رواية أحفاد الجارحي الجزء الرابع (أسياد العشق) بقلم آية محمد رفعت الفصل السادس
وحشود من دمعات كورتها آنين الفراق فمزقت قلب عاشق بلا شفقة !...
تلقفه الظلام فبدى له أنها النهاية،خطف نظرة سريعة علي الجميع كأنه يودعهم وداع مهيب وبداخله أنكسار يطوف به لأول مرة،أعتاد أن يكون قوياً بأصعب الأمور ولكن حينما يتعلق الأمر بجوارح قلبه فسيقبل الضعف للهروب من ذاك الألم المبرح، حفرت نظراته برؤية البكاء بأعين والدته وصوت أخيه الذي يصيح له بأن يفتح عيناه ..
حمله رائد وأحمد لغرفة العمليات سريعاً بعد أن أمرهم الطبيب بذلك فولج عمر للداخل مع الطبيب بعد أن رفض تركه فسمح له الطبيب بذلك لكونه جراح هو الأخر ...
بالخارج ...
أهتز قلب ياسين الجارحي فتعلقت عيناه بغرفة العمليات مشيراً لأحمد الذي هرول إليه سريعاً ليخرج صوته الثابت
_خد ياسين ...ورائد وخلصوا اجراءات الدفن ..
أجابه بحزن
_حاضر يا عمي ...
وتركه وغادر فشدد رعد على يد ياسين كمحاولة للمواساة
_هيبقي كويس ...
أشار له بثبات ثم قال بعد وهلة من الصمت:_خد عز وروحوا البنات وآية ...وأنت يا أدهم خد حد من الشباب وظبطوا القصر عايز جنازة تليق بمكانة رحمة و حفيدي ...
قال كلمته الاخيرة بألم مرير فأنصاعوا له، توجه كلا منهم لأنجاز المهام المطلوبة على عكس يحيي تبقي لجواره بأنتظار الطبيب،رفضت آية أن تعود للقصر فأشار لهم ياسين بتركها ...نهض من محله وأقترب منها بعدما غلف ملامحه بالثبات كعادته فأقترب منها ليجدها تستند بجسدها على الحائط جوارها وتبكي بحسرة وأنكسار ...
رفعت عيناها الممتلأة بالدموع لتشكو له بنظراتها ما تشعر به لترق له الكلمات بآنين
_ليه بيحصل كل دا يا ياسين ؟ ..
رفع يديه يجفف دمعاتها ببسمة بسيطة
_هنعديه يا آية ..
تحشرج صوتها بالبكاء
_رحمة ماتت خلاص وإبني بيروح مني ليه كل دا لييه ؟ ...
جذبها بقوة لأحضانه بقوة هامساً بألم لما يحدث:_فين إيمانك بربنا مش دا اللي أعرفه عنك ...
شددت من بكائها بين يديه وهو كالجبل الشامخ يأبي أن يحطمه الهوان فبقي كذلك لأجلها ...
بالقرب منهم كان يكبت يحيي صراخاته فشعر أن قلبه يكاد يتوقف من شدة ما يشعر به،أنسحب ببطئ حينما شعر بحاجته للغيثان ..
مرت الساعات ومازالت تتشبث بمعشوقها،مازالت تحتضنه بقوة كأنه يطوف بها بآمان وراحة تشعر بها بين دفئ أنفاسه، خرج الطبيب من غرفة العمليات فأسرعت آية إليه قائلة بجسد مرتجف:_طمني يا دكتور ..
إبتسم قائلاٍ بلهجة عملية:_الحمد لله شوية وهينقلوه لغرفة عادية وتقدري تطمني عليه أكتر ...
تسللت بسمة حزينة على وجهها فأقترب منها ياسين قائلاٍ بضيق:_ممكن أعرف لسه بتبكي ليه الدكتور طمنك بنفسه ! ..
رفعت عيناها بوهن وألم:_رحمة كانت زي بنتي يا ياسين ...
وأزداد بكائها قائلة بصعوبة بالحديث:_كانت أمنياتها أنها تشيل أولادها بين أيدها وكانت فاكرة أن عذاب عدي هينتهي بعد خروجها من العمليات مكنتش تعرف أنها هتواجه رب كريم ومعها إبنها ...
رفع يديه بحنان مازال يسكن بين الجوارح فجفف دمعاتها بحزن:_دا نصيبهم يا آية أنتِ لازم تكوني قوية عشان تقدري تربي البنت ...
أشارت له بتفهم فقطع حديثهم أنفتاح الباب وخروج الممرضات ولجوارهم عمر فكان يدفش التخت المتحرك بحرص ويديه متمسكة بيد عدي ...
هرولت إليه سريعاً قائلة بدموع:_عدي ...إبني ..
تطلع لها عمر بهدوء:_لسه ما فاقش من أثر المخدر ..
أشار له ياسين بأن يكمل طريقه بعد أن جذبها برفق فتوجه عمر للغرفة المنشودة ...
بقصر الجارحي ...
نقل الخبر على الجميع كالصاعقة فتحول قصر الجارحي لغمامة من الحزن تسكنه كالموج الذي أغرق مركب ضئيل لتستقر بالقاع ! ...
جلست كلا منهم على الأريكة متفرقين عن بعضهم البعض الحزن يعبئ قلوبهم والدمع يسقط من العينين،دار بالذهن ذكريات لها مع كلا منهم لتكبت صراخها بآنين ...
دلف بحذر وهو يراها تجلس على المقعد ويكتسحها البكاء،نعم اتي إليها سريعاً ليكون لجوارها قبل أن يتوجه للمشقي للأطمئنان على رفيق دربه،فضل أن يراها أولاٍ لعله يتمكن من تخفيف حزنها فهو يعلم أرتباطها بكل فرداً من العائلة ...
جلس لجوارها قائلاٍ بهمس
_البكاء مش هيفيد بحاجه؟ ..
تجمدت نظراتها فتسللت البرودة لجسدها شيئاً فشيء حينما أستمعت لصوته،أستدارت بوجهها ببطيء لتجده لجوارها بالفعل، ما أن تقابلت العينان حتى عادت تلك الصرخات لتهجمها من جديد،على صوت أنفاسها فهوت الدمعات برعب ؛ فرفع مازن يديه ليجفف دمعاتها فدفعته بعيدة عنها قائلة بصعوبة بحديث يكتسحه البكاء
_أبعد عني ...
ونهضت عن المقعد سريعاً لتجذب أنتباه الجميع بصراخها
_ أنت أيه اللي جابك هنا عايز مني أيه ؟ ..
قالتها ببكاء جنوني فأقترب منها أبيها قائلاٍ بأستغراب
_في أيه ؟ ..
أحتضنته مروج برعب فقالت بتوسل
_خاليه يخرج من هنا يا بابا ...
نهض عن مقعده فأقترب منهم بحزن، رفع عز يديه على كتفيها ونظراته تحيط به فقال بغضب مكبوت
_ممكن تفهمني أيه اللي بيحصل دا ؟ ..
ولج معتز للداخل بعد أن أشرف على العامل الذي نصب الصوان بحديقة القصر ليتفاجئ بما يحدث فأسرع إليهم مشيراً بيديه لرانيا
_خدي مروج فوق ..
أكتفت بأشارة بسيطة له ثم أقتربت من عز الذي حرر يديه من علي إبنته لتلحق بها للأعلي،مرت من جواره فتطلع لها بنظرة تحمل التواسلات لأنهاء هذا العذاب، نعم يتألم كلما رأي الخوف بعيناها فظن أنها اليوم ستستمع له بعد ما تعرضت له العائلة،شُكلت نظرات عز بالغضب بعد أن طاف به الشك لخوف إبنته الغير مبرر بعد فباغته التفكير بأن يكون فعل بها شيئاً ما فقال بصوتٍ متحشرج وعيناه متركزة عليه
_هتتكلم ولا هتفضل كدا كتير ...
لاح على وجه مازن الحزن فوقف معتز بوجه إبيه قائلاٍ بهدوء
_مش وقته الكلام دا يا بابا بعد العزى نتكلم ..
لانت ملامحه فأبنه لديه الحق فالحالة التي تعم القصر لا تسمح له بذلك،أشار له بتأكيد ثم تركهم وغادر بسيارته للأطمئنان على عدي ...
أمام المشفي ...
تلاحقت وفود ممن يعملون بالصحف والمجلات لألتقاط الصور لتشيع جثمان زوجة إبن رجل الأعمال الشهير ياسين الجارحي ، عبئ الغضب ملامحه وهو يراهم يقتحمون حياته الشخصية فطلب من الحرس التخلص منهم ...
نظراً للظروف التى وقعت بها العائلة فطاف بهم ما حدث لعدي لذا تم تكفين رحمة بالمشفي، خرجت محمولة على كتفي عمر وجاسم ليضعوها بسيارة الاسعاف التي تحركت للمقابر وخلفها أسطول من عائلة الجارحي، دُفنت وعين ياسين تجوب علي القبر بحزن وألم فهو كانت إبنة له، شعر بؤخذة تؤلم قلبه حينما راوده الفكر أن هذة ستكون النهاية للجميع ولكن ترى هل سيتساوى الحساب ؟! ...
هنا هو الفايصل لما فعلته بدنياك أن كان خيراً فخير وشراً فشر وهوان ...هنا توقف القلم عن كتابة الاعمال هنا حان الوقت ! ...
مر اليوم ببطيء كأنه تقمص الاحزان لتلك العائلة فأسدل الليل عبائته السوادء التي ملأت العالم بالظلام ...
فتح عيناه بوهنٍ شديد لتوضح الرؤية له تدريجياً، فكان على يساره عمر وجاسم ...ومازن وعلي يمينه كان يقف حمزة ورعد ويحيي،أما بالقرب منه فكانت آية تجلس محتضنه بيدها القرآن الكريم ترتله بخشوع ودمع يتلألأ بعيناه وبيدها الاخري تحتضن عدي ...
إنتبه له عمر فأسرع إليه بلهفة
_عدي ..
خرج صوته الضعيف
_ رحمة ...
لم يتمكن من سماعه فأنحنى ليقرب أذنيه لعله يستمع لما يقوله فردد عدي مرة أخرى
_رحمة ...رحمة ..
أغلق عمر عيناه بألم فهو الوحيد الذي يعلم كم يعشقها حد الجنون، رفع يديه على صدره بتوسل
_أهدى عشان خاطري أنت أقوى من كدا ...
حاول عدي ان يستند بيديه ليهم بالوقوف ولكن سريعاً ما هوى على الفراش بألم،تعال صوت بكائها قائلة بنبرة مبحوحة من البكاء:_حرام عليك نفسك يا إبني أنت مش ضعيف بالشكل دا وبعدين عايز تموت كافر يا عدي دا اللي أنا ربيتك عليه ؟! ...
أقترب منها ياسين بحزن
_صحتك يا طنط حرام أنتِ مبطلتيش بكى ..
وأسندها ياسين للأريكة المقابلة له فأحضر جاسم المياه لها،رفع مازن يديه على كتفي عدي قائلاٍ بتعمد كما أشار له رعد ليجعله يتقبل الامر
_البقاء لله يا عدي ..
رفع عيناه المتلونة بالغضب الجامح
_رحمة عايشة ..
يحيي بألم وقد لمعت عيناه بالدمع لاجله
_ربنا يصبرك يا حبيبي ..
بدت ملامحه بالمحاذاة بين للغضب والذهول لا لن يحتمل سماعه لذلك حتى ولو فقد الامل في لحظة مجنونة قرر بها أن ينهي حياته ولكن لا هي علي قيد الحياة يشعر بها يشعر بأنينها،سحب ما بيديه بقوة ثم جاهد ذاته ليقف على قدميه غير عابئ بصراخ الجميع به،نعم جسده هزيل ولكن أمام الاصرار لم يقوي أحد على التصدي له أو أيقافه ...
حاول حمزة أن يتدخل بالأمر قائلاٍ بحزن
_أستنى بس يا ابني رايح فين ؟ ..
أوقفه رعد بأشارة يديه حتى أنه أشار للشباب بالتوقف عن أيقافه قائلاٍ بألم وهو يتراقب خطي عدي بعدما خرج من الغرفة فلحقت به آية
_سيبوه يتأكد بنفسه
جلس عمر على المقعد يكبت دمعاته على ما يحدث لشقيقه، أشار يحيي لأبنه قائلاٍ بحزن:_روح وراه يا ياسين وخد جاسم معاك
أشار له بتفهم ثم لحق بهم .
خطي بقدماً ثقيلة للغاية فلم يحتمل الألم النابع من الجرح،رفع يديه يحتضن بطنه بقوة لعل الالم يتخلي عنه فحاول جاهداً أن يسرع لعله يراها،ربما لو أستدار للشرفة لوجد الليل بستاره المظلم فحينها ربما يعلم بأن الوقت قد زال لذلك أو ربما تطلع لها قبل أن تزف لقبرها ولكن الآن مر ما يقرب على العشر ساعات ! ...
لم تعد تحتمل اللحاق به فقلبها مفطور لرؤيتها إبنها هكذا فسقطت أرضاً تصرخ وتبكي قائلة بدموع وعذاب:_ياررب صبره وصبرني أني اقدر أشوف ابني كدا ...
أستسلمت وتركته يكمل طريقه لغرفة العمليات بمفرده، شعرت بأنها بحاجه للبكاء على صدر معشوقها فيخفف عنها كالعادة فكأن الله كان رحيماً بها فاذا به يقف أمامها بعدما أنتهي العزي توجه ليطمئن علي إبنه وها هو يراها تجلس أرضاً وتبكي بقوة فلم يراها هكذا من قبل !، أسرعت شقيقتها إليها فكانت تلحق بياسين لتطمئن علي عدي هي الاخري،فزعت حينما رأتها هكذا فأحتضنتها بحزن ودموع، أقترب ياسين منها سريعاً فعاونها على الوقوف بملامح باثت الغضب لرؤيتها هكذا ولكنها أسرعت بالحديث فهمست بآنين ويدها تشير على الطريق الذي سلكه عدي
_إبني يا ياسين ..
لم يستوعب ما تتفوه به فأستدار ليلمح عدي على مسافة بعيدة منه يتوجه لغرفة الجراحه،تركها مع دينا ثم أسرع خلفه ...
شعر بأنه لم يعد يحتمل المشي ولكنه أكمل طريقه فولج للداخل بصعوبة كبيرة، وجد الغرفة فارغة لا يوجد بها سوى الممرضة التى تعيد تعقيم الأدوات الجراحية، فتش بالغرفة بأكملها ثم صاح بغضب
_ راحت فين ؟ ..
شعرت بخوف من طريقته بالحديث فأزداردت ريقها برعب
_هي مين ؟
أقترب منها بصعوبة ليصيح بغضب
_رحمة فين ؟
تذكرت الممرضة حديث أحد الممرضات بوفاة أحد الحالات اليوم أثناء ولادتها فبدأت تربط الأمور لتقول بأسف
_ربنا يرحمها ويصبرك ..
كأنها دقت الناقوس بذاتها ففقد عدي صوابه فدفش التخت المتحرك لجوارها بغضب شديد
_أخرسي رحمة عايشة ..
جذبه بقوة ليقف أمام عيناه القاتمة بالغضب فأشار لها قائلاٍ بحذم:_أخرجي وسبينا لوحدينا ...
أنتبهت له فهي تعلم جيداً ياسين الجارحي فتوجهت للخروج سريعاً، ظل يتراقبه بنظراته طويلا ليخرج صوته بحذم
_خلاص كل شيء أنتهي وأنت لازم تتقبل دا بمزاجك أو غصب عنك ...
رمقه بنظرة متمردة
_مفيش حاجه أنتهت رحمة عايشة
زفر ياسين بغضب فقال بنبرة ساخرة
_أوك الدكاترة كادبين وعيلتك بتكدب كمان والعربية اللي اخدت رحمة وإبنك من شوية للقبر دي كمان كدبة والعزي اللي انا أخدته كمان كدبة كله كدب كدا تمام ...
شعر بأن قدماه لم تعد تحتمله فأستند بجسده على الحائط فهو يعلم ياسين الجارحي جيداً ثباته يطغي بطالته وحديثه ...
أسترسل حديثه بصراخ بوجهه.
_فوق أنا إبني مش ضعيف كدا ولو حبيت تكون كدا فأنا مش هسمحلك .
وجذبه ليكون مقابل عيناه الحادة
_فهمتني يا عدي مش هسمحلك تكون ضعيف أنت إبني أنا يعني إبن ياسين الجارحي اللي مستحيل شيء يكسره ...
بدت عيناه بزف تمرد طاغي فكم ود الصراخ به ولكنه فى صدمة عسيرة، سنده ياسين وجاسم فأخرجوه من الغرفة وتوجهوا به لغرفته، ما أن خرجوا به من الغرفة حتى شدد ياسين على شعره بقوة فكم لعن ذاته لكونه قاسي هكذا ولكن ينبغي أن يكون كذلك ليعاونه على تخطي ما به، رفع عيناه بألم يتأجج بقلبه لرؤية إبنه هكذا فجاهد لرسم الثبات على ملامحه مجدداً ثم أستدار ليلحق بهم ولكنه تفاجئ بعمر يقف أمامه ويتأمله بصمت ...
خرج صوته بنبرة ثابته
_وقف كدا ليه؟
أقترب ليقف أمامه لتسقط الدمعة الخائنة من عيناه فقال بصوت متحشرج
_عدي بيتألم وأنا مش عارف أعمله حاجة اللي هو فيه صعب أوي مراته وإبنه مع بعض أنا عارف يا بابا أنك مش بتحب تشوفنا ضعاف بس أ...
قطع باقي كلماته حينما أحتضنه ياسين بشبح بسمة فعمر مختلف كلياً عن عدي،يشعر بالسعادة حينما يناديه عمر بأبي على عكس عدي فلم يستمع تلك الكلمة منه من قبل سوى بالرسميات المخيفة فلاطالما يلقبه بياسين الجارحي على عكس مليكة ...وعمر نعم يعلم أنه نسخة مقربة إليه لذلك فهو الوحيد الذي يجيد التعامل معه ...
بالطابق الأي يسبقه ..
تعالت بالبكاء بحضن أسيل التى حاولت جاهدة أن تمنعها عن ذلك فقالت بدموع غزيرة
_يا حبيبتي يا رحمة
قاطعتها أسيل بدموع
_كفايا يا مليكة البكي غلط عشانك وعشان اللي فى بطنك ..
شروق ببكاء هى الاخري
_ربنا يرحمها ويسكنها الفردوس الاعلي
نور بعتاب
_ يارتني مكنت نصحتها تحتفظ بالبيبي ..
يارا بجدية وهى تزيح دموعها
_حرام تقولي كدا يا نور دا قضاء ربنا ..
ثم وجهت حديثها لمليكة
_يلا يا بنتي ألبسي حجابك عشان نرجع القصر ...
أنصاعت لها فعاونتها أسيل على أرتدائه، ولج حازم للداخل بعدما طرق الباب وأستمع أذن الدخول فقال بصوتٍ يكسوه الحزن
_أنا طلبت السواق وهو تحت بالعربية هيوصلكم للقصر ..
تالين بحزن وتلهف
_عدي عامل أيه الوقتي ؟
أجابها بحزن شديد
_مش متقبل أنها ماتت خالص ...الدكتور قال أنه ممكن يخرج كمان ساعتين ..
مليكة بدموع
_لازم أشوفه
أجابها نافياً
_عمي ياسين رافض حد يدخله او حتى يقعد معاه كلنا هنرجع هو بس وطنط آية اللي هيفضلوا معاه ..
تدخلت ملك قائلة بلطف
_أحنا هنسبقهم وهو شوية وراجع القصر يلا يا حبيبتي
أنصاعت لها فأستندت على ذراعى نور وأسيل ليرحلوا جميعاً للقصر ...
بالأعلى ..
تأمل سقف الغرفة بشرود فكان يراها أمامه ببسمتها التي تشع بأنوار متعددة،لمساتها التى تحاصره بنبع فائض من الحنين،رائحتها التى تغرقه بنسائم الياسمين الخاصة،حطمت ذكرياته حينما تذكر ما فعله بها ...كانت الاقرب فكانت تسكن بين دفوف النبض ...بين سكون الروح وطرب المعاني ...ماذا فعل بها ؟ ...
طافت عيناه على أبيه الذي يستند بجسده على باب الشرفه شارد بنظراته للخارج فتقابلت نظراتهم ليتطلع له عدي طويلا لتلمع كلماته بعقله
فى أوقات بيجي عليها الندم بس بيكون فان الاوان ...
سحب نظراته لتتعلق بوالدته التى تطول بالسجود لتدعو له بدموعها الصادقة، قطع لحظات الصمت السائدة بالغرفة طرقات الممرضة التى ولجت حينما أستمعت لأمر ياسين بالولوج، أقتربت منه وهى تحملها بين ذراعيه بعد أن طلب منها ياسين ذلك منذ قليل، أشار لها بعيناه أن تقدمها لعدي فأقتربت منه بها، أنهت صلاتها فأقتربت لتتماسك بذراع معشوقها بخوف، تراقب ياسين ما يحدث بخوف هو الاخر لذا طلب من الممرضة ان تقدمها لعدي ليرى هل سيتقبلها أم ستعاني تلك الصغيرة ؟
أقتربت منه بخطى بطيئة للغاية حتى أستقرت أمام عيناه،تراقبه ياسين بأهتمام وآية بخوف من القادم،أستدار بوجهه ليجد الممرضة تقف أمامه وبيدها شيء ملفوف جيداً بقطعة من القماش المزخرف فتبين له بأنه رضيع أو إبنته، تبلدت ملامح الممرضة فثباته لجلج قلقها، أستند بيديه على الفراش ليجلس بشكل مستقيم،تتابعه الجميع بنظرات ترقب لما يفعله، جذب الصغيرة من يدها ليقربها من وجهه، تأملها بعيناه لدقائق فأقترب منه ياسين يدرس ملامحه ليجد الحنان والسعادة طاغية علي عيناه فأشار للممرضة بالانصراف بأطمئنان، كان من الغريب له سكون الصغيرة بين يديه فكان بكائها يتزايد شيئاً فشيء، شاحت على وجه آية إبتسامة بسيطة رغم دفات الحزن فقالت وعيناها تراقب الصغيرة بين يديه
:_هتسميها أيه يا عدي؟
تأملها قليلا وقد رسمت على ملامحه بسمة صغيرة فتمسك بيدها الصغيرة يداعبها بحنان
_رحمة ...
أنقبض قلبها فتطلعت لياسين الذي أشار لها بالهدوء فهو توقع ان يمنحها عدي ذاك الاسم حتى يكون حي أمامه ...
بغرفة يحيي ..
صاح بغضب _بتحاول تخبي عليا أيه يا يحيي ؟
جلس على المقعد بضيق
_دا وقته يا رعد ؟
_أيوا وقته ومش هتعرف تهرب مني تعبك الزايد عن الحد دا سببه أيه يا تقولي بتخبي أيه يا هعرف ياسين واللي يحصل يحصل ..
قالها رعد بتصميم ووعيد جعل يحيي يستسلم أخيراً فأخبره بما يكل بداخله ...
فاض الدمع من عيناه قائلاٍ بألم
_الدكتور دا مبيعرفش حاجه موت أيه وكلام فارغ أيه لاا أنا مش مصدق ! ..
إبتسم يحيي بألم
_مش دكتور واحد يا رعد
ثم رفع يديه على كتفيه برضا
_كل واحد بياخد نصيبه وبيعيش الوقت اللي ربنا محدده وأنا مش خايف من الموت كل اللي عايزه منك أنك متقولش لحد اللي قولتهولك دا وبالذات ياسين يا رعد ..
لم يستوعب ما يحدث فجلس على الأريكة بأنهيار يحتضن رأسه بجنون
_أيه اللي بيحصل دا أكيد فى حاجه غلط
جلس لجواره بأبتسامة ألم
_أختبارات صعبة ولازم ندخلها يا رعد
أحنتضنه بألم فلن يحتمل تلك الفكرة البشعة فكيف أن حدثت بالفعل ؟! ..
بالأسفل ...
تطلع له عز بذهول
_طيب مين اللي ممكن يأذيك كدا ويسرق الأسطوانة من مكتبك ويبعتها بيتك ؟
أجابه مازن والغضب يلحق به كلما تذكر ما فعلوه
_أكيد هما يا عمي كل دا عشان أعرف يعني أنهم يقدروا يتحكموا فى حياتي ولو عايزين يتخلصوا مني مش هيتأخروا
صاح بغضب _ليه فاكرين الدنيا سايبه
حمزة بجدية _أنت لازم توصل للناس دي وتقبض عليها قبل ما يعملوا أي خطوة جديدة
مازن بحزن _عدي كان قرب يوصلهم ويوصل للزعيم بتاعهم بس اللي حصل دا هيوقف حاجات كتيرة أوي ..
طاف الحزن بهم فقال عز بتأييد
_اللي حصله مش قليل ربنا يصبره
ثم رفع يديه على ركبتي مازن
_متقلقش طول ما ياسين جانبه هيخليه يرجع
أشار له بهدوء ليسترسل حديثه بألم بعدما توجه للمغادرة
_هستأذن أنا بس أرجوك يا عمي تحاول تفهم مروج الموضوع طول مانا شايفها كدا بتالم
أجابه ببسمة بسيطة
_أن شاء الله يا حبيبي ..
وغادر مازن تاركاً خلفه معشوقته التى تعاني فتوقفت ذاكرتها عن تلك النقطة التى شرعت لها أن حبيبها قاسي القلب ومتبلد المشاعر ! ..
بمكاناً أخر ...
إبتسم بسخرية
_سئمت من سماع ما تتفوه به لذا قم بأستغلال الفرصة وأقتل ياسين الجارحي فى الحال ..
أجابه ذاك القناص المحترف
_لا تقلق سيدي لقد رتبت الأمور وسأنال أرضائك عن قريب وحينها سأكون ذراعك الأيمن بلا شك ..
رفع كأس النبذ بتلذذ وهو يتوجه للخروج
_سنرى ...
وتركه وغادر وبداخله حماس وشغف لسماع نهاية ياسين الجارحي ولكنه لا يعلم أن خصمه يفوقه اضعاف بالذكاء ..
تسارعت أنفاسها ففتحت عيناها بضعفٍ شديد ويدها تحتضن بطنها بألم لترى ظلام كحيل يطوف بها، الأنفاس مكبوتة كالموتي، الظلام فقط يجول بها كالأفعى المتلهفة لبخ سمها القاتل! ..
هلكها الخوف فحاولت الأستند على ذراعها ولكن لم تستطيع فطاف بها الخوف أضعافاً وخاصة بذاك الظلام فصاحت بصوتٍ مذبوح:_ عدي ...عدي ...
أفاق من نومه مفزوع وقلبه يصرخ ألماً ليصيح عالياً:_رحمة ...
هل شعرت يوماً بنبض معشوقك؟! ..
هل أستمعت يوماً لصوت آنينه؟!...
هل تمكنت يوماً من سماعه ؟! ...
هل تمكنت يوماً من الشعور به لذاك الحد ؟! ..
هذة الحالات جميعاً حدثت لعاشق عشق بصدق نعم أنه عدي الجارحي ...سيصارع لأخر أنفاسه ليسترد عشقه المتيم ولكن هل ما يشعر به حقيقة أما مجرد سراب مخادع ؟!
هل سينجو ياسين الجارحي من تخطيط الشياطين ؟ ..
ماذا لو علم ياسين الجارحي بأمر رفيق الدرب وماذا سيفعل ليتمكن من النجاة بحياته حتى ولو كان على حساب نفسه ! ..
وأخيراً هل ستنتهي الأختبارات القاسية بالفشل أم بنجاح أحفاد الجارحي ؟