رواية امرأة وخمسة رجال للكاتبة شاهندة الفصل الخامس
قالت منيرة فى حدة:
إنت إتجننت ياوليد؟آدى آخرة مشيك مع ناس مش من مستواك..ياريتك سمعت كلامى من الأول ..مكنش ده كله حصل.
قال وليد فى ضجر:
يووه بقى ياماما..أهو أنا مكنتش عايز أقولك عشان مسمعش الكلام ده.
نظرت إليه منيرة فى إستنكار قائلة:
وليك عين تتكلم بعد اللى عملته؟..انت عارف لو حد عرف بالمصيبة دى هيحصلك إيه.. ولا الشركة اللى تعبنا فيها دى..هيحصلها إيه..تعرف لو ميار عرفت وقالت لباباها..باباها هيعمل فيك إيه؟
نظر وليد إلى والدته قائلا فى سخرية:
عايزة تفهمينى إنك خايفة علية وعلى الشركة؟إنتى خايفة على مظهرك يامنيرة هانم..إنتى خايفة على نفسك وبس.
قالت منيرة فى غضب:
وأنا إيه وإنت إيه..ها؟..شقا عمرنا فى الشركة دى ياوليد..ولو جرالها حاجة مش هنستحمل يوم واحد نعيشه فى الفقر ..لا أنا ولا انت اتعودنا على حياة الفقرا ومستحيل نتحملها..و جوز خالتك لو عرف اللى انت عملته هيسحب فلوسه من الشركة والشركة هتضيع بعد ما بصعوبة قدرنا نوقفها على رجليها من تانى بعد ما باباك مات وسابها مديونة بسبب لعب القمار..ولا نسيت؟
نهض وليد قائلا بعصبية:
لأ منستش ..بس مش فلوس آنكل حامد اللى وقفت الشركة على رجليها وبس..دماغى دى اللى خلت الشركة فى مكانة تانية خالص..زي ما كانت أيام جدى و أحسن ..
قالت منيرة بسخرية:
ودماغك دى هتضيعها من تانى .
زفر وليد قائلا:
مش هتضيع ولا حاجة ..ومحدش هيعرف حاجة..الموضوع ده هيتقفل ومش هيتفتح تانى..صدقينى.
نظرت إليه منيرة قائلة فى هدوء:
طب البت دى فين دلوقتى؟
زفر وليد وهو يجلس قائلا:
رميناها ع الطريق..
سألته مجددا:
كانت لسة عايشة؟
هز وليد كتفيه قائلا:
مش عارف..كان نبضها ضعيف..غالبا ماتت دلوقتى.
زفرت منيرة بإرتياح قائلة:
ياريت..عموما أنا هبعت حد يطمنا..وإنت حاول تصلح علاقتك مع ميار ياوليد..أنا مش عايزاها تحس بحاجة..مفهوم؟
قال وليد فى ضجر:
هعملها إيه يعنى..ما هي السبب لو مكنتش حرقت دمى مكنتش شربت الزفت اللى شربته وخلانى عملت المصيبة دى.
نهضت منيرة قائلة فى حزم:
متجيبش الغلط عليها ياوليد..إنت أصلا عينك زايغة وبتاع بنات..كل شوية تعرف واحدة وترميها..ولا نسيت علا ونسمة وسوزان وغيرهم كتير بنات؟
نظر إليها بعتاب قائلا:
وروان ..نسيتى روان؟
قالت بإرتباك:
روان..روان لا كانت تشبهك ولا كانت من مستواك..صدقنى كان حبها وهم فى خيالك..وان كنت اتجوزت ميار و انت محبيتهاش..عشان تكبر بس الشركة..وبسبب تفكيرك فى روان بتتلكك ليها ..فعيزاك تفتكر حاجة واحدة ياوليد..ميار بنت خالتك ولو لفيت الدنيا كلها مش هتلاقى زيها..إنسى وهم حبك لروان ..لإنك لو حبيتها بجد مكنتش إتخليت عنها..وإنت فاهمنى كويس.
لم ينطق وليد بكلمة لتغادر منيرة بهدوء تتابعها عينا وليد الذى ظهرت المرارة داخلهما وهو يهمس قائلا:
لأ..أنا حبيتها بجد ياماما..بس عشان جبان اتخليت عنها..بس هي فين روان دلوقتى؟اختفت وملهاش أثر..ياريتنى ما سمعت كلامك ياماما..ياريتنى ما سبتها تمشى..مكنتش أعرف إنى بحبها بالشكل ده..حياتى من غيرها ملهاش أي معنى..ويمكن يكون كل اللى حصلى ده فى بعدها.. عقاب من ربنا لية..عشان اتخليت عنها وهي فى بطنها حتة منى..ياترى مكانها فين دلوقتى؟ياترى روحتى فين ياروان؟
رايح فين ياكمال؟
نطقت علياء بذلك السؤال لتتوقف يد كمال قبل أن تلمس مقبض الباب ويتجمد تماما..كررت علياء سؤالها بحيرة..ليقول دون أن يلتفت:
خارج أشم هوا ياعلياء.
اقتربت منه حتى أصبحت خلفه تماما لتمسكه من كتفيه بكلتا يديها تديره ليواجهها ..لتقابلها عيناه الحزينتان فيصيب قلبها ذلك القلق مجددا من تصرفاته الغريبة منذ تلك الليلة وتباعده الدائم عنها وعن المنزل..وعن عمله الذى أهمله أكثر..لتقول بحيرة:
مالك ياكمال..متغير ليه بس؟
أزال يديها عن كتفه قائلا فى ضجر:
مالى بس ياعلياء ؟ما أنا كويس أهو..انت مبتزهقيش من السؤال ده..ياستى انتى لو مزهقتيش ..أنا بقى زهقت.
نظرت إليه علياء بصدمة واغروقت عيناها بالدموع..ليزفر وهو يسرع بإمساك يدها قائلا:
حبيبتى عشان خاطرى..أنا مخنوق وتعبان..استحملينى الفترة دى ومتسألنيش عن حاجة ..عشان خاطرى ياعلياء.
نظرت إلى عيونه فى حيرة..تشعر بالقلق ينهش أحشائها..ولكنها مالبثت أن تنهدت قائلة فى حيرة:
خلاص ياكمال..أوعدك مسألكش عن حاجة بس وحياتى عندك ..وحياة طفلنا اللى جاي تخلى بالك من نفسك وتطمنى عليك.
رفع يدها يقبلها ثم قال فى حنان:
أوعدك ياحبيبتى..سلام دلوقتى.
ثم التفت مغادرا تتبعه عينا علياء القلقتين والتى مالبثت أن قالت فى همس:
يارب احفظه وريح قلبه وخليهولى يااارب..عشان خاطرى وخاطر طفله اللى جاي ده..
ثم أغمضت عينيها قائلة:
يااااارب.
قالت بيرى موجهة حديثها إلى صافى:
هتيجى معانا شرم ياصافى ولا باس السنة دى زي ال ٣ سنين اللى فاتت.
قالت صافى بابتسامة:
انتوا عارفين إنى من يوم ما إتجوزت عزت وهو حابب كل سنة نصيف فى بلد شكل..باريس..هاواي ..روما.. لكن السنة دى مخططناش لحاجة..أعتقد هنكون فى مصر.. فأنا معاكوا طبعا.
قالت نانى فى سخرية:
مش عزت ده آخر جوازة ليكى ياصافى واللى كان ويتر فى الفندق اللى كنتى نازلة فيه فى إسكندرية.
إلتفتت إليها صافى قائلة:
آه يانانى..بالمناسبة فين جوزك ..رأفت الجناينى واللى اتجوزتيه من شهرين..آه نسيت إنك طلقتيه بعد أسبوع واحد من جوازكم بعد ماسرق مجوهراتك وهرب..معلش ياحبيبتى تتعوض الجوازة الجاية.
نظرت إليها نانى بحقد قبل أن تقول:
عن إذنكم..أنا رايحة لفوفو..سلام.
غادرت نانى لتقول بيرى فى عتاب:
كدة برده ياصافى تقوليلها الكلام ده وتجرحيها.
قالت صافى بعصبية:
هي اللى استفزتنى الأول وهي بتقول الكلام ده عن عزت..آه عزت كان ويتر قبل ما يتجوزنى بس بقى حاجة تانية بعد ما اتجوزنى.
قالت بيرى بسخرية:
بقى إيه ياصافى؟ها..ده عاطل وعايش على الفلوس اللى بتديهاله.
قالت صافى فى ضيق:
يوووه بقى يابيرى ..حتى انتى..أقولك حاجة..أنا ماشية وسايبالكوا الحفلة كلها..سلام.
والتفتت صافى لتغادر ..فإذا بها تقف متجمدة وقد رأت عزت يقف قريبا منها تبدوا على ملامحه كل إمارات الغضب ابتداءا من حاجبيه المنعقدين مرورا بعروقه المنتفضة ووصولا إلى قبضة يديه المضمومتين بقوة..لتدرك صافى أن تلك الليلة لن تمر بسلام...مطلقا.
كانت تمارا تجلس فى حجرتها التى لازمتها منذ خروجها من المستشفى تتساءل فى ألم عما أذنبت فيه لكي يحدث لها كل ماحدث..وأين ماجد منذ تلك الليلة التى كان فيها فى المستشفى والذى اختفى بعدها كلية منذ أن غادرها حتى أنه لا يرد على إتصالاتها المتكررة..ترى هل تخلى عنها؟
نفضت أفكارها بقوة ترفض ذلك الإحتمال كلية..فماجد يحبها وبشدة..لذا من المستحيل أن يتخلى عنها فى تلك الظروف..أحست بالألم فى قلبها..لقد كان من المفترض أن يتزوجا غدا..غدا..ياله من يوم سيمر عليها مليئا بالعذاب..فكيف لها أن تتزوج منه وهي بتلك الصورة المحطمة ..لقد أصبحت تخشى حتى فكرة الزواج..واقتراب أي رجل منها ..إنها تحتاج حتما إلى علاج نفسي وهذا ماسوف تسعى إليه من أجل أن تتزوج حبيبها ماجد.
أفاقت من أفكارها على صوت صرخة والدتها الرافضة لشئ ما..أسرعت إلى الخارج لتجد أباها جالسا مطرق الرأس يضع كلتا يديه على رأسه بينما أمها تجلس بجواره شاحبة الوجه تنزل دموعها فى صمت..أما ريم فتنظر لها نظرات شامتة لتقول تمارا بتوجس:
فيه إيه يابابا..بتعيطى ليه ياماما؟
رفع والدها رأسه ينظر إليها قائلا فى غضب:
وليكى عين تسألينا يافاجرة.
قالت سعاد بمرارة:
إسماعيل.
نظر إليها إسماعيل قائلا فى حدة:
إخرسي إنتى خالص ياسعاد..ماهي تربيتك ولازم تدافعى عنها..بس تربيتك دى خلت راسنا فى الوحل فى وسط الشارع اللى عشنا فيه سنين..أنا مش عارف بس أورى وشى للناس إزاي؟ولا بنتى ريم هجوزها إزاي بعد اللى حصل لبنتك..ها؟
قالت تمارا بضعف وقد سقطت دموعها بغزارة:
حتى انت يابابا هتظلمنى..نفسى أعرف أنا عملت إيه بس؟..أنا ضحية على فكرة ..واللى جنوا علية عايشين دلوقتى حياتهم بالطول والعرض.
نهض إسماعيل قائلا فى غل:
ومين اللى إتأخرت فى الشارع وإديتهم الفرصة ..مش إنتى؟مين اللى أغريتهم بلبسها ومكياجها مش إنتى؟..هما لو كانوا لقوكى محترمة مكنوش قربوا منك.
قالت تمارا فى صدمة:
أنا يابابا..أنا لبسى وماكياجى مش محترم؟..ده أنا لبسى كله محترم ومبحطش على وشى حاجة..بس كحل..ده ريم بتلبس أضيق من كدة وبتحط ماكياج اكتر منى وانت مبتقولش حاجة.
قال إسماعيل فى غضب:
متجيبيش إسمها على لسانك ده..ريم بنتى ضفرها برقابتك.
قالت تمارا بألم:
ماهي بنتك زي ما أنا بنتك ولا نسيت يابابا؟
قال إسماعيل بحدة:
لأ..انتى عمرك ما كنتى بنتى ولا هتكونى بنتى ياتمارا.
صرخت سعاد قائلة فى جزع:
إسماعيل.
إلتفت إسماعيل إليها قائلا فى غل:
إسماعيل زهق..٢٣ سنة وأنا بربى فى بنت غير بنتى ..مستحملها بس عشان خاطرك إنتى..لكن توصل إنها تجيبلى الفضيحة يبقى آسف أنا مليش بنات غير ريم.
نقلت تمارا بصرها بين أمها المطرقة برأسها فى ألم وبين أباها الواقف بجمود ينكر أبوته لها لتقترب منه قائلة فى ألم:
يعنى إيه الكلام ده..يعنى أنا مش بنتك بجد..أمال أنا بنت مين..ها..ردوا علية..أنا بنت مين؟
إلتفت إسماعيل إليها قائلا:
إنتى بنت أمك من جوازتها الاولانية..كانت جوازة خايبة والحمد لله ربنا خد أبوكى وريحه منك ومن أمك وأنا اللى اتدبست فيكوا لأجل حظى النحس..طمعت فى الشقة وقلت أهى معاها العروسة بس ياريتنى ما شفت أمك وياريتنى ما عرفتكم.
نظرت تمارا إلى والدتها الباكية قائلة فى ألم:
الكلام ده صحيح ياماما؟
رفعت سعاد رأسها إليها تعتذر لها بعينيها فى صمت لتدرك تمارا أن كل ما سمعته حقيقة..أغمضت عينيها فى ألم ثم فتحتهما بجمود قائلة:
أنا مبقاليش عيشة فى البيت ده بعد اللى سمعته..أنا هسيب البيت ده وأتجوز ماجد وأروح أعيش معاه.
قال إسماعيل بسخرية:
ماجد..ماجد كان لسة قاعد معايا بيفض الجوازة يااختى..وعايز شبكته عشان هيخطب بيها واحدة تانية.
التفتت إليه تمارا وقد اتسعت عيناها فى صدمة قائلة:
مستحيل ماجد يعمل كدة..انت بتكدب علية..قوللى إنك بتكدب علية.
قال لها إسماعيل فى شماتة:
أهو عندك .. إسأليه لو مكنتيش مصدقانى.
نقلت تمارا بصرها بين إسماعيل وإبنته اللذان ينظران إليها بسخرية وبين والدتها التى تعالى نحيبها لتصرخ بكل قوة ناطقة بإسم حبيبها قبل أن تندفع إلى حجرتها وتأخذ حقيبتها ثم تغادر المنزل بسرعة تتبعها صرخة أمها بإسمها فى لوعة.