رواية أدمنت قسوتك للكاتبة سارة علي الفصل الأول
في مركز الشرطة...
كانت مايا تقف وسط مجموعة من الفتيات تبكي بصمت... لا تصدق ما حدث معها... لقد دعت ربها كثيرا ان ينقذها من هذه المصيبة... لكنها لم تتصور أن يحدث شيء كهذا... الان ستحاكم في تهمة الدعارة... انها فضيحة أبدية لها... ماذا ستفعل الان..؟! وكيف ستتصرف... ؟!
آفاقت من افكارها تلك على صوت أحدهم يدخل... كان الضابط المسؤول عن العملية... عرفته فورا...
وقف الضابط أمامهن يتأملهن بملامح باردة مخيفة، يتأمل واحدة تلو الأخرى حتى وصل إليها، كانت تبكي دونا عن الجميع، شهقاتها العالية جذبت انتباهه...
تأملها مليا... كانت جميلة للغاية وبريئة... بريئة!
ابتسم ساخرا وهو يفكر بأنه قناع ترتديه لتخفي به حقيقتها... هو يفهم جيدا هذه النوعية من الفتيات...
فلقد قابل الكثير منهن في فترة عمله...
اشار لها قائلا:
- انتي...
فرفعت نظراتها المذعورة نحوه...
- قربي...
اقتربت منه ووقفت أمامه ليسألها بجمود:
- اسمك ايه...
ابتلعت ريقها واجابته:
- مايا...
مايا... حتى اسمها رقيق... !
ابتسم ساخرا في داخله وهو يفكر بأنها جميلة... جميلة للغاية...
حاول ان يبعد تلك الافكار عن رأسه... فهناك تحقيق يجب أن يبدأ به...
نادى على احد الضباط الموجودين في الخارج فدلف مسرعا وهو يقول:
- نعم كريم باشا...
- تعال يا ابراهيم... هنبتدي التحقيق دلوقتي...
كانت مايا تقف في احد اركان غرفة المحقق تتابع سير التحقيق وهي تبكي بصمت...
بينما انظار كريم لا تنفك ان تتركها ابدا...
لم يستطع ان يبعد انظاره عنها...
لقد جذبه جمالها المبهر بشكل غير طبيعي...
هو بطبيعته يعرف العديد من الفتيات...
وجميعهن جميلات للغاية...
لكن جمال هذه الفتاة مختلف...
جمال لم ير مثله من قبل...
- تعالي هنا...
اشار لها كريم ان تقترب منه فتقدمت ناحيته وصدرها يعلو ويهبط بشدة بسبب شهقاتها المتتالية...
- من امتى وانتي بتشتغلي معاهم ..؟!
ازدادت شهقاتها ارتفاعا فنهرها بضيق:
- بطلي عياط بقى واتكلمي...
اجابته اخيرا من بين شهقاتها:
- انا والله مكنتش عاوزة اروح الشقة... بس هو اللي اجبرني... انا والله مش كدة...
منحها ابتسامة ساخرة قبل ان يهتف بأسف مصطنع:
- خلاص انا مصدقك... بس اهدي الاول...
ثم طلب من ابراهيم ان يأخذ بقية الفتيات معه ويذهب بهن الى المكان المخصص لحجز السجينات ويترك مايا معه...
جلست مايا على الكرسي المقابل له وهي تبكي بشهقات متتالية...
اعطاها كريم كوبا من الماء فأخذته منه وتناولته بينما اخذ كريم يتأملها بإعجاب واضح...
تحدث كريم اخيرا بنبرة رقيقة:
- ها بقيتي احسن... ؟!
اومأت برأسها بصمت ليبتسم هو بخفة قبل ان يسألها بجدية:
- احكيلي بقى... ايه اللي جابك هنا... ؟!
مسحت مايا دموعها بأطراف أناملها ثم بدأت تقص عليه كل شيء... كيف جاء بها القدر الى تلك الشقة...
كان كريم يستمع اليها بملامح هادئة ويتصنع الحزن و الاسف حينما تتحدث مايا عن معاناتها وما تعرضت له من عذاب واسى...
انتهت مايا من سرد كل شيء على مسامعه ليتنهد بصوت مسموع قبل ان يهتف بصوت رخيم قوي:
- متقلقيش يا مايا... انا هساعدك انك تخرجي من هنا...
- بجد ..؟!
قالتها مايا بنبرة مندهشة ليومأ كريم برأسه ويهتف بها بجدية مؤكدا على ما قاله:
- بجد...
- انا بشكرك اووي... مش عارفة اقولك ايه بجد...
قالتها مايا بنبرة رقيقة ليبتسم كريم لها بخبث قبل ان يهتف بعد لحظات قليلة من الصمت:
- بس كل شيء وليه مقابل... !
اعادت مايا خصلة من شعرها خلف اذنها ثم سألته بتوجس:
- مقابل ايه... ؟!
نهض المكان واخذ يسير امامها وهو يقول بنبرة مقصودة:
- مقابل ايه يا كريم... ؟! مقابل ايه... ؟!
بينما تتبعه هي بنظراتها القلقة ليقول بنبرة قاطعة:
- عايزك...
حاولت مايا ان تستوعب كلماته فسألته بعدم فهم:
- مش فاهمه... عايزني يعني ايه... ؟!
اقترب كريم منها وانحنى امامها ماسكا خصلة من شعرها بإصبعه ثم هتف ببرود:
- متستعبطيش عليا يا مايا... انتي فاهمه كلامي كويس... عايزك ليا... بأي شكل... وتمن ده اني هخرجك من هنا زي الشعرة من العجينة...
قفزت مايا من فوق الكرسي وقالت بنبرة باكية:
- انا مش كدة... والله مش كدة... انا حكيتلك ظروفي...
صرخ بها بنفاذ صبر:
- بلاش تعيدي وتزيدي بنفس الكلام...
ثم رقت نبرته كثيرا:
- انا عارف وفاهم ده كويس... وبحاول اساعدك...
اقترب منها وحاوطها بذراعيه وقال:
- بصي يا مايا... انتي لو موافقتيش على طلبي هتتحاكمي بتهمة الدعارة... هتاخدي كام سنة سجن حلوين... وسمعتك هتنتهي... هتعيشي كل حياتك منبوذة...
- ارجوك متعملش فيا كده... ارجوك...
- هش... متعيطيش...
قالها وهو يحرك أنامله فوق وجهها الرطب ليرتجف جسدها كليا فيصل بأنامله فوق شفتيها المنتفختين ويلمسها برغبة شديدة...
هو يريدها وسوف ينالها بأي شكل...
ابتعد عنها فجأة وسألها بحسم:
- ها قررتي ايه... ؟!
لتهز رأسها نفيا عدة مرات وهي تجيب:
- مش هقدر... والله مهقدر...
- ابراهيم...
صرخ بها كريم ليدلف ابراهيم بسرعة فصاح به:
- خدها جمب اخواتها... وخليهم يتوصوا بيها...
جلس كريم على مكتبه وهو يفكر بأمر مايا... الان بالتأكيد هي تعيش اسوء ايام حياتها... كيف لا وقد اودعها في احد السجون وأوصى النساء هناك ان يستوصوا بها... بالتأكيد سيلقنوها درسا لن تنساه طالما حييت...
مرت عدة ساعات طلب كريم بعدها من ابراهيم ان يجلب مايا...
فُتحت الباب ودلفت مايا الى الداخل... كان منظرها لا يوصف... شعرها مبعثر بالكامل ووجهها مليء بالكدمات والدماء تنزف من أنفها وفمها... ملابسها ايضا ممزقة والكدمات تغطي ذراعيها وقدميها...
رفع قدميه واضعا اياهما على مكتبه بينما اخرج من جيبه علبة سجائره ليضع سيجارته ويشعلها داخل فمه...
نفث دخان سيجارته في الهواء حوله بينما اخذ يتأملها بعينين ناعستين وهي تقف أمامه كطير مذبوح لا تستطيع قول اي شيء...
نهض من فوق كرسيه فجأة وأطفأ سيجارته داخل مطفاة السجائر... تقدم نحوها واخذ يدور حولها بينما عيناه تتفحصان جسدها الشبه عاري بملامح ساخرة ونظرات جريئة وقحة...
- عرفتي إنوا ملكيش حد غيري... انا الوحيد اللي أقدر أنقذك من الوحل ده...
اهتزت حدقتيها بألم واضح وهي تجيبه بإستسلام:
- عرفت...
ثم أردفت متسائلة بملامح متشجنة وصوت مختنق:
- عايز ايه وانا هنفذهولك... ؟!
رد بإستخفاف:
- تفتكري هعوز ايه من واحدة زيك... ؟!
ابتلعت ريقها وقالت:
- مش عارفة...
رفع ذقنها بأنامله واخذ يتأمل وجهها المليء بالكدمات بسخرية قبل ان يقول:
- اقولك... انا عايزك... فاهمة يعني ايه عايزك... ولا دي بردوا محتاجة شرح... !
هزت رأسها عدة مرات بينما تقصلت ملامح وجهها لا اراديا واخذ الدموع تهطل من عينيها لتقول بنبرة جزعة:
- بس انا مش كده... والله مش كده...
صرخ بها بنفاذ صبر:
- انتي هتستعبطي... هو انا جايبك من جنينة الحيوانات... انا جايبك من بيت دعارة يا روح أمك...
- موافقة...
هتفت بها اخيرا ليبتسم بإنتصار قبل ان يقول لها بوداعة:
- برافو عليكي... تعالي اقعدي هنا...
أجلسها على الكرسي وجلس على الكرسي المقابل له ثم قدم لها الماء فرفضته...
وضع كوب الماء امامها وقال:
- اسمعيني يا مايا... انا هخرجك من هنا... مش بس كده... هعيشك عيشة ملوك... هصرف عليكي... واقدملك كل اللي بتحلمي بيه... كل ده بمقابل بسيط... انك تبسطيني...
بللت مايا شفتيها بلسانها ثم اومأت برأسها دون رد ليكمل كريم بجدية:
- كده احنا متفقين... هتعملي كل اللي اطلبه منك وتنفذيه بالحرف الواحد... عشان تخرجي من هنا... وأي تصرف حقير منك صدقيني مش هرحمك...
لم تعطه مايا اي ردة فعل فنهض كريم من مكانه واجرى اتصالاته...
اما مايا فأخذت تفكر فيما يحدث معها وكيف ستتصرف وتنفذ نفسها من هذا الشيطان...