بعدما ابتسم لها: آه رايحين الحُسين نجيب حاجات العمرة إن شاء الله، عمو مرتضى قالي على المكان اللي هنجيب منه، مبسوطة؟
ردت عليه بصوتٍ مختنقٍ من فرحتها: هموت من الفرحة، حاسة إن الدنيا مش مكفياني والله، حسن أنا عاوزة أعيط تاني و تالت، أنا كل شوية أصلي ركعتين شكر لله من كتر فرحتي، إيه الاحساس الغريب دا؟

ابتسم لها و هو يقول بصوته الرخيم: دا احساس الفضل و النعمة يا روح قلب حسن، الحمد لله على كل حال، و يلا خلينا نبدأ بقى رحلتنا إيه رأيك؟

حركت رأسها موافقةً بحماسٍ و هي تبتسم له فحرك هو السيارة و حينها اندفعت هي ترتمي عليه تحتضن ذراعه الحر و تُلقي برأسها على كتفه حتى ابتسم هو على حركتها تلك فيما رفعت هي رأسها و بطرف عينيها طالعته بعشقٍ جارف تتأمل ملامحه الرجولية السَمِحة رغم خشونتها إلا، جمع بين كل الصفات التي تمنتها يومًا ملامح وجه جادة و رغم ذلك تجمع لين العالم بين طياتها، هاديء الطباع و الهيئة و رغم ذلك استطاع مشاركتها الجنون و التهور، يجهل كل الأشياء التي تفهمها هي، إلا هي نفسها يفهم عليها أكثر ما تفهم هب ذاتها، أغرب نموذج مر عليها يومًا ما، لاحظ هو شرودها في وجهه و نظرتها تلك حينها ابتسم هو ثم حرك رأسه حتى استقر فمه فوق رأسها يقبلها ثم عاد لما يفعل حينها شددت مسكتها له و ابتسامتها تتسع حتى أوشك فمها على التيبس و هي تفكر في تلك اللحظة و ما بعدها من حياةٍ تمنتها هي حتى انهما خطيا سويًا نحو تلك الحياة.

في شقة ياسين بعد عودته منذ الصباح ذهب لوالديه يجلس معهما بعض الوقت مستغلًا أجازته تلك حتى يقضي معهم بعض الوقت قبل أن يعود لعمله من جديد، ثم عاد لشقته جلس لبعض الوقت معها حتى بدأت هي في تحضير الطعام، حينها خلد هو للنوم دون حتى أن يخبرها.

استيقظ هو مع حلول الليل ثم فتح عينيه على مضضٍ و ما ساعده في ذلك هو ظلام الغرفة فتأكد أنها من فعلت ذلك حيث ترك هو الأضواء قبل نومه، خرج من الغرفة فوجدها تجلس بملامح وجه مقتضبة و المللِ يكسوها، حينها اقترب يجلس بجوارها على الأريكة و هو يسألها بصوتٍ متحشرجٍ:
قعدة كدا ليه؟ كنتي تعالي نامي جنبي و خلاص.

ردت عليه هي بقلة حيلة: دخلت و الله و حاولت أنام معرفتش، علشان كدا خرجت تاني، أنتَ كنت فين الصبح مقولتش ليا و برضه جيت و نمت كدا، حصل إيه؟ فيه حاجة مزعلاك؟
حرك رأسه نفيًا ثم اقترب منها يمسك كتفيها و هو يقول بنبرةٍ هادئة: كل الحكاية بس أني كنت عند دكتورة هناء كلمتني و طلبت مني أشوفها ضروري
طالعته بريبةٍ من حديثه و هي تسأله بقلقٍ بالغٍ: ليه؟ هو أنا عملت حاجة؟ أكيد كلمتك علشاني أنا صح؟

حرك رأسه موافقًا ثم قال بهدوء و ملامح تحمل الفخر و الثناء عليها بما فعلته: كانت بتشكرلي فيكي يا خديجة، الدكتورة هناء فرحانة بيكي أوي، اللي عملتيه في غيابي كان مجهود كبير خلى الجمعية تطلب وجودك معاهم بشكل رسمي، طلبوني علشان يستأذنوا مني
كسا الاستنكار ملامح وجهها و هي تطالعه بتعجبٍ حتى تحدثت بتشوشٍ و ضياعٍ: أنا، أنا مش فاهمة حاجة، أنتَ عاوز إيه؟ و هما عاوزين إيه؟

ابتسم لها و هو يقول بنبرةٍ هادئة رغم ذلك لازال بها أثر الابتسام: كل الحكاية بس إن هما عاوزينك تكوني معاهم هناك في الجمعية، يعني تكوني مسئولة معاهم عن الأطفال و عن كل حاجة أنتِ بتحبيها و بتحبي تعمليها، موافقة؟
شهقت بقوةٍ شهقة جامدة و هي تسأله بلهفةٍ: قول و الله؟ بجد يا ياسين؟

حرك رأسه موافقًا وهو يقول مؤكدًا ما تستفسر هي عنه: بجد و الله يا بنتي مش مصدقة ليه؟ هما أصلًا مبهورين بيكي و كلهم حابين وجودك و عاوزينك معاهم، أصلًا طريقة كلامهم عنك حسستني بالفخر و الله، عرفت أني سايب ورايا أشطر كتكوتة.

ابتسمت هي باتساعٍ و ظهر الحماس على وجهها و تبدل حالها في غضون ثوانٍ، أما هو فلاحظ فرحتها و طريقتها الهادئة في التعبير عن تلك الفرحة حينما نظرت أمامها تقبض على كفيها بعدما كورتهما محاولةً اخماد طاقة حماسها.

و حينها دون أن يشعر هو بنفسه لمعت العبرات في عينيه تأثرًا بها و بحالتها، تلك البريئة التي وقع هو أسيرًا لعينيها منذ أول مرةٍ جمعتهما سويًا، كيف للدنيا أن تعاملها بتلك الطريقة؟ كيف لصفاء قلبها و نقاء روحها أن يكونا سببًا في حزنها؟ هدوء روحها و حالتها تلك تذكره كما لو أنها طفلة صغيرة تنفذ كلمات والديها حتى تحصل على ما تريد.

لاحظت هي شروده بها فسألته بترقبٍ من ذلك الصمت الذي خيم عليهما: ياسين؟ هو أنتَ ساكت ليه؟ هو فيه حاجة تاني؟
تدبر ابتسامه هادئة يُزين بها ثغره و هو يقول بنبرةٍ هادئة: لأ و الله بس فرحتك مفرحاني، أنا بحب فرحتك أوي يا خديجة، حاسس بجد إنك فرحانة من كل قلبك، فرحانة؟

حركت رأسها موافقةً عدة مراتٍ و هي تقول بلهفةٍ ممتزجة بالحماس المشتعل بداخلها: فرحانة أوي من كل قلبي، أنتَ مش متخيل أنا كنت هحس بإيه في غيابك، زي اللي اتساب وسط الحرب من غير سلاح و مش عارف هو تبع مين، كنت ما صدقت أني لقيت حد معاه أرتاح و اتطمن، بس فجأة بقيت مش موجود، حتى صوتك مش بسمعه كمان، لما كنت بروح هناك كان وليد بيوديني الصبح و ساعات يقضي اليوم معايا و ساعات يرجع ياخدني، أنا كنت بنسى أني زعلانة أصلًا، بلعب مع ريماس و مع البنات هناك و بنروح نتوضا و نصلي سوا، و بعدها نعبي الشنط اللي هتروح للناس و بعدها نقعد نحكي و نشرح، فيه منهم اتعلم يعد الأرقام و حفظهم، و منهم اللي بقى بيكتب اسمه لوحده، و كمان علمتهم حاجات في التطريز، و هما علموني نطير الطيارات الورق سوا، كنت برجع من هناك فرحانة رغم اني ساعات بحس بشوية تعب، بس قبل ما اتعب و ازعل إنك مش معايا وليد كان بيوديني الصبح و ارجع مجددة طاقتي، الاماكن دي حلوة أوي يا ياسين، بتعلمنا كل حاجة، كنت كل يوم بتعلم هناك حاجات أكتر في كل حاجة حتى في الدين نفسه، أنا مبسوطة إن هما عاوزيني وسطهم.

ابتسم هو بسعادةٍ بالغة ما إن أدرك سعادتها فيما صفقت بكفيها هي ثم مالت عليه تقبل وجنته حتى سألها هو بمرحٍ: طب إيه؟ مش هناكل؟ أنا جعان أوي، ريحة الأكل دي مجننة اللي جابوني من الصبح
ردت عليه هي بحماسٍ: بس كدا! أقوم معايا يلا نحضر الأكل سوا، يلا علشان تفوق بقى
تحرك معها هو بخمولٍ و هو يبتسم رغمًا عنه حتى تحدتت هي بانفعالٍ تصرخ في وجهه: ياسين؟ فوق بقى؟ الله؟

رفع أحد حاجبيه بتعجبٍ منها و على حين غُرة حملها على يده و هو يقول بنبرةٍ جامدة: أنتِ بتعلي صوتك على مين؟ قلبك مات شكلك كدا؟
ابتسمت هي له و هي تقول بخوفٍ زائفٍ: خلاص خلاص نزلني حقك عليا، نزلني يا بني أنا عندي فوبيا مترفعات أصلًا
رفع حاجبيه معًا و هو يقول بمرحٍ قاصدًا إثارة خوفها: حالًا هوريكي البرج الراقص.

قبل أن تدرك مقصد حديثه تفاجئت به يدور بها و هي على ذراعيه و على الرغم من خوفها إلا أن صوت ضحكاتها ارتفع عاليًا يعاند صوت ضحكاته و يأخذ منه مجالًا و هو يتابع ضحكتها الرنانة و ملامحها عن كسبٍ تلك التي اشتاق إليها كثيرًا حتى و إن كانت معه.

وقفت خلود في مقدمة الشارع الذي يقع في منتصفه المركز التعليمي الجديد تنتظر قدوم عامر كما اتفقا سويًا حتى تفاجئت ب أخيه بدلًا عنه هو الذي يقترب منها، عقدت ما بين حاجبيها و هي تسأله بتعجبٍ: عمار! جيت ليه دلوقتي؟ مش المفروض إن عامر هو اللي ييجي و معاه البنت؟ و لا آه صحيح أكيد هتخاف على مستقبل مراتك المستقبلية و لازم تيجي تطمن عليها بنفسك.

تبدل حديثها في اللحظة إلى التهكمٍ و السخرية منه و هو يطالعها بتعجبٍ حتى تحدث بضيقٍ من حديثها المبهم الغير مفهوم: فيه إيه؟ أنا مش فاهم حاجة و مرات مين دي؟ عامر كلمني و قالي إنك عاوزاني عند السنتر دا علشان عاوزة تسألي على حاجة، أنا مش فاهم منك قصدك إيه؟
ردت عليه منفعلة بغيظٍ: قصدي على البنت اللي سيادتك هتخطبها، مش المفروض أني أجي اتعرف عليها علشان نتصاحب؟ مش دا اللي أنتَ عاوزه؟

صرخت في وجهه بصوتٍ عالٍ جعله يرفع صوت يوقفها بنبرةٍ جامدة: خلود! صوتك ميعلاش عليا و لا يعلى من الأساس، أكيد فيه حاجة غلط، بنت مين دي؟
علي مقربةً منهما وقف عامر يتابع ما يحدث بثباتٍ و وليد بجواره حتى وكزه في كتفه و هو يقول بضجرٍ من الوضع: أقسملك بالله لو أخوك خد بالطوبة في دماغه أنا مليش دعوة، خلود دماغها ضاربة، ألحق صلح الوضع دا الله ياخدك.

أشار له عامر بالتريث و هو يتابع ما يحدث بينهما بنظراتٍ ثاقبة حتى وصله صوتها تقول بثباتٍ واهٍ بعدما حاولت تنظيم أنفاسها: بقول على البنت قريبة سارة، مش دي اللي عاوزين يخطبوهالك؟ لما هو كدا أنا بتشدلك ليه؟ ليه حسستني أني مهمة عندك؟ ليه خلتني افتكر أني عندك حاجة تانية؟
طالعها بذهولٍ من حديثها و اعترافها الغير مباشر فزفرت هي بعمقٍ ثم قالت بصوتٍ مختنقٍ: أنا ماكنتش كدا! و عمري ما اهتميت بحد أصلًا، ليه؟

سألته بصوتٍ باكٍ مختنقٍ و هو يطالعها بتعجبٍ و خاصةً مع لمعة العبرات في عينيها و في تلك اللحظة اقترب عامر يقول بهدوء: أنتِ إيه اللي مزعلك مش هو أخوكي؟ مش عمار زي أحمد؟
شخصت ببصرها نحوه و هروبًا من ثقب نظراته أخفضت رأسها بخجلٍ دون أن تعطيه إجابةٍ واضحة، فسأله عمار بتعجبٍ مما يحدث حوله: أنا مش فاهم حاجة يا عامر! فيه إيه؟ و مين البنت اللي خلود بتقول عليها دي؟ فهمني يا عامر مش ناقصة هي.

رد عليه يوضح حقيقة الأمر بنبرةٍ هادئة إلى حدٍ ما: مفيش بنت أصلًا يا عمار، دي حكاية أنا قولت أعملها علشان أشوف رد فعل خلود مش أكتر، و أظن كدا كل حاجة بانت، مش كدا يا خلود؟
رفعت رأسها تطالعه بتعجبٍ و في تلك اللحظة وصل ملاذها الآمن و هو يبتسم بخفةٍ حتى اقتربت منه تقتبس القوة من تواجده و هي تمسك بيده و تترجاه بنظراتها حتى قال هو مُطمئنًا لها:
أنا معاكي اهوه، أنتِ إيه اللي مخوفك كدا طيب؟

تحدث عامر في تلك اللحظة يقول مُسرعًا بلهفةٍ: بصوا يا جماعة! أنا مبحبش اللف و الدوران، طول عمري دوغري أوي، خلود؟ أنا عاوز اسألك على حاجة، و ضروري تردي عليا
نظرت له بترقبٍ من القادم تنتظر حديثه حتى قال هو بثباتٍ بعدما وزع نظراته في أوجه الجميع: دلوقتي و قدام أخوكي الكبير، عمار أخويا لو ربنا كرمه و طول في عمره و عمرنا كلنا و جه يتقدملك أنتِ توافقي عليه و لا لأ؟ و ياريت إجابة واضحة و صريحة.

نظرت لأخيها بدهشةٍ فأومأ لها بأهدابه فورًا يحثها على النطق، حينها حركت عيناها نحو عمار الذي وقف صامتًا و ملامح وجهه جامدة لم تظهر أية تعبيرات عليها، فتحدث عامر يسألها من جديد: عمار أخوكي فعلًا يا خلود؟ لو كدا شرف لينا طبعًا نكسب أخت زيك، بس بصراحة أنا عشمان أشوفك مرات أخويا، و علشان كل واحد فيكم يركز في مستقبله عمار أخويا يتوافق عليه و لا لأ.

حركت رأسها موافقةً بخجلٍ منهم جميعًا و حينها طالعها عمار بدهشةٍ فتحدث وليد آنذاك بثباتٍ أمرًا لهما: يبقى مفيش كلام و لا مقابلات و لا أي حاجة بينكم انتم الاتنين، عمار يركز في حياته علشان يخلص و ييجي يتقدم، و برضه أنتِ تدخلي كلية حلوة و تحققي أحلامك، لو ليكم نصيب في بعض يبقى ربنا يكرمكم
سألته هي بلهفةٍ: طب و بابا؟ و العيلة؟

ابتسم لها بثباتٍ و قال بثقةٍ: معاكي وليد الرشيد و عاوزة حد يقف في وشك؟ دا أنا مجوز العيلة كلها، صباح الفل!

ابتسمت له ثم وجهت بصرها نحو عمار الذي قال بسرعةٍ كبرى حينما التقت نظراتهما: أنا ممكن أتأخر كتير و لسه قدامي طريق طويل و في نفس الوقت أنا مش هقدر أعمل حاجة تخليني اغضب ربنا فيكي، مش هجيلك غير و أنا راجل قادر يفتح بيت و تشاركيني فيه، غير كدا مش هقدر أعمل حاجة و ربنا شاهد عليا و على نيتي أني هحاول بكل طاقتي، هتستني كل دا؟

وزعت نظراتها عليهم بالتساوي حتى استقر بصرها عليه و حينها حركت رأسها موافقةً و هي تبتسم بخجلٍ، زفر هو بقوةٍ و معه عامر الذي قال بثقةٍ: لو انتم من عيلة الرشيد، ف احنا ولاد فهمي، احنا محدش يقدر علينا برضه، يلا روحي بقى شوفي مستقبلك، عاوز أجي أخطبك لأخويا سفيرة إن شاء الله، دا لسه معروض عليه وزيرة بس احنا خوفنا من الحسد.

ابتسمت هي رغمًا عنها فتحدث وليد مرةً أخرى بهدوء: طبعًا مش هأكد عليكم؟ انتم صغيرين لسه و أنا واثق فيكم، بس الشيطان لو دخل بينكم يبقى هيضيعكم من بعض، بلاش دا يحصل، لو فعلًا عاوزين بعض يبقى ربنا يكرمكم إن شاء الله بالحلال سوا
نظرا لبعضهما دون أن ينطق أيًا منهما فقط عهد قطعته النظرات و كأن كلًا منهما يوعد الأخر بالانتظار حتى يحين موعد التقاءهما سويًا إن أراد الله ذلك.

أوصل خلود للبيت دون أن ينطق بكلمةٍ واحدة فقط صمت و صمتت هي الأخرى بخجلٍ من الحوار بأكمله لكنها كانت تشعر بسعادةٍ بالغة حتى أنها كانت تبتسم بين الحين و الأخر بين نفسها كلما تذكرت الموقف لذلك قطعت وعدًا على نفسها أن تبذل قصارى جهدها حتى تحصل على شهادةٍ تليق بها و تستطع من خلالها الفخر بذاتها حتى و إن لم تملك الطاقة الكافية لمذاكرة تلك الدروس.

وصل وليد شقته بعدما أوصلها لبيت العائلة و حينها دلف بهدوء يبحث عنها تلك التي يجد سكنه و سكينته بجوارها لكن عينيه لم تُبصىرها قط، دلف يبحث عنها فوجدها تنام ضامة ركبتيها إلى صدرها على أحد المقاعد البلاستيكية في الشُرفة بعدما أغلقت زجاج النافذة.

عقد ما بين حاجبيه ثم دلف الشرفة بهدوء حتى لا يُفزع نومها ثم اقترب منها يربت على وجنتها بهدوء تزامنًا مع نطقه اسمها بنبرةٍ هادئة لكن لم يأتيه ردًا منها لذلك جثى? على ركبتيه أمامها يحركها برفقٍ حتى فتحت عيناها على مضضٍ و بمجرد ما رأته أمامها سألته بتشوشٍ:
وليد؟ أنتَ إيه اللي أخرك كدا؟ استنيت كتير بس مشوفتكش، طارق و وئام هنا من بدري.

رد عليها هو بنبرةٍ هادئة: كان ورايا كام مشوار كدا بخلصهم، أنتِ نمتي كدا ليه يا عبلة؟ إيه النومة اللي تقطم الضهر دي؟
ردت عليه هي بقلة حيلة: هعمل إيه بس؟ اتأخرت عليا و سايبني لوحدي حتى متصلتش بيا، سرحت شوية مع نفسي و نمت من غير ما أحس
أمسك كفها يقبل باطنه ثم قال معتذرًا لها بنبرةٍ هادئة: حقك عليا والله، للأسف المشاوير دي جت فجأة و الله، بس خلاص أنا جيت أهوه يا ستي، قومي بقى و لا عاوزة تنامي تاني؟

حركت رأسها نفيًا ثم أنزلت قدميها من على المقعد و هي تقول بصوتٍ يغلب عليه النعاس: لأ خلاص أنا هقوم أسخنلك الأكل أهو، مش هتأخر يدوبك على ما تغير هكون خلصت كل حاجة.

رفع رأسه نحوها يطالعها بصمتٍ و هو يفكر في إهماله لها حتى و إن لم تنطق هي بذلك، كل من حوله يسعون لرضاء زوجاتهم إن كان ياسين أو حسن أو البقية، حينها اندفع هو مسرعًا يقول بلهفةٍ و هو يجلسها على المقعد: لا اقعدي هنا! و أوعي تيجي ورايا مفهموم؟ خليكي هنا يا عبلة و متتحركيش شبر واحد.

طالعته بدهشةٍ حتى انها فركت عينيها بقوةٍ تتأكد إن كانت مستيقظة أم أن جنونه يراودها بحلمها، حينها تحرك من أمامها نحو الداخل و ظلت هي على المقعد حتى ضربت كفيها ببعضهما و هي تقول بغير تصديق لما تبصره هي:
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم! أخرته إيه المنفصم دا.

اعتدلت على المقعد تنظر في الفراغ أمامها حتى اقترب منها بعد مرور دقائق كثيرة لم تكترث هي بقيمتهم، لكنها ما إن رآته يتقرب منها بطاولة الطعام المتحركة حتى فتحت عيناها عدة مراتٍ و هي تبتسم له ببلاهةٍ فجلس هو بعد وضع الطاولة بينهما و قال بفخرٍ:
حاولت أخمن شكل الأطباق بس فشلت للأسف، علشان كدا متتريقيش و تقولي دا بتاع مكرونة و دا بتاع لحمة، عدي ليلتك معايا يا سوبيا.

أبتسمت له و هي تسأله بنبرةٍ هادئة: على فكرة كنت هقوم أغرف عادي يعني، صممت ليه إنك تغرف؟ أكيد جاي تعبان برضه
حرك رأسه نفيًا وهو يقول بنبرةٍ هادئة بعدما أمعن النظر في عمق عينيها بنبرةٍ ثابتة التمست هي صدق كل كلمة بها: حتى لو تعب الدنيا كله فيا، طالما وصلت هنا و جيتلك يبقى أنا في أريح مكان، بعدين استغليني و أنا رومانسي كدا.

حركت رأسها موافقةً ثم رفعت كفيها تمسح وجهها و تفرد خصلاتها ثم حركت رأسها للخلف و هو يتابعها بوجهٍ مُبتسمٍ، حتى سألته هي بتعجبٍ: سرحان في إيه؟ مالك؟
فيكي، مفيش حاجة بتقلبني على وشي غيرك أنتِ يا سوبيا
ابتسمت هي بعد جملته تلك حتى أشار لها و هو يقول بنبرةٍ حماسية: يلا كلي و افتحي نفسي على الدنيا، يلا يا عبلة كلي.

حركت رأسها موافقةً ثم قالت بهدوء تستأذن منه في التحرك: طب ثواني هغسل وشي علشان أفوق و أجيلك، مش فاهمة هناكل في البلكونة ازاي؟
تحركت من أمامه و هو يتابعها بعينيه حتى عادت مرةً أخرى تجلس أمامه و هي تقول: كدا فوقت خلاص الحمد لله، يلا بقى دوق و قولي رأيك إيه؟

حرك رأسه موافقًا ثم ملأ ملعقة الطعام و قبل أن يدخلها فمه اقترب منها يطعمها و هو يبتسم حتى أكلت هي أولًا فتحدث هو بنبرةٍ هادئة: ألف هنا و شفا، كلي يلا بقى و أنا هاكل أهو و أقولك الأكل عامل إيه؟
حركت رأسها موافقةً بحماسٍ حتى تذوق هو الطعام ثم أشار لها بيده يحثها على التناول حتى أكلا سويًا و هو بين الحين و الآخر يطعمها الدجاج المفضل لديه و هي تبتسم باتساعٍ.

علي الرغم من كونه لا يفارقها كما أنه أصبح ملازمًا لها حتى أنه يشاركها جميع أفكاره و تفاصيل يومه في أخر الليل لكنه شعر أنه مقصر تجاهها لذلك قرر هو أن يقوم بتعويضها من وجهة نظره عن أي لحظة إهمال تسبب بها لها.

جلس هو في غرفة نومه بعد انتهاء جلسة العشاء الخاصة بهما التي كانت هادئة طيبة إلى نفسهما حتى أتت هي بطبق التسالي و هي تبتسم بحماسٍ ثم اندفعت تجلس بجواره حتى ابتسم هو رغمًا عنه على بلاهتها، لذا تحدث بسخريةٍ:
مش ناوية تكبري بقى؟ عيب يا سوبيا كدا، بطلي هيافة
ردت عليه هي معاندةً له: لأ مش هبطل، أنتَ قولتلي أني هبلة بس عسل، لو سمحت بقى سيبني اتهطل، كفاية إنك سايبني من الصبح.

سحبها نحوه يحتضنها و هو يقول بنبرةٍ هامسة: تعرفي عن ليدو حبيبك إنه يقدر يسيبك؟ بعدما ما بقيتي ليا و معايا أنا أقدر أسيبك؟ بعدما عرفت إن الدنيا دي حلاوتها في وجودك معايا أسيبك؟
رفعت عينيها نحوه و هي تبتسم باتساعٍ تحاول كتم تلك البسمة حتى اقترب منها يهمس في أذنها بقوله: يمين بالله بقيت بعد الوقت علشان أجيلك و أخدك في حضني زي كدا، بقيت بكافيء نفسي بيكي، عبلة أنا بحبك.

ردت عليه هي بنبرةٍ هادئة: كل مرة بسمعها زي أول مرة، ساعات بحس إنك خلاص بطلت تحبني و حبك قل يا وليد، بس بكذب نفسي في كل مرة أشوفك فيها جاي بلهفة علشان نقعد سوا، هقبل بأي حاجة في الدنيا إلا إن حبك يقل في يوم.

ابتسم هو لها و هو يقول بنبرةٍ عاشقة خالصة هائمًا في هدوء ملامحها: الانسان ممكن يعيش من غير أهل و من غير صحاب و غريب حتى عن نفسه، لكن من غير أمل صعب و الله، أنا كان أملي في الدنيا وجودك أنتِ، حاربت علشان تكوني معايا، كل مرة الألم كان يوصل لأخره افتكر إن نهاية المطاف أنا هكسب وجودك أنتِ، أنتِ الأمل اللي جاب الحياة لقلبي الميت و حياه من تاني، الغُلب اللي القلب رضي بيه و بقيتي أحسن غُلب في الدنيا كلها، الشفا اللي في عيونك لقلبي ميتقارنش بحاجة في الدنيا.

أخفضت رأسها تتنفس بعمقٍ حتى رفع رأسها بكفه و هو يقول بنبرةٍ هادئة: اتطمني، أنا و قلبي ملناش غيرك أنتِ، هنروح منك فين يا أحلى نصيب اتكتب علينا؟
ردت عليه هي بنبرةٍ هادئة: ملكش مكان تاني غيري أصلًا، مش بعد كل دا تروح لغيري، أنا و أنتَ من البداية لبعض
رد عليها هو يشاكسها بمزاحٍ: يا واد يا جامد؟ إيه الثقة دي كلها؟ بس ماشي ادتللي و اتدلعي، ما أنتِ مراتي بقى.

أبتسمت هي بسمةٍ مكتومة تحاول الثبات أمام مزاحه و يده التي تمسك خصلات شعرها حتى تحدث هو بنبرةٍ هادئة:
عاملك مفاجأة حلوة بس بشرط، قولي الأول موافقة و أنا أقولك على المفاجأة
طالعته بخوفٍ و ترقبٍ حتى قال هو بنبرةٍ ساخرة: أنتِ خايفة كدا ليه هو أنتِ متجوزة سفاح؟ مالك؟
ردت عليه هي بقلقٍ: كلامك و طريقتك رعباني، حاسة إنك هتجيب سكينة و تخلص عليا، إيه الرعب دا؟

ضربها على جبهتها و هو يقول بضجرٍ منها: يخربيت أم أفلامك الهابطة، هو أنا قتال قتلة؟ ناقص بعد كدا أفتح في وشك مطوة؟
سألته هي ببلاهةٍ: أومال أنتَ عاوز إيه؟
رد عليها بنبرةٍ هادئة: قوليلي أنتِ معاكي كورسات إيه؟ و كل واحد فيهم بتعملي بيه أيه؟

عقدت ما بين حاجبيها و هي ترمقه بتعجبٍ فسألها هو يريد منها التحدث حتى أملت عليه هي كافة التفاصيل، حينها حرك رأسه موافقًا بتفهمٍ ثم قال: يعني كدا معاكي كورس Hr و دا علشان مقابلات الشركات و معاكي كورس علاقات عامة و معاكي كورس تصميم و فوتوشوب و أنتِ أصلًا خريجة تجارة انجلش؟ و معاكي لغتين انجليزي و إيطالي؟

حركت رأسها موافقةً بقلة حيلة فتحدث هو بسخريةٍ: سبع صنايع و البخت ضايع؟ و عايشة معايا كدا عادي؟ يا بنتي دا أنتِ اللي زيك تهاجر مني.

ردت عليه هي بتلقائيةٍ: أنا علشانك أنتَ قررت اتنازل عن كل دا و الله، اختارت أني أكون موجودة معاك أنتَ، منكرش أني ساعات ببقى نفسي أعمل حاجات كتير بكل اللي اتعلمته دا بس متأكدة إن هييجي يوم و الحاجات دي تفصل بيننا، مش عاوزة أخسر صاحبي و حبيبي علشان شوية ورق، أنتَ عندي أغلى من كل دا.

حرك رأسه موافقًا وهو يبتسم لها ثم اقترب منها يقبل رأسها و بعدها تنفس بعمقٍ و هو يقول بنبرةٍ هادئة: و أنا مش أناني و لا ندل علشان أفرح إن حبيبتي ضيعت عمرها عليا، كدا ابقى راجل ناقص رجولة، لما أنتِ تنجحي أنا هفرح و هحس بالفخر، أنا مش وحش علشان اقف في وش نجاحك
طالعته بتيهٍ و حيرةٍ غلفت نظراتها حتى قال هو مفسرًا: وعد مني هخليكي تحققي كل اللي نفسك فيه، اتطمني و سلميلي نفسك بس.

حركت رأسها موافقةً و هي تبتسم له فيما احتضنها هو بقوةٍ و هو يتنفس الصعداء و بداخله الامتنان والشكر لوجودها بقربه.

بعد مرور عدة أيام و خاصةً في اليوم السابق لموعد سفر هدير و حسن يوم الخميس صباحًا وقفت خديجة وسط الأطفال تعلمهم نطق بعض الكلمات الانجليزية و هم يرددون خلفها في حماسٍ خاصةً أنها تبتسم لهم جميعًا و بين الحين و الآخر تسخر من الكلمات و نفسها و منهم أيضًا بمرحٍ.

في الخارج جلست عبلة تقابل الفتيات التي تقدمن للتطوع في تلك الدار بعدما ساعدها وليد في ذلك و استغلال طاقتها الكامنة بداخلها و كذلك استغلال ما تعلمته أيضًا من خلال عدة أشياءٍ تقوم بها في الدار.
أقتربت نوف من عبلة تجلس بجوارها و هي تسألها باهتمامٍ: ها يا عبلة؟ إيه رأيك؟ محتاجة حاجة مني؟

ردت عليها بوجهٍ مُبتسمٍ: تسلمي يا نوف، أنا خلاص تممت كل حاجة و ما شاء الله البنات عندهم حماس كبير، اتمنى أكون بس قد ثقتكم فيا
ردت عليها بحماسٍ: و أكتر كمان، ما شاء الله أنتِ و خديجة بقالكم 3 أيام معانا هنا و كل حاجة تمام جدًا، بجد شكرًا لوقتكم و مجهودكم.

ردت عليها عبلة بهدوء: لا شكر على واجب، الشكر ليكي و للمكان دا علمنا كتير أوي بجد، و بعدين صح مقولتيش ليا ازاي صغيرة كدا و ما شاء الله معاكي كل المناصب دي؟ 20 سنة اللهم بارك و مسئولة هنا عن المكان دا و كمان بتدرسي علم النفس و سيكولوجية الطفل؟ أنا فخورة بيكي أوي.

ردت عليها نوف بهدوء بعدما ابتسمت لها: اللي عاوز يعمل حاجة هيعملها يا عبلة، المكان دا والدي الله يرحمه كان مسئول عنه و حياته كلها كانت فيه، مقدرتش أقصر في حقه، علشان كدا حاربت كأني بابا موجود و أكتر، و بصراحة غسان ساعدني أوي، غير كدا أنا كنت بمر بفترة نفسية صعبة، قولت استغل الطاقة دي
سألتها عبلة بنبرةٍ هادئة: ازاي؟ يعني حد تعبك نفسيًا؟

حركت رأسها موافقةً ثم أضافت مُفسرةً بعدما تنفست بعمقٍ: للأسف يا عبلة، حصلي فترة صعبة عليا نفسيًا بسبب سماري و ملامحي، و بسبب جسمي علشان صغير شوية و شكلي أصغر من سني و كلام من ناس كنت فكراهم صحابي بس هما مكانوش كدا، كانوا بيرموا الهزار وسط الجد، قفلت على نفسي فترة و بعدت عن الكل حتى نفسي، و غسان ساعتها كان بيحاول كتير علشاني.

ابتسمت لها عبلة و هي تقول بنبرةٍ هادئة: ربنا يخليكم لبعض، هو قريبك؟ بحسه إنه قريبك ساعات
ردت عليها تنفي حديثها بهدوء: لأ خالص، هو ابن صاحب بابا، و قبل ما بابا يتوفى وصاه علينا، هو بقى استغل الوصية و اتقدملي، و بصراحة استغلال في محله و الله
ردت عليها عبلة بمشاكسىةٍ: الله؟ دا أنتِ دايبة، أنا البت مغصوبة بقى و بتاع، طلعتي موافقة و ما صدقتي؟

حركت رأسها موافقةً و هي تبتسم لها ثم قالت بخجلٍ: الفكرة كلها أنه كان قد المسئولية و أكتر كمان، أنا مثلًا كنت بكره شكلي و سماري و عيوني الواسعة دي، طلع هو متيم بكل دا، كنت حاسة اني فاشلة و مش هقدر أشيل مسئولية بس هو جابني هنا و خلاني أكمل دور بابا و سلمني المسئولية و هو واثق فيا، اتعلمت منه حاجات كتير اهمها أني لو مُكتئبة اعمل خير و لو حسيت بفشل برضه اخرج طاقتي هنا في الخير، بقينا بنروح جمعيات خيرية سوا و نسافر محافظات و نروح قوافل خيرية كتير، لحد ما بقيت هنا و هو معايا و فرحنا بعد العيد.

اقتربت منهما خديجة في تلك اللحظة تجلس بجوارهما بانهاكٍ واضحٍ حتى سألتها نوف بنبرةٍ ضاحكة: إيه تعبتي؟
ردت عليها بفرحةٍ: بصي مش بحس بالتعب قد ما بحس بالفرحة، يعني عادي بالنسبة ليا، دلوقتي أستاذ غسان دخل ليهم يوزع الوجبات، بس ياسين مش معاه، هو فين؟
ردت عليها عبلة تجاوب استفسارها: ياسين عند التعبئة جوة بيساعد الشباب، قالي أقولك قبل ما يدخل.

حركت رأسها موافقةً ثم استأذنت منهما و ذهبت إليه بهدوء فوجدته بمفرده يقف و في يده الورقة و القلم بدون أعداد الحقائب البلاستيكية، حينها ابتسمت بسعادةٍ بالغة ثم اقتربت تقف بجواره و هي تقول بنبرةٍ هادئة: مش عاوز مساعدة مني خالص؟ أنا ممكن أساعدك و الله
التفت لها و هو يبتسم بخفةٍ حتى اتسعت بسمته تلقائيًا عند رؤيتها فقال هو بنبرةٍ هادئة: أنا كدا أتلكك بقى و أقولك أني محتاج مساعدة.

ردت عليه هي بنبرةٍ ضاحكة: جرى إيه؟ عيب كدا يا هندسة، أنا جيت بس اتطمن عليك و هروح أكمل يكونوا البنات خلصوا أكل، خلي بالك هنروح مع هدير و حسن بليل
حرك رأسه موافقًا وهو يبتسم لها ثم قال بهدوء: عارف متخافيش، ربنا يكتبهالنا سوا يا رب، و أقف أنا و أنتِ هناك مع بعض إن شاء الله.

لمعت العبرات في عينيها تأثرًا بمجرد التخيل فقط حتى قال هو بنبرةٍ هادئة: هجهز جواز السفر ليكي و أول ما يطلع نروح لو ربنا أراد و كتبها لينا، أنا عند وعدي ليكي مش هخلف بيه أبدًا.

في المساء و قرب منتصف الليل بدأوا يتجهزون جميعًا لتوصيل حسن و هدير إلى المطار، و في شقته ارتدى هو الجلباب الأبيض و هو يبتسم بسعادةٍ بالغة و كأن الراحة بنت بيتًا داخل أضلعه لتستقر به و لا تفارقه البتة، و هدير أيضًا وقفت أمام المرآة تضع غطاء رأسها الأبيض ثم وقفت تننفس بعمقٍ تحاول الثبات حتى لا تنزل دموعها خاصة حينما أمعنت النظر في نفسها و ثيابها فوجدت وجهها البريء كما كانت في صغرها قبل أن تتربى على اللؤم و الضغائن، كانت ترتدي الثياب البيضاء و خصلات شعرها بالكامل أسفل حجابها، رفعت رأسها تنظر للأعلى و هي تبكي بفرحةٍ حتى طرق هو باب الغرفة ثم دلف لها و هو يحمحم بقوةٍ و سرعان ما ابتسم بتأثرٍ و لمعت العبرات في عينيه و هو يقول بصوتٍ متحشرجٍ: أنا كنت حمار لما كان نفسي أشوفك بالفستان الأبيض، الأبيض دا أحلى بكتير يا هدير، أنا شايفك ملاك قصادي، قلبي زي الطير دلوقتي بشوفتك كدا، إحنا رايحين أطيب و أطهر مكان في الأرض، رايحين عند الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، رايحين سوا علشان نرجع اتنين تانيين خالص، ربنا يحفظك ليا و يتقبل منك و مني.

احتضنته و هي تبكي بقوةٍ حتى احتواها بين ذراعيه وهو يبتسم بهدوء ثم قبل قمة رأسها و هو يفكر هل من المعقول أن تصبح أكثر جمالًا في تلك الهيئة؟ على الرغم من احتشام الملابس بالكامل حتى قدميها إلا أنها زادتها جمالًا و أضاءت وجهها حتى أصبح أكثر اشراقًا.

في المطار وقفوا جميعًا يودعونهم العائلة و الفتيات و الشباب معهم و الجميع حتى يوسف الذي اقترب من حسن يطلب منه بتأثرٍ: أنا أول مرة أشوف حد رايح عمرة، و لما ترجع هكون أنا سافرت، متنسانيش هناك يا حسن، ادعيلي ربنا يريح قلبي لو مكتوبلي ارتاح في الدنيا، و لو مش مكتوبالي ادعيلي ربنا يريحني أحسن من كل دا و يخلصني من الدنيا دي.

رد عليه حسن برزانةٍ: هدعيلك تروح هناك و ربنا يكرمك إن شاء الله، اسمع مني خلي أملك في ربنا كبير، أنا واحد كان ميت و رجعت الروح فيا من تاني، ثق في ربك و توكل عليه
حرك رأسه موافقًا ثم تعانقا سويًا و من بعدها الشباب تباعًا و كذلك الفتيات أيضًا يحتضن هدير التي كانت تتشبث بهن بفرحةٍ كبرى و كذلك عمتها التي طلبت منها الدعاء لها بتلك الزيارة الكريمة.

اقترب وليد من حسن يحتضنه و هو يقول بمرحٍ: اقسم بالله لو ما جيبتلي مية زمزم من هناك لأطفحك مية النيل هنا، مش هعديك من باب المطار من غيرها
رد عليه حسن بيأسٍ و قلة حيلة: مفيش فايدة فيك، يابني لم نفسك بقى إيه الزفت دا؟

ضحك الشباب عليهما حتى اقترب منه عمار يقول بلهفةٍ: بص يا حسن، ادعيلي انجح و الواد عبدالرحمن كمان معايا هو بيسلم عليك أوي، و ادعيلي سنين الكلية تخلص بسرعة قبل ما أخلص أنا، و ادعيلي ربنا يكرمني باللي نفسي فيه
أبتسم له بثقةٍ و هو يقول بخبثٍ: حاضر يا لينجويني متخافش.

عقد عمار ما بين حاجبيه حتى غمز له حسن ثم أشار بعينيه عليها، حينها تحدث عمار بضجرٍ: جرى إيه يا جماعة؟ ما نكتب الكتاب و خلاص، دا إيه الفضايح دي؟ حتى أنتَ عارف؟
حرك رأسه موافقًا ثم أضاف: و مراتي كمان و هي اللي قالتلي، ما شاء الله مفضوح أوي.

استمرت لحظة الوداع بين الجميع حتى رحلا سويًا من أمامهم و الأعين تطالعم بتأثرٍ و فرحةٍ و قبل أن يبدأوا المغادرة مال يوسف على أذن وليد يطلبه معه في مشوارٍ هام، لذلك انصاع له وليد و ترك زوجته تذهب مع أخيها فوافقت هي على الفور ثم رحلت مع أخيها.
ركب وليد مع يوسف سيارته فتحدث الأول يتسفسر منه بثباتٍ: هو احنا رايحين فين؟
غمز له الأخر بعبثٍ و هو يقول: مكان حرام و عيب.

صرخ وليد في وجهه رافعًا صوته بنبرةٍ جامدة: إيه يا يوسف؟ فين الأدب فين الاخلاق؟ فين المكان؟
ضحك يوسف بشدة و شاركه وليد الضحك أيضًا ثم حل الصمت عليهما حتى توقفت السيارة أخيرًا أمام مكان خاص بالسهرات الليلة، عقد وليد ما بين حاجبيه فتحدث يوسف بهدوء:
قولي يا وليد، هو لو القافلة بتسير و الكلاب بتعوي، أنتَ هتعمل إيه في الحالة دي؟

رد عليه وليد بثباتٍ: بسيطة، نركن القافلة و ننزل للكلاب نظبطهم و نرجع تاني لقافلتنا
ابتسم له يوسف و هو يقول بنبرةٍ هادئة حينما فكر لمدة ثوانٍ: أنا هقرر أمشي بالمبدأ دا، أصل طول عمري بسيب القافلة تسير و الكلاب تعوي لحد ما نطوا على القافلة، ساعتها بقى نوقف القافلة و ننزل للكلاب، يلا ورايا
سأله وليد بتعجبٍ: على فين دلوقتي؟
هننزل للكلاب.

رد عليه يوسف بذلك و هو يغمز له حتى حرك رأسه موافقًا ثم ظهر الخبث في نظراته و هو يخرج من السيارة ملاحقًا بالأخر.
دلفا سويًا لذلك المكان الذي تقزز منه وليد و ذكره ب أسوأ أيام حياته، أما الآخر فهو معتاد على تلك الأماكن وقف يضيق عينيه مثل الصياد لفريسته حتى ابصره يجلس وسط الفتيات يتجرع كأسٍ من المحرمات، ابتسم بسخريةٍ ثم التفت يغمز للأخر يلحقه حتى نفذ طلبه و سار خلفه بالفعل.

اقترب يوسف منه و هو يقول بنبرةٍ هادئة رغم حدتها: ازيك يا هشام؟ و لا أقولك يا سيادة رئيس مجلس الإدارة؟ و لا زي ما الستات بتقولك يا إتش
سأله بخبثٍ و هو يشير بنظره نحو الفتيات التي تجلس بحواره بهدوء، حتى انصرفت الفتيات فجلس يوسف بجواره و معه وليد، حينها تحدث هشام بتهكمٍ:
خير؟ جاي تبوظ عليا ليلتي ليه؟ هو أنتَ مبتحرمش خالص؟ مش مكفيك العقاب؟

رد عليه بنفس التهكم: و أنتَ مش ناوي تبقى كريتيف شوية؟ نفس العقاب الأهطل بتاعك؟ أنا ترميني في الجبل و ياسين ترميه في الجبل للبدو، نوع، دا العقل زينة حتى
رد عليه بسخريةٍ: افضل كدا كبر في نفسك و شوف نفسك على الكل و اعملها قيمة، و أخرتك امضاء مني يخليك تقعد في بيتكم مفيش بنزينة حتى تشغلك، مش هتبطل تتطاول بقى.

شعر يوسف بالدماء تغلي في عروقه و قبل أن يتهور في فعله تدخل وليد يقول ببروده المعتاد: و هو أنتَ ليه شايفه مكبر نفسه و عملها قيمة و بيتطاول؟ مش يمكن أنتَ نفسك اللي قليل و ملكش قيمة و لا لازمة علشان كدا شايفه كبير عليك؟
هدأ يوسف على الفور و أرخى قبضة كفه بينما حرب النظرات بدأت بين الطرفين الأخرين و كلًا منهما يجهل هوية الأخر و لكن في تلك الحرب لمن النصر ياترى؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة