رواية إلى تلك الرائعة أحبك للكاتبة رضوى جاويش الفصل الحادي عشر
وقفت بالمطبخ كعادتها تتحاشى النظر اليه في ذهابه و إيابه و استشعرت انه يشاركها نفس الرغبة فى عدم التواصل مما اراحها لبعض الوقت، تطلعت لساعة الحائط التى اشارت لما بعد الواحدة ظهرا بقليل، انه ميعاد حضور ذاك الشاب رامى الذى امسك به البارحة و لم يعلم احدهم بمحاولة سرقته للمقهى، لحظات وهل بالفعل دالفاً للمطبخ و خلفه رامى و تطلع للجميع ليتنبه كل من منير و هناء و كذا غفران ليهتف مستفسرًا: - هل لديكم عمل لفتى طيب و من أسرة كريمة و اضمن امانته و اخلاقه!؟.
تطلع الجميع لبعضهما البعض و اخيرا هتف منير فى لهجة عملية: - وجوده بيننا يسعدنا لكن چو من اين لنا بدفع راتبه!؟، و ما هى الوظيفة التى قد تلائمه هنا!؟، هل يجيد الطهو مثلا، او..
قاطعه يوسف هاتفا: - رامى سيكون فتى التوصيل لطلبات المقهى..
هتف الجميع فى دهشة: - فتى التوصيل!؟
هتفت هناء: - اى توصيل!؟، نحن لا نصنع مأكولات للتوصيل و لم يخطر ببالنا ان نفعل..
هتف يوسف فى لهجة واثقة: - اذن عليكم التفكير الان لان الانتشار ضرورى و المكسب مضاعف بالتأكيد..
هتفت غفران فى محاولة لمساندة يوسف رغبة فى توظيف رامى نظرا لما تعرفه من خلفيات: - سيكون ذلك رائعا، يمكننا طباعة منشورات لبعض الوجبات و قوالب الحلوى التى يمكننا صنعها و توزيعها هنا داخل المقهى او خارجه مع وضع رقم لهاتف احدنا كمسؤول عن تلقى الطلبات، كم سيكون هذا رائعا..
هتف منير متسائلا: - و ماذا عن وسيلة التوصيل!؟.
هتف يوسف مؤكدا: - دراجتى البخارية ستفى بالغرض لفترة حتى يمكننا شراء واحدة اخرى تصبح ملكا للمقهى..
نظر منير و هناء و غفران لبعضهم البعض فى محاولة لاستطلاع ارائهم فهتفت غفران فى تأكيد: - انا موافقة على تعيينه و راتبه سيكون..
قاطعها يوسف فى حزم: - سأقتسم معه راتبى حتى تحقق فكرة التوصيل للمنازل هذه بعض الربح عندها نستقطع راتبه منه، ما رأيك منير، و انتِ هناء!؟.
ابتسم كلاهما فى سعادة و هتفت هناء: - و لما لا!؟.
و تطلعت الى رامى الذى انتشى اخيرا عندما ادرك انه قد تم تعيينه فى وظيفة فتى التوصيل تلك هاتفة: - مرحبا بك بيننا رامى..
ابتسم رامى فى سعادة: - اشكرك سيدتى، و سأكون باذن الله عند حسن ظنكم..
هتف منير مازحا: - بالتأكيد، فلديك داعم قوى هنا..
و اشار ليوسف متصنعا الخوف مستطردا فى مزاح: - من يستطع مخالفة مطالبه!؟، لم أر من يفعل..
هتفت هناء مازحة: - بل هناك من يعارضه دوما، السيدة غفران، لكن العجيب هذه المرة انها ايدت دون معارضة، بل انها اول المؤيدين..
قهقهت هناء و شاركها منير ضحكاتها اما يوسف فاتسعت ابتسامته فى هدوء و هو يتطلع الى تلك القصيرة المنزوية فى خجل غير معتاد على شخصيتها المندفعة، كان يتجنب النظر اليها منذ الصباح لكنه ما عاد قادرًا على ان يحيد بنظراته عنها و هى تبدو بمثل هذا الحياء البكر و تذكر كيف كانت بين ذراعيه عند السقوط الكبير لكلاهما فتمنى لو طالت هذه اللحظات دهرا و توقف الزمن عند تلك الثوان قبل ان تنهض مندفعة تنأى عنه نهار بطوله حتى لا تتلاق عيونهما من جديد و تتصافح لمرة اخرى تردد سلام من نوع اخر، سلام بنكهة الطمأنينة التى يفتقدها بشدة حد اللامعقول..
تنبه لتيهه فى خواطره فانتفض متيقظا يضرب بمرح على كتف رامى هاتفا: - مرحبا بك بيننا أيها الفتى، أرجو ان تهنأ بصحبة الجميع و لكن احذر، اياك و اغضاب تلك المرأة هناك، و اشار برأسه نحو غفران التى لاتزل تتسربل فى حيائها مستطردا: - و الا ستجد أدوات المطبخ تلك كلها مندفعة فى أعقابك..
انفجر الجميع مقهقهين الا غفران التى تصنعت العضب و عقدت ما بين حاجبيها فى ضيق و هى تتخصر فى تحدى لكنها لم تستطع مجاراة تصنعها فانفجرت ضاحكة بدورها هاتفة فى لهجة معاتبة: - لا تعط الفتى فكرة خاطئة عنى، انا لست الساحرة الشريرة، فقط انت من يخرجنى عن طورى..
اندفع منير وهناء لتلبية احد الطلبات و خرج رامى للذقاق يتفحص الدراجة البخارية بينما وقف يوسف فى تيه متطلعا اليها و اخيرا همس بنبرة جعلت كفها تتوقف عما كانت تنجزه متنبهة بكل حواسها: - أرجو الا أكون تجاوزت فى مزاحى..
همست بدورها دون ان تستدير لتواجهه: - لا عليك..
هم بالانصراف فى اتجاه الذقاق فى اثر رامى الا انه توقف هامسا: - شكرًا لدعمى فى توظيف رامى، ذلك كان يعنى لى الكثير..
اكدت فى هدوء: - لا شكر على واجب، انه يبدو فتا لطيفا و يحتاج للعمل و الا ما كنت نصحت بتوظيفه على ضمانتك الشخصية و اقتسمت معه راتبك..
كان ذلك رائعا..
و استطردت مازحة تحاول كسر ذاك الشعور المتنامى بأعماقها و الذى يغلفها بأمان خطر لقربه: - هناك جانب انسانى خفى يكمن داخل ذاك الجسد الضخم!؟، لقد ابهرتنى، فاجأتنى بالفعل..
قهقه فى سعادة هاتفا: - و لايزل هناك الكثير من المفاجأت لأجلك، يا اميرة البهار.
تطلع الى صدمتها للقبها الجديد و التى تمثلت فى تطلعها اليه فى نظرات تائهة تماما و اخيرا ابتسم فى سعادة و غادر خلف رامى ليتركها تتطلع فى اضطراب حولها لا تدرك ما عليها فعله و اخيرا استعادت ثباتها لكن ذاك اللقب الجديد الذى لازال صداه يتردد على أسماعها قد أوصلها لمستوى عجيب من السعادة التى دفعتها لتردده فى فخر وعلى شفتيها ابتسامة بلهاء لم تستطع التخلص منها النهار بطوله..
كانت تتهادى الى مسامعها تلك الأنشودة الرقيقة التى يبثها تلفاز المقهى عن الام دمعت عيناها عندما لاح طيف امها امام ناظريها فاستشعرت شوقا جارفا اليها و الى زيارة قبرها كما اعتادت يوم عيد الام كانت تذهب لتحكى لها ما مر بها من احداث بالساعات، لو كانت لاتزل بالمزرعة لكانت هناك اليوم تجلس بالقرب من قبر والديها تبثهما وحشتها دونهما و اشتياقها لوجودهما بحياتها..
مسحت عبرة سالت على خدها دون ان تتنبه لهناء التى كانت تراقبها عن كثب و قد ادركت تغير حالها من الصباح الباكر، اقتربت هناء هامسة: - ماذا هناك غفران!؟، هل هناك ما يزعجك!؟.
هزت غفران رأسها نافية وهمست بدورها فى شجن: - لا، لكنى اشتقت لأمى رحمها الله..
تنهدت هناء فى شجن هامسة: - و من منا لا يفعل!؟، كان سيفرق كثيرا وجودها جانبى و قد حدد طبيبى موعد الحقن المجهرى..
تطلعت اليها غفران فى سعادة هاتفة: - حقا، ذاك خبر راااائع، اتمنى ان يتم الامر على خير و يتحقق لك ما تتمنين..
هتفت هناء فى تضرع: - يااارب..
استفسرت غفران: - متى الموعد باْذن الله!؟.
أجابت هناء بلهجة قلقة: - بعد حوالى اسبوع من الان، اشعر برهبة شديدة..
احتضنتها غفران فى محاولة لتهدئة قلقها هاتفة: - لا عليكِ، سيمر الامر على خير.
هزت هناء رأسها فى محاولة للتماسك، بينما ظلت غفران على نفس شجنها و إحساسها بافتقاد امها و قررت فى لحظة تهور ان تزورها او على الاقل تزور امها البديلة التى اشتاقت لسماع صوتها و استشعار حنانها و تفهمها..
اندفعت غفران تصعد درجات السلم المتهالك فى لهفة لرؤية مربيتها و امها الثانية و التى لم ترها منذ شهور، تشتاقها كثيرا فهذه المرة الاولى التى تفارقها فيها منذ رحيل امها الغالية و هى كانت دوما جانبها فى أفراحها و اتراحها..
وقفت امام باب منزلها تلتقط انفاسها و تطرق الباب فى سعادة، لحظات وهلت نوال عندما انفرج الباب وهتفت فى فرحة غامرة: - غفراااان!.
ألتقطتها بين ذراعيها فى شوق و احتضنتها فى محبة و حنو و هى تدلف بها لداخل الشقة المتواضعة، وحمدت الله ان اليوم الجمعة و الا ما كانت وجدتها بالمنزل، هتفت غفران مؤكدة: - كيف أنسى ان الجمعة هو يوم إجازتك الأسبوعية!، لقد أجلت زيارتى حتى اليوم لأجدك هنا، تفضلى، و كل عيد ام و انت بخير..
ألتقطت نوال الهدية فى سعادة هاتفة و دموع الامتنان تترقرق فى مآقيها: - لم تنس ابدا!؟، حبيبتى جزاك الله خيرا..
كانت غفران تعلم ان نوال لم يرزقها الله بأطفال من زوجها الذى توفاه الله منذ فترة طويلة فكرست عمرها كله لتربيتها و مساعدة امها فى اعمال المزرعة بعد وفاة ابيها..
هتفت غفران فى عتاب رقيق: - و هل يمكن ان تنسى البنت امها فى يوم كهذا!؟ لقد افتقدتك كثيرا جدااا، و استوحشت ايامى دونك و بعيدا عن المزرعة و ما كانت تحمله من ذكريات عزيزة لأبوىّ، سامحه الله عمى..
هتفت نوال فى تعجب: - و ما ذنب عمك فيما فعلتِ غفران!؟، لقد هربت ليلة زفافك من عريس رائع تتمناه اى فتاة، و لا اعلم ما الذى دفعك لذلك، قلت ربما الرهبة من تحمل مسؤولية الزواج نفسها او ربما ذاك الحلم الذى كان دوما يراودك و قررتى تحقيقه فى ان يكون لك مقهى خاص بك، أليس كذلك بنيتى!؟.
هزت غفران رأسها نافية و قد بدأت تلك الذكرى يوم زفافها تلح عليها مما جعلها تنفجر باكية مندفعة لاحضان نوال لتفرغ كل وجعها بين أحضانها ثم تهتف اخيرا من بين دموعها: - لقد باعنى عمى يا دادة، باعنى و قبض الثمن من ذاك الذى كنت اظنه حبيبا فإذا به مشترً لجسدى لا اكثر..
هتفت نوال و هى تتطلع لوجهها لثوان فى صدمة: - ماذا تقصدين!؟، انا لا استوعب ما تقولين، من باع!؟، ومن اشترى!؟، لابد ان فى الامرسوء فهم يا صغيرتى..
انتفضت غفران صارخة: - لا، ليس سوء فهم صدقينى، انها الحقيقة التى أدركتها مسامعى جيدا..
ازدردت ريقها فى ألم مسترسلة فى اخبار نوال بكل التفاصيل: - بعدان انهيت صنع كعكة الزفاف كما تعلمين اندفعت خارج
المطبخ باحثة عن عمى راغبة فى ان يأتى.
لمشاهدتها ليدرك كم انا صانعة حلوى ماهرة و يكف عن السخرية منى و
التندر على ما اصنع كعادته، غصت
بدمعاتها والتى ابتلعتها فى وجع
مستطردة: - هممت بفتح باب غرفة
المكتب ليتناهى لمسامعى اتفاقا ما يدور
بالداخل بين نادرزوجى المزعوم و عمى
الحبيب، كان يخبره ان الصفقة رابحة..
فهوسينال العروس التى هى انا مقابل
بعض الأموال التى يدين بها عمى لنادر ووالده..
شهقت نوال في صدمة و اخيرا هتفت غير مصدقة: - هل فعل عمك ذلك!؟، انا اعلم انه قاس القلب و لا يعيرك اهتماما بقدر اهتمامه بما تملكين، لكن ايصل الامر لهذه الدرجة من الدناءة!؟.
شهقت غفران هاتفة فى وجع: - نعم يا دادة لقد وصل فأنا مجردسلعة تباع و تُشترى..
لا قيمة لمشاعرى و احاسيسى، و لا قدرلكرامتى و لا ثمن يذكر لكبريائى، مجرد شيك لحامله يدفع عن عمى بعض من
ديونه التى لا تنتهى و التى اضاع فيها.
الكثير من أرثى الذى وضعته كالحمقاء
بين كفيه ولم ألغ توكيلى له فى ادارة
اعمالى رغم بلوغى الواحد و العشرين
عاما منذ ما يزيد عن سبع سنوات كانت كفيلة زيادة ليقضى على كل ما تركه لى
ابى رحمه الله والحمد لله انه لم يدرك ما وضعته امى بحساب سرى لى، و الا كنت اليوم اشحذ حرفيا..
هزت نوال رأسها مؤكدة على كل حرف تنطق به غفران و ربتت على كتفها فى حنو هامسة: - لك الله يا صغيرتى هو احن عليك من الجميع، سامحه الله، ألم يكفيه ارثك الذى ضيعه حتى يضيعك انتِ!؟، لا حول ولا قوة الا بالله..
ساد الصمت للحظات و اخيرا هتفت نوال متسائلة: - لكن اخبرينى، الى اين ذهبتى بعد خروجك من هنا اخر مرة تقابلنا فيها!؟.
ابتسمت غفران و هى تسمح دموعها.
هاتفة: - لا تقلقى يا دادة، لقد وفقنى الله و عثرت على شركاء طيبين فى مقهى احلامى، و ها انا ذا أمامك بخير، و سعيدة جدا فى عملى..
هتفت نوال فى قلق: - و لكن عمك لايزال يبحث عنك كالمجنون رغم مرور كل تلك الأشهر، اخاف ان يعلم اين انتِ، ساعتها سيرجعك للمزرعة رغما عنك و خاصة انه..
ساد صمت مقلق دفع غفران لتهتف متعجلة نوال لتستكمل جملتها: - انه ماذا!؟، ما الذى حدث و لا اعلم عنه شيئا!؟.
هتفت نوال و هى تبعد نظراتها حتى لا تلتقى بأعين غفران: - لقد زوجك عمك بالفعل لنادر، انت الان رسميا زوجته و له الحق في..
انتفضت غفران تقاطعها صارخة: - انا ماذا..؟، لقد هربت قبل ان تتم إجراءات عقد القران، هذا كذب، انه تزوير و افتراء..
نهضت نوال تحتضنها محاولة ان تهدئ من روعها و تخفف عنها صدمة ذاك الخبر..
بكت غفران فى لوعة و اخيرا هتفت فى ضياع: - ماذا علىّ ان افعل!؟، لو عدت لكشف كذبه لن يستمع الى احد و ربما سلمنى بنفسه لقمة سائغة لزوجى المزعوم واذا لم اعد فانا الان فى نظر القانون زوجة، ماذا افعل يا ربى!؟.
بكت من جديد و شعرت انها تائهة و وحيدة و لا حول و لا قوة لها، استأذنت نوال راحلة لتستبقيها نوال قليلا الا انها اصرت على الرحيل مع وعد بلقاء اخر عندما تسمح الظروف..
خرجت غفران من بيت نوال و اقدامها لا تحملها حتى انها شعرت بتشوش رهيب فى رؤية معالم الطريق للمقهى من اثر الدموع التى كانت تملأ مأقيها والتى كانت تحاول ان تتماسك ولا تزرفها على الملأ..
وصلت المقهى اخيرا و اندفعت من بابه الخلفى الى المطبخ و منه الى الاعلى حيث غرفتها كانت تندفع كسهم اطلق لتوه من قوسه حتى انها لم تنتبه الى ذاك الذى كان يقف فى المطبخ يصنع بعض من الاطباق فى محاولة لمساعدة منير لمجابهة ضغط العمل لغيابها بالخارج..
ألتفت لمنير فى تعجب لحالها لكنه استدار متصنعا اللامبالاة و بداخله يشعر برغبة قوية فى التوجه اليها و معرفة ما او من سبب ذاك الضيق، و اين ذهبت من الاساس و غابت كل هذا الوقت!؟، كان يعلم ان ليس له الحق فى ذلك، لكنه يستشعر رغبة قوية فى ادراك كل ما يخصها، تنبه ان ذاك المذياع الصغير الحجم الذى تديره دوما فى غرفتها على آيات القران الكريم موجود هنا بالقرب منه على الطاولة، يبدو انها جلبته لتستمع اليه عندما كانت تعمل وحيدة هنا بالطبخ فى الصباح الباكر قبل خروجها لوجهتها المجهولة فى محاولة لأنجاز بعض الطلبات للتوصيل قبل ان تغادر..
اكمل عمله و انجز الطبق الاخير واضعا اياه على الصينية التى كان يحملها منير و كذا هناء التى جاءت من صالة المقهى لتجهيز طلب جديد و مساعدة منير فى التقديم..
تأكد يوسف ان كلاهما غابا خارج المطبخ فتناول المذياع و اندفع للأعلى و توقف امام حجرتها ليصل لمسامعه شهقات بكاء أدمت قلبه، كاد يحطم الباب فى لحظة طيش ليندفع متسائلا عن سبب حزنها الموجع ذاك الا انه تعقل و انحنى واضعا المذياع امام عتبة بابها و لكنه قبل ان يرحل ادار مؤشره ليصدح بالقران الكريم، تنهد عندما استشعر انها توقفت عن البكاء و نهض فى هدوء مغادرا فى اتجاه الأسفل لمواصلة عمله..
تنبهت هى و تطلعت فى اضطراب باحثة عن مذياعها و تذكرت انها نسيته بالأسفل نهضت فى حذّر و استندت على الباب تحاول التأكد ان لا احد بالخارج، فتحت الباب بانفراجة بسيطة عندما تأكد لها ان لا احد هناك و اخيرا مدت كفها و ألتقطت المذياع فى سرعة و اعادت إغلاق بابها من جديد، نظرت للمذياع فى سعادة فهى تدرك بفطرتها انه هو من احضره لها، لا تعلم لما، ربما شاهدها و هى تدخل بذاك الشكل الغاضب و هى التى لم تنتبه لوجوده فحب ان يعيده اليها لعلمه بحاجتها اليه، ابتسمت رغم دموعها المنسابة على خديها واحتضنت المذياع فى امتنان ليوسف و لكنها تذكرت ان لا يحق لها تلك المشاعر التى بدأت فى النمو تجاهه، انها امرأة متزوجة امام القانون و الناس.
بكت من جديد فى لوعة لكن صوت ما داخلها صرخ بأعماقها ربما هى كذلك فى نظر الجميع و لن يصدقها احد اذا ما أنكرت لكنه الله وحده يعلم انها ليست كذلك وهذا يكفيها، يكفيها و زيادة..