رواية انتقام مجهولة النسب بقلم شيماء رضوان الفصل الثامن عشر
وضعت مديحة يدها على فمها،وشهقت بإستنكار لما تخبرها به ابنتها التى تعتبرها قطعة من روحها، الشئ الوحيد الثمين الذى أعطاه لها القدر، لا تصدق أنها تقف أمامها الآن وتقول مثل هذا الكلام .
حاولت الإقتراب منها مرة أخرى ووضعت يدها على وجنتها،إلا أن مريم إبتعدت كمن لدغتها أفعى.
إبتلعت مديحة ريقها وقالت بحزن:
-بتعملى كده ليه يا مريم؟ ليه بتحاسبينى على أخطاء زمان؟ أنا تبت لربنا وندمت على اللى عملته وإتعاقبت بما فيه الكفاية، أنا مش هقدر أستحمل إحتقار حد تانى ليا وخصوصا إنتى يا مريم ؛لإنك بنت قلبى ومش هستحمل تبصيلى كده، صحيح أنا غلطت فى حق سمية وطلعتها من السجن لكن بعد مده طويلة هيا قضتها فيه،مكنتش أقدر أعترف على نفسي، مكنش عندى الجرأه إنى أعمل كده.
جلست مريم بتعب على الاريكة واجهشت فى البكاء المرير، تحاول كتم شهقاتها إلا أنها لا تستطيع فما إختبرته لم يكن هين أبداً.
إقتربت منها أمها وتحدثت بإنكسار لرؤيتها ابنتها هكذا:
-سامحينى يا بنتى أنا عارفة إنك تعبتى فى حياتك بسبي، سامحينى أنا غلطت، وإذا كان ربنا بيسامح يا مريم إنتى مش عايزة تسامحى أمك اللى بتخاف عليكى من الهوا نفسه!
لم ترد عليها مريم وزاد بكاؤها أكثر،فخاف عليها حسن واقترب من زوجة عمه قائلاً برجاء:
-معلش يا مرات عمى إنزلى إنتى دلوقتى، ولما هى تهدى هقول لحضرتك، ومعلش اعذريها اللى حصل مش سهل، وكمان كفاية عليها الكلام اللى قاله عمى.
أزالت مديحة دموعها بكفيها،ونظرت الى ابنتها التى ترفض النظر اليها بإنكسار،وغادرت متجهة الى شقتها لترى زوجها، فهو بالتأكيد غاضب بعد ما حدث.
دلفت مديحة الى شقتها بأعين منتفخة من البكاء، واتجهت الى غرفة نومها، وجدت زوجها يقف فى الشرفة يدخن بشراهة، وهى عادته عندما يكون غاضبا يلجأ للتدخين كى ينفس فيه غضبه.
وضعت يدها على كتفه فانتفض من لمستها،مما أخبرها أنه كان شارداً ولم ينتبه لها.
إلتفت لها وأطفأ السيجارة التى كانت بيده، ونظراته إليها تحمل غضب كبير، لا تستطيع نسيان تلك النظرات التى حدجها بها عندما علم ما فعلته بأخيه فى الماضى، فابتلعت ريقها وعلمت أن الماضى عاد يتجسد أمامها بصورته مرة أخرى، وكان سببه هذه المرة ابنتها مريم.
تحدث أخيراً بتهديد مرعب بعد صمته،ونظراته الغاضبة:
-إمشى يا مديحة من قدامى دلوقتى!
لا تنكر أنها خافت من تهديده،ولكن لا يمكنها أن تتركه هكذا، يجب أن ينفس عن غضبه حتى ولو من خلالها، فقالت بهدوء:
-مش همشي يا فوزى، أنا عارفة إن جواك نار دلوقتى، علشان خاطرى حاول تهدى، وانسي مريم دلوقتى ومتفكرش فى حاجة.
رد عليها بحدة واستنكار:
-عايزانى أنسي اللى بنتك عملته بالبساطه دى!
ظلت صامتة كى لا يؤلمها بحديثه،ولكنه أمسكها من كتفيها وهزها بعنف متابعا حديثه:
-عايزانى أنسي ازاى! اللى بنتك كانت هتعمله فكرنى باللى عملتيه فى أخويا زمان يا مديحة.
أفلتت نفسها بصعوبة من يده المحكمة حول كتفيها كالأصفاد،وابتعدت قليلا عنه قائلة بحزن:
-بلاش تتكلم دلوقتى يا فوزى، إنت مضايق ومش شايف قدامك، والعصبية مش كويسة ليك هتتعب منها.
ضحك بسخرية على حديثها، ولكن داخله كالبركان إن انفجر سيدمر من حوله .
إنتهى من نوبة الضحك الساخر منها، وتابع بمرارة:
-إنتى وبنتك شبه بعض يا مديحة، بس الفرق إنك قدرتى تدمرى حياة أخويا وأنا مقدرتش أعمل حاجة، كانت عينى معمية مش شايف حقدك،أما هيا حسن لحقها قبل ما تدمر حياة أخوه وإتجوزها كمان،أنا منكرش إن هيا إتغيرت كتير، بس تغييرها ده مش هيشفعلها عندى.
جلس على فراشه وهبطت دموعه على وجنته، فشهقت مديحة واقتربت منه تزيل دموعه،قائلة بقهر:
-لا يا فوزى إوعى أشوف دموعك دى تانى ابداً.
نفض يدها عن وجهه، وتابع بمرارة يشعر بطعمها فى حلقه:
-أنا لغايه دلوقتى كل ما أبص فى وش أخويا أفتكر اللى حصل، إنما دلوقتى أبص فى وش ابن أخويا إزاى! حرام عليكم أنا تعبت أوى منكم،سيبونى فى حالى بقى.
إقتربت منه واحتضنت رأسه بقوة عله يهدأ، فحاول إبعادها إلا أنها أصرت أن تبقى بجواره، ولن تتركه مهما فعل.
أما هو إشتاق لها، فقد إبتعد عنها عشرون عاماً لا يتحدث معها إلا قليلا،كانت عشرون سنة قاسية عليه، ولكنه أقسم أنه لن يسامحها إلا اذا سامحها أخيه .
رفض أخيه مسامحتها لأن لا شئ سيعوضه عن ابنته وزوجته،وهو يعذره فهو الآن لا يستطيع مسامحه ابنته.
وصلت سلمى الى شقة ألاء وطرقت الباب ففتحت لها ألاء.
أغلقت سلمى الباب وراءها ونظرت لألاء بتساؤل قائلة:
-حمزة هنا يا ألاء:
إستغربت ألاء من سؤالها وشعرت أن هناك خطبا ما بها،لم ترها هكذا من قبل، فابتلعت ريقها بتوتر ولكنها إستطاعت أن تحافظ على جمود ملامحها، فأجابتها بالنفى:
-لا يا سلمى، حمزة عند جده تحت.
إقتربت منها سلمى بسرعة،وأمسكت يدها بغضب قائلة:
-ليه عملتى كده؟ ليه بتدمريهم وبتضريهم فى شغلهم؟ وليه كذبتى عليا وقلتيلى إنك شيلتى فكرة الإنتقام من راسك؟
نفضت ألاء يدها من يد سلمى وتحدثت بجمود:
-إنتى ليه واثقة إنى السبب فى اللى حصل يا سلمى؟
تنفست سلمى بغضب من برودها،تتحدث كأنها دهست قدمها وليس أنها سرقت شحنة أخشاب كبيرة وقامت بإحراقها،وتدمير السيارات التى كانت تحمل تلك الشحنة، فأجابتها بشراسة:
-لإنى حاسة من امبارح آن فيكى حاجة، سرحانك وسكوتك على غير العادة أكد ليا إنك بتخططى لحاجة،ولما سمعت الخبر ربطت الامور ببعضها وعرفت إنك ورا اللى حصل.
صفقت ألاء بيدها أمام أعين سلمى الغاضبة،وهتفت بجمود ساخر:
-برافوا عليكى شغل الصحافة جاية تعمليه عليا،بس أحب أطمنك إنك نجحتى فى شغلك، وأقولك إنى السبب فعلاً.
بهتت ملامح سلمى من إعتراف ألاء بأنها المذنبة فيما حدث، تلك المعتوهة تتحدث كأنها تبرعت لإحدى الجمعيات الخيرية، وليس أنها إرتكبت جريمة يعاقب عليها القانون وهى فى نظره مذنبه الإن، إقتربت منها هاتفة بخفوت:
-ليه كده؟ بتتكلمى كإن اللى عملتيه هو الصح وإن اللى حصل أمر مسلم بيه، يا ألاء أنا ماتوقعتش إنك تنزلى للمستوى ده علشان تاخدى حقك مفكرتيش فى جوزك، أنا عارفه إنك بتحبيه.
تنظر لها بجمود يخفى وراءه إهتزاز مشاعرها لحديث سلمى،ماذا تظن ؟أنها لم تفكر به نعم تحبه ولكنها يجب أن تكمل إنتقامها للنهاية،لن تضره بسوء أبدا، هى فقط تنتقم ممن أذوها هى وأمها لذا هتفت بجمود:
-أنا صحيح بحبه يا سلمى،وتأكدى إنه مش هيتمس بسوء من اللى بعمله، أنا بس بأذى اللى أذانى، إنما حمزة اللى يقربله أكله بسنانى.
جحظت أعين سلمى مما تسمعه،هل تتحدث الى مريضة نفسية أم ماذا؟ من تلك الواقفة أمامها بلا أى مشاعر، تتحدث هكذا عن ما تفعله بلا أى خوف أو توتر كأنها تفعل الشئ الصحيح،لذا هتفت بذهول:
-أنا حاسة إنك مش طبيعية يا ألاء، إزاى بتحبيه وإزاى بتضرى عيلته وبتقولى إنه مش هيتضر باللى بتعمليه! أكيد هينضر لما يشوف عيلته بيحصل فيهم كده، حمزة بيحبهم أوى وهيزعل عشانهم،فكرى تانى وارجعى عن فكرة إنتقامك دى، كفاية بقا وجع يا صاحبتى.
أجابت ألاء بهدوء:
-لا يا سلمى، أنا قررت وهنفذ وهكمل اللى بعمله، وحمزة هفضل جنبه وهكون عيلته.
ألتفتت سلمى متجهة الى الباب لتغادر قائلة:
-بس أنا هتكلم يا ألاء،وهحكى كل حاجة عن اللى بتعمليه،مش هقدر أشوفك بتدمرى نفسك وأقف أتفرج!
جاءها رد ألاء الصادم بالنسبة لها:
-يبقى إنسي إن ليكى صاحبة إسمها ألاء،صدقينى لو عملتى كده تبقى بتخلفى وعدك ليا،وهتنهى صداقتنا للأبد يا سلمى،صدقينى هنسي إنك صاحبتى وأختى،وهتبقى غريبة عنى، فكرى كويس قبل ما تعملى حاجة.
غادرت سلمى وحديث ألاء يتردد فى ذهنها:
-يبقى إنسي إن ليكى صاحبة إسمها ألاء صدقينى لو عملتى كده تبقى بتخلفى وعدك ليا وهتنهى صداقتنا للأبد يا سلمى صدقينى هنسي إنك صاحبتى وأختى وهتبقى غريبة عنى فكرى كويس قبل ما تعملى حاجة
كفكفت سلمى دموعها وغادرت الى منزلها، وقد إتخذت قرارها بالصمت، فهى لا تستطيع خسارة صديقتها،ما تملكه الآن أن تدعى لها لتخرج فكرة الإنتقام من رأسها،وتذكرت قول الله سبحانه وتعالى:
"لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً"
إقترب حسن من مريم وقلبه يؤلمه لأجلها،تلك الفتاة التى عشقها تعانى أمامه، إعتبرها والدها متوفاة بالنسبة له وهناك من تحاول الإنتقام منها بسبب والدتها .
وضع يده على كتفها فأزالت يده ونهضت متجهة الى غرفتها وأغلقت الباب خلفها،تاركة إياه يقف جامداً غير قادر على الذهاب إليها ومواساتها.
أما هى ألقت نفسها على فراشها واجهشت فى البكاء، تندب حظها العاثر الذى جعلها هكذا تخرج من محنة لمحنة أخرى.
صعد حمزة الى شقته بإرهاق بعد جلوسه مع جده الى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل .
دلف الى غرفته وجد ألاء تجلس على الفراش بإنتظاره، فلم يتفوه بحرف وذهب الى دولابه،أبدل ملابسه وارتدى ملابس مناسبة للنوم، ثم إندس بجوارها فى الفراش يتنهد بتعب، فاقتربت منه تضع يدها على ذراعه قائلة بتوتر:
-مالك يا حمزة!
أجابها باقتضاب:
-مفيش يا الاء زعلان علشان اللى حصل النهاردة، وفى نفس الوقت عايز أعرف مين اللى عمل فينا كده.
إبتلعت ريقها بخوف ولكنها تماسكت وهتفت بخفوت:
-نام دلوقتى وإن شاء الله كل حاجة تبقى كويسة.
مر أسبوعان على ما حدث
إبتعدت فيهم مريم عن حسن، وتوقفت محاولاتها فى التقرب منه،وتجنبت الجميع وحبست نفسها بقوقعتها.
منذ تلك الليلة التى إنهار فيها فوزى تجنب مديحة تماما،كأنه يلوم نفسه أنها شهدت على إنهياره ودموعه فى أحضانها.
ألاء عادت لعملها مرة أخرى،ولكن فكرة الإنتقام مازالت مترسخة بعقلها،وسلمى أصبحت تتجنبها وتعاقبها على ما فعلت ببعدها عنها، وهذا أكثر ما يؤلمها.
جلال نصار تناسي ما حدث، وحمد الله أنه لم يتأذى أى شخص بما حدث،وعاد للمعرض مرة أخرى يباشر العمل مع ولديه فاروق و فوزى .
فى مقر الجريدة
إستغلت ألاء عدم وجود سلمى بالمكان، والتقطت هاتفها لتتحدث مع حمودة تخبره بموعد الشحنة الجديدة ؛ليفعل بها كما فعل بالأخرى .
هتفت الاء بحذر:
-حمودة خد بالك يمكن يكونوا حاطين عليها حراسة المرة دى، المهم تتصرف وتاخد رجالة كتير تسرقها بالعربيات زى المرة اللى فاتت، وتولع فيها وفى العربيات فى مكان بعيد،فاهمنى؛ والميعاد النهاردة الساعة ستة بالليل أنا لسه عارفة الميعاد، كانوا مخبيين علشان اللى حصل المرة دى ميتكررش، هستنى تبلغنى بنجاح المهمة زى المرة اللى فاتت.
جاءها الرد قائلاً:
-فاهمك يا استاذة، بس هنفضل نولع فى بضايع خشب كده وخلاص!
أجابته بجمود قائلة:
-المرة دى بس، أما المرة الجاية هيبقى المخزن بتاعهم الخاص بالمعرض.
أنهت الاء المكالمة، والتفتت لترى سلمى الواقفة وراءها،تضع يدها على فمها بصدمة و استنكار لما يحدث أمامها
إبتلعت ألاء ريقها واقتربت منها قائلة:
-سلمى أنا..
قاطعتها سلمى بعنف ودفعتها الى الخلف بحدة، وقالت وهى تتنفس بسرعة من شدة غضبها:
-إنتى إيه يا شيخة شيطان! أنا سكت المرة اللى فاتت لكن المرة دى مش هسكت يا ألاء،مش هشوفك بتدمرى نفسك وأدفن راسي فى الرمل زى النعام، المرة دى أنا هقول الحقيقة، إنتى بتدمرى نفسك قبل ما تكونى بتدمريهم.
غادرت سلمى المكان وهى غاضبة،وتنوى أن تقص كل شئ لمصطفى ليخبر صديقه بالحقيقة،فهو الوحيد القادر على إيقاف ألاء.
حاولت ألاء الإتصال على سلمى لتقنعها بالعدول عن رأيها،إلا أن سلمى أغلقت هاتفها.
نظرت ألاء لساعتها وكانت الرابعة عصراً مما يعنى أنه تبقى ساعتين فقط على التنفيذ،فنهضت لتغادر الى المنزل حتى لا تتمكن سلمى من الحديث مع حمزة.
عندما أغلقت سلمى هاتفها توجهت الى المديرية لتقص كل شئ على مصطفى وحمزة،ولكن من حظها العاثر أنهما خارج مكتبهما فى مهمة للقبض على بعض الخارجين على القانون،ومنعهم من إدخال شحنة أسلحة الى البلد، وسيتأخران فى العودة، وأيضاً ذهب معهما والد مصطفى اللواء حامد.
جلست بإعياء على إحدى المقاعد،ماذا تفعل؟ مضت ساعة وتبقى ساعة لن تستطيع إفساد مخطط ألاء،
حاولت الإتصال بمصطفى كثيراً،إلا أن هاتفه مغلق وكذلك هاتف حمزة واللواء حامد.
غادرت المديرية الى بيتها تجر أذيال الخيبة والإنكسار، فقد فازت ألاء وسيتم تنفيذ مخططها، وهى تقف مكتوفة الأيدى لا تفعل شئ،وأيضاً لا يمكنها الحديث مع أبيها فهو خارج البلاد فى عمل ما، وحتى إن تحدثت معه لن يستطيع عمل أى شئ، ولن تستطيع الذهاب الى عائلة حمزة وإخبارهم بالحقيقة.
فى المساء تقف ألاء تبتسم بإنتصار،وهى تراقبهم يكادوا يقتلعوا شعر رؤوسهم من التفكير فيما يحدث، فتلك الشحنة الثانية التى تم إحراقها،خسروا الكثير من الأموال بسبب ما حدث.
ضرب حسن بيده على الطاولة قائلا بضيق:
-ليه بيحصل فينا كده! مين قاصد يدمرنا بالشكل ده؟ والحراسة كمان اللى كانت موجودة لقناهم متكتفين!
صعدت الى شقتها لتحضر تحليل "DNA"الذى يثبت نسبها لهم وأنها ابنه فاروق نصار،فقد حانت المواجهة.
كانت تريد أن تكمل فكرة إنتقامها للنهاية،وقد كانت ترتب خطة للإنتقام من مديحة،ولكن سلمى ستقول الحقيقة لولا أن مصطفى وحمزة كانا فى إحدى المهام الخاصة بعملهما؛ لكان حمزة قد علم كل شئ ويجب أن تسبقها وتقول الحقيقة لترى تعبيراتهم عندما يعلموا أنها سبب شقائهم.
عندما وصل مصطفى الى بيته،وجد سلمى تجلس على إحدى المقاعد وهى تبكى بشدة والدموع تنهمر على وجنتيها بعد ما علمت أن ألاء نفذت مخططها للمرة الثانية.
أقترب منها بسرعة،وجثى على ركبتيه أمامها قائلا بخوف:
-مالك يا سلمى فى إيه!
شهقت ببكاء وقصت عليه كل شئ من البداية.
كان يستمع لها وتملكه حاله من الذهول لما سمع منها، فإلاء ابنه عم حمزة،وهى المسؤولة عن ما يحدث.
أنهت سلمى حديثها وتمسكت بملابسه بضعف قائلة:
-سامحنى يا مصطفى، أنا سكت أول مرة علشان وعدى ليها إن محدش يعرف حاجة، لكن المرة دى مش هقدر أنا خايفة عليها دى بتدمر نفسها من غير ما تحس.
أمسك وجهها بين راحتيه وقبلها من جبينها بحب قائلا بحزن:
-إنتى ملكيش ذنب، حاولتى تمنعيها بس الظروف مكانتش فى صالحك يا سلمى، أنا مش زعلان منك، المهم دلوقتى لازم نروح هناك ونكشف الحقيقة دى.
أومات له بالموافقة،ونهضت معه للذهاب لكشف الحقائق.
شهقة من الجميع، بسبب ما سمعوا من تلك الواقفة أمامهم بتبجح عندما قالت:
-أنا السبب فى كل اللى بيحصلكم!
إقترب منها حمزة بسرعة وأمسك ذراعها بغضب قائلاً:
-مش وقت هزار يا ألاء، إحنا فى مصيبة ومش عارفين مين اللى بيعمل فينا كده، وإنتى جاية تهزرى!
ضحكت بسخرية ونفضت يدها من ذراعه الممسكة بها، وأخرجت التحليل الذى يثبت نسبها وقالت:
-لا صدق يا حمزة،وهقولك أنا عملت فيكم كده ليه.
إبتعدت عن حمزة، واقتربت من مديحة التى تنظر لها بذهول مما يحدث،ثم أشارت ألاء عليها بيدها قائلة:
-علشان أخد حقى من دى.
إقترب الجد منها بتعب لما يحدث أمامه، وقال:
-وليه بتعملى كده، مديحة كانت عملتلك إيه؟
أجابته بحدة:
-مديحة دى دمرتنى أنا وأمى،دمرت حياة عيلة،أنا عيشت بعيد عن أهلى بسببها،أنا عرفت كل حاجة من الممرضة اللى إتفقت معاها.
صمتت قليلاً ثم تابعت بسخرية مريرة:
-وأظن كده إنك كنت مشترك معاها يا جدى،أااه ممكن أقولك يا جدى، مهو أنا طلعت حفيدتك وأبقى بنت فاروق إبنك، اللى مديحة حاولت تخلص منها زمان،وأدى تحليل "DNA"اللى بيثبت إنى حفيدتك إتفضل إقراه!
أخذ منها التحليل بأيدى مرتعشة،وقرأه وتبين صدق حديثها إنها حفيدته الغائبة.
نظر لابنه فاروق الذى يقف متجهم لا يصدق ما يحدث أمامه، وأن ابنته مازالت حيه ترزق.
أغشت الدموع عينى الجد وتحدث بإنكسار:
-من ساعة ما شوفتك وأنا حاسس بشعور غريب ناحيتك، حاسس إنك من دمى مش واحدة غريبة عننا.
صمت حل على الجميع بسبب ما يحدث،هل يعقل أن الفتاة التى تزوجت ابن العائلة هى نفسها الابنة الغائبة ؟والأحرى أنها أتت لتنتقم منهم بسبب ما حدث فى الماضى .
أما مديحة تنفست بسرعة، فصورة أمينة تتجسد أمامها فى ألاء حتى وإن لم تكن تشبهها.