قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية تراث عشقي للكاتبة حنين محمد الفصل السابع

رواية تراث عشقي للكاتبة حنين محمد بجميع فصولها

رواية تراث عشقي للكاتبة حنين محمد الفصل السابع

يجلس صقر في الجناح الخاص به ينظر الي الفراغ أمامه و يفكر قليلاً، لما قد تُقتل مولان ؟ ما الذي حدث ؟ و من الذي فعلها ؟ هل من الممكن أن تكون هذه أحدي خدع أهيلا و جعلت مولان تشترك بها معها ؟ و لكن علاقتهم سيئة للغاية !لم تفعل مولان شئ، و لكن كيف لها أن تموت بهذه السهولة! و كيف يموت شخص بدون سبب في مملكته بدون أن يعرف !ألهذه الدرجة أصبح صقر مهمل كملك لدولة و مملكة كبيرة !

حتي يموت شخص من قصره دون ان يعلم !هل عليه أن يصدق اهيلا أم لا !حتي الان هي لم تفتعل المشاكل بعد أن عقدا أتفاقيتهما، و لكن ماذا إن كانت تخدعه مرة أخري !يكفي تفكيراً في اهيلا و عائلتها التي قلبت حياته رأساً علي عقب...

قاطع شروده دخول الحارس الذي أخبره بأن الاميرة جويانا تطلب الأذن للدخول، أبتسم عندما ذكر أسمها، جويانا جميلة للغاية عفوية و طفلة بريئة، أنثي متفجرة الأنوثة بداخلها طفلة صغيرة مازالت ترغب في اللعب، أشار للحارس أن يدخلها و أعتدل في جلسته و رسم الابتسامة علي شفتيه لإستقبالها، فدلفت هي الاخري بأبتسامتها و أقتربت منه منحنية قائله:
-أتمني مكونش عملت أزعاج لجلالتك.

حرك صقر رأسه بالنفي و هو يشير اليها لتجلس بجواره قائلا:
-‏ أبدا يا جويانا، أتفضلي أقعدي
جلست بجواره ووضعت يدها علي كتفه قائله:
-‏خيي جلالتك متضايق ليه ؟!
أبتسم صقر، كم عشق لدغتها في حرف الراء من أول مرة سمع بها اسمه ينطق من بين شفتيها، أجابها:
-‏ مش متضايق بس بفكر.

أحتضنت جويانا يده بين يديها قائله:
-‏ طب أسمحلي أفكي معاك و شايكني همومك
وضع كفه الاخر علي يديها قائلا:
-‏ عرضك كويس جدا يا جويانا، بس أنا مش عاوز أشغلك معايا بمشاكل ملهاش لازمة.

أقتربت منه أكثر فلم يعد يفصل بينهما الكثير قائله:
- جلالتك أنا هبقي مياتك و مشاكلك هي مشاكلي
تنهد صقر بقوة و هو ينظر حوله محاولاً أن يخبئ حيرته في ما يحدث له قائلا:
-‏ أنا تعبان أوي و نفسي أرتاح من كل اللي حوليا ده
-‏أمسكت بوجهه و نظرت في عينه و أبتسمت قائله:
-‏- و أنا أقدر أعمل أي حاجة علشان أييحك بس أنت أسمحلي.

نظر في عينيها محاولاً ان يداري صدمته أو دهشته، لم يكن يقصد ما فهمته تحديداً، و لكن هذه فرصة لا تعوض لكسر الحواجر بينهما من أول يوم، فأحتضنها بقوة فلفت ذراعيها حول ظهره، و لكن سمع صقر صوت صراخ في الخارج، يبدوا أن أحدهم يفتعل مشاكل، و بالطبع لا يفتعلها سوي أهيلا، أبتعد عن جويانا و تركها و ذهب الي الخارج فوجد أهيلا تصرخ في الحارس الخاص به قائله:
- بقولك أبعد من وشي لأني هدخله يعني هدخل.

رفع الحارس سيفه الي رقبتها قائلا:
-‏ نفذي الاوامر يا أهيلا زي ما أنا بنفذها، قولتلك الاميرة جويانا منعت حد يدخل بعدها
تحدث صقر بصوت قوي قائلا:
- و أنت من أمتي بتاخد أوامر من حد غيري
ألتفت الحارس له و أنحني قائلا:
-‏ أسف جلالتك.

أمسك صقر بيد أهيلا و دلف بها الي غرفته قائلا:
-‏ أميرة جويانا بأي حق بتؤمري الحارس أنه ميدخلش حد بعدك
تصاعدت الدماء الي وجنتي جويانا، و ظهر عليها الارتباك قائله:
- جلالتك مكنش قصدي بس كنت عاوزة نقضي وقت سوا علي ياحتنا.

حاولت أهيلا كتم ضحكتها عندما سمعت كلمتها الاخيرة و أكتشفت أن مخارج حروفها لا وجود لها من الاساس، فتحدث صقر:
-‏ متتكررش تاني، و أتفضلي روحي جناحك، أنا عندي أجتماع مهم
أنحنت جويانا قائله:
-‏ أمي جلالتك
خرجت جويانا من الجناح لتبدأ ضحكات أهيلا في الأرتفاع، و صقر يراقبها و هو يعلم سبب ضحكتها، و لكنها جميلة جدا، من الجميل تحديداً اهيلا أم ضحكتها ؟! حسنا لا يهم.

تحدثت اهيلا و هي تضع يدها علي بطنها التي بدأت تؤلمها من كثرة الضحك قائله:
- أمي و ياحتنا، مش قادرة
أستمرت فترة طويلة تضحك فأبتسم صقر و هو يمرر يده بين خصلاته قائلا:
- لدغتها حلوه صح
أبتسمت أهيلا من بين ضحكاتها قائله:
-‏ دي تموت من الضحك.

رفع صقر أحد حاجبيه بدهشة قائلا:
- بقالك كتير بتضحكي، أول مرة أعرف أنك بتعرفي تضحكي من قلبك
أقتربت منه محاولة تجاهل الموضوع قائله:
-‏ كنتو بتعملوا أيه ؟!
أبتسم صقر قائلا:
- و أنتي مالك بتدخلي في اللي ميخصكيش ليه.

ابتسمت أهيلا و كادت أن ترد و لكنها لمحت هدية جميلة علي الطاولة فتركت صقر و ذهبت و فتحتها، فوجدت رداء في غاية الجمال من اللون الأصفر و الاخضر مثل التي كانت ترتديها في ألمانيا، فتحدثت بفضول قائله:
- حلو أوي، مين اللي جابه
أخذه صقر منها ووضعه في مكانه قائلا:
-‏ شاكتي اللي جايبه و سيبيه مكانه علشان بتاع جويانا.

أمسك يدها بقوة قبل أن تمتد علي أي شئ أخر قائلا:
- جاية ليه يا أهيلا، عاوزة أيه و أمشي بسرعة
تحدثت ببراءة مزيفة بإبداع قائله:
-‏ مش أنت اللي قولتلي أرتاحي و تعاليلي بالليل، و بعدين أنا عاوزة لبس من ده.

فكر صقر قليلاً و هو ينظر لها بحيرة تعجبتها أهيلا ثم تحدث:
-‏ فيه واحد تاني علشان الجارية المميزة
وضعت يديها حول رقبته و تحدثت بدلع شديد قائله:
-‏ هتديهولي صح !
أبتسم صقر، فهي مثل الاطفال تماماً، فتحدث ليتخلص من حصارها له الذي سيجعله يضعف أمامها في أي لحظة قائلا:
-‏ خديه من غير دلع.

أبتعدت عنه بفرحة، فأشار لها عليه فأقتربت منه و فتحته، كان من اللونين الاحمر و الازرق، فدلفت الي الركن الخاص بتغيير الملابس وبدأت في تغيير ملابسها فتحدثت صقر بتعجب:
-‏ بتعملي أيه يا أهيلا
أجابته ببساطة شديدة و هي تبدل ملابسها:
- بلبسه.

جلس علي فراشه و تنهد، ما الذي تفعله تلك المجنونة !لماذا لا تشعر به و أنه معجب بشدة بها، حسنا و كيف ستشعر و هو لا يظهر ذلك!هو لا يحبها بالطبع، و لكنه معجب أول بها يعشق عيناها التي تلونت باللون الاخضر الغامق، يعشق شفتيها التي ترتسم عليهما أجمل أبتسامة قد يراها في حياته، يعشق تحديها له و عنادها، يعشق برائتها و طفولتها، يعشق كونها أميرة معتزة بكبريائها، يعشقها ببساطة،

ماذا يعشقها !هل يعشقها فعلا أم أنه معجب بها فقط ؟ لا يمكن له ان يعشقها فهي كانت السبب الاول و الاخير في خسارة طفله الاول و زوجته، و والدها كان السبب في موت والده و زوج شقيقته، و لكنه أخذ بحق والده من والدها، و عقد معها أتفاقية ليأخذ حق زوجته و مولوده فسلبها أكثر ما تحب بالطبع، سلبها كبريائها و حريتها، أصبحت مجرد جارية في قصره، صحيح هي جاريته فليفعل معها ما يشاء، هي له، فليطفئ النار التي تشتعل في صدره بمجرد أقترابها منه أو وجودها معه في نفس المكان، حسنا فليذهب لها، هي في غرفته و هي له..

أقترب من المكان الذي تبدل به ثيابها ليجدها تخرج منه مرتدية هذه الملابس التي تظهر معظم جسدها، فأصبحت فاتنة أكثر، كادت أن تتحدث لتأخذ رأيه في ملابسها، و لكنه قاطعها بقبلة شغوفة علي شفتيها، لينتهي كل حديثها، و تبدأ مرحلة أخري من علاقتهما التي أعتادت أن تكون ملك و أميرة، فتصبح ملك و جاريته التي بات يعشقها، أو ربما يعجب بها فقط !

وقف في منتصف غرفته الواسعة و بدأ في الصراخ بقوة و في تكسير كل ما حوله، فحبيبته ماتت و ليست مخطوفة فقط، قتلوها، من الذي قتلها !و لماذا فعل هذا !حبيبته لا تعرف أحد هنا، و لم تفتعل المشاكل لتقتل بسببها، حبيبته كانت بريئة للغاية و هادئة، لمَ فعلوا بها هذا ! لمَ ؟!

دلفت إليه أخته غير الشقيقة جنتي، ابنه الجارية مثلما يناديها هو ووالدته التي زرعت في قلبه الكره لها، نعم بالتأكيد هي من فعلتها، هي من قتلت حبيبته الثانية مثلما شجعت حبيبته الاولي علي الهرب، هي تكرهه تماماً مثلما قالت له والدته، هي هنا لتقضي علي الجميع، هي قتلت مولان، لا يوجد سواها، بسبب معاملته لها بالتأكيد هي من فعلتها.

تحدثت جنتي بهدوء و خوف في محاولة لتهديئه قائله:
-ليث أهدي أرجوك محصلش حاجة
دفعها ليث بقوة لتسقط علي الارض و تدمي رأسها صارخاً:
-ملكيش دعوة بيا أنتي أزاي تدخلي هنا أصلا يا حقيرة أنتي بنت الجارية نسيتي نفسك ولا أيه غوري من وشي حالاً
وقفت جنتي مرة أخري امامه و هي تحاول كبت دموعها التي تهدد بالسقوط قائله:
-‏ ليث أسمعني بس.

أمسكها ليث بقسوة من خصلاتها و صرخ بها مرة أخري قائلا:
- أنتي اللي بعتي اللي قتلوها صح ! ليه تعملي كده، هي عملتلك أيه، بتنتقمي مني علشان مش بطيقك، عارفة ليه لأنك بنت الجارية، لأنك أكيد حقيرة زيها، أنا هقتلك و أخلص منك و أريح الملكة صوفيا منك
دلف الامير شاكتي الي جناح ليث فرأي ليث يخرج خنجره و يضعه علي رقبة جنتي، فأمسك يدها بقوة و أبعدها عنه و أمسك يديه بقوة قائلا:
-‏ سمو الامير أهدي، أيه اللي حصل.

نظر ليث الي شاكتي بدهشة، كيف لم يتوقع ان من فعل تلك الفعلة الحقيرة هو شاكتي، صرخ به هو الاخر قائلا:
- انت اللي قتلت مولان أكيد، انت قتلتها علشان أنا ضربتك لما لقيتها عندك، عملت كده ليه هي عملتلك أيه علشان تموتها هاا
نظر له شاكتي بصدمة محاولاً تهدئته قائلا:
- سمو الامير أنت بتقول أيه أنا هتجوز الأميرة رقية بعد يومين أنت أزاي تفكر كده
صرخ به ليث مرة أخري قائلا:
- أنت اللي قتلتها، علشان ضربتك قدامها، قدام جارية، بتنتقم لكرامتك، هموتك يا شاكتي.

أبعد يدي شاكتي عنه و رفع خنجره مرة أخري و هجم عليه، فخرجت جنتي سريعاً لتستنجد بأي شخص فلم تجد أمامها سوي الملكة صوفيا فأقتربت منها و هي تبكي قائله:
-‏- جلالتك الامير شاكتي و الامير ليث بيتخانقوا في جناح الامير ليث و ليث هيموته
دفعتها صوفيا بسرعة و بقلق و ذهبت مسرعة الي جناح ليث و دلفت لتجد شاكتي يعتليه علي الارض بعد أن وقع خنجر ليث علي الارض قائلا:
- سمو الامير أهدي.

صرخ به ليث مرة أخري قائلا:
- هقتلك مش هسيبك
تحدثت صوفيا بحدة قائله:
-‏ قوموا انتم الاتنين حالا من الأرض
نظر شاكتي خلفه فوجد الملكة صوفيا فوقف سريعاً و كذلك فعل ليث لتتحدث صوفيا بغضب:
- ممكن أفهم في أيه.

كاد ليث أن يتحدث فسبقه شاكتي قائلا:
- انا كنت جاي للأمير ليث أديله هديته بس كان نايم و لما قربت منه أفتكرني هموته فحصل اللي حصل و ملحقتش أفهمه مش أكتر
تنهدت صوفيا و نظرت الي شاكتي قائله:
- معلش يا شاكتي بس انت شايف الظروف الكل بقي بيشك في الكل
نظرت الي ليث و أكملت حديثها قائله:
- و انت يا ليث أعتذر من الامير شاكتي كده مينفعش.

نظر ليث بتعجب الي شاكتي،لمَ قال هذا و لكنه تحدث بسرعة:
- أسف سمو الامير
تركتهم صوفيا و أنصرفت فنظر ليث الي جنتي الواقفة بغضب قائلا:
- أخرجي بره حالا
هزت رأسها بالموافقة و خرجت فنظر ليث الي شاكتي قائلا:
- أنت ليه قولت كده.

أجابه شاكتي بتعجب قائلا:
-‏ أمال أقولها أيه الأمير بيحب جارية و جيت لحقت أخته من تحت أيده كان هيموتها
-‏صرخ به ليث مرة أخري قائلا:
-‏- نسمة مش جارية و جنتي مش أختي
تحدث شاكتي مصححاً له خطأه قائلا:

-‏ قصدك مولان مش نسمة و ده معناه ان اللي عرفته صح، لأمتي هتفضل تنكر حقيقة أن نسمة هربت و مولان كانت مجرد شبيهه و كمان مكنتش شبهها أوي، أنت حبك لنسمه عماك، مبقتش عارف تفرق بين حبيبتك وواحدة شبيهه، حب أيه ده اللي لسه بتحبه ليها بعد ما سابتك و هربت يوم الفرح، بأنهي نفس بتحبها تاني، معقولة لو رجعتلك تكمل حبك ليها، اللي هربت منك هتكمل حياتك معاها تاني ازاي، هتضمنها أزاي ! هتقول كانت مظلومة و أتخطفت زي مولان البريئة اللي كل ذنبها أنها حبتك فقتلوها !

نظر له ليث بحدة بعد أن أدرك جملة شاكتي الاخيرة قائلا:
-‏ و انت عرفتها منين أنها كانت بتحبني ! ازاي مجرد جارية لا راحت ولا جت تحب امير زيي ! لو طلعت عايشة أنا فعلا هقتلها لمجرد اللي أنت بتقوله ده
تحدث شاكتي بحدة و صوت مرتفع:

- عرفت منين فهو من جارية تانية، أما انها جارية و ازاي تحبك فمتنساش أنها كانت في يوم من الايام أميرة، و زي ما أنت بتحب واحدة خدعتك و مش قادر تتحكم في قلبك، هي كمان حبت واحد عيتله كانت السبب في موت عيلتها خليك فاكر ده كويس، و ازاي كنت هتموتني لمجرد أنك شكيت أني أكون قتلتها و في نفس الوقت لو طلعت عايشة هتقتلها !

أنت متناقض يا ليث و مبقتش فاهم فيه أيه و لا أيه اللي بيجري حواليك، مبقتش عارف أنت بتحب مين نسمة ولا مولان، و عاوز مين ولا حتي عاوز أيه، أنت بقيت عايش من غير هدف يا ليث، بتدور علي حاجة مش موجودة و ممكن متلاقيها أصلا، ركز في حياتك أحسن و في المملكة اللي أنت وزيرها يا ليث، هبعتلك هديتك مع الحارس.

نظر له ليث بتعجب سأله:
- هدية أيه ؟!
وقف شاكتي و هو يهندم ملابسه قائلا:
- تقليد في أسبانيا قبل الجواز العريس بيجيب هدايا لكل اهل العروسة، و بالمناسبة هيكون فيه زي مخصوص للجارية المميزة، أتمني تحتفظ بيه و ميروحش لأي حد، يمكن كل ما تشوفه تفتكر أن فيه قلب كان بيدق ليك مات بسببك و بسبب حبه ليك و انت مستعد لو دق تاني توقف دقاته.

تركه شاكتي لأفكاره و شروده و ذهب الي جناحه و بدل ثيابه فدلف إليه الحارس قائلا:
-‏ الاميرة جنتي بتطلب أذن للدخول سموك
نظر له شاكتي و أشار اليه ليدخلها، فخرج الحارس و دلفت جنتي ووقفت أمامه و أنتحنت ففعل هو المثل، فسألته بدون مقدمات او تردد:
-‏ أنت ليه كدبت علي الملكة صوفيا ؟!
أشار لها شاكتي علي الفراش قائلا:
-‏ أتفضلي استريحي.

جلسا علي الفراش و نظرت له جنتي بأستفسار منتظرة جوابه فتنهد أخيراً و تحدث:
-‏ أولاً الملكة صوفيا لو عرفت أنك السبب في خناقنا هتعاقبك، أو أن مولان هي سبب الخناقة الاصلي هتعاقب ليث و انا مش عاوز ده يحصل، و ثانياً أنتي غلطتي لما روحتي قولتلها، أنتي مدركة كانت ممكن تعاقبك أزاي !تحدث جنتي في محاولة لتبرير تصرفها:
- أنا كنت عاوزاكم تبطلوا خناق و ملقتش قدامي غير الملكة صوفيا.

أنقلبت ملامحه في محاولة مستميته لأقناعها بخطأها الفادح من وجه نظره:
-‏- أميرة جنتي، تصرفك كان تصرف متهور و أتمني ميتكررش تاني، و لو فيه أي مشكلة معاكي تعالي أحكيلي و اتكلمي معايا أنا لا تروحي لليث ولا للملكة صوفيا، أعتبريني اخوكي الكبير من دلوقتي
نظرت له بحزن قائله:
-‏ يعني لو عاوزة أحكي حاجة أقولك أنت !

أبتسم لها شاكتي قائلا:
-‏ أكيد طبعا، و صدقيني هكون مبسوط جدا لو جيتي أتكلمتي معايا
نظرت الي الارض ثم بدأت نوبة بكاء حادة فنظر لها و حاول تهدأتها و لكن صدمته حركتها بعد أن أرتمت علي صدره لتكمل بكائها، و قرر أن يتركها تفعل ما تشاء، ثم أشفق عليها من كثر البكاء و ضمها بيديه فتحدثت:
-‏ طب أنا أيه ذنبي أن الملك محمد حب جارية ! أنا ايه علاقتي أن ماما و بابا حبوا بعض و جابوني، و هو أعلنها زوجة تانية ! ليه محدش طايقني و بيبعدوا عني ! للدرجة دي انا وحشة علشان أكون منبوذه كده !

مرر يده علي خصلاتها قائلا:
- بالعكس أنتي كويسة و طيبة جدا و مش ذنبك فعلا بس الملكة صوفيا طبيعي تزعل دي جارية و أتساووت بيها في نظرها و حظك أن ليث بيحب مامته جدا فماشي وراها، أما صقر و رقية فهما بيحبوكي و الملكة جودا كمان بتحبك صح ! انتي الوحيدة اللي قادرة ترجع تخلي عندها أم و أخواتها يزيدوا واحد لو قربتي منهم و عرفتي تفهميهم أنك كويسة صدقيني هيحبوكي اوي.

أبتعدت عنه و نظرت له برجاء قائله:
-‏ أرجوك خليك جنبي و أدعمني يا شاكتي
أبتسم لها و مسح دموعها بأنامله قائلا:
-‏أتطمني أنا علطول معاكي و في ظهرك ولو عاوزة أي حاجة تعاليلي، أستني خدي هديتك
ذهب في أتجاه طاولة صغيره و سحب من عليها طبق طويل و كبير مغطي بالحرير و أعطاها لها ففتحته و أندهشت بفستان في غاية الروعة مع مجوهراته فسألها:
-‏ عجبك ولا أيه !

أحتضنته من جديد قائله:
-‏ حلو أوي يا شاكتي بجد شكراً
دلفت رقية الي الجناح فجأة مع أبتسامتها الجميلة التي سرعان ما تحولت الي غضب مكبوت قائله:
- أتمني مكونش جيت في وقت مش مناسب
أبتعد شاكتي عن جنتي و أبتسامته علي وجهه محاولاً ألا يسبب أي أحراج لجنتي و أقترب من رقية قائلا:
-‏ سموك تيجي في أي وقت هيكون مناسب.

-‏ نظرت رقية الي جنتي فوجدتها تنظر لها ببراءة و أبتسامتها علي وجهها فتحدثت جنتي:
-‏ طب أنا همشي يا شاكتي، و ميرسي أوي علي الهدية الجميلة دي
حرك رأسه لها فأقتربت من رقية ووضعت قبلة علي خدها قائله:
-‏ عاوزة أحكيلك علي حاجة مهمة، لما تكوني فاضية قوليلي
أبتسمت لها رقية ثم خرجت جنتي من الغرفة فأنقلبت ملامحها مرة أخري قائله:
-‏ كانت بتعمل أيه هنا و انتو لوحدكم و أيه الوضع اللي انا شوفتكم فيه ده ! و ايه اللي عمل في وشك كده !

تحدث شاكتي بحدة بسيطة قائلا:
- فيه حاجة أسمها ثقة و بالراحة و هدوء و انها اختك و اني هكون جوزك بعد يومين ماشي، يلا أقعدي علشان أفهمك
جلست علي فراشه فذهب بأتجاه صحن ملئ بالفاكهه و أخذ سكيناً مع تفاحه و أقترب من رقية و بدأ في تقطيع شريحة منها قائلا:
-‏ مبدأياً كده أتخانقت مع ليث فحصل كده في وشي كنت بتكلم مع جنتي هنا و بعدين أديت ليها الهدية فعبرت ليا عن شكرها و اعجابها بالهدية بحضن و ده بعفوية منها أكيد و مكنش هينفع أحرجها و هي أصلا زي أختي الصغيرة تمام.

نظرت له رقية بأستغراب قائله:
-‏ و ثانياً ؟!
وضع في فمها شريحة من التفاح قائلا:
-‏ و ثانياً بقاا خلي فيه مخ، أكيد مش هخونك مع أختك قبل جوازنا بيومين، متخليش الغيرة تتملك منك لأن كترها وحش و متخليش غضبك يكون أعمي
تحدثت رقية بعد أن أنتهت من أبتلاع التفاحة قائله:
- مش من حقي أغير و انت هتكون جوزي بعد يومين ولا أيه ! أجي هنا ألاقي الحارس بيقولي أنك مع جنتي جوه لوحدكم ولما أدخل ألاقيها في حضنك منتظر مني أيه !

أطعمها شاكتي شريحة أخري قائلا:
-‏ دي أختك لا أنا بيتهيألي ! عيب لما تشكي فيها و غلط كمان، المهم كنتي جاية ليه ؟!
أخرجت تميمة من قبضتها قائله:
-‏ جاية أربطلك دي علي دراعك، دي عادة عندنا قبل الجواز كرمز للحماية
أبتسم شاكتي و غمز لها بعينه قائلا:
- أقلع يعني !

تعالت ضحكاتها قائله:
- أقلع
خلع شاكتي القميص الخاص به و أقتربت منه رقية و ربطت التميمة بأحكام علي ذراعه ثم تحدثت:
-‏ أنا همشي بقاا
أمسك بيدها بسرعة بعد أن وقفت ثم ألقاها علي الفراش بجانبه و مال علي جسدها فلم يعد يفصل بينهما سوي الهواء و بعد المللي ميترات فتحدث هامساً:
- أنتي جاية تربطي التميمة و تمشي ولا أيه ؟! يرضي مين ده !

أبتسمت قائله:
- و سيادتك بقا عاوز أيه تاني غير ده ؟!
أقترب أكثر منها فأصبحت أنفاسه الحارة تضرب بوجهها بقوة قائلا:
-‏ يعني حضن، بوسة اللي يعجبك
توردت وجنتيها بشدة من تلميحاته المخجلة و تحدثت قائله:
-‏ يعني أي حاجة هديهالك هتاخدها !

أبتسم قائلا:
- هاتي أنتي بس ملكيش دعوة
أقترب منها أكثر و هي تتحدث:
-‏ عيوني
و في ثواني كان شاكتي قد أنقلب علي ظهره علي الفراش ووقفت هي بعد أن دفعته من صدره بقوة قائله بحاجب مرفوع:
-‏ أتمني تكون عجبتك
ركضت الي الخارج عندما وقف هو ثم تحدث:
-‏ مجنونة و هتخليني مجنون و أحبها و أنسي حربي و أنتقامي و كل حاجة علشانها، ربنا يسترها

ظهرت أشعة الشمس في صباح اليوم التالي ليستيقط صقر من نومه ليجد أن أهيلا ما زالت بأحضانه منذ الامس، تذكر كل ما حدث، ذوبانها بين يديه و أرتجافها في بعض اللحظات الذي نتج عن بعض الخوف، تذكر عندما أحتضنته بقوة و كأنه أمانها و مسكنها، تذكر كم كانت خجولة بالامس بالرغم من جرأتها التي أعتاد عليها، نظر اليها و بدأ في تأمل ملامحها بدقة، عيناها مرسومتان بأحتراف شديد ولا يزينهما أي شئ،

نظر الي انفها الصغير الذي يتوسط وجهها و الي تحول اللون اللون الأحمر بسبب نومها، ثم الي خديها الناعمان و اللذان صعدت إليهما الحمرة فكان مصيرهما مثل أنفها تماماً، مرر يده علي خديها ليزعج نومها ثم أبتسم و نظر الي الجزء الاخير من وجهها، شفتيها الصغيرتان اللتان يشبهان حبات الفراولة، تذكر بالامس أول قبلة لهما و كيف تذوق شهد شفتيها لأول مرة، أقترب منها ليضع قبلة صغيرة علي شفتيها، جاءت بعدها قبلتان علي خديها، نظر حوله بعد ذلك ليجد ملابسها الجديدة التي تناثرت علي الارض و تذكر كم أحبها في هذه الملابس، ربما سيأتي لها بالمزيد منها، فهي تحب أن ترتديها، و هو يحب أن يراها بها، ثم أستمر في تأملها من جديد و هو يفكر، هل أحبها بالفعل أم ماذا يحدث معه !

نطق أسمها بهدوء عدة مرات ليوقظها، ففتحت عينيها ووجدت يحجب عنها أشعة الشمس بوجهه، فنظرت له و هي تفرك عينيها قائله:
- في أيه يا صقر، بتصحيني ليه ! بقالي كتير منمتش مرتاحة كده
أبتسم بسخرية قائلا:
-‏ نايمة علي سريري و في حضني و مش عاوزة تنامي مرتاحة.

زفرت و هي تلوي شفيتها قائلا:
-‏ بالراحة علشان مناخيرك هتخبط في السما كمان شوية
ضحك من تعبيرها عن غروره، ثم سألها بتعجب:
- عملتي كده ليه صحيح أمبارح يا أهيلا !
نظرت له بتعجب و سألته هي الاخري:
- عملت أيه ! أنا معملتش حاجة !

نظر لها بتفهم ثم فسر لها:
- قصدي ليه نزلتي نفسك من مكانة الاميرة لمكانة الجارية عندي !
أبتسمت بسخرية يتخللها بعض الحزن و هي تجلس علي الفراش قائله:
-‏ أولاً أنا مجتلكش ولا طلبت منك ده انت اللي عملت كده من نفسك
وضع يده علي وجنتها وهو ينظر في عينها قائلا:
- كنتي تقدري ترفضي و تبعدي.

أكملت حديثها بنفس النبرة قائله:
- بحاول أتعود علي باقي أيامي أو يمكن مستنية مصيري زي مولان مش ممكن أنا الضحية التانية ! بحاول اكون في المكانة الحقيقية اللي أنا فيها دلوقتي، انا و انت عارفين أني مبقتش الاميرة أهيلا و اني بقيت الجارية أهيلا
هز رأسه بعد تنهيدة قائلا:
-‏ مكنتش متوقع أنك هتستسلمي أنك تكوني الضحية التانية بعد مولان.

تعالت ضحكات أهيلا بوجع شديد قائله:
- و هفضل عايشة لمين يا صقر، لعمي و أبنه اللي خانوني ولا ليك أنت
سألها بأتسغراب:
- و ليه مش ليا أنا !
اجابته بنبرة غامضة:
-‏ لأنك صقر اللي قتلت أهلي
نظر الي عينيها ووضع كفه الاخر علي وجنتها الاخري و ضم وجهها بقوة ونظر في عينها قائلا:
- و انا نفسي صقر اللي قضيتي الليل كله في حضنه و كنتي عاوزة تكملي نوم كمان.

وضعت يديها علي كفيه علي وجهها قائله:
- أنا متلغبطة يا صقر و مبقتش فاهمه حاجة
هز رأسه قائلا:
-‏ هتوصلي لقرار، مش هتفضلي ساكتة كده و انا متأكد، بس خليكي عارفة أني مش هسمح لحد يقرب منك أبداً، و مش هيكون فيه ضحية تانية أصلا، و مولان هوصل للي عمل فيها كده و هعاقبه.

هزت رأسها بصمت فأبعد يديه عنها قائلا:
-‏ طب يلا قومي ألبسي و روحي نامي في سريرك
هزت رأسها و كانت علي وشك الوقوف ولكنها أعتدلت مرة اخري قائله برجاء:
-‏ صقر، خلاص كده جوازك بكره !
هز رأسه بصمت، ثم تحدث:
-‏ كنتي قولتيلي قبل كده بلاش جويانا، ليه ؟!

بللت شفيتها مع أبتسامة قائله:
- بكره تعرف ليه، أنت قولتلي متدخلش و انا مش هتدخل
وقفت لترتدي ملابسها فتحدث:
-‏ ألبسي الفستان المصري، و سيبي التاني لما تيجي هنا أبقي البسيه
هزت رأسها مع أبتسامة و أرتدت فستانها سريعاً ثم أقتربت منه و وضعت قبلة صغيرة علي خده و همست في أذنه:
- حد مننا بكره هيجراله حاجة، هحاول ميكونش أنت ... عن أذنك
تركته و ذهبت سريعاً، ليغوص في أفكاره الخاصة في محاولة لتفسير جملتها الاخيرة و لكنه فشل

جاء يوم الزفاف المنشود و و خرج كلا من صقر وليث و شاكتي من جناح كلا منهم بعد ان انتهوا من تجهيز أنفسهم ثم توجهوا الي المسجد الملحق بالقصر و خلعوا أحذيتهم و دلفوا ليصلوا، فكان هذا بمثابة أهم تقليد في مصر قبل الزواج، انتهوا ثم خرجوا فلم يجدوا احذيتهم نظروا حولهم بتعجب، فوجدوا أهيلا تقترب مع جنتي و أحلام شقيقة جويانا و هم يحملون احذيتهم، فسألها صقر بتعجب:
-‏ بتاخذي الجزم ليه ! هاتيها هنتأخر يا أهيلا
هزت أهيلا رأسها بالنفي قائله:
-‏ متقدروش تاخدوها من غير ما تدفعوا غرامة !

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة