رواية بنت القلب للكاتب عبد الرحمن أحمد الفصل السابع عشر
وضع أيمن الصورة الثالثة وهو يردد:
- فاطمة أحمد ... كانت تبع المجموعة السرية اللى عاملها برضه ودى الشخصية التالتة على قايمة الاغتيال
اعتدل طيف واقترب من الصورة بصدمة ثم ارتسمت ابتسامة على ثغره وهو يردد بعدم تصديق:
- أهلًا ... الشكل ده مش غريب عنى، مش دى النداهة !
رفع رماح حاجبيه متعجبًا وهو يردد:
- نداهة ايه ؟ أنتَ شوفتها قبل كدا.
ابتسم وهز رأسه بعشوائية قائلًا:
- طبعًا مين ينسى النداهة اللى وقعت قلبى، عربيتى عطلت فى منطقة زراعية مافيهاش حد وهى اللى ساعدتنى وصلحتها وقالتلى إنها مهندسة ميكانيكا
حرك أيمن رأسه بتساؤل:
- فاطمة تعمل كدا ليه يعنى ! وبعدين مهندسة ازاى ؟
رفع طيف كتفيه بعدم فهم قائلًا:
- مش عارف والله، طالما هى ظابط شرطة ليه عملت كدا ! وبعدين بقى فى الدنيا البايظة دى.
سحب اللواء أيمن الصور وهو يردد:
- مش مهم .. لما أقابلها هفهم كل حاجة المهم إن وائل هيساعدنا نوصل لكل اللى تبع المنظمة دى بس علشان يوصل ليهم والمافيا تطمنله لازم ينفذ الاغتيالات دى وده اللى لسة بنفكر هننفذه ازاى
تحرك طيف ذهابًا وإيابًا ثم هتف بصوت مرتفع:
- ونيران ايه نظامها ؟
أجابه والده على الفور قائلًا بصرامة:
- نيران مش لازم تعرف حاجة عن اللى اتقالك ده علشان مترجعلهاش الذاكرة.
ثم وقف رماح وتابع:
- وده اللى جيتلك مكتبك يا طيف أيام ما كنت دكتور علشان أقولهولك وكان بأوامر من سيادة اللواء بس أنا استفزيتك بالكلام وده مكانش لازم يحصل بس عدت على خير
فرك طيف برأسه وردد بابتسامة:
- كفاية مفاجأت منكم لغاية كدا وخدوا المفاجأة دى منى بقى ... نيران رجعتلها الذاكرة من سنة وكانت مخبية على كله ولسة مكتشف ده من يومين بالظبط
نظر اللواء أيمن إلى رماح ثم نظر إلى طيف وهتف بصدمة:
- نعم !
ثم نظر إليه رماح هو الآخر وهتف بعدم تصديق:
- أنتَ بتقول ايه ؟
نظرت إلى مسدسها وبدأت تفى ذكر تلك الليلة المشئومة
قبل ثلاثة سنوات تحديدًا ليلة فقدان نيران لذاكرتها
كانت تتحرك بسرعة شديدة تحت الأمطار الغزيرة بعد أن خرجت من سيارتها واتجهت إلى تلك الفيلا التى تعرفها جيدًا وهى فيلا ابن خالتها رماح وحضرت على الفور بعدما علمت بوجود زين فشكت بأنهم يجهزون إلى مهمة جديدة بدونها فقررت إحضار هدية لزين كى تلين قلبه ويصحبها معه تلك المرة خاصة بعد الحادثة الأخيرة التى أنقذها فيها زين ومن بعد تلك الواقعة قرر عدم وجودها بجانبه مرة أخرى، كانت تلك المرة سعيدة وعلى وجهها ابتسامة رضا، وصلت أخيرًا إلى الباب لتتفاجئ بأنه مفتوح فتحركت ببطء إلى الداخل وتركت صندوق صغير على المنضدة ثم تابعت تحركها للداخل حتى سمعت ذلك الصوت
- التسليم مش هينفع فى المكان ده، الشرطة مراقبة الدنيا كويس أوى واللواء أيمن ضياء هو اللى متابع القضية دى بنفسه ومشغل كذا ظابط تحت ايده علشان يتابع كل صغيرة وكبيرة ومن ساعة العملية اللى فاتت والواد اللى اتمسك وهو مركز أوى
قال زين تلك الجملة بجدية واضحة فتابع رماح كلام زين قائلًا:
- الحل إنكم تستنوا دلوقتى لغاية ما أشوف صرفة، المخدرات مش لازم تدخل مصر غير لما أديكم الضوء الأخضر علشان العملية تتم بنجاح خصوصًا إن الكمية المرة دى كبيرة جدًا
كانت تنصت فى صدمة حتى خرج أحد الرجال من المكتب وأمسكها على الفور فصرخت بصوت عالٍ وهى تقول:
- سيبنى سيبنى
لكنه أحكم قبضته ولوى ذراعها للخلف ودلف بها إلى المكتب وهو يقول:
- مسكتها يا باشا وهى بتتصنت علينا
وقف كلُّ من رماح وزين فى الحال لكن سبقتهم نيران قائلة:
- ماكنتش متخيلة إنكم تخونوا شغلكوا علشان كلاب زى دول
ثم رمقت زين باستحقار وتابعت:
- حتى أنتَ يا زين طلعت قذر كدا !
وقف خالد السنباطى وهتف بجدية:
- بعد اللى سمعته هنا مش لازم تعيش
تدخل زين على الفور وهو يقترب منه:
- لا يا خالد دى خطيبتى ومش هسيبك تعملها حاجة
كان المكتب بداخله رماح، زين، خالد وثلاثة من رجاله
ابتسم خالد بمكر وأردف:
- ابعد يا زين، دلوقتى ماينفعش تدافع عنها لأن شغلنا كله بقى مرتبط باللى سمعته وأنا مش هضحى بشغلى علشان هى تعيش
مد يده على الفور وسحب سلاحه ثم وجهه إلى رأس خالد وهتف بنبرة حادة:
- قلتلك مش هسيبك تعملها حاجة، لو وصلت إنى أقتلك أنتَ ورجالتك هنا
هتف رماح على الفور بعدما تحرك خطوتين:
- اهدوا مش كدا وبعدين أنا واثق إن نيران هتنضم لينا بعد ما تفهم الشغل.
ثم نظر إليها قائلًا:
- اسمعى الاول طبيعة الشغل وبعدين قررى
رمقته باستحقار ورددت بغضب:
- أنا عندى أموت وماخُنش شغلى وبلدى أبدًا
هنا رفع رجال خالد أسلحتهم ووجهوها تجاه زين الذى يرفع سلاحه فى وجه خالد وأصبح الوضع أكثر خطورة فقرر رماح التخلى عن تلك المهمة ورفع سلاحه هو الآخر فى وجه هذا الرجل الذى يقيد نيران وهتف بغضب:
- سيبها يا إما هخلص عليك.
ردد خالد بتعجب:
- حتى أنتَ يا رماح ؟
رمقه رماح بغضب وهو يردد:
- أنتَ اللى اضطريتنى لكدا، خلى رجالتك تنزل الأسلحة وقُل له يسيبها وأنا هسيبكوا تخرجوا من هنا عايشين
ابتسم خالد وهو يردد بمكر:
- أنتَ اللى جبته لنفسك
ثم هتف بصوت مرتفع:
- اضربوا
فأطلق رجاله النار على زين الذى أطلق رصاصة فى نفس الوقت لتستقر فى كتف خالد فأسرع رماح بإطلاق الرصاص على رجاله وأوقعهم فى الحال، فى نفس الوقت أعادت نيران رأسها إلى الخلف بقوة شديدة لتصيبه فى وجهه ثم سحبت يدها وأمسكت بمسدسه وأطلقت الرصاص عليه لتتفاجئ بهروب خالد من أمامها وخروجه من الفيلا فأسرعت خلفه، ظلت تطارده أسفل الأمطار الغزيرة وهى تمسك بمسدسها لكنها توقفت تنظر حولها بسبب اختفائه وسط الظلام، تفاجئت بالعديد من الكلاب تطاردها فأسرعت للهرب منهم حتى تعرقلت قدميها ووقعت على الأرض فأخذت تتراجع بظهرها وهى جالسة خوفًا منهم وفجأة أتى من خلفها شخص وضرب مؤخرة رأسها بقوة باستخدام ماسورة حديدة ضخمة فوقعت فاقدة للوعى فى الحال ...
عودة للوقت الحالى
أعادت رأسها للخلف وهى تردد بغضب:
- ماشى يا رماح والله ما هسيبك أنتَ والكلاب دول تلاقيك أنتَ اللى خدت زين معاك فى الرجلين ومات بسببك
- زى ما بقولكم كدا بالظبط نيران رجعتلها الذاكرة وأنا السبب فى إن الذاكرة ترجعلها
قالها طيف بابتسامة فصاح رماح بغضب:
- غبى ! ازاى رجعتلها الذاكرة
تذكر طيف هذا اليوم وبدأ فى سرد ما حدث
قبل سنة
فتح باب سيارته ثم ترجل منها فتبعته نيران بخوف شديد، سارت حتى وقفت إلى جواره ورفعت نظرها لترى تلك الفيلا ...
نظر إليها طيف وهو يقول بجدية:
- هى دى الفيلا يا نيران !
تحركت خطوتين إلى الأمام ونظرها مسلط على تلك الفيلا الضخمة لكنها توقفت والتفتت لتقول بحزن:
- لا مش هى دى
اتسعت عيناه وقال بصدمة واضحة:
- متأكدة إن مش دى الفيلا اللى افتكرتيها !
حركت رأسها بالنفى لتقول بهدوء:
- لا مش هى يا دكتور .. للأسف
عودة للوقت الحالى
تابع طيف بجدية:
- وكانت هى الفيلا .. لما شافتها رجعتلها الذاكرة بس قدرت تخبى عنى وعن كله ولما شوفتها من يومين فى مركز التدريب وكلمتها اكتشفت ده
عقد رماح ما بين حاجبيه متسائلًا:
- واكتشفت ده ازاى ؟
رفع كتفيه لأعلى وهو يردد:
- بخبرتى كدكتور نفسى قدرت أعرف ده غير إنها كانت المريضة بتاعتى وفاهم هى بتتكلم بصدق ولا بتكدب لكن اللى شوفته فى نيران كان مختلف عن نيران المريضة .. دى كانت جد فى كلامها وارتبكت لما كشفت سرها
ثم رمق رماح وهتف بتساؤل:
- ماقلتليش يا باشا ايه اللى حصل فى فيلتك يومها وخلاها تفقد الذاكرة ؟
نظر رماح إلى اللواء أيمن فتحدث هو نيابة عنه وردد:
- كان في مهمة سرية كلفتها لرماح وزين والمهمة دى إنهم يقنعوا خالد السنباطى بإنهم شغالين معاه وبينقلوا كل معلوماتى له وده طبعًا بمعرفتى بس فى اليوم ده راحت نيران الفيلا وسمعت الكلام اللى أنتَ حكيته ليا يا طيف لما جيت اتهمت رماح فاكر ؟ وافتكرتهم شغالين فعلا مع خالد السنباطى والمهمة باظت وزين اتقتل وهى جريت ورا خالد ومانعرفش ايه اللى حصل تانى .. لقيناها مرمية فى الشارع ودماغها بتجيب دم فنقلناها المستشفى وهناك عرفنا إنها فقدت الذاكرة فقررنا كلنا نخبى عنها الحقيقة ونقولها إنها كانت حادثة علشان متفتكرش اللى حصل وتتأذى وتتعرض للخطر.
عقد طيف ما بين حاجبيه متسائلًا:
- طيب وحكاية خطوبتها من رماح باشا ؟
هنا أجابه رماح قائلًا:
- دى كانت أوامر سيادة اللواء علشان مايكونش في فرصة إنها تفتكر حاجة من اللى فاتت وخصوصًا بعد ما عرف إنك الدكتور بتاعها
تكلم وائل أخيرًا بعد أن وقف ونظر إلى اللواء أيمن:
- بس لو فعلًا رجعتلها الذاكرة من سنة ايه اللى يخليها تقعد الفترة دى كلها مخبية عن الكل ؟
جلس رماح وهو يردد بشرود:
- أكيد بتفكر ازاى تنتقم منى وترجع لشغلها، نيران طول عمرها متهورة.
فى تلك اللحظة أمسك طيف بهاتفه وهو يردد بصدمة:
- 9 مكالمات من نيران ! ربنا يستر، شكى طلع فى محله وأكيد بتكلمنى علشان تحكيلى الحقيقة
هتف أيمن بنبرة جادة تحمل الأمر:
- طيب كلمها واتفق إنك تقابلها واعرف منها كل حاجة واعرف بتفكر فى ايه بالظبط وخلى بالك كويس أوى تمام
أومأ رأسه بالإيجاب ثم أدى التحية وهو يردد:
- تمام سعادتك.
خرج من المكتب وهاتف نيران فى الحال فأجابته بصوت متردد:
- طيف .. أنتَ فاضى ؟
أجابها وهو يتجه إلى سيارته:
- أيوة فاضى
وقفت وسحبت متعلقاتها وهى تقول بجدية:
- طيب ممكن تقابلنى فى مكتبك القديم دلوقتى ؟
قال وهو يدير محرك السيارة:
- أنا فى الطريق حالًا
- اهدى يا تنّة مش كدا، باسل ده غبى وميستاهلكيش .. متعيطيش يا حبيبتى
قالتها أسماء فى محاولة منها لتهدئة تنّة التى كانت تبكى بحدة وألم شديد
رفعت رأسها وهتفت من وسط بكائها:
- كان عندك حق يا ماما، اتجوز فعلًا وكمان خلف .. بس أنا السبب أنا اللى حرمته من إنه يكون له طفل
ربتت على كتفها وهى تردد بأسى:
- لا مش أنتِ يا حبيبتى .. ده قدر ربنا وأنتِ مالكيش ذنب، هو اللى غبى ومش بيحبك، ده لو بيحبك كان قبلك كدا زى ما أنتِ لكن هو كل اللى همه عيل يقوله يا بابا وبس وماهمهوش مراته اللى بيفضل سايبها بالسنة.
صاحت رنّة بعدما ارتفع حاجبيها:
- ما خلاص يا ماما أنتِ بتهديها ولا بتسخنيها
ارتفع صوت أسماء لتقول بعدم رضا:
- اسكتى أنتِ ومتدخليش فى الحوار ده، مش فايقة ليكِ
ثم عاودت لتربت على كتف ابنتها بحنو وهى تردد:
- لما أبوكى وأخوكى يجوا هخليهم يعرفوه الأدب ولو وصلت إنه يطلقك يبقى أحسن
اعتدلت تنّة وهى تحملق فى والدتها ورددت بصدمة:
- يطلقنى !
فتحت عينيها بصعوبة وهى تردد بضعف:
- غ..يث، غيث !
فاق من نومه واقترب منها بحنان وهو يردد بسعادة:
- ليان .. حبيبتى أخيرًا فوقتى، أنا قلقت عليكِ أوى
ابتسمت ابتسامة هادئة وهى تردد بنفس الخفوت:
- أنتَ أنقذتنى ؟ قدرت تغلب جيمس !
صاح بسعادة بعدما تأكد أنها بخير:
- مردتش أموته بس كسرت كل عضمة فى جسمه علشان طول ما هو عايش فى حياته عاجز يفتكرنى.
مدت يدها وقبضت على يده ورددت بحب:
- كان نفسى يكون ليا حد ويفضل جنبى ويخاف عليا ويهتم بحياتى بس كنت فقدت الأمل لكن دلوقتى حلمى اتحقق وأنتَ جنبى أهو
قبض بيده الأخرى على يدها المتعلقة بيده وهتف بحنو:
- أنا مش مهتم بحد فى الدنيا دى غيرك أنتِ، أنتِ كل حاجة فى حياتى دلوقتى
ثم ارتسمت ابتسامة على وجهه وهتف مازحًا:
- بس ايه رأيك فى التلميذ بتاعك ؟
ضحكت بهدوء قبل أن تردد:
- ده أنا اللى تلميذة بعد اللى أنتَ عملته فى جيمس ده.
عدل من لياقة قميصه وهو يردد فى فخر:
- يوووه خلتينى أتغر وأنا مابحبش أبقى مغرور
ثم انخفض وطبع قبلة على جبينها وردد بحنان:
- يلا اتجدعنى كدا يا سيادة المدربة وابقى كويسة علشان نخرج من هنا بقى.
فى مكتب طيف القديم،،،
ابتسم وهو يردد:
- ها تحبى أقولك يا نيران ولا يا سيادة الظبوطة
رفعت حاجبيها بصدمة لتقول بتساؤل:
- مين قالك الحكاية دى
أعاد ظهره إلى الخلف وهو يقول مازحًا:
- يعنى الذاكرة رجعتلك زى ما أنا خمنت .. مش عايزة تتسخطى قطة زى زمان يعنى
ارتفع حاجبيها لتقول بغضب:
- أتسخط قطة ايه يا طيف سيبك من الهبل ده واتكلم جد
اتسعت عيناه وقال بصدمة:
- أسيبنى من الهبل ده ! ما شاء الله احنا عقلنا كمان أهو .. كلى آذان صاغية .. احكى احكى واشجينى.
بدأت فى سرد ما حدث تلك الليلة بالتفصيل دون أن تنسى شىء وأنهت حديثها قائلة:
- بعدها الدنيا اسودت وماحستش بحاجة، بدأت الذكريات دى كلها ترجعلى فى اللحظة اللى شوفت الفيلا فيها، حسيت إن آخر مشهد بيتعاد قدامى تانى وأنا بجرى ورا خالد وبطارده وصورة الكلاب مفارقتش دماغى، قررت أخبى ده عن أى حد علشان أعرف أفكر وأمسك حاجة عليهم وأنتقم من رماح
وقف طيف ثم تحرك وجلس على الكرسى الذى يقابلها وردد بجدية:
- للأسف مش هتعرفى تنتقمى لأنك للمرة التانية بوظتى مهمة رماح وزين اللى كلفها اللواء أيمن ليهم.
اتسعت حدقتيها وهى تردد بصدمة:
- قصدك ايه؟
تابع بنفس النبرة:
- قصدى زى ما فهمتيه .. زين خطيبك ورماح كانوا بينفذوا أوامر اللواء أيمن ودى كانت مهمة سرية ولما أنتِ اتدخلتى المهمة باظت وزين اتقتل ...
وقعت كلماته كالصاعقة عليها وكأنها تلقت ضربة ثانية ولكن تلك المرة كانت اشد ألمًا...