قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية الجوكر والأسطورة الجزء الثاني للكاتبة آية محمد الفصل الحادي عشر

رواية الجوكر والأسطورة الجزء الثاني بقلم آية محمد

رواية الجوكر والأسطورة الجزء الثاني للكاتبة آية محمد الفصل الحادي عشر

( وعشقها ذو القلب المتبلد )

كاد بأن يطرق على باب منزلها ولكن أسرعت بفتح بابه قبل أن يفعل مما أثار تعجبه، إبتسامتها الواسعة جعلته يشتعل غيظاً مما فعلته بسيارته، رفع عيناه علي طوقها القطي الذي ترتديه بأعتزاز وكأنه عقد من ألماس فلم تكلف ذاتها التطلع للمرآة لرؤية شكلها المقبض بعدما وضعت الحجاب من أعلاه..

أشار بحدة  علي سيارته البائسة:
_أيه الجنان اللي انتِ عملاه بالعربية دا؟!...
ربعت يديها أمام صدرها ببسمة تشافي فيما فعلته به لتبدي بمعالمها دهشة وذهول عما لحق بها فقالت مدعية الحزن:
_أيه اللي عمل ببها كدا؟!...
رفع احد حاجبيه بأستنكار:
_مامتي الله يرحمها خرجت من المقابر عشان تسبلي تذكار.

رسمت بسمة إستهزاء كل كلماته الأخيرة لتفق بفزع حينما لطم الباب بيديه ليصبح بغضب:
_لو فاكراني عيل أهبل وجاي من بره مش هعرف الصياعه دي تبقي غلطانه أنا مصري أب عن جد..
_اب عن أيه ياخويا؟!...

قالتها ساخرة علي حديثه فجز على أسنانه بضيق ليغادر من أمامها سريعاً فهبط الدرج الخارجي للقصر مشيراً لها بتحذير:
_جربي تعمليها تاني وهكسر أنا الكفة فوق دماغك المرادي.
وتركها وغادر سريعاً قبل أن يفتك بها لتتأمله هي بنظرات إخترقت من العشق طرباً وعانق بوح الروح!...

بقصر "ريان عمران"...
كاد بالصعود للأعلى ولكنه توقف حينما لمحها تجلس بحديقة الفصر بهذا الوقت المتأخر من الليل، كاد بأن يكمل طريقه ولكنه تذكر كلمات "ريان" بأنها خجولة للغاية لذا يظن بأنها لا تريده يقترب منها، أراد أن يمنحها ويمنح ذاته فرصة فأبدل طريقه ليجذب المقعد المقابل لها...
جلس "مروان" أمامها بثبات وملامح لم تخفي أثر الحزن عن معاملتها الغريبة له، فقال بهدوء نجح بأن يظهر جانب ولو بسيط من إنزعاجه:
_مساء الخير...

عادت لأرض واقعها بعيداً عن شرودها الشبه مستمر على مدار يومها لتتلاقى عيناها به فسحبت نظراتها سريعاً لتجيبه ببعض التحفظ الذي يزعجه:
_مساء النور...
تطلع لجوارها بأهتمام ليسألها بأستغراب:
_لسه صاحية؟!...
عدلت من جلستها قليلاً لتكون بمحاذاته:
_مش جيلي نوم..

أشار برأسه بثبات وهو يتطلع للحديقه من خلفة بنظرات شاردة بين الحرب التي تدور بداخله فتدفعه للحديث معها بشأن تجاهله فقال بنهاية الأمر:
_ "سارة" هو أنتِ كان في حد في حياتك؟
وكأن سؤاله جعل كل حواسها تفق للعمل فتدق كالصاعق لتتطلع له بأرتباك وهي تعدل من حجابها الذي يحاول الهواء إسقاطه:
_أيه اللي بتقوله دا!..

راقب إنفعالاتها جيداً ومع ذلك بقي بمحله بثبات عالي حتى قطعه بكلماته الموزونة:
_سألتك سؤال وأعتقد إجابته مش صعبة أوي كدا...
تراجعت بظهرها للخلف حتى إستراحت علي المقعد بأريحية حتى لا تثير شكوكه:
_إتفاجئت من سؤال زي دا..

ثم قالت بهدوء مصاحب للألم بعدما نهضت لتتوجه للداخل:
_لو في حد في حياتي مكنتش وفقت أرتبط بيك يا "مروان"..
وتركته وولجت للداخل والأخر يراقبها بنظرات غامضة وكأنه يشعر بأنها تخفي شيئا ما ولكن مثلما يشعر بذلك كان يولد دافع قوي يحفزه ليجعلها ملكه هو!

أزاح "مراد" الستار عن وجهها ليتحكم بذاته بأن يصل على درجة عالية من الثبات أمام هذة المجنونة..
جذبها من تلباب قميصها الوردي لتخرج بخوف كمن تمسك بسارق عنيف، رفعت عيناها له بأستغراب من مسكته المريبة فأشارت له ببعض القوة المصطنعة:
_أيدك عشان لسه كاوية القميص...

أبعد يديه عنها بسخرية:
_عملتيها إزاي دي! .
أجابته "حنين" بغرور:
_لا دانا بالمكوة والبخار معنديش ياما إرحميني..
أشار لها بسخرية:
_من غير ما تحلفي، مصدقك..

وتركها وتوجه للبراد ليخرج ما أعده لذاته، وضع الكأس على الطاولة ليفرغ محتوياته مختطف النظرات الجانبية لمن تقف علي بعداً منه، رفعت عيناها له بنظرة بريئة لا تليق بها فعلم بأنها مازالت تخجل منه بعد ما إستمعت إليه، إبتسم "مراد" بخفة ليسحب كأساً أخر ويسكبه مشيراً لها بالأقتراب فأسرعت لتجلس جواره على أحد المقاعد لتجذب الكأس وترتشفه على عجلة من تذوقه مغلقة عيناه ببسمة سعادة:
_مفيش اروع من كدا..

وجد ذاته ببتسم علي كلماتها فهام بعين تلك القصيرة ليردد بأعذوبة صوته الرجولي:
_لا في، أنتِ...
دق قلبها كعقارب الساعة العظيمة لتضع الكوب عن يدها ببسمة خجل تحتل ثغرها، إبتسم بمكر ليحك طرف أنفه ليخفي بسمة عشقه علي تراقبها فقال بهدوء لا يليق بتلك الحالة:
_بتحبيني يا "حنين"؟...

رفعت عيناها إليه بثبات لأول مرة يعرف طريقه لعيناها المشاكسة فتلألأت الدمعات بصدق شعر به حد الموت:
_بحب الأمان اللي بعيشه معاك ولأني عمري ما حسيت أني مهمة عند حد غيرك...
وكادت بالأنسحاب من أمامه حتى لا يرى دمعاتها، جذبها لتتخل عن مقعدها ليقربها منه فأحتضنها بين دفء انفاسه الساكنة بعشقها فردد بهمس:
_وأنا بحب جنانك اللي إدي لحياتي طعم يا مجنونة...
تمسكت به بجنون جراء كلماته الأخيرة، نعم مازال لم يمتلكها جسداً وروحاً ولكنه حصل علي قلبها أولاً وحبها ثانياً وهذا بمثابة ميثاقاً بالعشق الأبدي للجوكر..

تقمص الليل وجهته حتى نال منها فأصبح النهار علي المشارف، عاد لمنزله ليعلم من شقيقته بما حدث وبزيارة "ريناد" لهم وتصريحها بالحمل الكاذب أمام معشوقته، جن جنونه حينما أضافت "فاطمة" برحيل "سلمى" المفاجأ دون سماعها لأحداً منهن، غادر "جان" سريعاً غير عابئ بتأخر الوقت فأسرع لسيارته يقودها بجنون تجاه وجهته الغامضة، الوجهة التى جعلته يدفع ثمن يفوق ما إرتكبه...

هبط من سيارته ليتقدم الصفوف في وقتاً مجنون وغير محبذ لزيارة الموتى ليجلس أرضاً أمام قبره!.. قبر صديقه المخلص الذي طعنه دون سابق إنذار لحاجته بالبوح عن المكنون!...

إنعش الهواء الأجواء في الفجر حيث إنطلق الصوت من المساجد بدعاء الفجر المبارك وقرآنه الجليل، السماء ينيرها ضوء القمر الخافت لتكون من أروع ما يكون...
صوت الأمام وهو يرتل جعله يبكي كالطفل الصغير؛ فأوقف سيارته وهبط أمام أقرب مسجد قابله...

ألقي بذاته علي سجادته الحمراء الوثيرة، بين حضرته بكي وأفرغ ما بداخله، لم يبالي "سليم" بمن حوله فشعوره القوي بأنه محمل بالذنوب جعله يأن كالجبل الذي ينهار حينما واجهته عاصفة قوية إقتلعت جذوره القوية، أنهي صلاته ودمعاته سكنت مجمل الوجه وكأنها بأحتلال عصيب فأنذوى بركن من أركان المسجد ليبكي مردداً بهمساً خافت متضرعاً لمن يستمع إليه بأي مكان كان:

_يارب أنت أكتر واخد عارفني وعارف أد أيه أنا بخاف من ذنوبي، أنت اللي عارف أني عشت عمري كله بخاف منك ومن لقائك فحاولت ابعد عن كل شيء يغضبك...
أنا معنديش الجرأة اوجه عقابك يارب، أنا معرفش أيه اللي حصل ولا عملت كدا إزاي، أنا عمري ما غلطت الغلطة دي حتى مع حب عمري ورغم أنها حلالي!...
ومال برأسه علي حائط المسجد ليغلق عيناه الممتلأة بالدموع قائلاً بصوتٍ مبحوح:

_يارب سامحني وإغفرلي معصيتي، يارب إرحمني من غضبك ومن عذابك يارب...
قال كلماته الأخيرة بألم لم يختبره من قبل ودمعات تندفع بقوة وغزارة ليتوقف حينما شعر بملمس يد موضوعة علي كتفيه ففتح عيناه ليجد أخر ما توقع رؤياه فردد بذهول:
_"رحيم"!...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة