رواية الجوكر والأسطورة للكاتبة آية محمد الجزء الأول الفصل الثاني عشر
( نثرات الروح والهوى )
أحلاماً كانت بعيدة عنه أصبحت حقيقة ملموسة أمام عيناه، بأنتظار أن يضع أسمه علي وثيقة ستجعله ملكه للأبد!..،كم أراد ذلك بشدة ولكن ليس بالشعور الذي ينبت بداخل قلبه، إنتظره الجميع بتراقب بأن يمضي عقد الزفاف بها، ترقبه "سليم" بحزن فهو يختبر ما مر "يوسف" به من قبل ولكنه منحه وعداً بأنه سيكون لجواره حتي يجد شقيقته...
رفع "يوسف" عيناه لمن تقف أمامه تراقبه بأرتباك ودموعاً مزقت ما تبقا بزمام القلب ليجذب القلم كالمسحور ليضع إسمه بكبرياء، إقتربت "نغم" من المحامي لتضع إسمها جوار إسم معشوقها بنظرة جعلته يذوب بعيناها...
كان "سليم" شاهداً علي عقد الزفاف والطبيب المسؤول عن حالة "يوسف"، وقفت "ريم" أمام "نغم" قائلة ببسمة هادئة_ألف مبروك يا حبيبتي..
إكتفت ببسمة صغيرة_الله يبارك فيكِ يا روحي عقبالك..
رفعت عيناها لسليم الذي يتأملها بنظرة غامضة جعلتها تضع عيناها أرضاً بأستسلام ظهر الغضب بعيناه لصمتها فكان يتوقع بأنها ستخبر شقيقتها بأمر زواجهم ...
تحكم بذاته بأقصي درجة فأبتسم قائلاً _ألف مبروك يا "يوسف"...
أشار له ببسمة زادت من وسامته _الله يبارك فيك...
باغته "سليم" بسؤالاً جادي_وجودك هنا بالمستشفي خطر ممكن "رحيم" يوصلك بسهولة حتي بيتك مش أمان...
أشار له بتفهم_متقلقش أنا عندي مكان مش هيقدر يوصلنا فيه...
وجلس "يوسف" علي طوف الفراش ليجذب سترته في محاولة بائسة لارتدائها فكانت أحدي ذراعيه محاطة بالجبيرة لأنكسار فقارتها!، أسرعت إليه "نغم" لتعاونه علي إرتدائها، تلاقت نظراتهم معاً فكأنه كان يتعطش شوقاً لتأملها بعدما صارت زوجة له، تحل له ويحل لها...
أخفى "سليم" بسمته علي عشاق الغرام الذين يطرفوهم الخطر وهلاك الموت ومع ذلك يخطفون نظرات من العشق القاتل، إحمر وجه "ريم" خجلاً من وجودها بالغرفة...
إنتبه "يوسف" لما يحدث معهم فأعتدل بجلسته ملزم الثبات، أشار له "سليم" بهدوء _العربية تحت هوصلكم للمكان اللي بتقول عليه..
وقف "يوسف" ليرسم علي محياه بسمة هادئة _مفيش داعي أنا عارف هروح أزاي.، وإستدار لها مشيراً بيديه_يالا يا" نغم"...
تطلعت له بأرتباك_طب و"ريم"...
أجابها "سليم" بثقة ونظراته تطوف من نقف تعبث بأصابعها بتوتر_متقلقيش عليها "ريم" في عيوني..
تعجبوا من لهجته ونظراته فرفع يديه يطوف كتفيها لتشهق بفزع فقال ببسمة سخرية_هو أنتِ مقولتليش لأختك أنا مين؟!..
إبتلعت ريقها بصعوبة مما جعل الخزن يتسلل لقلبه ولكنه تمسك فسليم لديه قوة لا مثيل لها بضبط تعبيرات وجهه، تطلعت لها "نغم" بأستغراب _تقولي أيه مش فاهمه؟!..
قال "سليم" وعيناه مازالت تتأملها_أنا و"ريم" إتجوزنا من فترة...
شهقت "نغم" من الصدمة ولكن سرعان ما أستوغبت كلماته فأحتضنتها بفرحة ثم شملتها بنظرة تعمدت جعلها خبيثة_أنتِ يا "ريم"!..
وأنا اللي فاكرة إنك جبانة طلعتي داهية..
قالت بصوتٍ مرتجف ودموعاً غزيرة تغرق وجهها_أنا معرفش عملت كدا أزاي بس لازم نتصرف قبل ما "رحيم" يوصلنا..
رمقتها "نغم" بنظرة عتاب من لهجتها التي ستثير غضب "سليم" الذي كبت غضبه لأكثر درجة، تطلع لها "يوسف" بنظرة شفقة فما لبس سوى بضعة ساعات علي معرفته ب"رحيم زيدان" وصار علي معرفة كاملة بتصرفاته الشيطانية، جذب "سليم" ذراع "ريم" برفق قائلاً بثبات مميت_لازم تتحرك يا "يوسف" قبل ما حرس"رحيم" يوصلك..
وقدم له هاتف من جيب جاكيت بذلته الانيقة_خلي دا معاك عشان اقدر اتواصل معاكم وزي ما قولتلك متقلقش على موضوع أختك أنا هتصرف...
أشار له بهدوء ثم لف أصابعه حول يدي "نغم" هي الأخري ليغادر كلاً منهم من إتجاه معاكس بنظرات تترقب الطريق وقسم بحماية كلاً منهم لمعشوقته ولكن تري هل سيتمكن كلاً منهم من حمايتهم من غضب الشيطان ذاته أم أن للقدر أراء أخري ستربط "نغم" بأحداث محالة ستجعل للشيطان بؤرة إنكسار!...
فتح"آدم" عيناه من شدة الضوء المسلط بوجهه بأنزعاج، أنفض وجهه الحامل لبعض الريش الأبيض للحمام بغضب، إستدار بوجهه لمن تجلس علي مسافة منه ليجدها غافلة علي الحائط بمظهر أطفئ شعلة غضبه بصوزة ملحوظة، نهض مستنداً بذراعيه علي الحائط ليتأملها، تذكر كلماتها بالأمس ليجد ذاته يبتسم رغماً عنه، أشاح بعيناه بعيداً عنها حينما وجدها علي وشك الأستيقاظ، الهي ذاته بدراسة البرج ليجد شبه شرفة بألأعلي ولكن الوصول إليها سيكون شاق للغاية...
نهضت "سما" عن الأرض بتفحص لحجابها وثيابها لتزفر براحة، جذب "آدم" بعضاً من الطاولات المحطمة ليساندهم علي الحائط الذي ينتهي بالنافذة التي تعلاوه ثم تسلقه ليصل للمنتصف حينما قالت بأستغراب _أنت رايح فين وسايبني؟..
إستدار بسخرية_طالع أتفسح تحبي تطلعي معايا!...
رمقته بغضب فأكمل طريقه للأعلى ليفتح الشرفة ثم أشار لها بضيق_يالا..
ضيقت عيناها بذهول _يالا أيه؟!..
أعاد خصلات شعره المتمردة علي عيناه الرومادية بضيق بادي لها _هاتي إيدك عشان نخرج من هنا ولا حابه القعدة هنا ...
أجابته بغضب_ أعطيك أيدي بصفتك أيه، أه خاليني هنا هحب القعدة أكيد أحسن ما أغضب ربنا..
تطلع لها بصدمة فتلك الفتاة ستقوده لمشفي يعلمها جيداً، أكمل طريقه للأعلي حتي وصل للشرفة فألقي بذاته للخارج، كاد بالهبوط للاسفل ولكنه توقف أمام الباب ببسمة رسمت حينما تذكر ما قالته فربما معاشرته للغرب جعلته ينسي مبادئ العرب العريقة!..
إستند برأسه علي الباب ليهمس بأنفاس ذائبة بالذكريات _"سما"..
تخشب جسدها لوهلة إستمعته يلفظ إسمها، مهلاً هل مازال بالخارج؟!، ظنته رحل والأسوء من ذلك لها أن لأسمها رنين خاص تستمع له لأول مرة، تنحنحت ليخرج صوتها بصعوبة بثبات وجفاء_أيوا..
جاءها صوته المهلك_إبعدي عن الباب...
لوت فمها بتهكم ساخر_قال يعني هتقدر علي كسر...
إبتلعت باقي كلماتها بصدمة حينما سقط الباب أسفل قدماها فكانت المسافة بينها وبينه مهلكة للغاية، رمقها بنظرة غضب ليخرج صوته الساخر _خرجتك بس شفقة مني مخك دا ميرحش بعيد يا "بسيوني"...
تحاولت نظراتها لغضب فعدلت من نطاراتها أمام عيناها قائلة بسخرية _طب والله كويس أن سيد أميركا المحترم فيه ذرة ولو بسيطة من الكرم اللي أهلها مبيزرهمش أساساً...
زفر بغضب_أنا بيضيع وقتي بالكلام معاك ليه...
وتركها وتوجه للأسفل فصرخت بعصبية_أنا بنت علي فكرة..
زارت البسمة وجهه ولكن سريعاً ما أخفاها فتوجه لقصره بثبات تاركها تتأمل خطاه بنظرات غامضة.
هبطت من غرفتها بتأفف فمنذ ما حدث وهي ترفض الخروج من غرفتها ولكن اليوم إختبارها الأخير بالجامعة، خرجت "منة" من القصر متوجهة لسيارتها التي تقف علي بعداً ليس بكبير عن القصر، لأول مرة ترتدي النظارات السوداء ولكنها فعلت خشية من رؤيته فيشعر بحاجتها إليه وعدم تمكن القلب من لفظه او حتي كرهه ولو ليوماً واحد!...
فتحت باب سيارتها ثم كادت بالصعود ولكنها توقفت حينما وجدته يقف علي قرباً منها، حطم الشوق مسار الكبرياء فتعلقت العينان ببعضهما لوقتاً لا حساب له، حنين... ألم... عتاب... ندم... لقاءات تتلاقها العينين بجراح فتكت بها لتحاول إخفاء دمعاتها بصعوبة، صعدت للسيارة لتحاول الخروج من القصر سريعاً، لحق بها "فارس" سيراً علي الأقدام ليقف أمامها كمحاولة لمعنها بالفرار من موجهته، رفعت عيناها إليه بغضب من وقوفه أمامها، خطي إليها ليفتح باب السيارة قائلاً بهدوء لا يتناسب معه _إنزلي يا "منة"...
لم تلتفت لمن يقف جوارها يحثها علي الهبوط فقالت بلهجة حرصت بجعلها أكثر حدة_لسه عايز أيه؟..
ربط زمام أموره بصعوبة ليقول بثبات _محتاج أتكلم معاكِ شوية..
_وأنا مش عايزة أتكلم..
قالتلها بغضب فتطلع لها بضيق، زفر محاولاً التحكم بذاته ليقول بثبات مخادع_أنتِ اللي بتنرفزيني بتصرفاتك، عارفة أد أيه أنا بغير عليكِ ورغم كدا مش بتلاقي غير الحيوان دا وبتقفي معاااه!..
تطلعت له بغصب _وأنت بأي حق تغير عليا او تتحكم فيا من الأساس؟!..
تطلع لها بصدمة من لهجتها بالحديث فقال بغضب _أنتِ عارفة كويس أنا وانتِ أيه يا "منة"..
أجابته ببسمة ألم _كنا، لكن حالياً أنت إبن عمتي وبس لا أكتر ولا أقل...
صاح بعصبية _أيه اللي أنتِ بتقوليه داا، إنتِ إتجننتي!..
كس أنا عقلت.. يمكن متأخر شوية بس بالنهاية عقلت وعرفت أن مش أي حد يستاهل أننا نديله كامل الثقة اللي ميستحقهاش...
قالت كلماتها الأخيرة بدموع لمعت بعيناها وجراح تمكنت من قلبه فقال بحزن_أنا أسف...
أغلقت عيناها بقوة لتصرخ بغضب _أنا كرهت الكلمة دي بجد بكرهها وبكره نفسي..
واغلقت باب سيارتها بقوة لتقودها سريعاً كأنها تهرب منه أو من جراح قلبها الذي ود أن ينسي الماضي كالمعتاد ولكن ليس تلك المرة...
طال الطريق بالقيادة فكانه يهرب بها لعالم أخر، أكثر ما شغلها هو صمته الغير معهود، توقفت السيارة أمام احد البنيات فقال دون النظر إليها _إنزلي..
إنصاعت "ريم" إليه؛ فهبطت لتجد ذاتها أمام مبني يحمل لافتة باسم المأذون، إستدارت إليه بأستغراب _أنت جايبني هنا ليه يا "سليم"؟!..
هبط من سيارته ليقف جوارها قائلاً بثبات _هصلح الموضوع اللي أنتِ شايفاه من وجهة نظرك غلطة..
إرتعبت للغاية فقالت بصوتٍ يكاد يكون مسموع _غلطة أيه؟!..
تطلع لها بثبات _هطلقك يا "ريم" زي مأنتِ حابة ومتقلقيش هحميكي من "رحيم" برضو
رفعت يدها تكبت شهقاتها بصدمة _أيه اللي بتقوله دا؟!..
تشكل الغضب على معالم وجهه ليصيح بعصبية_بقول اللي أنا حسيت أنك بتتعاملي معاه علي أنه جريمة وخايفة من العقاب...
قالت برفض_لا أنا مقصدتش كدا انا أ...
قاطعها بحدة_أنتِ ضعيفة وجبانة معندكيش ذرة شجاعة واحدة ودي الحقيقة..
هوت الدموع من عيناها دون توقف علي أثر كلماته فهي تعلم أنها هاشة للغاية ولكن ما ذنبها بذلك فكلما حاولت أن تكون قوية ولو لبضعة دقائق فشلت بذلك، كبت غضبه بصعوبة فجذبها لتجلس بالسيارة ثم تحرك بسيارته ليصل بعد دقائق معدودة لوجهته؛ فصف سيارته خارج المنزل الذي يطل علي بحر الأسكندرية فكان "سليم" يخصص هذا المكان لأجازته فعشق البحر وأصوات الأمواج يجري بدمائه..
ظلت كما هي تبكي بصمت حتي بعد أن هبط من السيارة وأشار لها بالهبوط ولكنها لم ترى ما يخبرها به، توجه للسيارة ليجذبها خارجها بغضب ومن ثم لداخل المنزل ليغلق بابه ثم أوقفها أمام وجهه ليصيح بعصبية_بتبكي ليه دلوقتي؟!...
لم تستمع لما يقول وعادت لموجة البكاء الحارق ليرفع يديه أمام وجهها بغضب _قولتلك بطلي بكي وإسمعيني أ...
تخشبت الكلمات علي لسانه حينما رأها تحتضن وجهها برعب ظناً من أنه سيلقنها صفعة، رجفة جسدها جعله يتابعها بصدمة وحزن، رفع يديه علي وجهها بحنان ليقربها من صدره، تمسكت به لتفرغ ما بصدرها من بكاء عالق منذ أعوام كنت فيهما الخوف فقط، شعر برجفة جسدها فقال بندم _أنا أسف يا روحي مقصدتش أخوفك كدا...
ردد بصوتٍ متقطع وهي تشدد من إحتضنه كأنه سيغادر بعيداً عنها وهي تتمسك به! _أنا بحبك أوي يا "سليم" متسبنيش..
أخرجها من أحضانه لتتطلع له، أزاح دموعها بأصابع يديه قائلًا بعشق_مستحيل دا يحثل إفهمي دا يا "ريم" أنا بحاول أقتل الخوف اللي جواكِ دا مش أكتر..
أجابته بدموع لا حصي لها _ عمره ما هيموت، ثم أزاحت دموعها لتقول بحزن _أنا بحس في كل تصرف بعمله أن" رحيم" هيعاقبني...
انا بشوف "رحيم" بكل حاجة بعملها يا "سليم"..
إقترب منها حتى صار مقابلها _وأنا مش هخليكي تشوفي غيري يا "ريم"..
لم تفهم كلماته ببدأ الأمر، حرر حجابها وعيناه تتأمل عيناها بنظرات جعلتها كالأسيرة الغير قادرة علي التحرك، أشاح بعيناه عنها بصعوبة ليرفعهما علي خصلات شعرها المتمردة علي وجهها كالحجاب الذي يحميها منه، أعاد تلك الخصلات لخلف أذنيها بلمساته الرقيقة ليقربها إليه بيديه الأخري، كان كالسحر الذي يربطهما معاً، عشق نبع بقلبه منذ الأزل يجده الأن حقيقة بين يديه، لم يشعر بذاته الا وهو يحملها بين يديه ليصعد بها لغرفته، وضعها علي فراشه والرغبة تتمكن منه فمنحته الأذن الكافي بالأقتراب، حتي هي لم تحاول منعه فكيف تفعلها وهي كالمسحورة!، فتح عيناه بوعي لما يفعله فتطلع لها ببسمة رسمها بالكاد، مرر يديه علي وجهها قائلاً بهمس _ مستحيل أكسر فرحتك بيوم زفافنا يا "ريم"...
فتحت عيناها بأبتسامة عشق رسمت علي وجهها له لتتخيل يوماً هكذا، ترتدي فستانها الأبيض وتمشي لجواره يد بيد...
قبل جبهتها بعشق ليهمس مجدداً _مش هيحصل غير وأنتِ مزفوفة بالفستان الأبيض أدام الكل وبالأخص "رحيم زيدان"...
تطلعت له بصدمة فغمز بعيناه الساحرة قائلاً بمكر _متستقليش بقدرات جوزك..
ثم نهض من جوارها قائلاً دون النظر إليها كأنه يحاول محاربة ذاته التي تريده أن يقترب منها مجدداً _يالا غيري هدومك علي ما أجيب أكل..
أشارت له بخجل فهبط للأسفل حتي إعتلي سيارته ليجلس بداخلها مردداً بصدمة _أيه اللي كنت هعمله دا؟!..
ثم إبتسم لتطل جانب وسامته الفتاكة_وجودي معاها هنا خطر علي نفسي وعليها مني..
رفع الجميع أيديهم ليلقوا التحية العسكرية حينما مرأ من أمامهم، هبط من الدرج الجانبي ليصل (لزنزانة) جانبية تقع بالأسفل ففتح الشرطي الباب بعدما حي من يقف أمامه برهبة ووقار، ولج للداخل ليجد الفتاة التي كلفها بالمهمة الدانيئة تقف أمامه لترفع يدها بتحية _كله إتنفذ علي أكمل وجه يا "رحيم" باشا..
خلع نظارته السوداء ليتطلع لها بنظرة قاتمة _هي فين؟...
أشارت له بيديها علي الغرفة الموجودة بداخل هذة الغرفة فأشار لها بيديه بحذم_غوري...
هرولت للخارج بخوف _تحت أمر معاليك يا باشا...
خرجت من الغرفة ليدلف الحرس الخاص ب"رحيم زيدان"، إقترب منه إحدهم ليهمس بخوف _اللي حضرتك توقعته حصل...
تلونت عيناه بجحيم لا مثيل له حينما غلم بأمر زواجهم المتوقع، أشار للحرس الذين يطوفون المكان فحضر إثنين منهما ليستمعوا لفحيح صوته الشيطاني _نفذوا اللي طلبته منكم..
أشاروا له بوقار ثم ولجوا معاً لباب الغرفة الصغير، فتحوه ليجدوها ملقاة أرضاً بدماء تغرق ملابسها، حتي ملامحها إمتلأت بالكدمات التي تلقتها علي أيديهم، حركها الحارس لتنصاع ليديه فهوت من علي الأريكة التي صنعت من الأسمنت لتشكل شكل الأريكة، ظهر من خلفهم ليقف أمامهم بصمت، رفع الأخر وجهها الذي يغطي الدماء والكدمات لتقابل وجه من يتأملها بنظرات حقد وشرار، اختفت معابم وجهها من أثر اللكمات التي نالتها فخسرت الكثير من الدماء، إقترب منها الحارس الأخر ليحاول تحرير حجابها ليوقفه "رحيم" قائلاً _عايزاها فايقة حتي لو هتطلبها دكتور يفوقها...
ثم قال بصوتٍ منخفض بعض الشيء يعج بالشرار _عايز صوتها يطلع بالفيديو وهي بتصرخ وتستغيث بالكلب اللي فكر يتحدي "رحيم زيدان" فاهم..
أشار له بتأكيد _تحت أمرك يا باشا.
رمقه بنظرة مطولة ثم غادر للقصر تاركاً خلفه روحاً تربعت بقلب الشيطان منذ النشأة ليعلم الأن عاقبة ما فعل فهل حان وقت الندم.. .
وقف يترقب التابوت بنظرة غاضبة بعدما علم بما فعله "رحيم زيدان"، حمل الرجال المرسال الذي بعثه "عادل" لرحيم ليخبره بطلبه بأتحادهم سوياً للقضاء علي الجوكر وها هي إجابته تصل إليه..
قبض "عادل" علي معصمه بغضب _هما فاكرين نفسهم أيه؟!.
أجابه إحداهما _انا قولت لحضرتك قبل كدا أن "رحيم زيدان" العن من الجوكر بمراحل مفرقش معاك كلامي..
ردد "عادل" بوعيد_والله ما هسكت وهتشوف هعمل فيهم أيه الأتنين.
ثم قال بعدما لازم الهدوء _خالينا بس منساش عدونا الاساسي وبعدين نشوف شغلنا مع أخوه...
بقصر "الجوكر"..
مر ما يقرب من الساعتين ومازال يركض بنفس سرعته دون تعب، وقف أمام القصر الداخلي بعد أخر دورة ليرتشف المياه، قطرات العرق تناثرت علي جسده بفعل العمل الشاق الذي بذله، إستمع لصوت صفير قوي كاد بأختراق أذنيه؛ فرفع عيناه ليجدها تراقبه من الأعلي ببسمة واسعة، تأملها بنظرات ثابتة ليشير للحرس بالأنصراف فأنصاعوا إليه علي الفور، صعد "مراد" للأعلي ليجدها مازالت تقف بمحلها فقال بغضب _واقفة عندك بتعملي أيه؟!..
رفعت عيناها إليه ببسمة هادئة_كنت براقبك...
بقي ثابتٍ محله يتأمل تلك النظرات الفتاكة التي تخترق عيناه، كأنها بتحد لفوز قلبه بأصرار، إقترب منها ليقف أمام عيناها فتأملت ملامح وجهه ببسمة رقيقة وعينين تتشبع برؤيته، باغتها بسؤاله المفاجئ _أنتِ عايزة أيه يا "حنين"؟.
أجابته ببسمة ثقة هزت كيانه _قلبك..
كأنها ألقت عليه تعويذة الصمت فقط يتأملها بأهتمام_ صعب..
إبتسمت وهي تضع بيديه ظرفاً مطوي _بس مش مستحيل..
وغادرت من أمامه بنظرة جعلت قلبه يخفق بجنون علي تلك الفتاة الغامضة، لا يعلم أكتلة من الجنون أم انها تدعيه؟!، أضعيفة هي أم أنها تدعي القوة!، أجريئة هي أم تلك التي يري خجلها وحمرة وجهها التي لا تفارقها... لا يعلم سوي حقيقة واحدة بأنها ستقوده للجنون لا محالة، فتح "مراد" الظرف المطوي ليري به صورة له رسمت بخط يدها ولكن الغامض بالصورة أنه كان يبتسم!... وضعها علي الطاولة ثم جذب مشروبه المفضل الذي طلب من الخادمة سكبه، إستند على الحائط ليتأمل حديقة قصزه ببسمة رسمت رغماً عنه..
كان يستند عليها مثلما أرادت هي، صعد الدرج ليقف أمام الشقتين بحزن غلف وجهه حتي أن "نغم" شعرت به فقالت بقلق _أنت كويس؟..
أكتفي بأشارة بسيطة لها وعيناه تتأمل منبع الذكريات التي كانت تربطه بصديق العمر وبين والدته الراحلة وما كان يفعله به زوج أمه، ذكريات كثيرة طافت به فهذا المكان لم يزوره منذ سنوات كثيرة..
قدم لها المفتاح ففتحت الشقة المتهالكة لتسنده للداخل، لم يعبئ للظلام ولا للاتربة التي تحيط بها فجلس علي أقرب أريكة قابلته من شدة التعب الذي يحيط بجسده، تفحصت الحائط بأهتمام حتي تلامست مع أزاز الانارة ففعلته ببطء لينير لها هذا المنزل البسيط الذي رغم أتربته الا أنه يحوي دفء غريب...
كان "يوسف" يجلس حزيناً للغاية علي شقيقته فعقله يكاد يقف من كثرة تفكيره بها، إقتربت "نغم" منه بقلق _مالك يا "يوسف" انت لسه تعبان..
رفع عيناه لها ليشير لها _تعالي يا "نغم"..
قربت منه علي إستحياء لتجلس علي مسافة قريبة منه فأبتسم بخبث _قربي..
إبتلعت ريقها بتوتر فأقتربت بخفوت ليجذبها لأحضانه بقوة كأنه يرضي شوقه إليها طوال تلك الأيام، ربتت علي كتفيه لتهمس بصوتٍ يكاد يكون مسموع_بحبك اوي يا "يوسف"..
إجابها بعشق _مش أكتر مني يا روح قلب "يوسف" ..
وتطلع لها قائلاً بلهجة غامضة _أنا متمنتش حاجة من الدنيا دي غيرك يا "نغم"، بس مكنتش أعرف أن "أشجان" هتدفع التمن...
رفعت عيناها إليه بحزن _أنا مش عارفة أقولك أيه بجد..
وضع يديه أمام فمها _متقوليش حاجة، أنا هعرف ارجعها أزاي..
أجابته بدموع_"رحيم" مش سهل يا" يوسف" ولا بالبساطة دي..
شرد بكلماتها وما سيحدث لشقيقته فحاولت إخراجه فقالت بأستغراب_عايزة أغير هدومي..
إبتسم بمكر _ما تغيري هنا ..
لكمته بخفة_" يوسف" الله.
تعالت ضحكاته ليشير علي الغرفة علي يمينه، جذبت" نغم"حقيبة يدها التي تحوي أحد الملابس الخاصة بها، ولجت للداخل لتتأمل الغرفة بنظرة متفحصة حيث كانت تحوي فراشين مقابل بعضهم وسراحة وخزانة صغيرة، تيقنن بأنها كانت إليه ولشقيقته، أزاحت الاتربة المعلقة علي المرآة وعلي بعض الصور المعلقة علي الحائط بفضول لرؤية "أشجان"، رأت صوراً لها في الصغر ولجوارها فتي صغير تيقنت من ملامحه المميزة بأنه معشوقها، أنفضت الأتربه عن أخر صورة لتتصنم أصابعها حينما كشفت عن وجه الأخير لتسقط الصورة عن يدها، تراجعت للخلف بصدمة ويدها تكبت شهقاتها، ولج للداخل سريعاً ليجدها هكذا فأدارها إليه بلهفة_في أيه؟!..
أشارت له بثبات تحلت به لمعرفة أجوابة لأسئلتها الكثيرة التي راودتها _مين دا اللي جانبك بالصورة.
تطلع لما تشير إليه فحمل الصورة المنكسرة ليقرل ببسمة خافتة _دا "فريد" صاحبي الله يرحمه...
تصنمت محلها بصدمات متتالية فطافها شعاع أمال طفيف لتسرع بالاسئلة_صاحبك أزاي ومن أمته ومات إزاي؟!...
إبتسم بسخرية _أيه كل الأسئلة دي أنتِ قفشتني متصور مع واحدة ولا أيه!..
أجابته بجدية _"يوسف" جاوبني..
وضع الصورة عن يديه مشيراً لها بهدوء_طب خلاص هحكيلك بالراحة عليا...
وبالفعل شرع" يوسف" بقص قصة" فريد" الصديق الوفي والحيب الذي تغمده العشق بدفوف خاصة، جلست" نغم" علي الفراش بصدمة مما تستمع إليه، خشيت بأن تخبر"يوسف" بأن صديق عمره الذي قدم حياته فداء هذا الحب الذي جاهد بنقل أقصرصته إليها بأنه "رحيم زيدان"!...
لمعت بعقلها كلماته فعلمت بأن طوق النجاة لشقيقته سيحفر بتلك الحقيقة، نهضت "نغم" من محلها للتتوجه للخروج فأوقفها "يوسف" بتعجب _رايحة فين؟!...
أجابته "نغم" بتردد وهو تتجه للخروج_هرجع القصر.
تطلع لها بصدمة _أييييه!..
وقفت بمحاذاته قائلة بهدوء _" يوسف" إسمعني لازم ارجع القصر حالا...
كاد بالحديث بعدما تلون الغضب علي وجهه لتسرع هي بالحديث_رجوعي هيكون السبب في رجوع أختك وإنقاذها من إيد" رحيم"..
تمسك بيدها _مستحيل أخسرك أنتِ وهي...
أجابته بهدوء _صدقني مش هيعملي حاجة بعد اللي هقولهوله..
ضيق عيناه بعدم فهم _هتقوليله أيه؟!..
ازاحت يديه عنها _مفيش وقت للكلام لما أرجع هحكيلك علي كل حاجة.
جذبها بقوة _قولتلك مش هتخرجي من هنا..
تطلعت له ملياً لتقول بأرتباك _"رحيم زيدان"هو نفسه" فريد" صاحبك يا" يوسف"..
تحررت أصابعه من علي يديها بصدمة جعلته يفقد حساه عن الحديث لتستغل" نغم" حالة الصدمة التي إستحوذت عليه لتركض للايفل سريعاً لتنقذ تلك الفتاة من براثين شيطان خلق للدمار! ..
بفيلا" عباس صفوان"..
جلست" فاطمة" بأنتظار "يامن"الذي خرج من غرفته ليجدها تجلس بالطابق العلوي خارج الغرف فأقترب منها ببسمة جعلته للوسامة تاجاً!..
أشار بيديه كحركة كوميدية _أسف للتأخير الغير مقصود..
كبتت بسمتها لتقول بسخرية_انا لسه واصلة علي فكرة..
تعالت ضحكاته ليقول بمرح _أممم شكلي بقي عسل ولا يهمني..
وجلس جوارها قائلاً بسخرية_نورتي بيتك يا عروسة..
وغمز بعيناه بمكر لتبتسم قائلة بذهول _أنت متعرفش تتكلم جد أبداً..
أشار لها بغرور _هو اللي بيغير مني فمستحيل نتوافق مع بعض..
تعالت ضحكاتها بعدم تصديق فصفن بها قليلاً فتلون وجهها خجلاً من نظراته فقالت بأرتباك _كنت عايزني ليه؟..
أجابها بجدية _كنت حابب أكلمك في موضوع كدا..
ضيقت عيناه بأستغراب _موضوع أيه دا؟!..
أجابها ببسمة هادئة_انا هساعدك لحد ما تحققي هدفك بس لفترة معينه..
ضيقت عيناها بعدم فهم فأكمل بتوضيح _بعني تنجزي قبل الفترة اللي "جان" محضر فيها الزفاف لأني مستحيل أعمل حفلة وأتجوزك علني وأطلقك يا "فاطمة" الناس كلامهم مش هيسيبك في حالك..
إبتسمت رغماً عنها علي خوفه البادي عليها فقالت ببسمة ثقة _ عشان كدا مضيعتش وقت ومن تحرياتي عرفت أنهم طالعين رحلة إسكندرية كام يوم تبع الجامعة بتاعتها، ها أيه رأيك نطلع أحنا كمان..
إبتسم بمكر _وماله نطلع منطلعش ليه.
شاركته البسمة بشرود به فربما الأن علي إقتربت المسافة بين القلبين! .
إسترداد وعيها بمثابة تذكرة لبدأ رحلة آلامها، حقنها الطبيب بمادة سرت بجسدها لتجعلها تسترد وعيها علي أسوء كابوس كان يلاحقها منذ أعوام وها هو عاد من جديد ليتشكل برجلين ملامحهم تقبض الانفاس...
إستقامت "أشجان" بجلستها بفزع حبنما رأتهم يفغوا لجوارها ويتأملوها بنظرات مقززة، عدل الأخر من وضعية الكاميرا التي تتوسط الغرفة ليشير للاخر الذي إبتسم بسمته المقززة ليقترب منها بنظرات تعلمها جيداً فكانت تراها بأعين زوج أمها بأستمرار، تمسكت بحجابها وطرف فستانها ببكاء حارق وهي تشير له بالا يقترب ودموع ضعفها كالسيل لا يتوقف عن الغزو...
علي بعد كبيراً منها...
وقف بشرفة قصره العريق بشعوراً يكاد يخنق صدره ويوقف تنفسه، لا يعلم ما الذي يراوده؟!..
نفث دخان سيجاره بفرط حتي يتمكن من ذبح ذكريات الماضي المؤلم فأذا بصوت خطوات تقترب منه، إستدار "رحيم" ليجد "نغم" أمام عيناه فأبتسم بثقة _أيه دا العروسة بنفسها جايلي برجليها!...
إقتربت لتقف أمام عيناه بتحدي حطمه لها سابقاً ولكنه عاد من جديد فقال ساخراً _الخوف أتقتل تاني ولا حابه ارجعهولك..
وجذب كأسه ليرتشفه ببرود _أوه يمكن جاية تقدمي ندمك علي اللي عملتيه
إبتسمت قائلة بسخرية_لا الندم دا هسيبهولك أنت يا "فريد" بيه.
ن لفظت إسمه الحقيقي حتي ضغط علي الكوب بكامل قواه ليتحطم لنثرات كست الأرضية بأكملها، نهض عن محله لسجذبها من حجابها بغضب لا مثيل له _أنتِ واخدة حبيتين شجاعة ومحتاجة اللي يفوقك منهم...
صرخت ألماً ليشدد من ضغطه علي خصلات شعرها التي كادت بالاقتلاع من جذورها _لسه مش قادرة تستوعبي ان اللي عملتيه عقابه عندي الموت أنتِ والزبالة اللي كمان شوية وهيشوف صور أخته المصون ملية النت كله..
إبتسمت بألم _برافو اعمل فيها زي ما تحب يمكن النار اللي جوا قلبك تنطفي بس متتعبش نفسك وأنت بتدور علي البنت اللي بتحلم تقابلها لأن عقاب ربنا نفذ يا "رحيم" بيه..
تطلع لها بصدمة لما تحاول قوله فأسترسلت حديقها ببسمة ساخرة_هى دي الحقيقة يا "رحيم" بيه اللي فديتها زمان بروحك ودخلت السجن عشانها وفضلت عمرك كله تدور عليها هى نفسها اللي أنت كسرتها بأيدك هي نفس البنت اللي رمتها فى السجن عشان تدفع التمن لقصة حب أنت عمرك ما هتفهمها ...
شعر بدوراً حاد يتغلغل بداخله فعصف بصدره ليشعل أجيج الذكريات فأصبح كالمجنون لا يعي ما تقوله ..
إبتسمت قائلة بسخرية _"رحيم زيدان" صاحب القلب الحجر مهزوز ! ...
ثم أنحنت لتكون مقابل عيناه قائلة بحقد _دوق من نفس الكاس اللي دوقته لناس كتير أوي شوف قسوتك وصلتك لفين؟، أنت قتلتني مرتين، مرة لما بعدتني عن أخويا والمرة التانيه لما بعدتني عن أكتر إنسان أنا حبيته...
ثم نهضت قائلة ببسمة إنتصار _طول عمرك عندك فخر وإعتزاز بلقبك وأنا مكنش عندي شك أن فى حد يقدر يوقف أدام الأسطورة حتى الجوكر قدرت تمتص غضبه بس اللي أنت فيه دا صعب يتداوى ..كفايا نظرات الكره اللي هتشوفها فى عيون أكتر إنسانه إتمنيت أنك تلاقيها ..
لم يحتمل ما تتفوه به فحاول جاهداً أن يسترد جزء من قوته المعهودة فجر قدماه نحو الهاتف بصعوبة بالغة ليخرج صوته المتحشرج _خاليهم يوقفوا ..
صاح بغضب _يعني أيييه ؟ ..إتصرف ..
وألقي بالهاتف ليحطمه بغضب وعيناه تتلألأ بالدموع قائلاً بعدم تصديق _ يعني أيه ؟ قضيت أسوء أيام من عمري فى سجن شوفت فيهم الموت عشان أحميها وفى النهاية أنا اللي قدمتها للأوساخ دول بأيدي ! ...
لاااا مستحيل هسمح بدا ...
وهرول سريعاً لسيارته ليدفش السائق الذي كاد بأستقباله، كادت أن تنقلب به السيارة كثيراً ولكنه لن يترك تلك المسافة الضيئلة تشدو صبر الأعوام، أزاح تلك الدمعه القاسية من عيناه فكيف لم يستطيع ذاك القلب التعرف على معشوقته ؟! ..
كيف لم يتمكن من الشعور بها ؟! ..أليست عشق الطفولة وروح الأمد ! ...
ركض بأقصى سرعه لديه بعدما صف سيارته أمام قسم الشرطه، أستقبله الشرطي بالتحية والوقار ولكنه لم يرى أمامه سوى الطريق لذلك المعتقل الفردي، حطم بابه بقدميه لينهار أمامه فولج للداخل سريعاً ليحطم عنق ذلك اللعين الذي أستاجر منه المال ليهتك عرضها ها هو يحطمه بيديه !، وجدها كالجثة الهامدة، الدماء تخبئ ملامح وجهها من أثر الكدمات، وقع أرضاً فلم تعد قدماه تحمله ليقربها إليه بصعوبة فلم يعد لديه قوة بعد رؤية الكدمات تفترق ملامحها، فتحت عيناها بصعوبة لترى أسوء كابوس أمامها، الشيطان الذي أقتحم عالمها ليحطمها بقسوة، "رحيم زيدان" الاسم الذي يعتز هو به وتكرهه هي ..
حاولت أن تبعد يديه عن وجهها ولكنها لم تستطيع، تجاهد للبقاء على قيد الحياة، ظل يتأملها لدقائق متعددة بشوق لرؤية ملامحها الغير بادية له فأزاح دمائها قائلاً بصوتٍ يحمل ندم عالم بأكمله _أفتحي عيونك يا عموي ...
ثم التقط أنفاسه قائلاً ببسمة لطفولة حمقاء:
_أنا أسف يا "شجن" ...
تبلدت ملامحها فتطلعت له بصدمة لا أحد يناديها بذاك الاسم سواه ! ...لم تستمع ذاك الاسم منذ ما يقرب العشرون عاماً ! ..
إبتلعت ريقها بعدم تصديق فأشار بوجهه والدموع تكتسح عيناه الزيتونية بأشارة تأكيد _أنا هو...أنا "فريد" اللي حماكي من أسوء الناس وخلف بوعده الوقتي ...
تأملته بصدمة كانت أكبر من قلبها الهزيل فرفضت تصديق ما سمعته، لا يعقل أن يكون هو ! ..لا حبيبها ليس بتلك القسوة والجفاء لاا ..
أغلقت عيناها رافضة لحقيقة مؤلمه كذلك ليحتضنها بلهفة قائلاً بوعد قاطع _لا سيبتك تضيعي مني 20 سنه مش هتتكرر تاني زي ما لبست قناع "رحيم زيدان" هرجع من جديد يا "شجن" ..
وحملها لخارج المكان وبداخله صراعاً قوي هل سيتمكن من حذف ذكرياتها السوء بسهولة وهل ستتقبله هي ؟!...
ربما عليه خوض الكثير من المعارك لاجلها لأجل من لم يتمكن من رؤية ملامحها جيداً وهى بين يديه ! ...من اجل من سيحظي بكرهها ولكن هل سيتمكن من تحويل مسار قلبها؟!..
ماذا لو علم بأن الجوكر هو من بعد المسافات بينه وبين عشقه المتيم؟!